قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل التاسع والعشرون

رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل التاسع والعشرون

رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل التاسع والعشرون

رغم برودة الطقس بالخارج لكن بقلبيها كانا يشعران الدفئ
شعر كليهما بالدفئ جذب قماح سلسبيل ليصبح رأسها فوق صدره، الذي شعر
بأنفاس سلسبيل الدافئه القريبه من عنقه، بينما أمسكت سلسبيب يد قماح قائله: إيدك دفيت شويه، دى كانت تلج من شويه.
شد قماح على يد سلسبيل وتنهد هامسا: بس أنا حاسس إنى لسه بردان.

قبل أن تستفهم سلسبيل كان قماح يستدير بها لتصبح هي على الفراش وهو فوقها، ينظر لعينيها السوداء الصافيه يرى إنعكاس وجهه فيهما، ثم نظر لشفاها التي تبسمت، لم يفكر كثيرا وهو يقبلها بشغف وتلهف ظمآن كان ومازال وسيظل يشتهى الإرتواء من ذالك النبع الصافى.
فاق الإثنان من سكرتهما على صوت بكاء صغيرهم.

تنحى قماح عن سلسبيل، التي جذبت طرف غطاء الفراش عليها قبل أن تنهض من على الفراش نهض قماح قائلا: خليكى وأنا هجيب ناصر لهنا.
تبسمت سلسبيل وظلت بالفراش، بعد خروج قماح رجعت بظهرها على الفراش تشعر براحه وسكينه في قلبها، لم يعد ذالك التشتت، هي تحب قماح كانت تتمنى تلك الصوره التي كان بها معها قبل قليل، زوج عاشق حنون حتى لو لم يبوح بكلمة عشق لكن يكفيها أن تشعر بذالك وهي بين أحضانه.
بعد لحظات.

دخل قماح بصغيرهم أعطاها ل سلسبيل ثم إنضم لهما بالفراش ساحب غطاء الفراش عليه تبسم لذالك الصغير الذي كان يبكى قبل لحظات كف عن البكاء حين أعطاه لها
تحدثت سلسبيل قائله: معليشى يا ناصر بيه نسيت أنك كنت صاحى.
تبسم قماح قائلا: واضح إن ناصر غاوى سهر زى مامته فاكره في أول شهور الحمل كنت بتسهرى كتير وقتها.

تبسمت سهر قائله: لأ ناصر بيه ده دماغ لوحده، طول النهار مع جدتى هادى وينام، يجى بقى ليا وردية الليل مش عاوز ينام وإن حن عليا ونام مش أكتر من ساعتين ويصحى، على رأى جدتى الأمومه مش سهله.
تبسم قماح قائلا: تعرفى إنى كنت زى ناصر كده، ماما كانت تحكى لى إنى كنت بحب السهر، بس لما كبرت إتبدلت ومبقتش أحب السهر بس من يوم ما ولدتى ناصر لحد قبل ما أسافر لليونان المره الأخيره رجعت أسهر تانى.

تعجبت سلسبيل قائله بإستفسار: وأيه السبب؟
رد قماح وهو يقبل يد صغيره الذي رفقته سلسبيل لصدرها قائلا: كنت بسهر أسمع حديثك مع ناصر، كنت بتمني أدخل اتكلم معاكى وأنت بتكلميه وتستعطفيه أنه ينام.
ظهر التعجب على وجه سلسبيل.
تبسم قماح قائلا: سلسبيل أنا قليل لما كنت بنام في شقة هند، حتى ملمستهاش من يوم رجعتها بعترف كان غلط منى وندمت عليه، بس يمكن أتحكم فيا الغضب وقتها وكمان هجرك كان بيعصبنى أكتر.

ردت سلسبيل بسؤال مفاجئ: قماح أيه سبب العلامه اللى في حاجبك وكمان أيه اللى حصلك في السبع سنين اللى عشتهم في اليونان.
نظر قماح ل سلسبيل بصمت لدقائق، جعل سلسبيل تقول: طالما مش عاوز تحكى لى إنت ح...
قاطع قماح سلسبيل قائلا: سبب العلامه كان إضهاد من أستاذ يونانى في المدرسه متعصب شافنى مره بصلى.

قالى إن الإسلام دين عنف وإنتشر بالعنف، وإنى هكون عنيف وهحرض الطلاب عالعنف في المدرسه ووقتها ضربنى بالقلم كان لابس خاتم في صباعه والخاتم عور حاجبى وقتها كان الجرح يتخيط على الأقل تلات أربع غرز بس طبعا انا كنت عايش مع عيله محدش فيهم بيسأل عن التانى كمالة عدد، تعرفى إن ساعات كنت بسأل إزاى ماما كانت عايشه في وسط العيله دى ومقدروش يدنسوها وقدرت تحافظ على برائتها لحد ما جت هنا لمصر سياحه وقتها كان عندها تقريبا تشعتاشر سنه، والصدفه تجمعها ب بابا ويتجوزها، بابا حكالى أنه كان أول وآخر راجل في حياة ماما، وأنها كانت عذراء وقت ما إتجوزها.

ردت سلسبيل: قماح ربنا بيحط قدامنا إختيارات كتير في حياتنا، والسعيد هو اللى بيختار طريق الصح ويمشى فيه ومامتك كانت محظوظه بعمى بصراحه.
تبسم قماح قائلا: قصدك أيه بإن ماما كانت محظوظه
ب بابا.
ردت سلسبيل بأعجاب واضح: بصراحه عمى هيبه وشخصيه بيجمع بين القوه والعاطفه في نفس الوقت عنده إحتواء وتفهم لكل اللى حواليه واللى بيتعامل معاه.
نظر لها قماح قائلا بشبه غيره: ليه بحس إن عندك إعجاب كبير بشخصية بابا.

لعبت سلسبيل على وتر غيرة قماح التي شعرت بها قائله: يمكن لو سألت أى بنت مين مثال الرجوله في دماغك هتقولك باباها، أنا بصراحه كده معجبه جدا بعمى من وأنا صغيره وهو مثل الرجوله في دماغى، راجل شهم وعنده براعه في التحكم في غضبه كفايه إن فضل مستحمل جوازه من قدريه أكتر من خمسه وتلاتين سنه ولو مكنش غبائها كان هيفضل مستحملها بقية عمره عشان بس ميخسرش ولاده، بغض النظر عن رباح وتربيته السو اللى ورثها منها بس كارم ومحمد مكنوش زيه، بس عارف حاسه إن رباح هيقع في مشكله كبيره قريب وهتكون السبب أنه يفوق من غباؤه.

رغم شعور قماح بالغيره من إعجاب سلسبيل بشخصية أبيه لكن قال لها: وبالنسبه ل رباح دهه إحساس ولا حلم شوفتيه.

ضحكت سلسبيل قائله: بصراحه حلم شوفته، رباح في ماشى في طرق مفتوحه قدامه بش تايه يختار أى طريق بس في إشاره في آخر طريق منهم معرفش دى بقى إشارة رجوع ولا ضلال أكتر، زهرت إنت عارف إن جدتى مكنتش عاوزاها وحاولت تقنع رباح بس هو أصر حتى وقتها هدد أنه هيسيب البيت وعمى وقتها قالها ده إختياره وهو اللى هيتحمل نتيجته، زهرت أنانيه طول عمرها، ومتأكده إنها مش بتحب رباح بس عندها القدره تعرف إزاى تسيطر عليه.

تبسم قماح ل سلسبيل بتوافق وتذكر أفعال زهرت سابقا حين كانت تحاول إغواؤه و لفت نظره لها ببعض الأساليب الفجه وبالأخص بعد طلاقه الأول كانت تحاول التقرب منه لكن هو كان يصدها وحين قابل هند تزوج بها كى يقطع عليها ذالك الطريق.
تبسم قماح وهو ينظر لصغيره قائلا: واضح إن ناصر لسه عاوز يسهر.

نظرت سلسبيل الى صغيرها الذي شبع وترك صدرها ويبدوا كأنه إستيقظ لتوه من النوم تبسمت قائله: واضح جدا هي عادته ولا هيشتريها وبعدين عرفت خلاص إنها وراثه بقى، تعرف وإنت في اليونان الفتره اللى فاتت كان تعب شويه ومكنش بينام غير في حجر جدتى.
تبسم قماح وهو يأخذ الصغير منها يقبل خديه، لكن الصغير هبشه بأظافره الرقيقه الدبوسيه.

ضحك قماح وهو يضم الصغير لحضنه مبتسما، يتذكر آخر زياره له الى اليونان قبل أيام لا تكمل شهر، ذهب الى ذالك المكان الذي عاش به سبع سنوات، كان سبب زيارته هي جدته لوالداته التي أرسلت له تستغيث به من نكسات الزمن فلقد جار عليها الزمن وأصبحت هزيله وحيده بعد أن هجرها إبنها الذي ذهب لاهثا خلف شابه صغيره تقوم بأغواؤه كى يقوم بالإنفاق عليها، وزوجته هي الآخرى تسير خلف نزواتها لا يهمها إستمرار او إنهاء زواجها من خاله، فالحريه غير مقيده، تفاجئ بجدته التي أصبحت مجرد صوره هارمه فلقد تركت ذالك المشروب المسكر التي كانت تدمنه غصبا بسبب ضيق حالها، وتعافت من إدمانه دون إرادتها، ضيق الحال وتراكم الديون عليها جعلها تترك المشروب، او ربما كان لطفا من الله عليها أن تنتهى حياتها وهي تائبه عن تلك المعصيه، ماتت جدته بعد أيام من سفره، قام بإكرامها الى مثواها الآخير، ربما لم يشعر بالحزن عليها لكن شعر بالشفقه...

سار بتلك الشوارع رأى بعض الشباب الذي مازال يتذكرهم جيدا منهم الذي أستقوى في إفتراه وآخر اصبح تابع لذالك المفترى، وزار قبر صديقه المغدور تبسم وهو يدعو له، سكنت خياله سلسبيل وقتها وتبسم بإشتياق، لولا وجود سلسبيل ربما ما كان عاد الى موطنه وتبدلت حياته للأفضل، تيقن ان فعلا الحياه تعطى فرص، والمحظوظ هو من يستغل تلك الفرص لصالحه، الحياه في اليونان لم تكن تناسبه، هو أراد النبع الصافى في موطنه الذي زرع بداخله قيم مختلفه عن تلك الذي رأها باليونان، عاد من أجلها مره اخرى لكن بتغير هو يريدها فقط، كان هجرها مؤلم للغايه يعذب فؤاده، أخطأ كثيرا في حقها، لكن تظل هي صاحبة نجاته وسبب عودته لهنا...

عاد قماح على مشاغبة صغيره وهو يريد الذهاب الى سلسبيل مره أخرى، بالفعل أعطاها لها
لكن ذالك الصغير كان ماكيرا هو أراد الذهاب الى سلسبيل من هدف برأسع وهو اللعب والمشاغبه.
تبسم قماح وهو يرى صغيره يشد في شعر سلسبيل التي قالت له ببسمه: كنت عارفه إنك هتعمل كده، معرفش شعرى فيه أيه دايما تشدنى منه، عارف في يوم هقص شعرى ده بسببك.

قالت هذا ونظرت ل قماح قائله: أهو انت شايف عمايل إبنك وشده في شعرى اللى هيتسلت بين إيده، عشان لما أقصه متبقاش تقولى قصيتى شعرك ليه.
ضحك قماح قائلا: قولتلك قبل كده ممنوع تقصى سنتى واحد شعرك، إنما ناصر بيه بقى لازم نستحمله.
تبسمت سلسبيل قائله: مفيش قدامنا غير نستحمله طبعا لا الحجه هدايه تغضب علينا
قماح عندى سؤال ولو مش عاوز تجاوب عليه براحتك.
تبسم قماح يقول: إسألى؟
ردت سلسبيل بإيجاز: هند.

رد قماح بعدم فهم: مالها هند.
ردت سلسبيل: هند إتصلت عليا وطلبت منى أنى أكلمك تتوسط لها في شغل، وقالتلى إن باباها مش راضى يرجعها تشتغل تانى معاه وهي محتاجه لشغل تقدر تصرف على نفسها منه.

تعجب قماح وهو يشعر بالندم رجوعه ل هند أخسرهما الأثنين، هند خسرت دعم والدها لكن هو حين طلقها قبل سفره لليونان آتى لها بشقه خاصه وأعطى لها مبلغا من المال كى تبدأ به مشروع صغير بها لما هاتفت سلسبيل الآن تطلب منها هذا الطلب الغريب وبالأخص من سلسبيل.
تحدثت سلسبيل قائله: أنا كلمت نائل يحاول يصلح بين هند وباباه وهو قالى إن باباه معاند ومصر على رأيه.

تهجم وجه قماح قائلا بنبرة غيره: وانتى مالك بتدخلى في شئ ميخصكيش ليه، موضوع هند وباباها ده خاص بينهم ليه كلمتى نائل.
شعرت سلسبيل بتغير ملامح وجه قماح وقوله بتلك الطريقه الفظه بالنسبه لها لم تستطيع تمييز انها غيره منه قائله: أنا آسفه فعلا أنا ماليش أدخل، ناصر شكله هينام هاخده وأروح الاوضه التانيه.

كانت يد قماخ الأسرع حين جذبها من يدها قبل أن تنهض من الفراش قائلا: سلسبيل مش قصدى حاجه، بس بلاش تكلمى نائل ده تاني.
ردت سلسبيل قائله: نائل إتعاملت معاه قبل كده عمره ما تخطى حدوده معايا، وأنا أساسا مش بسمح لا ل نائل ولا
لغيره تخطى حده معايا.
تمدد قماح على ظهره نائما على الفراش وفرد يده قائلا: نفسى أنام وأنتى وناصر في حضنى.

لمعت عين سلسبيل وتبسمت ووضعت الصغير بالمنتصف بينهم ونامت على يده، تغمض عينيها براحه وشعور سعيد يختلج قلبها ليذهب الصغير للنوم خلفه سلسبيل.
لكن ظل هو مستيقظا ينظر لتلك السعاده التي بين يديه
أبتسم قماح وتذكر سؤاله لوالداته ذات مره بعد أن قصت عليه إحدى قصص الخيال عن الحوريات
هل فعلا يوجد حوريات بالواقع.

أجابته وقتها؛ أجل يوجد بالتأكيد حوريات وستأتى لك إحداهن يوم ما تخطف قلبك. وقد كان آتت حوريه سمراء خطفت قلبه منذ أن فتحت عينيها للحياه.

بشقة رباح
بغرفة النوم
أعطت زهرت ل رباح تلك علبة الدواء، الذي أخدها منها بتلهف، شبه خطفها من يدها، وسريعا وضع إحدى الحبات بفمه.

تبسمت هند بإنتشاء قائله: خرجت مخصوص عشان أجيبلك الدوا ده لما الصيدلانيه اللى بجيبه منها طلبتنى وقالتلى إن الكميه محدوده، حتى إتسخبت زى الحراميه من الدار، جدتك عامله زى عسكرى الدرك اللى بيقولوا عليه في الافلام القديمه، وكمان مجنده الغبيه اللدغه أن نص لسان لها، تفتن لها على كل حاجه تشوفها في الدار ووخداها تحت جناحها، طبعا ما هي إختيارها لكن انا مش على قلبها.

لم ينتبه رباح لخديث زهرت المتهجم، هو بنشوة بعد أن اخذ تلك الحبه حتى انه ذهب بغفوه، لولا أن أيقظته زهرت بفجاجه قائله: رباح
إنت نمت ولا أيه؟
فتح رباح عنيه قليلا وقال بشبه نعاس: سيبينى أنام حاسس إنى جسمى همدان.

مصمصت هند شفتيها بسخريه قائله: جسمك همدان شغال في الشون زى التور في الساقيه، وفي الآخر مفيش تقدير، غير ل الست سلسبيل طبعا، بنت وعندها حق التوقيع لكن إنت لأ، عالعموم نام دلوقتي مزاجى مش رايق أساسا.
أغلق رباح عينيه يذهب بغفوه مهلكه أكثر له.

بينما نهضت زهرت من جواره تفكر في حديث نائل السام، لابد أن تحصل على توقيع رباح في أقرب فرصه، هي ملت من وجودها بمنزل العراب وتحكمات تلك الخرفاء هدايه، فكرت وفكرت، حتى وجدت ضالتها.
بعد مرور بضع أيام
فى نور يوم جديد، تلاشت الغيوم والمطر
لكن ربما مازالت هنالك غيمات أخرى عاصفه
يوم التجمع العائلى
صباح
بشقة ناصر.

دخلت سلسبيل الى غرفة هدى تحمل صغيرها قالت بمرح: شوف يا ناصر زى ما توقعت خالتك هدى قاعده علابتوب بتاعها، شكلها بدبر لجريمه.
ضحكت هدى قائله: أيه خالتك دى، يا بنتى بيقولوا أنطى
أمال لو مكنتيش دارسه في مدارس لغات بقى كنت هتبقى بيئه أكتر من كده أيه، دى زهرت عندها تمدن عنك.
ضحكت سلسبيل قائله: وأنا فين جنب زهرت دى أنوثه وجمال ودلال.

ضحكت هدى وقامت من على مقعدها ومدت يديها تأخذ الصغير من سلسبيل قائله: فعلا جمال ودلال بس شريره وقلبها حقود زى المرحومه قدريه مرات عمك.
ضحكت سلسبيل قائله: حرام عليكى هتموتى قدريه وهي لسه على قيد الحياة، تعرفى إن سميحه بتزورها وبتقول أنها بتعاملها أوقات بتعالى وأوقات بقبول، أنا معرفش ليه حاسه إنها إتغيرت.

تبسمت هدى قائله: يمكن بتخدعها، بس تعرفى سميحه قالتلى إن مرات كارم كلمتها مره في أول جوازها وهنتها.
ردت سلسبيل: قالتلى أنا كمان، بس غريبه مرات كارم دى المفروض إنى سلفتها زى سميحه ومبتكلمنيش حتى لما ولدت ناصر مهنتنيش بيه، رغم إن كارم من فتره للتانيه بيكلمنى وكمان طلب منى أبعتله صور ل ناصر وبعتها له، حتى لما لمحت إنى أكلم مراته غير الموضوع.

ردت هدى بغصه: مش غريبه ولا حاجه، أنا وانتى عارفين أنه كان بيحب همس، ويمكن مفكر إننا ممكن نزعل انه أتجوز غيرها.

ردت سلسبيل: يمكن فعلا كلامك صح، أنا لما عرفت أنه أتجوز بصراحه زعلت جدا ومكنتش متوقعه كارم ينسى همس بسرعه كده، بس زى جدتى ما قالت الحياه بتستمر ومبتوقفش عند حد، والوقت بيغيرنا، بس تعرفى هقولك على حاجه يمكن تقولى عليا مجنونه، أوقات كتير بحس إن همس لسه عايشه وأنها ممكن تدخل علينا في أى وقت، حتى كذا مره جاتلى في المنام مبسوطه، غير في حاجه غريبه حصلتلى بعد عمى ما جاب لى كسوة السبوع بتاع ناصر حسيت بروح همس وقتها إنها جنبى وبتبتسم وزى ما يكون بتقولى عجبتك الكسوه، حتى حسيت أنها هي اللى عملتها رغم إنى سألت عمى بعدها قالى أنه أتفق مع مشغل وطلب منهم مخصوص الحاجات دى بعد ما سأل جدتى، وكمان آخر مره جاتلى في المنام من فتره قصيره وكانت بطنها منفوخه ولما سألتها قالتلى إنها حامل.

للحظات تعجبت هدى و غص قلبها، ف همس ميته وهل الموتى يحملون، ربما تخاريف
تدمعت عين هدى لكن حاولت إخفاء ذالك حتى لا تفسد تلك البسمه التي أصبحت تراها على وجه سلسبيل مؤخرا قائله: فعلا غريبه بس أكيد دى تخاريف وانتى نايمه أبقى أتغطى كويس وأنتى نايمه.
قالت هذا ثم غمزت عينيها قائله: ولا يمكن قماح بيشد من عليكي الغطا وأنتى نايمه.
ضحكت سلسبيل قائله: خلى عندك شوية حيا، وبلاش غمز.
ضحكت هدى.

بينما جذب الصغير شعرها تألمت قائله: يا هباش سيب لى شعرلى مفكرني شعرى زى مامتك أنا يادوب شعرى الحمد لله مغطى راسى، ولا بدافع عن مامتك عالعموم روح لها قلعها الطرحه اللى على راسها وسلت شعرها براحتك.
تبسمت سلسبيل لها وهي تأخذ الصغير منها وقالت لها: مش هتنزلى تحت دلوقتي ولا أيه.
ردت هدى: لأ شويه كده، بحاول لسه أخترق الابتوب بتاع الواد حماد، وشكلى كده خلاص ه يرسه.

ردت سلسبيل: تصدقى كنت نسيت حكاية الابتوب بتاع حماد ده، بس إنتى لسه لغاية دلوقتي معرفتيش تهكريه كل دى محاولات فاشله.
ردت هدى: لأ انا إنشغلت الفتره اللى في فاتت جت ولادتك بعدها فرح محمد والدراسه، بس أنا فضيت له في أجازة نص السنه أهو، انا مش هرتاح قبل ما أ يرس له الابتوب ده، عندى فضول أشوف الملف المقفول ده.

ردت سلسبيل: ومنين جالك انه ممكن يجيب ليك الابتوب بتاعه عشان تصلحيه، مش يمكن يوديه أى مركز متخصص أكتر، وبعدين مش انتى اللى صلحتيه له المره اللى فاتت انتى ودتيه مركز متخصص وضحكتى عليه وقولتى له انك انتى اللى صلحتيه.
ردت هدى: ما هو عشان كده، هيثق فيا وهيجيب لى الابتوب وأنا بقى عندى شوية خبره، وكمان نظيم ممكن يساعدنى هو متخصص أكتر متى.
تبسمت سلسبيل بمكر وقالت: نظيم!

ونظيم هيساعدك إزاى بقي، وبعدين مش ده نظيم الغلس اللى مكنتيش بطيقيه لا في المركز التعليمى ولا في الجامعه.
شعرت هدى بخجل وقامت بلم شعرها.
تبسمت سلسبيل على خجل هدى وقالت: أعترفى أنا ستر وغطا عليكى
ضحكت هدى بخجل قائله: أنتى ستر وغطا عليا، لكن ناصر فتان وممكن يفتن لجدتى.
نظرت سلسبيل ل ناصر قائله: عيب يا ناصر تبقى خباص، لو فتنت على أنطى هدى لحد غيرى.
ضحكت هدى قائله: ونعم التربيه، بس هقولك بصراحه.

فى الفتره الاخيره، معرفش ليه بقيت مش بضايق لما بشوفه زى الأول، او حتى يكلمنى، بس تعرفى أكتر حاجه بتغظنى من نظيم، لما بينادى عليا ب هدايه بحس أنه بتريق عليا.
قالت هدى هذا وتنهدت ثم عاودت الحديث بلجلجه: وبحس. بحس، بحس.
قاطعتها سلسبيل قائله: متلجلجه ليه، وفيها أيه لما ينادى ليك ب هدايه، هو مش ده إسمك الحقيقى.
ردت هدى: إسمى، بس بحس أنه زى ما يكون قاصد تريقه.

ضحكت سلسبيل قائله: بس أنا حاسه أن ده مش قصده وبعدين قولى من الآخر وبلاش مراوغه نظيم بدأ يشغل مش بس عقلك لأ قلبك كمان، بصراحه أنا من أول مره شوفت نظيم هنا عندنا في الدار أرتاحت له ومن حكي سميحه عنه أنه شال مسؤلية من وهو صغير وإنه قدر يبقي في مكانه مرموقه وأستاذ في الجامعه دى يبقى شخص محترم ويعتمد عليه، وإستغربت من ضيقك منه وأنك بتستغلسي شخصيته، بس مع الوقت بدأت مشاعر تانيه تضغى عليكى، بتحصل كتير على فكره.

تبسمت هدى قائله: فعلا بتحصل كتير وأكبر دليل قدامى أهو أنتى وقماح، رغم من يوم ما وعيت عالدنيا كنت بشوفك بتبعدى عن أى مكان فيه قماح، ويشاء القدر يبقى من نصيبك وبعد كل اللى حصل السنه اللى فاتت
رغم أنه بس من كم يوم العلاقه بينك وبين قماح أتغيرت عينك بقى فيها لمعه سعيده.
صمتت هدى لثوانى ثم قالت بسؤال: أمتى حبيتى قماح يا سلسبيل.

بسمه شقت شفتي سلسبيل وتنهدت قائله: هتصدقينى لو قولتلك معرفش أمتى، من كم يوم ولا من زمان حتى من قبل ما أشوفه لما كنت بحلم بيه، معرفشي، فجأه لقيتنى بنسى كل الأذى النفسى والبدنى اللى عشته بسببه الفتره اللى فاتت، يمكن كان سفره الأخير ل لليونان حسيت بخوف لا ميرجعش لهنا تانى، بالذات أنه طلق هند قبل ما يسافر، قولت يمكن يطول هناك، حسيت بشئ ناقصنى، كنت بتمنى أنه ميطولش ويرجع بسرعه، وفعلا مغابش كتير، لما شوفته داخل كان نفسى أجرى عليه وأحضنه، بس هو كان راجع متغير كتير سواء شكليا أو حتى نفسيا معرفشى السبب، في البدايه شكيت أنه يكون ندم إنه طلق هند وقولت هيرجعها تانى، بس...

توقفت سلسبيل عن الحديث تتذكر إنهيار قماح أمامها وإعترافه بحبها لها، تبسمت.
تبسمت هدى قائله: بس طبعا طلع كل تفكيرك غلط، وإن قماح ندم بعد ما رجع هند وصحح الغلط ده، بس تعرفى أنا مبسوطه إنك عطيتى ل قماح فرصه تانيه وشايفه قماح هو كمان عيونه بتلمع لما بيبص ليك، مش نفس النظره القديمه اللى كان بينظرها ليك كنت أوقات مبعرفش أميز نظرته ليك أوقات كنت بحس أنه بيبصلك بتحذير، وأوقات بشغف، دلوقتى بقت نظرته واضحه.

تبسمت سلسبيل وقالت بإستفسار: قصدك واضحه إزاى؟
تبسمت هدى قائله: يعنى بقت نظرة عشق، قماح بيحبك يا سلسبيل زى ما كنت بتتمنى من زمان.
تبسمت سلسبيل توافق هدى وقالت: وأنتى كمان بتحبى نظيم، فكرى كويس، وبلاش العقل الإليكترونى بس هو اللى يتحكم في مشاعرك، يلا هسيبك أنا وأخد ناصر وننزل لجدتى هدايه هتقولى أيه آخرك في النزول.

ب ناصر، وكمان اليوم طويل وزمان حماد هيجى يقضيه هنا من أوله كالعاده، ويشوفنا فين ويلزق لينا، غبى مفكر إننا مش فاهمين حركاته المفقوسه، زمان كان بيعمل نفس الحركات دى ويشوف فين همس دلوقتي نقل العطا عليكى، كويس إنى مكنتش في حسبته من الأول.
تبسمت هدى قائله: مكنش يقدر بس يطلع في وشك وقماح موجود.
قالت هدى هذا بثقه وقبلت يد ناصر قائله بمرح: صح يا ناصور باباك لو المتسلق حماد كان نظر لمامتك كان خلع عنيه.

ضحكت سلسبيل قائله: بلاش ناصور قدام جدتى بتضايق لما بندلع ناصر بها، وتقول رجال العراب مبيدلعوش، مع إن هي أكثر واحده بدلع ناصر.
بشقة رباح
بالحمام وقفت زهرت لدقائق تنتظر نتيجة ذالك الإختبار التي قامت بعمله كانت عديمة الصبر تريد النتيجه بنفس اللحظه لكن إنتظرت تلك الدقائق غضب ثم
نظرت لذالك الاختبار الذي بيدها يعطى لها نتيجه إيجابيه.

وضعت يدها على بطنها وتبسمت بإنتشاء وظفر أخيرا بعد تلك المده الماضيه التي منعت فيها أخذ موانع حمل ظنت أن حديث الطبيبه لها في آخر معاينه لها قبل شهر ونصف أن الحمل قد يتأخر لوقت بسبب تناولها لذالك المانع لفتره طويله سابقه، لكن خاب قول الطبيبه ها هو الإختبار يعطى نتيجه إيجابيه، هي بالفعل أصبحت حاملا برحمها جنين...

للحظه فكرت في هذا الجنين ترى يكون إبن من رباح أم نائل، بداخلها تمنت أن يكون إبن نائل، لكن هذه فرصتها لسحب أموال من عائلة العراب من أجل هذا الجنين حتى لو إنفصلت الآن عن رباح، ستظل تنعم بخيرات عائلة العراب بسبب ذالك الجنين التي ستخبر الجميع اليوم بوجوده في رحمها.
خرجت من الحمام وجدت رباح ممدد على الفراش مغمض العينين يضع إحدى يديه فوق رأسه...
تنهدت بسأم قائله: رباح إنت نمت تانى ولا أيه؟

فتح رباح عينيه بصعوبه يشعر بدوار قائلا: لأ صاحى، بس الصداع واجع راسى حتى بقيت مبعرفش أنام كويس بسببه، بفكر أعمل الفحص الطبى اللى بابا كل شويه يزن عليا عشان أعمله، الصداع زاد قوى، حتى الدوا اللى بتجبيه زى ما يكون مبقاش له مفعول، باخد حبايتين وتلاته وفي مفيش بيرجع الصداع تانى، يظهر الدوا ده بقى مغشوش.

إرتبكت زهرت قائله: قصدك ايه هتعمل الفحص الطبى اللى خالى بيزن عليك بيه، ومن أمتى صحتك فارقه مع خالى هو طول الوقت عنده قماح فوق الجميع كأنه مخلفش غيره، بلاش توهم نفسك ده صداع مش معضله كبيره ممكن فتره وهيروح أو زى ما قولت يمكن قللوا الماده الفعاله في الدوا.
رد رباح: بفكر فعلا في الفحص ده يمكن يكشف سبب الصداع ده بقى فظيع.

بعد الغداء
كانت سلسبيل تحمل صغيرها تسير به في فناء المنزل
تبسمت له قائله: النهارده الشمس طالعه أهى خلينا نقعد شويه في الجنينه نتشمس.
بالفعل جلست على أحد مقاعد بالحديقه، وهي تبتشم لصغيرها
لكن كان هنالك متسلل أراد الحديث معها، حين سحب أحد المقاعد قائلا: تسمحيلى أقعد أتشمس معاكى إنتى وناصر.
قال هذا ومد يده كى يأخذ الصغير منها، لكن كما يقولون قلوب الأطفال تنفر من الخبثاء، لم يرضى الصغير وتشبث بأمه.

تبسمت سلسبيل على تشبث صغيرها بها قائله: معليشى يا حماد، هو ناصر كده مش بيرضى يروح لحد، إتفضل أقعد.
جلس حماد قائلا: وهو انا أى حد برضوا أنا زى خاله.
تبسمت سلسبيل قائله بمجامله: طبعا خاله.
تبسم حماد قائلا: سلسبيل في موضوع كنت عاوز أكلمه فيه وفيه مصلحه كبيره ليك.
تعحبت سلسبيل: وأيه هو الموضوع ده.

رد حماد: التماثيل اللى بتصنعيها، أنا ليا صديق عندى مجموعة بازارات سياحيه خاصه بالانتيكات، وكنت قاعد معاه بالصدفه من كام يوم والكلام جاب بعضه وفرجته الصور اللى كنت واخدها يوم ما كنا في الاتلييه بتاعك وإنبهر بيها وقالى انه مستعد يشتريها منك بالتمن المناسب اللى تحدديه.

تعجبت سلسبيل قائله: بس أنا بصراحه عمرى ما فكرت انى أبيع تمثال منهم، أنا كنت بفكر اعمل معرض فنى بيهم، بس من بعد ما ولدت ناصر ووقتى كله بقى مشغول بين شغلى في حسابات المقر ورعاية ناصر حتى بقيت نادر ان مكنتش قليل لما بدخل الاتلييه.
رد حماد يحاول إقناع سلسبيل: مش هتكسبى من المعرض حاجه غير المكسب الادبى فقط، في مقابل انك لو بعتى التماثيل دى ممكن تنشهرى أكتر.

رد قماح الذي آتى وجلس الى جوارهم قائلا بحسم: وسلسبيل مش محتاجه لا ل شهره ولا لمكسب مادى، وأنا فعلا موافق سلسبيل إنها تعمل معرض فنى تعرض فيه التماثيل دى وكمان أعتقد ده موضوع ميخصكش، تتكلم فيه.
نظرت سلسبيل ل قماح بسعاده ونظرة إمتنان، لما قاله.
بينما شعر حماد بالخزو من حديث قماح وقال بتبرير: أنا كان قصدى المنفعه ل سلسبيل مش أكتر.
رد قماح بنزك: تسلم نوياك الطيبه ياريت توفرها لنفسك.

نهض حماد يشعر بالغبطه والبغض من حديث قماح ذالك العنجهي الذي تحدث له بطريقه فظه.
استأذن قائلا بحرج: متأسف عن أذنكم.
غادر حماد يسب ويلعن قماح
بينما نظر قماح ل سلسبيل وتبسم على ذالك الصغير الذي يريد أن يذهب له.

حمله قماح وقبل وجنته، حاول الصغير هبش وجه قماح فعاد قماح بتلقاىيه بوجه للخلف ضحكت سلسبيل قائله: متخافش انا قصيت له ضوافره وهو نايم، أنتهزتها فرصه دى مش ضوافر طفل دى مخالب قط، قصيتهم من وراء جدتى، هتقولى ضوافره طريه.
تبسم قماح وهو يمسك يد صغيره الصغيره قائلا: إنت اللى جبته لنفسك.

تضايق الصغير كأنه يفهم شمت قماح به، وحاول هبشه لكن لم تكن أظافره لها أثرا، وكان قماح وسلسبيل يضحكان عليه، مما أثار غيظه وتذمر باكيا، نهض قماح به قائلا: أرضية الجنينه ناشفه، خلينا نلعب شويه.

بالفعل جلس قماح على تلك العشب الاخضر الرقيق ووضع الصغير بين ساقيه وبدأ في اللعب بطابه صغيره أخرجها من جيبه إلتهى صغيره باللعب ومحاولة عض تلك الطابه اللينه، نهضت سلسبيل جالسه لجوارهم وبدات تستمتع معهم بلحظات اسريه تحت شمس الشتاء الدافئه
بينما أثناء دخول حماد الى داخل المنزل رغم شعوره بالغيط، لكن تقابل من هدى، رسم بسمه ودوده قائلا: هدى كنت بدور عليكى كنت عاوز أتكلم معاكى في موضوع خاص بيا.

ردت هدى: وأيه هو الموضوع ده؟
رد حماد: موضوع خاص خلينا نقعد في أى مكان نتكلم شويه.
رغم عدم قابلية هدى للحديث مع حماد لكن قالت له: خلينا نقعد في البراندا الشمس النهارده حلوه اهو أدفى من أشعتها.
تبسم حماد لها، ومد يده لها لتسير أمامه غير منتبه.

ل نظيم الذي رأى وقوف هدى مع حماد وحديثها معه بتلك الطريقه المرحبه او هكذا لاحظ، هو كان يبحث عنها للحديث معها بأى شئ، لكن حين راها واقفه مع حماد بأحد أركان الدار يبدوان منسجمان ختى أنهما ذهبا للجلوس معا
لام نفسه على ذالك الشعور الذي كان يعتقد انه متبادل من ناحية هدى، كيف نسي من تكون وهو من يكون، حتى لو أصبح أكثر شآن بالنهايه كان في يوم من الايام عامل لدى والداها يعطف عليه.

فى ذالك الاثناء شعر نظيم بيد تربت على كتفه
نظر لتلك اليد الذي يبتسم صاحبها له قائلا بتوريه: هدى مش بترتاح ل حماد رغم كده هو اللى بيفرض نفسه عليها.
تبسم نظيم له دون رد وهو ينظر ناحية جلوس حماد مع هدى، بالفعل تبدوا هدى متذمره.
نظر نظيم ناحية ناصر قائلا: الشمس حلوه النهارده تسمحلى أروح استمتع بيها شويه وأقعد في البراندا اللى هناك دى.
تبسم ناصر قائلا: وأنا كمان هاجى أقعد معاك.

تبسم نظيم، بالفعل ذهب الاثنان وجلس على نفس الطاوله
جلس نظيم بالمقعد المجاور ل هدى التي تبسمت له، بسمتها كانت شعاع دافئ اقوى من شعاع شمس الشتاء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة