قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي كاملة

رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

شهقت شمس بقوة حينما وجدت ذراعي رائد تحيط بها...
تلاشت صدمتها تدريجيا وهي ترى عينيه تحدقان بها وفيهما الكثير من التساؤلات...
ماذا تفعل انت...؟!
قالتها وهي تحرر جسدها من بين ذراعيه ليرد رائد بتساؤل هو الاخر:
انا من يجب ان يسأل...ماذا تفعلين انت هنا...؟!
تراجعت الى الخلف مرددة بتلعثم:
انا جئت ل...

قاطعها بجدية:
جئت لرؤيتي... أليس كذلك...؟!
رفعت ذقنهاعاليا واجابت:
نعم اتيت من لرؤيتك... انا فقط اردت ان اعرف منك بعض الامور التي تخص الصفقةة...
لقد ناقشنا جميع الامور يا شمس... لا اظن ان هناك شيء اخر يجب ان تعرفيه...
شعرت بالخجل يغزوها فهم بالفعل ناقشوا كل شيء في الاجتماع...

سخرت من نفسها وغبائها وعدم قدرتها على اختراع كذبة مناسبة ومما ضاعف من خجلها نبرة رائد الساخرة وهو يقول:
حاولي ان تجدي كذبة افضل مرة اخرى...
همت شمس بالتحرك مبتعدة عنه فقبض على ذراعها قائلا:
الى اين...؟ هل تظنين انوا دخول الحمام مثل خروجه...؟!
التفتت شمس ناحيته وقالت بجدية:
اتركني...

لكنه رفض ان يتركهها وقال:
حينما تحبرييني بسبب مجيئك لي سوف اتركك...
زفرت انفاسها بغيظ وقالت بعناد:
لن اخبرك... هل ستبقيني طوال الوقت هنا...
هل اشتقت لي...؟!
سألها بابتسامة لترد بضيق:
بالطبع لا...ما هذا الذي تقوله..؟!
ثم اردفت بجدية:
اتركني يا رائد...
ولكنني اشتقت لك يا شمس...
قالها بصدق جعلها تبتسم بتهكم وهي ترد:
إلام اشتقت بالضبط...؟! الى غبائي ام حقارتي...؟!

شمس ارجوك...
لا تقل شيئا يا رائد...فقط اتركني...
قالها وهي تحاول فك يدها من حصار يده لييقول بقهر:
ألهذه الدرجة اصبحت لا تطيقين البقاء معي..؟!
تطلعت اليه بنظرات مستاءة وقالت:
نعم... انا لا اطيق البقاء معك...
تطلعت اليه بنظرات متأملة قبل ان يحررها فتبتعد هي بسرعة عنه وتتجه خارج مكتبه تاركة اياه يصارع رغبته في تحطيم اي شيء يراه امامه...

عاد رائد الى منزله والقهر والالم ما زالا يسيطران عليه... تذكر نفورها الواضح منها وضيقها من وجوده فشعر بألم اكبر يعتصر قلبه...
دلف الى غرفته ورمى بجسده على السرير...
اخذ ينظر الى سقف الغرفة بتأمل بينما صورتها ترتسم امامه...
لقد تغيرت كثيرا... اصبحت امرأة بحق...لم تعد تلك المراهقة الساذجة التي تزوجها يوما...

باتت جميلة بشكل لا يصدق...مغرية... انيقة... والاهم من ذلك واثقة من نفسها لأبعد حد...
هل بات الان يريدها ويفكر بها..؟ أم انه بات يحبها فعلا...؟! ألم تكن امامه ملك يديه وهو خسرها بغباءه...؟!
اعتدل في جلسته واخذ يتذكر احدى المواقف التي جمعته بها حينما كانت زوجته...

( كانت قد مرت ايام اخرى على ما حدث اخر مرة بينه وبين شمس... عاد خلالها يبيت مع شمس بعدما طلب والده منه ذلك من باب العدل بين زوجتيه...
كان يومها قد عاد متعبا من عمله ودلف الى غرفة شمس ليجدها ترتدي قميص نوم اسود اللون لكنه يختلف عن الاخر الذي ارتدته في المرة السابقة...
كان اقصر واكثر جرأة...

جلس على السرير وهو يتطلع اليها مأخوذا بها وبمظهرها الجديد... كانت قد صففت شعرها القصير ووضعت المكياج الخفيف على وجهها...تغيرت كليا...
كانت تحاول ان تجذبه لنحوها بأي طريقة... فاخذت تسير امامه وهي تتعمد رفع قميص نومها قليلا...
محاولاتها الفاشلة لاغرائه اضحكته بقوة...

كانت تتجول امامه وهي ترتدي قميص نوم قصير يبرز قدها النحيل بنعومة تليق بها...
كانت تتعمد ان تبرز ساقيها من تحته وكأنها ستغريه اتجاهها بهذه الطريقة...
لاحظت ضحكاته التي يحاول كتمها بصعوبة فاخذت تضرب الارض بقدميها وهي تقول باحباط:
تبا... تبا...فشلت مرة اخرى...
اقترب منها اخيرا بعدما توقف عن ضحكاته...

احاط كتفيها بذراعيه وقال هامسا لها:
ماذا حدث يا صغيرة...؟! لماذا توقفت عن اغرائي...؟! لقد كنت مستمتعا للغاية بما تفعلينه...
رمته بنظرات مشتعلة قبل ان تهمس بصعوبة:
انا افعل ما تقوله ماما سميحة...
زفر انفاسه بغيظ من والدته وتدخلاتها التي لا تنتهي ليقول بنبرة جادة:
اسمعيني يا صغيرة... كفي عن الاستماع لما تقوله والدتي... انتِ ارقى بكثير من ان تقومي بتصرفات كهذه...أليس كذلك...؟!

اومأت برأسها وهي بالكاد تخفي دموعها ليسالها بقلق:
ماذا حدث الان..؟! لماذا تبكين...؟!
اجابته من بين شهقاتها:
لأنني احبك ولا اعرف كيف اثبت لك هذا...
قرصها من وجنتها وقال:
لست بحاجة لاثبات هذا... انا اعرف انك تحبينني كأخ لك مثلما انا احبك كأخت لي...

كظمت غيظها منه ومن كلماته الاخيرة لتنهض من مكانها وهي تقول بإيجاز:
اذا لأنام فقد تأخر الوقت قليلا...
ثم قالت مؤنبة اياه بتلك النبرة التي بات يعرفها عن ظهر قلب:
تصبح على خير يا اخي...
وكأنها تتعمد تذكيره بأنها ليست اخته وانه ليس بأخيها...
تلك الصغيرة تعرف جيدا كيفية تأنيبه...

يكفي انها تتعمد تذكيره دوما بأنها جزء اساسي من حياته لا يستطيع التخلي عنه ولو مهما حدث...)
ابتسم لمرأى تلك الذكرى وتذكره اياها ثم نهض من مكانه وقد عقد العزم على فعل شيء ما...اي شيء ربما يعيدها اليه... طفلته الصغيرة...

خرجت شمس من الحمام وهي تلف منشفة عريضة حول جسدها...جلست امام المراة المرأة واخذت تسرح شعرها المبلل حينما اخذت تبتسم بسذاجة...
تذكرت رائد ومحاولاته للامساك بها... كان يبدو ملهوفا عليها... يريدها بشدة... شيء لم تره منه مسبقا...
اظلمت عيناها حينما عادت الذكريات السيئة اليها... نفضت تلك الافكار الساذجة عن رأسها حينما تذكرت ما فعله معها...

عادت بذاكرتها الى الخلف قليلا:
(كانت قد عادت لتوها من المدرسة متعبة للغاية...ارتقت درجات السلم متجهه الى غرفتها حينما وجدت نهى في وجهها... تطلعت اليها بنظرات متفحصة فلاحظت انتفاخ بطنها الواضح... تجاهلتها كليا وهي تبتعد عنها وتتجه الى غرفتها ولكن يد نهى قبضت على ذراعها مانعة اياها من التحرك... تحدثت نهى قائلة:
انتظري قليلا...اريد الحديث معك...

رمتها شمس بنظرات مستاءة وقالت:
ماذا تريدين...؟!
اجابتها نهى:
لماذا لم تخبري رائد بشأن رغبتك في الانتقال الى منزلك... ؟! ألم نتفق على ان تخبريه بهذا...؟!
لانني غيرت رأيي ولم اعد اريد الانتقال..
هل تلعبين معي يا فتاة...؟! لقد اتفقنا على ان تخبريه بهذا...

قالتها وهي تحرك يدها امام وجه شمس لتبعد شمس يدها وهي تقول بنفور:
انا لا العب يا هذه...لكنني بالفعل غيرت رأيي... واظن انه لا دخل لك بهذا الموضوع...
تضايقت نهى من حديثها معها بهذه الطريقة وابعاد يدها عنها هكذا فقبضت عادلى ذراعها قائلة بنبرة كريهة:
انا اعرف جيدا ما تحاولين فعله ايتها الصغيرة ولن اسمح لك بتجاوز حدودك مطلقين معي...هل فهمت...؟!

تطلعت اليها شمس بتحدي وردت ببرود:
قولي ما شئتي...انا لن أهتم بكلام مجنونة مثلك...
من هذه المجنونة ايتها المتخلفة...؟!
كادت ان تصفعها لولا قيام شمس بمنعها من هذا حيث امسكت بيدها وقالت بجدة:
اياك ان تفكريفي فعلها مرة اخرى...

هنا جن جنون نهى فمسكتها من ياقة قميصها وقالت بعصبية:
سوف اقتلك ايتها الحقيرة... ولعلمك رائد سوف يطلقك قريبا جدا...
حاولت شمس تحرير نفسها من قبضتها فلم تشعر بنفسها الا وهي تدفعها باقصى قوتها بعيدا عنها ليختل توازن نهى وتسقط من الدرج خلفها...)
تسللت دمعة خفيفة من عينيها وهي تتذكر تفاصيل ذلك الحادث وما حدث بعدها...

في مساء اليوم التالي...
دلفت شمس الى قاعة الحفل الذي دعاها عليه رياض وهي تتأبط ذراع اياد...
كانت ترتدي فستان سواريه... اسود طويل يصل الى كاحلها... مطعم بحبات من اللؤلؤ الفضي...
كانت تسير بثقة بين المدعوين وهي توزع ابتسامتها المتكلفة عليهم...
اختفت ابتسامتها لا اراديا وتجمدت في مكانها وهي ترى رائد يقف بجانب احدى السيدات التي توليها ظهرها ويبدو انه مندمج في حديثه معها لدرجة انه لم ينتبه الى مجيئها...

شعر اياد بضيقها وتجمدها فلكزها من ذراعها لتنتبه اليه اخيرا...
وجدت رياض يتقدم منهما ويحييهما بحرارة...
ثم ما لبث ان قبض على كف يدها متقدما بها نحو احدى الطاولات معرفا اياها على مجموعة من رجال الاعمال...
مر الوقت سريعا ورائد لا زال مندمجا في حديثه مع تلك الامرأة...

زفرت شمس انفاسها بضيق ونهضت من مكانها تبحث بعينيها عن اياد فوجدته مندمجا هو الاخر في الحديثمع احدى الفتيات...
شعرت برغبة في تنفس القليل من الهواء فخرجت الى الشرفو الخارجية لقاعة الحفل لتستنشق القليل من الهواء علها تنجح في استعادة توازنها والسيطرة على مشاعرها التي تبعثرت في حضرة وجوده...

شعرت فجأة بوجود شخص ما خلفها... شخص تعرفه جيدا...تشعر بها دون ان يتحدث...
التفتت بسرعة لتجده امامها يطالعها بابتسامة هادئة رف قلبها لها...
ماذا تفعلين هنا...؟!
سألها وهو ما زال محتفظا بابتسامة لتعقد حاجبيها وهي ترد عليه بنزق:
وما علاقتك انت...؟!
زفر انفاسه ببطء ثم اقترب منها ووقف بجانبها يتطلع الى ضوء القمر الصافي...
شمس..
نعم...

سوف اضربك على مؤخرتك كما فعلت مسبقا اذا رأيتك ترتدين فستان كهذا مرة اخرى...
جحظت عينيها بصدمة مما قاله ثم احمرت وجنتيها خجلا مما تسمعه لترد بخفوت:
لن تستطيع ان تفعلها...
لماذا..؟!
سألها بتعجب لترد بحدة:
لأنني كبرت على عقوباتك المتكررة...

وما الدليل على هذا...؟!
فغرت فاهها بدهشة مما تسمعه...هل يريدها ان تثبت له بأنها كبرت...؟! ولكن كيف...؟!
تطلعت اليه ببلاهة وقالت:
كيف... ؟! ماذا تعني...؟!
اجابها بخبث:
اثبتي لي بأنك كبرتِ...
عادت وسألته بعدم فهم:
لكن كيف...؟!

اقترب منها وهمس لها ببضعة كلمات احمرت وجنتيها على اثرها بشدة ثم ما لبث ان ضربته على كتفه وهي تصرخ به:
ايها السافل عديم الاخلاق...
وضع كف يده على فمها بسرعة قائلا:
هش اخرسي...سوف تفضحيننا...

ابعد كف يده عن فمها فأخذت تعدل من هنامها بينما اخذ هو يطالعها بسعادة لشعوره بأن الامور باتت تتحسن بينهما...
في هذهالاثناء دلفت امرأة الى الشرفة واقتربت من رائد تسأله بضيق واضح:
رائد اين اختفيت..؟!
من انت..؟!

سألتها شمس بسرعة وهي تقترب من رائد بعدما وجدتها نفس المرأة التي كانت تقف معه طوال الوقت...
اجابها رائد بسرعة:
هذه ميسون زميلتي في العمل...
ثم عرف ميسون عليها:
هذه شمس... ابنة عمي و...
وطليقته...

قالتها شمس وهي تبتسم ببرود لينقل رائد بصره بينها وبين ميسون المغتاظة...
هم بالحديث الا ان شمس قبضت على ذراعه وقال بتعب مفتعل:
رائد اشعر بالقليل من التعب...
ما بك...؟!
سألها بلهفة لتجيبه بتردد:
لا اعلم...هناك دوار شديد يسيطر علي.. يجب ان اعود الى المنزل...

ثن اردفت وهي تمسك يده:
هل ممكن ان توصلني الى المنزل...؟!
بالطبع...
قالها رائد بسرعة وهو يسير بها خارج الشرفة تحت انظار ميسون المصدومة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة