قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السابع والعشرون

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السابع والعشرون

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السابع والعشرون

الكتاب! هل تعرفين شيئا عن الكتاب الذي كان عادل يستعمله سأل معاذ بحيرة محاولا اخراجها من حالة الشرود التي بدات تسيطر عليها من جديد.
حركت رأسها لتنظر نحوه عيناها تلألأتا ببريق غريب مسحة من الألم عبرت ملامها الشفافة قبل ان تستعيد برودها
لتنظر الى أمين الذي شحب لونه فجأة لتقول بصوت خرج حانقا قريبا الى الصراخ
اخبره امين اخبره أي كتاب ملعون كان بحوزتك.

ظل أمين واجما يتأملها وكأنه فقد القدرة على النطق لتشيح بوجهها مرة اخرى متأملة وجه معاذ المشدود لتقول بهدوء ارعبه: الكتاب الذي دمر حياتي وقتل عادل كان كتاب شمس المعارف الكبرى.
تحولت نظرة الذهول الى امتعاض شديد وهو يقلب عينيه بين امين الذاهل ومنار الحانقة اخيرا وجد صوته ليقول باستنكار:
لكن كيف كيف تمكنت من الحصول على هذا الكتاب، هذا فعليا شيء مستحيل فالكتاب فقد منذ سنوات طويلة وكل نسخه محرفة.

ظل امين ينظر الى صديقه علامات الارتباك بادية على وجهه اخيرا قرر الكلام فلم يعد هنالك جدوى من اخفاء الأمر: الكتاب الذي كان بحوزتي هو الكتاب الأصلي. منذ قرون عديدة ظلت اجيال من عائلتي تتوارث الكتاب.

هذا الكتاب كان مصدر قوة كبيرة بسببه كانت عائلتي تملك الكثير من النفوذ والمال. لكن والدي لم يحب السحر يوما ولم يكن يريد الاستمرار. كانت لديه فكرة غريبة حول ان هذه المخلوقات لا يمكنها ان تعطي بكل هذا السخاء دون ان تطلب مقابلا وبالتأكيد هو كان رافضا تقديم أي مقابل خصوصا النوع الذي كانوا يرغبون به. لذلك بعد ان توفي جدي قرر ابي ان يخفي الكتاب الى الأبد وحتى مع المحاولات الحثيثة لأبناء عمومتي للحصول عليه ورغم الاغراء المادي والعروض التي يسيل لها اللعاب التي عرضت علينا لم يرضخ ابي يوما للاغراء بل على العكس كانت تزيده ثقة في انه فعل الصواب حين قام باخفاءه. تنفس أمين بقوة وكأن الذكريات تؤلمه. كادت الأمور تعود الى طبيعتها وكنا قد نسينا أمره تماما. الى ان فوجئنا بمرض والدتي والتي ظهرت عليها أعراض غريبة عجز الطب عن تفسيرها كنت في اولى سنواتي بالجامعة. كنت استيقظ كل ليلة على صراخ امي لأجدها وهي تنزف الدماء وتصرخ ممزقة شعرها وملابسها وكأنها جنت. كنا نحاول تهدئتها بشتى الوسائل الممكنة دون جدوى ظلت على هذه الحال لشهور قبل ان تقرر القفز من الشرفة منهية بذلك حياتها وحياة ابي والذي لم يستطع العيش بعدها كان يلوم الكتاب الملعون على كل ما حصل. اذكر انه في احد الأيام كنت عائدا من الجامعة لأفاجئ به واقفا في مكتبه كان ينظر الى الفراغ ويصرخ بهستيرية وغضب وكأنه في خضم مشاجرة. اخيرا أمسك الكتاب وحاول احراقه. شخصت عيناي وقتها من الصدمة وانا انظر الى والدي الذي ارتفع في الهواء ثم ضرب بالحائط بعنف شديد. لم اتمالك نفسي وحتى خوفي لم يمنعني من اقتحام الغرفة والركض نحو والدي الذي كان يصارع ليبقى واعيا نظر إلى بعينين زائغتين ليقول بصوت بدا متحشرجا يخرج بصعوبة: الكتاب انه الكتاب. تلك كانت اخر كلماته الواعية قبل ان يتحول من الشخص المثقف الرزين الذي كان قدوة لي الى رجل مجنون قضى سنواته الأخيرة يحفر الحائط بأصابعه ويصرخ في كائنات غير مرئية. الى ان عدت ذات يوما لأجده معلقا بأنشوطة الى باب الحمام وقد شنق نفسه.

يا الهي وضع معاذ يده في شعره. غير معقول
امين صديقه المقرب كان يعيش حياة سرية لم يعلم عنها شيئا. هل كانت حياته بهذه القسوة. ادار راسه ينظر الى منار الهادئة بغرابة وكأن القصة لم تحرك فيها ساكنا. أي عذاب تجرعته يا منار أي عذاب مررت به كي لا تشعري بأي تعاطف لو قليل مع مصاب أمين.
حاول ان يتحدث لكنه فوجئ بها تقول: قصة جميلة أمين لكن ماهي علاقتها ببيعك الكتاب لعادل.

نظر أمين نحوها قسماتها الباردة كشفت عن كره عميق واحتقار بدا واضحا في ملامحها، ابتسم بمرارة. انا لا أطلب أي تعاطف من جانبك منار اعلم اني لا استحق شيئا لا حزنك ولا حتى غفرانك.

جيد ردت وهي تنظر اليه بقسوة لانك لن تحصل على أي منهما. كتابك الملعون جعلني ارى الجحيم على الأرض. كتابك الملعون جعلني حقل تجارب رجل مجنون كرس حياته للحصول على السلطة والنفوذ وأنا كنت وسيلته قربانه البشري اتعلم ما الذي كان يحدث لي هناك في تلك الغرفة كل يوم. اتعلم صنوف العذاب التي اذاقني اياها فقط لان غبي مثلك باعه سلاحا لم يستطع السيطرة عليه ولا تطويعه.

ابتلع معاذ ريقه وهو ينظر اليهما بغرابة. كان يحاول جاهدا ان يفهم كل تلك الألغاز التي عجز عقله عن استيعابها كيف لكتاب واحد ان يملك كل هذه القوة على حيواة اشخاص كانت لعنتهم الوحيدة هي اقترابهم منه كيف له ان يصدق رغم كل ما عاشه الى الان ان لعنة كتاب واحد قد اصابت كل هؤلاء.

جثا امين على ركبتيه امام منار التي ظلت واقفة عيناها تحترقان بدموع حبيسة ابت ان تذرفها ليقول بصوت اشبه بالبكاء: انا اسف اتوسل اليك اغفري لي.
ابتسمت منار بألم وهي تنظر اليه غير مصدقة: بهذه السهولة أمين تظن انني قادرة على مسامحتك بعد كل هذه السنوات.
رفع امين عينيه نحوها بريقهما اخافها و بصوت شبه مسموع قال. انا لا أطلب الغفران لما فعلته في الماضي
انا اطلب الغفران لما سيحصل في هذه اللحظة بالذات.

توسعت عينا معاذ بصدمة وهو يستمع الى الكلمات الغريبة لصديقه. بينما تحولت عينا منار من البرود الى رعب خالص ليخرج! صراخها شبيها بالعواء وهي تستوعب ببطئ كلماته. لقد عاد.
لم تتنظر كثيرا وهي ترى الدائرة الحمراء التي بدأت بالتوهج سقطت على ركبيتها وقد خدلتها ساقاه من رعب ما كانت تراه.
لقد عاد قال أمين رافعا راسه محدقا في وجهها الشاحب. لا داعي للمقاومة منار هذا قدرك منذ البداية انت ملكه. انه زوجك الحقيقي.

لا صرخت وهي ترى الدائرة تتوهج بقوة أكبر.

شعرت بجسدها يسحب رغما عنها وكأن قوة جذب جبارة تشدها واخيرا ظهر وسط الدائرة ابتسم لها وهو يرى الرعب يطل من عينيها. انه هو معذب احلامها الزوج المفترض الذي عذبها لسنوات طويلة. رفع يده اليها وجسدها يسحب نحوه بهدوء. الى ان اصبحت بقربه نظر الى عينيها بتركيز ليقربها اليه ممسكا وجهها بين يديه ليهمس لها بكلماته التي شلت مقاومتها وجعلتها كالدمية. اخيرا منار بعد كل هذه السنوات انت لي.

كانت فرائص معاذ ترتعش برعب. جسده خذله مرة اخرى. عيناه كانتا شاخصتين بقوة في المنظر الأشبه بفلم رعب مبتذل. عادل ومنار يتوهجان داخل دائرة مشتعلة. مهلا هذا ليس عادل بالتأكيد ليس هو.

اخيرا رفع عادل عينيه لينظر الى معاذ بعينين سوداوين اختفى منهما البياض ليقول بصوت هادئ. اخبرتك اني سأعود من أجلها. حاول معاذ الاقتراب. ليفاجئ بجسده يرفع في الهواء قبل ان يضرب بقوة هائلة على الحائط هائلة ليسقط بعدها على الأرض والدماء تسيل غزيرة من وجهه عيناه مركزتين على الدائرة التي استمرت بالتوهج الى ان صار اللهيب يغطيهما. وفي لمح البصر اختفت الدائرة كما ظهرت حاملة معها منار.

. بينما ظل هو على الأرض غير قادر على الحركة او الصراخ اخيرا اغلق عينيه فاقدا للوعي.

مغمضة العينين حاولت باصرار الا تفتحهما فتواجه واقعها الجديد. عقلها لا يستطيع حتى الان تحليل ما حدث. هل كان عادل هل هو الذي اختطفها لكن كيف مستحيل لقد نظرت الى تلك العينين انها تعرف صاحبهما جيدا. نفس النظرة نفس الابتسامة التي ارهقت حياتها البائسة حتى قبل دخول عادل اليها.

احست بقشعريرة غريبة تجتاح جسدها وهي تستشعر لأول مرة نعومة السرير الذي تستلقي عليه. اخيرا جاء صوته الذي بث الرعب في أوصالها. فهذا بالتأكيد ليس صوت عادل على الإطلاق.
افتحي عينيك ايتها الأميرة وكفي عن التمثيل. اعرف انك مستيقظة الآن.
فتحت عينيها ببطء لتنظر الى الجسد الفارع الطول الذي كان ينظر اليها بنظرات مبهمة وغريبة.

أين أنا سألت وهي تنظر اليه برعب جعل جسدها يرتعش رغما عنها. كيف وصلت الى هنا وما الذي تريده.
ابتسامة ساخرة زينت ملامحه وهو ينظر الى شجاعتها المزيفة بإعجاب. هذا أول لقاء لهما منذ سنوات وهي بالتأكيد لم تنس كم كانت هذه السنوات حزينة ومؤلمة. شعور بالمرارة والخيانة جعلا عيناه يتوهجان مما جعلها تتراجع تلقائيا الى ان التصق ظهرها بحافة السرير. ابتلعت ريقها برعب. عيناه تتوهجان كنيران الجحيم.

اخيرا سيطر على غضبه محاولا كبت مشاعره. لطالما نسي انهما ليسا من نفس الجنس وانها ضعيفة للغاية ولا تستطيع احتواء غضبه الجامح والذي هدد حياتها في كل مرة قاومته فيها بضراوة. ليس ذنبه انه ليس بشريا وليس ذنبه ان يحب امراة بجمالها وعنفوانها وحتى ثوراتها الضعيفة. عشقها كم لم يعشق من قبل كيف لا وهي التي سلبت لبه بعفويتها بحركاتها وضحكاتها الرنانة ليس ذنبه ان يستمع اليها وهي تندندن بصوتها الجميل الذي اطرب مسامعه. كيف لا يموت فيها عشقا وهي التي لطالما تخففت من ملابسها دون حياء امامه ليظهر جسدها الرائع التفاصيل لعينيه مدركا بذلك المعنى الحقيقي لبهجة رؤية ذلك الجسد الشبيه باجساد الحوريات.

لكنها لم تكن حورية قطعا لا فهي اطهر قلبا وانقى من أن تكون حورية لعينة تصطاد بجمالها لتقات. منار كانت ارق كائن راه في الوجود وهو الذي ناهز سنواته سبعمئة.
نفث باحباط هو يتأمل عينيها الخائفتين. جسدها كان يرتعش بقوة نبضات قلبها تصل اليه من حيث يقف.
اخيرا اقترب منها بسرعة جعلتها تصرخ برعب. لعن تهوره فلطالما نسي كل شيء حين يكون الى جانبها ومعها.

حاول ان يلمس ذراعها لكنها ابتعدت سريعا وهي تصرخ فيه بصوت باك. حاولت تذكر أي سورة من القران لتحصن نفسها منه. لكن لسانها خذلها. فظلت تنظر اليه جاحظة العينين.
تأمل عيناها الشبيهتين بلون المحيط. ليحاول الابتسام عله يبدد القليل من خوفها.
منار هذا انا زوجك لا داعي للخوف.
وكأن تلك الكلمة اعادت اليها القوة التي سحبها هول رؤيته فصرخت بصوت قوي بعيد كل البعد عن الرعب الذي جمد جسدها.

انا لست زوجتك اللعينة توقف عن هذا الهراء.
تجمعت يداه على شكل قبضة تنذر بالخطر وبدأت معالمه تتحول الى معالم شيطانية وضعت يديها علي عينيها تغطيهما رعبا مما شاهدته. للحظات لم تكن تشعر سوى بهسيس انفاسه المستعرة تلهب بشرتها. اخيرا عم الصمت المكان ازاحت كفيها ببطء وكان قد اختفى.

لدقائق طويلة ظلت جامدة تستمع الى صوت تنفسها المظطرب اخيرا تحولت الصدمة التي فاجئتها منذ استيقاظها الى مزيج من المشاعر المختلطة التي لم تعد تسيطر عليها يداها بدأتا بالارتعاش قلبها يقصف صدرها بقوة وكأنه سيخلع من مكانه اخيرا انهارت لتجهش بالبكاء بصوت عال.

بكت وبكت الى ان جفت مدامعها. اخيرا فتحت عينيها ونهضت من على السرير محاولة اكتشاف أين هي. كانت الغرفة كبيرة لونها كان شبيها بلون الطين سقفها كان عاليا للغاية على الأقل خمسة امتار. توزعت على زوايا الغرفة لتملأها بالظلال الذي زادت من رعبها وهلعها.
صرخة ألم عميقة خرجت من حلقه جعلت والشيخ الفيزازي يهرع اليه. حاول النهوض قبل ان توقفه يد الشيخ بحزم.
توقف معاذ ستؤذي نفسك.

للحظات ظل مشوشا وهو يتجول بنظره في الغرفة البيضاء قبل ان تعود اليه الأحداث لتضرب راسه بعنف شديد ليتأوه من الألم.

منار اختطفت لقد اخدها امامنا لم استطع ردعه صرخ بمرارة مقاوما الدموع الحبيسة والتي يعلم جيدا انه لن يذرفها ابدا. حاول النهوض لكن قدماه رفضتا التحرك. لاول مرة من استيقاظه يشعر بأن جسده يرفض الانصياع له. احنى راسه لينظر الى قدميه اللتان كانتا ترزحان تحت تقل شديد لم يختلف كثيرا عن الثقل الذي رزح فوق صدره.
لقد اصبت اصابة بالغة شرح الشيخ الفيزازي الذي ظل ينظر اليه بعطف.

كسر في القدمين وكسر في الترقوة. انخلاع كتف والعديد من الأضلاع المهشمة انت فعليا تحطمت بكل ما للكلمة من معنى اضاف الشيخ بابتسامة لم تحمل أي مرح.
اللعنة عليه صرخ معاذ وهو يرمي بنفسه على الوسائد يزفر بحرقة وألم.
ستعود قال الشيخ الفيزازي. لن نتركها له بهذه البساطة.
لكن كيف سأل معاذ عيناه مركزتين على الفراغ. لقد اختطفها والله اعلم اين يحتجزها الان هل لازالت على هذه الأرض ام انه سحبها الى عالمه.

عالمه هو عالمنا قال الشيخ بصوت قاطع. لاوجود لعوالم متعددة فلا تحاول اقناع نفسك بالخرافات. عالم الإنس هو عالم الجن. نحن فقط لانراهم كما يروننا.
لكن أين أخذها واختفى.
تنفس الشيخ الفيزازي بقوة. فهو لم يكن يريد استعمال هذا الطريق. لكن ليس باليد الحيلة فهو لن يعرف مكانها الا عن طريقه.
اعتذرمن معاذ الذي كان سارحا في عالم اخر. ليخرج مقفلا الباب وراءه قبل ان يقومبالاتصال.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة