قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل التاسع والثلاثون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل التاسع والثلاثون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل التاسع والثلاثون

تيا: طرقت الجرس مجدداً بحيرة وأنا أهمهم: ما الذي دهاه لكل هذا التأخير.!
امتعض إيثان واضعا يديه في جيب معطفه بتهكم: يعتقد بأنه السيد الذي على الجميع إنتظاره.
لا داعي لكل هذا الإنزعاج. سيأتي الآن انتظر قليلاً فقط.
قلتها وقد رفعت يدي أطرق على الباب بنفاذ صبر واتحرك محاولة النظر إلى الداخل حتى رأيته قادم فابتسمت: ها هو ذا!

كنت أنظر إليه عبر الباب الزجاجي وهو يقترب، بدى وجهه منزعجاً ومتبرماً قليلاً وعندما التقت عيناي بعينه رفع حاجبه الأيسر وادهشتني النظرة المغتاظة!
فتح الباب واضعا يده خلف عنقه وقال بحزم: ماذا؟
ارتفع حاجباي باستغراب لنبرته تلك فحدقت إليه ببلاهة!
م. ما خطبه بحق خالق السماء؟ أيكون قد تشاجر مع شارلوت وتعكر مزاجه! يا الهي. هذا ما كنت أخشاه. الا يملان هذا؟

افقت من شرودي عندما كاد يغلق الباب وهو يقول: حسناً أتيتِ لتلقي نظرة على وجهي. الى اللقاء.
اتسعت عيناي وقد أسرعت أدفع الباب بقوة: على رسلك، لماذا أنت عجول هكذا، ثم ما خطب تصرفاتك العدائية هذه!
دخلت فتراجع للوراء بخطى صغيرة فابتسمت وأنا انظر لإيثان ثم نحو كريس: لم أتِ وحدي.
ارتفع حاجبيه ينظر خلفي بترقب وقد تقدم قليلا نحو الباب فأسرعت أكمل: إيثان برفقتي.

سمعت صوت إيثان المتثاقل: أخبريه بأنني أتيت للإطمئنان على شارلوت فقط قبل أن يحلق بأفكاره بعيداً عن الأرض.
رفع كريس يده على وجهه بإنزعاج شديد وقد همس بصوت بالكاد يُسمع: هذا ما كان ينقصني. ألم أقل أنها بخير؟ ألم أقل بأنه جرح بسيط؟ هل كان عليكما ان تسلكا كل هذا الطريق للإطمئنان عليها؟ لماذا اخترعوا الهواتف إذاً!

ثم قلب عينيه بنفاذ صبر و قال باستيعاب: أخبريه بأنني لم أكن أنتظر منه شيئاً ولو بنسبة واحد بالمئة.
أنهى جملته بإلقاء نظرة لامبالية على وعاد ليدخل فتنهدت: لندخل.
لوى إيثان شفته بإمتعاض وازدراء شديد: اللعنة عليه كم هو كريه!
ابتسمت مشجعة وأنا أقترب إليه لأمسك بيده فظهرت تقطيبة بين حاجبيه لم تشر سوى إلى بداية الغضب المكبوت وتبعني لندخل، أغلقت الباب وهناك وقفت أنظر إلى يميني حيث أستطيع رؤية شارلوت.

تحرك إيثان نحوها منادياً إياها فانتفضت لتستدير وبدت مستغربة كثيراً لوجوده.
همستْ بإسمه بحيرة وأردفت: ما الذي تفعله هنا؟
أتيت لأطمئن عليك. هل ساقك بخير؟
قالها بهدوء متجها نحوها بينما نظرت إلى كريس الذي كان يقف خلفي عند مكتبة الكتب وينظر إليهما تارة وإلى الخارج تارة أخرى متكتفاً و يحرك سبابته بحركة سريعة.
لويت شفتي باستغراب شديد أقطب جبيني ثم تقدمت نحو شارلوت.

أومأ إيثان بإهتمام: هكذا إذاً. هذا جيد. وكيف أصبت؟
بينما كانت تشرح شارلوت ما حدث لفت انتباهي التورد الذي يعتلي وجنتيها! تورد طفيف ولعثمة في الحديث وهي تسترق نظراتها نحو كريس وبدت بطريقة ما. مرتبكة!
التفتُ أحدق إلى كريس بعدم فهم ثم نحوها، فركت يديها وهذه المرة بدت تحاول جاهدة ألا تنظر نحوه.
حينها فقط. اتسعت عيناي مفكرة ما إن كنا قد تطفلنا أو قاطعنا أمراً!
هل هذا يفسر إنزعاج كريس من رؤيتي؟

لا بد وانني محقة.
فكريس يبدو وكأنه ينتظر لحظة خروجنا بأسرع ما يمكن.
أوه. يا الهي!
كان على الإتصال به قبل مجيئي. ح. حسناً سأتصرف، سأخبره بشأن زواجي من إيثان وأغادر فوراً.
يبدو أنه مستعد ليخنقني بكلتا يديه الآن! على أن أرحل فهو وقح ولن يمانع طردنا بطريقة مباشرة وهذا قد يغضب إيثان.

هذا ما قررته عندما سمعت إيثان يتنهد: الحمد لله أنها بخير. لا يمكنني احتمال تهور الأطفال. من الجيد أن من أنقذتها هي الممرضة اليافعة.
أمالت شارلوت برأسها مبتسمة فأسرعت اقول: كريس. شارلوت. هناك ما أتيت لقوله.
نظرت شارلوت إلى بحيرة وإهتمام: كلي أذان صاغية.
نظرتُ إلى كريس قائلة: كريس أتسمح بأن تجلس بالقرب منا لأقول ما لدي وأغادر؟

نظر إلى بهدوء ثم تحرك دون أن يعلق واتجه ليجلس على الأريكة بجانب شارلوت التي لمحتها تبتعد عنه بمسافة كافية فرمقها بطرف عينه دون تعبير واضح.
وقف إيثان فجأة وقال بهدوء: سأنتظرك في السيارة ريثما ت.
مهلاً يا إيثان!
قلتها بعدم تصديق وإنزعاج، ها هو ذا يكاد يتصرف بعناده المستفز، لذا أسرعت أضيف بجدية: دقيقة واحدة فقط وسنغادر معاً. من فضلك!
تعلمين بأنني أتيت لأطمئن على شارلوت وحسب.

ولكنك تعلم بأنني أريد التحدث بينما أنت تقف إلى جانبي! لن يستغرق هذا أكثر من دقيقتان!
نظر إلى بتردد بينما زفر كريس بسخرية: لا تتصرف بكبرياء بالغ، أعلم ان وجودك معي تحت سقف واحد يعد أمراً من الصعب تحمله ولكن حاول لأجلها، قد يثبت هذا أنك صادق نحوها بطريقة أو بأخرى. فليس وكأنني أثق بك على أي حال.

ظهر الإنزعاج على ملامح شارلوت وهي ترمق كريس متمالكة نفسها في حين ابتسم إيثان بتبرم واضعا يديه في جيب معطفه: يوجد بعض الصحة في كلماتك، فأنت محق. وجودي معك تحت سقف واحد يشعرني بعدم القدرة على تنفس هواء مليء بالغطرسة والنرجسية.
هذا مؤسف ومحزن جداً.
شكراً على تقدير المشاعر.
هذا واجبي.
توقف عن الرد على كل كلمة لست هنا لمجادلتك، وكأنني سأفعل وأهدر وقتي معك!
ولكنك أهدرته بالمجيء إلى منزلي. أقدر لك هذا الجهد.

أتيت لشقيقتي التي لا يحدث لها شيئاً جيداً كلما تواجدت في منزلك أو معك.
لم أكن بقربها عندما أصيبت.
مما يعني أنك لم تكن موجوداً عندما كانت بحاجتك أيها الزوج المُهتَم والشهم.
رويدك! أنت تهول الموضوع كثيراً.
لا فائدة!
لن يجلسا دون تبادل الكلمات الحادة والإهانات.
تمتمت شارلوت بضجر: إيثان انتظر قليلا ريثما تخبرنا تيا بالأمر! كريس توقف عن التعليق وحسب.

أيدتها أومأ برأسي وأسرعت لأخذ شهيقاً عميقاً جداً وأطلقته لأقول مبتسمة براحة: حسناً إذاً.
نظرت إلى كريس ذو العينان المترقبة وإلى شارلوت التي تحدق إلى بإهتمام وفضول، ثم إيثان الذي يبعثر شعره مغمضاً عينيه.
أنا وإيثان. سنتزوج قريباً.

قلتها بإحراج ثم ابتسمت بهدوء وقد رفعت يدي لأريهما الخاتم، اتسعت عينا شارلوت الخضراوان وسرعان ما وقفت. بل قفزت لتقول بحماس وبنبرة عالية: حقا؟ ي. يا الهي! هذا يسعدني كثيراً! وأخيرا. أنت حقاً شقيق رائع، كنت أعلم بأنك متيم بها ولن تخذلها أبداً وقد كنت محقة. سيحلق أبي وأمي من الفرحة فلن تبقى عازباً كما ظن الإثنان!

ظلت تتحدث بحماس شديد وسعادة واضحة فغمرني السرور حتى تفاجأت بها تتقدم نحوي لتعانقني بقوة: أنا سعيدة يا تيا، لا فكرة لديك عما أشعر به! كنت أعلم أن هذه المشاعر التي جمعتكما لن تذهب سُدى.
ابتسمت رغما عني بسعادة وهمست وتكاد الدموع تخرج من وكريهما مجدداً بعد ان كادت عيناي تجفان من كثرة البكاء: توقفي عن هذا لا يجب أن أبكي مجدداً.

حينها رفعت رأسي قليلا أنظر لكريس لأجده يعقد حاجبيه بإستنكار شديد وقد وقف ببطء مشيراً إلى إيثان: أنتْ. هل حقاً تقدمتَ إليها؟
رفع إيثان حاجبه الأيسر: لا. ظهر الخاتم على إصبعها فجأة كما يبدو.
نفيت برأسي بلا حيلة في حين امتعض كريس: كفاك سُخفاً أيها الظريف!
ثم نظر إلى واقترب قليلا يلوي شفته بتثاقل وإزدراء: وافقتِ إذاً. ياللذوق الرفيع.
تدخل إيثان بسخرية: تماما مثل ذوق أختي عندما قررت البقاء معك.

تجاهله كريس وقد طرف بعينه ببطء يحدق إلى واقترب بخطى واثقة، من الواضح انه سيبدأ في القاء محاضرة بشأن إيثان الآن.
ربما لم يكن على توقع الكثير بالرغم مع أنني هرعت إليه فوراً لأبشره بهذا الأمر المفرح.
ابتعدت شارلوت عني تضع يدها على خصرها محدقة إلى كريس بعدم رضى.

اللعنة إنه يجيد إفساد اللحظات حقاً! لا فائدة. كريس لن يتغير أو يتنازل أمام إيثان قليلاً. والآخر لن يتقبله من جديد وهذا حقا صعب بالنسبة لي ويؤلمني كثيراً.
كان هذا ما أفكر به بخيبة قبل أُفاجئ به يجذبني نحوه ليعانقني فطرفت بعيني بعدم استيعاب في حين ابتسمت شارلوت بصمت تحدق إلينا بشيء من الراحة.
أغمضت عيناي للحظة قبل أسأله بصوت مرتجف وقد بادلته العناق: حسنا هذا أفضل من القاء كلماتك الفارغة.

تمتم بصوت لا يسمعه سواي: إنني أراقبه جيداً.
همست له أكتم ضحكتي وقد دمعت عيناي قليلاً بسرور: ألا زلت تشك في نواياه؟
لماذا قد أثق به. ثم.
توقف قليلا قبل أن يتنهد: هنيئاً لكِ.
أسندت ذقني على كتفه أعقد حاجباي محاولة التوقف عن البكاء في كل حين، إنني سعيدة ومن الصعب السيطرة على نفسي اليوم.

الشخص الذي لطالما أحببته تقدم إلى بل ووضع الخاتم حول إصبعي، والشخص الذي اعتبره كل عائلتي فشل في إخفاء سعادته لأجلي وها هو ذا يعانقني بأخوية دافئة جداً. فكيف عساي ألا أفرح؟

القيت نظرة على إيثان فوجدته ينظر إلينا متكتفاً بترقب ولم يبدو راضٍ عن الوضع، رفع كريس يده على رأسي مربتاً وهمس بجدية: أعلم أنك واقعة في حب هذا الوغد، طالما أن هذا طريق سعادتك فأنا إلى جانبك ولكن حذارِ أن تزعجينني لاحقاً نادمة على اختيارك.
عقدت حاجباي بتشتت: ما الذي تفعله تحديداً؟ تهنئني أو ترعبني؟!
فليكن.

عندما زفر إيثان بإنزعاج يضرب قدمه بالأرض بحركة خفيفة سريعة ابتعدت عن كريس ببطء وابتسمت بإمتنان أحدق إليه فقابلت عيناه العسليان وقد قال بهدوء: بالتفكير بالأمر فهذا جيد. سأتخلص منك مؤقتاً!
سأتزوج يا كريس لن أهاجر!
رسم ابتسامة لطيفة ثم سرعان ما نظر إلى إيثان وقال بجفاء: أنت. صحيح بأنني لا أستلطفك وأحاول تقبلك استنادا على كونك شقيق زوجتي ولكن عندما يتعلق الأمر بتيا فكن واثقاً أنني لن أتهاون بشأنك.

ثم قلب عينيه بثقة: اجعلها سعيدة.
رفع إيثان حاجبيه وقد اعترض بنبرة يكبت فيها انزعاجه الشديد مقترباً: لا تتحدث وكأنك جعلت أختي تعيش في أرض السعادة! ثم أنا لست في انتظار تعليماتك كما أنها ستصبح زوجتي قريبا فمن الأفضل أن تتوقف عن حشر أنفك الكبير في كل شيء.
وقف أمام كريس مباشرة فقال الأخير بملل: هي صديقتي قبل أن تصبح محبوبتك.
الصيغة المتملكة التي تستخدمها في حديثك تقرفني بالفعل، هذا مثير للغثيان.

ليس باليد حيلة.
رفع إيثان يديه يسألني بإستهزاء ممتعض: هل أنتِ راضية الآن؟ أرجو أنكِ لم تتخيلي أنه سيفرش الأرض لك بالسجادة الحمراء ويحتفل لأجلك. لنغادر قبل أن أتقيأ.
ارتفع حاجبا شارلوت: سترحلان؟ هكذا ببساطة!

أومأ لها وقد أمسك بيدي فأسرعت تقول تستوقفنا: لحظة واحدة! إيثان أنا لم أكد أفرح بالخبر الذي أعلمتمانا به للتو وستغادران هكذا بسرعة؟ لنجلس قليلاً ونتحدث على الأقل، وإن كان الأمر متوقفا على كريس فتجاهله وحسب.
رمقها كريس بطرف عينه وقد تدخل: عذرا؟ ظننت بأننا سنمضي وقتنا معاً!
امتعضت شارلوت بشدة وهي تقترب من أخيها: كف عن وقاحتك هذه! أعلنا للتو فقط بأنهما سيتزوجان.

ثم أمسكت بيد إيثان مبتسمة فابتعدت قليلا بهدوء وترقب في حين قالت برجاء: من فضلك ابقى قليلاً فقط، لنحتفل بهذه المناسبة السعيدة معاً!
نفي ضاحكاً بسخرية: أجلس معه في المكان ذاته؟ قولي بأنك تمازحينني.
شارلوت:
قد يبدو من الصعب تصديق هذا، ولكنني استغرقت أكثر من نصف ساعة لإقناع إيثان بالبقاء وقد واجهت كلمات كريس الوقحة إلى يحاول من خلالها استفزاز إيثان بكل ما استطاع من جهد!

أظهر لتيا بأنه مسرور ولكنه لم يهنئ إيثان ولو بكلمة واحدة فكيف عساي أترك أخي يغادر هكذا بكل بساطة؟
كما أنني سعيدة حقاً وأريد امضاء الوقت معهما، نحن نجلس أمام المدفأة نتحدث بينما هاذان الإثنان يتجاوزان خوض أي حديث معاً بشتى الطرق.
لا يهم، المهم أنني أتحدث معهما وقد اندمجت كثيراً بشأن تجهيزاتهما التي يودان التركيز عليها.

علقت بحيرة: صحيح! إيثان أنت تعمل في مدينة بعيدة، ماذا عن عملك يا تيا؟ أخشى أنه سيكون على أحدكما ترك عمله لأجل الطرف الآخر.
نظرا إلى بعضهما بهدوء دون أن يعلقا ثم عاود الإثنان ينظران إلى فزميت شفتاي قبل ان اتنهد: تجاهلا الأمر إذاً وأتركا كل شيء لأوانه.
بدت تيا غارقة في أفكارها في حين سألني إيثان بإهتمام: الم تخبري أمي وأبي بشأن إصابتك؟ قد تنزعج أمي لو علمت بالأمر من شخص آخر.

نفيتُ اسند مرفقي على مسند الأريكة: ليس بعد.
إنها هنا برفقة أبي.
اتسعت عيناي: أين تحديداً!
رفع كتفيه: قام السيد ماكس بدعوتهما إلى منزله.
إنهما هنا إذاً.
وضع كريس ساقا على الأخرى وتكتف ينظر إلى المدفأة بملل دون أن يعلق، حينها اقترحت مفكرة: ما رأيكم أن نتناول العشاء معاً؟ لنعده هنا ونقضي وقتا ممتعاً!

طرفت تيا بعينيها التركوازيتين وقد نظرت لكريس بتردد شديد، بالطبع ستكون كذلك فهو لا يكف عن طردهما بعينيه طوال الوقت.
حينها اسرعت أقول بهدوء: أو ربما نتناوله نحن الثلاثة في مطعم ما.؟
ضاقت عينيه العسليتان قبل أن يقف بإمتعاض ورفع يديه بجانبه مزمجرا: ولماذا تتناولونه في الخارج؟ انظري المطبخ جاهز وكل شيء موجود سيكون هذا أسهل اليس كذلك؟

ثم لوى شفته والقى على نظرة متوعدة وقد قال موجها كلماته لإيثان: أنت. ارحل أو ابقى هذا من شأنك. افعل ما يحلو لك ولكن لا تتحدث معي. هذا كل شيء.
علق إيثان بلا اكتراث: هل أنت محرج من دعوتي للبقاء؟
تجاهله كريس وهو يصعد الدرج فابتسمت بانتصار وأحكمتُ قبضتي بحماس لأهمس: وأخيراً.
ابتسمت تيا متسائلة بشيء من التردد: هل أنت واثقة من هذا؟ أعلم أنه ينتظر خروجنا في أقرب لحظة.

نفيت برأسي بلا مبالاة: تجاهليه وحسب. يمكنه الخروج وتركنا وشأننا إن كان الوضع لا يعجبه.
ضحكتْ بخفوت: نطرده من منزله؟ تبدو فكرة جيدة.
لو لم يصل إيثان وتيا. لكنت أغمضت عيناي بتثاقل متمنية الا يبعد يديه عني لثانية واحدة، ولكنني في أقل من لحظة وعندما رأيتهما.
شعرت بضرورة ألا أتمادى في ردود أفعالي تجاهه، لأنني مصرة على موقفي. مصرة على ان أسمع منه ولو كلمة واحدة يوضح لي أنني أعني له الكثير كما يعني لي.

كريس لا يمانع ان يمطرني بسيل من الكلمات الساخرة عوضا عن انتقاء بضعة حروف لطيفة! قد لا يبدو هذا مزعجا كثيراً ولكنه في الحقيقة. يفقدني صبرني!

لن أنكر بأن عينيه باتت تحدق إلى بلطف يأسرني بسهولة، ولن أنكر كم كنت سعيدة اليوم لإهتمامه بي، ولكن. إن كان كريس قد بدأ يحبني حقاً، فلماذا لا زال الأمر صعباً بالنسبة له التفوه بإعتراف سريع أو بسيط؟ اليس من الطبيعي ان أستاء لهذا؟ إن كنت قد تخليت عن الكثير للبقاء إلى جانبه وقد اعترفت له بنفسي وبطريقة مباشرة فما الفرق بيننا إذاً؟

أعلم بأنه يريد أن نمضي الوقت معاً وحدنا. ولكنني. قد أتمسك بوجود إيثان وتيا لأنني لم أعد أملك جرأة كافية لمواجهته الآن.
أحبه إلى درجة أنني خائفة. خائفة على ان أُجرح بطريقة أو بأخرى ومع ذلك فهناك الكثير من التناقضات التي تلتهمني.
بعدها نزل كريس مجدداً وقد غير معطفه إلى آخر أقل سمكاً وبدى مريحاً أكثر، كان الوضع طبيعي جداً حتى حان موعد العشاء وقد اتفقنا ان نعده معاً.

وعندما أقول معاً. فهذا استثناء لكريس وحده.
فهو يجلس على الكرسي المقابل لطاولة التحضير في حين انا وأخي وتيا نعد العشاء معاً ونتعاون.
ليست مشكلتي أنه لا يجيد الطبخ!
أسند كفه على وجنته يحدق إلينا بهدوء يخفي الضجر الذي يعتليه وهو ينظر لهاتفه ثم إلى شاشة التلفاز من فوق كتفه على يمينه والقريبة من المدفأة.
حتى همست تيا بصوت منخفض: أنظري إليه.

رفعت كتفاي بلا اكتراث: هو حتى لم يبادر من نفسه ليحاول مشاركتنا. تجاهليه هذا ما يستحقه عندما يحاول إفساد فرحة أخي.
عقدت حاجبيها قليلا تنظر إلى باستنكار قبل ان تسألني بشك: هل كل شيء على ما يرام؟ ألم نقاطع أمرا مهما بمجيئنا؟
تظاهرت بعدم الفهم ببراعة: أمرا مهما؟ مثل ماذا!
حدقت إلى بتمعن قبل ان تنفي برأسها ببطء وقد حكت عينيها قليلا متمتمة: كان على نزع العدسات اللاصقة قبل ان نبدأ بالطبخ.

ابتسمت ولم أعلق مكملة تقطيع الخضار إلى شرائح رفيعة وقد استرقت نظرة إلى كريس لأجده ينظر إلى تيا وإيثان غارقاً في أفكاره ثم حول عينيه نحوي، أخفضت ناظري نحو ما أفعله لأسمع صوت تشويح البصل والرائحة الشهية فالتفت نحو إيثان الذي يحرك المقلاة ببراعة، ابتسمت بإعجاب: نعم هذا هو أخي.
رمقني بنظرة سريعة: هذه فائدة العيش وحيداً لفترة من الزمن، يوجد جانب إيجابي لكل شيء.

فكرت تيا ممازحة: لن أكون مضطرة لطهي الطعام وحدي يومياً. تبدو مشاركة لطيفة.
ضحك إيثان بخفوت وهو يركز على ما الطعام في حين اقتربت تيا لتأخذ من أمامي علبة صغيرة للتوابل وقالت: كوني متأهبة، سأزعجك حتى أنهي تجهيزات الزفاف.
ابتسمت بحماس: هذا لن يزعجني أبداً، سأرافقك إلى جميع المتاجر وسأكون الوحيدة التي ترى فستان زفافك حتى يحين الوقت.
تدخل كريس بتهكم: كوني حذرة ألا يؤثر ذوقك الرفيع على اختيارها.

رمقته بإمتعاض قبل ان استفزه بهدوء: نشكر الجمهور على مشاركته.
أشاح بوجهه بصمت نحو التلفاز مجدداً فأيقنت أنه لم يعد يحتمل كونه يجلس كمشرف على أدائنا في المطبخ!
تعالى رنين هاتفه فألقى عليه نظرة وأجاب: ماذا الآن؟ نعم إنها بخير ألم أقل هذا مسبقاً؟
لحظات وأردف: لستُ غاضباً. هيا أغلق.
لا أدري مع من يتحدث ولكنه بدى بأنه ضجر وقد قال يمد الهاتف لي: إنه ستيف.
تناولت الهاتف منه باستغراب وأجبت: مرحباً.

أتى صوت ستيف ممتعضاً: لماذا تأخرتما كثيراً بحق الإله؟
هل هذا ما أردت الإستفسار عنه؟
متى ستعودان؟
عذرا على هذه الإجابة ولكن. ما شأنك أنت يا ستيف؟
قلتها وقد ضحكت بخفوت فانزعج: أين أنتما؟ هل أنتِ بخير حقاً؟ إن كنت كذلك فلماذا لم تعودا حتى الآن؟ هل يخفي كريس أمراً بشأن الجرح في ساقك؟ هل هو حقا مجرد جرح م...
قاطعته مهدئة: ستيف صدقا إنني بخير وساقي لم تعد تؤلمني! أخبرني أنت كيف هي بريتني الآن؟

إ. إنها بخير، أفاقت منذ مدة وها هي ذا تجلس مع جيمي ووالديك.
هكذا إذاً!
ثم شهقت باستيعاب: لا تخبرني أن أمي تعلم بشأن إصابتي؟!
أتى صوته متنهداً: لم يخبرها أحد. عندما علم خالي ماكس قلق كثيراً ولكنه أخبرنا أيضا الا نخبر والديك حتى لا يقلقا.
جيد!
شارلوت. أين أنتما تحديداً؟
وأين عسانا نكون؟! في منزل كريس بالطبع.
اسندت الهاتف فوق كتفي وانا اضع ما قمت بتقطيعه في طبق آخر ليأتي صوت ستيف بهدوء: آه. فهمت.

قالها بنبرة غريبة فنظرت للفراغ لوهلة قبل ان ارفع عيناي نحو كريس الذي كان ينظر إلى بترقب واستغراب.
شارلوت.
همس ستيف بإسمي مردفاً: لقد استيقظت أوليفيا منذ قليل.
حقا؟!
نعم. إنها صامتة طوال تلك اللحظات! خرجت من غرفتها لتسأل فقط عن كريس فأخبرتها بأنه أخذك للمشفى، قالت بأنها ستذهب إلى مركز التجميل لترتب شعرها وتقص اطرافه!
هآه!
أنا أيضا ادهشني تصرفها بطريقة طبيعية بعد ما حدث.
ازدردت ريقي هامسة: هكذا إذا.

حسنا إذاً أردت الإطمئنان فقط. والآن استمتعي بوقتك.
شكرا جزيلا يا ستيف.
إلى اللقاء.
كدت أغلق الهاتف عندما أسرع يقول: مهلاً. هل ستطيلان البقاء في منزله؟ الن تعودا قريباً؟
أجبته بلا حيلة: أنا حقاً لا أعلم.
حسنا فليكن.
أغلق الهاتف دون كلمة أخرى فاحترت وقد اعدت الهاتف لكريس الذي تساءل بإهتمام: ما الأمر؟ ما الذي كان يثرثر بشأنه؟
رمقته بلا مبالاة: لا شأن لك.

زم شفتيه ثم أومأ برأسه: واصلي التصرف بهذه الطريقة وسنرى النتيجة لاحقاً.
هل هذا تهديد؟
اليس هذا واضحاً كفاية؟
قلت بنبرة عالية وانا أوجه إهتمامي للأطباق: إيثان شقيقك تحت التهديد ألن تفعل شيئاً؟
أجابني وهو يطفئ نار الموقد: إنه يحاول لفت الإنتباه تجاهليه.
ابتسم كريس بجفاء وسخرية: هيا أكمل ما تعده، يعجبني أنني أجلس هنا دون تلطيخ يداي لأتناول الطعام بكل راحة و بكامل أناقتي.

رمقته تيا للحظة قبل ان تنظر إلينا وتكمل ترتيب الأطباق معي على طاولة التحضير متجاهلة ما قاله ففعلت الأمر ذاته بينما تفاجأت بإيثان يجادله عاجزاً عن تجاوز محاولته لاستفزازه!
بعد ذلك وضعنا الطعام وجلسنا لتناول العشاء، كان كريس يجلس إلى جانبي في حين تيا على يساري وإيثان بجانبها.
مضغتُ الطعام ثم أغمضت عيناي بقوة وقلت بإعجاب وحماس: إنه حقاً لذيذ.

ايدتني تيا مبتسمة: صِدقاً، يصبح الطعام الذ كلما تشارك الأشخاص به.
أومأت أحدق إلى الأطباق أمامي: تماماً. ولا تنسي النكهة الخاصة بأخي.
ابتسم إيثان يشير إلى بيده اليمنى: عناق أخوي من بعيد.
أمسكت بيده أضحك بخفوت ثم عاودت اتناول الطعام حتى نظرت إلى كريس الذي يتناول العشاء بإنهماك وإندماج.

يمكنني أن أجزم من خلال ملامحه وتعبيرات وجهه أن الطعام قد نال إعجابه ولكنني أشك بأنه سيثني علينا بشيء طالما كان لإيثان النصيب الأكبر في الطهي.
اقتربت منه أهمس بإهتمام: كيف؟
نظر إلى بهدوء ثم أومأ برأسه: لا بأس.
أراهن على أن مجرد التفوه بهذه الكلمة قد استهلك منك جهداً كبيراً.
ماذا أبدو لكِ تحديداً! أنا لست بهذه الحقارة لذا توقفي عن إزعاجي بتحليلاتك السخيفة. ثم الطعام لذيذ حقا فلماذا سأراوغ؟
تقدم جميل.

ضربت كتفه بخفة مبتسمة بلطف ثم أكملت تناول طعامي حتى تفاجأتُ به يشبك أنامله بأناملي خلسة فرسمت على ثغري ابتسامة خجلة ولم أعلق. أعترف بأنه من الصعب مقاومة هذه الفعلة البسيطة. فبالرغم من تعارض قلبي مع عقلي فدائما ما يفوز قلبي بالهيمنة والسيطرة.
عندما أنهينا العشاء أسرعت أنا وتيا لغسل الأطباق ثم أعددنا الشاي الساخن للجميع لنجلس ونحتسيه.

اسندت رأسي على كتف إيثان وتساءلت متناولة قطعة بسكويت صغيرة: ولكنني أرى بأنه من الخطأ تأجيل الأمر، الم تقل بأن زفافكما بعد ستة أشهر؟ ثم تيا الستِ مشغولة دائما بالعمل؟ عليكِ أن تستغلي الوقت وتنجزي الكثير قبل أن.
قاطعني كريس: وليكن؟ إن كان شقيقك سيذهب إلى العمل فأنا هنا. الا تعتقدون أنكم تتمادون في استبعادي من كل شيء؟

كتمت ضحكتي ولم أعلق وإنما أغمضت عيناي أرخي رأسي أكثر على كتف إيثان، تمتمت تيا وهي تلتقط علبة البسكويت من على الطاولة: من يستبعدك؟ نقصد فقط بأن خلال هذه الستة أشهر سيكون إيثان في عمله وكذلك سأكون مشغولة في عملي. هذا كل شيء لا تقلق لست أستثنيك من أي شيء.
عندما أنهت جملتها ظننت بأنني أتخيل صوتاً يبدو كصوت محرك سيارة!
ولكن عندما التفت الجميع أيقنت بأنه يوجد بالفعل سيارة في الخارج.

كان كريس من وقف واتجه نحو الباب ليلقي نظرة عبر الزجاج وبدى مستغرباً كثيراً قبل ان يلتفت نحوي ويتساءل باستنكار: هل أخبرك ستيف بأنه سيأتي؟
ارتفع حاجباي مبتعدة عن كتف إيثان: لا! هل هو من أتى؟
أومأ وقد فتح الباب بترقب، بدت تيا محتارة كثيراً ولكنها لم تعلق.
ردد إيثان هامسا بإسم ستيف فعلقت مبتسمة: لا أظنك التقيت به مسبقاً، اليس كذلك؟

أجابني: أعلم بأنه يكون ابن السيدة كلوديا. ولكن صحيح. لم يسبق لي وان التقيت به مباشرة.
فرصة جيدة إذاً.
مع أنني كنت أتحدث بطريقة طبيعية، إلا أنني في الوقت آنه كنت قلقة من أي أمر قد أسمعه! لماذا قد يأتِ ستيف فجأة؟ أيعقل بأنه اصطحب معه بعض الأخبار السيئة؟ أرجو انني أبالغ في التفكير.!
اتسعت عيناي وقد وقفت محتارة عندما تهاوى على مسامعي صوت ضجة أطفال!
هذا الصوت. جيمي. وشارلي. لا يمكن! بريتني أيضاً؟

طرفت بعيني بسرعة وتحركت نحو كريس الذي يحدق إلى الخارج بعدم استيعاب.
رأيت ثلاثة رؤوس صغيرة تتحرك من بعيد وتصدر ضجة بسبب حماسهم الشديد، إنهم هم!
اقترب الثلاثة ليصعدوا الدرج ويسبقهم شارلي، فتح كريس الباب أكثر وقد ظهرت بين حاجبيه تقطيبة استغراب.

دخل شارلي بحماس ينظر من حوله وإلينا وخلفه جيمي الذي يحدق إلى والده بتردد ثم نحوي بسعادة وقد ركض ليعانقني فجثيت على ركبتي مبتسمة وانا أعانقه بقوة فسألني: أمي. هل أنتِ بخير؟
نظرت إلى بريتني التي وصلت ونظرت إلينا بابتسامة محتارة تنظر للمكان والبحر من خلفها، أجبت جيمي: وكيف لا أكون بخير؟ ألم يأخذني والدك للمشفى؟ أنظر إلى إنني بكامل قواي وبأفضل حال. ماذا عنكِ يا بريتني؟

عندما سألتها ابتعد جيمي قليلا وبدى في عينيه العسليتان الواسعتان نظرة خوف مكبوت تجاه والده.
صحيح. كان كريس غاضباً جداً آنذاك!
كانت بريتني تجيبني بأنها بخير في اللحظة التي يحدق كريس فيها إلى جيمي، كان يقف بعيداً عنا قليلاً يرمق الصغير بنظرات سريعة، الم يخبرني تلك الليلة بأنه يريد التقرب إليه؟ لماذا لا يستغل هذه الفرصة إذاً؟

أمسكت بأيدي بريتني وجيمي أحثهما على ان يدخلا أكثر، لفت انتباهي صوت خطوات تقترب لم يكن مصدرها سوى ستيف الذي يتقدم بثقة ممسكاً بهاتفه ومفتاح السيارة.
ابتسمت أنفي برأسي بلا حيلة وانا ادخلهما ليجلسا بجانب إيثان وتيا.
جلست بريتني إلى جانب أخي فوراً وقد بدأ يطمئن عليها بلطف، أما جيمي فظل يسترق النظرات المترددة والمرتبكة نحو كريس في كل حين. والآخر يرمقه بعينيه اللتان يطرف بهما بسرعة.

أرجو أنه لا ينتظر مني ان أبدأ بترتيب الأجواء المناسبة ليوطد علاقته بابنه!
نظرت إلى شارلي الذي يحوم في أرجاء المنزل وإلى ستيف الذي بدى مذهولا لوجود تيا وإيثان.
سأله كريس بشك وبنصف عين: لدي الكثير من الأسئلة ولكنني سأكتفي بإثنان، ما الذي أتى بك ولماذا برفقتهم؟
تجاهل ستيف سؤاله مبعثرا شعره وأشار إلى تيا: ما الذي تفعله هذه العجوز هنا؟
أضاف بعدم فهم: لماذا لم تخبراني أنها هنا؟

تدخلت تيا بإمتعاض: حتى لو لم أكن هنا فما دخل هذا بسؤال كريس أصلاً؟ ما الذي تفعله هنا تحديداً؟
تدخلت مبتسمة بحماس: دعني أخبرك إذا يا ستيف فلا يبدو أنك تعلم بالأمر بعد.
اقتربت منه وأضفت بنبرة عالية: أخي وتيا. ستزوجان قريباً! لهذا السبب تحديداً أمي وأبي في منزل السيد ماكس.
ظل ينظر إلى لبرهة قبل ان يزفر: كوني جادة من فضلك. لماذا هما هنا؟

رمقته ببلاهة ثم نظرت للجميع ليعلق كريس بإستخفاف: ما المدهش كثيراً؟ إنها الحقيقة سيتزوج هاذان الإثنان.
فغر ستيف فاهه ثم شهق بذهول: هذه العجوز. ستتزوج؟ ومِن شقيق شارلوت! كيف يحدث هذا فجأة!
ابتسم إيثان: تواصل نعتها بالعجوز. كم يكون عمرك؟
أجابه بعدم استيعاب وهو يجلس على طرف الأريكة التي تجلس عليها تيا: في العشرون. ولكن هذا ليس موضوعنا!
تنهد إيثان: فليكن. انطباعي السريع عنك لا يبشر بالخير. تبدو وكأنك.

فكر قليلا قبل أن يردف ببطء: طائش. أنيق المظهر!
اومأت ضاحكة: إنه أنسب وصف بالفعل.
زفر كريس واضعا يده في جيبه: متى ستخبرنا عن سبب وجودك هنا؟ تحدث وإلا طردتك!

رمقته ستيف بطرف عينيه البندقيتان قبل ان يغمضهما ويقول بثقة: حسنا إذاً مبارك لكما وأخيرا ستتزوج هذه الصهباء، وبالنسبة لسؤالك يا ابن خالي فلا سبب محدد، جيمي كان مشتاق إليكما وقلق بشأن شارلوت، شارلي كان يشعر بالملل كما طلب من والديه ان يسمحا له بالتأخر في منزلنا، بريتني معجبة بأداء شارلوت في إنقاذها، اما أنا فلا طاقة لي في الجلوس مقابل رين أو للجدال معه فهو لا يمل ذلك ولا يسأم.

ثم نظر لإيثان مسترسلا براحة: حسنا من الجيد أنك هنا بدلا من شقيقك سام. إنه مجرد مزعج تحوم حوله هالة مستفزة.
جلست بلا مبالاة بجانب جيمي أداعب شعره العسلي في حين تساءلت بريتني ببراءة: الآنسة تيا ستتزوج. سيكون هناك حفل زفاف قريباً؟
أومأت تيا: صحيح.
علق ستيف بسخرية موجها حديثه لإيثان: لديك مهلة للتفكير وإعادة النظر بشأن الزواج منها. إياك والتسرع!

ولكنه تأوه بقوة بسبب القاء تيا لعلبة البسكويت عليه فضربت أعلى جبينه! انحنى يلتقطها من على الأرض بغضب: سحقا! هذا مؤلم يا تيا.
تستحق هذا أيها الوقح!
يا له من تعيس حظ!
يبدو أنك لن تصمت حتى القي الأثاث بأكمله فوق رأسك.
قاطعتهم بريتني بسعادة: هذا حقاً جميل. سيكون هناك حفل زفاف!
أيدتُها بحماس: نعم. سترتدين فستانا مناسبا ولطيفا وستبهرين الجميع!

علق شارلي مقترباً منها بسعادة: بريتني أتذكرين ذلك الحفل الذي شاهدناه على التلفاز؟
أومأت إيجاباً فأضاف بمرح: لنرقص معاً كما يفعل الجميع.
تدخل جيمي بحزم: سأكون من يرقص مع بريتني.
حدقنا إليهم ببلاهة وحينها بدأ الشجار!
تنهد ستيف ممرراً يده أعلى جبينه بألم، بينما هدأ إيثان الوضع بين الثلاثة: يمكنكما الرقص مع بريتني! كل واحد منكما سيحظى بفرصته. لذا لا داعي للشجار.

تنحنحت بريتني بهدوء طفولي: صحيح. لا داعي للشجار. قررت مسبقا من سيكون الشخص الذي ينبغي لي الرقص معه.
ابتسم شارلي بثقة: إنه أنا صحيح؟
اعترض جيمي يعقد حاجبيه بإنزعاج: بل أنا!
نفيت بريتني بجدية مشيرة: إنه العم كريس.
ابتسمت تيا بسخرية مشيحة بوجهها بعيداً في حين انفجر ستيف ضاحكا، أما إيثان فاشمئز ليظهر على ملامح كريس الإنزعاج!
وقف ستيف رافعا يديه بعدم تصديق: كريس؟ ياللذوق السيء!

ضحكت تيا هازئة: أنا شاكرة انها لم تقم بإختيارك أنت!
أصمتِ! الجميع يتمنى ذلك.
اوه حقا؟!
أنظري بنفسك الى الفتيات في جامعتي وستعلمين بأنني محق.
تجاهلت جدالهما وكذلك الجميع ووقف متجهة إلى الثلاجة لأشرب الماء.

أخرجت القارورة وسكبت القليل في الكأس لأسمع جيمي يتساءل بشأن التشابه بيني وبين إيثان ليوضح له ستيف وكريس بأنه يكون شقيقي مما يعني بضرورة مناداته بخالي. هذا حقا لطيف! ستكون المرة الأولى التي يشعر إيثان بها بشعور مماثل.
عندما عدت إليهم وانا أرشف من الماء التقت عيناي بعينا ستيف لثوان قبل ان يعاود التحدث معهم.
هل أتخيل.
أم أن نظراته ذات مغزى عميق فجأة؟!

لماذا هو هنا على أي حال؟ ليس وكأنني سأقتنع بإجابته تلك. أن يأتي فجأة دون أن يخبر كريس بل ويصحب معه الثلاثة!
اليس هذا غريباً جداً ومثيراً للتساؤلات؟
زميت شفتاي وحينها وجدت نفسي أقترب منه قائلة بهدوء: ستيف. أتسمح لي بلحظة؟
ارتفع حاجبيه باستغراب ومع ذلك رأيت في عينيه نظرة وكأنه يقول لي وأخيراً بادرتِ بذلك!
لم أشعر بهذا القدر من الغموض يحوم حوله مثل هذه المرة. وهذا ما يدفعني للقلق رغما عني.

كان الجميع منهمكون في الحديث فانسحبنا بهدوء لنصعد إلى الأعلى.
سبقته إلى الغرفة التي وجدتها أمامي فوراً، لم تكن سوى غرفة جلوس فتحت نوافذها لأسمح للهواء بالدخول وتحريك الستائر إلى تراقصت مصدرة صوتاً لطيفاً.
ابتسمت وجلست على الأريكة، دخل مغلقا الباب خلفه يمرر يده خلف عنقه: ماذا هناك؟
ضيقت عيناي أنظر إليه بشك: يا له من سؤال سخيف. هذا ما على قوله أنا! ما خطبك يا ستيف، من الواضح انك تتصرف بطريقة غريبة.!

ارتفع حاجبه الأيسر: اتصرف بطريقة غريبة؟ وكيف يكون هذا؟!
زفرت بملل: مجيئك إلى هنا دون تخطيط ودون إعلامنا، اصطحابك لهؤلاء الثلاثة. ما الذي يحدث؟
نفي برأسه ورفع كتفيه: اشتقت إلى ابن خالي ما الخطأ في ذلك؟ ابنه أيضا لم يكف عن السؤال عنكما.
ستيف.
همست بإسمه بجدية فلوى شفته ينظر بعيداً.
أخذ شهيقا عميقاً ثم قال مستديراً: شارلوت. توقفي عن المبالغة في التفكير، لا يوجد ما نتحدث بشأنه.

أراد الخروج من الغرفة فقلت بهدوء: كن صريحاً من فضلك. لنجلس ونتحدث لعلني أستطيع مساعدتك.
ردد بنبرة هازئة: تساعدينني؟
استدار نحوي بحيرة ساخرة: كيف ستساعدينني يا تُرى؟
ثم ابتسم حتى ضحك بخفوت: ستقومين بضربي على رأسي بقوة لعل هذا يساعدني صحيح؟ أو ربما غسيل دماغي مجاني سأكون ممتناً لكِ إن أجريته.
فغرت فاهي وعقدت حاجباي بعدم فهم وقد انتابني شعور القلق والريبة!

ما الذي يتحدث عنه! ولماذا هذه النبرة المتهكمة فجأة؟
سألته بحذر راجية ألا أتلقى إجابة تدهشني: ستيف. ما الذي تعنيه؟
تجاهلني وهو يتأمل الغرفة بلا إكتراث ثم تحرك: سأعود للأسفل.
مهلاً.
قلتها بحزم وقد وقفت أقترب إليه بخطى هادئة.
اقتربت قليلاً فأشاح بوجهه بصمت.
هل هناك ما يمكنني فعله لأساعدك؟ أخبرني على الأقل لماذا تبدو غريباً؟!
أنتِ خصيصا يا شارلوت لن تستطيعي مساعدتي.

قالها دون ان ينظر إلى فاتسعت عيناي الخضراوان هامسة: لن أستطيع؟!
أنتِ السبب فيما أشعر به وأمر فيه فكيف عساك تساعدينني؟
هاه!
لا تظهري ردة فعل مستفزة كهذه. ودعيني أنهي الحديث مختصراً بأنني قادر على تدبر أموري وحدي.
قالها وهو يبعثر شعره بتعبير غير واضح متجهاً للباب ليخرج.
ولكن.
تحركت قدماي بسرعة لأمسك ذراعه وأوقفه هامسة بإسمه بعدم تصديق.

ظل الحال كما هو حتى شعرت بذراعه ترتجف فأبعدت يدي بتوتر وقلق! ما هذه الهالة الغريبة التي تحيط به بحق خالق السماء؟ رفعت رأسي نحوه عندما همس بضيق فاجأني: لا يمكنني الإحتمال أكثر! ظننت بأنني سأكون قادراً على نسيان مشاعري نحوك والتخلص منها ولكنك لا تساعدينني إطلاقاً.
ابتعدت خطى صغيرة للخلف وقد تسمرت عيناي عليه!
مشاعره نحوي. ستيف لا زال يكن تلك المشاعر حتى الآن؟!

لا يمكنه أن يكون جاداً! ازدردت ريقي بصعوبة بالغة وبالكاد فعلت، رسم ابتسامة مضمرة على ثغره والقى على نظرة سريعة: عليكِ أن تجدي حلاً، لا أعلم ما الذي قد أفعله لاحقاً.
ما الذي تقصده!
مجيئي إلى هنا كان بسببكِ أنتِ!

وضع يديه في جيبه وتغيرت نبرته للإستياء الشديد: عندما اتصلت واخبرتني بأنكما معاً. واجهت صعوبة في تمالك نفسي بل وأنني شعرت بالغيرة! لماذا يجلسان وحدهما؟ هل سيطيلان البقاء حتى وقت متأخر؟ حسنا إنهما زوجان وهذا أمر وارد وطبيعي جداً. ولكن. ما الذي سيفعلانه بعد قليل؟ أو ما الذي قد يتحدثان بشأنه! حسنا لن أقف هكذا مكتوف الأيدي. على التحرك صحيح؟!
ستيف!

استرسل يضع يده على جبينه بسخرية مستاءة: إنني أستغفل كريس. أستغفل ابن خالي! إنني الأسوأ على هذه الأرض. ولكنني. أنا حقا غاضب من نفسي بل أشعر بالإشمئزاز مما أرتكبه! كيف أكن مشاعر كهذه نحو زوجة ابن خالي؟ بربكِ اليس هذا جنوناً؟ لا أريد ان أكون خائناً من فضلك تصرفي!
لم أعلم ما على قوله! ما الذي يجدر بي فعله بحق الإله! أنا. قلقة ومرتبكة. ومستاءة جداً لأجله.

ما الذي على فعله الآن؟ ما الكلمة التي من المفترض ان انتقيها في وضع كهذا؟
كيف هي الأمور بينك وبين كريس.
انتفضت بارتباك وأجبته بتلعثم: إنها تتحسن نوعاً ما.
فهمت.

استمر الوضع فبادلته النظرات بترقب ليسترسل بعين شاردة لمعت ببريق متضايق: سيفاجئك كم أنا سيء حقاً. لبرهة كنت أفكر بأن الأمور ستسوء بينكما كثيراً. هذا يعني أن شارلوت وكريس قد ينفصلا. حينها يستطيع كريس أن يمضي قدماً. فلما لا أستغل الفرصة وأحصل على شارلوت؟
اتسعت عيناي بذهول لطريقة تفكيره وارتجفت شفتاي إلا أنه ضحك بخفوت مشيحا بوجهه: ألم أخبرك بأنني الأسوأ؟
ل. لا يسعني تصديقه!

وكأن عقلي شُلَ عن التفكير تماما.
تنهد واضعا يده خلف عنقه وهمس بصوت مرتجف: هذا يكفي. لا يوجد ما أقوله. سأغادر فوراً لأنني لم أعد أطيق مجرد سماع صوتي أو أفكاري المختلة تجاه ابن خالي. هذا أكثر من المعقول، إنني أتمادى كثيراً.

نفيت بأسى: أنت مخطئ يا ستيف، المشاعر ليست أمرا يمكننا التحكم به، ربما حدث هذا رغما عنك وربما يكون خطأي بطريقة أو بأخرى توقف عن لوم نفسك! شعور بالذنب تجاه كريس وحده سبب واضح يشير إلى أنك صادق وصريح! أنت لست سيئاً يا ستيف لا تغرق نفسك بهذه الأفكار والأوهام الغريبة!
أردفت مطأطأة رأسي: الخطأ يقع على عاتقي أنا. لقد أخبرتني مسبقاً بأن أجد حلاً ولكنني تهاونت في الأمر كثيراً. لذا توقف عن معاتبة نفسك!

لن تفهمي ما أمر به. لن تفهمي ما يعنيه ان استغفل كريس بهذه الطريقة البشعة! أنتِ زوجته يا شارلوت هل تفهمن هذا؟ الا تدركين مدى صعوبة الأمر بالنسبة لي؟ ألا تفهمين انني أتمادى كثيراً! الأمر بدأ يخرج عن سيطرتي. لقد تصرفت كالمخبول وقد أخذت الثلاثة لأجلبهم إلى هنا بهدف إفساد اللحظات العاطفية التي دارت في مخيلتي بينكما. وبكل وقاحة فكرت للتو. لماذا سلكت هذه المسافة إن كان شقيقك وتيا هنا فالإثنان سيفيان بالغرض. هل ترين إلى أين وصلت بأفكاري؟

أغمضت عيناي بضيق شديد وزميت شفتاي بقوة.
أشعر بالندم الشديد تجاه ستيف! كان على التصرف عندما أخبرني بحقيقة مشاعره مرارا وتكراراً. أنا السبب فيما يمر به! ما الخطوة التي على أن اتخذها الآن؟

رفعت رأسي فوراً عندما تحرك متجها للباب فأحكمت قبضتا يداي بقوة ولم أشعر بالدموع التي بدأت أذرفها. إلى أي مدى كان يتظاهر بالمرح والسعادة أمامنا في حين كان يكبت في نفسه هذه المشاعر ويحتفظ فيها لنفسه. إلى أي مدى كان يشعر بأنه مجرد غادر وخائن؟! كيف أساعده؟ ما الذي يمكنني فعله!

هذا ليس عدلاً. ستيف لا يستحق أن يشعر بهذه الصعوبات! إنه شخص طيب القلب ولا يستحق ان يكون تحت هذه الضغوطات القاسية بسببي. هذا ظلم!
ستيف:
في النهاية تحدثت. قلت ما كنت أكبته والذي لا يزال لا يساوي شيئا من حقيقة ما أمر به.
لم أكن لأتخيل ان يكون الوقوع في الحب أمر صعب إلى هذه الدرجة.
هو ليس صعبا وحسب ولكنه.

يمزج بين النكهة المُرة والحُلوة بطريقة غريبة. فأنا أعلم بأنني وقعت في حب فتاة لا يجدر بي ان اكن نحوها مشاعر كتلك. ولكنني لا أذكر متى حدث هذا حتى!
كل ما أعرفه أنني أشمئز من نفسي كلما فكرت بعلاقتهما كزوجين.
اليس واضحا بأن كريس يحبها؟ اليس واضحا بأنها تعني له الكثير مهما حاول إخفاء الأمر؟ فكيف إذاً تجرأت ووقعت في حبها بكل بساطة؟
لا أصدق ما قلته لشارلوت! أي نوع من الحمقى أنا!

سحقا يبدو أن عقلي لن ينضج ولو بعد مرور عشرون سنة أخرى.
تنتابني غصة قوية وهذا ما دفعني لأستدير متنهداً بعمق وللأسف كانت تلك التنهيدة قد ارتجفت بشدة مفرغة القليل مما أشعر به فلمعت عينيها الخضراوان بالمزيد من الدموع وكان من الواضح انها تلوم نفسها وتشعر بالندم والإستياء. إنها واضحة إلى درجة من الصعب تصديقها! إلى درجة تجعلني أرغب في تكذيب حدسي.

لو كنت أعلم أنني سأقع في حبها لأغلقت جميع أبواب قلبي من كل جهة. لم أكن لأسمح لها ان تقترب إلى مهما حاولت!
ولكن الأمر الذي يضايقني بشدة.
أنني حتى وإن حاولت فعل هذا. فهذا اللعين الذي يدعى الحب لا يطرق أي باب يواجهه! إنه يخترق القوانين والتشريعات بكل بساطة ووقاحة! إنه يرى نفسه القائد الذي على الجميع الخضوع له!
وضعت يدي التي لاحظت ارتجافها على مقبض الباب ولكنني للحظة تراجعت.
واستدرت أحدق إليها بلا حيلة.

أكره أن أقول هذا. وسأبدو وغداً بالفعل ولكنني.
أحب النظر إليها! أحب ان تغرق عيناي في ملامحها وانا أدرك المشاعر المتبادلة بينها وبين كريس.
بل وأدرك أن ما أفعله لجُرم عظيم في حق نفسي وحق ابن خالي الذي لطالما اعتبرته الأخ الأكبر، الذي لطالما التصقت به أينما ذهب وتعلقت به!
ليس بيدي حيلة. أتيت إلى هنا دون تفكير مصطحبا الثلاثة لنفسد عليهما الأجواء، لا أصدق بأنني أغار من ابن خالي بسبب زوجته!

هذه. حماقة! ما أفعله مجرد سُخف.
كريس لم يكن قاسيا معي يوماً. على العكس تماماً.
وما الذي ارتكبته في المقابل؟ أحببت زوجته.
ما الذي على فعله لأتجنب التفكير بشارلوت بتلك الطريقة؟
إنني. أتجاوز حدودي كثيراً!
ظلت تنظر إلى بإستياء وترقب بعينيها الخضراوين. ثم أبعدت ناظريها قليلا و عاودت النظر نحوي بيأس شديد فابتسمت بسخرية.
ما الذي انتظره؟!
إلى متى سأظل واقفاً هكذا!

في هذه اللحظة كل ما أحتاجه هو أن أمضي نحو. نحو طريق لا يهمني إلى أين يؤدي بقدر ما يبعدني عنها وعن مشاعري.
خطوت بضع خطى لأخرج من الغرفة. فتحت الباب وخرجت وقد شعرت بأن قواي قد خارت فجأة، ومع ذلك.
شيئا ما أجبرني على النظر إلى جانبي.!
هاجس خفي أثار في نفسي الحذر والقلق. حركت رأسي ببطء وسرعان ما اتسعت عيناي بدهشة يجوبها استسلام تام.
كان واقفا بجانب الباب! منذ متى؟

إنه يستند على الحائط واضعا كلتا يديه في جيب معطفه وينظر إلى الأرض بفم مطبق! هل. سمع ما قلته؟
هل تلقت أذنيه الحماقات التي قلتها؟!
هذا ما كان ينقصني.
ومن عساي ألوم سوى نفسي! على ان أتظاهر وكأن شيئا لم يكن.
لا يجب أن أثير الشبهة!
ابتسمت بمرحي المعتاد: ما هذا! هل شعرت بالحنين إلى فأتيت لتتفقدني؟
ظلت عيناه العسليتان تحدقان إلى الأرض بهدوء، مما أثار الريبة بي.

رفع رأسه ببطء ونظر إلى للحظات يتأملني بصمت فازدردت ريقي بصعوبة، حتى ابتسم مسايراً: آه. نوعاً ما.
إجابته المختصرة هذه. وعينيه العسليتان اللتان تلمعان ببريق غير معتاد يخبرانني بوضوح. بأنه استمع إلي!
لا يمكن.
كيف لي أن أنظر إليه بعد ما قلته!
لفت انتباهنا شارلوت التي خرجت بوجه عابس وعندما رأت كريس توقفت و اتسعت عينيها بعدم تصديق!
أرجو أن لا تتصرف شارلوت بطريقة مريبة. أتمنى أن تحسن التظاهر على الأقل!

ما زلت غير واثق تماما ما إن كان قد انصت إلينا أو لا.!
اللعنة كم أنا غبي.
لما لم أحتفظ بالأمر لنفسي وأغلق فمي إلى الأبد وحسب!
رمقتني شارلوت بنظرة توتر سريعة إلا أنها سرعان ما ابتسمت قائلة: ل. لننزل جميعنا! لماذا ما زلنا نقف هنا؟!
بالرغم من أنها قالت ذلك. إلا ان كريس لا يزال يحدق إلي.
كما توقعت.
لابد وأنه سمعنا.
وجدت نفسي أتساءل بجدية و بهدوء شديد: ما الذي سمعته تحديدا؟

ظل ينظر إلى حتى قال بثبات غريب: ربما حين ينفصل كريس وشارلوت ستكون الفرصة أمامي. ما الحل يا شارلوت؟ عليك أن تجدي الحل. لا يمكنني تجاهل مشاعري نحوك. ظننت أن الأمر سيكون سهلاً. إنني أشعر بالغيرة. هذا ما دفعني للمجيء. أعتقد بأنني أستغفل ابن خالتي. إنني الأسوأ على هذه الأرض. إن.
هذا يكفي.
قالتها شارلوت برجاء ونبرة مرتجفة قلقة!
بينما كنت أنظر إليه بعدم تصديق!
سمع. كل شيء!

ما الذي فعلته بنفسي الآن؟ بل ما الذي. دهاني للتفوه بتلك الأمور! تذكيري بأنني قلت هذه الأشياء يدهشني بالفعل! هل قلت حقاً هذه الكلمات بكل وقاحة؟
لا يعقل بأنني قلت كل هذه الأمور الجريئة ببساطة!
أين كان عقلي حينها؟
بعد أن أخبرتني شارلوت بأن الأمور بينهما تحسنت أخيراً! لماذا تهورت وتفوهت بأمور كهذه!؟
ولكنني. حاولت مرارا وتكرارا تجاهل مشاعري بقوة.
كان صعب. صعب جداً!

ما زلت لا أستطيع! الأمر خرج من سيطرتي. أنا حقاً عاجز تماماً!
همست شارلوت برجاء: إنه خطأي منذ البداية، كان على أن أكون منتبهة جيداً للتصرفات التي تبذر مني، لقد حذرني مسبقاً ولكنني. ربما تماديت بطريقة ما لذا لا تلمه على أي شيء يا كريس. الخطأ كله يقع على عاتقي أنا. إياك وأن تغضب منه.
من قال بأنني غاضب؟
سألها بهدوء فقطبتْ حاجبيها في حين رمقته بترقب واستنكار، أخرج يده من جيبه وهمس: لا يوجد ما أغضب منه.

بالرغم من أنه قالها بصوت هادئ، ولكنها كانت طريقة غريبة جداً! إتجه للدرج هامساً: لستُ غاضباً.
وقف لثوان ونظر إلى بطرف عينه التي تلمع ببريق أصفر مريب واستأنف بهدوء: ولكنك تعلم أكثر من أي شخص بأنني أناني جداً. أرفض أن يشاركني كائن بشري على هذه الأرض ما أريده وما أملكه أياً يكن هذا الشخص. جد مكانا لمشاعرك. اجمعها بكل أجزائها والقي بها بعيداً جداً. لا أريد لأنانيتي أن تؤذيك يا ستيف. ليس أنت.

احتدت عيناه وأضاف هامساً: لا أقصد بأن تتجاهل مشاعرك وحسب. قم بمحيها تماماً حتى لا يبقى لها أثر.
أنهى جملته وهو يلقي على شارلوت نظرة متمعنة ثم يعاود النظر إلى بهدوء وأكمل طريقه للنزول مما جعلني أهمس بعدم استيعاب: هذا كل شيء؟
وقفت شارلوت محدقة إلى الفراغ بذهول كذلك.
ما الذي. يحدث!
هل هو في كامل قواه العقلية! هل كان جاداً؟
أ. ألم يغضب؟! اليس هذا ما يجب أن تكون عليه ردة فعله؟

انتفضت على صوت شارلوت الهامسة بإسمي بعدم فهم.
فزميت شفتي وازدردت ريقي نافيا لها بلا علم لدي.
هل يعقل بأنه. يؤجل ما يريد قوله أو فعله لوقت لاحق؟! ومن الذي سيفجر غضبه به لاحقا؟ أنا؟ أم شارلوت!
حسنا.
الآن بغبائي وتهوري تسببت بالكثير من التوتر والإضطراب.
علي أن. أتمالك نفسي أولاً.
نعم. على ان أكف عن التحديق إليها وستكون هذه هي الخطوة الأولى والضرورية.
وهذا ما فعلته إذ أشحت بوجهي قليلاً وهمست بجدية: آسف.

أضفت بحزم: إنه خطأي. لابد وأن كريس غاضب.
ستيف. كريس لن يغضب منك بسبب مشاعرك نحوي! كريس لا يبادلني المشاعر بالقوة والمقدار نفسه لذا لا تقلق من.
تركتها تتحدث وأنا أفكر في كلماتها!
هل قالت لا يبادلها المشاعر؟ إن كنتُ أحمقا متهوراً.
فشارلوت غبية إلى درجة من الصعب إستيعابها!
لا يمكنها أن تكون جادة! ألا تدرك أن الكثير من النقاط في شخصية كريس. تغيرت كثيراً؟!
ألا تلاحظ هذا؟! إنها غير معقولة البتة!

لنتجاهل هذا. ماذا عن النظرات التي ينظر إليها بها؟ وإن كان يحاول جعلها نظرات لامبالية او متسلطة. فعيناه تنطقان بمشاعره نحوها!
أرجو بأنها تمزح. لا أصدق أنها جادة!
تنهدت لأقاطع حديثها بإمتعاض شديد: اخرسي يا شارلوت. أنا في دهشة وحيرة من أمري. كم مقدار الغباء في رأسك الصغير هذا؟!
اتسعت عينيها الخضراوان هامسة: غ. غباء!
أضافت بإنزعاج: ما الذي تقوله فجأة؟!
لا فائدة.
هي لن تفهم.

لن تفهم ولو قليلا كم تغير كريس بالنسبة لنا بعد دخولها في حياتنا ووجودها بيننا.
هي لن تفهم حتى. يعبر كريس الأحمق عن كل هذا.
الوقت الذي بات يمضيه معنا وفي المنزل من الصعب مقارنته بالوقت الذي كان يمضيه معنا في الماضي! بل وأنه بات يتحدث بعفوية أكبر ويحاول ان يبدو صريحا وواضحا بقدر الإمكان وإن فشل في ذلك.
لا أعلم تحديداً كيف تغير. ولكن هذا حدث بالفعل!

بعثرت شعري بغضب وبقوة وهمست وأنا أتجه للدرج: تصرفي وكأن شيئا لم يكن. واتركي أمر كريس لي. لا تتحدثي عما حدث للتو يا شارلوت.
م. مهلا يا ستيف! الأمور لن تكون بهذه البساطة ل.
الأمور بسيطة. لا تعقديها. فقط لا تنسي دورك أنتِ.
دوري؟ ما هو؟
دورها.؟
عليها ان تساعدني. أنا لن أكف عن الميل نحوها بمشاعري هذه إن لم تساعدني!
لن أستطيع مساعدة نفسي هكذا. لو كنت أستطيع لفعلت مسبقاً!

ابتسمت بهدوء متمالكاً نفسي: أوقفي مشاعري نحوك. وضعي لها حدوداً. هذا كل ما أريده منكِ.
نظرت إلى بجدية وحزم حتى لوت شفتيها وهمست: القول دائما سهل. والتنفيذ صعب جداً. أخشى أن أزيد الوضع سوءاً.
استأنفت بهدوء: ولكنني سأفعل ما بوسعي.
ستفعل ما بوسعها.
أرجو ذلك.
هكذا نزلنا بخطى بطيئة، لم أكن أتعمد.
ولكنني. أشعر بثقل غريب في قدماي. أعتقد بأنني قلق بعض الشيء من مواجهة كريس.

علي أن أتحدث معه بجدية. مهما كلفني الثمن.
الجميع في مكانهم أمام المدفأة، حتى كريس كان يخاطب تيا بصورة طبيعية!
لا يبدو عليه أي أثر للغضب أو الدهشة وما شابه.
كل ما أراه هو ملامح تعكس تعابير عادية يزنها اعتماداً على حديثه معها!
لن أنخدع بمظهره.
ربما لو ود تفجير غضبه لفجره بي.
ولكنني لا زلت لا أفهم ما الذي يفكر به تحديداً.!
هل يفكر في تفجير إنفعاله بوجهي عندما تسنح الفرصة له؟

كنت أقف في نهاية الدرج وقد سمعت خطى شارلوت خلقي، نظر إيثان نحونا بهدوء ثم سرعان ما ارتفع حاجبيه متسائلاً: ما خطبكما؟
نظر الجميع نحونا ليتساءل كريس بإستغراب: ستظلان واقفان هكذا!
إنه. يستفزني بتصرفه هكذا وكأن شيئاً لم يكن!
سأكون راض تماما إن صرخ في وجهي أمام الجميع وقام بتفريغ طاقته!
سأكون. راضيا! فليفعل أي شيء إلا وضعي تحت هذا الضغط الرهيب!

تقدمت شارلوت أمامي مبتسمة بمرح وبطريقة معتادة طبيعية وخاضت فوراً حديثاً مع شقيقها وتيا بل ومع كريس!
ما هذا!
هل هذا كل شيء؟
يضحكان ويبتسمان هكذا. ما خطبهما؟
لا يعقل أن كريس سيتجاهل الأمر! حتى لو طلب مني نسيان مشاعري تماما نحو شارلوت.
وكأن الأمر سهل وبسيط!
بل وأنني ظننت أول خطوة في التوقف عن التحديق إليها ستخدمني في محاولتي للتوقف عن حبها ولكن ها أنا ذا أحدق إليها دون شعور!
لا أستطيع.

منذ أن رأيتها وهي لا تفارق عقلي!
أمور كثيرة تجذبني نحوها.
إنها صريحة وجريئة أحيانا، ولكنها خجولة كذلك. جميلة. وابتسامتها تأسرني! معاملتها للجميع. مميزة بطريقة ما. عقلها ناضج نوعا ما وإن كانت حمقاء مغفلة من الناحية العاطفية.
عندما احتدت عينا كريس المتمعنة بي علمت بأنني بالغت كثيرا فأخفضت رأسي بيأس.
علي أن أجد حلاً.
انه ابن خالي. وأخي الأكبر وأكثر أفراد العائلة قربا لي.

لا يمكنني أن أدع الأمر يؤثر بيننا أو على علاقتنا.
مع أنه يتصرف بالفعل وكأن شيئا لم يكن.
ازدردت ريقي وقلت بهدوء دون أن أنظر إلى أحدهم: يجدر بي العودة.
اتى سؤال إيثان محتاراً: الآن؟ مازال الوقت مبكرا! إنها الثامنة وحسب!
ابتسمت وانا القي عليه نظرة خاطفة: لا بأس ربما في وقت لاحق. يسرني أن أعود للمنزل وأجلس مع والديك هناك. الحديث معهما ممتع جداً.
تنهدت تيا: أنا أيضا على العودة.

أضافت باستنكار: هل الذهاب للمخيم غدا كان القرار الحاسم يا كريس؟
أجابها: لقد قمنا بتأجيله لذا هذا كافٍ جداً.
بعثرت تيا شعرها الأصهب القصير ووقفت تمدد جسدها: لا أرى أي مشكلة.
بللت شفتاي متجاهلا ذلك الحوار واتجهت للباب ولكن صوت شارلوت استوقفني: مهلا يا ستيف! ماذا عن بريتني وجيمي وشا.
ولكن تذمر جيمي المعترض قاطعها: لن أذهب يا أمي!
أضاف بحماس: سنلعب على الشاطئ ما رأيكم؟

قالها وهو يسأل شارلي وبريتني اللذان بدى الحماس على وجهيهما ولكن صوت كريس بدد تلك الفرحة وهو يقول بحزم ساخر: أوه حقا؟ تبدو واثقا بأنني سأسمح لك باللعب في هذا الوقت!
أبي!
إنها الثامنة على أي حال. دعني أذكرك بأن موعد نومك يحين بعد ساعة تقريباً.
لست أشعر بالنعاس! لا أريد أن أنام!
تدخل إيثان هامسا بإستخفاف: من ينام عند التاسعة في هذا العالم؟

رمقه كريس بطرف عينه وتمتم: لا شأن لك. إنه ابني فلا تتدخل ولو اردته ان ينام عند الخامسة مساءً.
تجاهله إيثان ووقف يحث تيا على أن يتحركا، تحركت بدوري متناسيا أمر الثلاثة وكل ما اريده هو الخروج فقط.

ولكن كريس أخبرهم ان يخرجوا خلفي وحينها أسرع شارلي يحاول الصعود للدرج فتعالت هتافات بريتني وجيمي المشجعة له أن يهرب، ومع ذلك هو لم يكن أسرع من كريس الذي حمله بوجه حازم وقال: تتصرف بنضج عندما يحلو لك وتارة أخرى تتصرف كطفل مزعج.
صرخ شارلي بإعتراض: أريد ان أتمشى على الشاطئ قليلاً! أتركني. أخبرت أمي وأبي بأنني سأتأخر ولم يمانعا ذلك.

حاول جيمي ان يقنع والده بالبقاء هنا فحركتني قدماي لأفتح الباب وأخرج قائلاً بصوت متثاقل: أسرعوا وإلا غادرت دونكم.
عندما نزلت درجات المنزل القليلة وتهاوى على مسامعي صوت الأمواج وصفعتني الرياح الباردة، نظرت إلى البحر بنظرة غضب مكبوت.
ما زلت. أحاول تمالك نفسي.
لم أكن أريد من الأمور أن تسير بهذه الطريقة!
أنا. غبي. ومتهور جداً.
أشعر برغبة في الركض نحو البحر بأسرع ما لدي لأصل للجهة المقابلة وأختفي من أمامهم.

زميت شفتاي بغيض شديد وأسرعت في خطاي متجها للسيارة.
جلست لأستقر خلف المقود ورأيت الثلاثة قادمون مجبرون على ذلك، اتجهت عيناي بشكل تلقائي نحو شارلوت التي خرجت خلفهم ووقفت وراء كريس الذي يحدق إليهم وهم يركضون نحو السيارة للحظة ثم تبعهم.
هل يوجد فرصة للتراجع عما قلته؟

كيف لي أن أصحح الوضع بعد أن أفسدته؟ الم يصرح العلماء ان السفر عبر الزمن ممكن؟ إنني مستعد وبكل ما أملك أن أكون أول من يخوض هذه التجربة الآن. وحالاً!
أخفضت رأسي بحاجبين معقودان واسندت جبيني على المقود أرص على شفتي بأسناني.
المرأة الوحيد القادرة على فهمي.
علي أن أتحدث معها.
عليها أن تنصت إلي.
إنني بحاجة للحديث معها حالاً.
السيدة أولين.

أتساءل كيف ستكون ردة فعلك ما أن تستمعي إلى الحماقة التي سأتفوه بها؟ قد تفقد وعيها حتماً.
تنهدت بعمق شديد ورفعت رأسي عندما فتحوا الباب ليدخلوا بحماس.
استقر الثلاثة في الخلف بينما استند كريس على النافذة التي فتحتها في الجهة الجانبية، نظر إلى بهدوء شديد.
وعينيه مازالتا لا تعكسان شيئاً.
نظر إليهم في الخلف ثم نحوي بجدية: قد بحذر.
رمقته بشرود وتردد ثم أملت برأسي دون أن أعلق.

عاود ينظر إليهم محذراً: إياكم واصدار أي جلبة أو ازعاج أثناء قيادته.
أومأ الثلاثة بصمت فنظر إلى ونادى بإسمي فرفعت حاجبي له باستفسار.
نظرت إليه بترقب أخفي قلقي فهمس بصوت خافت لا يسمعه سوانا: لستُ غاضباً. تصرف على سجيتك. وانسى أمر مشاعرك هذه تماماً.
اتسعت عيناي: هاه!
اخفض نظراته قليلا ثم نظر للثلاثة في الخلف وأكد لهم بهدوء: تصرفوا بعقلانية ولا تقوموا بأي شيء قد يربكه أو يعيقه عن القيادة. مفهوم؟

أجابه الجميع: مفهوم.
قال جيمي: إلى اللقاء يا أبي.
أمال كريس برأسه: اخلد للنوم مباشرة عندما يحين الموعد ولا تتعب السيدة أولين أو آنا حسنا؟ إنني اقول هذا في حالة تأخري وحسب ومع ذلك قد أعود للمنزل بعدكم فإياك واستغفالي.
حاضر.
جيد.
استقام مبتعدا عن السيارة واتجه للدرج فرأيت إيثان وتيا اللذان يتجهان إلى سيارتهما أيضاً.
تصرف على سجيتك؟ لست غاضباً؟
ما هذا تحديداً؟

أتكون طريقته في جعلي أشعر بالندم مثلاً؟ ب. بالطبع لا!
ولكن لماذا لم يغضب أو يهددني؟ ما الذي يحدث له!
إن كان قد تمالك نفسي فعلي أن أقدر هذا، على ألا أسمح لعيناي بأن تتطاول وتتجاوز حدودها على ما يخص كريس!
أنا لست ذلك الشخص السيء. لست من يقوم بفعل امر كهذا لإبن خاله.
حركت السيارة مستمعاً إلى الأحاديث الطفولية في الخلف.
محاولا بجهد بالغ تجاهل الأمر ولو قليلا.
ريثما أرى أولين فقط.
ق. قليلا فقط.
شارلوت:.

غادر ستيف فاستدار كريس ليدخل بصمت، وقفت أنظر إلى إيثان الذي استقر خلف المقود وتيا التي جلست بجانبه، لوحتُ لهما مبتسمة راجية أن يمضيا أفضل وقت في مناقشة ترتيبات زفافهما.
لقد كنت أحلق من السعادة أمام هذا الخبر السعيد ولكنني الآن أغرق في دوامة من الغرابة والقلق تجاه ردة فعل كريس الباردة تجاه ما سمعه.
وأنا التي ظننت بأنه سيغضب على مثلاً! كنت سأستمتع برؤيته غاضبا لأستشعر ولو قليلا من غيرته علي.

ولكنه بدى فجأة وكأنه رجل حكيم ملتحي فائق الدهاء تصرف بكل رزانة وحكمة! اللعنة هذا يغضبني.
ومع ذلك أشعر بالراحة لمغادرة ستيف دون خوضه في أي جدال مع كريس.
تنهدت بإستياء مفكرة في اللحظة التي سأسمع فيها إعترافاً صريحا وواضحاً منه بدلاً من تشتيتي في كل حين.
لا أمل. سأصبح مجرد عجوزة كهلة ولن أسمعه يوماً يخبرني بأنه واقع في حبي.

استدرت لأدخل بلا حيلة ولكنني سرعان ما شهقت مجفلة لرؤيته خلفي مباشرة! رفعت رأسي أنظر إليه بارتياب وقد زمجرت بإنزعاج: هل تحاول قتلي!
طرف بعينه بهدوء وقد استدار متمتماً: ادخلي وأغلقي الباب خلفك.
همست بتبرم وانا أتبعه: كان بإمكانك إخباري عن بعد.

عندما دخلت كان قد اتجه إلى التلفاز ليفتحه وجلس على الأريكة المقابلة ممسكاً بجهاز التحكم، أغلقت الباب بالمفتاح و قبل ان أجلس ذهبت إلى الثلاجة لأخرج قارورة ماء صغيرة، اختلست نحوه نظرة وتساءلت إن كنا سنجلس دون ان يفتح موضوع ستيف مثلاً. أو على الأٌقل موضوع تيا وإيثان.
ولكن هذا غريب. لا يمكنني تحديد ما يجول في خاطره! ملامحه هادئة جداً بشكل مريب.

اليس منزعجاً؟ مستنكراً للأمر؟ لو كنت من سمعت أمراً مماثلاً لقتلتني الغيرة بلا شك.
هذا الوغد عديم الإحساس. سحقاً! أكره تناقضه هذا، أكره أن يتصرف معي بلطف فجأة ثم يلتزم الصمت عندما ينبغي له ان يتحدث ويقول شيئاً.

لويت شفتي واتجهت لأجلس بجانبه بتردد، ظلت عيناه على الشاشة وقد استقر على إحدى قنوات الترفيه فقلت محاولة فتح أي موضوع: آه! هذا البرنامج الفكاهي رائع حقاً. إنها حلقة جديدة، يتم إذاعته مرة أسبوعيا و.
ولكنه غير القناة فنظرت إليه بطرف عيني بصمت.
وضع أخرى للأفلام الدرامية فابتسمت: سبق ورأيت إعلاناً لهذا الفيلم، يبدو ممتعاً.
كما توقعت! غير هذه القناة أيضاً.

عقدت حاجباي أرمقه باستنكار شديد في حين التقط الوسادة التي بجانبه ووضعها على حجره مكملا تقليب القنوات.
همستُ بإنزعاج: لماذا تتصرف هكذا!
ولكنه لم يجب، بل نظر إلى مشيراً برأسه إلى التلفاز طالباً مني بكلتا عينيه ان اصمت.
أخفضت عيناي قليلاً ومررت يدي على الورقة الملصقة على القارورة، ما هذه الأجواء الغريبة الآن.
انتهى الأمر على قناة إخبارية فزفرت بضجر وتكتفت ملتزمة الصمت.

في لحظة من الصمت انتفض كلانا بارتياب عندما تعالى صوت ضجة بالأعلى!
اتسعت عيناي بذعر وتركت القارورة على الطاولة أنظر إليه ليبادلني النظرات عاقداً حاجبيه قبل ان ينظر للفراغ محاولا التركيز في الصوت القادم من الأعلى!
يمكنني سماع صوت ضجة في إحدى الغرف! كنت على وشك ان أخذ منه جهاز التحكم لأخفض الصوت لعلنا نستطيع التركيز قليلا ولكنه نفي برأسه محذراً: هل جننت؟ تريدين لفت الإنتباه؟

سرت قشعريرة في جسدي وحينها لم أكن واثقة مما على التفكير بشأنه، شبح؟ لص؟ حيوان مفترس؟ لا شيء محدد يجول في رأسي ولكنني خائفة وحسب! ولكنه محق. لو أخفضنا صوت التلفاز فسيكون هذا مثيرا للإنتباه.
عاد الصوت مجددا والذي بدأت أشعر بأنه صوت لوقوع شيء ما.
ارتجفت شفتاي وقد امسكت بيده دون شعور هامسة: ما هذا بحق الإله؟
شد على يدي بقوة وقال بصوت منخفض: ابقي هنا.

ارتفع حاجباي عندما وقف فوقفت فوراً! لا يمكن بأنه يريد مني انتظاره هنا ريثما يصعد بنفسه.
همست بحزم: مهلاً يا كريس.
أشار لي بيده أن أصمت ثم استدار: إياكِ وأن تخفضي صوت التلفاز. ولا تصعدي مهما يحدث. انتظريني في الخارج سيكون هذا أفضل.
اتسعت عيناي: ما هذا الهراء! توقف عن التصرف بتهور وحدك، لنخرج نحن الإثنان معاً!
أصمتِ وحسب.
لن أصمت! و لن تصعد إلى الأعلى!
هل أنت حمقاء؟

قالها بصوت خافت غاضب وأضاف بحدة يدفع كتفاي نحو الباب الزجاجي: لا وقت لنضيعه بحديث فارغ! ماذا لو كان شخص ما قد دخل للمنزل؟!
وجه هذا الحديث لنفسك لعلك تفهم إذاً! ماذا لو كان مسلحاً أو.
حينها اتصلي بالشرطة.
أنتَ مختل!
احتدت عيناه وأشاح بوجهه متجاهلاً إياي وقد دفعني برفق نحو الباب!

عاد صوت الضجة في هذه اللحظة فأمسكت بذراعه بقوة ورصيت على أسناني هامسة برجاء: لنخرج معاً، كف عن التصرف كبطل مغوار من فضلك يا كريس!
ولكنه رفع يده أمام وجهي لأصمت فحدقت إليه بقلق ولازلت ممسكة بذراعه.
ساد الصمت لنسمع المزيد من الأصوات الخافتة!
رمقني بعين حادة محذرة: ابقي في الخارج وإياك وإصدار أي صوت أو التصرف بحماقة.
تفاجأت به يفتح الباب ويدفعني في طرفة عين وقد أغلق الباب بالمفتاح!

حدقت إليه بذهول عبر الزجاج واقتربت محاولة تمالك نفسي ألا أطرق الباب، ظل ينظر إلى وكم تفاجأتُ حينها بالنظرة المُلحة في عينيه.
ارتخت ملامحي لأنظر إليه وهو يبتعد بعدم تصديق.! ما الذي يظن نفسه فاعل؟ لماذا يحاول التصرف من تلقاء نفسه في لحظات حرجة كهذه؟
ماذا لو كان المتواجد في الأعلى لص مسلح؟ ماذا لو كان أكثر من شخص واحد!
وكأنني سأتركه وشأنه، هو حتى لم يعطني هاتفه لأتصل بالطوارئ في حالة حدوث أي شيء.

نظرت من حولي بغضب قبل ان تستقر عيناي على النافذة. كل ما أرجوه الآن ان اجدها مفتوحة.
دفعتها بحذر ولحسن الحظ أنها كانت مفتوحة وقد غفل عنها، فتحتها بسرعة ورفعت جسدي لأقفز وأدخل من خلالها دون إصدار ضجة، لا أسمع أي شيء سوى التلفاز. لا شيء في الأعلى.!
اتجهت نحو الدرج ووقفت للحظة أزدرد ريقي. لن أكون عقبة أمامه، لن أرتكب تصرفا أحمق وأتسبب في تفاقم لأي مشكلة ككل مرة. ولكنني فقط لا أحتمل صعوده للأعلى وحده!

قد لا يكون هناك ما أفعله ولكن الوقوف في الخارج مكتوفة الأيدي أمر لا يمكنني قبوله أيضاً.
رفعت رأسي أنظر للسقف بقلق. لم أعد أسمع أي شيء. هذا يخيفني أكثر!
تحركت ببطء وصعدت الدرج وقد خلعت الخفين مكتفية بالجوربين.
لن أترك كريس مهما حدث، لا يهمني ما قد يصيبني، المهم أن أكون بجانبه وحسب.
بقلب يخفق بنبضات متسارعة.
ومع كل خطوة.
اشعر بصعوبة في التنفس!
وصلت للأعلى والتصقت بالجدار بخوف.
أين هو؟

عندما نظرت ليميني نحو الجناح الذي كنت أجلس فيه قبل قليل مع ستيف تعالى فجأة صوت وقوع شيء ما مصدراً ضجة في إحدى الغرف على شمالي!
وضعت يدي على صدري محاولة تهدئة نفسي. بللت شفتاي بتوتر وتقدمت ملتصقة بالجدار محاولة تشجيع قدماي على الوقوف.
وصلت لتلك الغرفة. حيث مصدر الصوت!
وحينها نظرت للأرض بخوف.
ما الذي على فعله الآن؟
همست بصوت مرتجف: ك. كريس؟!

لم أجد رداً فتقدمت أكثر لأضع يدي على الباب وأدفعه برفق وحذر شديد. الغرفة مظلمة! لا أرى شيئاً بوضوح.
دخلت أكثر وما أن فعلت ذلك حتى شعرت بشيء يلمسني وسرعان ما غطى وجهي فأغمضت عيناي بقوة و أطلقت صرخة قوية خرجت من اعماقي وهزت المكان بأكمله ولن أبالغ لو قلت أن أحد أوتار حبالي الصوتية قد انقطع حينها!
م. مهلاً!
قالها كريس بنبرة مهدئة فأغمضت عيناي بقوة أكبر مرتابة وصرخت: ما هذا بحق الإله؟

لا أدري إن كنت قد تخيلت ذلك ولكنني شعرت به يبتسم بتهكم وهو يقول: اللعنة لديك طبقة من الصوت من الصعب احمالها. افتحي عينيك لا يوجد ما يدعو للخوف أو القلق.
فتحت عيناي بذعر لأراه يقترب مني وينحني ليلتقط شيئاً بجانبي فاتسعت عيناي مرددة بعدم إستيعاب: ق. قطة!

التقطها وقد لمعت عينيه بسخرية وهو ينظر إليها بين يديه: متطفل صغير. لا أعلم كيف دخلت إلى المنزل ولا أدري منذ متى وهي هنا، ولكن النافذة كانت مفتوحة قليلاً فربما دخلت من خلالها.
كل هذه المؤثرات الصوتية المرعبة. كان مصدرها قطة؟
أطلقت تنهيدة ارتياح قوية واستندت على الحائط هامسة بتعب وإستسلام: يا الهي! كدت أفقد عقلي. كيف تقفز على وجهي فجأة هكذا لقد كنت على وشك أن أختنق خوفاً!

أغمضت عيناي محاولة تمالك رباطة جأشي ثم عاودت أفتحها ونظرت لكريس الذي فتح إضاءة الغرفة وظل يداعب القطة التي تموء وهي تقرب وجهها من يديه، رفع راسه محدقا إلى بهدوء: لماذا صعدتِ؟ ظننت بأنني طردتك، الم أكن واضحا كفاية؟
كيف لي أن أبقى في الخارج بينما تصر على لعب دور البطل المغوار!

أضفت بإنزعاج مبعثرة شعري بغيض: تخبرني ذلك ببساطة وكأنني سأنفذه هكذا. لن أتركك وحدك! ثم. ثم أنت تتصرف بتهور ولم تفكر ما إن كان مصدر الصوت ليس سوى لص مسلح قد يؤذيك! كان علينا الخروج معاً لا ان تبقى وتتظاهر بهذه الشجاعة. هذا حقا. يغضبني!
تسمرت عينيه العسليتان على وظل يتأملني ويديه تداعب القطة الداكنة، بادلته النظرات المغتاظة فأشاح بوجهه وتجاوزني: ستظلين حمقاء مغفلة للأبد.

تجاهلت تعليقه وتبعته أعقد حاجباي وأضع يدي على صدري: مازال قلبي يؤلمني، وضعت عشرات الإحتمالات بينما كنت في الخارج، منزلك هذا يبقى أغلب الوقت فارغا فماذا لو كان هناك مشرداً يعيش فيه طوال هذه المدة وتم اكتشاف أمره؟ أو ماذا لو كان هناك من يراقبك لوقت طويل واقتنص فرصة مغادرة الجميع وبقاءنا نحن الإثنان فقط؟ أو حتى هروب براد من السجن ومحاولته للإنتقام منك ثم اختطافي لأدفع ثمن ف.

ابطأ خطواته ورفع يده مقربا القطة مني والتي بدورها قامت باستخدام مخالبها لشد شعري فتأوهت بغضب: تباً توقف عن هذا!
ابتسم بتثاقل وعاود يبعد القطة متمتماً: كان تحذيراً لتتوقفي عن الإبحار في هذه الخيالات السخيفة.
قلبت عيناي ووقف لوهلة ارتب شعري ثم نزلت الدرج خلفه متنهدة براحة: حمداً لله أنه مجرد قط. أو قطة. فليكن!

ثم تمعن النظر إليها فظلت تنظر بعينيها الواسعتين الزرقاوين إلى المكان وتموء قليلاً فابتسمت: إنها لطيفة حقاً.
اتجه لباب المنزل ليفتحه ويضع القط خارجاً فقلت بحماس: لحظة، دعني أحضر له شيئا يمكنه تناوله.
أسرعت نحو المطبخ وبحثت عن قطعة سمك معلبة وما شابه فحصلت على واحدة وأسرعت نحوه لأمده نحو كريس الذي التقط العلبة مفكراً: لن أضعها هنا.

قالها وهو يخرج وينزل الدرج ووضعها على جانب نهاية الدرج على الرمال وعاد ليصعد.
ابتعدت عن طريقه لأفسح له مجال الدخول فدخل متنهداً وأغلق الباب.
وقفنا أمامه محدقين بالقط عبر الزجاج، والذي أكل من العلبة فورا فابتسمت بشرود وأسى: يبدو أنه كان جائعاً.

أومأ برأسه وقد التقط من على طاولة قريبة من الباب علبة للمناديل المعقمة، مسح بها يديه ثم أدخلها في جيب معطفه ليدفئها فقلت أحدق إلى القط: بعد تلك الحادثة. أصبح الوضع مقلقا ومربكا.
تتحدثين عن براد؟
نعم.
انسي أمره.
تذكرته للتو فقط.
ساد الصمت وكلانا نقف ننظر إلى القط بفم مطبق، كنت قلقة جداً وصعدت دون تفكير أو حتى خطة مناسبة.
هذه حقاً حماقة. لا يملك أدنى فكرة كم كن أخشى عليه من أي أذى.

نظرت إليه بطرف عيني خلسة، متذكرة دفعه لي خارج المنزل قبل لحظات فقط بل وإغلاقه للباب بالمفتاح.
كان قلقاً أن أتعرض للخطر، تصرف بخشونة ليوقفني عن جداله او اعتراض طريقه الذي سيترتب عليه نتائج سلبية كثيرة نحن في غنى عنها.
ابتسمت بشرود، ابتسامة ترجمت الكثير من حبي إليه.
ولكن ابتسامتي قد مُحيت عندما همس ولا تزال عينيه للخارج: بشأن ستيف.

اعتدلت في وقفتي جيداً واستقمت وقد جمدت ملامحي بتوتر شديد، ماذا سيقول الآن يا ترى؟ وكيف أتصرف في المقابل؟
نبرته ليست غاضبة أو منزعجة. إنه هادئ جداً.!
طأطأت رأسي قليلا ثم نظرت إليه بترقب وحذر فقال: لست غاضباً منه وما شابه، بصراحة. قد أكون مستاءً لأجله فقط.
هآه!

زم شفتيه ثم تابع وهو يحرك قدمه اليسرى للأمام والخلف ببطء: مشاعر ستيف لا يمكنني التحكم بها. ولكن لي الحق في رفضها. ومع ذلك فأنا لست غاضبا منه حقاً. فأنا أعلم جيداً أنكِ تحبينني.
أرجو المعذرة.
قلتها مستديرة لأبتعد فأمسك بمعصم يدي: إلى أين! لا زلت أتحدث.
للتقيؤ!
أضفت ابعد يده بإزدراء: هل هذا هو السبب الذي دفعك لعدم الغضب إذاً؟ يا الهي لا يمكنني تصديق ما تسمعه أذني.
ما المشكلة في ذلك!

أيها ال. أنت حقاً متبلد مقرف يا كريس! اللعنة عليك وأنا التي ظننت بأنك، ظننت ماذا؟ لم أكن أظن أي شيء. هذا يثير الغثيان!
رفع حاجبه الأيسر: ما الذي يدعو للغضب تحديداً؟
أوه لا شيء. لست غاضبة نبرتي قد علت دون سبب محدد لا تقلق.
قلتها اتكتف بغيض شديد هامسة أنظر للخارج: ليته لم يكن مجرد قط.
قطب جبينه وارتسم على ملامحه الإستنكار الشديد وقد امسك بذراعي يديرني نحوه: ما خطبك بحق الإله؟!

أغمضت عيناي بحزم وقد تصلب فكي محاولة أن أمنعه من التحرك ليسمح لفمي بإلقاء سيل من الشتائم، ومع ذلك حافظت على هدوئي متسائلة بكل بصراحة وبساطة: لماذا لا تشعر بالغيرة على ولو قليلاً؟
أيتها السخيفة الغبية ألا تدركين أن ردة فعلي تعني أمرا واحداً فقط!
ألا وهو يا حظرة الحكيم؟
إنني أثق بمشاعرك تجاهي وحسب! وعندما أقول هذا فأنا. أشير إلى أنني أثق بكِ أكثر من أي شيءٍ واللعنة على حجم عقلك!

فغرت فاهي وتعلقت عيناي على وجهه وقد رسمت تعبيراً أبلهاَ رغماً عني.
يثق بي.
قال ذلك بكل وضوح!
نظرت للفراغ لمهية ثم توترت كثيراً، ينتابني شعور بالخجل بل أنني تحركت مبتعدة قليلاً دون أي هدف ثم عدت لأقف أمامه!
حينها امتدت يده ببطء نحو رسغي وأجبرني على أن أقترب منه أكثر.

نظر إلى عن قرب بل وعانقني ليدفن وجهه في شعري هامساً بنبرة دافئة: لقد كنا نمر في لحظة من الصعب وصفها قبل ان يقاطعنا الإثنان، شارلوت لا تنكري أنكِ شعرتِ بالرغبة في أن يستمر الوضع دون مقاطعة. لما لا نبدأ حيث توقفنا؟!
ارتجفت وقد بدأ ألم التوتر يجتاحني مسبباً لي وجعاً في معدتي! سحقاً إنه يجيد استخدام النبرة الأفضل ليضعني تحت تأثير التخدير.

أعترف وبكل صراحة لنفسي أنني لا أتمنى الإبتعاد عنه، ولكن لي كامل الحق أن أسمع منه اعترافا صريحا لا أن يشعرني بأن الإعتراف لي مجرد أمر صعب لا أهمية له! أريده ان يوضح لي كم أعني له وأنا لا أطلب الكثير!
كان هذا ما يقوله عقلي ولكنني أغمضت عيناي بضعف شديد وقد شعرت بشفتيه تلامسان شفتاي بلطف.

أشعر بإندفاع الدماء نحو وجنتاي وكأن الأوعية الدموية في هذه اللحظة تتنافس فيما بينها على ان تفتح مجالاً للدماء بالتدفق نحو وجهي دون أي ترخيص!
أي سحر تمتلك يا كريس. أي تعويذة قوية التأثير هذه؟
يبدو أن عقلي قد عاد للهيمنة والسيطرة إذ حاولت ان ابتعد ومع ذلك واجهت ضعفا شديداً في جسدي! عاودت الكرة وأنا أحاول ابعاده وقد رفعت كلتا يداي على صدره لأبعده ولكنه أبى ذلك بل وقربني إليه أكثر ليحيطني بذراعيه.

فتحت عيناي بصعوبة كمن لو كنت قد واجهت التصاق جفناي بأقوى أنواع الصمغ في العالم!
علي أن أبعده. عليه ان يتنازل ويعترف لأجلي.
يمكنني الشعور بالكثير من خلال قبلته هذه ولكن ليس هذا ما أريده حقاً. أريد سماع تلك الكلمة بشدة!
استمر الوضع في محاولتي لإبعاده وعندما يئست أمام عناده وصلادته وكزته بقوة وتعمدت ان يكون مكانا قريبا من جرحه لا عليه تحديداً.

ابتعد بملامح منزعجة وقد تأوه بخفوت لينظر إلى بنفاذ صبر: ما الذي تحاولين فعله!
طمست كل توتر وارتباك قد شعرت به بل والخجل الذي كان يسيطر على وقلت بحزم ونبرة عالية: تنازَل.
عقد حاجبيه دون فهم: أتنازل؟ عن ماذا!
اعترف لي بأنك تحبني، تماماً كما اعترفت لكَ مباشرة.

فغر فاهه قليلا بعدم استيعاب ثم لمعت عينيه العسليتان بالإنزعاج وقد نظر إلى ثغري: كفي عن محاولة التصرف بعقلانية. لسنا بحاجة إلى عقولنا في لحظات كهذه يا شارلوت!
انهى جملته مقتربا من ثغري مجدداً فرفعت يدي نحوه وجهه لأبعده فاغتاظ وزمجر بحدة: ما الذي حدث لكِ!
اعترف.
لا يوجد ما أعترف به.
إذاً لا يوجد ما تفعله بتجاوزك حدودك معي!

أطبق فمه وتنفس بطريقة تنم على نفاذ الصبر والإنزعاج فأردفت بحدة: لا تستهن بقدرتي على استخدام عقلي يا كريس! أنا لن أظل عبيدة لمشاعري هذه دائماً! يوجد لصبري حدود. فلتنهي كل شيء وتتنازل باعترافك لي أنا لا أطلب أكثر من هذا.
قلتِ لكِ لا يوجد ما أعترف بشأنه.
أنتَ تحبني.
ابتسم بملل محدقاً إلى بتمعن ثم همس: للمرة المئة. أنتِ شفافة جداً! تقولينها دون أدنى ثقة. ستثيرين شفقة نفسك يا شارلوت صدقيني.

إنه محق. قلتها وأنا أرتجف من الداخل! قلتها وأنا لا أعلم إن كان يحبني كما أحبه أو لا. ولكنني! أشعر من خلال تصرفاته وعينيه انني بت أعني له الكثير!
انا اعيش في تناقضات مرعبة.!
ولكن. تنازلت كثيرا لأجله وقد حان دوره.
أشحت بوجهي بجفاء: أعدني للمنزل حالاً.

يبدو أن التفوه بتلك الكلمة البسيطة مجرد إهانة بالنسبة له! يبدو ان كبرياء كريس تخطى الكبرياء الذي حاولت الدفاع عنه بمراحل بعيدة. بل بسنوات ضوئية! الفرق بيننا شاسع بالفعل.
ستيف:.

نزل الثلاثة من السيارة مهرولين نحو الدرج بينما اخذت المفتاح وخرجت، كنت أمشي بخطى بطيئة عندما لفت انتباهي سيارة أخرى كانت قد وصلت للتو فقط، في النهاية لم يكن سوى السائق الخاص بمنزل شارلي، اصطحبته الخادمة بالرغم من معارضته وفي النهاية غادر.
أكملت طريقي نحو المدخل وقد شعرت بأن قدماي ثقيلتان إلى درجة لا تطاق.
أشعر برغبة في الإسترخاء قليلاً. كما أريد التحدث مع أولين. أنا بحاجة لتفريغ الكثير مما أشعر به!

زفرت وأنا اصعد وما ان أغلقت الباب خلفي حتى سمعت أصوات خافتة قادمة من باب غرفة الجلوس بجانب غرفة الطعام!
يمكنني تمييز كل الأصوات هناك، أحدها كان لوالدا شارلوت ويبدو ان الجميع يقضون وقتا ممتعاً، أمي أيضا تبدو سعيدة منذ وصول السيدة ستيفاني.
اقتربت ببطء من الباب.
حينها أصبح بإمكاني السماع بوضوح أكثر.

إنني أنصت إلى ضحكاتهم وأحاديثهم المرحة، مقارنة بما أمر به الآن فسأبدو مختلفا تماما عن الهالة التي تحيط بهم لو نظروا إلى وجهي الآن.
لا يمكنني الدخول.
لست في مزاج يسمح لي بالتحدث مع أحد الآن، سأستحم لعلني أريح أعصابي وأحاول أن أبدو طبيعياً.
زميت شفتاي واستدرت لأصعد إلى غرفتي ولكنني أجفلت بذعر وأنا أرى أوليفيا خلفي مباشرة!

اتسعت عيناي مقابل عينيها الزرقاوان الهادئة، ابتعدت عنها بهدوء فظلت تتابعني بعينيها.
ه. هذه ال. كادت تصيبني بسكتة قلبية! اللعنة عليها كم أكرهها.
أكملت طريقي وقد القيت عليها نظرة سريعة، لأجد شعرها قد تم ترتيبه وأصبح مناسباً على عكس الحالة التي كانت فيها. أصبح قصيراً. إنه بالكاد يتجاوز كتفيها!
تحركت واستوقفتني لتقف أمامي مباشرة على بعد درجتين فقط فرمقتها ببرود: ماذا؟
أين كريس؟
قطبت جبيني بإستنكار.

لقد. سألت مباشرة دون تردد!
أشحت بوجهي متمتما بلا إكتراث وانا أعبث بمفتاح السيارة بحركة دائرية: لا أعلم.
لا تكذب.
أضافت بحزم: لقد كنت معه. سمعت جيمي يتحدث للتو. لقد كان ينبغي أن يذهب بها إلى المشفى. لماذا إذاً بقيا وحدهما؟
تسألين لماذا؟
أضفت بسخرية: ربما لأنها زوجته؟ أرجوكِ اغفري لهما، كان من المفترض أن يأخذا الإذن منكِ.
بالرغم من أنني قلتها بتلك الطريقة.

إلا أنني. شعرت بالضيق! لأنني أدركت في أعماقي أنني قد لا أختلف عنها عندما أحشر أنفي في علاقة شارلوت وكريس.
احتدت عينيها الزرقاوان وهمست: متى سيعود؟
رفعت كتفاي بلامبالاة وأنا أتجاوزها متمتما بجفاء: لا أعلم، وكفي عن التدخل في شؤونه والوقوف في طريقه. يكفي ما قمتِ به اليوم. يبدو ان كونكِ مجرد عقبة لهو دور يعجبك تقمصه.

صعدت الدرج ولكنني اجفلت بدهشة وأنا أشعر بيدها تدفعني مما أجبرني على الوقوع فتأوهت معتدلاً وقبل أن أصرخ عليها بسخط وغضب تفاجأت بها تنحني فوقي وتمسك بياقة قميصي هامسة: خذني إلى كريس.
اتسعت عيناي محدقا إليها بعدم استيعاب!
ما. ما خطبها بحق الإله، هذه المختلة المجنونة!
قربت وجهها من وجهي أكثر فانتابني الإرتباك رغماً عني! ازدردت ريقي بصعوبة وقبل أن أفتح فاهي لأهددها سمعت صوت حازم: أوليفيا.
رين!

نظرت للأعلى فوجدته يقف وينظر إلينا بعين غاضبة!
ولكنها لم تتحرك ولو قليلاً بل ظلت تحدق إلى وتتفرس في وجهي مما أثار بي الريبة والقلق!
إنها. مريبة بالفعل! لا تبدو طبيعية بتصرفها هكذا.
سمعت خطاه تقترب ووجدته يقف بجانبنا ويقول بهدوء حازم: ابتعدي! ما الذي تفعلينه؟
ولكنها ظلت على حالها فمد يده ليبعدها بصعوبة!
بالرغم من أنها لم تكن تريد الإبتعاد.
إلا أنها ابتعدت ووقفت ولا تزال تنظر إلي!

اعتدلت لأجلس على الدرج متذمراً بحنق: سحقاً، تجرئي مجدداً ولن يهمني كونكِ فتاة أو يعترضني أي سبب آخر.
وقفت مرتبا مظهري فهمستْ بنبرة خافتة: رين. لقد تركني مجدداً! افعل شيئا. لا يجب أن يعيد الامر نفسه! ت. تصرف من فضلك.
تفاجأت بالنظرة المنزعجة التي القاها عليها، كانت عينيه بطريقة ما تظهر إزدراءً غريباً نحوها ومع ذلك قال بهدوء: لنخرج لاستنشاق الهواء، لنتمشى قليلاً في الخارج.

قالها وهو يمسك بيدها يحثها على ان تتبعه!
ما الذي يحدث تحديداً! لماذا يلقي عليها نظرة كتلك إن كان يتحيز لعائلته بشدة؟!
إنني أراقب تصرفات أوليفيا منذ البداية وأعلم بأنها تتصرف نحو كريس بطريقة غريبة.
وهذا ما أخفيته عن شارلوت في البداية وقد لاحظته تيا أيضا ولكن لماذا تتصرف هكذا؟
أعلم بأنني كنت لا أزال صغيرا جدا عندما كان كريس صديقا لرين.
ولكنني لا أعرف أي شيء.

ولا أعلم حتى عن سبب سوء علاقتهما إلا أنني اعلم بأن رين دائما ما يفسد الأمور ويدخل في مشاكل كثيرة.
أمر غريب يحدث.!
زميت شفتاي وصعدت لغرفتي وأسرعت أستحم.
بعدها خرجت وجففت شعري بالمنشفة ونظرت للمرآة.
إنها أيام قليلة فقط. وينتهي كل شيء بالنسبة لي.
سأعود للجامعة في غضون أسبوع ونصف فقط، أ. أنا الشاب المحبوب على أي حال.
وسأحصل على فتاة مناسبة بلا شك!
لدي وسامة ومال وشعبية كبيرة بينهم وأمور كثيرة.

همست محدقا إلى نفسي بابتسامة مقتضبة: ليس غرورا وإنما مجرد تحفيز سخيف.
لن أعود إلى هنا. لن أعود إلى منزل السيد ماكس حتى أشعر بأن شارلوت تبددت من عقلي تماماً.
لا يجب ان أستمر في هذا.
إن لم يكن من أجل كريس. فعلى الأقل من أجل شارلوت التي تفعل ما بوسعها لأجل كريس.
اخفضت رأسي قليلاً ثم تنهدت وخرجت من الغرفة باحثا عن أولين.
نزلت متجها إلى غرفة السيدة أولين وهناك طرقت الباب.
انتظرت قليلا.

ولكنني لم أجد منها رداً. ربما في المطبخ.
قبل أن أتجه هناك خرج أحد اخدم فسألته: أين السيدة اولين؟
اجابني: لقد كانت مع السيد ماكس وضيوفه منذ قليل. لا بد وأنها لا تزال برفقهم.
هكذا إذا. حسنا.
ابتسمت له بمرحي المعتاد واتجهت لغرفة الجلوس فوراً.
الجميع صاخبون جداً ويمكنني سماعهم بوضوح!
يبدو بأنهم يستمتعون بحديثهم، طرقت الباب ودخلت بابتسامة مستنكرة: الجميع يحظى بالمرح إذاَ!

وجهوا أعينهم نحوي ليقول السيد مارك مبتسما: ستيف! مرحبا بعودتك، لقد كنا في انتظارك!
دخلت بثقة: أعلم هذا. يمكنني رؤية اللهفة في أعينكم!
تقدمت نحوه وضربت كفي بكفه مبتسماً في حين قالت السيدة ستيفاني بلطف: من الجيد أنك أتيت أخيراً. اجلس معنا فأنا أحب الأشخاص ذوي الهالة السعيدة على عكس خالك الهادئ ووالدتك سريعة الغضب.
نظروا نحوها بحيرة فتمتمت أمي بسخرية: شكرا على الإطراء يا ستيفاني.

ثم استوعبت هامسة: شارلوت وكريس. ألم يعودا بعد؟
نفيت برأسي فتنهد خالي ماكس: ستيفاني، مارك. ليس بالشيء الخطير الذي يدعو للقلق ولكن. من الأفضل أن تعلما بأن كريس ذهب بشارلوت للمشفى من أجل جرح في ساقها.
اتسعت عينا والديها فأسرعت أولين تقول فوراً: لا تقلقا إنها بخير، أخبرنا ستيف بأنها بأفضل حال وتقضي وقتها مع كريس. اليس كذلك يا ستيف؟
أومأت بسرعة: إنها بخير لا يوجد ما يدعوا للقلق.

زفرت ستيفاني بإستياء: تلك الفتاة! إنها تتعرض للجروح منذ صغرها!
ابتسمت رغما عني وجلست بجانب أولين فسألني مارك بإهتمام: كيف جرحت ساقها!
زميت شفتاي قليلا ولم يكن مني سوى قول ما حدث.
تنهد جوزيف وبدى مُحرجاً: إنني ممتن لما فعلته شارلوت، على أن أشكرها ما أن تعود، ستيفاني. مارك أعتذر عما حلَ بها كان علينا أن نكون أكثر انتباها لبريتني.

نفي مارك: هيا يا جوزيف إنهم مجرد أطفال ومن الطبيعي التمرد على بعض القوانين هنا وهناك.
مرت لحظة صمت حتى احتضنت ستيفاني الوسادة قائلة بحماس: ما زلت لا أصدق بأن ابني الأكبر سيتزوج أخيراً بعد طول انتظار! أشعر بالحماس الشديد كما لو كان زفافي أنا. أنا مسرورة لتيا كذلك إنها الطف بكثير مما تخيلت!
علقت أمي مفكرة: انا أيضا سعيدة لأجلها ولكن من الصعب التوقف عن التفكير في أبنائهما في المستقبل القريب!

أضافت ترمقني بإزدراء: أرجو أن ينجبا أطفالاً مهذبون دمثون (لطيفون).
اتسعت عيناي لذلك التلميح الواضح وزمجرت بإنزعاج: شكراً لمراعاة مشاعري!
تنهد أبي ووضع ساقاً على الأخرى: لو كنت تملك مشاعراً كالبشر يا ستيف لما تكررت أخطاؤك التي لا تعد ولا تحصى ولما كنت مضطراً للتغطية عليك في كل حين والتكفل بمشاكلك.
ها هو ذا أيضاً. لا مراعاة لمشاعري المرهفة.

نفيت برأسي بلا حيلة: للأسف لست بين العائلة التي ستحتويني وترشدني إلى الطريق الصحيح، بدلاً من ان تهدياني حيث مصلحتي أنتما لا تفعلان شيئاً سوى تحطيمي ومقارنتي بالجميع. جيفري إبن ذلك الرجل البدين المدعو ماثيو، تيد ابن تلك العجوز التي تدير شركتها المفلسة بل وحتى ذلك الجانح المقرف بيلي وابن خالته الثرثارة.
احتد صوت أبي: كن أكثر تهذيباً يا فتى.

أشارت أمي نحوي ووجهت حديثها لستيفاني وجوزيف: إنه أحد الأسباب التي تعيد لي ذكرياتي التي تذكرني كم كنت مرتاحة البال وسعيدة في بداية زواجي بجوش.
اتسعت عيناي في حين ضحكت ستيفاني بخفوت، نظر خالي ماكس إلى مبتسما: كفاكما قسوة، قوما بإهانة أي شخص عدى ستيف أو حفيدي جيمي.
زفرت وأشحت بوجهي بنفاذ صبر وحينها وقعت عيناي على أولين التي ابتسمت لي ابتسامة لطيفة هادئة.
أرغب في التحدث معها.

أرغب بذلك وبشدة ولكن. الن اعكر صفو مزاجها؟!
نعم. سأزعجها بلا شك.
أخفضت رأسي ثم تمالكت نفسي واستمعت إلى احاديثهم.
قليلا فقط. سأكتم الأمر قليلاً.
اندمجت معهم في الحديث حتى أنني لم أشعر بالوقت حينها.
السيد مارك مرح وظريف، والسيدة ستيفاني تنسجم معه في أحاديثها التي تحبطه بطريقة مضحكة.
أما خالي ماكس.

فأنا لم أره بهذه السعادة مسبقاً! ابتسامته الدافئة تشعرني دائما أن الحياة لا تزال بخير! لكم كنت محبطا ومستاءً عندما كان في المشفى لفترة طويلة.
ولكنه الآن بيننا مجدداً. معنا مرة أخرى وحولنا!
خالي ماكس من أكثر الأشخاص المميزون في حياتي، من أكثر الأشخاص لطفاً وطيبةَ ولطالما كان ولا زال شخص صبور ذو صدر رحب.
سمعت ضحكات خافتة بالقرب مني، لم يكن سوى السيد جوزيف!

ارتفع حاجباي بحيرة وبلاهة بينما تساءلت أولين بإستغراب: ما الأمر يا جوزيف؟
أجابها مبتسما بسخرية: أنظري إلى وجه ستيف يا أولين. ظننته مراهق واقع في حب فتاة ومتيم بها ولكنه في النهاية كان يحدق إلى خاله فقط!
احتدت عيناي وقلت بإمتعاض: هاه! ولماذا سأقع في حب خالي بربك؟
ضحك خالي ماكس وتمتم ممازحاً بإستنكار: كان عليك ان تصارحني بمشاعرك مسبقاً.

انفجرت ستيفاني ضاحكة وهي تضرب كتف مارك الذي ابتسم بخبث: مهلاً. ربما وجهك يذكره بالفتاة التي أسرت قلبه!
علقت أمي بثقة: فتاة بمثل ملامح أخي الوسيم. صدقني سأكون من تشجعك حينها!
تنهدت مشيحا بوجهي بتردد: كل ما في الأمر بأنني كنت أرى خالي ماكس سعيداً جداً لأول مرة منذ وقت طويل جداً. لم أره يبتسم ويضحك هكذا منذ زمن، هذا كل شيء. لماذا سأقع في حبه بحق الإله!

حدقوا بي منصتين والحيرة والإهتمام على وجوههم حتى نظر خالي نحوي بنظرات دافئة و ابتسم: أنت محق. إنني سعيد جداً، وجود أصدقاء الدراسة اللذين قضيت معهم سنوات طويلة لهو أمر مفرح وممتع جداً. أشعر بأنني عدت شاباً.
خالي لا تتحدث وكأنك تجاوزت المائة عام من عمرك.
أيدتني ستيفاني بعدم رضى: انت تقحمني معك في هذا الأمر! لا تجعل الأمر يبدو وكأنني كبيرة في السن.

ضحك بهدوء واطرق برأسه قليلا ثم ابتسم وقال بلطف: يكفي وجودكم حولي. إنه الأمر الأكثر أهمية. سعيد بأنني أرى الجميع يبتسمون ويضحكون، لا شك ان لكل منا هموم خاصة ومشاكل وامور يخفيها، ولكننا. ها نحن نضحك وكأن شيئاً لم يكن.
هموم. خاصة.

عجزت عن إبعاد عيناي عنه وقد شعرت بعمق كلماته في حين تنهد مسترسلاً: كنت أعد الأيام لأخرج من المشفى واجلس مع الجميع واقضي معهم وقتي. أنت محق يا ستيف، أنا سعيد جداً ولا يمكنني وصف سعادتي بالكلمات.
اخفضت ناظري مبتسماً ثم نظرت لأولين التي وقفت فجأة وقالت بهدوء: أرجو المعذرة جميعاً. لدي ما أفعله.

عندما اعتذرت من الجميع وخرجت شعرت أنني الوحيد الذي لمح تلك النظرة الغريبة في عينيها وبدت وكأنها تسحب قدميها بصعوبة وتجرها خلفها! من الصعب تسمية تلك النظرة ولكنني. لم أشعر بالراحة! هل هي بخير؟ هل من خطب ما؟ بالتفكير بالأمر. لم تكن تشاركنا الكثير من الكلمات في حوارنا أصلاً!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة