قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل العشرون

رواية عاشق المجهول ج1 للكاتبة أمنية الريحاني كاملة

رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل العشرون

( حب لا تراه الشمس )

فى المستشفى:
تجلس فاطمة فى غرفتها على سريرها شاردة حزينة، تفكر فى خالد التى تعلم جيدا مدى غضبه من فعلتها، ولكنها لم تتوقع أن يصل غضبه منها ألَّا يطمئن عليها بعد هذا الحادث الصعب، نظرت إلى مريم النائمة أمامها على إحدى الأرائك، وعادت إلى شرودها من جديد، وبنما هى فى شرودها، تجد من يدخل عليها الغرفة ليقطع عليها شرودها، ترفع عينيها لتجد أمامها خالد
فاطمة: أبيه خالد !

فى فيلا الصفدى:
تنظر غالية لعاصم الواقف أمامها فى صدمة، وبعدها تركض نحوه تريد إحتضانه قائلة: عاصم، أخويا، حمدا لله على سلامتك يا أخو...
ولكنه يمنعها أن تحتضنه ويوقفها بيده، فتنظر له فى صدمة قائلة: مالك يا عاصم، بعد كل سنين الغيبة دى مش عايزنى أحضنك، ولا نسيت إنى أختك
ينظر لها عاصم فى سخرية قائلاً: أختى ! أختى اللي رمت كل حاجة بينا ورا ضهرها وراحت تدور على مصلحتها وبس، مهمهاش هى هدوس على مين فى طريقها، حتى لو كانت اللي هدوس عليه هو أخوها شقيقها، أختى اللي رمت بنت أخوها فى الشارع، ومفرقش معاها هتروح فين ولا هتعمل إيه، رمت لحمها ودمها بعد ما جرحتها بكلامها السم، وفى الأخر بتسألينى مش عايز أحضنك ليه.

غالية: وانت جاى بعد كل السنين دى تدينى محاضرة ؟
عاصم: لا يا بنت إبراهيم الحديدى، أنا جاية أحذرك
غالية: تحذرنى؟! تحذرنى من إيه إن شاء الله؟
عاصم: أحذرك إنك تفكرى ولو مجرد تفكير إنك تآذى بنتى فاطمة تانى، لا بالفعل ولا حتى بالكلام، اللي هنتيها فى غيابى وجرحتيها دى أسمها فاطمة الحديدى، والحفيدة الوحيدة اللي بتحمل اسم الحديدى، فاهمة كلامى؟

تنظر له غالية فى قلق، فحديثه الصارم معاها وشدته جعلها لا تستطيع أن تنطق أمامه بكلمة واحدة، ليكمل حديثه قائلاً: حاجة كمان، اللي كنتى فاكرة إنك مخبياه طول السنين اللي فاتت، واللي كنتى خايفة يتكشف بعد رجوعى، وهو نفسه اللي خلاكى تطردى بنتى من بيتك، عايز أقولك إنى رجعت خلاص يا غالية، وكل المستخبى هيبان، وميراث الحديدى هيرجع لصحابه
غالية فى غضب: آه قول كده بقى، أنت جاى عشان الورث، بس أنت مسافر وعارف إن أبونا الله يرحمه غضبان عليك، وهو قالك إنه هيحرمك من الورث، ودا اللي حصل، هو مات وهو غضبان عليك وكتب كل حاجة باسمى قبل ما يموت بأسبوع واحد
ينظر لها عاصم فى هدوء قائلاً: خلصتى كلامك ؟ دورى بقى أنا اللي أرد عليكى، بس ردى يا غالية هيكون مش بالفعل مش بالكلام، صدقينى ردى هيوجعك أوى.

وقبل أن يهمّ عاصم بالمغادرة، نظر لغالية قائلاً: آه نسيت أقولك حاجة، عارفة مشكلتك إنك رغم حقدك وقلبك القاسى برضه غبية، وللأسف اللي هيدفع تمن غباءك بنتك، إنتى النهاردة من غير ما تحسى عيدتى لبنتك نفس اللي عملتيه مع مريم زمان، فاكرة يا بنت أبويا ولا نسيتى، على العموم حتى لو نسيتى غادة بنتك هتفكرك، عن إذنك
ولكن يوقفه عادل قائلاً: رايح فين يا خالى ؟
عاصم: رايح أطمن على بنتى، وربنا يبعدك يا ابنى عن شرها.

يغادر عاصم بعد أن فجر براكين الخوف فى قلب غالية، فنظرت ليحيي الواقف فى الأعلى ينظر لما يحدث فى ترقب، وبادلها بنظرة سخرية وتركها وغادر إلى غرفته
ونعود إلى فاطمة فى المستشفى وفرحتها بعد أن دخل عليها خالد
فاطمة: أبيه خالد !
خالد: كنت عارف إنك لسه صاحية، وإنك مش هيجيلك نوم قبل ما آجى وأطمن عليكى
فاطمة: أبيه خالد، أنا آسفة، أنا مكن..

يقترب منها خالد فى هدوء قائلاً: هشششش، خلاص يا فاطمة أنسى اللي فات، أنا عايز الأيام اللي فاتت دى تتمسح من حياتنا، المهم إنك دلوقتى معانا وبخير
تنظر له فاطمة فى حزن، وتلتمع عيناه بالدموع قائلة: أبيه، هو حضرتك صحيح أضربت بالنار بسببى لما أتخطفت؟
خالد: مين اللي قالك الكلام ده يا فاطمة، غادة مش كده ؟
توميء له فاطمة رأسها فى حزن، فيكمل حديثه قائلاً: وحتى لو دا فعلا حصل، دا يزعلك ؟
فاطمة: طبعا يزعلنى يا أبيه، أنا مقدرش أتخيل يحصلك حاجة وحشة، عشان كده أنا قولت لبابا إنى عايزة أسافر.

خالد: تسافرى ؟! تسافرى وتسيبينا يا فاطمة ؟!
فاطمة: أهون عليا أتعب وأنتوا بعيد عنى، ولا إنى أكون سبب فى كل حاجة وحشة تحصلك زى ما أبلة غادة قالتلى
خالد: طب وإنتى هتصدقينى ولا تصدقى كلام غادة؟
فاطمة: هصدقك طبعا.

خالد: إنتى عمرك ما كنتى يا فاطمة سبب غير كل حاجة حلوة فى حياتى، بصيلى كده يا فاطمة، أنا خالد اللي كنتى بتشوفيه الأيام اللي فاتت، خالد اللي كان موجود الأيام اللي فاتت كانت إنسان ضايع يائس من حياته، إنسان شايف الحياة سودا أدامه، شايف إن الحياة مبقاش فيها أمل، لكن اللي أدامك دا خالد اللي شوفتيه أول مرة، أيوا يا فاطمة أنا رجعت لنفسي وفوقت من تانى، عارفة مين السبب فى ده يا فاطمة؟

تنظر له فاطمة فى تساؤل، ليجيب قائلاً: إنتى يا فاطمة، لولا كلامك معايا، ووقفتك جنبى طول الفترة اللي فاتت، مكنتش عديت اللي كنت فيه، والله أعلم كان ممكن يحصلى إيه، إحساسي إنى مهم فى حياتك وإنى مصدر القوة والأمان بالنسبة ليكى، أدانى قوة غير طبيعية إنى أكمل، وأفضل ضهرك وسندك، عرفتى بقى إنك مهمة فى حياتى زى ما أنا مهم فى حياتك.

توميء له فاطمة رأسها بالموافقة، وقد أحتلت السعادة ملامح وجهها، ليكمل حديثه قائلاً: ها يا طمطم يا مجنونة لسه مصممة تسافرى وتسيبى أبيه خالد بعد كل ده، ولا ناوية تكملى معايا حلمك وتدخلى كلية الهندسة، وتبقى شريكة معايا فى شركتى
ويأتى صوت من خلفهم قائلاً: أنا كمان عايز أعرف إجابة السؤال ده يا فاطمة
ينظر كلا من فاطمة وخالد للصوت، ليجدا عاصم هو صاحب هذا الصوت
فاطمة: بابا.

يقترب عاصم من فاطمة قائلاً: أنا شايف إن صحتك ما شاء الله بقت أحسن عن الضهر، يعنى ممكن تسافرى قريب
فاطمة فى تردد: أسسسااافر !
عاصم: أيوا تسافرى، مش ده اللي كنا متفقين عليه الصبح
ينظر لخالد مكملاً حديثه قائلاً: ولا فى حاجة خلتك تغيرى رأيك
وقبل أن تجيب فاطمة، نطق خالد قائلاً: لا يا عمى، فاطمة بعد إذنك مش هتسافر، فاطمة هتفضل معانا، وأنا بنفسى اللي هراعى بمذاكرتها، لحد ما تحقق حلمها وتدخل الكلية اللي هى عايزاها.

عاصم: طب يا ترى دا رأى فاطمة كمان
وينظر لفاطمة قائلاً: ها يا فاطمة، قولتى إيه، هتسافرى ولا هتفضلى هنا؟
فاطمة: لا هفضل يا بابا
ينظر عاصم لخالد قائلاً: تعالى معايا يا خالد، عايزك فى كلمتين برة
خالد: طب أطمن على أمى، أنا معرفش إزاى مصحيتش على صوتنا كل ده؟!
عاصم: لا أطمن عليها، مريم لما بتنام بعد خوف أو قلق، بتبقى زى القتيلة مبتحسش بحاجة، ويمكن متصحهاش غير بكرة الصبح
ينظر له خالد فى دهشة، ليجيبه قائلاً: تعالى نتكلم برة.

فى الطائرة:
تجلس غادة وبجانبها وليد، تنظر له غادة قائلة: أنا مش مصدقة يا وليد إننا مسافرين إيطاليا، متعرفش أنا كان نفسي أروحها من زمان إزاى
وليد: حبيبتى طول ما إنتى معايا أحلامك بالنسبة لى أوامر، وبعدين أنا اللي طلبت من بابا إنى أمسك فرع شركته فى إيطاليا عشان أبقى أنا وإنتى بعيد عن كل الناس، وأعرف أعبرك على مشاعرى ليكى
تنظر له غادة وعلى وجها إبتسامة رضا وتكمل حديثها: بس أنت وعدتنى إنى هنزل على الإمتحانات عشان أمتحن وأرجع تانى مش كده ؟
وليد: طبعا يا حبيبتى، وأنا عند وعدى ليكى، وأوعدك إنك مش هيشغلك أى شيء عن دراستك، وكمان لما نوصل هناك محضرلك مفاجأة
غادة: مفاجأة إيه؟
وليد: مستعجلة على إيه لما نوصل هتعرفى

ونعود إلى المستشفى وحديث عاصم مع خالد
عاصم: اسمعنى يا خالد يا ابنى، أنا عارف إن صدمتك فى حبك لغادة كبيرة، وعارف إحساس الواحد لما يحي ويقعد يبنى أحلام وطموحات على حبه، وفى الأخر تيجى ضربة تهد كل ده
خالد: وحضرتك تعرف الإحساس ده منين؟

عاصم: لإنى جربته يا ابنى قبلك، جربته من زمان، من سنين طويلة أوى أكتر من عمركم بكتير، حبيت لا مكنش حب تقدر تقول كان عشق، وبنيت أحلام ومستقبل على حبى ده، كنا بنحلم بالبيت الصغير اللي يجمعنى معاها، والاولاد اللي هيكملوا فرحتنا، لكن فى لحظة كل ده أتغير، والبيت الجميل بقى سراب، وكل الحب والفرحة اللي جوا قلوبنا أتحولت لحزن ووجع
خالد: إيه اللي حصل يا عمى ؟

عاصم: أتجوزت، فى غمضة عين لقيتها أتجوزت واحد غيرى وبقت ملك ليه، ومبقاش من حقى حتى أكلمها، غضبى من ناحيتها وصل لدرجة إنى مبقتش طايق أشوف وشها، حتى لما جوزها مات حاولت تكلمنى وتفهمنى الحقيقة، بس أنا غضبى كان عامى قلبى عنها، كان مغطى قلبى القسوة والوجع من ناحيتها، وللأسف عرفت الحقيقة متأخر أوى بعد ما هى كانت أتجوزت تانى بعد ما يائست إنى أسمعها، شوفتها وهى بتضيع منى لتانى مرة، ومقدرتش أحافظ عليها، كان المفروض أخطفها من الكوشة وهى جنب عريسها، وأقوله كفاية بقى دى بتاعتى حبيبتى، أنا محبتش غيرها، لكن كنت ضعيف وأستسلمت للأمر الواقع، وسيبتها تضيع ويضيع معاها أخر أمل لحبى ليها
خالد: ياه إيه الوجع ده.

عاصم: لكن أنا موقفتش حياتى، كملت وعشت، أتجوزت والدة فاطمة، صحيح أنا مقدرتش أحبها زى ما حبيتها، بس كنت مقدر كل لحظة هى حبتنى فيها وحافظت عليا وعلى بيتى، وكفاية إنها جابتلى نور عينى وحبيبتى فاطمة، انا بقولك الكلام دا ليك أنت مخصوص يا خالد لأكتر من سبب، السبب الأول لأنى شفت فيك نفسى، شوفت وجعى زمان لما حبيبتى ضاعت منى، بس يمكن يكون حظك أحسن منى وربنا يكرمك بواحدة تحبها بجد وتلاقى حبك الحقيقى معاها
خالد: وتانى سبب؟
عاصم: تانى سبب لأن من حقك تعرف قصتى، ولأنك الإنسان الوحيد اللي ممكن يغير نهاية قصتى ويرجعلى الأمل، ويرجع الفرحة لقلبى من تانى
خالد: قصد حضرتك إيه، مش فاهم؟
عاصم فى تردد: قصدى إنى حبيبتى اللي كلمتك عليها ... هى ... مريم ... والدتك
خالد: نعععععم.

فى إنجلترا:
يدخل وليد أحد البيوت الكبيرة فى إنجلترا وبرفقته غادة
وليد: أدخلى برجلك اليمين يا عروسة
تنظر غادة بإعجاب للمنزل وهى تتجوله قائلة: الله يا وليد، مكنتش أعرف إن البيت حلو أوى كده
وليد: عجبك يا حبيبتى ؟
غادة: جدا يا وليد
وليد: كويس، سهلتى عليا المهمة
تنظر له غادة فى تعجب قائلة: مهمة إيه، وإيه هى المفاجأة اللي قولت محضرهالى ؟

وليد: ما هى دى المفاجأة يا برنسيسة
غادة: وليد، أنا مش فاهمة حاجة
وليد: أفهمك، من النهاردة البيت اللي عجبك ده هيبقى سجنك اللي مش هتخرجى منه غير لما إنتى تموتى أو أنا بعد الشر عليا يعنى أموت
غادة: وليد بطل هزار من فضلك
وليد: ومين قالك إنى بهزر أنا بتكلم جد، ومن النهاردة إنتى ملكيش أى حقوق عليا، هتقعدى هنا زيك زى أى كرسى، لا تقوليلى رايح فين ولا جاى منين، وأنا لو جالى مزاجى هجيلك أقعد معاكى شوية، دا لو جالى مزاجى يعنى
غادة: أنا عايزة أنزل مصر حالاً
يجذبها وليد من شعرها قائلاً: صوتك دا ميعلاش عليا إنتى فاهمة، وكلامى مش هرجع فيه، خروجك من هنا على جثتى.

غادة: طب ليه أنا عملتلك إيه، عشان تعمل فيا كل ده، فين وعدك ليا بالسعادة، وإنك هتعوضنى بحبك ؟
وليد: وعد إيه يا ماما إنتى بتصدقى، دا كان كله كلام، أنا ليه بقى فعشان أربيكى وأعلمك إن مش وليد الحسينى اللي تتنكى عليه، وهدفعك تمن كل لحظة هنتينى فيها، وأستكبرتى عليا، عشان خاطر الكحيان اللي اسمه خالد
غادة فى غضب: أخرس، خالد دا برقبتك.

يصفعها وليد على وجهها بشدة حتى أن الدماء نزفت من فمها، وصرخ فيها قائلاً: أنا هعلمك تقلى أدبك عليا إزاى يا بنت غالية
وتركها وهمّ أن يغادر، ولكنه عاد إليها من جديد قائلاً: مش عايز أنبهك إنك لو حكيتى لأهلك على أى حاجة، هتوصليلهم فى نعش، عن إذنك
نظرت غادة إلى أثره فى بكاء، وتذكرت كلمات خالد معاها " غادة إنتى من النهاردة برة حياتى، وربنا يهنيكى مع اللي أخترتيه عشان تكملى حياتك معاه"
وعلمت أنها قد أختارت أن تموت حية بين أحضان من لا يرحم وقد كتب مصير غادة، فما فعلته غالية من قبل فى مريم، ستلقاه غادة، وحقا من قال داين تدان ولو بعد حين.

بعد مرور عدة أيام فى منزل مريم:
تدخل فاطمة وهى تستند على خالد وعاصم ومعه مريم
مريم: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتى
فاطمة: الله يسلمك يا ماما
خالد: نورت بيتك يا طمطم
فاطمة: متشكرة يا أبيه
عاصم: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتى، اوعى تكرريها تانى.

فاطمة: حاضر يا بابا
عاصم: أنا هسيبك دلوقتى عشان ترتاحى، وهعدى عليكى تانى
مريم: طب أستنى لما تتغدى الأول قبل ما تمشى
ينظر لها عاصم مبتسماً، فخجلت مريم من إندفاعها ونظرت إلى الأرض ولاحظ خالد هذا
عاصم: مرة تانية معلش
ينظر عاصم لخالد نظرة ذات مغزى، يومئ له خالد برأسه، ويتركهم ويغادر
مريم: تعالي بقى يا طمطم أدخلك أوضتك ترتاحى
ينظر خالد لوالدته قائلاً: ماما من فضلك بعد ما تدخلى فاطمة أوضتها، عايز أتكلم معاكى شوية
مريم: حاضر يا حبيبى.

فى مكتب سيد فواز المحامى:
تجلس غالية أمام سيد ويبدو عليها القلق
غالية: وبعدين يا أستاذ سيد، عاصم رجع، أنا خايفة يفتح ف اللي فات ويكشف لعبتنا
سيد: يا مدام غالية، عاصم بيه مش محتاج يدور ورانا ولا يفتح فى اللي فات
غالية: قصدك إيه مش فاهمة؟
سيد: قصدى إن إبراهيم بيه الله يرحمه قبل أما يموت بحوالى ست شهور كتب معظم ثروته باسم فاطمة بنت عاصم بيه، دا لما عرف إن عاصم بيه خلف، وكان ناوى يكلمه عشان يرجع ويصالحه، لولا التعب اللي جاله
غالية فى غضب: أنت أتجننت يا سيد، إيه اللي بتقوله ده ؟

سيد: اهدى يا مدام من فضلك عشان نعرف نتكلم
غالية: نتكلم نقول إيه، أمال عقد البيع اللي أنت ساعدنى عشان نمضى عليه أبويا قبل أما يموت كان إيه؟
سيد: كان مجرد عقد أبتدائى، ملوش أى لزمة، لأنه حتى متسجلش فى الشهر العقارى، وأى عيل متخرج من الكلية لسه ممكن يطعن فيه، دا غير إن عقد البيع بتاع عاصم بيه أقدم بأكتر من ست شهور، يعنى كان إبراهيم بيه الله يرحمه لسه بصحته، دا غير إنه متسجل فى الشهر العقارى
غالية: وأنت إزاى مقولتليش على الكلام ده؟

سيد: أولا لأنى كنت مستنى عاصم بيه يظهر عشان ياخد حقه، ثانيا كان لازم أمشى معاكى للأخر عشان متروحيش لحد غيرى، وساعتها ممكن يعرفك اللعبة بسهولة، ثالثاً ودا الأهم مش أنا يا هانم اللي أبيع ضميرى ولا أزور فى حق يتيم، أنا لحم كتفاى من خير إبراهيم بيه، وعمره ما هقدر أخون أمانته لأى سبب
غالية: أنت حيو...
يقاطعها سيد قائلاً: شرفتى المكتب يا غالية هانم
وقبل أن تدخل، تجد عاصم يدخل عليهم مبتسما قائلاً: مش قولتلك ردى هيبقى فعل مش كلام
غالية: عاصم، أنت كنت عارف ؟

عاصم: أكدب عليكى لو قولت إنى كنت عارف من الاول، بس كنت واثق إن أبويا الحاج إبراهيم، اللي حج بيت الله، واللي رجولة الصعايدة بتجرى فى دمه، عمره ما هيخالف شرع الله ولا يضيع حق أبنه، دا غير إن استاذ سيد أول لما نزلت مصر بعتلى وقالى على مل حاجة
تنظر له غالية فى غيظ وتهمّ أن تغادر ولكن يوقفها صوت سيد قائلاً: مدام غالية، نسيت أقولك، قصر الحديدى هو كمان مكتوب باسم فاطمة الحديدى
يقترب منها عاصم قائلاً: ياريت تنسى أى فلوس ومصالح، وتعرفى إن ليكى أخ واحد، وبنت أخ واحد، ويوم ما تحتاجى لحضنى هتلاقينى يا غالية
تنظر له غالية فى سخرية، وتتركه وتغادر.

ينظر عاصم لسيد قائلاً: أنا مش عارف أشكرك إزاى يا سيد على كل اللي عملته معايا
سيد: عيب يا عاصم، إحنا صحاب، ووالدك كان زى أبويا
عاصم: قليل أوى لما تلاقى حد يراعى العشرة فى زمنا ده
سيد: المهم دلوقتى أنت الوصى على بنتك فاطمة، وتقدر تتصرف فى كل أملاكها
ينظر عاصم إلى الفراغ ويبتسم إبتسامة رضا.

فى منزل مريم:
تنظر مريم لخالد فى صدمة قائلة: أنت عرفت الكلام ده منين يا خالد؟
خالد: مش مهم عرفت منين دلوقتى ؟
مريم: هو اللي قالك مش كده؟
خالد: يا أمى اللي كان بينك وبين عمى عاصم مش حاجة تخجلى منها، دا حب، وحب طاهر وقوى، وحضرتك أتوجعتى كتير، وهو كمان، مش كفاية عليكم عذاب لحد كده.

مريم: أنت متعرفش حاجة يا خالد
خالد: لا يا أمى، أنا أعرف كل حاجة، وموافق ومعنديش أى مانع، بالعكس أن بشجعك تروى نبتة الحب اللي كانت موجودة فى قلبك من زمان، واللي أنا واثق أنها لسه عايشة ومحتاجة بس نراعيها عشان تكبر وتنبت، ها يا أمى، أرد عليه أقوله إيه؟
مريم: قوله مش موافقة يا خالد.

بعد مرور عدة شهور:
تدخل فاطمة إلى مكتب خالد فى شركته الجديدة التى أسسها مع صديقه حسام وفى يدها هدية، لتجده جالس منهمكا فى العمل، وحين رؤيته لها يتجه ناحيتها ويرحب بها
خالد: نورتى الشركة يا طمطم
فاطمة: دا نور صاحبها يا أبيه، الشركة حلوة أوى يا أبيه
خالد: قوليلى مين اللي جابك؟

فاطمة: بابا بعت معايا العربية بالسواق، أعمل إيه بقى، مش حضرتك اللي صممت تأسس الشركة هنا فى القاهرة وتتعبنا معاك
خالد: معلش خليها عليكى، فرص الشغل هنا أفضل، وبعدين بكرة تدخلى الجامعة وتيجى هنا القاهرة
فاطمة: يسمع منك ربنا يا أبيه
خالد: قوليلى بقى إيه اللي فى إيدك ده؟
تقدم فاطمة الهدية لخالد قائلة: دى هدية لحضرتك بمناسبة الشركة الجديدة
يفتح خالد الهدية ليجدها لوحة صغيرة توضع على المكتب مكتوب عليها " خالد حسن محمد، رئيس مجلس الإدارة"
يضحك خالد قائلاً: ياه يا طمطم، خلتينى رئيس مجلس إدارة مرة واحدة، دى يا دوبك الشركة لسه بتبدأ
فاطمة: بكرة الشركة اللي مش عجباك دى تكبر، ويبقى ليها فروع كمان، وساعتها هتلاقى يافتة كبيرة مكتوب عليها شركة البدر للمقاولات الهندسية.

بعد مرور اربع سنوات:
تقف سيارة فخمة أمام إحدى المبانى، وينزل منها خالد مرتديا بدلته السوداء ويخلع نظارته السوداء ناظرا إلى لافتة الشركة الكبيرة المكتوب عليها " شركة البدر للمقاولات الهندسية"...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة