قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثامن عشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثامن عشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثامن عشر

- ادم...
قالها جابر بصدمة وهو ينظر إلى ادم الذي يخنقه بقوة بينما عينيه تجحظ للخارج، وضعت مروة كفها على فمها وهي تري ما يحدث بصدمة شعرت أنها غير قادرة على الحركة أو الفهم حتي، لماذا يفعل ادم هذا!؟ وما هذا الغضب الذي يسيطر على ملامح وجهه. ولماذا يمسك جده بتلك الطريقة...
اقتربت من ادم برعب وقالت: - ادم، ادم بتعمل ايه؟!

ولكن ادم لم يرد عليها بينما يخنق جده بتلك القوة، كان الغضب يسيطر عليه بقوة، شكل والدته ما زال يطارده، لا يصدق انه هو من تسبب بهذا لوالدته، هو لن يسامحه على هذا ابدا، ابدا.!
- يا ادم سيبه حرام عليك!
صرخت مروة وهي تحاول ان تبعد ادم، تمسك ذراع لكي تبعد ولكن ادم كان في عالم آخر، كان يستمتع وهو يري وجه جده يتحول إلى اللون الاحمر، كان ينازع بقوة من أجل حياته...

ابتسم ادم وقال: - شعورك ايه يا جابر عزام وانت في موضع الضعيف مش القوي ابدا، أهو العيل الصغير اللي انت اهانت والدته وهو صغير كبر وممكن بضغطة واحدة يقتلك وينهيك فعليا...
ضربت مروة على وجهها وهي تصرخ وتقول: - يا ادم ابوس ايديك اهدي متنساش انه جدك...

ولكن ادم لم ينظر إليها حتى وقال بغضب: - هو مش جدي وعمره ما هيكون، أنا اتكسف ما اكون على صلة بيه، جدي اللي بتقولي عليه يا مروة هانم جه بيتنا واهان والدتي وخلاها تنهار لحد ما جاتلها جلطة...
تراجعت مروة للخلف ونظرت إلى جابر بصدمة وقالت: - انت بجد عملت كده يا عمي، روحت واهانت حسناء في بيتها. انت وصلتها للموت بإيديك!

- ايوة هو، زي ما قتل ابويا زمان جاي عايز يحرمني من امي كمان، انت ايه شي- طان، مش ناوي تسيبنا في حالنا يا بني ادم أنت، عايز مننا ايه تاني، انطق عايز ايه، عايز تحرمني من امي...

دفعه ادم عنه وابتعد وهو يقول: - تعرف اني اقدر اقتلك دلوقتي، اقدر فعلا انهيك بسبب اللي حصل لأمي يا جابر، اقدر اخفيك واعمل فيك اللي متتخيلهوش وضميري مش هيوجعني حتي، لأنك تستحق كده. تستحق تموت بالطريقة دي! بس لا. أنا مش هعمل كده. مش هوسخ ايدي بدمك، مش هعيش لحظة واحدة بس في السجن بسببك. كفاية أنك تعيش وانا كارهك وهفضل كارهك حتى جنازتك لو مت مش هحضرها، انت بعمايلك بتخسر يا جابر، الأول خسرت ابنك بعدين احفادك منه. ودلوقتي بتخسر مهرا، مهرا اللي لما عرفت باللي عملته كرهتك، صلح من نفسك والا والله هتخسر كتير.

اخذ جابر يسعل وهو يشعر بالاختناق، نظر إلى ادم وقال: - بتخنقني يا ادم! عايز تموتني؟!
ابتسم ادم وقال بغل: - ده قليل عليك، احمد ربنا ان سيطرت على نفسي لأنك المرة دي جيت على واحدة بعتبرها كل حياتي، الا امي يا جابر، لو قربت من امي تاني اقسم بالله ما هرحمك، فعلا وقتها هقتلك، انت فاهم ولا لا.

كان قلب جابر يؤلمه وهو يري حفيده يكرهه لتلك الدرجة، لقد استطاعت ابنة الخادمة جعله يكره جده، تلك الحقيرة. ولكن ربما يوما ما ادم يدرك حقيقتها القذرة...
اقترب ادم من جابر وقال وعينيه تبرق بغضب: - جابر عزام، انت مش مرحب بيك في بيتي ولو حبت مهرا تشوفك هجيبها لحد عندك، لكن اياك اشوفك قريب من بيتي او عيلتي، وعايزاك تدعي كتير ان امي تعدي الازمة دي على خير، لام اقسم بالله لو حصلها حاجة هقتلك.!

ثم تركه وغادر المنزل.

- كده البيت بقا بإسمك.

قالتها حياة بسعادة وهي تمضي على العقود كالمغيبة، كانت غيمة الحب تعميها عن الحقيقة القاسية، ابتسم احمد بسعادة وهو يراها تتنازل عن البيت له، ببضعة كلمات جعلها تكون كالخاتم بإصبعه، صحيح اشفق عليها في البداية ولكن عندما فكر قليلا علم انها تستحق ان تخدع، لانها غبية، كيف ظنت ان شاب مثله سيرتبط بفتاة مثلها، فتاة غير شريفة، جسدها ملوث ورخيصة أيضا، لا بالطبع لا هو لن يرتكب هذا الخطأ ويرتبط بفتاة مثلها، هو سوف يجردها من كل ما تملك سوف يلقيها ويتزوج من تليق به، يتزوج فتاة بكر، صاحبة اخلاق وليست فتاة سيئة السمعة مثلها، حاول احمد قتل شعوره بالذنب من ناحيتها، هي لا تستحق الشعور بالشفقة، على كل حال هي فتاة رخيصة كان الجميع يستغلها، فلما لا يستغلها هو ايضا؟!

بعد قليل كان قد ذهب المحامي لتسجيل العقود في الشهر العقاري...
- يالا نخرج يا احمد عشان نحتفل بالمناسبة دي.
قالتها حياة وعينيها تبرق من السعادة، ابتسم لها احمد وهو يشدها اليه ويقول: - خلينا نقعد هنا شوية نخطط لحياتنا في بيتنا سوا، ايه مش هتفرجيني على البيت...
ابتسمت وقفزت بسعادة وهي تجره خلفها وتقول: - اكيد يا حبيبي...

ثم سحبته إلى المطبخ أول شئ وقالت: - ده مكاني المفضل يا احمد، صحيح اني متدلعة اوفر بس بعرف اطبخ وطبخي يجنن، يعني تقدر تتطمن ان مراتك حبيبتك هتخليك تدوق اللي مدقتهوش قبل كده.
سحبته مجددا وقالت: - وكمان فيه بلكونة في المطبخ. هنا الفيو هايل يا حبيبي، هنا ممكن نفطر او نشرب قهوة واحنا بنشوف غروب الشمس، هنا هنتكلم مع بعض كتير، هنا هنتناقش في مستقبلنا، هنا هنخطط لحياتنا يا احمد.

ابتسم احمد لها وقال: - هنا أكيد هنقضي اجمل ايام حياتنا يا حبيبتي
ابتسمت حياة وهي تهز رأسها بحماس، تتمني ان تتزوجه بسرعة لتحقيق احلامهما سويا. تريد أن تعيش السعادة التي عاشتها والدتها مع والدها، تريد أن تكون مع حب حياتها للأبد، جذبها احمد إليه وقال: - يالا نشوف باقي البيت...

هزت رأسها وسحبته خلفها إلى غرفة صغيرة وقالت: - دي فكرت انها بعد شوية توضيبات تكون اوضة الاطفال يا احمد، اطفالنا انا وانت، أنا نفسي اجيب بنت وولد. ويكونوا شبهك انت...
ضحك احمد وقال: - يا ساتر يارب عايزاهم يطلعوا وحشين زيي...
جعدت انفها بضيق وقالت: - مين ده اللي وحش يا واد انت. أنا مشوفتش احلي منك في حياتي كلها، ده انت احلي مني...
- بيقولوا القرد في عين انه غزال...

قالها ضاحكا بمرح ثم اكمل: - يظهر اني القرد ده...
ضربته على كتفه وقالت: - انت مش قرد ايام تقول على نفسك كده، ده أنا مشوفتش احلي منك يا احمد، انت حبيبي واحلي راجل في عينيا، أنا مش مصدقة ان خلاص كلها ايام وهكون ليك...

جذبها إليها وهو يقبلها على جبينها وقال: - ولا أنا مصدق يا حبيبتي، يا كل ما ليا. مش مصدق اني حبيت بالطريقة دي، أنا عمري ما حبيت حد كده في حياتي، انت غيرتي حياتي يا حياة، انت فعلا كنتي حياة جديدة ليا...
ضمته إليها وقلبها يذوب من كلامه الرائع وقالت: - اتمني أنك تحبني كده دايما حتى بعد ما نتجوز، صدقني يا احمد هخليك اسعد انسان في العالم ده وعد مني...
- مصدقك يا حبيبتي...

لمعت عينيه بخبث وقال: - وانا كمان هخليكي سعيدة اووي لدرجة أنك هتموتي من الفرحة، وده وعد مني يا روحي!

في المساء...
كان ادم جالس في غرفته وعلى فراشه، يغرق وجهه في كفيه، يشعر ان رأسه سوف ينفجر من الضغط، لولا مروة لكان قتل جابر عزام بكل تأكيد، ذلك الحقير الذي تسبب في مرض والدته، متي سيتخلص من هذا الرجل، متي، ما زالت النيران تشتغل داخل صدره ولا تهدأ هذا الرجل دمر حياتهم. كلما دخل حياته كلما احدث بها ضرر!

ولجت مهرا إلى الغرفة وقلبها يرتعش داخل صدرها، لا تعرف ماذا تقول، تشعر بتأنيب الضمير وتشعر انها هي السبب في هذا، فهي من واجهت حدها في هذا اليوم، وهي من جعلته يغضب بتلك القوة، لابد ان ادم غاضب منها، لن تلومه لو طلقها وارجعها إلى جدها، تشفق مهرا كثيرا على حسناء، تري كيف اهانها جدا، لابد ان كلامه كان قاسي جدا عليها وهذا سبب لها صدمة كبيرة، اقتربت مهرا من ادم وبتردد مدت كفها ووضعتها على كتفه، نظر ادم إلى مهرا الواقفة وعينيها لامعة من الدموع، عضت مهرا شفتيها وهي تمنع نفسها من البكاء و تقول: - انا اسفة يا ادم، اسفة اوووي.

نظر إليها ادم بحيرة ثم نهض وقال: - اسفة على ايه يا مهرا، انت عملتي ايه؟!
دموعها انسابت فمسحتها بسرعة فقالت: - انا يعتبر ليا يد في اللي حصل لطنط حسناء يا ادم، أنا اللي روحت واجهت جدي، قولتله كلام صعب اوووي. قولتله اني مش هرجع عنده تاني، عشان كده هو اتجنن وجه واجه طنط، أنا السبب أنا اللي...

وضع اصبعه على شفتيها وقال: - بطلي هبل أنا عمري ما الومك على حاجة زي كده، انت ملكيش ذنب، هو المذنب الوحيد يا مهرا. وفي نظري مفيش مذنب غيره...
- يعني انت مش هتطلقني.
قالتها مهرا.
ضحك ادم بصدمة وقال: - اطلقك ليه يعني؟!
- عشان جدي...

ابتسم ادم لها وأمسك كفها وقال: - لا يا مهرا. أنت ملكيش ذنب في اللي عمله جابر عزام، ومش هحملك ذنب اللي عمله، ده بالعكس أنت وقفتي في صفي لما عرفتي الحقيقة اقوم أنا اكافئك بالشكل ده، متقلقيش يا ستي مش هطلقك الا لما تطلبي أنت...
ابتسمت له بسعادة وده أن تدرك ماذا تفعل ارتمت بين ذراعيه تعانقه وقالت: - شكرا اووي اووي يا آدم متعرفش كلامك ده فرحني قد ايه، أنا مبسوطة انك سمحتلي اعيش معاكم هنا...

ابتسم ادم وهو يربت على شعرها، أغمضت مهرا عينيها وهي تنعم بالسلام بين ذراعيه، تشعر أن قلبها يخفق بقوة، كانت لا تريده أن يبتعد عنها، تريد أن تدوم تلك اللحظة للنهاية، تلك اللحظة التي يضمها فيها بتلك القوة ولا يسمح لها أن تبتعد عنه، أرادت مهرا أن تصرخ بقوة أنها تحبه، أرادت أن تعترف بمشاعرها الجديدة التي ادركتها ولكنها خافت، خافت أن يرفضها، فهي لا تعرف مشاعره بعد، صحيح هو يعاملها بلطف بالغ، ولكن لا يمكن أن تتوهم أن هذا حب، سوف تكون كارثة لو كان يراها مثل شقيقته، قد تموت من الصدمة، فكرت والإبتسامة تزين شفتيها...

من ناحية أخري...
كان آدم مبتسم وهو يضمها بقوة إليه، قلبه يدق بطريقة غريبة، مريبة، طريقة تخيفه شخصيا، تلك الفتاة التي اقتحمت حياته، تلك الفتاة القادرة على جعله يفقد عقله، هي نفسها الفتاة التي تجعله يشعر بمشاعر قوية مجنونة، هي من تجعل قلبه ينبض بتلك القوة بعد ركود طويل، وكأنها جعلت قلبه يعود للحياة مجددا...

كانت مرام تسير ناحية غرفة ادم ومهرا ووجدت الباب مفتوح بينما ادم يعانق مهرا بشغف، تكونت ابتسامة على شفتيها وذهبت وأغلقت الباب برفق ليحصلا على الخصوصية!

في اليوم التالي...

كانت في المطبخ تحضر له طعام الافطار، منذ مواجهتهم الأخيرة وهو يعاملها جيدا، يتقرب منها ويتغزل بها، وكأنه أخيرا استسلم لكونها زوجته، اغمضت عينيها وقلبها يمتلئ بالأمل ربما يوما ينسي مرام ويحبها هي، تقسم ان في ذلك اليوم سوف ترقص من السعادة، كل ما تريده حقا ان يحبها، تريد حياة زوجية سعيدة مع اطفال تفني حياتها من اجلهم، لا تطلب اكثر من هذا، تري هل سيكون مصيرها مختلف عن مصير والدتها، هل ستنال السعادة، ام ان تلك السعادة مؤقتة وسوف يخذلها سامر مجددا ويحطم قلبها مجددا، ربما برودها معه هو ما جعله يتوقف عن اذيتها، للأسف سامر لا ينفع معه الاهتمام المبالغ به، بعض البرود سوف يعيده إلى رشده...

فكرت وهي تبتسم بخفوت وهي تتذكر كيف عاشت في النعيم في اليومين السابقين!

ولج سامر إلى المطبخ وهو يتأملها وهي تعد لهم الافطار، كان شعرها القصير ما زال رطبا، ترتدي منامتها الزهرية وهي غارقة في العمل، لقد تقربا كثيرا تلك الايام، اصبح يعاملها كأنه يحبها ولكنه يعرف انها لا زالت خارج قلبه، لم تمسه حتي، للأسف هو ما زال يفكر بمرام، ويقارن دوما بين كارما ومرام، ومرام هي الفائزة دوما، لقد عاهد نفسه الا يظلم. كارما مجددا ولكنه لا يستطيع التوقف عن التفكير بمرام، كأنها لعنته للأبد، واللعنة كانت انها تكون في عقله حتى آخر العمر، قلبه لا ينبض مع كارما بنفس الطريقة التي ينبض بها عندما كان مع مرام، ما زالت كارما بديل باهت لمرام، ولكنه لن يخبرها بهذا، لن يجرحها مجددا، بل سيتقبل نصيبه بهدوء ويحاول اسعاد كارما، هي تستحق هذا، هي تفعل المستحيل لتسعده وهو يجب أن يفعل هذا، اقترب هو من كارما بهدوء ثم ضمها من الخلف وقال: - تعرفي انك جميلة اووي النهاردة...

ضحكت هي وعينيها تبرق بسعادة وتقول: - انا جميلة طول ما انت بتحبني...
استدارت نحوه وبرقت عينيها بأمل وقالت بلهفة: - بتحبني يا سامر، بتحبني...
كان ينظر إليها بشفقة، كانت تتوسل الحب منه فلم يستطيع إلا أن يقول: - طبعا بحبك يا كارما، بحبك اووي.

وقفت ليلي في المطبخ وبهتت وهي تري مهرا تصنع القهوة في المطبخ بينما تتكلم بصوت عالي وتردد خطواتها: - هنجيب الأول الابريق الصغير. وبعدين هنحط فيه الميا الأول.
حكت شعرها بحيرة وهي تقول: - يا تري نحط الميا ولا السكر والبن الأول، هو ادم قال اعملها ازاي، اتصل بيه دلوقتي واسأله، بس هتكون سخافة مني. شكلي هجيب تليفوني وافتح اليوتيوب واشوف الوصفة.

قالتها أخيرا وهي تحسم. امرها، ثم نظرت لتجد ليلي تنظر إليها بدهشة. ابتسمت مهرا بحرج وقالت: - اصلي متعودتش أعمل قهوة بصراحة. ولما ادم عملها ليا وشربتها حبيتها وحبيت اجربها تاني، بس أنا بهدلت الدنيا سوري...
ابتسمت ليلي وهي تنظر إليها وشعرت بألم طفيف في قلبها، كانت تشعر بالذنب لانها عاملتها بطريقة سيئة واتهمتها انها من تسببت لوالدتها بالمرض.

كيف نست ان مهرا هي من واستها عندها مرضت والدتها، كانت تخبرها بلطف انها ستكون بخير. هي من ضمتها وهدأت من روعها عندما كانت منهارة وليلي بسبب انفعالها افرغت احباطها بها، هذا جعل ليلي تشعر ان ضميرها يجلدها بقوة، صحيح ان مهرا طائشة ولكن بعد مرض والدتها اصبحت تتصرف بمسئوولية، تقف مع الجميع بلطف ولا تشتكي كالسابق...

نظرت مهرا إلى ابتسامة ليلي وهي تشعر بالحرج اكثر وقالت: - اكيد دلوقتي بتتريقي اني معرفش أعمل أي حاجة وفاشلة، بس أنا هتعلم وابقي شاطرة زيك انت ومرام وطنط حسناء وادم كمان، بس أكيد عايزة شوية وقت مش كده ومش هتعبكم خالص ولا اقول علموني، أنا هتعلم من اليوتيوب فيه قنوات طبخ هايلة بتعمل كل الاصناف.
ضحكت ليلي وقالت: - يا ستي وعلى ايه اليوتيوب أنا هعلمك تعملي قهوة ازاي، بصي واتعلمي...

ثم اقتربت منها وهي تبدأ امامها بإعداد القهوة بينما مهرا تتعلم بشغف...

اخيرا انتهت ليلي من صنع القهوة وقالت: - تعالي نشربها في الصالة...
هزت مهرا رأسها وهي تأخذ كوب القهوة الخاصة به وتتجه للصالة...

جلسا على المنضدة سويا وهم يتكلمان سويا بمواضيع متفرقة، كانت ليلي تنظر إلى مهرا وتبتسم لها بلطف وهي تراها تتكلم بعفوية شديدة. عرفت ليلي أن مهرا ليست كما تبدو مدللة ووقحة، بل هي لديها قلب صافي وروح شفافة للغاية، الفتاة حقا طيبة ولكن يبدو أن أسلوب تربيتها كان خاطئ تماما...
- انا اسفة!

قالتها ليلي فجأة بخجل وهي تنظر بخجل، هي تخجل بسبب سخافتها مع مهرا، تخجل بسبب الاتهامات الباطلة التي رمتها في وجهها، ولكن ذلك اليوم كانت غاضبة حقا بسبب الذي حدث لوالدتها فألقت على الفتاة المسكينة اللوم دون أن يكون لها أي ذنب في الموضوع، ليلي لن تسامح نفسها ابدا الا اذا مهرا سامحتها، مهرا حقا تستحق اعتذار عما بدر من ليلي. هكذا فكرت ليلي وهي تنظر إلى مهرا...

نظرت مهرا إلى ليلي بدهشة شديدة وقالت: - مش فاهمة بتعتذري ليه؟!
ابتلعت ليلي ريقها وقالت: - بسببي سخافتي معاكي، أنا اتهمتك انك السبب في حالة ماما و.
أمسكت مهرا كفيها وقالت: - مفيش اي مشكلة يا ليلي. أنا مقدرة انك كنتي قلقانة على طنط وكلامك شوية مضبوط، من اول ما دخلت حياتكم وهي اتشقلبت خالص، أنا حاسة اني زي ما بتقولوا كده اني نحس...

ضحكت ليلي بقوة وقالت: - لا والله ده انت عسل يا مهرا، وادم باين عليه بيحبك اووي...
- بجد ادم بيحبني. بجد...
ضحكت ليلي وقالت: - ايوة يا بت اومال ليه هو اتجوزك يا هبلة...
- اه صح...
قالتها مهرا بخيبة أمل لتقول ليلي: - قومي هاتي. حضن شكلنا هنبقي أصحاب اووي.
نهضت مهرا ثم عانقت ليلي بحب...
فتح الباب فجأة ليدخل ادم...

وقف ادم فجأة وهو ينظر للمنظر الماثل أمامه، كان مصدوم حقا وهو يري ليلي تعانق مهرا؟! ماذا حدث؟!
- ايه اللي أنا بشوفه ده؟!
قالها ادم بصدمة لتبتعد مهرا عن ليلي...
ربعت ليلي ذراعيها وقالت: - ايه هو اللي بتشوفه يعني يا استاذ ادم، اتنين بيحضنوا بعض...
ضحك ادم وقال: - انا مش مصدق مبادرتك دي يا ليلي حاسس انك تعبانة ولا حاجة، ايه اجيبلك الدكتور...

احمر وجه ليلي من الغضب وقالت: - ابيه بطل تتريق عليا لو سمحت...
ضحك هو وقال: - اصلا ايه اللي جاب القلعة جمب البحر بجد، بس عادي أنا مش مستغرب ده زمن العجايب...
ابتسمت مهرا لتقترب ليلي منه وتقول: - انت ليه محسسني اني شريرة يا أبيه.
- استغفر الله، شريرة وأنت، أنت يا لولا مفيش اطيب منك، لدرجة اني بخاف على مراتي منك، لاحسن اصحي في يوم والاقيكي اكلتيها...

ضحكت مهرا لتصرخ ليلي وتقول: - بقا كده يا أبيه. بتتريق عليا عشان مراتك. ماشي، متكلمنيش تاني...
ثم كادت أن تذهب إلى غرفتها بغضب الا انه جذبها إليه وهو يقول: - رايحة فين بس، أنا بهزر معاكي يا بسبوستي...
ثم قبلها على وجنتها وقال: - يالا دلوقتي روحي ذاكري عشان بالليل نتفرج سوا على اي فيلم أنت عايزاه، ماشي...
كادت أن ترد عليه إلا أن جرس الباب رن...
- دي اكيد مرام جات من الشغل، دايما بتنسي مفتاحها...

ثم ادم لفتح الباب ليحمر وجهه من الغضب وهو يري جابر عزام أمامه...
- عايز ايه.
ولج جابر عزام دون إذن وقال: - عايز حفيدتي يا آدم، طلقها فورا...
غاص قلب مهرا بخوف ليقترب ادم منها ويقول: - مستحيل تخرج من هنا.
- انا عايز حفيدتي، عايزها يا آدم خلاص طلقها وسيبها...
قالها جابر بهياج وهو يحاول جذب مهرا الا أن مهرا ابتعدت وهزت رأسها بالنفي...

نظر ادم إلى مهرا لبضعة لحظات ثم نظر إلى جده وقال: - انا مش هجبر مهرا لا تقعد هنا ولا تروح معاك يا جابر عزام، اللي عايزاه مهرا أنا هنفذهولها، لو عايزة تمشي من هنا أنا مستعد أطلقها، لكن لو اختارت تقعد، اعرف انها مراتي، تخصني واللي يخصني مستحيل يبعد عني...
ارتعش قلب مهرا وهي تنظر إليه، للمرة الأولي تشعر أنها تنتمي لرجل، هي تنتمي لآدم!
- مهرا تعالي.

صرخ بها جدها لتقول هي: - لا يا جدي. أنا هبقي مع ادم هنا...
ثم أمسكت كف ادم وهي تنظر إليه. كانت عينيها العسليتين تفضح حبها له...
احمر وجه جابر من الغضب ثم اقترب منها وهو يشدها ولكن ادم بسهولة جذبها إليه ثم جعلها تقف خلفه وهو يقف بينها وبين جابر ويقول وعينيه الزرقاء تبرق بغضب مخيف: - قولتلك يا جابر عزام ان مهرا لو قررت تبقي هنا يبقي هي تخصني، واللي يخصني مستحيل يبعد عني!

امسكت مهرا ذراع ادم، كانت تنظر إليه وهي تشعر بالدموع تتصاعد بعينيها. هل هذا يعني انه يحبها كما هي تحبه، لم تكن تريد أن تأمل ولكن حماية ادم لها ذلك الشكل تشعرها ان في قلبه مشاعر لها، تمنت هذا من كل قلبها، تمنت ان يحبها رجلا كآدم. رجل صادقة شجاع ومتفاني في حبه، متي تغيرت مهرا؟! هي حقا لا تعرف، ولكن جل ما تعرفه انها تنتمي لهذا المكان، رغم انها لم تعتاد بعد على حياتها هنا الا انها تعرف من داخلها انها تنتمي لادم. وستكون في المكان الذي يكون به...

اكمل ادم حديثه وقال: - اظن حفيدتك اختارت، لو سمحت متجيش هنا تاني!

في المساء...
امتدت يديه إلى حجابها لينتزعه برفق، ثم بكفه شد الدبوس الذي يربط راسها في شكل كعكة لينفرد شعرها كالشلال، كان شعرها طويل، حالك للغاية ويحبس الانفاس، كتم أنس انفاسه وهو ينظر إلى مرام وقال: - سبحان الله، سبحان الله مشوفتش اجمل منك في الدنيا دي، ليه حق قلبي يحبك...
احمرت بقوة وهي تفرك كفيها بتوتر ليشدها هو إليه حتى التصقت به واكمل: - انت ملاكي...

ارتعشت شفتيها وهي تبتسم، شعرت أنها قلبها يخفق بقوة داخل صدرها، يخفق بطريقة لم يخفق بها من قبل، عيني انس كانت تحاصرها بقوة، وابتسامة شفتيه كانت تجعلها تذوب من الخجل...
اقترب انس بشفتيه وهو يقبل وجنتها الحمراء بشغف لتذوب هي أكثر، ابتعد عنها وقال: - انا بحبك، بحبك يا مرام، بحبك اكتر من حياتي، وانت يا مرام؟!
تلعثمت في الكلام وهي تقول: - ا، أنا. أنا ايه؟!
ابتسم وهو يسأل بشغف: - بتحبيني زي ما بحبك؟!

ابتسمت بخجل وهي تفرك كفيها، كانت عاجزة حقا عن الكلام، انها المرة الأولي التي تعجز عن الكلام بتلك الطريقة وكانت تعرف ان هذا تأثير اني عليها، فقلبها ينبض له كما لم ينبض من قبل.
- ها يا مرام قوليها، قولي أنك بتحبيني!

قالها اني وهو يترجاها، كان ينظر إليها بشغف، يتوسلها بعينيه ان يعترف كي يرتاح، اما مرام كانت تذوب اكثر، وقلبها يزداد خفقانه، كانت صامتة كليا، تخجل ان تعترف بما في قلبها...
نظر إليها أنس بحزن مصطنع وقال: - مرام انت بتحبيني؟!، قلبك بيدق ليا؟!
ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها بخجل، سحب كفها ووضعها على قلبه النابض بقوة وقال: - يبقي قوليها، قولي بحبك يا أنس، قوليها...

رفعت عينيها السوداء له لتتألق بقوة وهي تقول: - بحبك يا أنس. أنا.
لم يدعها تكمل كلامها بل سحبها وهو يقبلها بلطف لتبادله هي قبلاته بحب شديد.

استيقظت مهرا وهي تلهث بقوة، تشعر انها كانت تركض عشرات الكيلومترات، ما هذا الحلم، لا لا. لم يكن حلما، بل كان كابوسا مخيف، كيف تحلم بهذا كيف! كانت تسأل نفسها برعب، وكيف تفكر بهذا، نهضت من الفراش وهي تشعر بالاختناق، وجهها محمر من الصدمة، لا تصدق انها حلمت به، لماذا حلمت به هو بالذات، لماذا، هل اعترافه هو السبب؟! ولكن لم يكن الوحيد الذي اعترف له بحبه، اذن لماذا هو الوحيد الذي يطاردها، هي حتى اصبحت مؤخرا تفكر به كثيرا، لا تستطيع اخراجه من عقلها وهذا خطير عليها، هي تنحرف عن طريقها التي رسمته. هي لم تضع تلك المشاعر في حسبانها...

- مشاعر...
قالتها بنبرة مرتعشة وهي تتوقف عن السير، أي مشاعر التي تتكلم عنها، بالطبع ليس هناك أي مشاعر في قلبها نحو انس ولا يمكن أن تحمل أي مشاعر نحوه، ما تفكر به هو الجنون بعينه، رباه ماذا تفعل بتلك الكارثة، خرجت هي من الغرفة عندما شعرت ان ليلي قد تستيقظ...

خرجت مرام لصالة المنزل وجلست على منضدة الطعام بينما انس يرفض مغادرة تفكيرها، لم تظن نفسها هشة لتلك الدرجة، لقد ظنت انها محصنة ضد أي انبهار، لقد اخبرت مريم بثقة انها لن تقع في حب انس ولكن لا تعرف كيف تكونت مشاعر له، لمعت عينيها بدموع الخوف واصبح قلبها يدق بقوة، لقد كانت مرتاحة، مرتاحة كثيرا وهي تحافظ على قلبها داخل لوح ثلج، كانت تحمي نفسها من ان تنجرح ولو تركت تلك المشاعر تنمو اكثر من هذا، هي من ستتدمر بكل تأكيد، فكرت مرام بيأس!

في اليوم التالي...
في شركة انس...

ما زال ذلك الحلم الغريب يدور في عقلها، تشعر انها سوف تج- ن، كيف تحلم بهذا، وكيف تفكر اصلا في هذا، لقد نبذت الحب منذ زمن، لقد قتلت قلبها واحاطته بالجليد، فكيف الجليد ذاب وعاد قلبها يخفق مرة اخري، كانت مرتعبة من تلك المشاعر التي هاجمتها فجأة، هي لا تريد هذا، لا تريد أن تحبه، لا تريد أن تحب احد، هي تفضل أن تعيش في الجليد على أن تعشق وتتحطم، فالحب يعني الحزن، التعاسة وتحطم القلب، وهي لا تريد خوض تلك التجربة خاصة مع أنس الذي اخبرها بوضوح انه لا يفكر في الزواج منها وان ارتباطهم مستحيل، هي لا تريد أن تعرف لماذا ارتباطهم مستحيل، لانها لا تريد أن تهتم، فوجودها هنا مؤقت ولكن بعد هذا الحلم تغير الكثير، لقد اصبح هناك مشاعر لأنس. لا تعلم نوع تلك المشاعر ولكن لا تريد أن تتطور، ولذلك قررت ان تبتعد عنه، هي لن تسمح لنفسها ان تفقد السيطرة وتحب، لا ليست بتلك السذاجة ولذلك قد اتخذت قرارها، هي سوف تستقيل من العمل، لهذا أول ما فعلته هي تقديم جواب استقالتها لاستاذ محسن كي يمضيها من انس، وهي تنتظر الأن ماذا سيكون رده...

في مكتب أنس
- ايه ده يا محسن؟!
قالها انس وهو يكتم غضبه ليرتعش محسن ويقول؛
- دي. دي استقالة يا فندم، انسة مرام حابة...
- ناديها فورا يا محسن، خليها تيجي مكتبي.
قالها بعصبية ليهز محسن رأسه وهو يرتعش من الخوف ويخرج مسرعا...

نهض انس واخذ يدور حول نفسه، كيف تريد أن تستقيل بتلك الطريقة. كيف تريد أن تبتعد عنه، قول هذا فقط جعل قلبه يؤلمه، هو لا يمكنه أن يعيش بدونها، هذا جنون!، لا لن يدعها تغادر، لن يدعها تبتعد عنه سوف يتمسك بها، سيفعل المستحيل كي تبقي في حياته بأي صفة المهم أن تبقي، المهم الا تبتعد، فكرة ابتعادها تؤلم قلبه بقوة...

فكر أنس بيأس وهو يضع كفه على قلبه الذي ينبض بقوة. ينبض لمرام فقط، مرام التي بعثرت كل حياته وليس دقات قلبه فقط!

بعد قليل...
كانت مرام امامه، تنظر إلى الأرض وهي ترتعش بينما هو يحاصرها بنظراته، تشعر بنظراته عليها وقلبها يخفق بقوة، شعرت أنها تريد أن تهرب من هنا، الا تقف امامه اكثر من هذا. هو لا يدري ماذا يفعل بها عندما ينظر إليها بتلك الطريقة، تشعر ان الجليد الذي احتمت به لأعوام يذوب امام نظرة واحدة من عينيه...
- بص بعيد، بص بعيد عني ابوس ايديك...

قالتها مرام بخفوت وهي تغمض عينيها، تحاول ان تسيطر على نفسها ولكن سيطرتها تخونها كليا، هي مجردة من جميع اسلحتها الآن ولا تمتلك الا الهروب، ابتلعت ريقها وقالت بصوت خافت مرتعش: - حضرتك. طلبتني...
هز انس رأسه وهو يقترب منها وقال وهو يكتف ذراعيه: - اقدر افهم يعني ليه حضرتك عايزة تقدمي استقالتك، مين زعلك هنا عشان تمشي...
- محدش زعلني يا فندم.
- اومال ليه عايزة تمشي يا مرام، ليه عايزة تبعدي عني أنا...

قاطعته وهي تقول بنبرة مخنوقة: - لو سمحت، لو سمحت كفاية، متعملش كده. متقولش حاجة، اللي تقوله بيخلي الوضع يسوء اكتر، خليني امشي من هنا ابوس ايديك، لو سمحت أقبل استقالتي...
هز أنس رأسه وقال: - مستحيل يا مرام، مستحيل اقبلها، انت مش هتبعدي عني انت هتفضلي معايا للأبد...
ثم دون ان تفهم اخرج هاتفه وهو يتصل بشخصا ما.
- الو استاذ ادم، ممكن اشوف حضرتك...

نظرت مرام إلى أنس بصدمة ليقول انس بعد ما سمع رد آدم: - السبب اي؟! أنا عايز اتقدم لأخت حضرتك مرام!

في شقة مروان التي يمتلكها...
كان يقف امامه ثلاث شباب، ينتظرون اوامره بينما هو ينظر إلى صورة ليلي وابتسامة خبيثة تسيطر على شفتيه، مرر اصابعه على ملامحها وقال: .
- سوري يا أميرتي مضطر أعمل كده. مش مروان السويسي اللي يتقاله لا يا ليلي، أنا هعرفك ازاي تكلميني بالطريقة دي، هندمك على اليوم اللي اتولدتي فيه...

القي الصورة على المنضدة وقال: - هي دي صورتها، مش عايز أي غلط انت وهو ولا حد يقرب منها، اللي هيلمسها بس هقتله، تخدروها وتجيبوها الشقة دي والباقي عليا تمام...
ثم اخرج من جيبة بضعة الالافات وقال: - دي حاجة كده تحت الحساب ولما تجيبوها لحد عندي هديكم الباقي اتفقنا...
- تمام يا ريس.

قالها الشباب في صوت واحد، ليبتسم هو بإنتصار ويقول: - برافو عليكم. يالا روحوا شوفوا هتعملوا ايه، وزي ما قولت مش عايز أي غلطة ولا ان البنت تتأذي مفهوم...
- مفهوم يا ريس.
- تمام روحوا دلوقتي.

ذهبوا من امامه ليرجع رأسه للخلف وهو يبتسم بإنتصار هو لن يهدأ حتى يمتلكها وتصبح له، تلك الفتاة تستفز رجولته، غروره. وهو يريد. ان يكسر غرورها وغرور شقيقها، لن ينسي ابدا الذي فعله شقيقها به، لن ينسي ابدا، لقد كسر ادم عزام غروره وهو يجب أن يرد له الضربة، وان كان سيستخدم ثروة والده في تحطيمه فلا بأس بهذا...

نهض مروان وهو يخرج سيجارته ويقف امام النافذة ويشربها بهدوء، لا يعرف ولكن ليلي اصبحت تمثل له اكثر من تحدي، هو اصبح مهووس بها، حتى انه بات يحلم بها، ما الذي تمتلكه تلك الفتاه ليصبح مهووسا بها لتلك الدرجة، ليس تحدي ادم فقط من يجعله يلاحقها ولكن كما قال من قبل لديها شئ مميز، قوة فريدة لم تكن الا عند والدته! فكر بحزن في والدته. فكر في قوتها المميزة وفكر انه اشتاق إليها كثيرا، تري هذا سيكون حاله لو كانت والدته على قيد الحياة، هل ستكون حياته مختلفة تماما، هل ستغضب منه بسبب ما يفعله، بالطبع ستغضب فوالدته كانت نقية للغاية تكره ان تؤذي احد.

انسابت دموعه بقوة وقال: - وحشتيني يا امي.

خرجت أخيرا من المنزل، والدها افرج عنها بعد ان وعدته انها سوف تتواصل مع علي، هو يظنها الآن ذاهبة إلى علي، ولكن بدل من الذهاب إلى على وجدت ساقيها تقودها إلى مكان آخر، مكان وجود حبيبها الحقيقي، مالك قلبها، الرجل التي احبته وفشلت تماما في أن تحب غيره، ادم توأم روحها، كان قلبها يخفق بقوة وهي تفكر كيف سيستقبلها ادم، هل سيعانقها كما عانق زوجته في المشفي، ام هل سيغضب ويطردها، فكرت بآسي ولكنها عادت وهزت راسها وهي تفكر ان لا هذا ليس ادم، ادم لن يجرحها بكلمة، هو حتى لم يهينها عندما اختارت ان تتركه، رغم انها تعلم انها حطمته تماما عندما تخلت عنه ولكنه تصرف كأي رجل محترم وتركها تبتعد عنه، احترق هو بنيران الخيانة واطلق سراحها، دون ان يلومها رغم انها رأت الانهيار بعينيه، هي تعرف أن ادم كان يعشقها وكم تتمني ان يكون ما يزال يعشقها، الا يكون نسيها، فلو نسيها هذا سوف يحطمها بكل تأكيد. ولكن لا تعرف لماذا هي متأكدة ان ادم لا يحب زوجته تلك، متأكدة ان قلب ادم ما زال ملكها في قبضة يديها، ابتسمت بسعادة وهي تنظر لكفها وقالت ودموعها تنساب برقة: - قلبك في ايدي يا ادم والمرة دي مش هتخلي عنك ابدا، هفضل معاك وفي ضهرك وهعمل المستحيل عشان تسامحني يا ادم. المتسحيل حرفيا لحد من جرحك مني يخاف...

اسرعت في السير لكي تراه وقلبها يغني بسعادة، أخيرا سوف تراه، أخيرا سوف تري حب حياتها، ستتنعم برؤية تلك العينين التي سلبت لبها منذ أول لقاء...

من جهة اخري، كانت ليلي تمر بجوار الورشة التابعة لادم ووقفت فجأة، عينيها اتسعت بصدمة وهي تري المظهر الماثل امامها! ميار! ميار عادت! وكان كيف؟! هي تزوجت وذهبت مع زوجها، ماذا حدث لتعود تلك المرأة مجددا وايضا تتجه لورشة شقيقها، لماذا تقترب من ادم مجددا، الا يكفي ما فعلته، لقد دمرت ادم، تركته وتزوجت، لقد رأيت شقيقها منهار بسببها، لقد كسرت قلبه وغادرت وهو من عاني حتى ينساها. وعندما استقر بحياته تعود مجددا، ماذا تريد منه تلك الحرباء، لماذا تقترب منه وهو تزوج من غيرها وهي أيضا امراة متزوجة، ما هذا الانحلال، اقتربت ليلي ببطء منها وسارت خلفها وهي تري ماذا ستفعل تلك المصيبة بشقيقها مرة اخري، رباه لا بد أن شقيقها سوف ينهار لو رآها، ماذا تفعل، هل تمنعها ولكن لو فعلت هذا ستجمع امة لا اله الا الله عليها، لا هي لن تفعل هذا، هي عرفت الآن ماذا تفعل، وعرفت بمن تستعين لتلقين تلك الافعي درسا لا ينسي، مهرا من ستقوم بتلك المهمة عنها، هي من ستدافع عن حق زوجها بكل تأكيد...

ابتسمت ليلي وهي تستدير عائدة إلى المنزل...

ولجت ميار إلى الورشة وخفق قلبها بقوة، اخذت عينيها تدور في المكان ادعندما توقف قلبها فجأة عن النبض وهي تراه يعمل كعادته، يرتدي تيشرت اسود يليق به تماما شعره الرائع ينساب على وجهه ويغني بصوته الرائع مع ام كلثوم عشقهما الأول، لقد اعتادا سويا على الاستماع إليها، كان ادم يعشقها وميار عشقتها بسببه، رباه كم اشتاقت إليه، كانت عينيها تلتهم تفاصيله وقلبها يخفق بقوة، ادم امامها، حبيبها امامها، مالك قلبها وتوأم روحها، وضعت كفها على شفتيها ودموعها تنساب بقوة، قلبها يؤلمها من فرط السعادة، كم تريد أن تذهب وتضمه إليها بقوة، ارتفعت شهقاتها ليرفع هو رأسه وينظر إليها!

اتسعت عينيه بصدمة وبهت وجهه وهو يقول بنبرة لا تخلو من الحنين: - ميار!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة