قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والثلاثون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والثلاثون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والثلاثون

حاولت إيقافه وأنا أحتضن ذراعه بقوة ولكنه أبى التوقف بل زمجر بغضب: ابتعدي!
بربك يا كريس اهدأ قليلاً! أيها المجنون التحرك بهذه الطريقة خطير جداً.!
ولكن كلماتي قد وقعت على أذن لا تسمع.!
شارلوت: أتيت إلى المشفى متخذة قرار حازم، كل ما سأفعله هو تسليمه الهاتف. وأطلب منه نسيان كل حرف تفوهت به في الأمس. وإن لم ينسى سأضرب رأسه لأفقده وعيه وأخرج! أنا لم أنم منذ الأمس. أصابني الأرق بسبب التفكير طوال الوقت.

أدركت أنه لا فائدة سأجنيها من الندم أو تمني العودة بالزمن. لذا سأمضي قدماً دون أن استدير واعرقل الأمور على نفسي وأعقدها.
بسيطة. سأخبره أنني أسحب كلماتي ولهذا أتيت.
كنت أمشي في مدخل حديقة المشفى عندما شعرت بوقوف سيارة خلفي، لم أعر الموضوع إهتماما وأكملت طريقي حتى سمعت صوتا مألوفا ينادي بإسمي.

التفتُ بحيرة وقد تفاجأت برؤية إيثان يترجل من السيارة من بابها المجاور لمقعد السائق، تقدم نحوي وكذلك أنا إذ اتجهت إليه بعدم استيعاب، نظر إلى بهدوء فقلت: إيثان!
طرف بعينه التي لمعت ببريق أخضر متململ لأكمل بعدم تصديق يجوبه سعادة: وأخيراً! هل أنت هنا لزيارة كريس؟ أنا حقا سع.
لن أقطع هذه المسافة لزيارة ذلك الوغد المدلل.
استغربت كثيراً متمتمة: لماذا أتيت إذاً؟!
أضفت بإستيعاب: مهلاً.

يا الهي. هل يعقل بأنه هنا لتلقيني درساً بشأن كذبتي تلك عن موضوع تيا؟ يبدو انه هنا ليطرحني أرضاً!
ابتعدت خطوة للخلف أحدق إليه بحذر فاحتدت عيناه بتلقائية: يبدو انكِ تذكرتِ أمراً. لا تعتقدي بأنني سأثني على فكرتك السخيفة يا شارلوت، لماذا فعلتِ ذلك بحق الإله؟
طرفت بعيني بتوتر: ولكنها. كانت متعبة وبحاجة إلى.

لم يكن هذا ما قلته لي! أخبرتني أن ضجة في شقتها وذكرتِ المدعو براد في حديثك! ألا تعلمين أنني كدت أتعرض لعدة حوادث بسبب سرعتي المبالغ بها!
حاولت تلطيف الجو ممازحة: ألا يعني هذا أنك كنت قلقاً عليها؟
بريق الغضب في عينيه جعل لساني يُلجم واطرق برأسي بقلق وتوجس، ليزفر بحزم: ما الذي تحاولين فعله تحديداً!
ولكن. أنت وتيا لا زلتما ت.

لا يوجد شيء بيننا! انتهى كل شيء فإياك وحشر أنفك مرة أخرى يا شارلوت، لم يعد هناك ما يربطني بها!
جادلته بغضب: لماذا هرعت إليها إذاً؟ هاه؟!
أحكم قبضة يده بقوة قبل أن يزمجر: حاولي فعلها مجددا وس.
ولكن صوت مألوف قد قاطع جدالنا: عذرا؟ أعتقد بأنه قد تم تجاهلي هنا!
نظرت إلى مصدر الصوت لأرى جوردن، اتسعت عيناي بدهشة هامسة بإسمه بعدم تصديق، ما الذي يفعله هنا؟!
هو من كان يقود السيارة، لماذا هو من يوصل إيثان؟!

اقتربت من السيارة بدهشة لأقف أمامه فاستقام مبتعدا عن باب السيارة ينظر إلى بابتسامة هادئة وعيناه تجوبان على الضمادة على عنقي، تمتمت باستغراب: جوردن! هل أتيت لهذه المدينة لأجل إيصاله فقط؟
ضحك بخفوت: ليتك رأيتِ سيارته! لن يستطيع قيادتها بسبب غرق المحركات بالطين.
الطين!
ص. صحيح! كان المطر غزيراً في الأمس!
عاودت أرفع رأسي أنظر لجوردن محتارة وقد تساءلت بإهتمام: لم تجبني!

ابتسم متنهداً: رافقته لإيصاله بالطبع.
ثم نظر إلى إيثان بطرف عينه، كان ينظر إلى هاتفه وبدى منشغلا عنا قليلا فأردف جوردن بنبرة منخفضة أربكتني: سألت سام عن غيابك عن المنزل فجأة وأخبرني بما حدث. بصراحة أردت الإطمئنان بنفسي لذا عرضت على شقيقك إيصاله.
أردف ساخرا: كما شعرت بالشفقة لوقوفه وانتظاره سيارة أجرة في هذا الطقس البارد!
ابتسمتُ بهدوء: هذا لطف منك!

نظر إلى داخل السيارة للحظة قبل ان يفتح الباب ويخرج علبة صغيرة وقد استند على الباب مبتسما: تفضلي.
قالها يمد العلبة نحوي فتناولتها باستغراب: ما هذه؟
كانت علبة كرتونية بيضاء اللون وعليها شريطة ذهبية، لم تكن شفافة ولم أدرك ما بداخلها.
حدق إلى مجيباً: بعض الكعك التقليدي. شيء بسيط. سعيد لأنك بخير بعد تلك الحادثة.
نظرت إلى العلبة وابتسمت بإمتنان: شكرا لك يا جوردن!

تعالى رنين هاتف، فاتضح أنه إيثان الذي كان لا يزال ينظر إلى هاتفه حتى الآن، رمقني بملل وأجاب على الهاتف مشيحا بوجهه ومبتعدا قليلاً.
هل أنتِ حقا بخير؟
تساءل جوردن بإهتمام فتنهدت مميلة برأسي: نعم أنا بخير.
انخفضت عيناه إلى الضمادة وقد عقد حاجبيه: هل تحرصين على تطهيره؟ ألا يؤلمك؟
ابتسمت: لن أنكر وأقول لا، هو مؤلم قليلاً ولكنه ليس بالشيء الكبير.

ارتخت ملامحه قليلا وللحظة شعرت بأنني أرى في عينيه الزرقاوين بريقاً قلقاً! ازدردت ريقي بصعوبة وأنا ألمح يده التي رفعها نحو الجرح ومرر أصابعه على الضمادة هامساً: من المؤسف حدوث هذا.
انتفضت لحركته تلك وارتبكت مبتعدة بابتسامة هادئة أخفي توتري فيها: ح. حسناً! أتوق لتناول هذا الكعك.
نظر إلى بصمت ثم تنهد وبعثر شعره وهمس: آسف. أنا فقط. كنت قلقا جدا واردت رؤيتك لأطمئن بنفسي!

نظرت إلى الأرض أزم شفتاي بإرتباك، جوردن لا يزال يلمح لي. أعتقد بأن الهرب منه لم يعد يجدي نفعا، ربما على إخباره بأنني أعتبره صديق، جار، وشقيق وحسب وبطريقة مباشرة!
هو حتى لا يعلم بأنني تزوجت بكريس.!
تنهدت بعمق شديد ونظرت لإيثان الذي لا يزال يتحدث على الهاتف وعاودت أوجه إهتمامي لجوردن أقول بهدوء: جوردن. اسمعني أرجوك، هناك ما عليك فهمه. أنا لست.
ولكنه قاطعني يرسم ابتسامة مضمرة على ثغره: أعلم.

نظر للسماء للحظة قبل ان يهمس متنهداً: أعلم أنني لا شيء سوى مجرد جار، وأعلم أنني بمثابة سام و إيثان بالنسبة لكِ. ادرك هذا جيداً لا داعي لإخباري بأي شيء. أنا فقط. لا أشعر بنفسي ولا أدرك ما أفعله!
أضاف وعينيه تحدقان إلى عيني مباشرةً: شارلوت ألا يمكنك تغيير نظرتك هذه قليلاً!
تيا:.

كنت لا أزال أحاول منعه عندما وصلنا إليهم، انتبه لنا إيثان أولاً ونظر إلى كريس ببرود، والذي بدوره رمقه بحدة وهو يتجاوزه ويتجه إلى شارلوت التي كانت تقف مع ذلك الشاب.
بدى وكأنهما مندمجان في أمر ما! ولكنها سرعان ما أجفلت بذعر عندما جُذب جسدها للخلف إثر سحب كريس لذراعها بقوة!
رفعت عينيها بعدم استيعاب تنظر إليه باستغراب: كريس!
أضافت بدهشة: ألا بأس بالتحرك هكذا؟ ماذا عن الجرح! لم يكن عليك ال.
أطبقي فمك!

قالها بحدة فاتسعت عينيها الخضراوان وقد فغرت فاهها، ذلك الشاب الأشقر بدى مستنكرا للوضع وينظر إلى يد كريس التي لا يزال يمسك بها بذراع شارلوت!
من يكون؟!
فكرت في هذا وأنا القي نظرة خاطفة نحو إيثان الذي لمحته يحدق إليهم وأكاد أجزم أنني لمحت بريقا خبيثا في عينيه سرعان ما تلاشى عندما انتبه لي.

إيثان!؟ عقدت حاجباي أنظر إليه باستغراب شديد فرسم تعبيراً مشمئزا على وجهه وهو يشيح به بعيدا، وكم آلمتني ردة فعله هذه!
وجهت نظري نحو شارلوت التي قالت بعدم فهم: ما خطبك بحق الإله؟
رمقها كريس بطرف عينه في حين قال ذلك الشاب بهدوء: رأيتك ذلك اليوم. أنت الشخص نفسه الذي كان يقف في الخارج أمام منزل السيد مارك، الستُ محقاً؟

تبادلا النظرات ليقول كريس بجفاء: وأنت ذلك الغراء اللاصق الذي لم يخرج من منزلها حتى الصباح.
هذا هو جارها الذي تحدث عنه في ذلك اليوم! يا الهي.
امتعضت شارلوت متدخلة: لا تتحدث بهذه الطريقة يا كريس! أنا من دعوته إلى منزلي هو لم ي.
قاطعها جوردن بهدوء: يبدو أنك تعرفني مسبقاً، إذا لا حاجة لي بالتعريف عن نفسي اليس كذلك؟
أضاف بنبرة أقرب للحدة: ومن تكون أنت؟

ابتسم كريس بثقة وقد استرق نظرة خاطفة نحو شارلوت وقال بحيرة: هذا غريب! ألم تخبري الجار اللطيف أنك متزوجة؟
بدى الإمتعاض جليا على وجهها وهي تحاول تحرير ذراعها بينما ارتسمت التعابير الغير مستوعبة على وجه جوردن وردد كلماته بعدم تصديق! ألا يعلم بذلك مسبقاً؟! من الواضح ان شارلوت احتفظت بالأمر وتجاوزت إخباره.

أكمل كريس متنهدا بلا حيلة باستفزاز أزعجني أنا أيضاً: لماذا لم تعلميه بأمر زواجك يا شارلوت؟ أنظري إلى المواقف الصعبة التي تقحمينني فيها!
بدت تحاول جاهدة تمالك نفسها وهي تقلب عينيها الخضراوان بنفاذ صبر، نفيت برأسي بإستسلام وقد تدخلت بهدوء: كريس. هذا يكفي!
ترك ذراع شارلوت ورمق إيثان بإستهزاء: اتضح الآن السبب وراء مجيئك. ظننت للحظة بأنك ستتخلى عن هذه الألاعيب ولكنني خائب الأمل بالفعل.

ابتسم إيثان بإستخفاف: خائب الأمل؟ هل سيغير ذلك شيئاً؟ ليكن في علمك. هذا الزواج لن يستمر، إنها مجرد مقدمة بسيطة علينا الخوض فيها.
تدخل جوردن والدهشة لا تزال تتربع على عرش ملامحه ويقلب عينيه بين شارلوت وإيثان: هل هذا صحيح؟ هل تزوجتِ يا شارلوت حقاً! م. متى؟! أقصد. كيف حدث هذا فجأة و.

ظل يتلعثم وفي عينيه بريق ذهول، زمت شارلوت شفتيها تنظر إليه بشيء من الأسى وقد تمتمت: هذا صحيح. كنت سأخبرك قبل قليل. لم أكن أخطط لإخفاء الموضوع أو ما شابه!
طرف بعينه ببطء وتبادلا النظرات بصمت، صحيح انني لا أعرف شيئا عن هذا الشاب ولكن.
أرى إنكسار واضح في عينيه! من الواضح أنه يكن لها مشاعر عميقة. يا تُرى ما تفاصيل الموضوع؟

كسر صوت إيثان الصمت بنبرته المتبرمة: قلت للتو بأن هذا الزواج سينتهي عاجلا أم أجلا.
عقدت شارلوت حاجبيها بحزم: إيثان هذا الزواج يخصني أنا، سأكون من تقرر ما إن ك.
قاطعها صوت كريس بملل: هذا سيكون أصعب بكثير الآن.

نظر الجميع نحوه بعدم فهم، احتدت عينا شارلوت بشك فابتسم بثقة وهو ينظر إلى جوردن: اعترفت لي بالأمس بأنها تحبني، بربك هل سيكون هذا سهلاً؟ إنها متعلقة بي، لا يمكنها الإبتعاد عني بهذه البساطة، ربما تعرفك منذ زمن ولكن هذا لا يغير أنها وقعت في حبي في فترة قصيرة. ربما من الأفضل أن تعيد النظر بشأن كونك مجرد غراء لاصق يا هذا.

الدهشة على وجه شارلوت، والغضب على وجه إيثان، من الصعب مقارنتهما بالبلاهة التي رسمتها على وجهي رغماً عني!
لقد رأيت الكثير من الواثقون بأنفسهم على هذا الكوكب، ولكن مستوى الثقة لدى كريس اعلى من المؤشر الأقصى! بدأت أغتاظ وانزعج بالفعل! هذا كثير جداً. ينتابني شعور للحظة أنني أمٌ تقف بين ثلاثة أطفال يتجادلون وكل منهم لا يعير مشاعر الآخر إهتماماً!
ولا سيما هذا المتسرع كريس!

تنهدت بعمق شديد ومررت يدي في شعري الأصهب، ولكنني سرعان ما أجفلت بذعر لصراخ شارلوت المنفعلة: لقد ضقت ذرعا! اللعنة على ذلك الإعتراف السخيف. انسى تماما كل ما قلته لك في الأمس، انني نادمة الآن ولا يسعني وصف ندمي وخيبتي، اتيت لأعيد لك هاتفك وأخبرك بأنني أسحب كلماتي.

قالتها بسخط وهي تخرج من جيب معطفها هاتفه وتعطيه إياه فانتزعه من يدها بخشونة، نظرتْ إليه ثم قالت بحزم: بكل جدية يا كريس. أنا أسحب كلماتي فعلياً، الحب السخيف المراهق الذي أخبرتك عنه عليك ان تنتزعه من رأسك تماماً، يجب ان يتبخر! لقد طفح الكيل. ليس وكأنني سأنسى ردة فعلك اللئيمة في الأمس!
بعد جملتها تلك القت عليه نظرة غاضبة واستدارت لتقول مبتعدة: سأغادر قبل أن أخنقك.

ابتعدت بالفعل فناديت بإسمها بصوت عالي ولكنها أكملت سيرها! رأيت إيثان كذلك قد ابتسم بهدوء ينظر إلى كريس بثقة ثم استدار ليلحق بها.
عقدت حاجباي أنظر إليهما حتى اختفيا عن ناظري، زمجر كريس فجأة بغيض: بأي حق تلمسها؟
رفع جوردن حاجبه الأيسر ونظر حيث كانا يقفان قبل لحظات ثم قال ببرود: هل حقا اعترفت لك؟

أردف بجفاء: الم تكن مجبرة مثلا؟ أو قالت ذلك لدافع ما؟ لا يمكنني تصديق اعترافها إلى شخص مثلك! هي حتى لم تبدو محرجة خجلة وإنما غاضبة!
لمعت عينا كريس العسليتان بنفاذ الصبر، شعرت بهاجس دفعني للحذر وكنت محقة عندما حاول الإقتراب منه بغضب فمنعته لأحيل بينهما، ولكنه صرخ علي: ابتعدي! أغربي عن وجهي.!
نفيت بسرعة: أرجوك يا كريس تعقل! لا داع لهذه التصرفات الصبيانية!

قال جوردن بنبرة ساخرة: هل قلتَ بأنها وقعت في حبك في فترة قصيرة؟ لا عجب في أنها كانت تبدو مختلفة في الآونة الأخيرة عندما عادت إلى المنزل. بدت أكثر شحوباً وقلقاً طوال الوقت. هذا بالفعل مؤسف!
أيها اللعين!
انصت. هي مميزة بالنسبة لي كثيراً، أردت مواعدتها ولكنها لا تنظر إلى بأكثر من نظرة أخوية، ومع ذلك كنت ولا زلت لا أيأس. لدي قناعة بأنها تستحق شخص أفضل وأكثر حناناً حتى مما أنا عليه!

أضاف بجدية وحزم: كنت أستيقظ في الصباح الباكر لأراها تسرع في الذهاب إلى المدرسة في عامها الأخير، وحتى عندما التحقت في الجامعة كنت انتظر رؤيتها تذهب قبل أن أغادر أنا أيضا متوجسا وقلقا ألا تجد من يقلها إلى جامعتها. أنا لن أضحي بكل هذه السنوات بهذه البساطة! لقد انتظرتها طويلا وصبرت كثيراً. ليس وكأنني أراك شخص مميز يستحقها لأستسلم! لقد كانت من تعتني بأبي وتعد له الوجبات عندما لا أكون في الجوار! أنا ممتن ولها وكذلك أحبها!

اتسعت عيناي بذهول وكذلك كريس الذي تسمرت عيناه عليه!
هذا الشاب.
كلماته مؤثرة بالفعل! حتى أنني ولأقل من لحظة فكرت كاللئيمة التي ستضرب كريس وتنحني احتراما لهذا المدعو جوردن!

كنت لا أزال أقف بينهما عندما ابتعد كريس قليلا وقال بحدة: الفتاة التي تتحدث عنها هي زوجتي. هي تحبني ولا تنظر سوى إلي، لذا لا تحشر نفسك في علاقتنا وابقى خارج الموضوع، يؤسفني حبك الغير متبادل من طرف واحد هذا ولكن للأسف حان الوقت لتبحث عن فتاة أخرى تواعدها.
وأنا الذي كنت أتساءل. لماذا افتقدت ابتسامة شارلوت في الآونة الأخيرة!
هاه!
احتدت ملامح كريس: ماذا تقصد؟

رفع كتفيه وهو يركب سيارته: لقد فهمت ما أشير إليه. أنا حتما أفتقد ابتسامتها كثيراً، على الأقل هذا أمر لي الحق ألا أسامحك عليه.
أغلق باب السيارة وعاد بها للوراء فتابعناه بأعيننا ليقول كريس بغيض شديد: هذا الحقير. من يظن نفسه، لن أكون مسؤولا عما سأفعله به لو قام باستفزازي مجدداً!
نظرت إليه بطرف عيني أهمس بتبرم: كن حذرا يا كريس، أنا أيضا بدأت أغير الجانب الذي أقف بجواره. ربما سأشجع ذلك الشاب وأعاونه.

نظر إلى بوجه مندهش لثواني قبل أن يلوي شفته: اخرسي يا تيا. ذلك الإيثان مغناطيس المشاكل، كنت أعلم أنني في كل مرة أراه فيها سيجلب معه شكل مختلف للمصائب.
حسناً. بدأت أفهم لما قررت السيدة أولين الإختلاء بنفسها وتناول الفطور بعيدا عنه.
مع أنني كنت قلقة بشأن شارلوت وكريس ولكنني وحتى الآن أشعر بنغزات مؤلمة في قلبي جراء تلك النظرة التي رمقني إيثان بها.

هذا بالفعل مخيب للآمال، ظننت أنني أرى بصيص أمل بشأن علاقتي به.
ولكن.
من يظنني إيثان لأستسلم بشأنه بسهولة!
شارلوت:
كنت أمشي بغضب شديد و القي بسيل من الشتائم بإنزعاج، بل واصطدمت بأكتف العديد من الأشخاص ولم يتوقف لساني عن الإعتذار لهم.
أكره أن يتعرض شخص ما للإهانة بسببي!
جوردن شخص لطيف. و. يكن لي مشاعر خاصة!
ويزعجني كثيرا أن أراه يتعرض لتلك الكلمات!
ذلك الكريس.

تجاوز حدوده تماماً! لو كنت أعلم أن ضريبة اعترافي ستكون بهذه البشاعة لما اعترفت! ولو كنت أعرف ان كل هذا سيحدث لساعدت ذلك المجرم براد على قتل هذا الوقح وساعدته في إخفاء جثته!
يا الهي لم أعد أحتمل، بدأت جديا أفكر في النيل من كريس بطريقة أو بأخرى! إنه مستحيل. الطريقة التي يتحدث بها وثقته العمياء تكاد تصيبني بالجنون.

لا يمكنني تسمية كل هذا بثقة أو بغرور ولا حتى بجنون عظمة. إنه أمر أخطر بكثير لا يوجد له دواء أو حل! إنه مرعب. مرعب جداً بثقته من مشاعري نحوه قبل أن اعترف له حتى.
لقد تعبت.
وقوعي في حبه لم يشعرني بالراحة ولو قليلاً، أنا حقا متعبة!
رفعت الوشاح أعلى عنقي قليلا بسبب البرد وقد دمعت عيناي و انتابتني رغبة في البكاء ولكن تلك الرغبة قد تبددت عندما شعرت بيد تمسك ذراعي لتجبرني على الوقوف.
إ. إيثان!

نظرت إليه بصمت بعيناي الدامعة بترقب يجوبه توتر.
بينما كان يحدق إلى بجمود هادئ!
حتى تساءلت بهدوء: هل أنت راضِ عما حدث الآن؟ هل أنت سعيد! أردت أن تراني أُهان على يد عديم الإحساس ذاك! هل أثني عليك يا إيثان؟
ترك ذراعي وتمتم: اتبعيني.
ارتفع حاجباي ونظرت إليه وهو يبتعد ويعبر الرصيف وأسرعت خلفه متسائلة: إلى أين؟
لنتحدث في مكان ما.
ن. نتحدث!

لم يعلق فاكتفيت باتباعه بصمت وإذعان. كان الرصيف مزدحما قليلاً فحاولت أن أبقى على مقربة منه.
فهو يمشي بسرعة وكأنه يمشي وحده.
انزعجت من ذلك ولكنني لم أستطع قول شيء بالطبع، ما الذي سيتحدث عنه يا ترى؟!
توقفت عن التفكير قبل ان ابدا حتى لا أتعب نفسي، فيكفيني ما أمر به حالياً وكم أنا شاكرة لنفسي لصمودي وعدم القاء جسدي أمام إحدى هذه السيارات الآن.
دخلنا لمقهى للكعك والقهوة والمشروبات الساخنة وما شابه.

كان مكانا دافئا بألوان داكنة مناسبة جدا لهذا الشتاء. فجدرانه ذات التصميم الخشبي القديم البني وأرضيته ذات الصبغ الباهت جعلت منه مكانا مريحا للأعصاب! وحتى الإضاءة الصفراء الخافتة قليلاً والتي كانت تتدلي بحبال على بعد ارتفاع بسيط فوقنا والإنارة الطبيعية التي تمدها الشمس الباردة من النوافذ.
جلسنا على طاولة بجانب نافذة مطلة على الشارع الذي كنا نمشي فيه للتو.

أتى النادل فوراً ليخبره إيثان بأن يأتي بكوبين من القهوة، ذهب وبقينا جالسان نحدق في وجوه بعضنا بصمت.
حتى تنهد: لنعد إلى موضوعنا قبل أن يفسده ذلك المدلل. هل تظنين أن حيلتك السخيفة تلك ستعيد المياه إلى مجاريها!
اسندت وجنتي على كف يدي متمتمة: من الواضح أنك تحبها وهي تحبك، لا أدري أين تكمن المشكلة بالضبط!
لم يعد هناك أي شيء يربطنا! بربك يا شارلوت هل عليك اللجوء إلى هذه الألاعيب الصبيانية!

تيا تتعذب بصمت! لقد ضحت من أجل كريس ولكنها في المقابل خسرتك! هل حقا لا تشعر بالندم على أي شيء يا إيثان!
احتدت عيناه: الندم؟
بللت شفتاي بتوتر قبل ان انظر إليه بتردد: لقد غدرت بكريس. تظاهرت بأنك تتقرب إليه كصديق ولكنك فعلت ذلك للحذر منه وحسب. هذا لؤم منك!
اتسعت عيناه بدهشة فأكملت بغيض: أعلم أنك أردت حمايتنا وكنت قلقاً بشأننا، ولكنك بالغت كثيراً! كريس وثق بك كما تعلم. هل كان عليك ال.
هذا الموضوع منتهي.

أنت المخطأ فيه.
أتقولين أن كل هذا ستعلقينه على عاتقي أنا؟
لن اتحيز لك لأنك أخي! أخطأت في حقه وعليك ان تدرك هذا، أو انك تدركه بالفعل ولكنك تراوغ نفسك.
أضفت بمحاولة لإستفزازه: انظر إليك. لم تخسر عملك الذي أحببته وحسب بل وحتى الفتاة التي أحببتها.
ضاقت عينيه فجأة وضرب الطاولة بيده فانتفضت على الكرسي بفزع!
نظر البعض نحونا، او ربما الجميع!

توترت كثيرا وأخفضت عيناي نحو حجري فهمس يرص على أسنانه: سأتصرف مع لسانك السليط بطريقة مناسبة لاحقاً، لا تذكريهما مجدداً إنهما مجرد شخصان من الماضي بالنسبة لي.
أنت جبان جداً.
وأنت خيبتِ أملي كثيراً، الوقوع في حب ذلك النرجسي؟ هل أنتِ في كامل قواك العقلية؟
علي الأقل أنا أقر بذلك. لست أهرب من حقيقة مشاعري!
لا يوجد ما تفخرين بشأنه!

عضيت على شفتي بإنزعاج متمتمة بإقتضاب: لماذا لا تريد للأمور أن تتحسن بحق الإله؟
إن كنت تقصدين المدلل فالأمر منتهي، وإن كنت تشيرين إلى تلك الصهباء فحذاري ان تعيدي الكرة لأنكِ ستكونين السبب في جرحها مرة أخرى.
عقدت حاجباي بعدم فهم مفكرة في كلماته! جرحها مرة أخرى؟
لا يمكن.! هل قال لها شيئا جارحا او مهيناً في الأمس؟
تساءلت بقلق: هل. قلت شيئا سيئا لتيا؟

هل ظننتِ للحظة بأنني سأذهب إليها والقي عليها سيلا من الكلام المعسول يا ترى؟
لم أتوقع هذا ولكنني استبعدت ان تهينها كذلك!
ولماذا لا أهينها؟
لا ذنب لتيا في شيء! إنها تحبك. هل عليها ان تتوقف عن حبك لتكون راض عنها؟
لا تهمني مشاعرها.
أنت تكذب.
وأنتِ ساذجة جداً!
زميت شفتي بحنق محاولة تمالك أعصابي هامسة بدون شعور: أناني لا تختلف عن كريس في شيء. افهم جيدا لماذا يكره سام رؤية أمي وأبي يدللانك ويميزانك.

رمقني بغضب شديد وقبل أن يتفوه بشيء اتى النادل واضعا اكواب القهوة ونحن نتبادل النظرات بغضب مماثل.
ما أن ذهب حتى قلنا في الوقت آنه.
ستندمين / متبلد.
ارتفع حاجبه الأيسر وقال ببرود: متبلد؟ آه نعم. فزوجك اكتسب المشاعر الدنيوية في الحياة كلها.
لا علاقة لكريس ب.
إنه أساس كل مشكلة.

قالها بحقد ليكمل: بالمناسبة لا أريد الإطالة في المقدمات كثيراً. أتيت اليوم لأخبرك أنه عليك انهاء هذا الزواج بأسرع وقت رغما عنكِ وعنه.
اتسعت عيناي محدقة إليه بعدم استيعاب!
أتى ليجبرني على الإنفصال من كريس؟ لابد وأنه يمزح! إلى أي مدى هو صعب المراس هكذا!
ما الذي تقوله!
كما سمعتِ تماماً.
أضاف ساخراً: ماذا؟ أتحبينه لدرجة إهانة نفسك بشتى الطرق لأجله؟

أطرقت برأسي أخفي خيبتي ولكنه استأنف بلامبالاة: لا تنسي بأنك لا تعنين له شيئاً يا شارلوت.
لقد لمس الوتر الحساس بشراسة، وجدت نفسي أطبق بفمي بقوة وأنا أنظر للناس والسيارات من خلال النافذة.
أعلم.
أعلم بانه لا يحبني.
لا داعي لتذكيري بذلك! يكفي انني اعترفت له وفات الأوان على الندم والتمني.
همست بضيق: إيثان. إن كنت تظن بأن كلماتك هذه ستجبرني على الإبتعاد عنه فأنتَ مخطِئ.

ما هذا التناقض! الم تصرخي قبل قليل وأخبرته بنفسك أنكِ تسحبين كلماتك؟ لماذا تتمسكين به بحق الإله!
أنت تعلم بأنني أحبه مسبقاً.
وأعلم بأنه لا يبادلك الشعور!
أغمضت عيناي للحظة قبل أن أنظر إلى الشارع مجددا بعين محبطة ووجه قد شحب جراء قسوة جملته هذه.
وما عساي أقول؟ إنه محق.
لا يمكنني الكذب على نفسي.!

أنا بانتظار إجابتك يا شارلوت. هل ستبتعدين عنه أم أجبرك على ذلك؟ الست تفضلين الإنسحاب بهدوء بدلا من الخوض في مشاكل كثيرة؟
رفعت رأسي وتأملته بصمت مستاء بينما بادلني النظرات بثبات.
وجدت نفسي ابتسم ساخرة بإنزعاج: لا أدري لماذا ظننت بأنني ما أن أقع في حب شخص ما ستكون أنت من يدعمني و.
أي شخص آخر. سواه. كريس خصيصا لا.
بللت شفتاي هامسة: لا شأن لي في علاقتكما السابقة.

ساد الصمت وأنا أنتظر منه أن يعقب على ما قلته حتى زفر ثم قال ببرود: شارلوت. انصتِ إلى جيداً. لقد طفح الكيل وصبرت كثيراً، أقسم بأنني سأغادر المدينة تماما وأسافر إلى مقر عملي ولن أعود إن قمت بمعاندتي واخترت التمسك به! لا يمكنني البقاء في منزل قد يزوره ذلك اللعين!
اتسعت عيناي فأكمل: أنا جاد. سأرحل تماماً. هذا أفضل من رؤيته جزءا من عائلتي.
أنا.

أشعر بالإستياء والضيق الشديد. أشعر بصعوبة في التنفس وبألم شديد في صدري!
ما هذا التوتر كله؟
أنا لم أتوقع سماع تهديد غريب من نوعه كهذا!
أنا لن أبتعد عن كريس! لا أريد حتى لو كان كريس بالفعل يكرهني.
أنا متعلقة به! حتى لو قلت أمامهم بأنني أسحب اعترافي فأنا لن أتجرأ على الإبتعاد عنه لأنني اعلم جيداً ما سيكون عليه حالي.
الأمر ليس بيدي.
ولكن.

إيثان. يبدو جاد جداً وهو ينظر إلى بثباته هذا!، هل حقا سيكون أخي هو العقبة الوحيدة أمامي! ألن احظى منه بنصائح ودفعة تحفيز؟
نظرت إلى عينيه محاولة البحث عن جواب، ما إن كان بالفعل جاد أم أنه فقط يهددني بذلك الكلام الفارغ.
رشف من القهوة بملامح حادة غاضبة فهمست متنهدة: إنها قضية كبرياء يا إيثان اليس كذلك؟

نظر إلى النافذة بعينيه الخضراوان، لمعت بشيء من الشرود ليضع كوب القهوة متمتما: كريس وتيا انتزعا مني كرامتي وكبريائي. لن أسامحهما على ذلك، سأكسره وأحطمه كما حطمني.
ظل وجهه نحو النافذة إلا أنه نظر إلى بطرف عينه هامسا: سأنتزعك منه ليعلم أنه انتزع مني أمور كثيرة.

إيثان ما الذي تقوله؟ كفاك جنونا أرجوك! الم تتفوه للتو بنفسك بأمور مليئة بالكراهية! قلت بأن كريس يكرهني ولا يبالي بمشاعري فلماذا تتحدث بطريقة متناقضة تماما الآن؟ إن كنت لا أعنى له شيئا فلماذا س.
أنت غبية جداً!
عاود ينظر للنافذة هامسا بشرود التمست فيه ضعف أدهشني: أعتقد أن غبائك يا شارلوت نقطة إيجابية في صالحي.
هاه!
ابتسم بتهكم ولم يعلق.
طرفت بعيني ببلاهة وقد تساءلت بحيرة: ما الذي تشير اليه؟

تجاهلني يقلب عينيه بينما يضرب بأنامله الطاولة بخفة.
نظرت من حولي بشرود قبل أن اهمس دون شعور: لا افهم تصرفات كريس. احيانا اشعر بانني لا اعني له اي شيء. واحيانا اخرى التمس في صوته ونظراته شيء غريب. من الصعب وصفه ولكنني ارغب في الاستمرار في التنقيب في ذلك الشعور اكثر. انا.
صمت للحظة قبل ان اكمل: ربما أنوي ايقاع كريس في حبي.

اتسعت عينيه الخضراء لتلمع ببريق الدهشة والغضب! اخفضت عيناي وتملكني الخوف رغما عني. ومع ذلك قلت بهدوء: ايثان. من فضلك لا تتدخل ف.
اجفلت لاشهق برعب عندما ضرب الطاولة بيده ووقف بسخط: ايتها المغفلة! انت تحاولين اللعب بأعصابي بلا شك. كلمة اخرى وسأذهب حالا للتخلص منه!

وقفت بحزم وحاولت تمالك نفسي بينما اجز على اسناني: لا اريد من جبان يهرب من مشاعره تجاه الفتاة التي يحبها ان يتدخل في علاقتي بالرجل الذي اكن له مشاعر كهذه! كن صريحا مع ذاتك اولا يا ايثان قبل ان.
اقترب في طرفة عين يمسك بذراعي بغضب: توقفي عن هذا حالا! الا يمكنك رؤية من وقعت في حبه جيدا بحق خالق الجحيم؟ انا لن اغفر له فعلته. لا انوي مسامحته لذا لا تسمحي له بلوي ذراعي من خلالك انت يا شارلوت!

اعقب وقد ترك ذراعي يمرر يده في شعره بعصبية وانفعال: انها فرصتي! اياك وافسادها.
نظر الى عيني مباشرة قبل ان تظهر تقطيبة صغيرة بين حاجبيه ويجز على اسنانه مكملا بصوت منخفض ولكن لم يخلو من الحدة والتهدج: فرصتي الوحيدة ليشعر بما شعرت به. لانتزع منه ما انتزعه مني!
- م. ما الذي تقوله!

- عليه ان يدفع الثمن! سأجعله يشعر بمرارة من انتابني. سأحطمه وانتزعك منه ليأتي يوما راجيا اياي المغفرة على ان اعيدك اليه! سأجعله يقر بندمه وقد وقع في حبك بعد ان.
ه. هاه؟
جحظت عيناي في حين صمت فورا وقد بادلني النظرات بذهول كذلك.
وقفنا نحدق الى بعضنا بعدم استيعاب!
هل قال.
كريس قد وقع. في حبي؟
هل هذا ما سمعته ام انني مستمرة في احلامي الوردية!

تسارع نسقف تنفسي في حين بالكاد طرف بعينه فقلت بتردد: ايثان. هل قلت.
اشاح بوجهه بحزم وقال فجاة يتراجع خطوتين نحو الطاولة حيث كان يجلس: فليذهب العالم الى الجحيم. لا اريد سماع حرف واحد. لن احتمل جدال او كلمة اخرى اصمتي وحسب.

أضاف وهو يضع النقود على الطاولة ببرود: بغض النظر عن هذا كله. أنا مازلت مصرا على موقفي وعلى ما قلته للتو. إن لم تبتعدي عنه فأقسم بأنك لن تري وجهي حتى يحين وقت مماتي لتنظري إلى جثتي قبل دفنها يا شارلوت.
القى بذلك القسم وخرج من المطعم وهو يضع يديه في جيب سترته مدفئا نفسه.
نظرت إليه من خلال النافذة وهو يبتعد بينما تجاهلني تماما.
أنا بحاجة. للحظات لأستوعب ما سمعته.

كريس يحبني؟ وما الدليل على ذلك؟ وهل هو جاد في تهديده؟
لن أراه. إلا عند مماته!
بحق الإله يا إيثان لماذا تحدثني بهذه الطريقة!
القيت بجسدي على الكرسي بتعب اتجاهل النظرات الفضولية من حولي. وضعت رأسي على الطاولة ودمعت عيناي بإحباط وإستياء شديد.
ما الذي على فعله الآن؟
كيف لكريس أن يحبني مع هذه المعاملة التعيسة والمهينة؟ وكيف لإيثان أن يطلب مني أمرا كهذا وهو يعلم بأنني واقعة في حبه؟

الهذه الدرجة يريد الإنتقام منه؟
هل يستغلني؟ لماذا يشعرني وكأنني نقطة ضعف لكريس بحق الإله؟
كيف لكريس أن يحبني واليوم قد.
اليوم؟
ب. بالتفكير بالأمر!
لقد غضب من جوردن كثيراً! بدى بالفعل منزعجا! هل. يغار؟
اتسعت عيناي واعتدلت قليلا مفكرة بالأمر بتعمق. وحينها بدأ عقلي يسترجع الكثير من المواقف التي مررت بها ونلت بها كلمات قاسية وجارحة من كريس!

تلك الليلة عندما غضب بشأن المدعو اليكس، وعندما ذكّرني بأنني لا أزال زوجته بعد مبيت جوردن في منزلنا!
عقدت حاجباي وفي هذه اللحظة حجبت الغيوم قرص الشمس وجعلت انعكاس صورتي يظهر على النافذة، نظرت إلى وجهي أممر يدي على عنقي، تحديدا الضمادة وقد اخفضت نظري إلى الفراغ قليلاً.
هل كان دافع كريس الغيرة حقاً؟ لماذا يبدو الأمر مضحكا وصعب التصديق!
هل ستسيّره الغيرة للتصرف بتلك الطريقة القاسية؟

أي نوع من الغيرة هذا بحق الإله! بصراحة لا يمكنني تصديق الأمر.
إما أن إيثان قفز بهذا الإستنتاج بتسرع أو أنني لازلت أواجه صعوبة في تجميع أفكاري!
ليس وكأنني سأصدق طرفة كهذه أصلاً.
علي أي حال أنا الحمقاء التي وقعت في حب الثري الذي ينظر إليها بطرف عينه وإن كان في الآونة الأخيرة قد غيّر من معاملته لي. إلى الأفضل!

ولكنني وكلما تذكرت هاذان اليومان أشعر بالرغبة في الضحك لمجرد التفكير بأنه من الممكن أن يكن لي مشاعر خاصة.
هذا غير ممكن بالطبع. فهذا الحب هو كاللعنة بالنسبة لي. وعلى إيجاد حلاً مناسبا ومنصفا.
في النهاية خرجت من المقهى وعدت إلى منزل السيد ماكس، كنت أمشي في حديقة المنزل، عبرت بجانب ملعب الغولف وها أنا ذا أمشي عند الأكواخ وجلسة الشواء.

كنت أضم معطفي إلى لأدفئ نفسي عندما مررت أمام الأكواخ وتهاوى على مسامعي صوت خافت.
وقفت قليلا التفت يمينا وشمالا ولكنني لم ألمح شيئا مميزاً فأكملت طريقي. ومع ذلك وقفت مجددا وأنا أسمع الصوت نفسه مرة أخرى.!
عقدت حاجباي باستغراب ولكنني لم أكد ابحث في الأمر مستسلمة لفضولي حتى شعرت بيد تجذبني بسرعة! لم يكن سوى رين الذي سحب يدي وقال بنبرة محذرة هلعة: لا تصدري صوتاً!

اتسعت عيناي بعدم فهم وانتابني قلق انظر من حولي بخوف!
أدخلني إلى أحد الأكواخ ودفعني للداخل برفق بينما ظل عند الباب يراقب فسألته بصوت خافت: م. ما الأمر!
أجابني بتلعثم: يوجد بعض الأشخاص الملثمون قد اقتحموا المنزل!
م. ماذا!
خفق قلبي برعب وحينها وبتلقائية صرخت بتوتر: ج. جيمي! أين جيمي؟
ولكنني سرعان ما تسمرت في مكاني عندما انفجر ضاحكا نافيا برأسه!

ارتجفت شفتاي وحدقت إليه بحاجبين معقودان ليقول من بين ضحكاته: كم أنتِ ساذجة! نلت منكِ بكل سهولة بالفعل!
لا تخبرني بأنها كانت مزحة! اللعنة لماذا تفعل هذا! لا أرى شيئا مضحكا في هذه الحركة التافهة!
ضحك بخفوت مجددا واتجه للأريكة ليجلس عليها مبتسما باستمتاع: أول من خطر على بالك هو ذلك الطفل. حسنا أنا معجب بردة فعلك!
لا تقيم الأمور كما يحلو لك! إياك والتصرف بهذه الطريقة الطفولية السخيفة مرة أخرى.

رفع كتفيه ووضع قدما على الأخرى ينظر إلى بسخرية وتمتم: خرجتِ قبل قليل من المنزل، ولكنك عدت بسرعة. اليس هذا غريبا!
زفرت بنفاذ صبر واتجهت للباب لأخرج، لا يجب أن اتعمق في أي حديث مع رين هذا، أولا هو يستفزني بسهولة ويجيد ازعاجي، ثانيا لا أعلم ما يفكر به ولا يجب أن اطيل البقاء معه.
ما مدى ثقتك بإخلاص ابن خالتي لكِ؟
استوقفني بسؤاله هذا، كنت لا أزال امسك بمقبض الباب ولم أستدر إليه، إخلاص. كريس؟!

ترددت قليلا ومع ذلك لم التفت نحوه بل أكملت طريقي ولكنه أضاف بهدوء: شخص ما. يحاول كسب قلب زوجك المثالي، هل تعرفين هذا؟
قطبت حاجباي بعدم فهم وأنا أستدير انظر إليه: هاه؟
لمعت عينيه بخبث ورفع رأسه ينظر للسقف قليلا قبل أن يزفر بفتور: قريباً جدا. سترين ابن خالتي يبتعد عنك تدريجياً وحينها. ستندمين على الوقوع في حب شخص مثله.

اسمع واعقل! إن كنت تثرثر بكلام فارغ فأنصحك بأن تتوقف حالا، لدي ما يكفيني بالفعل! متى ستتصرف بطريقة أكثر نضجا؟ ما تفعله ليس ممتعا وعليك ان تفهم بأن.
ولكنني توقفت عن الحديث عندما وقف وقرب وجهه فجأة فانتفضت مبتعدة وأنا أدفعه فضحك بسخرية!
أنت قذر منحرف!

رفع كتفيه بلامبالاة واتجه للأريكة مجددا ليجلس عليها وهو يرشف من قارورة الماء واضعا قدميه على الطاولة: أردت ان أكتشف أي ردة فعل ستبذر منك، لديك سرعة بديهة. ، هذا فاجأني أيضاً.
نظرت إليه مقتضبة ثم تنهدت بعمق. يكفي ما حدث لي اليوم.
لست متفرغة لإستفزازه واحاديثه الفارغة!
ثم من الذي يحاول ان يكسب قلب كريس على أي حال!
بللت شفتاي وسألته بتردد وحزم: أ. أخبرني. هل حقا يوجد شخص ما. يحاول.

قاطعني بملل: لماذا سأكذب؟
لا أدري. ولكنني لا أستطيع أن أثق بك!
اصدر صوت همهمة ثم قال: حسنا هذا راجع لك. ولكنني أراهن على أنه لديك ما سيجول في خاطرك الآن.
إنه محق! فلقد ظهرت صورة الرسائل تلك في مخيلتي فجأة!
أيعقل أن كلامه صحيح؟
أطرقت برأسي لبرهة ثم نظرت إليه بحذر: ومن تكون؟
شخص ما وحسب. ليس من شيمي ان أفصح عن هوية الأشخاص!
أوه حقاً! أقدر هذا كثيرا.

اضفت بحيرة وشك: ثم ما مصلحتك من إعلامي بأمر كهذا! ظننتك تكرهنا جميعنا.
ومن قال بأنني أحبكم؟
أردف بلامبالاة ومكر: إنها شفقة وحسب. أردت إعلامك بالأمر فأنتِ على كل حال لن يكون في يدك خيار لاحقا وستتنازلين عن كل شيء وتعودي أدراجك حاملة حقيبة ملابسك تجرين خيبتك ورائك. حينها سألوح لك من الشرفة وأمسح دموعي بمنديل رخيص والقيه عليك لعلك تضطرين لاستخدامه لاحقاً.

شعرت بالغضب يتملكني بسبب حديثه الساخر المهين والقيت عليه نظرة منزعجة قبل ان استدير لأخرج دون أي كلمة.
ما خطبه بحق السماء!
هل على تصديقه حتى؟ فهو في النهاية مجرد عدو لكريس! ربما يحاول تشتيتي والعبث بي. لما لا؟!
زفرت وأنا أكمل طريقي لأقول بإحباط: كريس يزعجني ويتعبني حتى وهو بعيد عني.
تيا:
أشارت الساعة للثانية والنصف ظهراً.
عدت من الشركة وأنهيت عملي وها أنا ذا أدخل لشقتي بتعب وإرهاق.

غياب كريس عن العمل يضع الجميع تحت ضغط كبير! ولا سيما الجداول المزدحمة التي يكون تداركها مهمتي أنا! الغاء وتجديد المواعيد وإجراء المكالمات وإرسال الرسائل الإلكترونية وكذلك المقابلات، كلها واجباتي أنا!
القيت بحقيبتي على الأريكة بإهمال وخلعت الحذاء العالي متجهة فورا إلى غرفتي للسرير لأرتمي عليه مطلقة تنهيدة عميقة جداً.
العمل يحتاج لتنظيم. السيد جوش يقوم بدوره كما اتفق مع السيد ماكس وكريس.

وأصبح يدير الشركة مؤقتا ريثما يخرج كريس من المشفى.
ولكن السيد جوش اعتاد إدارة قسمه الخاص.
أمور الشركة وُكلت جميعها لكريس وهو من يقوم بهذه المهام دائماً ومن الصعب لنا أن ننظم الأمر هكذا.
اعتدلت قليلا ممسكة قدمي لأدلكها وأنا أنظر للآثار الحمراء التي تركها الحذاء العالي.
الجميع في الشركة على علم بما حدث لكريس.
واتفقوا على أن يقوموا بزيارته اليوم أو غداً. بالطبع ليس الجميع وإنما موظفوا بعض الأقسام فقط.

نظرت للكرسي الموجود بجانب السرير وتذكرت حينها قدوم إيثان لمنزلي قبل أربعة أيام.
لا فكرة لديه كم أنا مشتاقة إليه. نعم، مرت أربعة أيام بلمح البصر!
بالرغم من أنه كان واضحا وأرادني أن أبتعد عنه وأخرج من حياته تماما إلا أنني مازلت أفكر فيه منذ ذلك اليوم دون توقف.
وعندما أتى برفقة جاره للمشفى وحدث ما حدث.
بالغت في التفكير أكثر حتى أنني أصبت بصداع لازمني يومين.

بالنسبة لكريس. فمنذ أن غادرت شارلوت غاضبة وهو ينزعج أو يغضب لأبسط وأتفه الأسباب.
واشتكت إحدى الممرضات لرئيس القسم عن تصرفات كريس ولكن بالطبع ليس في يدهم إي حيلة.
كريس. بات واضحا هذه الأيام.!
إنه منزعج من عدم زيارة شارلوت له.
فمنذ أن مرت الثلاثة أيام وهو يرفض السؤال عنها...
إلا أنه يستمر في التلميح لي ولكل من يأتي لزيارته.

حتى أحرجه ستيف قائلا (لما لا تقل أحضروا محبوبتي وخاصتي شارلوت معكم في المرة القادمة لتختصر الأمر وحسب؟ )
ولكنه كالعادة أنكر واختلق حجج كثيرة لا نهاية لها.
بالطبع شعرت بالفضول لعدم زيارة شارلوت له وعندما ذهبت لمنزلهم أخبرني السيد ماكس شخصيا بأنه من طلب ذلك منها. وأدركت بعدها أنه استدرج شارلوت بالحديث وفهم ما حدث قبل بضعة أيام، ونصحها بذلك ولم تعترض.

من الواضح أنه يريد لكريس أن يكون ألطف في معاملته معها. لربما هذه الطريقة وتشويقه لها سيجعله يستسلم، ولكن من يدري. إنه كريس ولا أعلم أي نوع من الطفيليات يعيش في فص دماغه الأيمن والأيسر.
أخذت شهيقا ثم وقفت لأدخل الحمام وأريح جسدي بالإستحمام بمياه دافئة ترخي أعصابي وتساعدني على إستعادة نشاطي.
وعندما انتهيت أسرعت بتجفيف شعري وارتديت ملابسي لأنام مباشرة.
علي أن أرتاح قليلا. لن أقاوم هذا الإرهاق والنعاس.

أخذت شهيقا وأغمضت عيناي مستسلمة.
استيقظت في وقت لاحق وأمضيت يومي كأي يوم عادي.
أشارت الساعة للسادسة مساءا وأنا أجلس على الأرضية في غرفة الجلوس محاولة انهاء بعض الأوراق التي احضرتها من الشركة!
أنا أحاول الانتهاء منها منذ ما يزيد عن الساعتين ولكن.
لا أدري إن كان على أن أوقع أو أترك الأمر لكريس!
حينها وجدت نفسي أتصل برقمه.
انتظرت حتى أتى صوته بهدوء: مرحباً.
كريس. هل انت متفرغ الآن أم أن هناك ما تفعله؟

وما الذي سأفعله في المشفى برأيك؟
أردت أن أسألك بشأن بعض الأوراق بحوزتي، أيمكنني إحضارها إلى المشفى في الغد لتلقي عليها نظرة قبل أن أوقع عليها؟ أشعر بأنه عليك أن تنظر إليها بتمعن!
بشأن ماذا؟
تلك الصفقة بشأن شركة الأدوات المُستوردة في الشهر السابق.
لقد رفضت تلك الصفقة مسبقاً.
هاه! لقد أرسلوا اليوم اوراق الموافقة!
القي بها وحسب. اوضحت فيما سبق بأنها صفقة مرفوضة تماماً. تجاهليهم تماماً.
لماذا؟

لن أتعامل مع شركة كل ما تجيد فعله هو وضع أهداف يريدون تحقيقها على المدى القريب فقط، لا خطط أو مشاريع مميزة يقومون بتطبيقها.
هكذا إذاً!
أضفت متنهدة: سأتجاهل الورق إذا. وإن أرسلوه مجددا سأقول لهم بأننا تراجعنا عن هذه الصفقة.
يُفضل أن تفعلي هذا.
ثم ساد صمت وأردت أن أنهي المكالمة حتى قال بهدوء: تيا.
ما الأمر؟
ب. بشأن شارلوت.

زفرت بنفاذ صبر أنظر للسقف أقلب عيناي بيأس: إن كنت تريد السؤال عنها فافعل هذا مباشرة وتوقف عن المماطلة والمراوغة. ارحمنا أرجوك!
لماذا توقفت عن زيارتي؟
ربما على أن أفعل ما قاله السيد ماكس.
لن أجبه قائلة بأنها توقفت من أجل طلب والده. بل أمر يحرك كريس أكثر.
تمتمت بهدوء: ربما تكون منزعجة بشأن ما قلته ذلك اليوم.
لم يعلق بل ظل صامتاً وتمتم بإمتعاض: إنها ثلاثة أيام كاملة. لم تتصل بي حتى!

أكمل بإنزعاج: ستندم ما أن أخرج.
لها الحق في عدم زيارتك. أنظر إلى ما تقوله حتى في أبسط النقاشات!
أصمتِ أنتِ.
زفرت وتمتمت بملل: حسنا دعني أكمل ما لدي وأسرع انت وتعافى واخرج من المشفى لتعد للعمل بسرعة.
انا شخصيا مللت الجلوس دون فعل شيء.
أردف: حسنا إذاً. سأغلق الآن.
إلى اللقاء.
أغلقت الهاتف وارتميت على الأرض أنظر للسقف بشرود لثواني قبل أن أستأنف العمل مجددا.

حين أشارت للثامنة والنصف كنت قد انتهيت تماما ونظرت للفوضى التي أحدثتها بالأوراق والملفات وقبل ان افكر حتى في ترتيبها تعالى صوت جرس الشقة!
ارتفع حاجباي بحيرة واتجهت للباب متسائلة: من هناك؟
أتى صوت هادئ: إنه أنا.
هذا الصوت. الذي خفق له قلبي بشدة وبعنف!
إيثان!
أسرعت أفتح الباب أنظر إليه بعدم تصديق فرمقني بهدوء.
إنه. هنا بالفعل! أنا لا أتخيل تحت تأثير الإرهاق والتعب اليس كذلك؟

إنه حقيقي! لماذا يا ترى؟ لماذا أتى؟
رفعت يدي بتلقائية نحو شعري لأرتبه بسرعة وحيناه ادركت أن ورقة صغيرة الحجم كانت عالقة بين خصلات شعري وقد وقعت عندما قمت بترتيب.
نظرت خلفي نحو الفوضى ثم نحوه بتوتر، كان ممسكا بكيس ورقي فانتابني الفضول متسائلة ما ان كان قد اشتري لي شيئا مثلاً!
هل ستحلقين بأفكارك كثيراً؟
استوعبت وقلت متداركة بتوتر: ت. تفضل!
ولكنه اكتفى برفع يده وهو يمد الكيس متمتما: خُذي.

تناولته من يده بحيرة: ما هذا!
نظرت لداخله فوجدتها ملابس أبي!
ه. هكذا إذاً، أتى ليعيدها فقط.
رفعت رأسي نحوه فاستدار دون أي كلمة فناديت بإسمه دون شعور!
وقف ونظر إلى بطرف عينه دون أن يستدير استدارة كاملة فقلت: ل. لما لا تسترح قليلاً؟ يمكنني أن أقدم لك كوبا من القهوة أو العصير إن شئت؟ استرخ قبل أن تسلك تلك الطريق مرة أخرى!
ظل صامتاً دون يهمس او يقول شيء أو حتى يميل برأسه وينفي!

ماذا؟! هذا الصمت والجمود يربكني كثيراً!
أسرعت أقول: ح. حسنا إذاً، لن أجبرك على شيء. شكرا لإعادة الملابس، كما أنني أريد أن أشكرك على ما فعلته. شكرا على إهتمامك بي تلك الليلة.
أخبريني.
نظرت إليه بإستغراب وترقب أخفي لهفتي: أخبرك بماذا؟
ظل يحدق إلى واستدار بالكامل فوقف مقابلا لي واقترب قليلا ثم ضاقت عينيه متمتماً: ألا زلت تحبينني كالسابق؟
اتسعت عيناي التركوازيتين ووجدت نفسي أضع يدي خلف عنقي بتوتر شديد.

م. ما هذا السؤال بحق الإله! من المفترض أنه يعرف الإجابة مسبقاً!
لماذا يسألني وهو يدرك الإجابة أصلاً؟!
لمعت عينيه بشيء غريب واحتدتا قليلا هامسا: أخبريني بسرعة. أما زلت تحبينني؟ أم أنك توقفت عن حبي؟!
إ. إيثان! أنا.
قاطعني بإقترابه فجأة ودفعني برفق ليدخل إلى الشقة، أغلق الباب مستندا عليه للحظة قبل أن يفاجئني بسحب يدي مقربا إياي منه!
الدماء تتدفق نحو وجهي ليتورد بأكمله. وخفقات قلبي في سباق مع الزمن!

بل والمسافة الصغيرة التي تبعدني عنه جعلت من قدماي ترتجفان دون توقف وتنذرانني بالسقوط في أية لحظة!
إ. إنه يقف أمامي مباشرة!
إنه قريب جداً! انا مرتبكة كثيراً!
اتسعت عيناي على أقصاهما حين لامست يده وجنتي وهمس مقتربا أكثر: تورد وجهك كفيل بإخباري أن تلك المشاعر مازالت لم تتزحزح.
انتفضت بشدة ولكن.
كانت دهشتي أكبر حين شعرت بشفتيه اللتان لامستا شفتاي!
م. ما الذي.
هل إيثان يقبلني أم أنني.
إنه. كذلك!

ارتجفت يداي بشدة وكذلك كتفاي! إنه ذلك الشعور الذي يجعلني أتساءل ما إن كان حلم يقظة أو واقع.
إيثان يقبلني بلا شك.
كيف هذا ولماذا فجأة! ولكنني أدرك أن هذه التساؤلات هي أخر إهتماماتي في هذه اللحظة.
عندما ابتعد عني قليلا وقابلت عينيه الخضراوان، دُهش قليلا عندما بادرت بالتقرب إليه مجددا لأقبلهُ بنفسي بعين دامعة!

جرأة، وقاحة، فليكن. أنا لا أريد الإبتعاد عنه، إن كان حلماً فلا داع للإستيقاظ منه، وإن كان واقع فأنا عازمة على أن نعود كما كنا بل وأفضل!
ارتجفت يداي ورفعتهما بتردد وبطء شديد لأسندهما على عاتقيه.
لأشعر به يبادلني العناق كذلك.
كنتُ أبكي بصمت.
شعوري في هذه اللحظة من الصعب وصفه! كل ما أعرفه أن معنى السعادة في حياتي في هذا الموقف مرهون بوجود إيثان إلى جانبي فقط!

وكأن كل همومي في لحظة قد أفلت! بل وكأنني بلا وزن أو كتلة، مجرد جسد عائم على الهواء!
منذ أيام كان قد أصر على أن ابتعد عنه تقريباً.
ولكنه الآن قد ظهر أمامي! بادر بتقبيلي أولاً. ألا يزال يحبني كالسابق!
أدركت بعد طرح هذا السؤال في نفسي أن دموعي قست على بحرارتها وجعلتني أغمض عيناي بقوة.
ما هي إلا ثوانٍ حتى ابتعد ببطء فأسرعت أخفض رأسي أمسح دموعي.
هل تتمنين لو نعود كما كنا؟ إلى تلك الأيام في سابق عهدها.

رفعت عيناي نحوه أنظر إليه بتشتت وضياع، هذا السؤال. ما الذي من المفترض ان يعنيه به؟
همستُ بشفة مرتجفة: أما زلت منزعجا مني؟
وهل سأقول عكس ذلك؟
يالسؤالي الغبي. بالطبع لا يزال منزعجا!
ابتعد قليلا ونظر إلى ليهمس بهدوء ويديه ما تزالان على كتفاي: انصتِ إلى يا تيا. تلك المشاعر ليس من السهل دفنها. ليس من السهل نسيان كل شيء بيننا!

زميت شفتاي دون أن أعلق فأكمل: أنا مستعد للتنازل عن كل شيء. ومستعد لنعود مجدداً كما كنا.
ظ. ظننت بأنك ت.
بشرط أن نعقد اتفاقا بسيطاً.
ارتفع حاجباي بإستغراب وعدم فهم: اتفاق؟ ب. بشأن ماذا؟!
بدت الجدية على ملامحه وهو يتمعن النظر إلي، ثم ابتعد تاركا مسافة كافية وقال بهدوء: ستعرفين الآن.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة