قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عروسي المشوهة للكاتبة سارة علي الفصل الأول

رواية عروسي المشوهة للكاتبة سارة علي الفصل الأول

رواية عروسي المشوهة للكاتبة سارة علي الفصل الأول

فيلا راقية تقع في قرية صغيرة تبعد عن المدينة بمسافة كبيرة نوعا ما، اسوارها عالية بعض الشيء وتحوي حديقة واسعة مزينة بافضل انواع الورود وأزكاها، كان هناك فتاة تمشي لوحدها في الحديقة تبدو في العشرينات من عمرها، كانت ترتدي جينز ازرق وفوقه بلوزة خضراء وشعرها البني الطويل منسدل على ظهرها من الخلف...

وفِي نفس الوقت كان هناك طفل صغير في العاشرة من عمره يلعب في الكرة بالقرب من تلك الفيلا، رمى الكرة بعيدا لتسقط داخل حديقة الفيلا، زفر بضيق وتقدم اتجاه الفيلا ودلف من الباب الذي كان مفتوح، بحث عن الكرة بعينيه فلم يجدها ولكنه وجد تلك الفتاة الوحيدة تقف امام احدى الزهور الموجوده هناك ويبدو انها تشمها، كانت مولية ظهرها له فتقدم ناحيته وهو يقول باعتذار:.

انا أسف اني دخلت هنا من غير إذن بس الكرة بتاعتي وقعت عندكم...
ما ان استدارت الفتاة حتى شهق الطفل برعب من وجهها المشوه! اطلق صرخة فزع ثم ما لبث ان ركض باقصى سرعته هاربا منها وصورة وجهها المخيف تطارده...

تكونت الدموع داخل عينيها وملأ الالم قلبها من هذا الموقف الذي وضعت به، سارت متجهه الى داخل الفيلا والدموع تغطي وجهها، ارتقت درجات السلم متجهه الى غرفتها والتي ما ان ولجت اليها حتى ارتمت على سريرها تبكي بمرارة...
اما في الخارج وتحديدا في مطبخ الفيلا، تقدمت احدى الخادمات الى داخل المطبخ وهي تقول بقلق:
مدام علياء، الست سالي مش عارفة مالها، سمعت صوتها وهي بتعيط في اوضتها...

استدارت لها علياء وهي تقول بدهشة:
ايه! بتعيط ليه...؟!
هزت الخادمة رأسها نفيا وهي تقول بجدية:
معرفش والله، انا سمعتها بالصدفة وانا بمشي جمب اوضتها...
تركت علياء ما بيدها وصعدت بسرعة الى سالي، طرقت باب الغرفة ثم ولجت الى الداخل لتجدها جالسة على سريرها تحتضن جسدها بيديها، رأسها منخفض نحو الأسفل وتبكي بقوة...
سالي حبيبتي، مالك...؟ بتعيطي ليه...؟
رفعت سالي وجهها ثم اجابتها بنبرة باكية:.

اترعب مني اول مشافني، هرب على طول قبل حتى ما اتكلم او اقول اي حاجة...
هو مين..؟
سألتها علياء بعدم فهم لتجيبها سالي بصوت متحشرج:
طفل صغير، رمى الكرة فالغلط عندنا، وجه عشان ياخدها ولما شافني خاف وهرب على طول من غير حتى ياخدها...
شعرت علياء بالشفقة على سالي ولم تعرف ماذا تقول الا انها ربتت على كف يدها بحنان وقالت:
حبيبتي متعمليش بنفسك كده، ده طفل صغير واكيد مش قصده...
قاطعتها سالي:.

انا مش زعلانة منه، انا زعلانه على نفسي، ليه بيحصل معايا كده، اشمعنا انا اللي اتشوهت وبقيت أخوف الناس بالشكل ده...
متقوليش كده يا سالي، ده قضاء ربنا ولا اعتراض عليه، استغفري ربك يا حبيبتي...
كفكفت سالي دموعها باناملها ثم قالت:
استغفر الله العظيم...
نهضت علياء من مكانها وهي تقول بابتسامة مصطنعة:
يلا قومي معايا وساعديني فالطبيخ، النهاردة هعمل ليكي كيك الشوكولاتة اللي بتحبيه...

ابتسمت سالي بضعف ثم قالت بخفوت:
بجد...
ايوه بجد يلا قومي بقى...
نهضت سالي من فوق سريرها وخرجت مع علياء من غرفتها متجهة الى المطبخ لتساعدها في الطبخ...

سالي الشناوي ( في الخامسة والعشرين من عمرها، متوسطة الطول نحيفة، تمتلك شعر بني طويل يصل الى منتصف ظهرها، عيناها زرقاوتان بلون البحر، وجهها مشوه بالكامل بسبب حادث تعرضت له منذ ان كانت طفلة صغيرة، تعيش لوحدها في هذه الفيلا مع علياء مربيتها والخدم، منعزلة عن المحيط الخارجي ولا تفضل الاختلاط بأي احد ).

دلفت الى داخل غرفته بعد ان طرقت الباب لتجده واقفا امام المرأة يعدل ربطة عنقه، تقدمت ناحيته بخطواتها الأنثوية الأنيقة وهي تقول:
صباح الخير...
استدار ناحيتها ما ان اكمل ما يفعله واجابها قائلا:
صباح النور...
سألته بتردد:
هتروحله النهاردة...
اجابها بجدية:
ايوه...
استطردت في حديثها قائلة بتحذير:
خد بالك منه، ده شخص مش سهل وعصبي جدا...
زفر بضيق ثم قال بحنق:
عارف، سمعت عنه حاجات كتير كلها لا تبشر بالخير...

احنا مضطرين نستحمله، عشان خاطر فلوسنا وأملاكنا...
تتوقعي هيتساهل معايا...
سألها باضطراب لتجيبه بأمل:
طالما وافق يقابلك يبقى ممكن يتساهل معاك ويساعدك...
تنهد بصمت بينما أردفت هي بنبرة جادة:
حاول تقنعه يا مازن، دي فرصتنا الوحيدة، لو ضيعناها من ايدنا هنعلن افلاسنا، وانا مش مستعدة بعد العمر ده كله اتفضح وسط اهلي وصحابي...
ربت على كتفيها بكفي يده وهو يقول بثقة مصطنعة:.

متقلقيش، كل حاجة هتبقى كويسة باذن الله، وانا هعمل المستحيل عشان ارجع فلوسنا واملاكنا منه...

مازن الدمنهوري ( في الثلاثين من عمره، طويل وسيم ذو شعر اسود قاتم وعيون سوداء واسعة، والده كان من أغنى أغنياء البلد الا انه خسر جميع امواله في احدى صفقاته التجارية وتوفي بعدها بسبب صدمة خسارته، والدته اسمها نهى وهي مثلها مثل جميع سيدات المجتمع الراقي اللواتي يعشقن المظاهر، لديه اخت واحدة في السابعه عشر من عمرها اسمها ريم، ).

انتفض مازن من مكانه بعصبية ما ان سمع اقتراح الرجل الماثل امامه ليهدر به قائلا انت اتجننت، ازاي تعرض عليا حاجة زي كدة...
اهدى واقعد، بلاش تتسرع فكلامك لأحسن تندم بعدين...
قالها الرجل ببساطة جعلت مازن يشب غضبا اكثر وأكثر، جلس مرة اخرى امامه على مضغ فهو يعلم ان لا حل امامه سوى الاستماع له ففي النهاية هذا الرجل بيده ان يعيد اليهم ثروتهم كاملة او العكس...
تحدث الرجل بجديه وهو يجلس على كرسيه بأريحية:.

ملهاش لزمة العصبية دي كلها يا مازن، انا بقدملك عرض، وانت من حقك تقبله او ترفضه...
رمقه مازن بنظرات مزدرئة ثم قال بتهكم:
انت عارف كويس اووي انوا صعب عليا ارفض العرض ده...
يعني انت موافق...
انا مقررتش لسه...
قالها مازن بحزم جعل الاخر يعود بظهره الى الوراء ثم سأله بعد فترة قصيرة من الصمت:
ممكن اعرف يا مازن انت لي رافض عرضي ده...؟
اجابه مازن بجدية:.

عشان عرض حضرتك غير منطقي، انت بتطلب مني اتجوز حفيدتك وأخلف منها مقابل اني ارجع ثروتي من عندك...
وفيها ايه لما تتجوز حفيدتي...
كز مازن على اسنانه بغيظ من استفزاز الرجل الماثل امامه ثم قال بنبرة حاول ان يجعلها هادئة:
يا حامد باشا ده جواز مش لعب عيال، يعني ايه اتجوز حفيدتك وأخلف منها مقابل ثروتي، انت ازاي ترضى على حفيدتك بحاجة زي كده...

والله انا حر، ارضى او مرضاش براحتي، المهم انت، فكر كويس وردلي جوابك بسرعة...
نهض مازن من مكانه واتجه خارجا من المكتب تحت انظار حامد الماكرة وابتسامته الخبيثة...

عاد مازن الى منزله ليجد والدته في استقباله والتي سألته بسرعة:
ها، عملت ايه...؟
جلس مازن على الكنبة الموضوع في صالة الجلوس وهو يجيبها بسخريه:
ولا حاجة، طلب مني اتجوز حفيدته وأخلف منها...
ايه...! انت بتقول ايه!
قالتها نهى بصدمة شديدة جعلت مازن يكرر ما قاله مرة اخرى:
بقولك طلب مني اتجوز حفيدته وأخلف منها...

جلست نهى على الكرسي المقابل له وهي تحاول استيعاب ما يقوله مازن، تحدثت اخيرا بعد فترة من الصمت متسائلة:
وانت قلتله ايه...؟! وافقت...؟!
لسه مردتش عليه...
اجابها مازن بجدية جعلتها تسأله بغموض:
وانت رأيك ايه فعرضه...؟
تنهد مازن بصوت مسموع ثم قال بحيرة:
مش عارف، محتار جدا ومش عارف أقرر حاجة...
بس مش غريبة انوا يطلب منك طلب زي ده...

هي غريبة بس، دي غريبة جدا، انا لحد دلوقتي مش مصدق انوا بيعرض عليا حاجة زي دي...
صمت مازن لوهلة ثم سألها:
تتوقعي ايه اللي يخلي يعرض عليا حاجة زي كده...؟!
هزت نهى رأسها نفيا وهي تجيبه:
مش عارفة، بس احتمال تكون حفيدته فيها عيب معين ولا حاجة...
عيب!
ايوه عيب، امال ليه عاوز يجوزها بالطريقة دي...
زفر مازن انفاسه وقال بضيق:
يعني حفيدته فيها عيب وعاوز يلبسهولي...
أردف بعدها بجدية:.

انا مش عارف اعمل ايه، انا محتار فعلا...
وافق يا مازن، معندناش حل تاني...
قالتها والدته بجدية جعلت مازن يقول بعدم تصديق:
انت عاوزاني أوافق بالسهولة دي، ده انتي بنفسك قلتي انوا البنّت اكيد فيها عيب، ازاي عاوزاني أوافق بقى...؟
اجابته والدته وهي تحاول إقناعه برأيها:
عشان معندناش حل تاني غير ده، فكر بفلوسنا واملاكنا، هنعمل ايه لو حامد الشناوي خدها مننا وطردنا، هنروح فين وناكل ونصرف منين...

شعر مازن بصدق كلام والدته وان معها الحق في جميع ما قالته، نهض من مكانه واتجه ناحية غرفته ليفكر جيدا في هذا العرض ويحدد جوابه النهائي...

في صباح اليوم التالي
في فيلا حامد الشناوي
كان كلا من حامد وحفيديه رزان وفادي جالسين على مائدة الطعام يتناولون فطورهم بهدوء تام...
تقدمت الخادمة منهم ووضعت الجرائد على المائدة بجانب الجد والذي اخذها بدوره وبدأ يقلب بها...
تجهم وجهه بالكامل وهو يقرأ احد الأخبار الموجودة في الجريدة ثم رمى الجريدة على الطاولة وقال بعصبية جامحة:
ايه حكاية رشا ممدوح دي، هي مش هتبطل تهاجمنا بقى..

تنحنح فادي وقال بتردد فجده يبدو عصبي للغاية:
هي كتبت ايه تاني...؟!
بتقول انوا منتوجاتنا كلها مغشوشة وقريب هتجيب الدلائل على الكلام ده...
مش يمكن كلامها صح...
قالتها رزان بسخرية مبطنة جعلت الجد ينهرها قائلا:
يا تقولي كلمة عدلة يا اما تسكتي افضل...
كلامي دايقك، باين انوا جه عالجرح..
ضرب الجد على الطاولة بعصبيه وهو يحذرها:
الزمي حدودك يا رزان احسنلك...
ثم أردف بعدها:.

انا اصلا اللي مقعدني معاكم، انا الغلطان اني قاعد مع أشكال تسد النفس زيكم...
قال كلماته تلك ثم نهض من على طاولة الطعام متجها الى غرفة مكتبه...
رمق فادي رزان بنظرات مستاءه جعلتها تسأله بنزق:
خير، مالك..؟ بتبصلي كده ليه...؟
اجابها فادي بازدراء:
كان ضروري تقولي كلامك السخيف ده وتزعجيه...
رفعت احد حاجبيها ثم قالت بتهكم:
وانت مزعوج عشانه كده ليه...؟
انا مش مزعوج، انا بس شايف انوا كلامك ده ملوش داعي...

وانا شايفة انوا تدخلك ده بردوا ملوش داعي...
انا الغلطان اني بتكلم معاكي اصلا...
قالها فادي بضجر وهو يعود بتركيزه ناحية طعامه حينما صاح الجد بهم بصوت عالي:
اتصلوا بالزفت وسام خلوه يجي حالا...
رزان الشناوي ( في الثالثة والعشرين من عمرها، متوسطة الطول نحيفة ذات بشرة بيضاء ناصعة و شعر بني مائل للأحمر، عيناها واسعه بنية، شخصيتها قوية للغاية ومتحكمة، تعمل في الشركة الخاصة بعائلتها وتساهم في أدارتها، ).

فادي الشناوي ( في السابعة والعشرين من عمره، طويل وسيم ذو شعر بني فاتح وعيون زرقاء، شاب عابث مستهتر ومهمل لاقصى درجه، ذو علاقات نسائية متعددة، وهو يكون الاخ الأكبر لسالي ورزان، ).

انتفض من نومته على صوت رنين هاتفه الذي يصدح في ارجاء الشقة، اخذه من فوق الطاولة وهو يفرك عينيه بأنامله حينما وجد اسم فادي ابن عمه يضيء الشاشة...
ضغط على زر الاجابه ليأتيه صوت فادي قائلا بمرح:
ايه يا عم الوحش، ساعة عشان ترد...
سأله وسام بضيق:
خير، بتتصل عليا من الصبح كده ليه...
اجابه فادي بجدية:
جدي عاوزك تجيله حالا...
تأفف وسام بضجر ثم سأله:
عاوز مني ايه...؟!
معرفش، هو قال انوا عاوزك حالا...

تمام، هاجي بعد شويه...
اغلق هاتفه وتنهد بضيق، التفت الى جانبه ليجد فتاة شقراء عارية نائمة بجانبه، عقد حاجبيه بتفكير ثم سرعان ما تذكر ليلة البارحة التي قضاها معها في احد البارات والتي انتهت بها الامر في سريره...
نهض من فراشه وارتدى ملابسه على عجل فهو يعرف انه جده يكره التأخير، خرج من شقته تاركا الفتاة نائمة لوحدها في الشقة، ركب سيارته واتجه الى منزل الجد...
بعد حوالي ثلث ساعة.

هبط من سيارته ودلف الى داخل القصر لتفتح له الخادمة الباب فورا، ولج الى داخل الفيلا واتجه الى غرفة مكتب جده، طرق الباب فاتاه صوت جده سامحا له بالدخول، ألقى تحية الصباح على جده ثم جلس على الكرسي المقابل له وبدئا يتحدثان سويا في أمور الشركة...
تحدث الجد بجدية قائلا:
رشا ممدوح دي لازم تتصرف معاها، دي تخطت كل حدودها معانا...
اعملها ايه يعني...
معرفش، اعمل اي حاجة وسكتها، ان شاءالله تقتلها حتى...

اضمحلت عينا وسام بصدمة مما قاله جده وابتسم بداخله بسخرية من هذا الجد عديم القلب الذي مستعد لفعل اي شيء من اجل الا تتضرر مصلحته...
نهض من مكانه واتجه خارج المكتب بعد ان وعد جده بانه سيتصرف مع تلك المدعوة رشا، ما ان خرج من مكتبه حتى وجد رزان تهبط درجات السلم وهي ترتدي جينز طويل فوقه بلوزه سوداء ومعهما حذاء رياضي اسود اللون، حياها بهدوء:
صباح الخير...

رمقته بنظرات مزدرءة ثم تركته وابتعدت عنه متجهة الى خارج الفيلا تحت أنظاره المندهشه من اسلوبها الوقح في التعامل معه...
وسام الشناوي ( في الحادية والثلاثين من عمره، طويل عريض المنكبين ذو شعر اشقر وعيون زرقاء، ذو علاقات نسائية متعددة، شخصيته مرحة وحازمة في نفس الوقت، يدير شركة عائلته الى جانب رزان ابنة عمه، ).

كان جالسا على مكتبه ينظر الى هاتفه بتردد شديد، لا يعرف اذا كان ما سيفعله خطأ ام صحيح، مسك الهاتف وبدأ يبحث عن رقمه، تطلع الى الرقم بتوتر شديد، ابتلع ريقه ثم ضغط على زر الاتصال، لحظات قليلة وجاءه صوته ليخبره له بصوت مضطرب:
حامد بيه، انا موافق على عرضك...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة