قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثالث عشر

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثالث عشر

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثالث عشر

جلست معه على طاولة الطعام تتلاعب بطعامها بشرود وعقل فى دوامة من التفكير غير واعية لنظراته المهتمة والمنصبة عليها لا تسمع من حديثه معها شيئا حتى نداها بصوت رقيق قائلا
: فرح، انا بكلمك، روحتى فين؟!

رفعت نظراتها الشاردة له هامسة بأعتذار
: معلش مسمعتش، كنت عاوز حاجة؟!

صالح ومازالت ابتسامته الرقيقة على حالها
: كنت بقولك تعملى حسابك بعد الاكل هنقوم انا وانتى علشان نفضى دولاب اوضة النوم سوا.

توترت فى جلستها تنظر اليه تسأله بحذر
: ليه، ايه السبب؟!

نهض صالح من مقعده قائلا بهدوء
: حسن والعمال طالعين كمان شوية علشان يفكوا الاوضة خالص، علشان الاوضة الجديدة على وصول.

كان فى طريقه للغرفة لكنه توقف يلتفت اليها مرة اخرى قائلا بطريقة عرضية
: اه وبعد ما نخلص عاوزك تنزلى عند امى تحت متطلعيش غير لما ابعتلك.

اغلقت عينيها تتنفس بعمق وهى تحاول بث الفرحة بداخلها لما اخبرها به لكنها لم تجد تأثير يذكر بأخباره تلك لذا حين تحدثت اليه كان صوتها مضطرب مرتجف
: ملهاش لازمة تغير حاجة ياصالح، الاوضة كويسة وعجبانى.

تسمر مكانه بعد كلماتها تلك يلتفت اليها ببطء وبجسد متحفز مشدود قائلا ببرود وصوت جليدى
: ولما هى كويسة وعجباكى، بقالك ليلتين ليه بتنامى فى اوضة تانية.

ساد الصمت بعد سؤاله هذا لا تجد اجابة تستطيع بها شرح ما يحدث معها ولا هذا الجمود الذى اصبح يلازمها منذ هذا اليوم المشئوم، لكنه ظل مكانه منتظرا منها اجابة لسؤاله وحين طال صمتها عليه تحدث بصوت حاد امر
: خلصى اكلك، وانزلى على طول ومتطلعيش الا لما ابعتلك تانى.

غادرا فورا يدخل غرفة النوم يغلق بابها خلفه بقوة تدل على شدة غضبه لكنها لم تهتز لها بل وقفت ببطء تلملم بقايا طعامهم والصحون تتجه بها للمطبخ فما فائدة الشرح او التوضيح اذا كانت لا تستطيع البوح بما يؤلمها له وسؤاله هذا السؤال والذى يحترق لسانها لنطق به
: هل تحبها؟ أمازالت راغباً بها؟
لكنها فأرة جبانة مرتعشة معه تفضل الاختباء عن المواجهة والمصارحة.

وقفت امام الحوض تجلى الاطباق بحركات رتيبة بطيئة لكن سرعان ماالقت بهم داخل الحوض بعنف ثم تستند بكفيها فوقه تحاول التنفس بعمق فى محاولة لابعاد غصات البكاء والتى كادت ان تخنقها غافلة تماما عن دخوله ووقفه امام الباب يتابعها لبرهة قبل ان يتقدم ناحيتها واضعا ذراعه حول خصرها يجذبها اليه وهو يقبل عنقها هامسا بأسف.

: انا عارف انك عندك حق فى كل اللى بتعمليه، وانك مش قادرة تنسى اللى حصل، بس بحلفلك تانى انها غلطة منى مش اكتر.

ادارها بين ذراعيه حتى تواجه عينيه لكنه صدم لمرأى عيونها المغلقة بشدة ودموعها المنهمرة بصمت تغرق وجهها ليزفر بحدة قائلا بعدم تصديق ذاهل
: ليه كل ده يا بنت الحلال بتعملى فى نفسك كده ليه، دى كانت ذلة لسان منى مش اكتر، اعمل ايه علشان تصدقينى، ولا انت غاوية تنكدى على نفسك وعليا.

فتحت عينيها تتطلع اليه بألم هامسة وقد طفح بها الكيل ولم تعد تحتمل الصمت طويلا بعد الان ولا لومه لها كأنها تحب ان تفتعل المشاكل بينهم
: لا مش ذلة لسان يا صالح، انا وانت عارفين كده كويس.

ضربته فوق صدره بقبضتيها بغضب وعنف تبكى بشهقات عالية تفرغ كل احباطها والمها عليه صارخة
: انت لسه بتحبها، ولسه عاوزها، انا عارفة ده كويس.

امسك بقبضتيها يوقفها عن ضربه ثم يلف ذراعيها حول خصره يجذبها نحوه حتى التصقت به تماما بينما اصابعه مازالت تحتجز قبضتيها بينهم خلف ظهره يضغط عليهما وهو ينحنى براسه عليها وعينيه تقسو نظراتهم قائلا ببطء حاد ونبرة قاسية
: مش شايفة انك زودتيها، وان الموضوع اخد اكبر من حجمه.

رفعت عيونها الباكية اليه تهتف بقسوة هى الاخرى
: لا مش شايفة كده، وبعدين نروح بعيد ليه، احنا نخلى الادوار معكوسة وجيت انا فى يوم وناديت عليك بأسم واحد تانى كنت هتعمل ايه سا...

لم يدعها تكمل يقاطعها بشراسة ويديه تزيد من ضغطهم فوق يديها حتى كاد ان يحطمها بينهم
: كنت قتلتك فى ساعتها...

اتسعت عينيها تتسارع خفقات قلبها بقوة وهى ترى كل هذا الوحشية والشراسة فى رده لمجرد سؤالها لكن ماجعلها ترتجف بخوف وهى تتراجع عنه الى الخلف تتسع عينيها برهبة عندما انحنى عليها اكثر وهو يكمل ضاغطا على كل حرف ينطق به كأنه اراد ان يصلها معنى كلماته جيدا وتحفر عميقا داخل عقلها قائلا
: انت بتاعتى، مراتى، يوم ما لسانك ينطق بأسم راجل غيرى اقطعهولك.

فتحت شفتيها تهم بالرد عليه لمعارضته رغم الاضطراب والخوف بداخلها لكنها تراجعت حين اتسعت عينيه بتحذير يفح من بين انفاسه بحدة
: مش عاوز تانى كلام فى الموضوع ده، وشوفى بقى علشان نقفل الكلام فيه خالص...

ترك يديها من بين قبضته ببطء مبتعداً عنها يتراجع للخلف يستند الى الحوض عاقداً ذراعيه فوق صدره يقف يراقبها للحظات وهى تقوم بفرك كفيها بألم من اثر اعتصاره لهم وعينيها تتطلع اليه برهبة وقلق تخشى ماهو ات تتمنى الفرار هاربة من امامه لكنها اجبرت نفسها على الوقوف بثبات فى انتظار حديثه حتى ولو كان سيحمل لها الحزن وتعاستها الابدية ترتجف بشدة حين زفر بقوة قائلا بعدها ببطء وتأكيد.

: شوفى من الاخر كده، امانى وحكايتها صفحة واتقفلت، ويمكن كمان قطعتها ورمتها ورا ضهرى، ومن يوم ما دخلتى انتى بيتى وانا مفيش فى تفكيرى ولا فى...

صمت زافرا مرة اخرى يظهر التردد والحيرة على وجهه لكنها اسرعت تسأله بلهفة والحاح ودون خجل تحركها مشاعرها
: وايه يا صالح، وايه كمل.

وقف يتطلع اليها وجهه يحمل تردده وخوفه فأن نطقها الان لا رجعة للوراء مرة اخرى يخيفه لو اخبرها بأنه الذائب عشقاً بها سوف يعطيها السطوة على قلبه وروحه وتقوم بالعبث به وبمشاعره بعد علمها الحقيقه مثلما حدث له من قبل، لكن مع فارق كبير هذه المرة وهو ان الاخرى لم يكن لها سلطان على قلبه مثلما تملك هى.

لذا احتدت نظراته عليها ينظر اليها بثبات رغم المه لنظرة الرجاء فى عينيها له يتجاهل ما كاد ان يعترف به لها قائلا بحزم
: من الاخر يافرح، زى مانا رميت كل حاجة ورا ضهرى من يوم جوازنا، انتى كمان يا بنت الناس تعملى كده علشان نقدر انا وانت نكمل حياتنا سوا، وانسى يا فرح زى مانا نسيت.

انهى حديثه يغادرا فورا المكان بينما وقفت هى يتردد صدى كلماته بقلبها قبل عقلها تحاول استعاب ما حاول ايصاله لها لعلها تهدىء من تلك النار التى تكويها دون رحمة.

: فهمتى يا سماح الشغل ماشى ازى هنا.

هزت رأسها له بالايجاب فورا وابتسامة فرح تنير وجهها قائلة
: طبعا يا استاذ عادل، انا مكنتش فاكرة ان الموضوع سهل كده.

تراجع عادل فى مقعده يبتسم لها برفق ونظرة اعجاب تظلل عينيه قائلا
: لاا هو مش سهل، انتى اللى ذكية وعاوزة تعرفى كل حاجة وبتتعلميها بسرعة. الخوف بقى بعد ما تتعلمى تغطى علينا ويبقاش لينا جنبك مكان بعد كده.

ضحكت سماح بسعادة قائلة تمازحه هى الاخرى قائلة بثقة
: لاا متخفش هبقى اشوفلك شغلانة معايا وماهو المكتب باسمك برضه.

ضحك عادل هو الاخر يتردد صدى ضحكاتهم فى المكان حتى دوى صوت حاد قاسى يقاطعهم وقد وقفت ياسمين امام الباب تتطلع اليهم بغل وغيرة قاتلة
: ما شاء الله، الهانم واقفة هنا تضحك وتهزر وسايبة المكتب بره لوحده.

تقدمت الى الداخل ترمق سماح بتعالى من اسفلها الى اعلاها قائلة بتكبر
: اطلعى يلا يا شاطرة اقعدى مكانك، المكتب عليه ورق وملفات وممكن حد ياخد حاجة منهم من غير ما تحسى.

ارتبكت سماح تشعر بالحرج والاهانة من طريقة حديثها معها تسرع بالاستئذان تخرج من المكتب فورا معتذرة ثم تغلق خلفها الباب لينهض عادل واقفا يهتف بحدة
: ايه اللى عملتيه ده، بتكلميها بالطريقة دى ازى كده ادامى.

اقتربت ياسمين تضع كفيها فوق مكتبه تستند عليه تميل لامام هاتفة بعضب وغيظ
: وعوزنى اكلمها ازى ياسى عادل. وانت وهى شغالين ضحك وهزار ولا كأنه مكان شغل.

زفر عادل بنفاذ صبر يجلس مكانه ولم يعد لديه الطاقة لمجادلة اخرى معها يسألها بحدة
: جاية ليه ياياسمين، ايه اللى جابك على الصبح كده.

ضربت ياسمين بكفيها فوق المكتب صارخة بغضب
: انت بتكلمنى كده ليه؟ ايه مكنتش عاوزنى اجى واشوف المسخرة اللى بتحصل هنا ولا ايه يا عادل بيه.

نهض عادل صارخا هو الاخر بحدة وغضب اعمى وقد طفح به الكيل
: انتى اتجننتى ولا ايه حكايتك على الصبح، فى ايه اتعدلى فى كلامك معايا.

انكمشت ياسمين على نفسها وقد علمت انها اوصلته للحافة تتراجع خوفا من عواقب تجربة اخرى قريبة قائلة باعتذار وصوت اسف
: اسفة يا عادل والله، انا كنت جاية اشوفك علشان وحشتنى، ومقدرتش اسكت وانا شايفة البت دى بتتمايص عليك بالشكل ده، انت عارف انا بغير عليك اد ايه.

صرخ عادل بها محذرا بغضب وحدة لتهتف سريعاً
: خلاص اسفة والله متزعلش منى، مش هتكلم كده تانى.

ضغط عادل فوق شفتيه زافرا بعمق قائلا بنفاذ صبر
: خلصنا يا ياسمين ومرة تانية متجيش المكتب غير لما تعرفينى ده مكان شغل مش سينما ولا كافية تتسلى فيه كل ما تحسى بزهق.

هزت له رأسها بالموافقة رغم نيران غضبها المشتعلة التى تفور وتغلى بداخلها لكنها حين تحدثت جاء صوتها هادئ مستكين
: حاضر يا حبيبى اللى تقول عليه هعمله بس المهم انت متزعلش منى.

هز عادل لها راسه قائلا باقتضاب
: خلاص ياياسمين حصل خير، ، وياريت وانتى خارجة تعتذرى لسماح على اللى حصل من شوية وعلى اسلوبك معاها.

احتقن وجهها بشدة لكنها اومأت له مؤكدة بأبتسامة صفراء على شفتيها
: حاضر اللى تشوفه ياحبيبى، المهم انت تكون مبسوط منى، انا همشى دلوقت، وهستناك بليل علشان نخرج.

اومأ لها برأسه دون حماس لتتسع ابتسامتها له قبل ان تلتفت مغادرة تختفى فورا تلك الابتسامة عن وجهها وعينيها تلتمع بالغل والشراسة تخرج من الباب تغلقه خلفها ثم تسير بأتجاه سماح وتتوقف على بعدة خطوتين منها تتابعها لبرهة بتفكير واهتمام وهى تراها تقوم بترتيب عدة اوراق امامها بشرود وايدى مرتعشة ووجه شديد الشحوب لتسرع ياسمين برسم ابتسامة فوق شفتيها مقتربة منها هاتفة.

: اوعى يا سماح تكونى زعلتى منى، انتى عارفة انا بحبك اد ايه وخايفة عليكى وعلى شغل المكتب.

تركت سماح ما بيدها تنهض عن مقعدها قائلا بهدوء ورسمية
: لا ابدا يا انسة ياسمين انا مش زعلانة خالص.

ياسمين وهى تجلس امامها فوق حافة المكتب قائلة بعتب
: ايه انسة دى، دانا لسه بقولك احنا اخوات، ولا انتى بقى لسه زعلانة منى.

هزت سماح رأسها بالنفى ومازالت تلك الابتسامة المغتصبة فوق شفتيها لتكمل ياسمين وهى تنهض واقفة مرة اخرى
: طيب ياحبيبتى اسيبك لشغلك بقى واروح انا، بس لو ممكن كوباية ماية قبل ما امشى، معلش هتعبك معايا.

رسمت الحرج والاعتذار على وجهها وهى تراقب سماح والتى اسرعت لتلبية طلبها حتى اختفت عن انظارها لتسرع بالبحث سريعا فوق الاوراق الموضوعة فوق المكتب تلتمع عينيها بالانتصار حين وجدت مبتغاها فى ورقة منهم اسرعت بطيها واخفائها داخل حقيبتها قبل عودة سماح والتى عادت بعد لحظات تحمل كوب المياة تناولها اياه فأرتشفت منه سريعا قائلة بعدها بتعجل وهى تغادر فورا
: شكرا يا حبيبتى، اشوفك بعدين بقى.

راقبت سماح مغادرتها السريعة هذه تهز كتفها بحيرة قائلة
: ايه البت المروشة دى، الله يكون فى عونه بيتعامل معاها ازى دى، وهى كل ساعة بحال.

جلست مكانها تلوى شفتيها قائلة بلا مبالاة
: وانا مالى، كفاية عليا الهم اللى انا فيه مش ناقصة التفكير فى هم غيرى.

وقفت امام باب الغرفة مترددة ودقات قلبها راجفة بخوف لكنها تنفست بعمق تدفع عنها شعورها هذا بعيدا فبعد حديثه الاخير لها لن تترك بعد الان الفرصة لهواجسها او تلك الكلمات التى صبت فى اذانها ان تخرب عليها حلم صباها فكما قال منذ قليل هى الان زوجته الوحيدة، هى فقط ولا احد غيرها وطلما هو اراد رمى الماضى ورائهم والمضى قدما معها فى حياتهم فلما لا تفعل هى الاخرى ذلك وكفاها تصرفات طفولية حمقاء معه لذا وبخطوات شجاعة تقدمت الى الداخل تراه وقد شرع فى انزال الحقائب ويقوم بوضع الملابس الخاصة به داخلها ليتوقف قلبها هلعا ظنا منها انه سيغادر تاركا لها المكان لكنها عاودت التنفس براحة حين رأته يقوم برفع حقيبة اخرى ويقوم بوضع ملابسها هى الاخرى به تتذكر حديثه عن تغير الغرفة لتهب متحركة من مكانها بأتجاهه قائلة بلهفة.

: سبيها يا صالح انا هوضبها، وارتاح انت.

توقفت حركته حين امسكت من يده قطعة الملابس يتطلع اليها بتفكير بينما وقفت هى مبتسمة برقة له حتى تركها اخيرا تتولى هى الامر يجلس فوق الفراش ثم يقوم باشعال احدى سجائره يسود الصمت المكان حتى قطعته بصوتها المتردد اللاهث قائلة له وهى منخفضة الوجه تولى اهتمامها لقطعة الملابس بين ايديها المرتعشة
: صالح، كنت عاوزة اقولك ان بجد الاوضة حلوة وانا مش مضايقة منها كل الحكاية انى بس...

قاطعها صالح بصوت حازم قوى لا يقبل بالمناقشة
: وانا قلت هتتغير، العفش كله هغيره، بس لما اقدر انزل، انما دلوقت اوضة النوم دى لازم تتغير اول حاجة، والنهاردة.

وقف يطفئ سجارته بعصبية ثم يتجه ناحية الباب يكمل قائلا بتعجل
: خلصى يلا علشان تنزلى قبل العمال ما تطلع هنا، وانا هنزل اشوف الحاجة وصلت ولا لسه.

تركت ما بيدها تسرع فى اتجاهه تسد عنه الطريق قائلة بلهفة وقلق
: تنزل فين، ورجلك وجرحك؟!

تأملها وعيونه تمر بنعومة فوق ملامحها القلقة قبل ان يبتسم لها برقة قائلا
: متخفيش، دقايق وهطلع تانى.

هزت رأسها له بالرفض قائلة وهى تقترب منه تلصق نفسها به تلف خصره بذراعيها بحركة عفوية منها قائلة برجاء
: بلاش علشان خاطرى ياصالح، خليك معايا هنا متنزلش، وبعدين مين هيساعدى علشان اخلص بسرعة، لو انت نزلت مش هعرف اخلص حاجة لوحدى.

التمعت عينه تتسع بسمته وهو يحنى رأسه عليها يهمس بخبث مرح يلف ذراعيه هو الاخر حولها يزيد من الصاقها به
: ماهو انا نزلت منزلتش، كده كده مش هتخلصى حاجة، ها قلتى ايه.

ارتجف جسدها ينتفض بشدة برفض رغما عنها وقد ادركت ما يخيرها به بكلماته لكنها اسرعت بتمالك نفسها تلعن نفسها على تراجعها المخزى هذا برغم كل ماحدثت نفسها به منذ قليل تهم بالرد عليه بمزاح اخر لكن الاوان قد فات فقد شعر بأرتعاشة جسدها الرافضة قبل ان يبتعد عنها وهو يحل ذراعيها من حوله مبتعدا عنها قائلا بأبتسامة باهتة
: انا هنزل ولما تخلصى رنى عليا عرفينى.

بالفعل تركها مغادرا تقف مكانها متجمدة لكن يأتى صوت قلبها المتوسل كصفعة منبهة لها وهو يناديها الا تدعه يغادر والا حينها ستسوء الامور بينهم الى الابد ولن ينفع بعدها الندم ابدا لتجد نفسها ودون ان تمهل نفسها لحظة للتفكير او التردد تناديه قبل لحظة من خروجه من باب الغرفة ليلتفت لها بتساؤل فتخفض عينيها ارضا وقد اشتعلت وجنتيها خجلا مما هى مقدمة عليه هامسة
: كنت عوزاك قبل ما تنزل، تشيلنى ترفعى...

هربت من عينيه ونظراته المشتعلة فوقها تلتفت ناحية الخزانة تشير اليها وهى تكمل بتلعثم وارتباك
: علشان بس اطول الرف اللى هناك ده بس لو مستعجل انا ممكن...

شهقت بصدمة حين وجدت نفسها ترفع فى الهواء قبل ان تحط بين ذراعيه صارخة بأسمه توقفه ليهتف بها
: لااا مانت ترسى على رأى اشيل، ولا انزل، اخلصى مش هنفضل فى الحيرة دى كتير الرجالة زمانها على وصول.

لفت ذراعيها حول عنقه تتعلق به تدس وجهها به خجلا قائلة بصوت مكتوم
: اللى تشوفه انت بقى، انا مش هتكلم تانى.

صالح وهو يتجه بها ناحية الفراش تتألق عينيه بالشغف قائلا ببطء وصوته يرتجف شوقا لها
: احسن حتى علشان اعرف اركز، اصل موضوع الشيل ده محتاج تركيز اوووى.

ضحكت ضحكة صاخبة سرعان ما اختفت حين شعرت بجسدها يحط فوق الفراش وجسدها يتوتر فورا يتلاشى استرخائها فى الحال ولكنها اسرعت تتصنع الابتسام حين رأت توقف صالح وتحديقه بها قبل ان ينحنى على وجنتها يلثمها برقة هامسا
: لو مضايقة من هنا احنا ممكن نروح...

هزت رأسها برفض قاطع تلف عنقه بذراعها تجذبه لها وعينيها تشتعل بتحدى كان لها قبل ان يكون لاحد اخر تبادر لاول مرة بالقيام بالخطوة الاولى تقبله بشفاه مرتعشة وبمبادرة خجلة اشعلت اللهيب به ينسى معها وبها العالم وكل ما يحيط به الا احساسه وشوقه لها تغلى دمائه وضربات قلبه تتعال بصخب استجابة لها هامسة بعد ابتعادها البطىء عنه وسرقتها لانفاسه.

: لااا، هنا او هناك ده بيتنا، لينا لوحدنا، انا وانت وبس، مش كده يا صالح؟

ارتعش جسده بأكمله وجاءت اجابته عليها بهدير قوى وهو يرفعها اليه حتى تلتقى شفاههما فى لقاء سرق منهم الانفس يذهبا معا الى جنة حقيقة اشتاقا لها طويلا...

بعد حين جلست داخل المطبخ الخاص بوالدة زوجها عينيها شاردة للبعيد وابتسامة حالمة مرحة على وجهها وهى تتذكر تفاصيل لقائهم وتلهفهم لبعضهم البعض حتى سرقهم الوقت يعودا الى ارض الواقع من جنتهم على صوت رنين هاتف صالح ليهب جالسا قائلا بارتبارك
: ده حسن اللى بيتصل، انا نسيته خالص.

نهض عن الفراش يلملم ملابسهم المتناثرة ارضا بتعجل وارتبارك لكنه توقف حين صدر عنها ضحكة مرحة متدللة ليرفع عينيه هاتفا وهو يبتسم بأستهجان مصطنع
: لا وحياة ابوكى، مش وقته خالص، قومى كده بسرعة و خدى دش وانزلى عند امى حالا، الرجالة زمانها طالعة.

نهضت عن الفراش ببطء وهى تلملم حول جسدها شرشف الفراش ترفع حاجبها بخبث وابتسامة متحدية تسأله
: طب وباقى الحاجة اللى لسه فى الدولاب؟!

صالح بتعجل وعينيه تدور حوله فى ارجاء الغرفة
: ملكيش دعوة، انا هخلص كل حاجة، بس يلا بقى يافرح.

هزت رأسها لها بالموافقة تسير امام عينيه المحدقة بها ناحية خزانتها تلتقط من داخلها بعض الملابس لها وهى تضغط فوق شفتيها بقوة تمنع نفسها من الانفجار بالضحك وهى تسمعه يتمتم بحنق لنفسه
: يعنى كان خلاص حكمت النهاردة الشيل والحط هنا وهناك، هركز انا بس ازى دلوقت..

ليهتف بها بعدها يكمل برجاء
: يلا يافرح انجزى الا والله اتصل ارجعهم من مطرح ما جم ويحصل زى ما يحصل.

سارت ببطء بعد انتهائها حتى وقفت امامه تهز كتفها بلا مبالاة قائلة له بدلع ونظرات تدلل
: طيب ما تتصل، هو انا هقولك لا، ولا حتى اقدر امنعك.

القت بكلماتها تسير بهدوء تحت انظاره الذاهلة ليهتف صالح بذهول لها وعينيه متسعة بانبهار
: بت يا فرح حصلك ايه، معقولة كل ده تأثير تغير الاوضة، لا لو كان كده كنت يارتنى عملتها من زمان
...
اشتعلت وجنتيها تعود الى حاضرها حين تحدثت انصاف قائلة براحة
: احنا خلصنا الاكل كله اهو، على الله هما كمان يخلصوا علشان نغدى العمال.

قضمت سمر قطعة الجزر باسنانها قائلة بضيق
: مش فاهمة كانت لازمتها ايه الهدة دى، مالها اوضة النوم بتاعت صالح علشان عاوز يغيرها، ولا هى مصاريف على الفاضى وخلاص.

نظرت انصاف الى فرح الصامتة لكن كان وجهها يعبر عن ضيقها من حديث سمر الخالى من الذوق مبتسمة لها ثم التفتت الى سمر قائلة بحدة وحزم
: براحتهم ياسمر فلوسهم وشقتهم وهما احرار فيها، زى مانت ليكى شقتك تعملى فيها اللى يريحك ومحدش هيقولك بتعملى ايه.

اعتدلت سمر جالسة فورا تعدل من طريقة حديثها قائلة
: طبعا يا خالتى، انا بس خايفة على صالح ده لسه جرحه ملمش وده ارهاق عليه برضه.

: متشكر اووى على خوفك ده يا مرات اخويا، بس ياريت توفريه لحسن احسن، انا عندى اللى يخاف عليا.

قالها صالح بهدوء وهو يدلف الى داخل المطبخ بجسده الفارع وحضوره المهيب يلتفت الى فرح يغمزها بعينيه بشقاوة وهو يكمل بخبث
: مش كده ولا ايه يلى عندى؟

اخفضت وجهها بخجلا بعيد عنه لكنه لم يستسلم يقترب منها يمسك بكفها يشدها حتى تقف ثم ينحنى عليها هامسا
: تصدقى معرفتكيش انا كده، اومال راح فين البطل اللى كان فوق من شوية.

ضربت كتفه بقوة تنهره بارتباك لتضحك انصاف تهتف بسعادة تدعى لهم بالسعادة والهناء والابتسامة تنير وجهها اما سمر فقد جلست تقطم حبة الجزر التى بيدها بغيظ وغل تتابع ما يحدث امامها بوجهه محتقن وهى ترى صالح يجذب فرح خلفه مستأذنا منهم حتى يريها غرفتهم الجديدة لكن يأتى هتاف انصاف وهى تهرع خلفه قائلة بلهفة
: طيب والغدا، مش هتتغدى انت ومراتك قبل ما تطلعوا.

انحنى عليها يهمس بشيئ جعل ضحكة انصاف تدوى عاليا بصخب وهى تدفعه فى كتفه قائلة بتعب مصطنع
: ياواد اتلم عيب، انت عيارك فلت خلاص.

قبلها صالح برقة يشير الى فرح المرتبكة والمشتعلة خجلا مغيظا اياها قائلا
: البت دى هى المسئولة عن اللى بيحصل فى ابنك ياما خديلى حقى منها.

اسرعت فرح تهتف بجزع وعيونها متسعة بذهولا
: والله ابدا يا ماما ده هو، هو.

مال صالح نحوها متقربا منها سائلا اياها بخبث جعلها تضغط فوق شفتيها خجلا
: ايوه هو ايه بقى بالظبط، ولا اقولك تعالى فوق نشوف الموضوع ده.

جذبها معها معه يغادرا فورا بعد ان القى بتحية سريعة الى والدته والتى ظلت تتابعهم مبتسمة بفرحة وسعادة تشع من عينيها ثم التفتت الى سمر قائلة
: يلا بينا احنا يا سمر، نحط الغدا للعمال، اتصلى بحسن خليه يطلعهم.

نهضت سمر تقضم جذرة اخرى قائلة
: من عينيا حاضر يا خالتى.

ثم تكمل هامسة بغل وجهها يحتقن بدماء الغيظ والحقد
: ماهى الامور شغالة كده فى البيت ده، ناس تطبخ وتجهز، وناس تيجى تاكل الطبخة على الجاهز، بس هقول ايه الصبر حلو برضه وكل حاجة وليها اخر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة