قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عروسي المشوهة للكاتبة سارة علي الفصل السادس

رواية عروسي المشوهة للكاتبة سارة علي الفصل السادس

رواية عروسي المشوهة للكاتبة سارة علي الفصل السادس

بس انا مش موافق...
ابتسامة ساخرة ارتسمت على ثغره وهو يقول بتهكم واضح ونبرة ذات مغزى:
مفيش مانع، بس يبقى من النهاردة ملكش حاجة عندي...
تقصد ايه...
سأله فادي بملامح مكفهرة ليعود الجد بجسده الى الخلف مسترخيا في جلوسه وهو يرد عليه ببساطة:
يعني هسحب منك كل حاجة، رصيدك في البنك وعربيتك، وهحرمك من الميراث كمان...
انتفض من مكانه هاتفا بعصبية:
معناه ايه الكلام ده، انت بتلوي دراعي...!

اعتبره زي ما تعتبره، كلامي واضح، يا اما توافق عالجوازة دي، يا اما تاخد هدومك وتخرج من الفيلا وملكش حاجة عندي، وعرفني ساعتها هتعمل ايه وهتعيش منين...؟!

دفع باب مكتب وسام بقوة ودلف الى الداخل قائلا بغضب شديد:
هقتله، ميبقاش اسمي فادي لو مقتلتوش...
انتفض وسام من مكانه بسبب اندفاع فادي الغريب وهجومه على مكتبه بهذه الطريقه، سأله بقلق واضح:
مالك يا فادي...؟ فيك ايه...؟ وتقتل مين...؟!
اجابه وهو يحرك يديه في الهواء:
جدك...
ليه...؟! هو عمل ايه...؟!
سأله باستغراب شديد ليجيبه فادي بملامح كارهة:
قول معملش ايه...

أردف قائلا بنبرة اقل علوا وهو يجلس على الكرسي المقابل له:
حامد باشا عاوز يجوزني...
بجد مين...؟!
سأله وسام بتعجب لينهره فادي بعصبيه:
هو ده اللي هامك...!
حك وسام ذقنه بأنامله ثم نهض من مكانه وجلس على الكرسي المقابل لكرسيه قائلا بنبرة جديه:
طب اهدى وبلاش عصبية...
اهدى ازاي، بقولك عاوز يجوزني بالعافية ولو رفضت هيحرمني من الميراث...
مط وسام شفتيه باستياء ثم قال بضجر:
هو الراجل ده مش هيبطل اذية بخلق ربنا بقى...

انا مش عارف اعمل ايه يا وسام، مش عارف بجد...
كان نفسي اساعدك يا فادي، بس انت عارف محدش يقدر يوقف فوشه...
زفر فادي انفاسه حنقا ثم قال بنبرة جديه:
مينفعش يفضّل يتحكم فينا كده يا وسام وكل شويه يهددنا بالميراث، دي مش هتبقى عيشة...
طب ونعمل ايه...؟
سأله وسام بجديه ليجيبه فادي بنبرة غامضة:
هقولك...

كان الجميع جالسا يتناول طعام العشاء حينما رن جرس الباب فدهبت احدى الخادمات وفتحته، دلفت شابة شقراء جميلة الى الداخل واتجهت نحوهم وهي تقول بسعادة:
مساء الخير...
التفتت ناحية مازن قائلة بابتسامة مصطنعة:
مبرووك على الجواز يا مازن...
اردفت بسخرية:
بس مش غريبة شوية انك تتجوز واحده مشوهة كده، خلصوا الستات العدلة فالبلد عشان تتجوز دي...

أدمعت عيناها بقوة وهي تستمع الى سخريتها من شكلها، همت ان تتحرك من مكانها متجهة الى غرفتها الا انها تجمدت في مكانها قبل ان تتحرك وهي تسمعه يقول بنبرة حادة:
الزمي حدودك يا رنا، انا مسمحش لأي حد انوا يهين مراتي او يسخر منها، اعتذري ليها فورا، والا ساعتها هتشوفي وشي التاني...
تفاجئت سالي من ردة فعله فاخر ما توقعته ان يدافع مازن عنها بينما تطلعت اليه رنا بصدمة مما قاله...

اما ريم فابتسمت بسعادة لردة فعل مازن ووالدته التزمت الصمت ولم يبدو عليها اي ردة فعل اتجاه الموضوع...
ابتلعت رنا ريقها بتوتر وهي تلاحظ نظرات مازن الحازمه ونبرته القاطعة لتقول باعتذار:
آسفة، مكانش قصدي...

ما ان دلفت سالي الى الغرفة وأغلقت الباب خلفها حتى انسابت دموعها على وجنتيها بغزارة، وضعت يدها على صدرها تحاول تخفيف الالم الذي احتل قلبها وثنايا روحها، ازدادت دموعها اكثر وأكثر وعلت شهقاتها حتى وصل صوتها الى مسامعه، كان يهم ان يدلف الى الداخل لكنه توقف ما ان سمع صوت بكائها، اعتصر قبضة يده بقوة وتمنى لو انه ضرب رنا على فمها وأخرسها، لا يعرف لماذا شعر بالأسى من اجلها ما ان سمع بكائها...؟ هل هو يشعر بالشفقة عليها...؟

طرق على الباب مرتين لتنهض من مكانها بسرعة وتدخل الى الحمام، تغسل وجهها بالماء وتغسل معه دموعها اللاذعة، اخذت المنشفة وبدأت تجفف وجهها، أبعدت المنشفة عن وجهها لتتأمل ملامحها والتي قضى التشوه عليها، ضغطت على شفتيها بقوة وهي تحاول ان لا تبكي مرة اخرى، تحركت باناملها على وجهها وهي تشعر بتلك التشوهات شظايا تحرق قلبها وروحها...

ابتعدت فورا من امام المرأة وخرجت من الحمام لتجده واقفا امامها واضعه يديه في جيوب بنطاله يطالعها بنظرات هادئة عادية...
سالي...
كانت تلك المرة الاولى التي ينطق بها باسمها...
تحدث بصوت متحشرج وقد بدا الحرج واضحا عليه:
بعتذر ليكي مرة ثانيه، ريم للاسف طبعها كده، بتحب تحرج اللي قدامها وتقلل منه، هي بتعمل كده مع الكل مش بس معاكي...
صمتت ولم تتحدث فقط اكتفت بايماءه من رأسها بينما تحرك هو مبتعدا عنها...

هم بالخروج الا انه توقف على صوتها وهي تناديه:
مازن...
استدار ناحيتها بنظرات متسائلة لتقول بامتنان حقيقي وابتسامة بريئة خفيفة تركت اثرها في قلبه:
شكرا...

في مطار القاهرة الدولي
كانت تسير بجانبه وهي تشعر بالتوتر والرهبة الكبيرين فهي غير معتادة على الذهاب في أماكن مزدحمة كهذه...
كانت تخفض رأسها نحو الأسفل طوال الوقت عينيها معلقة بأرضية المطار، شعرت به يتوقف فتوقفت هي الاخرى بينما أعطى هو جواز السفر خاصته الى الموظفة وتبعه بالجواز خاصتها...
اكمل المهام التقليدية اخيرا واتجه بها الى الكافيتريا الخاصة بالمطار...

جلسوا على احدى الطاولات الموجوده هناك، كانت هي مطرقة برأسها نحو الأسفل كالعاده بينما كان يتأملها بملامح هادئة...
تنحنح قائلا بنبرة هادئة:
سالي، ممكن ترفعي راسك شويه...
رفعت وجهها ناحيته بعد تردد شديد، كانت تفرك يديها الاثنتين بتوتر بينما تشعر ببرودة خفيفة تحتل جسدها وأطرافها...
انتِ عارفة انوا بقالنا اكتر من شهر متجوزين ومنعرفش حاجة عن بعض...!

هزت رأسها موافقة عن كلامه دون ان ترد عليها بينما أردف هو قائلا بجدية:
الرحلة دي عشان نقرب من بعض ونتعرف على بعض اكتر...
ثم قال بنبرة ذات مغزى:
وعشان جوازنا ميفضلش كده...
لم تفهم معنى جملته الاخيرة ولم تتجرأ ان تسأله بل اكتفت بهزة خفيفة من رأسها موافقة على كلامه...
شعر بالارتياح قليلا وهو يراها موافقة على كلامه فهي تبدو في نظره هادئة ومطيعة للغاية...

حان موعد رحلتهم فنهضا متجهين الى الطائرة، انبهرت سالي بمنظر الطائرة حالما رأتها وشعرت بخوف شديد بل بالرعب ايضا فكانت تلك المرة الاولى التي ترى بها الطائرة في حياتها، شعر مازن بخوفها فقبض على كف يدها وارتقى بها درجات السلم الخاص بالطائرة...

جلسا في الأماكن المخصصه لهم وبدأت الطائرة في الارتفاع، دب الرعب في اوصالها ما ان شعرت باهتزازات الطائرة القوية وبدأ جسدها يرتجف بشدة، قبض مازن على كف يدها معتصرا اياه بين يديه ثم اقترب منها هامسا بجانب اذنها:
متخافيش...

فتح مازن باب الشاليه ودلف الى الداخل تتبعه سالي...
اغلق باب الشاليه وتقدم الى الداخل سائلا اياها:
عجبك المكان...؟!
التفتت ناحيته مجيبة اياها بنبرة صادقة:
عجبني اووي...
كانت سالي تشعر بالراحة كونه اختار شاليه معزول قليلا بدلا من المكوث في منتجع سياحي مليء بالناس...
اتجهت ناحية النافذة تتطلع من خلالها الى البحر بلهفة شديدة، سألته بملامح متوسله وصوت متردد:
ممكن اروح شوية جمب البحر...؟
اكيد...

أردف متسائلا:
شكلك بتحبي البحر اووي...؟
التفتت ناحيته مجيبه اياه بملامح حزينه:
اصل دي اول مره اشوف فيها البحر...
أنصدم بسرعة لما قالته وحاول ان يستوعبه مرارا...
معقول، انتي مروحتيش البحر قبل كده...؟
هزت رأسه نفيا واجابته ببراءة:
انا اصلا مكنتش بخرج من البيت...
اردفت قائلة وهي تشير بكف يدها ناحية الباب:
انا هروح للبحر...
هز رأسه متفهما بينما ركضت بسرعة وفتحت الباب متجهة ناحية البحر...

وقفت امام البحر لتلفحها نسمات الهوا الباردة ويتطاير شعرها الى الخلف...
كانت تبتسم بسعادة بالغة لاول مرة تشعر بها، بدأت تدور امام البحر ليتطاير فستانها الزهرى حولها...
كان قلبها يدق بعنف وروحها تتراقص من السعادة...
اما هو فكان يراقبها من بعيد بتركيز شديد ولا يعلم لماذا شعر بسعادة غريبة تطفو داخل قلبه وهو يراها بهذا الشكل الطفولي بينما ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغره...

مساءا
كان واقفا امام النافذة يتابع امواج البحر العاليه بينما عقله غارقا في التفكير، كان يفكر في هذه الليلة وكيف ستمر عليه...؟ هو ما زال مترددا فيما ينوي فعله...
لكنه مجبر على إتمام هذه الزيجة، فلا داعي للمماطلة اكثر من هذا، شعر بها تدلف الى داخل الغرفة فاستدار ناحيتها وجدها ترتدي بيجامة طفولية حمراء ذات رسوم كارتونية كما اعتادت ان ترتدي طوال الوقت...

اتجهت ناحية السرير بنية النوم حينما اوقفها متسائلا:
هتنامي...؟
اجابته وهي تهز رأسها:
اه هنام، فيه حاجة..؟
تقدم ناحيتها ووقف امامها، تحدث قائلا بجديه:
سالي، احنا هنفضل كده لحد امتى...؟
سألته بعدم فهم:
هنفضل كده يعني ايه...؟
أظن جه الوقت اللي جوازنا ييبقى حقيقي...
اضطربت ملامحها بالكامل وهي تستمع لجوابه، تحدثت قائلة بصوت متردد:
بس...
بس ايه، احنا بقالنا شهر متجوزين...
معاك حق...

قالتها بشرود بينما اقترب هو منها مقبلا وجنتها بخفة، ارتجف جسدها بالكامل بينما شعرت بشفتيه تتخذ طريقها نحو شفتيها، هم بتقبيلها حينما أبعدت وجهها عنه بسرعة وهي تقول بنفور:
ارجوك بلاش دلوقتي..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة