رواية عذابي الصامت للكاتبة سارة ح ش الفصل الحادي عشر
هدنة
(ديما).
منذ ذلك اليوم الذي خرجت فيه برفقة الفتيات نحو المركز التجاري وقضيت الامسية في الخارج برفقة حمزة وانا اشعر ان سامي يتجنب النظر إلى ويتحاشى الحديث معي. عندما عدت في تلك الليلة ووجدته يجلس برفقة يوسف في الصالة كنت متيقنة انه سيتشاجر معي في لحظتها. او ربما سيرسل لي رسالة ما يوبخني فيها. او ربما سيتناقش معي في الصباح، ولكن لاشيء من هذا قد حدث! هو تجنبني فحسب ولم يعد يعلق بشيء على ملابسي او على صداقتي بحمزة بل وعندما كنا نجلس انا وحمزة في الصالة ويصادف انه هناك كان يغادر ببساطة. من دون نظرة نارية. من دون كلمة جارحة. بل بهدوء وبرود، لااعلم مايحصل لي. انا كنت اتذمر من تدخله بأموري كلها وكنت اغضب عندما يمنعني من فستان ما او الخروج مع حمزة. من المفترض ان اكون سعيدة الان لأنه كف عن ذلك، ولكني اشعر بغضب اكبر فحسب عندما اصبح يتجاهلني، اشعر اني فقدت شيء ما. كلما مر على يوم بدون ان يزعجني به كنت اشعر ان يومي ينقصه شيء ما، ربما ينقصه الاهتمام، فأنا حقاً افتقد سامي. وبشدة.
وقفت امام المرآة اضع اللمسات الاخيرة فوق مظهري قبل ان اذهب للجامعة. نزلت مسرعة من السلم اضع بعض الحاجيات في حقيبتي واتجهت فوراً نحو الصالة حيث ينتظرني حمزة هناك كالعادة ليصطحبني معه للجامعة. ولكني تفاجئت عندما شاهدت الصالة خالية. ليس من عادة حمزة ان يتأخر، التفت فوراً نحو الخادمة التي رأيتها تمر بالقرب مني وسألتها: عفواً نرمين. ولكن ألم ينزل حمزة بعد؟
السيد حمزة لن يذهب اليوم للجامعة انستي. ظننت انه اعلمكِ بذلك!
هتفت بها بفزع:
أتمازحيني؟ يخبرني بذلك الان ذلك الاحمق؟
ثم سألتها بأستعجال:
واين زيد؟
كما تعلمين انه يوصل الانسة نورا في هذا الوقت.
بالتأكيد! فالمصائب لاتاتي واحدة تلو الاخرى يجب ان تجتمع كلها معاً لتجعل يومي سيئاً اكثر، ذهبت نرمين ولكني بقيت واقفة في مكاني كالبلهاء لااعرف ماذا افعل. لدي امتحان في المحاضرة الاولى ولحين خروجي ووصولي نحو الشارع الرئيسي لأستقل سيارة اجرة على الاقل سيستغرق الامر 15دقيقة. والطريق سيستغرق نصف ساعة على الاقل ان كنت محظوظة ولم يكن هناك ازدحام، حسناً. ان اتاخر عن الامتحان افضل من تفويته تماماً. لربما سيحالفني الحظ ويسمح لي الاستاذ بالدخول.
انطلقت فوراً مسرعة وفتحت الباب وخرجت الى الممر الحجري وتسارعت خطواتي فوقه اكاد اتعثر بين لحظة واخرى لاسيما وانا ارتدي هذا الكعب العالي...
خرجت من البوابة الرئيسية وسرت في جانب الطريق متجهة نحو الطريق العام. ولكن فجأة صوت بوق سيارة ما استوقفني ووقف بجانبي. رفعت حاجباي بدهشة وانا انظر اليه، سامي!
التفت إلى بحاجبيه المقطوبين وعينيه المستائة طوال الوقت لسبب او بدونه وقال ببرود:
اركبي.
لااعلم كم ثانية استغرقت وانا احدق فيه بذهول لم يستوعب عقلي بعد مايحصل، سأركب مع سامي! بعد تجاهل لمدة اسبوع سيعوضني قدري السيء ويعطيني القليل من الحظ ويجعلني اذهب للجامعة برفقة سامي!
تماسكت قليلاً بدل ان ابدو كالبلهاء اضحك من دون سبب او اقفز فرحاً كالمجانين. استدرت من حول السيارة وجلست في المقعد الامامي، بالطبع انتم لاتتوقعون مني ان اجلس في المقعد الخلفي!
ماان اغلقت بابي حتى ضغط على البنزين وقادها بسرعة، يااللهي، كم يبدو وسيماً وهو يجلس خلف المقود. انها المرة الاولى التي اجلس معه في سيارته. لابد اني في حلم!
كانت النوافذ مغلقة بسبب برودة الطقس في الصباح فالشتاء على الابواب فاصبحت الاجواء صامتة جداً داخل السيارة لايخترقها سوى صوت الاغنية المنخفض التي يشغلها سامي. وصوت سعاله، يااللهي. انه مريض!
فجاة وجدته يسألني من دون ان ينظر إلى واستمر بمتابعة الطريق:
أليس حمزة من يصطحبكِ للجامعة. لما كنتِ ذاهبة بمفردكِ؟
اجبته بهدوء لأخفي نبرتي المتوترة. ولكن بالطبع التفت اليه وانا اجيبه. فالطريق لن يثير اهتمامي بقدر تفاصيل وجهه الوسيمة التي ساتخذ اي عذر فقط من اجل ان احدق فيه:
عرفت قبل قليل فقط ان حمزة لن يذهب اليوم.
وزيد؟
انه يوصل نورا كما تعلم ولم يعد بعد.
سكت ولم يعلق بشيء ولكنه عاد للسعال مرة اخرى بشكل اقوى فقلت بقلق فشلت في اخفائه:
عليك تناول بعض الدواء.
اجابني بهدوء:
فعلت. ولكن لافائدة.
جملة بسيطة ولكنها جعلت طبول الفرح تقرع في قلبي. لم يتجاهلني. ولم يجبني بتجهم. بل كان هادئاً نوعاً ما، اود الان حقاً ان اقفز واهتف بسعادة كالمجانين! ياليتكم تعرفون فقط مدى سعادتي وهو يعود ليحدثني بعد اسبوع من الصمت والتجاهل!
عدت لاراقب الطريق امامي وابتسامة خفيفة تحتل ثغري. احسست به يلتفت إلى التفاتة بسيطة جعلت قلبي يرتعش اكثر ثم اعاد ابصاره امامه وقال بهدوءه ذاته: هل فستنانكِ جديد؟ فانا لم اراكِ ترتديه مسبقاً.
يااللهي. هل يحفظ كل ملابسي؟ سامي رامز ياسين. بدأت حقاً اشك انك تهتم لامري!
اجبته دون ان انظر اليه هذه المرة: اجل. اشتريته عندما خرجت مع الفتيات.
اومئ برأسه بداية الامر ثم اكمل: غريب!
التفت اليه باستغراب وانا اقول: وما الغريب؟
نظر إلى نظرة سريعة قبل ان يعيد ابصاره للشارع ثم قال وانا اشاهد شبح ابتسامة فوق ثغره بالكاد تمكنت من رؤيتها:
لقد ظننت انك قلتِ ستجعليهن يخترن لكِ ملابسكِ.
وماالذي جعلك تظن غير هذا الان؟
نظر للي بثقة وهو يقول:
فستانك طويل وهذا يعني انكِ انتِ من قمتِ بأختياره. فأنا اعرف ان نورا وسالي يرتدين القصير في الغالب ومن المستحيل ان اردن اختيار فستان لكِ سيخترنه طويل!
تنهدت بيأس وانا اقول:
لقد قمن بأختيار عدة فساتين لي. ولكني لم اشتريهن.
ولماذا؟
لأنك لم تكن ستوافق ان ارتديهم. ولم اشأ ان اخلق مشاجرة وسوء تفاهم اخر معك...
وهل تكرهين ذلك؟ اعني. عندما نتشاجر على اشياء كهذه؟
تصلب جسدي. ارتعش قلبي. اشعر بكل شيء بداخلي منتفض، بقيت صامتة لثواني لااعرف كيف اجمع حروفي حتى وجدت السيارة تتوقف فجأة. رفعت راسي لاجد اننا قد وصلنا نحو الجامعة. ولكني لم انزل بل التفت نحو سامي الذي كان يحدق بي منتظر اجابتي، حدقت داخل عينيه بعمق. ياليته يتمكن فقط من قراءة مشاعري التي لااجرؤ على نطقها. ياليته فقط يشعر بي! لااعلم من اين حصلت على جرأتي في هذه اللحظة ولكن عيناه جعلتني انسى كل شيء من حولي ووجدت نفسي اقول له ببساطة:.
لا، ولكني لااريدك ان تغضب مني فحسب.
وجدت حاجبيه الملتحمين يبتعدان عن بعضهما وقوسهما نحو الاعلى قليلاً بتفاجئ ودون ان انتظر اكثر فتحت الباب ونزلت بسرعة فوجهي يصلح الان ان يضعوه في الشارع بدل اشارة المرور الحمراء...
ابتعدت عن السيارة دون ان التفت اليه مرة اخرى من شدة ارتباكي. ولكني لم اشعر به يتحرك. ربما ينتظر دخولي نحو الجامعة. او ربما هو داخل صدمة، فكلانا هذه هي المرة الاولى التي نتحدث فيها مع بعضنا بهدوء وتفاهم. المرة الاولى التي ازيح الغطاء قليلاً جداً عن بعض مشاعري اتجاهه...
من الجيد اني وصلت قبل بدأ الامتحان بدقائق، وكانت هذه المرة الاولى التي اكون اخر من يخرج من القاعة فلطالما كنت او طالبة تسلم ورقة الامتحان. ولكن هذه المرة بالكاد استطعت ان اتذكر مادرسته بالامس والذي سهرت مطولاً كي احفظه بل حتى اني بدات اشك هل درست فعلاً؟ كلما قرأت سؤالاً ما كنت ابتسم واتذكر اني حللته البارحة ولكن عندما اريد كتب اجابتي اجدها تتألف من اربعة حروف فقط، س ا م ي، بل ومن الجيد اني لم اكتب اسمه بدلاً من اسمي فوق الورقة. وبعد معاناة طويلة استطعت ازاحته جانباً قليلاً لأتذكر الاجابات الصحيحة وكتبها...
خرجت مرهقة من الامتحان فوجدت صديقاتي مجتمعات معاً فقمت بالانضمام اليهن نتناقش حول الاسئلة، فجأة وجدت بعض الشباب ينضمون الينا ليشاركونا الحديث فرمقت صديقتي بنظرة تعرفها جيداً امنحها لها قبل ان انصرف مباشرةٍ ثم تبسمت لاجعل الامر يبدو اعتيادياً وقلت:
عن اذنكم، مضطرة ان اذهب.
فقال لي احد الشباب بأبتسامة:
لماذا؟ عندما تحضر الشياطين تنصرف الملائكة؟
نظرت اليه بوجه خالي من اي ابتسامة او تعابير وانا اجيبه ببرود:
لدي مشوار مهم فحسب.
غريب، في كل مرة نقف معكم تكون لديكِ مشاوير؟
تجاهلت كلامه وانا اقول:
عن اذنكم.
ثم تركتهم ورحلت، فسامي قد منعني من الاختلاط مع الشباب في الجامعة. ولكن بالطبع لم يمنعني من ذلك باسلوب لطيف او من باب الاهتمام بل يجب ان يستخدم اللئيم تعابير جارحة واتهامات يعرف جيداً انها غير موجودة، وانا لااجرؤ على مخالفة اوامره حتى في غيابه...
جلست في حديقة الجامعة اراجع بعض محاضراتي وفجأة احسست بارتجاج الهاتف في حقيبتي يعلن عن وصول رسالة ما فأخرجته لأتفاجئ بأسم سامي اعلى الرسالة:.
متى تنتهي محاضراتكِ؟
أهناك داعي ان اخبركم ان قلبي الان يكاد ان يتوقف؟ بالكاد سيطرت على رعشة اصابعي وانا اكتب له رسالة:
حوالي الواحدة والنصف. لماذا؟ .
بالطبع انتم لاتتوقعون ان يتحول سامي فجأة للأمير الصالح! لابد ان يبقى جزء من فارس الظلام بداخله. فلقد تجاهل رسالتي ولم يجبني عليها، يصعدني هذا الاحمق نحو اعالي سماء السعادة وماان يرفرف قلبي ويبتسم ثغري حتى اجده يقص لي جناحاي لأرتطم بأرض الواقع مجدداً، تنهدت بيأس وانا اعيد الهاتف نحو الحقيبة بعد ان تيقنت انه لن يرسل رسالة اخرى، ربما اراد سؤالي ليرسل زيد في موعد خروجي بدل ان استقل سيارة اجرة، حسنا. ً. هذا لطف منه.
حلت الواحدة والنصف وخرجت من جامعتي ونسيت امر الرسالة التي ارسلها سامي وسرت انوي استئجار تاكسي ولكني تفاجأت بالبوق ذاته الذي انطلق صباحاً بجانبي، التفت بتفاجئ لأجد سامي ينتظرني على بعد مسافة من بوابة الجامعة، احسست بحادثة الصباح معه تكرر نفسها مجدداً، سامي. بوق سيارته. انا اقف كالبلهاء احدق به، عدا ان السماء الان اصبحت غائمة بعض الشيء ولم تشاهد الشمس لقائنا كالصباح...
تخلصت من ذهولي بسرعة واتجهت اليه لأركب بالمقعد الامامي ايضاً، ماان انطلقت السيارة حتى قلت له:
شكراً على قدومك. ولكن لم تكن مضطر لذلك. كان بأمكانك ارسال زيد...
اجابني بصوته الهادئ والذي تغير بعض الشيء بسبب السعال واصبح شبه مبحوح:
لابأس، كنت عائد الى المنزل بكل الاحوال.
فسألته بقلقي ذاته:
ألم تأخذ دواء؟
سأخذ عندما نصل.
ربما عليك اخذ بقية اليوم اجازة...
لقد فعلت.
يااللهي، انه لطيف بعض الشيء اليوم معي. ربما هو يكافئني على الفستان لأني لم اخالف اوامره ولم اجعله يغضب مني!
عدت لأراقب الطريق بأبتسامة راضية. اليوم حظي الذي ظننته سيكون سيئاً خالف ظنوني ومنحني اجمل يوم في حياتي. يوم لن انساه ابداً!.
جذب نظري فجأة مشواة صغيرة يقف امامها بأئع يحرك مروحته يميناً ويساراً ليتصاعد الدخان للأعلى محملاً برائحة الذرة الشهية. فهتفت فوراً:
سامي توقف!
هتافي الاحمق وسط اجواء السكون هذه جعلت سامي يفزع ويدعس على الفرامل فوراً وهو ينظر لي بدهشة ويقول:
ماذا هناك؟
اجبته بضحكة:
ذرة!
رفع حاجبيه بتفاجئ وهو يحول بصره مابيني ومابين مشواة الذرة خلفي فقلت فوراً بتوسل:
ارجوك. انا احبها جداً، دعنا نتناول البعض.
سيصرخ بوجهي. سيوبخني. سيدوس البنزين بقوة لينطلق مسرعاً. سيتجاهل طلبي.
حسناً. دعينا ننزل.
كدت ان افتح فمي بدهشة وهو يرمي بظنوني جانباً ولكني اغلقته فوراً وانا اتذكر نصيحة سالي بأن اكف عن فتح فمي كالبلهاء كلما تفاجأت من شيء ما، اطفئ المحرك ونزلنا من السيارة لنتناول الذرة. يااللهي. هذا اروع يوم في حياتي كلها...
سامي بجانبي. البحر امامي. الذرة بين يدي. احب ثلاثة اشياء لي حظيت بها جميعاً في اللحظة ذاتها...
كنا نجلس على مصطبة خشبية فوق الرصيف وامامنا سور حديدي منخفض يقع خلفه على مسافة البحر وبجانبنا بائع الذرة ورائحة مشوياته المنعشة، غلف لنا الذرة داخل ورقة لانها ساخنة جداً وبدأنا بتناولها. كنت اجلس بشكل مستقيم اما سامي فكان يحني ظهره ويرتكز بمرفقيه على ركبتيه والذرة بين يديه اي كنت اتمكن من رؤيته من دون ان يلاحظ ذلك. وبالطبع انا استغللت الفرصة لاحدق به لأطول فترة ممكنة. كيف يقضم الذرة بهدوء تارة ويحدق بالبحر بسكون تارة اخرى. وكيف يدعك عينيه قليلاً لينشطهما من التعب. وكيف، وفجأة تشتت انتباهي من فوق سامي. تحولت نظراتي الحالمة لنظرات مفترسة وانا انظر نحو المستفزتين اللتان تجلسان على السور على مسافة منا يحدقن بسامي بنظرات اعرفها جيداً تحمل كل معاني الاعجاب ويتهامسن مع بعضهن ثم يضحكن، توسعت عيناي بغضب وعصرت الذرة داخل قبضتي بغيظ والتفت نحو سامي لاجده يحدق بالبحر، ويبتسم! بالطبع هو ليس شاعراً رومانسياً ليحدق بالبحر بأبتسامة. لابد ان هذه الابتسامة من اجلهن حتى لو لم يكن ينظرن اليهن.
قمت فوراً بنفور من مكاني فرفع رأسه إلى بتفاجئ من وقوفي فجأة بهذه الطريقة ومن النيران التي تنبعث من عيناي وانا احدق به. فقال بأستغراب:
مابكِ؟
ومن دون ان املك السيطرة على غضبي وجدت نفسي اقول بكل حماقة:
مارأيك ان تعطيهن رقمك؟
قطب حاجبيه بأستغراب وهو يقول بعدم فهم:
اعطيه لمن؟
رميت الذرة بأستياء بسلة المهملات التي بجواري وانا اهتف به بغيظ:
اجل، العب دور الطفل البريء الان.
ثم تركته واتجهت نحو السيارة ووقفت بجانب بابي ودمي يغلي لحين قدومه ليفتح ليفتحها فوصل إلى وقال:
هل لي ان افهم ماذا حصل بالضبط؟
فأجبته بعصبية:
لاشيء. اريد ان اعود نحو المنزل فحسب.
زفر بضيق وهو يفتح القفل ففتحت بابي فوراً لأركب ثم اغلقته بعنف. لكنه لم يركب. تركني وعاد حيث كنا نجلس، ماذا؟ هل سيعطيهما الرقم حقاً؟ ولكن لاشيء من ظنوني اليوم صحيح. فهو اتجه لبائع الذرة ليشتري لي واحدة جديدة، اللعنة! لما قررت فجأة ان تكون لطيفاً معي هذا اليوم ايها الاحمق؟ اريد ان اغضب منك. ان اتشاجر معك. فأنا احتاح لذلك بشدة الان من كثرة غضبي.
عاد بعد ثواني وانا اراقب كل تحركاته ونظراته حتى تأكدت انه لم يمنحهن نظرة بل بدا وكأنه لم يلاحظ وجودهن حتى...
ركب خلف المقود ووضع الذرة فوق حقيبتي من دون ان يقول اي شيء بينما انا كنت اكتف يداي امام صدري وادير رأسي نحو نافذتي شاغلة ابصاري بأي شيء اخر سواه.
بعد صمت طال لدقائق قال سامي:
ألن تخبريني ماذا حصل بالضبط ليجعلكِ تتصرفين هكذا؟
التفت اليه بحدة وانا اقول:.
بماذا يهمك الامر من الاساس؟ هل اصبحت الان تهتم فجأة ان غضبت؟
ثم اعدت ابصاري حيث كانت فسمعته يتمتم بهدوء:
محقة. يبدو اني نسيت ذلك.
وعاد يومي ليتحول الى السيء وتجمعت بعض الدموع في عيناي بالكاد احتفظت بها داخل جفناي دون ان تنزل، كلما تذكرت نظراتهن اليه كلما شعرت بشيء ما يحترق داخل صدري، وتلك الابتسامة. أكانت من اجلهن؟ انه بالكاد يبتسم ودائماً متجهم الوجه لما عساه ان يبتسم لهن بهذه البساطة؟ ابتسامة لم يمنحني مثلها ابداً. يااللهي اكاد افقد عقلي الان، اود ان اتشاجر معه على اي سبب كان فقط من اجل ان اخمد نيراني...
(سامي)
نزلت من السيارة واغلقت الباب بقوة وانا لازلت انظر اليها كالابله لااعرف بالضبط ماالذي يحصل لها؟ قبل قليل فقط كانت لطيفة وسعيدة وفجأة جن جنونها عندما كنا نتناول الذرة. لم افهم عما كانت تتحدث بالضبط واي رقم كانت تقصد هي فقط غضبت وقامت ببساطة لتقطع خيوط سعادتي...
ظننت ان هذا اليوم هو اكثر الايام المثالية في حياتي وقررت ان ابدأ بتوضيح اهتمامي بها من الان فصاعداً بدل اسلوب الشجار الذي اتبعه معها. وكنت حقاً سعيداً لأني كنت برفقتها واحقق لها طلباتها حتى اني كنت مبتسماً من دون اي سبب وانا احدق في البحر من فرط سعادتي فقط لأنها بجواري واشعر بها تشاركني هذا الحماس لأننا معاً. ولكنها فجأة قامت من مكانها وخلقت شجاراً من لاشيء وعادت لتحول يومنا للسيء، ربما لاينفع ان نحظى انا واياها بسعادة، ربما لايليق بنا سوى الشجار! فأن كنت انا عاقلاً ستصبح هي مجنونة والعكس صحيح...
اطفأت السيارة ونزلت وعاد وجهي للتجهم مجدداً وصعدت نحو غرفتي فوراً فأنا اشعر بعظام جسدي احدهما منفصلة عن الاخرى بسبب الزكام وربما بدأت اعاني من ارتفاع في درجة الحرارة قليلاً. يااللهي كم اكره المرض!
دخلت نحو غرفتي واخذت حماماً ساخناً لاتخلص من بعض اجهادي ثم تناولت دوائي وشغلت منبه هاتفي ودثرت جسدي بالبطانية وغرقت داخل سريري لأحظى بنوم عميق علّه يعيد إلى تركيزي كاملاً عندما استيقظ لأستنتج سبب تصرف حبيبتي المجنونة بهذا الشكل!
كانت الغرفة ساكنة ومظلمة بعض الشيء. بدأت اجفاني تتثاقل وسمعي يتلاشى وجسدي يتخدر، احسست بالحرارة تنبعث من كامل جسدي ونيران تخرج من تجويفي الانفي وليس هواء، حالتي تصبح اسوأ بالفعل! ربما هي ثواني. وربما كانت دقائق. شيئاً فشيئاً بدأت اغط بنوم عميق يأخذني نحو احلام لاتحمل سوى ديما، بفستان ابيض طويل. ومشبك فضي ترفع به خصلات شعرها الذهبية، كانت تبدو كالملائكة حقاً! جلست بجانبي على حافة السرير ففتحت جفناي بصعوبة وانا احدق بها وهي تضع لي الكمادات فوق جبيني لتخفض حرارتي وماان التقت ابصارنا حتى تبسمت بهدوء وهي تقول:.
عد لتنام. حرارتك مرتفعة وتحتاج بعض الراحة.
كان صوتها هادئ جداً وشبه هامس جعلتني اشعر اني داخل الفردوس حقاً! رفعت يدي بصعوبة وامسكتها من معصمها وبالكاد استطعت التكلم لأسألها:
لما كنتِ غاضبة مني؟
وجدت ابتسامتها تتلاشى وطبقة خفيفة من الدمع تكسو عينيها وهي تنزل ابصارها للأسفل متهربة من نظراتي وتقول:
لقد منحتهن ابتسامة. كيف عساي ان لااغضب؟
هززت رأسي ببطئ بالنفي وانا اقول بضعف:
انا لاامنح ابتسامة لسواكِ.
رفعت ابصارها إلى بتفاجئ لتعود ابتسامة مرتجفة فوق ثغرها وهي تحدق بي وانا بالكاد افتح عيناي. مدت يدها ومسحت برفق فوق خدي وقالت بهمس:
جيد، لأني سأقتلك ان فعلت...
تبمست على غيرتها وعدت لأغط بنوم عميق ومعصمها لايزال في يدي. وفجأة، رنين متواصل ونغمة مزعجة اعرفها جيداً تكون السبب يومياً بسحبي من الفراش صباحاً جعلتني انتفض فزعاً وافتح جفناي فوراً لأكتشف ان الغرفة لاتزال خالية واصبحت مظلمة اكثر. لقد كان مجرد حلم! هبط الليل وانا لاازال نائماً، من الجيد اني شغلت المنبه ليوقظني، مددت يدي بتكاسل واطفأته وعدت لرمي رأسي على الوسادة استذكر ذلك الحلم الجميل الذي حمل إلى حبيبتي لتعتني بي، يااللهي، انه بالفعل اجمل حلم رأيته في حياتي، ياليته كان واقعياً!
رفعت يدي نحو جبيني لأجد حرارتي قد انخفضت بشكل ملحوظ. يبدو ان الدواء قد أدى مفعوله بشكل جيد! ثم انزلتها ببطئ نحو خدي. وتماماً حيث كانت يد ديما في الحلم، لااعلم لما اشعر اني عشت هذا الحلم بالفعل. ربما من فرط سعادتي جعلني هذا الامر اصاب بالهلوسة!.
نزلت من غرفتي والساعة توشك ان تصبح السابعة تقريباً. كان كل شخص مشغول بشيء ما، بعضهم يطالع التلفاز وبعضهم ينهي اعماله على الحاسوب واخر يدرس. وديما ليست من ضمنهم، لابد انها في غرفتها. إذاً لن يثير اهتمامي جلوسي معهم ان لم تكن ديما هنا، خرجت نحو الحديقة لأجلس على الاريكة المقابلة للمسبح اراجع بعض الملفات كي اعوض مافاتني من عمل اليوم...
دقائق اخرى وسمعت احدهم يلقي على التحية رفعت رأسي لاجده صديقي حازم. تبسمت وقمت لأصافحه ثم جلسنا معاً فقال ممزاحاً:
كيف حال اميرتنا الصغيرة؟ هل تعافت من الزكام؟
نظرت اليه بعيون قاتل متسلل وانا اقول:
اميرتك الصغيرة ستقوم لضربك ان ناديتها هكذا مجدداً.
ضحك وهو يقول:
يا اللهي. قاسي حتى وانت مريض!
اكتفيت بأبتسامة من دون ضحكة. فانا لاازال اعاني من اثار المرض والاجهاد بعض الشيء. وعدت بأبصاري نحو الملف لأكمل مراجعته فهو قد حضر من اجل اخذه. تشتت انتباهي واصبح تركيزه كله فوق قدم حازم التي يهزها بتوتر. هو صديقي منذ خمس سنوات ويعمل معنا في الشركة. لذلك انا افهمه جيداْ واعرف معنى كل حركة يقوم بها. زفرت بضيق وانزلت الملف وانا التفت اليه واقول:
قل مالديك وخلصني.
اوقف قدمه فوراً وهو يقول بعدم فهم:.
ماذا؟ هل قلت انا شيء الان؟
اشرت بسبابتي نحو قدمه وانا اقول:
انت لاتحركها ألا اذا اردت قول شيء متردد في قوله.
ضرني بخفة فوق ظهري وهو يقول بأبتسامة عريضة:
كم احترمك عندما تفهمني!
نظرت اليه نظرة جانبية وانا اقول:
هل هذا يعني انك تحتقرني في بقية الاوقات يااحمق؟
لوح بيديه فوراً بالنفي وهو يقول:
لالا بالتأكيد لا ياصديقي العزيز سامي.
مططت شفتي وانا اقول:.
صديقك العزيز؟ ماهذا الادب الذي حل بك اليوم، اللهم استر. قل لي اي مصيبة تحضر لي؟
لاليست مصيبة، ليست مصيبة على الاطلاق. انما. هو فقط موضوع محرج بعض الشيء.
هل كسرت احدى آنيات امي الاثرية؟
هذا موضوع مرعب وليس محرج ياسامي. كنت سأهرب قبل ان تقتلني امك.
إذاً ماذا هناك؟
رأيته يتلعثم بحروفه ويرتبك بجلسته قبل ان يقول بتردد:
ف. في الحقيقة. انه بخصوص ابنة عمك؟
وكأني لم اكن امتلك ابنة عم غير ديما ونسيت تماماً اني املك اخريات قد يقصدهن حازم، فأستدرت اليه بكامل جسدي وقطبت حاجباي فوراً وقلت بنبرة حادة بعض الشيء:
ومابها؟
اخذ حازم نفساً عميقاً وتحولت ملامحه للجدية بعيداً عن المزاح وهو يقول لي:
انا. الصراحة، معجب بها. واود التقدم لخطبتها. لذلك اردت استشارتك اولاً لأعرف رأي عائلتك في هذا الامر قبل ان اصارحها.
يومك اسود يا حازم. لالا ليس اسود. بل هو هو شديد السواد، قمت برمي الملف بعنف فوق المنضدة التي امامنا والتفت اليه اجحظ بعيني بقوة وانا اهتف به بغضب محمل بنيران براكيني التي تفجرت بداخلي:
هل فقدت عقلك ياحازم؟
بهتت ملامحه فوراً ونظر إلى بتفاجئ وهو يقول:
ماذا هناك سامي؟ هل قلت شيئاً خاطئاً انا الان؟
ولاترى نفسك مخطئ ايضاً؟ كيف تسمح لنفسك ان تفكر بها؟
ماهذه السخافة ياسامي، ألن تزوجو بنات عمكم ام ماذا؟ لو ان احداً غريب تقدم الان لخطبتها أكنت ستحدثه بهذه الطريقة ايضاً؟
لا. كنت سأكسر عظامه واقطعه بأسناني.
فتح حازم عينيه بدهشة وهو يحدق بي. لقد فقدت عقلي تماماً، وليشكر الرب اني فقدت عقلي فحسب ولم اجعله يفقد حياته...
فتح فمه ليتحدث ولكنه صمت فوراً ولكزني من مرفقي وهو يقول:
اغلق فمك الان يوسف قادم وانا محرج بعض الشيء من التحدث معه بخصوص هذا الموضوع الان.
من رفض حازم للحديث امام يوسف ازداد يقيني انه يقصد ديما لذلك لايريد التحدث امام اخيها.
كتمت انفعالي للوقت الحالي ورغم لطافة الطقس من حولنا ألا اني كنت اشعر بالنيران تخرج من كافة انحاء جسدي وكأن الحمّى عادت لتغزوني مرة اخرى والهبت صدري لتخرج انفاسي حارقة...
القى يوسف التحية على حازم وانضم الينا بملف عمل ايضاً، كنا عبارة عن ثلاثة متناقضين. انا كتلة من النار وحازم عبارة عن كتلة من التوتر والارتباك اما يوسف فهو جبل جليدي ببروده وهدوئه. واخيراً انضم الينا الربيع ليجذب انظار الجميع اليه، ديما! بفستانها الاخضر وشعرها المنسدل بعبث بجانب رقبتها ومشبك الفراشة الذي ترفع به خصلات شعرها من الجانب دائماً. كم كنت اعشق منظرها الطفولي هذا وكم كنت اكرهه في الوقت ذاته لأنه يجذب انظار الاخرين اليها.
انحنت لتقبل يوسف الذي ابتسم بحنان لها ثم القت التحية بمرح على حازم الذي بادلها مرحها ذاته. وانا اراقبهما بعيون جحيمية اكاد ارتكب بهما جريمة قتل فوراً!
التفتت بعدها نحو يوسف وقالت:
اخي، أيمكنك ايصالي نحو المركز التجاري؟ سالي تنتظرني هناك لكي نذهب معاً لتناول العشاء في الخارج.
سألها بأستغراب:
لما لايوصلكِ زيد؟
تنهدت قبل ان تجيبه:.
لدي حظ سيء مع زيد. كلما اردت الخروج لااجده، لقد اخذ العمة ندى نحو صديقتها. فكرت ان يأخذني حمزة ولكنه ايضاً خارج المنزل.
تبسم باحراج وهو يقول:
انا كما ترين ياصغيرتي غارق وسط العمل. ألا يمكنك تدبر احد غيري؟
وفجأة هتف سيف:
انا بإمكاني توصيلها. فأنا كنت ذاهب بكل الاحوال.
فتبسم يوسف برضا وهو يقول:
هذا جيد. ها قد حلت المشكلة.
أتمازحوني؟ لما الجميع يرفض هنا ان احتفظ بعقلي؟
تحرك جسد حازم قليلاً يريد النهوض ولكني وضعت يدي فوق كتفه بعنف واجلسته وانا اهتف به وبيوسف:
يوصلها الى اين؟ هل فقدتم عقكلم؟
فحدق بي حازم بدهشة من رد فعلي وقال يوسف بأستغراب:
ماذا هناك ياسامي؟ سيوصلها نحو سالي فحسب.
لا لن يفعل.
ثم التفت نحو ديما واشرت لها بحدة وانا اقول:
وانتِ اصعدي نحو غرفتكِ واتصلي بالسائق ليأخدكِ.
فقالت بأستياء:
لقد اخبرتك ان السائق برفقة العمة ندى.
هذه مشكلتك وليست مشكلتي.
فنظرت نحوي بحنق وحاولت قدر الامكان ان تبقي صوتها منخفضاً بحضور اخيها ولكن وجهها اصبح كالبندورة الناضجة وكأن كل دماء جسدها تصاعدت اليه وهي تقول:
اخي ووافق. ماشأنك انت؟
وقفت وانا اكز على اسناني بغيظ واجحظ بعيناي واقول:
اغلقي فمكِ واصعدي نحو غرفتكِ. قلت لكِ لن تذهبي برفقة حازم يعني لن تذهبي.
فقام حازم من مكانه وهو يهتف بي:.
ماالذي حصل لك فجأة ياسامي؟ ألم اقم بتوصيل نورا الاسبوع الماضي في طريقي؟ أليست ابنة عمك ايضاً.
تباً لك حازم، هذا ليس الوقت المناسب لتناقشني به. نعم اوصلها، ونعم لم امانع. لاني اثق بحازم جداً. ولكن رغم ذلك لن اسمح بركوب ديما معه حتى لو لم يكن معجب بها، ديما شيء يخصني انا وحدي ولن اسمح لغريب ان يخوض حتى حديث معها، ولكن كيف اشرح لهم هذا الامر؟ حاولت التملص من الامر وانا اقول بأرتباك:.
أ. أن. أنا لربما لم اراك.
فتح عينيه بدهشة وهو يقول:
ألم تلقي علينا التحية ونحن خارجين؟
اذاً لربما لم ارى نورا.
ولكنك قمت ب.
وقبل ان يكمل حازم جملته التي ستثبت ادانتي هتفت به مقاطعاً حديثه:
قلت لك اني لم ارك ياحازم. ولن تقوم بإيصال ديما.
لماذا؟ ألا تثق بي؟
وقبل ان اجيبه وجدت ديما تجيب بصوت متألم وحاد:
لا، يبدو انه لايثق بي انا.
نظرت اليها فوجدتها تحدق بي بخيبة امل، يااللهي. انا حقاً اسف صغيرتي، ولكني لااستطيع. انا حقاً لايمكنني ان اكون عاقلاً بأمور كهذه.
بقينا انا وهي نحدق ببعضنا وكأننا نتواصل بشكل بصري ولانحتاج لأي حروف لنفهم بعضنا وفجأة اخترقنا صوت يوسف وهو يقول:
ان كنت ترفض ان يوصلها حمزة فقم بإيصالها انت. لأني تعبت من كونك الذي تلقي الاوامر وانا من اتحمل المسؤولية.
وقبل ان اجيب موافقاً قالت ديما فوراً بحدة دون ان تزيح عينيها من عيناي:
لاداعي، لم اعد اريد الذهاب.
ثم تركتنا ودخلت وانا اتبعها بنظراتي النادمة واشاهدها طوال سيرها ترفع يدها نحو وجهها وتنزلها ثم تعود لرفعها مجدداً، عزيزتي تبكي! يا لي من احمق وحقير حقاً، فلايوجد سواي في هذا الكون يتسبب لها بالدموع. اي عاشق غبي انا!
ماان رحلت ديما حتى اخذ حازم الملف الذي القيته قبل قليل ونظر نحو يوسف وهو يقول:.
انا سأذهب الان يا يوسف علّ ابن عمك المجنون يهدأ قليلاً.
فضحك يوسف وقال:
هذا مستحيل. لاتتأمل كثيراً عزيزي.
ثم تركنا حازم ورحل وجلست انا ارتكز بمرفقاي فوق فخذاي وازفر بحدة وكأني مستعد للهجوم في اي لحظة.
لحظات صمت مرت علينا دون ان يقول احداً شيئاً ثم كسر جدار الصمت صوت يوسف وهو يقول بأبتسامة:
أتعلم. لو ان احد غيرك حدّث ديما هكذا وعاملها بهذا الاسلوب لكان ضحية لكمتي منذ سنين.
تنهدت بضيق دون ان اعلق بشيء. فهو محق تماماً. يدللها ويفضلها على الجميع ولايسمح لأحد بأذيتها ولايرفض لها امر. ثم آتي انا ببساطة لاتسبب لها هذا المقدار من ألالم...
وقف يوسف وهو يدخل يديه داخل جيوبه وقال بهدوء:.
كف عن هذه المماطلة والسخافة سامي. ديما لن تتأذى ان عرفت الاسباب الحقيقية وراء كل تصرف تقوم به، لذلك اما ان تحل هذا الامر قريباً وتكف عن الصراخ بوجهها لسبب تافه تخفي ورائه السبب الحقيقي لغضبك، او اتركها.
مع كلمته الاخيرة هذه رفعت رأسي اليه دفعة واحدة وانا اجحظ بعيناي بصدمة، أتركها؟ هل يطلب مني يوسف ان اموت؟ هل حياتي رخيصة بالنسبة له؟ كيف يمكنني تركها؟ تبسم عندما شاهد ردة فعلي هذه وقال:.
ديما غالية على جداً ياسامي. واعرف انها كذلك بالنسبة لك، لذلك لا اريدك ان تتسبب لها بالدموع مرة اخرى، لأن رؤيتها تتاذى بهذا الشكل يعذبني، هل مااقوله واضح؟
حدقت في وجهه لثواني لا اعرف بماذا اجيب بالضبط ثم اومأت برأسي موافقاً من دون اي كلمة فتبسم برضا ورحل، بالتأكيد هو ذاهب ليرضي عزيزتي، ياليتني كنت استطيع فعل ذلك ببساطة. ياليتني اذهب الان نحو غرفتها لأعتذر لها. لأنفذ كل ماتطلبه، لأجعلها تمسح دموعها وتبتسم، ياليتني فقط!