قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثالث عشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثالث عشر

رواية عروس رغما عنها الجزء الأول للكاتبة سولييه نصار الفصل الثالث عشر

- اطرد مين أنت اتجننتي، أنت فاكرة نفسك ايه امتلكتيني، فوقي يا ليل والزمي حدودك واعرفي انك مشترتنيش، احنا عملنا اتفاق ممضتش عقد عبودية...
نهض أنس وجعلها تتراجع وكلمها بأسلوب حاد وقال: - اياكي في يوم تيجي شركتي وتعرفيني اعمل شغلي ازاي، أنت فاهمة ولا لا...
رمشت وتراجعت بتوتر وقالت: - يا بيبي أنا بس...

- متقوليش كده، اياكي تتجاوزي معايا في الكلام، أنت فاكرة نفسك مين، خلاص سكتلك هتستهبلي ولا ايه، هو أنت فاكراني خايف من الاتفاق السخيف اللي عملناه، في اي وقت افسخه واعمل اللي أنا عايزة وملك اخدها بالقانون بس انا مش عايز ادخل بنتي محاكم، مش عايزها تعيش الصراع ده، بس اقسم بالله يا ليل لو حطيتك في دماغي لأفسخ الاتفاق اللي بيننا واخد بنتي بالمحاكم وساعتها اقسم بالله لا أنت ولا والدتك هتشوفوها، متنسيش نفسك، ودلوقتي اطلعي برا مش عايز اشوف وشك واياكي تيجي الشركة عندي تاني والا بجد هزعلك، حتى لما تيجي تشوفي بنتي تتصلي الاول قبل ما تيجي بيتي، تستأذني الأول والا والله وقتها هطردك وامسح بكرامتك الأرض، انت فاهمة ولا لا...

لمعت عينيها بدموع الاهانة، وعضت شفتيها كي لا تنفجر بالبكاء، لقد كسر قلبها الآن، اهانها بسهولة بسبب تلك الفتاة، ليل ليست غبية وهي تدرك ان مشاعر انس عنيفة تجاه تلك الفتاة وهي تخاف ان يضعف ويرتبط بها، دوما كانت تظن ان قلب انس محصن ضد الحب. فهي نفسها حاولت كثيرا ان تخترق الجليد الذي يحيط به نفسه ولم تستطيع، فشلت تماما في جعله يسقط في حبها رغم محاولاتها المستمرة، واهتمامها المبالغ به، لكنه كان يقابل كل هذا ببرود، كان يبدو كلوح جليد لا يذوب، ولكن الآن تراه يشتعل بنيران العشق، تري في عينيه حب لم تراه من قبل، عينيه تلمع بقوة لتلك الفتاة، هي لا تصدق ان ما سعت إليه لسنوات اتت تلك المرأة وسلبته بسهولة، امرأة ذات جمال متواضع وملابس غير عصرية سلبت عقله بتلك الطريقة، كيف وقع رجل كأنس في غرام انثس مثلها هذا ما كان يدهشها...

- ودلوقتي. اتفضلي ورايا شغل...
قالها انس وقد عاد لبروده وسيطر على انفعالاته...
هزت ليل رأسها وقالت: - حاضر يا انس...
ثم خرجت قبل ان تنفجر امامه بالبكاء...

بعد ما ذهبت، انهار انس على مقعده ووضع يديه على رأسه، رباه هل هو مفضوح لتلك الدرجة، فمعتز ادرك ما به وليل أيضا، لقد شكوا في امره بسبب نظراته لمرام، مرام تسيطر عليه فعليا، هو لا يعرف متي وقع في حبها بذلك الجنون، وكيف لم يسيطر على عينيه التي كانت تتبعانها في كل مكان، ومتي بالاساس غرق بها، ذلك السؤال لم يكن له أي اجابة لديه، ولكنه يعرف جيدا ان قربه من مرام سيفسد حياته، هذا الأمر ليس محل للمزاح، هو قد يفقد ابنته ان اتبع قلبه، وملك عنده اهم من الجميع، اهم منه هو شخصيا، ولا يمكن أن يفقدها بسبب أي شئ، سوف يضحي بسعادته من أجل ملك، سيفعل المستحيل كي يتخلص من تلك المشاعر، هو استطاع ان يوقف ليل لحدها ولكن والدتها لن تصمت ام قرر هو أن يتزوج، لذلك كان قراره الآن واضح، سوف يبعد مرام عنه نهائيا وسوف يتخطي حبها بكل تأكيد، سيتذكر دوما ان ملك اهم من أي شئ، يجب أن يتذكر هذا...

وضع انس كفه على قلبه وتنهد وهو يفكر انها لن تكون أول مرة ينكسر بها قلبه!

في احد المقاهي...

كانت تجلس حياة وهي تمسح دموعها، لقد بكت اليوم بطريقة لم تبكيها من قبل، لقد شعرت أن قلبها ينشطر من الالم، لولا قدوم احمد كانت لتنهي حياتها اليوم وترتاح كليا من تلك الحياة التي انهكتها، منذ ما حدث بينها وبين احمد وهي تحبس نفسها في منزلها، مئات الأفكار كانت تدور في عقلها، حتى اهتدي عقلها إلى الفكرة المناسبة تماما. ولا يوجد انسب من الموت لها، حياتها بلا قيمة، لا احد يحبها اطلاقا، ما فعله احمد دمر الامل بقلبها...

كان احمد يتأمل حياة المنكسرة، كان أول مرة يراها بذلك الانكسار والحزن، لم يري حياة منطفئة بتلك الطريقة ابدا، لقد صدم وهو يراها على وشك إنهاء حياتها، وقد شعر بالرعب بسبب هذا، لقد وصل بها الأمر إلى أذية نفسها وقد تفعل هذا مجددا، صراحة هذا الأمر اشعره بتأنيب الضمير، هو يعرف أنه هو السبب، هو من اوصلها لتلك المرحلة، مثل عليها الحب ثم حاول أن يعتدي عليها، ولكن تلك الليلة هو كان محطم زواج مهرا دمره نهائيا واتي بغاية انه يمكنه أن يستغل حياة ولكن ما فعله ورد فعلها جعله يحتقر نفسه، تنهد احمد وهو يخرج محرمة ورقية من جيبه ويقول: - امسحي دموعك...

امسكت منه المحرمة وبدأت بمسح دموعها، عينيها اصبحت حمراء جدا، لقد بكت كثيرا واخرجت كل الحزن الذي في قلبها...
- شكرا...
قالتها حياة بهدوء ثم نهضت وهي تمسك حقيبتها وهمت بالذهاب: - انت بتعملي ايه، رايحة فين؟!
قالها احمد بدهشة لتقول ببساطة بصوت مبحوح من كثرة البكاء: - رايحة البيت هكون رايحة فين يعني، عن اذنك...

ثم كادت ان تمشي مجددا، نهض هو وامسك ذارعها وهو يقول: - طيب استني يا حياة، ممكن بس نتكلم شوية لو سمحتي، معلش أنا عارف ان بعد اللي عمله مينفعش يكون ليا عين اجيلك بس والله أنا ندمت وزعلت جدا من نفسي، أنا معرفش والله عملت كده ازاي وكنت بفكر في ايه...

هزت حياة رأسها وقالت بإنكسار: - انت قولت انت شايفني ايه يا احمد، قولت اني رخيصة، وانا مقدرش انكر كلامك، أنا غلطت كتير وعكيت كتير جدا وندمت وقررت اغير نفسي عشان، عملت المستحيل عشان ارضيك بس انت مشوفتش الا الماضي بتاعي بس، مشوفتش اللي بعمله عشانك، انت في اليوم ده مش جرحتني بس، انت قتلتني وانت بتقولها في وشي اني رخيصة وآني مفروض اسلملك نفسي من غير ما اقاوم، وقتها كرهت نفسي يا احمد، كرهت نفسي وحسيت ان مليش حق اني احب، مليش حق في حياة نضيفة، ابعد يا احمد واتجوز بنت نضيفة ملهاش ماضي زيي ده حقك. أنا مقدرش الومك لكن متجيش تهينني وتقلل مني وبعدين تعتذر وتقرب مني، أنا مش لعبة في ايديك...

قالت جملتها الأخيرة بنبرة مكسورة وقد انسابت دموعها...
اقترب احمد منها وقام بمسح دموعها برفق وقال: - انا آسف آسف، لو فضلت اعتذر من هنا لبكرة مش هصلح اللي عملته ولا اللي قولته، صدقيني أنا بقالي فترة ضميري بيعذبني بسبب اللي عملته ده، غير خوفي اني اخسرك، أنا فضلت مستنيكي تحت بيتك تلات ايام وكنت مقرر لو مظهرتيش اروح اكسر الباب واشوفك، انت متعرفيش انت بقيتي غالية عليا قد ايه...

انسابت دموعها مجددا وقالت: - بالله عليك كفاية، كفاية تخليني احلم وبعدين تكسرني، كفاية يا احمد أنا...
وضع اصابعه على شفتيها وقال: - انا بحبك يا حياة، أنا اتأكدت من مشاعري الفترة اللي فاتت، وكمان عايز اتجوزك، ها موافقة!

بعد اسبوع...
- لا الموضوع فيها ان يا ليلي مش معقول.
قالتها ميار لليلي التي تمسك الورود وهي مذهولة، انها الباقة السابعة التي تأتيها من نفس الشخص وبكلمات تذيب القلب، دق قلبها بعنف وهي محتارة، مرتبكة، لا تفهم من الذي يبعث إليها تلك الورود ويكتب لها هذا الكلام الذي يذيب القلب...
فتحت البطاقة لتقراها مجددا وتجد اقتباس لمحمود درويش مرة اخري
هذا هو الحب. أني أحبك حين أموت وحين أحبك أشعر أني أموت.

امضاء: الولهان بيكي
امسكت ميار البطاقة منها وقالت وهي ترفع احدي حاجبيها: - ده مين اللي ولهان بيكي يا لولا، ايه الكلام اللي يدوخ ده بس...
كان التوتر قد اصاب ليلي ونظرت إلى ميار وقالت: - انا ابتديت اخاف، مين اللي بيلاحقني بالشكل ده، ادم لو عرف هيخرب الدنيا وانا مش عايزة ادخله في مشاكل، وعارفة اني مش بتاعة الحب والكلام الفاضي ده...

ربتت ميار على كتفها وقالت: - طيب اهدي يا لولا، انت ليه خايفة، ارمي الورود وانسي الموضوع، هو يعني هيفضل يبعتلك كام مرة أكيد هيزهق...
- يزهق ازاي يا ميار، ده بقاله اسبوع بيبعتلي وانا هموت من الرعب. تفتكري أعمل ايه...
نظرت إليها ميار وقالت بجدية: - ما دام كده ايه رايك تقولي لادم وهو يتصرف، يعني هو...

هزت ليلي راسها برعب وقالت: - لا لا، ادم ايه بس، ادم ممكن يتورط في مشاكل كتير، هو عصبي وممكن لو عرف اللي بيبعتلي يعدمه العافية...

ربتت ميار على كتفها وقالت: - طيب ما ده الطبيعي يا ليلي، واحد بيبعت رسايل حب لاخته، طبيعي ادم هيعدمه العافية، بس انت لازم تقوليله. مفيش غير اخوكي اللي هيحل الموضوع ده نهائي بدل ما انت عايشة في التوتر ده والاخ ده كل شوية يبعتلك ورود وكلام حب وحاجات احنا في غني عنها، أنا بقول تقولي لادم افضل، اصل لو الموضوع كبر وانت مش قولتيله هيتضايق اووي انت عارفة اخوكي لما بيتعصب بيتحول ازاي...

هزت ليلي راسها بخوف وقالت: - انت هتقوليلي ده بيبقي صعب اووي، لا يا عم مش عايزة أعمل حاجة تعصبه مني أنا هقوله وامري لله...
ثم اتجهت ليلي إلى سلة القمامة والقت بها الورود مثل ما تفعل كل مرة...

كز مروان على اسنانه وهو يراها من بعيد، تلك الفتاة حقا عنيدة، عنيدة للغاية، ابتسم فجأة وقال: - بس كده احلي، الحاجة الصعب لما بتيجي بتبقي أطعم ومسيرك يا ليلي تقعي تحت ايدي، مسيرك يا حلوة!

- اقدر افهم ليه حضرتك ناوي تنقلني قسم تاني، أنا مش فاهمة أنا قصرت في حاجة كسكرتيرة لحضرتك عشان تنقلني قسم الحسابات وتشوف سكرتيرة غيري، أنا اتصدمت لما سمعت من الموظفين، ومن حقي افهم أنا قصرت في ايه عشان تاخد قرار زي كده وتهينني...
قالتها مرام وهي تحاول أن تخفي انفعالاتها...
نظر إليها أنس وادعي البرود وقال: - انسة مرام اظن ان دي شركتي ومن حقي اغير نظام الموظفين زي ما انا حابب...

- اكيد يا استاذ أنس هي شركتك، بس انا من حقي اعرف ايه غلطي عشان فجأة تنقلني قسم الحسابات، انت بنفسك قولت اني من أكفأ الموظفين هنا. فأما حضرتك تقولي السبب أو تقبل استقالتي...

توتر وهي ينظر إليها بدت مصممة للغاية، ماذا يخبرها، ايخبرها أنه عشقها. ايخبرها انها اصبحت تحتل مكانة لم يسبق لأحد احتلالها في قلبه، هل يخبرها كم يعاني كي لا يصرح بحبه لها، هو يراها كل يوم وليس لديه القدرة ان يعترف، وحتى لو اعترف، مستحيل ان تكون له، وجودها بجواره يجعله يحترق، هو يموت بأبشع الطرق، لقد حاول الايام السابقة ان يطردها من الشركة بأكملها ولكن الفكرة ذاتها كانت تؤلم قلبه، كانت تكسره!

احمر وجه مرام من الغضب والانفعال وهي تراه صامت يحدق بها بيأس، اغمضت عينيها وهي تعد من واحد إلى عشرة لكي تهدا، طيلة حياتها تحتفظ بأعصابها باردة ولكن هذا الرجل يخرجها دوما عن طورها، فتحت عينيها وهي تقول بنبرة حادة قليلا: - استاذ انس ما دام شغلي مبقاش عاجبك يبقي خلاص أنا هقدم استقالتي، مبقاش ليه لازمة تنقلني...
- انا لازم ابعدك عني...
قالها وهو متعب، يائس وحزين...
هزت رأسها وهي تقول بدون فهم ؛.

- طيب ليه أنا لازم افهم، أنا عملت ايه لده كله...
تنهد أنس وهو يقترب منها، هي جميلة ولكنها حلم، حلم بعيد عن المنال، لن يحصل عليه ابدا، مرام قدرها ان تكون مجرد حلم في حياته...
- هبعدك عني لاني بحبك يا مرام...

قالها فجأة لتتراجع هي وتبهت، ابتسم انس بحزن وقد لمعت عينيه وأكمل: - انا بحبك للاسف الشديد وممنوع حتى ارتبط بيكي، بحبك وانا عارف ان ملناش مستقبل مع بعض، بحبك وانا عارف ومتأكد انك مش بتحبيني واني مجرد مديرك في الشغل، ولو حاولت حتى اقرب منك هخسر كل حاجة في حياتي. اول مرة احس ان الحب ابتلاء. وانا مبتلي، ومكانش قدامي الا حلين أما اخليكي جمبي واشوفك كل يوم بتتقدمي في حياتك وانا مش قادر اقرب، اتكوي كل يوم بنار الحب أو الغيرة لو حصل وارتبطتي بغيري، أو ابعدك عني عشان انساكي. عشان اقدر أخرج حبك من قلبي لأن زي ما قولتلك أنت مش مكتوبة ليا...

اقترب منها اكثر وملامحه يسيطر عليها الحزن وقال: - عرفتي ليه عايز ابعدك عني، فهمتي دلوقتي يا مرام؟!، حسيتي بالنار اللي جوايا، مش هتعرفي أنا حاسس بايه غير ما تكوني حبيتي بجد، ان حاسس ان قلبي بيتكسر وانا بشوفك قريبة وبعيدة في نفس الوقت، عشان كده ابعدي يا مرام، ابعدي عني قد ما تقدري...

كلماته اصابتها بالخرس، لم تعرف ماذا تقول. يحبها كيف ومتي؟! شعرت ان العالم يدور بها وانها ستسقط ولكنها سيطرت على نفسها واستدارت وهي تخرج من المكتب بسرعة...
جلس انس على مقعده وهو يشعر بشئ قوي يجثم على صدره، نظر فجأة إلى صورة ملك الموجودة على مكتبه وامسكها قائلا: - كل ده عشانك يا ملك، انت تستاهلي أعمل أي حاجة عشان احافظ عليكي!

في المساء...
في بيت ادم عزام...

كان الجميع ملتف على طاولة الطعام، كانت مهرا غير معتادة على الأمر وارادت ان تطلب من ادم ان تأكل في غرفتها ولكنه رفض، كانت تنظر للجميع وهو يأكل بينما يتحدثون وقد احاط بالمكان جو عائلي دافئ، جو افتقدته هي في منزلنا الكبير وهذا ليس بسبب عائلتها بل بسببها هي، هي من اصرت ان تبعد الجميع عنها، اصرت ان تبقي باردة متباعدة، تأكل بمفردها وتخرج لاوقات طويلة، هي لم تشعر ابدا بهذا الجو الدافئ رغم حب جدها الشديد لها، ولكنها ما زالت تفتقد حياتها المرفهة، هنا ليس كل شئ متاح لها، لا تعرف ولكن رغم كل شئ جيد يحاول ادم توفيره لها الا انها لا تستطيع ان تتأقلم مع تلك العائلة، هي حتى لا تتكلم من اخوته، الفتاة الكبيرة مرام لا تكلمها اصلا ودوما تنظر إليها ببرود، اما الصغري فهي غير متفرغة من الاساس بسبب دراستها وحتى تعاملها معها متحفظ زيادة عن اللازم. لا يوجد الا والدة ادم هي من تتعامل بلطف بالغ، تستشعر فيها حنان الأم، غير ذلك هي تشعر بالوحدة، حياتها انقبلت فجأة رغم ان وجودها مع ادم يسعدها بطريقة غريبة الا انها تفتقد الحرية التي كانت تتمتع بها في منزل اهلها، تفتقد قيادتها لسيارتها، تفتقد ملابسها العصرية التي كانت ترتديها والتي لا يسمح لها ادم ان ترتديها عندما يخرجها معه، تفتقد كل شئ في حياتها، لقد حاولت ان تتكلم معه قبل ام يذهب إلى العمل لكي تقنعه ان يقبل مساعدة جده ولكنه خافت وتراجعت، تخاف جدا من ردة فعله، تخاف من عصبيته ولن تتحمل لو صرخ بها، لذلك قررت اليوم بعد العشاء ان تتحدث معه لعله يقتنع...

- انا ناوية اسيب الشغل في الشركة...
قالتها مرام فجأة بنبرة ثابتة وهي تأكل لينظر إليها الجميع، كانت ملامحها باردة وكأنها لا تخبرهم بقرار مهم كهذا، فالجميع كان يعلم ان مرام سعيدة جدا في عملها فما الذي تغير فجأة، ولما كل هذا البرود، كان الجميع لديهم نفس الفكرة...
ابتسم ادم بلطف وقال: - ممكن اعرف هتسيبي الشغل ليه يا مرام فجأة وبالشكل ده؟!
هزت مرام كتفيها وقالت: - عادي مليت شوية قولت اغير...

كان ادم ينظر إليها بدهشة، هذا ليس تفكير شقيقته، لا بد أن هناك امر ولكنه لم برغب ان يضغط عليها وقرر ان يكلمها فيما بعد...

بعد انتهاء العشاء بفترة...
ذهب الجميع لغرفهم...
كان ادم قد ارتدي. منامته ويستعد للنوم عندما اقتربت منه مهرا وقالت بإرتباك: - ادم ممكن نتكلم شوية؟!
- قولي يا بسبوسة...
احمرت قليلا وكادت ان تتحدث الا ان الطرقات على الباب قاطعتهم، فتح ادم باب غرفته ورأي ليلي امامه: - ايه ده شعرك مش منكوش دي معجزة...
قالها مازحا لتشده ليلي خلفها وتقول: - لازم اقولك حاجة ضروري...
- يا بت ما تستني فيه ايه...

- يا ابيه بقولك ضروري...
نظر ادم إلى مهرا بإعتذار لتقول بصوت منخفض: - مفيش مشكلة...
لذلك ذهب ادم مع ليلي!

- هنسافر مصر ونفاتح اهلك في موضوع الطلاق، أنا خلاص مبقتش عاوزك...

قالها على وهو يتطلع إليها بقرف لم ترد هي بل بقت تنظر إلى الفراغ وقلبها يدوي بعنف، ستعود وتراه، هل سيقبلها بعد أن تتطلق، هل سيتمسك بها ام انه قد كرهها بعد ما تزوجت من غيره، ولكنها انتظرته، انتظرت لكي يتخذ خطوة ولكن عائلته كانت دوما اهم منها. لكنها لم تنكر انه حاول واتي وتقدم لها ولكن قوبل بالرفض التام، تنهدت ميار وهي تشعر بالتعب، تعلم ان ما ان تعود حتى ستواجه الجحيم، على لن يصمت على ما فعلته بل سوف يخبر والدها بما فعلته، وسوف تبقي سيرتها على كل لسان، اغمضت عينيها وهي تتنهد وتفكر تري ماذا ستفعل عندما تعود إلى مصر، هي بالطبع لن تتوسل على مرة اخري هذا لن تفعل بل ستواجه مصيرها مهما كان وربما الانفصال عنه ليست فكرة سيئة فهي بالاساس لا تحبه ولا تطيقه، هي مضطرة ان تدعي كل يوم انها تحبه كي لا يطلقها ولكن انتهي الأمر، يجب أن تتطلق، هي تظلم نفسها معاه، ابتلعت ريقها وهي تعترف انها تظلمه أيضا وهي لن تسمح بهذا، اخطأت عندما تزوجت من لا تحبه، ولكن اصابها الفزع وهي تري العمر يجري بها وادم لا يتحرك، لقد احبته فعلا ولكنها كرهت انه يظلم نفسه بتلك الطريقة، يفضل اخوته دوما عنه وعنها، على الرغم من انها ارتبطت به الا انه لم يتقدم في حياته، صحيح حاول ولكن الاعباء كانت ثقيلة عليه، فهو اصر ان يعلم اخوته، طلبت منه كثيرا ان يتركهم ليعتمدوا على انفسهم رفض، تقلد دور الاب في حياتهم وفعل المستحيل من اجلهم، ولكنه في خضم كل هذا نسي نفسه، نفسي انه انسان ومن حقه ان يحب ويتزوج ويكون عائلة وهي رأت ان عمرها يضيع لذلك تصرفت وتزوجت بأول شخص يطرق بابها، ولكن رغم هذا ادم لم يحقد عليها، لم يهينها او يتهمها بأبشع التهم، بل عندما عرف بارك لها بهدوء. ولكنها رأت. الانكسار بعينيه...

ما زالت تتذكر تلك اللقاء، اللقاء الأخير بينهما قبل ان تتم خطبتها...

- انا اسفة، اسفة...
قالتها ميار وهي منهارة بينما كانت هي وهو في ورشته، ابتسم ادم بحزن وقال: - اسفة على ايه ده حقك يا ميار، مش عدل أنك تستنيني طول حياتك، من حقك تدوري على سعادتك. ألف مبروك...

كان ميار تنظر إليه وهي تري الدموع تلمع في عينيه الزرقاء، اقتربت كي تعانق وجهه، كي تبكي معه لكنه ابتعد وقال: - لا يا ميار متغلطيش وتقربي، ده مش عدل للي هيكون خطيبك، روحي يا ميار أنا مش زعلان منك بالعكس هفضل ادعيلك دايما ان ربنا يسعدك وانا ربنا يتولاني، وسامحيني لاني حبيتك وانا مش قادر اتجوزك ولا قادر اسعدك...

بكت وهي تذهب من ورشته لتنساب الدموع من عينيه وهو يشعر وكأن. احدهم انتزع قلبه، اغمض عينيه وقال: - هفضل دايما احبك.

في اليوم التالي...
لم يكد يرن المنبه حتى اطفأته مهرا بسرعة ثم نهضت لتتأكد من شكلها جيدا، فزعت قليلا وهي تجد شعرها مشعث للغاية وكأنها كانت في حرب وليست نائمة...
- كويس ان ادم مقامش وشافني بالشكل ده والا كان المسكين ممكن يكون مات فيها، ياربي ايه المنظر ده بس...
قالتها مهرا وهي تقف أمام المرأة وتلتقط فرشاة الشعر ثم تحاول أن تضبط وضع شعرها.

علي الفراش كان آدم مستلقي، فتح عينيه بخبث ونظر إليها وهي تحاول أن تصلح من وضع شكلها قبل أن تعود للنوم كعادة الايام السابقة، ابتسم واغمض عينيه مجددا...
تنهدت مهرا وهي تبتعد عن المرآة وتري أن شعرها قد تم اصلاح وضعه...
نظرت إلى الساعة المعلقة على الحائط وجدتها الساعة الثامنة والنصف، جيد بعد نصف ساعة سوف يستيقظ ادم...

تسحبت ونامت بجواره وعلى ثغرها ابتسامة، الأسبوع السابق مر بهدوء الحمدلله، الأمر بسيط سوف تتجنب أن تغضبه لن تفعل شيئا دون أن ترجع إليه، لقد عرفت ان ادم لا يغضب بسرعة الا اذا أحدهم تجاوز الحدود، وهي ستتجنب ازعاجه وتحاول ان تقنعه بضرورة ان ينتقل معها لمنزل أكبر من هذا، ستحاول ان تجعله يفهم انها لا تحب الحياة في هذا المنزل فهي تشعر بالاختناق، وبعد كل شئ جده لن يتفضل عليه بل هذا حقه في ورث. جده، هذا الورث الذي حرم منه لفترة طويلة! سقطت هي في النوم دون ان تدرك، وبعد دقائق رن المنبه على هاتف ادم واطفأه وهو ينهض. فتح الخزانة واخذ ملابسه ثم خرج من الغرفة بهدوء كي لا يجعل مهرا تستيقظ، وكاد ان يتجه إلى الحمام عندما رأي مرام تجلس على الاريكة وتحمل كوبا من الشاي الساخن وتبدو مستغرقة في التفكير، اقترب منها وجلس بجوارها وهو ينظر إليها محاولا الولوج إلى عقلها، من العجائب التي تمتلكها مرام ان لا أحد قادر على قراءتها جيدا، ادم يفهم الجميع جيدا الا مرام، هي غامضة بشكل يثير حنقه، قوية بشكل يثير اعجابه وبرود شخصيتها يخيفه، هو متأكد ان برودها هذا لتحمي نفسها، فما عاشته مرام ليس سهلا بالمرة، هي تعذبت وذاقت الكثير وما زالت تعاني...

- البسبوسة بتاعتي سرحانة في ايه؟!
قالها ادم بمشاغبة لتنتبه له مرام أخيرا وتقول: - انا مبحبش الاسم ده يا ادم...
- بس أنا بحبه وهناديكي بيه، براحتي.
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت: - انت بارد على فكرة...
- عارف على فكرة يا بسبوستي، قوليلي بقا سرحانة لي ايه، زعلانة لأنك هتسيبي الشركة...

احمر وجهها للحظة ولكن كانت لحظة فقط لانها بسرعة سيطرت على نفسها وقالت: - ليه ازعل يعني. ده قراري وبعدين أنا مش هسيبها دلوقتي أكيد يا ادم، أنا هدور على شغل في شركة تانية وبعدين هسيب الشركة دي، هو ده اللي هيحصل...

هز ادم رأسه وقال: - تفكير سليم اووي يا مرام وانا بقول كده برضه، بس برضه لحد دلوقتي مش فاهم ايه الفكرة اللي. طرأت عليكي فجأة دي، ليه عايزة تسيبي الشركة، على حد علمي كنتي مبسوطة اوووي بيها، وفرحانة ايه اللي جد...

صمتت مرام ولم تعرف ماذا تقول، اتقول ان مديرها فجأة اعترف لها انه يحبها، هي بقت طوال الليل مستيقظة وكلامه يرفض ان يترك عقلها، انها المرة الأولي التي تفكر في احد لمدة طويلة، لم تستطع ابدا النوم، صدمتها بما قاله جعلتها في حالة غريبة بالأمس.
تنهدت مرام وقالت: - مبقتش مرتاحة يا ادم الموظفين في الشركة مش متعاونين معايا، هو ده السبب وبس...
هز ادم رأسه وهو متيقن ان شقيقته تخفي شيئا ولكنه لم يضغط عليها.

في اليوم التالي...
وضعت الأطباق على الطاولة بهدوء، كان وجهها خالي من أي تعابير رغم ان من داخلها كانت تموت، ولكنها قررت الصمود، قررت ان تفكر في نفسها قليلا، قررت الا تستجدي الحب...

اقترب سامر من طاولة الافطار وجلس دون اي كلام ثم بدأ بالأكل، جلست كارما أيضا وهي تأكل دون اي رغبة حقيقية، كانت لا تنظر إليه حتى ولا حاولت ان تفتح حديث، كانت تشعر بنظراته المتعجبة تلاحقها ولكنها بإصرار تجاهلتها على الرغم من ان قلبها بدأ ينبض بعنف، ولكن رغم ذلك سيطرت على انفعالاتها ووجهها المتجمد، كان سامر عابس للغاية وهو ينظر إليها، ماذا تقصد بهذا البرود، اتظن انها سوف يطلب منها الغفران، هي لا تهمه ولن تهمه ابدا هكذا اقناع نفسه...

لاحظ انها مرتدية ملابسها وتعجب، فهي بعد زواجه منه تركت عملها لتتفرغ له، لما اذن ستخرج الأن...
اراد ان يسألها ولكن خافت ان تظن انه يفتح مجال للحديث وتغتر وهو لا يريد ان يري الرضا بعينيها ولكن فضوله كان يقتله. نظر إليها بهدوء وقال: - ممكن اعرف حضرتك رايحة فين...
- عند ماما...
ردت بإقتضاب وبإختصار...
تنهد وقال: - ايه ناوية تقوليلها على اللي عملته معاكي؟!

امسكت كارما كوب عصير وارتشفته ببرود مستفز وقالت: - ليه وهو انت عملت ايه يعني، مش فاكرة بالضبط...
كان سامر ينظر إليها بصدمة، لا يصدق البرود التي تتدعيه، لابد انها تمثل عليه كي تشعره بالإهانة وانه لا شئ، قرر هو استفزازها وقال: - يعني مش هتقوليلها ان جوزي كان شايل صورة مراته القديمة في محفظته...

هزت كارما راسها وقالت: - لا مش هقول، صدقني الموضوع مش مهم بالنسبالي، عادي يعني دي محفظتك مش محفظتي، ان شالله تشيل فيها صورة الاميرة ديانا أنا مالي...
ضحك بدهشة وقال: - اللي يشوف برودك دلوقتي ميشوفش من اسبوع كنتي هتموتي ازاي لما شوفت صورتها...

نظرت إليه وقالت بهدوء: - عشان وقتها كنت بحبك، وقتها كنت باقية عليك، أنا خونت صاحبتي وبقيت معاك عشان كنت بجد بحبك اكتر من روحي، لكن خلاص يا سامر، انت خرجت من حياتي، وانا من النهاردة مش ههتم الا بنفسي وبس
- متقدريش، صدقيني يا كارما انت بوق وبس، هترجعي وتحاولي تاني تخليني احبك، مش هتقدري تتحملي أنك تبعدي عني...
هزت كتفيها ونهضت وهي تقول: - ايه رايك تجربني...

ثم امسكت حقيبتها وقالت: - انا رايحة عند ماما، لو حابب تتصرف كأي زوج محب وتيجي تاخدني من عندها هيكون افضل، مش عايز ازعلها على الوضع الحزين اللي انا فيه ياريت...

ثم ذهبت وتركته ينظر إلى اثرها بصدمة، لا يصدق ان تلك كارما، كارما التي كانت تتمني فقط نظرة حب من عينيه، كيف تغيرت بتلك الطريقة، وكيف تكلمه بذلك الاسلوب البارد، كاد سامر ان يفقد عقله فعليا، هل حتى كارما ستبتعد عنه وتعامله ببرود. كبرياؤه تضرر اليوم من برودها وعدم مبالاتها به كأنه شخصا غريب، ولكن شئ ما يخبره انه السبب، نعم هو من جرحها بشكل كبير واوصلها إلى تلك النقطة، ولكنه أيضا منهار، عقله لا يتقبل انه خسر مرام، وهو هو يخسر كارما، كارما تستعد لتستقل عنه، ولا يعرف لماذا تلك الفكرة اذته، هو لا يحب كارما ابدا، اذن لماذا هذا التمسك الغريب بها، لماذا يخاف من فقدانها بهذا الشكل، كان حقا لا يفهم كيف يفكر، ولا يفهم ماذا يريد...

وضع يديه على رأسه وقال: - وبعدين يا سامر لحد امتي هتكون مشتت كده، لحد امتي حياتك هتبقي واقفه!

امام جامعة ليلي...
خرجت ليلي وهي تمسك كف ميار بتوتر، كانت خائفة، لقد اخبرت ادم بالذي يحدث معها ومن وقتها وهو صامت بشكل مريب، وهذا من اخافها اكثر، فهي تعلم ان صمت اخاها خلفه شئ ما، ليس ادم من يتهاون في شئ كهذا، لا ابدا، هذا مستحيل...
- اه يا ليلي براحة بهدلتي ايدي حرام عليكي...
قالتها ميار وهي تتألم وتسحب كفها التي ضغطت عليه ليلي بقوة...

نظرت ليلي إلى ميار بتوتر وقالت: - اسفة يا حبيبتي بس بجد متوترة اووي...
- يا بيبي متوترة من أيه بس، مش قولتي لاخوكي يبقي خلاص سيبيه يتصرف...
- افرض ابيه اتورط في مشاكل...
هزت ميار رأسها وقالت: - يا بنتي ادم انسان عاقل متقلقيش، هيحل الموضوع بهدوء، ثقي فيه شوية، ده اخوكي، يعني أنا هعرفه اكتر منك يا لولا مش معقول...

تنهدت ليلي وما زال قلبها ينبض بعنف، تحاول ان تصدق ما تقوله ميار، تحاول ان تتفاءل ولكن هذا صعب عليها...
نظرت إلى ميار وقالت: - ربنا يستر...
- بإذن الله ربنا هيسترها متقلقيش.

ارتعش جسدها بعنف وهي تري طفل صغير يقترب منها، يحمل نفس باقة الازهار الحمراء، اعطاها الطفل الباقة بهدوء ثم غادر بسرعة، نظرت ليلي إلى الباقة برعب وعلى جبهتها لمعت حبات العرق، امسكت البطاقة الكبيرة الملحقة بالازهار ووجدت احدي اغاني عمرو دياب: وماله لو ليلة توهنا بعيد وسيبنا كل الناس
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني ده الإحساس
وأنا هنا جنبي أغلى الناس، أنا جنبي أحلى الناس.

وماله لو ليلة توهنا بعيد وسيبنا كل الناس
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني ده الإحساس
وأنا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي أحلى الناس
حبيبى ليلة، تعالى ننسى فيها اللي راح
تعالى جوا حضني وارتاح، دي ليلة تسوى كل الحياة
وما لي غيرك ولولا حبك هعيش لمين؟
حبيبي جاية أجمل سنين وكل مادى تحلى الحياة
حبيبي المس إيديا عشان أصدق اللي أنا فيه
ياما كان نفسي أقابلك بقالي زمان، خلاص وهحلم ليه؟

ما أنا هنا جنبي أغلى الناس، ده أنا جنبي أحلى الناس
امسكت ميار البطاقة الكبيرة بفضول وهي تقرأ كلمات الأغنية ثم ضحكت وقالت: - ده مين الفاضي اللي كتب ده كله ليكي يا اختي، ده حد واقع خالص يا لولا...
كانت ليلي في حالة صعبة، لقد بدأت ترتعب حقا، هل تخبر ادم بما حدث اليوم أن تنتظر كيف سيتصرف، كان رأسها يؤلمها وعقلها متوقف تماما عن العمل...

كان مروان من بعيد مبتسم وينظر إليها، انها تغرق، عرف هذا من عينيها، لقد ضعفت اليوم، وهو لن يكتفي بهذا الحد بل سوف يغرقها بالهدايا حتى تعلن استسلامها، ولكن الآن قرر ان يظهر هويته لها، كي يبدا في الخطوة التالية، هو لن يعيش كل حياته وهو يقدم لها الهدايا كمجهول للهوية...
هندم نفسه جيدا وتقدم منها وهو يقول خاطرة لمحمود درويش: أدرب قلبي على الحب كي يسع الورد والشوك.

تراجعت ليلي وهي تنظر إليه بصدمة فابتسم وقال: - محبتش افضل طول عمري مجهول يا ليلي، كشفتلك هويتي أهو وبقولك اني بحبك، وهحبك للأبد. و...
قطع كلامه واحدهم يربت على كتفه، نظر خلفه ليجد ادم ينظر إليه وعلى وجهه ابتسامة ويقول: - مارو وحشتني يا راجل...
شحب وجه مروان فقال ادم لليلي: - خلاص يا لولا كله هيبقي تمام اديني الورد أنا هتفاهم مع مارو راجل لراجل.

ثم نظر إلى مروان وقال: - ولا انت مبتتكشفش على رجالة يا مارو بتتشطر على الستات بس...
- انا، أنا...
- ششش أنا هشوفلك حل لمشكلتك يمكن تسترجل شوية، تعالي معايا يا ننوس عين ابوك...
ثم سحبه خلفه.
- ابيه.
قالتها ليلي برعب.
- روحي البيت يا ليلي...
- ادم اسمع بس...
قالتها ليلي مرة اخري فكرر كلماته وقال: - قولتلك روحي البيت يا ليلي...
ثم سحب مروان معه...

وفي مكان خالي تقريبا من الناس خلف الجامعة دفع ادم مروان وقال: - شوف أنا مش هضربك، أنا هأكلك الورد الحلو ده عشان تفكر مليون مرة قبل ما تقرب لحاجة تخصني، كل يا مارو الورد...
هز مروان رأسه بالنفي وهو يشعر بالرعب فصرخ به ادم وقال: - ما تاكل يا روح امك بدل ما اشوه وشك الجميل ده خالص...

هز مروان رأسه وبدأ فعليا بأكل الورد، ضحك ادم وقال: - تعرف ان اكل الورد مفيد للي زيك، أهو يدي بشرتك نضارة تفيدك بما أنك مش من صنف الرجالة ولا الستات حتي، ده حتى الستات اجدع منك يا راجل، كل يا حبيبي كل.

في شركة انس...
بعد ما رأي معتز سكرتيرة جديدة سأل انس الذي صدمه واخبره انه نقل مرام لقسم آخر.
- ممكن اعرف ليه نقلتها قسم الحسابات، ليه بتبعدها عنك يا أنس؟ ؛.

قالها معتز بحيرة ليرد أنس وهو محافظ على رسميته المغيظة: - ابعد مين يا معتز، انسة مرام مجرد سكرتيرة ليا، مفيش أي حاجة من اللي في دماغك، أنا بس شوفت افضل تكون في قسم الحسابات في الشركة هي شاطرة في المجال ده كويس فمش عارف ايه المشكلة يعني، انت ليه زعلان...
اقترب معتز من انس وهو ينظر إليه وقال ؛.

- مشكلتك يا انس أنك شفاف ومفضوح. أنا من أول ما شوفتها عندك وانا شوفت مشاعرك ليها، عينيك بتلمع بطريقة غريبة لما تشوفها، حتى غيرتك لما كلمتها وسألت عليها. وصدمتك لما عرفت انها متجوزة، عايز تقنعني ان كل ده من وحي خيالي، انسي يا انس، أنا راجل زيك وعارف امتي الراجل يحب فعلا، انت بتحبها وبتبعدها عنك وبتخسرها بالشكل ده وصدقني هتندم، مرام مينفعش تضيع من ايديك. صدقني رغم ان احيانا ممكن تشوف ان تعاملها جاف لكن والله قلبها طيب غير انها انسانة تقية ومؤمنة وقريبة من ربنا، أنا مش مصدق أنك بتعمل كده يا انس، بتنهي سعادتك بإيديك، معقول ده تفكيرك، مش قادر بجد افهمك، انت خايف يعني تتعلق بيها اكتر ولا ايه؟!

ابتلع انس ريقه وقال بحدة: - قولتلك يا معتز مفيش حاجة بيني وبين انسة مرام، هي مجرد...
- انت كداب، طيب عايزني اصدقك احلف أنك مش بتحبها، أنا عارفك مبتحلفش كذب، احلف وانا هصدق أنك فعلا مبتحبهاش...

ابتلع انس ريقه وصمت كليا ليبتسم معتز ويقول: - يا بني ليه بتعذب نفسك بس، فيه حد يرفض الحب يا أنس، الحب ده نعمة من ربنا. وفي ايديك تحصل على مرام وتتجوزها وتعيش سعيد، ما دام في ايديك تعيش سعيد ليه تاعب نفسك بس قولي، قولي وفهمني، ايه اللي يمنعك من السعادة، يا ابني ده أنا قولتلك قبل كده متضيعش مرام من ايديك، البنت مفيش منها، معملتش ليه بالنصيحة...

صمت انس ببؤس وهو لا يعرف ماذا يقول، ايخبر صديقه انه تم إنفاق بينه وبين ليل ووالدتها انه لن يتزوج ابدا وان تزوج سيأخذان ملك. وملك روحه هو لن يستطيع التخلي عنها!
- حتي لو بحبها يا معتز صعب ارتبط بيها، ده كمان مستحيل، هي مش مكتوبالي يا صاحبي، ربنا يرزقها بالانسان اللي يقدرها، انسان غيري أنا...

ضربه معتز على كتفه وقال: - انسان غيرك يعني ايه يا بني ادم انت، هو فيه احسن منك يا انس، انت بجد غريب يا اخي، انت مناسب لمرام جدا، انت طيب زيها وانسان حنين وهتتفهمها وتراعيها عايز اعرف انت ناقصك ايه يعني...

هز انس رأسه وقال بإنفعال: - انا بحبها يا معتز، ايوة بحبها بس مينفعش اتجوزها. مينفعش. انت فاكر انه سهل عليا ابعدها، بالعكس ده صعب جدا، ده أنا بموت. والله، النهاردة هتجنن عشان مشوفتهاش بس والله حاجة كبيرة مانعاني من اني اتجوزها، صدقني لو اتجوزتها هخسر كتير...
كان معتز ينظر لصديقي وهو يشعر انه فقد عقله، كان معتز لا يفهم، لماذا اني مصر على قراره، وما قصده انه لو تزوجها سيخسر كثير، تري ما يخفي عنه...

- انا مش فاهم حاجة.
قالها معتز وهو يشعر بالحيرة...
تنهد انس وقال: - فاكر ملك بنتي اللي عرفتك عليها.
هز معتز راسه ليكمل انس: - عشان اخلي ملك تعيش معايا عملت إتفاق مع خالتها وجدتها اني مش هتجوز وآني لو اتجوزت هيأخدوها مني...
- انت مجنون يا انس...
صرخ معتز ثم اكمل: - يا بني ميقدروش دي بنتك انت قانونيا أولي بيها...
انسابت دموع انس وقال: - بس ملك مش بنتي يا معتز، مش بنتي أنا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة