قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع والعشرون والأخير

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع والعشرون والأخير

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع والعشرون والأخير

لدقائق طويلة ظلت تبحث عن مخرج دون ان تجد واحدا. ليس من الغريب ان يسجنها في غرفة دون أبواب. ومتى احتاج الى باب ليخترق عالمها. واقعها وحتى احلامها تذكرت بمرارة.

ظلت تنظر الى الظلال التي يخيل اليها انها اشباح تختبئ في الزوايا في انتظار الوقت المناسب للانقضاض عليها. لكن هل تخاف الان وهي تحت رحمة الشيطان نفسه. لابد وانهم يبحثون عنهادعت على أمين من كل قلبها ولعنته بكل اللعنات التي تعرفها فهو السبب وراء كل الأذى الذي عاشته وتعيشه.

انهكها التفكير والخوف فما عادت قادرة على الوقوف كالبلهاء تحدق الى زوايا منتظرة اي يقفز شيء امام عينيها في اي لحظة. منذ متى وهي حبيسة هذه الغرفة لا تدري. فقدت الاحساس بالوقت منذ ان احتجزها ورحل ربما هي هنا منذ ساعات او ربما أيام. احساسها بالواقع بعيد للغاية كيف لا وهي البطلة في رواية رعب لعينة.

ظالت ساهمة تنظر الى اللهب الأحمر المنتشر في الزوايا دون ان تجد تفسيرا لذلك فلا شموع ولا وسيلة اضاءة فقط الوان حمراء متأججة تجهل مصدرها.
شعرت فجأة بان الأرض تهتز تحت قدميها وكأن زلزالا يضرب المكان. الاهتزازات كانت شديدة لدرجة جعلتها تفقد توازنها لتسقط على الأرض.

اخيرا ظهر من العدم ككل مرة. تأملته برعب فهذه المرة لم يأت بصورة عادل التي تلبسها منذ عودته الى حياتها هذه الملامح. كانت قريبة للغاية من الصورة التي تتذكرها من زواجها المزعوم.

كان جاثيا على ركبته مستندا بيده على الأرض فلم تلمح الألم الذي ظهر على تلك القسمات المتحجرة ولا الدماء الغزيرة التي تدفقت من جرح غائر في صدره. ظلت تختلس النظر إليه في انتظار اللحظة التي سيقرر فيها الفتك بها وانهاء حياتها البائسة محررا اياها للأبد من عذاب هذا الحب الملعون.

رفع رأسه وكأنه قرأ افكارها لينظر اليها. و لدهشتها كان يبتسم. اخيرا تحامل على نفسه ليقف امامها بشموخ محارب قديم عاد لتوه من أرض المعركة.

بدا اطول حتى مما تتذكره. تأملته رغما عنها. بدا شبيها بالتماثيل الاغريقية القديمة. بجسده المثالي وصدره المنحوت بعضلاته القوية. اخيرا انتبهت الى الدماء التي غطت جسده. وهي تتدفق غزيرة من جروح متعددة في صدره وذراعيه. اقترب منها فابتعدت غريزيا عنه. تنهد باحباط لكن لم يستطع منع نفسه من الاقتراب منها مجددا.

ساحبا اياها بسهولة ليطوق يديها الصغيرتين بيديه واضعا كلتاهما على الجرح النازف في صدره ليقول بصوت بدا حميميا ودافئا. اصابها بالقشعريرة.
انا الان في أضعف حالاتي منار. هذا هو الوقت المناسب لتثاري لكل ما سببته لك في الماضي.
عينا منار توسعتا بهلع. عيناه بدأتا بالتوهج و انفاسه الثقيلة والحارة تلفح بشرتها لتصيبها بالخدر.

حاولت ان تبعد يديها اللتان ابتلتا بدمائه لكنه منعها باصرار. هل كانت تعلم ان شيطان مثله سينزف امامها يوما.
اقتليني الأن. اقتليني او احبيني لأنه لا خيار اخر امامك ابتعادك عني في حد ذاته يعني موتي. فعلى الاقل فليكن موتا جذيرا بي موت في سبيل العشق، خارت قواه اخيرا و سقط على ركبتيه ساحبا معه منار التي صرخت برعب.

حرر يديها من قبضته لتسحبهما سريعا وتزحف بعيدة عنه. ظل على ركبتيه ينظر نحوها بعينين ملأهما الحزن.
اخيرا رفع خنجرا كبيرا استله من حزامه ليقدمه لها وهو يقول: اطعنيني منار انا هنا امامك لن اقاوم ابدا. فقط انهي عذابي واريحيني مما اعانيه.

للحظة كانت يداها ترتعشان وهي تنظر الى الخنجر بذهول هل تملك الجرأة. فتغرس ذلك الخنجر عميقا في قلبه لينتهي هذا الكابوس الى الأبد. أفكار كثيرة احرقت عقلها وهي تنظر اليه ضعيفا متعبا ومتجردا من كل قواه.
اقتربت تسحبها غريزة البقاء لتسحب الخنجر من بين يديه.
ابتسم بألم وهو ينظر إلى عينيها الزرقاوان اللتان كانتا تفضحان مشاعرها و رغبتها الشديدة في الإنتقام.

فتح ذراعيه ليظهر الجرح الغائر في صدره بوضوح. هيا منار افعليها. اريحيني من عذابي ابدا ما كنت لأمنح هذا الشرف لأحد سواك.
ضغطت يدها على قبضة الخنجر المسنون واقتربت منه تدفعها رغبة في القتل. وضعت رأس الخنجر على مكان جرحه. تأوه بألم. لكن لم يحرك ساكنا ظلت يداه مرفوعتان في الهواء تنتظران خطوتها التالية
لحظات من الصمت المشدود مرت عليهما. قلبها يخفق بقوة. هل ستفعلها هل تقتله فتنهي بذلك عذابها.

بينما انتظر هو قرارها مبتسما فما اجمل ان يموت المرء على يد من يحب.
اخيرا سقط الخنجر من يدها على الأرض لتسقط على ركبتيها تنتحب بألم.
صدمة ما فعلته منار أفقدته توازنه. ظل ينظر اليها باستغراب انفاسه تهدر بصوت مسموع. نبضات قلبه الجريح كادت تصم اذنيه. لما لم تجهز عليه. لما لم تقتنص فرصتها الذهبية التي في الغالب لن تتكرر.

لا يعقل اتراها اقتنعت اخيرا بما دأب على قوله لسنوات ان مصيرهما مشترك لن ينتهي الا بموت احدهما
اقترب منها محاولا فهم أسبابها.
لماذا؟ خرج صوته اجشا مليئا بالمشاعر.
لم تجب
منار تكلم بصوت اقوى لترفع رأسها اخيرا عيناها تتلألأن بدموع حبيسة. انسابت دمعة على خدها فالتقطها باصابعه، ليقول: دموعك غالية منار ابدا لا تذرفي الدموع من اجلي.
تلك الجملة الغير متوقعة جعلتها تضحك بهستيرية.

هل يعقل فعلا أن تبكي من اجله. أي خيال مريض يمتلكه هذا الشيطان ليخيل اليه انها قد تذرف دمعة واحدة من اجله.
صدقني انت اخر انسان.
تقلصت ملامحه بامتعاض شديد من التشبيه الذي استعملته واصفة اياه بالأنسان.
ابتسمت بسخرية وهي تنظر الى ملامحه المشدودة المليئة بالغضب المكبوت. هو بالطبع يمتعض من مجرد التفكير ان يقارن ببشري فان
انا فقط لست قاتلة. لم اقتل عادل رغم كل العذاب الذي اذاقني ولن اقتلك الأن لنفس الأسباب.

الكلمات التي نطقتها كانت اقسى من ألف طعنة في صدره وهي تشبهه بذلك البشري اللعين والذي كان السبب وراء نفيه بعيدا عنها. قوته خارت وهو يشعر بامتعاضها وكرهها الشديدين والذي نطقت بهما كل ذرة من جسدها المرتجف. سحب نفسه الى السرير مبتعدا عنها ليسقط عليه غارقا بدمائه. اغمض عينيه اخيرا. يحتاج الى الراحة يحتاج الى قوته. ليستطيع مواجهة الأتي
. ستتعلم ان تحبه.

سيحرص على ان تبادله الحب. حتى لو اجبرها على ذلك. لقد انتظر لسنوات طويلة ان تأتي إليه بمحض ارادتها والنتيجة انه كاد يفقدها الى الأبد، ربما لم يكن عليه ان يؤجل ماهو محتوم ففي الأخير هي زوجته وعليها الاقتناع ان عشقه لها لن يموت سوى بموته.

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة