قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل السابع عشر

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل السابع عشر

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل السابع عشر

بعد تأخر الوقت وعدم حضور صالح حتى منتصف الليل قررت الصعود الى الشقة الخاصة بهم بعد ان قضت معظم يومها مع والدته تستمتع بقضاء وقتها بالثرثرة معها تهم بالتوجه ناحية غرفة النوم لكن توقفت حركتها حين لمحت ظلا يجلس فى احدى اركان غرفة المعيشة فكاد ان تصرخ عاليا بفزع لكنها اسرعت بالتماسك عند تبينها هوية الجالس لتتنهد براحة وهى تسير نحوه قائلة بانفاس مخطوفة
: حرام عليك ياصالح والله اتخضيت وكنت...

توقفت عن اكمال حديثها عندما لاحظت حالته التى يبدو عليها فقد تشعث شعره وفقدت ملابسه ترتبيها وهندامها تتقدم نحوه وهى تنظر الى وجهه بملامحه الجامدة وجلسته التى توحى بوجود خطب ما فقد جلس يستند بمرفقيه على ركبتيه يخفض راسه ارضا وبين اصابعه لفافة التبغ وقد احترقت قرب النهاية دون ان تمسها شفتيه لتسأله بقلق وتوجس وقد ارعبتها حالته هذه
: مالك يا صالح، انت قاعد عندك كده ليه، وبعدين انت هنا من امتى.

ظل على وضعه ولم يجيبها بل انه حتى بدى كأنه لا يشعر بوجودها من الاساس لتقترب منه تجلس بجواره تمسك بلفافة التبغ من بين انامله تلقى بيها فى مكانها المخصص ثم تمسك بيده بين يديها برفق وقد ظنته مازال يشعر بالخجل ويأنب نفسه بسبب ماحدث بينهم ليلة امس وانها مازال فى داخلها شيئ من اللوم له لذا القت برأسها فوق كتف ويدها مازالت تحتضن يده قائلة بمرح حاولت به اظهار نسيانها لكل ماحدث.

: طيب لما انت هنا من بدرى مش تعرفنى، ده انا حتى هموت من الجوع وانا تحت مستنياك، انا هقوم حالا اجهز االاكل لينا سوا.

اتبعت بالفعل كلامها بالنهوض من مكانها تتجه للمطبخ لكن توقفت بعد خطوة واحدة حين تشبث بيدها يجذبها اليه قائلا بصوت متحشرج خشن كأنه يعانى صعوبة فى الحديث
: اقعدى يافرح فى موضوع عوزك فيه.

توتر جسدها تترتجف قدميها فلم يكن هذا صالح الذى تعرفه حتى عندما رأت منه جانب اخافها ليلة امس لم يكن كهذا الجانب الذى تراه الان تشعر بوجود خطب ما اكبر من كل ظنونها لذا جلست هذه المرة بجواره ولكن لم تكن تنفيذا لامره اكثر من عدم قدرة قدميها على حملها تراه يعتدل فى جلسته يتطلع امامه بوجهه الجامد وجسد مشدود يشع منه توتر انتقل اليها هى الاخرى على الفور يسود بينهم للحظات قاتل حاد اخذ قلقها وخوفها ينهشاها فيه انتظارا لحديثه يدور فى عقلها الف سؤال وسؤال يتلاعب بها شيطانها بتصور اسوء التخيلات حتى زفر بعمق كأنه يستعد لما هو قادم يعود لوضع جلسته الاولى وبصوت مرهق متحشرج تحدث قائلا.

: انتى من يوم جوازنا وانتى نفسك تعرفى انا وامانى سيبنا بعض ليه مش كده؟!

انقبض صدرها وضاق بانفاسها حتى كادت ان تختنق حين نطقت شفتيه بأسمها لكنها اجبرت نفسها على التماسك تومأ له دون شعور وعينيها تنصب عليه تراه يغمض عينيه زافرا بحرقة مرة اخرى قبل ان يتحدث قائلا باستسلام وصوت مرهق
: وانا هقولك ليه يافرح، انا امانى اطلقنا علشان، علشان، انى مبخلفش يافرح.

ظلت تحدق به كالبلهاء عيونها متسعة ذهولا وقد سمعت ماقاله واستوعبته تماما لكن عقلها رفض تصديقه للحظات طوال حتى سألته اخيرا كالبلهاء وبتلعثم تريد منه التأكيد على ما سمعته
: انت بتقول ايه، مين ده اللى مش بيخلف؟!

التفت اليها ببطء شديد وما رأت على وجهه من مشاعر جعل الدموع الساخنة تجرى فوق وجهها ترى الحقيقة على ملامحه لاتترك لها الفرصة سوى للتصديق عينيها مصدومة جسدها بارد برودة الصقيع بألم وكسرة العالم كله وقد هزتها حقيقة هاجمتها بوحشية تحدثت له بكسرة وضعف
: يعنى هى طلقتها علشان كده، طب وانا، معرفتنيش ليه، كنت بتتجوزنى ليه وانت مخبى عليا حاجة زى كده.

نهض من مقعده يلتفت لها صارخا بعنف وملامح وجهه تنطق بالعذاب وقد قتله سؤالها والكسرة به
: اتجوزتك علشان...

صمت عن اتمام جملته لم يستطع لسانه النطق بها رغم تلهفه لقولها ولكن كبربائه ابى عليه فى تلك اللحظة بذلك لايستطيع البوح بالمزيد من اسراره يكفيه اعتراف واحد الان
لتنهض عن مقعدها تصرخ به هى الاخرى بعنف وغضب وعيونها مشتعلة برغم الدموع بها
: علشان ايه ياصالح؟! كمل وقولى علشان ايه، ولا تكمل ليه، انا اللى هقولك علشان ايه.

تحشرج صوتها ترتجف نبراته بكسرة المهانة بالكاد استطاعت اخراج صوتها تكمل وهى تشير الى نفسها قائلة
: علشان عيلة غلبانة وهتسكت علشان تعيش، وقلت فى بالك هترضى بلى مرضيتش بيه بنت الحسب والنسب، مش كده يا صالح مش ده السبب يابن كبير الحتة.

جعلته كلماتها جسده ينتفض بقوة تتسع عينيه وهو ينظر اليها مصدوم فقد حضر لذهنه جميع ردات الفعل على اعترافه الا هذا ولم يفكر ولو للحظة واحدة انها ستسئ الظن به الى هذا الحد وتتهمه بهذا الاتهام، نعم من حقها الغضب والصراخ عليه بكل التهم لكنه لم يتخيل ان تقلل منه الى تلك الدرجة وتسحق كبريائه بكلامها المسموم تغرسه فى صدره كالخنجر دون رأفة ليهمس لها بخيبة امل واحتقار للفكرة.

: لدرجة دى،؟! خلاص بقيت فى نظرك محتاج الف وادور علشان القى واحدة تقبل بيا وبعيبى، صغرت فى عينك اووى كده بعد ما عرفتى الحقيقة.

بهتت ملامحها وقد ادركت ما تفوهت به وكم كانت كلماتها قاسية لكنها تتألم ايضا تشعر ببركان ثائر بداخلها يلقى بحممه يشعلها تهم بالرد عليه ولكنه فى اقل من ثانية كان يختطف متعلقاته من فوق الطاولة ثم يغادر المكان فورا بخطوات سريعة وبجسده متصلب تسمع الباب الخارجى يغلق خلفه بعنف ارتجت له الجدران لتنهار قدميها ارضا قد اصبحت كالهلام يرتجف جسدها بالكامل تشعر بالبرد يتغلل اوصالها وهى تنظر للباب المغلق بعيون مذهولة تغسل الدموع وجهها ويمزقها عذاب خذلانه لها نعم فقد خذلها وخذل قلبها وجعلها تشعر كم هى قليلة له ولن تستطيع تتجاوز ماحدث منه ابدا.

بعد مرور عدة ايام على تلك الاحداث كانت تسير فى طريقها للمنزل بخطوات بطيئة وعقل شارد منشغل بالتفكير فيما حدث منذ يومين داخل المكتب وما تبعه من احداث وتوتر فى علاقتها معه وكيف اصبح كثير التعصب والغضب عليها لاصغر الامور تفضل تترك العمل باكرا عن موعدها كهدنة لها قبل ان تنفجر به بعد ان طفح بها الكيل منه ومن تعامله الحاد هذا معها لتقترب بخطواتها من المحل الخاص بانور ظاظا تمر من جواره ليتعالى صوت انور وقد وقف خارجه يناديها بصوت جهورى حاد.

: لامؤاخدة ياابلة سماح، كنت عاوزك فى كلمتين كده.

توقفت سماح وقد توتر كل عصب بها تسأله بتوجس وقلق
: انا يا معلم انور، خير فى ايه؟!

ابتسم لها انور بسماجة قائلا
: وده ينفع يا ابلة نتكلم فى الشارع، اتفضلى عندى المحل نقول الكلمتين.

اومأت له بالموافقة رغم صوت عقلها الذى يطالبها برفض طلبه تتقدم لداخل المحل خلفه يشير لها بالجلوس على احد المقاعد لكنها هزت رأسها بالرفض ليهتف انور بسخرية
: خلاص براحتك يا ابلة...

جلس هو فى احدى مقاعد يتطلع نحوها للحظات قائلا بعدها بصوت متهدج من الشوق الملتمع فى عينيه
: كنت عاوز اسألك عن فرح وازيها وازى اخبارها، بتشوفيها، حالها يعنى كويس ومبسوطة مع المخفى جوزها ولا...

هتفت به سماح بحدة تنهره توقفه عن اكمال الباقى من حديثه قائلة
: بقولك ايه يا معلم انور، شيل فرح من دماغك، ولو انت جيبنى هنا علشان تتكلم معايا فى الكلام الفارغ ده يبقى عن اذنك.

بالفعل استدارت للمغادرة ولكنه هب واقفا يمسك بمعصمها يوقفها عن الحركة يضغط باصابعه فوقه بقسوة وقد احتقن وجهه بالغضب يفح من بين اسنانه بغلظة
: على فين؟ انا لسه مخلصتش كلامى..

وقفت تنظر اليه برعب تلعن نفسها لاستجابتها له ودخولها هذا المكان وهى تحاول جذب يدها من بين قبضته المتشبثة بها بقوة كادت ان تدميها لترتفع ابتسامة شرسة على وجهه وقد شعر برعبها منه يكمل بتهديد
: متخلنيش ازعل منك بقى، وخليكى شاطرة كده وردى عليا عرفينى اللى عاوزه اصل انا زعلى وحش ومش هيعجبك اللى هعمله.

شحبت سماح بشدة تنظر اليه وقد تسمر جسدها من شدة خوفها منه لكنها حاولت التماسك والظهور امامه ثابتة برغم ارتجافها وخشيتها منه وهى تحاول البحث سريعا داخل عقلها عن مخرج لمأذقها هذا.

وقد كان فى هذه الاثناء صالح يمر بسيارته بجوار المحل يتخطاه لكنه عاود الرجوع للخلف مرة اخرى عند لمحه وجود سماح داخل المحل يرى تلك النظرة المرتعبة على وجهها وذلك الحقير يمسك بيدها ليندفع الدم الى رأسه يعميه الغضب يوقف سيارته فورا ويندفع لداخل المحل وهو يصرخ بغضب ووحشية فى انور
: سيب ادها يابن ال، انت مسكها كده ليه.

قفز انور الى خلف مرتعب يترك يد سماح على الفور هاتفا بجزع
: ابدا يا صالح باشا، دانا، دانا كنت عاوزة الابلة فى كلمتين.

تحدث صالح الى سماح ومازالت عينيه تقع فوق انور قائلا لها بهدوء شديد برغم احتقان وجهه وشراسة نظراته
: روحى انتى ياسماح وحسك عينك اشوف واقفة مع ابن ال، ده تانى.

اسرعت سماح تهز رأسها بالابجاب له ثم تفر من المكان باقدام مرتعشة تحمد الله لتدخل صالح فى الوقت المناسب فلولا تدخله لم تكن تعلم كيفية التصرف مع هذا المجنون بينما صالح يقترب من انور بخطوات بطيئة وعينيه تنطق بالشر يفح من اسنانه بكلمات غاضبة متمهلة
: اظن، يا انور، انى، نبهت عليك، قبل كده بدل المرة اتنين، بس الظاهر بقى ان علقة بتاعت المرة اللى فاتت وحشتك وقلت تجربها تانى.

كان انور يتراجع مذعور امام تقدم صالح البطيئ منه لكن وعند ارتطام ظهره بالحائط خلفه ادرك ان لا مفر امامه ولا طريق للهروب منه ليسرع هاتفا بشجاعة مزيفة كذبها شحوب وجهه وخوف عينيه
: جرى ايه ياصالح انت هتضربنى فى محلى ولا ايه الدنيا مش سايبة وفى حكومة فى البلد.

ضربه صالح فى كتفه بظهر يده بعنف قائلا بشراسة
: واضربك ادام الحارة كلها يا ظاظا واعلى ما فى خيلك اركبه، وعاوز اشوف اخرك ايه.

ووقف يتحداه بعينيه يستعد جسده للمعركة وقد تشددت كل عضلة به ليدرك انور انه هالك لا محالة قبل ان تقفز تلك فكرة الشيطانية الى عقله والتى قد يستطيع بها الهاء صالح عنه وعن فعلته يقلب بها الامور على من يدافع عنهم ليسرع قائلا بذعر مصطنع
: ااه ليك حق تعمل اكتر من كده، مانت مستقوى على الكل واولهم نسايبك اللى خايفين منك مش قادرين يفتحوا بقهم بعد ماعرفوا ببلوتك.

ادرك انه قد اخطأ فى حساباته فبدلا ان تلهيه كلماته الحمقاء تلك عنه زدات من اشعاله اكثر بعد ان قبض صالح فوق عنقه يكاد ان يزهق روحه وهو يسأله بفحيح
: تقصد ايه ببلوتى، ونسايب مين اللى بتتكلم عنهم.

حاول انور الفكاك من قبضته لكن زاد صالح من الضغط حتى احتقن وجهه بالدماء وجحظت عينيه تسود الرؤية امامه ليسرع فى اجابته بصوت بخنوق خافت هربا من طريق الموت
: نسيبك مليجى، جالى هنا و قالى، انك مش بتخلف، وانك متجوز فرح، علشان غلبانة وهتسكت وترضى تعيش معاك مع عيبك ده.

انحلت قبضة صالح ببط عن عنقه يتراجع للخلف بأهتزاز كالمصعوق بجسد متجمد ووجه شاحب كالموتى كما لو انه سحبت منه الحياة ينظر فى وجهه بعيون زجاجية باردة يتطلع بها نحوه للحظات جعلت من قدمى انور تتخبط مفاصلها وهو يرتجف رعبا حين عاود صالح التقدم نحوه بتهديد مرة اخرى خطوة واحدة ليدرك هذه المرة بانه هالك لا محالة لكن تجمد صالح للحظة عن الحركة مرة اخرى قبل ان يسرع بعدها ويغادر المكان فورا دون ان ينبس ببنت شفة ليسقط انور ارضا شاهقا بعنف طلبا للهواء وهو يدلك عنقه المكدوم قائلا بارتجاف وصوت متحشرج.

: ياسنة اسود عليك يا انور، انا ايه اللى هببته ده، كده الموضوع وسع منى وهروح فيه فى داهية.

نهض بتعب على قدميه يخرج هاتفه من داخل سرواله قائلا بتوتر
: لاا انا الحق بسرعة اتصل بمليجى الغبى وافهمه على الليلة قبل ما صالح يوصله، والا ساعتها هيقروا على روحى الفاتحة لو عرف ان بكدب عليه.

رفع هاتفه يتحدث به بلهجة امرة خشنة
: ايوه يا مليجى عوزك تجيلى حالا على الشقة اياها، عوزك فى مصلحة ليك فيها قرشين حلوين بس بسرعة يا مليجى متتأخرش عليا.

انهى الاتصال فور ترتفع ابتسامة خبيثة لشفتيه هامسا
: ومدام فيها قرشين مليجى يرمى نفسه فى النار، بس هى كل حاجة تمشى بالمظبوط وهبقى انا الكسبان.

استقلت فوق الفراش تنظر الى سقف الغرفة ساهمة بوجهها الشاحب وعيون مسهدة تحيط بها الهالات السوداء كدليل على ان النوم يجافيها من وقت رحيله فمنذ ثلاثة ايام وهو لم يأتى الى المنزل ولو حتى للحظة واحدة بعد ان تحجج لعائلته بحاجته للسفر الى احدى المدن لانهاء عدة اوراق خاصة بالجمارك ليصدق الجميع حجته هذه الا هى وقد علمت انها السبب فى رغبته هذه تستسلم فى النهاية للامر بعد ان حاولت عدة مرات الاتصال به كانت تسرع فيها لانهاء المكالمة قبل بدء هاتفه بالرنين فماذا ستقول له فقد كانت حتى تدرى بأى كلمة ستبدء حديثها معه فهى الى الان مازالت تحت تأثير صدمة ما اخبرها به، مازالت تشعر بألم خداعه واستهانته بها تعاود تذكر احداث ايامهم سويا تتذكر كل شيئ وكل مرة ذكرت فيها عشقها ورغبتها لانجاب طفل منه وكيف كان يتبدل حاله الى النقيض فى كل مرة ويصير شخصا اخر لا تعرفه يملأه الظلام والقسوة تخافه وتخشاه واقربهم ماحدث منذ عدة ايام وقسوته وعنفه فى التعامل معها فى علاقتهم الخاصة وقتها لم تفهم سبب تحوله ذاك اما الان فاصبح كل شيئ واضح لديها كوضح سبب زواجه منها بعد ان وجد بها ضالته ورأى فيها شخصية ضعيفة سترضى بما رفضته غيرها يوما ولا تستطيع قول لا.

برغم انها لا تنكر انه لو كان اعلمها منذ البداية بحقيقة الامر ما رفضت ابدا ان تربط حياتها به ولم تكن ستهتم بشيئ اخر سواه فى العالم كله
لكنها والى الان مازالت تتخبط داخل تلك دوامة والتى ابتلعتها داخلها ولا تدرى لها نهاية لذا استسلمت لامر ولم تحاول مرة اخرى الاتصال به تقنع نفسها انه من الافضل لهم الابتعاد لفترة لعل تهدء فيها نفوسهم وتتضح لها وله رؤية الاشياء بعدها.

زفرت بحزن تغمض عينيها بتعب للحظات لم يرحمها فيها التفكير حتى تعال صوت رنين هاتفها لتسرع فى الاعتدال فى جالسة تختطف الهاتف وقلبها يرتجف بين جنباتها بتوقع وامل وهى تنظر الى هوية المتصل لكن سرعان ما تحولت الى خيبة امل عند رؤية لاسم شقيقتها لتفتح الاتصال تجيبها بمهود تلقى عليها السلام لتتحدث سماح فورا بعدها قائلة
: بت جوزك رجع النهاردة، وكان...

قاطعتها فرح بلهفة وسعادة
: بجد ياسماح، شوفتيه فين، طيب حاله عامل ايه، طيب هو كويس ياسماح؟!

اسرعت سماح تجيبها تحاول تطمئنتها قائلة بصوت مشفق
: كويس ياقلب اختك متقلقيش عليه، هو بس...

تقطع صوتها تصمت عن الحديث بعدها لتسألها فرح بقلق
: هو ايه ياسماح، كملى متقلقنيش.

ازدردت سماح لعابها بصعوبة وتردد قبل ان تقص عليها ماحدث منذ قليل فكانت اثناء حديثها تفور دماء فرح بالغضب حتى انتهت سماح لتسألها بقلق تقاطعها حين اتت على ذكر صالح وحضوره للمكان تهتف بجزع
: نهار اسود، وعمل فيه حاجة يابت، اكيد ضربه، انا كنت عارفة ان الزفت ده مش هيرتاح الا لما صالح يطلع روحه فى اديه
ظلمها عشقاً بقلم ايمى نور
اجابتها سماح بتأكيد.

: هو اللى كان يشوف شكل جوزك وهو داخل المحل يقول هرتكب جناية بس متخفيش محصلش حاجة انا متحركتش غير لما جوزك خرج من عند المخفى ده واطمنت عليه..

وضعت فرح يدها فوق صدرها زافرة براحة بينما سماح تكمل بقلق وخوف
: بس يابت انا خايفة من المخفى انور ده، بقت عنيه قادرة علينا ومبقاش بيهمه حد.

ارتفع غضب فرح يعميها وهى تصرخ بصوت حاد وعنيف
: لاا على نفسه، دانا افضحه ادام الحارة كلها، هو فاكر ايه، علشان غلابة وملناش ضهر هنسكت، لا يصحى ويفوق، الا وربى اعرفه مقامه.

ارتفع صوتها يهز ارجاء الغرفة فيصل صراخها لذلك الواقف على بابها وقد غادر عقله المنطق والتعقل يتشدد فكه بصلابة وقد تشكلت يديه الى قبضات يحنى راسه بأهتياج وصدره يرتفع صعودا وهبوطا بعنف وغضب مكبوت وقد عاودته ذكرى اخرى قد سمع فيها لكلمات مشابهة لكلماتها تلك.

بعد مرور اكثر من ساعة حاول فيها اقناع مليجى بما يريده منه بعد ان قص عليه ماحدث فى محله وحديثه المتهور مع صالح اخذ انور ينظر اليه وهو يجوب الغرفة بعصبية وقلق قبل ان يلتفت اليه هاتفا
: بس كده يا برنس انت بتحطنى فى وش المدفع، وصالح لو عرف بالليلة دى قليل لو ما ولع فيا وسط الحارة.

نهض انور على قدميه مقترب منه قائلا بهدوء واقناع
: وصالح هيوصل ليك ازى، متخفش انت تسمع بس الكلام وتقعد هنا الفترة دى ومتتحركش، وليك عليا ياسيدى اكلك وشربك ومزاجك يوصل لحد عند كل يوم، ده غير القرشين الحلوين اللى هيدفوا جيبك.

ظهر الترد فوق وجهه مليجى للحظة تطلع فيها اليه انور بلهفة وامل قبل ان يهز مليحى رأسه بالرفض قائلا بخوف
: لاا ياعم ياروح ما بعدك روح، بعدين هو صالح هتعدى عليه كده، بعدين زمان البت فرح عرفته انى ولا اعرف حاجة عن الليلة دى كلها.

انور بصوت مقنع ملح
: واحنا مالنا ومال فرح دلوقت، وبعدين تفتكر لو بنت اختك عارفة حاجة عن الموضوع ده و كانت هتبقى عادى كده اكيد طبعا متعرفش، يبقى انت عرفت من بره الكلام ده وجيت فضفت مع اخوك وحبيبك انور من كتر الهم والحزن اللى كان على قلبك علشان بنت اختك وحالها، ها قلت ايه.

همهم مليجى بصوت خافت محتقر
: وانور اخويا وحبيبى طلع واطى وجبان ودانى فى داهية علشان يخلص نفسه هو.

سأله انور عما يقول بحيرة ليسرع مليجى بتمالك نفسه وقد حسابها ووجد انه فى كلتا الحالتين تورط بالامر فأن وافق وضع نفسه تحت رحمة صالح وان رفض فلن يتركه انور الا بعد ان يجعله يدفع ثمن رفضه لطلبه هذا لذا فليختار من بين الامرين ما سيجعله يخرج رابح مستفيد منه لذا تنفس بعمق يجيب انور بحزم وثبات
: موافق يا برنس، بس الاول اعرف هطلع من الليلة دى بكام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة