قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية طريق الدماء للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل التاسع

رواية طريق الدماء للكاتب عبد الرحمن أحمد كاملة

رواية طريق الدماء للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل التاسع

لوى خالد شفتيه واردف ببرود:
- رايح الشغل، بقيت كويس على فكرة وبعدين مقولتليش صحيح كنتى ماشية امبارح شايلة هموم الدنيا كدا لية ؟ ده انا حسيتك هتولعى وانتى ماشية
رفعت حنين حاجبيها بتعجب قائلة:
- بعد الشر عنى ... مكنتش زعلانة بس حصل موقف رخم كدا معايا واتضايقت شوية
ضم حاجبيه ثم نطق متسائلا:
- معلش فضولى هيموتنى، موقف اية ؟

صمتت حنين للحظات ثم اجابته قائلة:
- ياسر طلب انه يتجوزنى وسط الناس واضطريت اوافق ولما مشيوا رفضت وسيبتهم ومشيت
ظل خالد يفكر فى ذلك الاسم لكنه لم يتذكره فأردف:
- ياسر مين ؟
اجابته حنين على الفور قائلة:
- ياسر ابن عمى
صمت خالد وعجز عن الكلام فهو سمع لتوه ان له اخ يدعى ياسر بجوار شيرى التى اخبرته حنين عنها.

تعجبت حنين من صمت خالد فصاحت:
- خااالد .. سكتت ليه  ؟
اسرع خالد فى الرد:
- لا مفيش كنت بشيل حاجة بس المهم رفضتى لية !
التقطت أنفاسها ثم اردفت:
- عادى، انا مش بعتبره غير اخ ليا ومش موافقة
- امممممم طيب هضطر اقفل معاكى بقى علشان الحق اخد شاور وامشى
ردت حنين بغضب:
- بردو هتروح الشغل !
أجابها بهدوء شديد قائلاً:
- ايوة هروح الشغل، يلا بقى سلام
استسلمت حنين واردفت:
- سلام

تحرك بغضب شديد نحو مكتبه فأوقفه احد رجال الشرطة "بدر" قائلاً:
- امجد بيه !
وقف امجد ثم نظر الى بدر قائلاً:
- فيه اية !
بدأ امجد الحديث قائلاً:
- محمد بواب الفيلا بتاعة غريب المنياوى مش عايز يعترف بأى حاجة ولسة مصر على اللى قاله
ازداد غضب امجد فهو لم يصل إلى شئ جديد فى تلك القضية، نظر أمجد الى بدر قائلاً:
- هاتهولى على مكتبى.

ادى بدر التحية العسكرية قائلاً:
- تمام يا فندم
رحل بدر واكمل امجد طريقه الى المكتب و بعد مرور دقائق معدودة دلف بدر إلى المكتب وخلفه محمد الذى كانت علامات الخوف والقلق تسيطر على ملامح وجهه، وقف امجد ثم اشار الى بدر بالخروج فخرج على الفور ثم عاود النظر إلى محمد وظل يلتف حوله مما جعله يزداد قلقاً وخوفاً، جلس امجد ثم أشار إلى محمد قائلاً:
- اقعد يا عم محمد.

جلس محمد ومازالت علامات القلق تسيطر عليه حتى فتح امجد علبة السجائر الخاصة به ومدها إلى محمد قائلاً:
- اتفضل يا عم محمد، خد متتكسفش
سحب محمد سيجارة وأشعلها له امجد ثم نطق بإبتسامة خفيفة:
- ها يا عم محمد، هتقولى قتلته ازاى بقى ؟
تبدلت ملامح وجهه ونطق محمد بخوف شديد:
- والله يا باشا انا ما قتلته، والله زى ما قولتلك يا...

قاطعه امجد بصوت عالٍ يدل على القسوة والغضب:
- متنكرش ! انت قولت فى التحقيقات انك مكنتش موجود ساعتها والمفروض انت حارس الفيلا يعنى متسيبش مكانك، اشمعنا فى الوقت ده بالذات سبت مكانك !
تصبب العرق من وجهه واردف بخوف شديد:
- ما انا قولت لسعاتك يا باشا انى روحت الحمام.

ابتسم امجد ابتسامة سخرية ووقف ثم بدأ يتحرك ذهابا وإيابا مما زاد من خوف وتوتر محمد ثم وقف اخيرا واردف بإبتسامة:
- ما هو ده كلام ميدخلش دماغ عيل صغير يا عم محمد، اى حد لو سألته هيجواب سؤال منطقى شوية .. ما هو مش معقولة مش هتسمع صوت زعيق او ضرب نار او صوت حركة ... دول ماتو مقتولين بالرصاص مش ميتين من الضحك ولا انت رأيك اية ؟
بدأ محمد يلتقط أنفاسه بصعوبة ونطق بتوتر وتلجلج:
- يا باشا والله ما سمعت حاجة غير انى شوفت حد غريب بينط من فوق سور الفيلا بس ملحقتش اشوف ملامحه لان الدنيا كانت ضلمة وكمان اللى اتسرق من الخزنة اوراق مش فلوس، انا هعمل اية بالاوراق يا باشا !

ابتسم امجد بمكر وجلس مره اخرى ثم مد رأسه حتى وصل إلى أذن محمد وهمس قائلاً:
- وعرفت منين ان اللى اتسرق ورق بس يا عم محمد يا راجل يا عسلية !
زاد التوتر وظهرت علامات الفزع التى سيطرت على محمد تماماً وجعلته يتحدث بصعوبة وتلجلج:
- اصل ..ما .. منا سمعت بدر بيه هو اللى بيقول يا باشا والله.

ضحك امجد وصاح قائلاً:
- للأسف مبتعرفش تمثل يا عم محمد، اقولك انا بقى الجريمة اتنفذت ازاى، اولا غريب المنياوى شكله كدا كان ماسك ورق على حد ومعاه اوراق مهمة جدا فالحد ده بقى يعمل اية .. يكلمك انت ويتفق معاك تجيب الورق ويديلك قرشين حلوين تريش بيهم نفسك وفعلا انت دخلت الفيلا تجيب الورق هوب غريب قفشك هو والبودى جارد بتاعه تقوم انت ساكت ! قومت مديلهم هم الاتنين رصاصتين الرحمة وساحب الورق ومبلغ ولما احنا نيجى نقتنع بكلامك ونقول ايوة فعلا ده مفيش فلوس هيستفيد بأيه وتخرج انت منها برنس بس احب اقولك انت وقعت فى ايد اللى مبيرحمش، مبروك عليك الاعدام يا عم محمد، مش امجد الهوارى اللى تحور عليه، دلوقتى بقى هتأكد على الكلام اللى قولته ده وتعترف ولا اوريك الوش التانى !

وصل إلى الشركة ثم توجه إلى مكتب صابر وطرق بخفة ليجيب صابر من الداخل:
- خش يا خالد
فتح خالد الباب ودلف إلى الداخل ثم قام بإغلاق الباب مرة أخرى، وقف صابر واردف بتعجب:
- اية اللى جابك يا خالد ! انت لسة تعبان وغلط عليك
ارتسمت على وجهه ابتسامة سخرية قائلاً:
- انا دايما بتصاب وبتضرب بالرصاص، مجتش على المرة دى المهم انا عايز انفذ اى مهمة النهاردة .. عايز اخرج طاقتى فى اى حاجة
جلس صابر وبدأ التفكير ثم نظر إلى خالد متسائلا:
- هتقدر تنفذ اللى هطلبه منك ؟

حرك خالد رأسه بالموافقة قائلاً بتحدى:
- ومن امتى وانا مبقدرش انفذ !
ابتسم صابر ابتسامة خفيفة واردف:
- مش حكاية قدرة من ناحية القوة، حكاية ارادة
حرك خالد رأسه بعدم فهم قائلاً:
- انا مش فاهم حاجة !

اشار صابر إلى خالد بالجلوس ثم بدأ حديثه قائلاً:
- المهمة اللى هتنفذها النهاردة دى هتفتح حرب علينا وللأسف .. اكرم الرداد هيبقى جزء منها
تغيرت ملامح وجهه وظهرت علامات استفهام كثيرة حوله فنطق متسائلا: - واكرم الرداد اية علاقته ب اكرم المهدى !
عاد صابر بظهره إلى الخلف قائلاً:
- اكرم الرداد واكرم المهدى بينهم شغل كبير جدا وتقدر تقول بينهم شراكة كمان
قاطعه خالد قائلاً:
- وياسر الرداد !

ضم صابر حاجبيه بحيرة قائلاً:
- عرفت موضوع ياسر ده منين ؟
ابتسم خالد ابتسامة خفيفة قائلاً:
- حنين حكيتلى عنه، كدا عندى اخ واخت
هز صابر رأسه ثم تابع حديثه:
- ياسر دراع ابوه اليمين فمظنش انه يكون ميعرفش حاجة زى دى، اكيد عارف بكل حاجة واكيد بردو الورق اللى مع حنين ده فيه حاجة عن اكرم الرداد
تذكر خالد الورق ثم اردف:
- انا هتصل بحنين اعرف منها الورق ده فين، بس بردو مقولتليش اية المهمة اللى هنفذها النهاردة ؟

وقف صابر وتحرك خطوتين للأمام ثم استدار وعاود النظر إلى خالد مرة أخرى قائلاً:
- هتقتل ياسر اكرم الرداد !
وقعت تلك الجملة كالصاعقة على خالد الذى وقف على الفور من شدة الصدمة ثم نظر إلى صابر بتعجب قائلاً:
- ياسر ! اشمعنا ياسر ؟
تقدم صابر حتى وصل إلى مستوى خالد ووضع يده على كتفه قائلاً:
- ياسر دراع اكرم الرداد اليمين وكمان ابنه واكرم الرداد شريك اكرم المهدى ولما ياسر يموت اكرم الرداد هيخسر اعز حاجة عنده واكرم المهدى يتهز ويعرف اننا مش سهلين وان موت رمزى مش هيعدى بالساهل ابدا وكمان تبقى انت انتقمت من ابوك وحرقت دمه.

ضم خالد حاجبيه بتعجب وحيرة:
- انتقم منه بأنى اقتل اخويا !
ابتسم صابر ثم ربت على كتف خالد قائلاً:
- علشان كدا سألتك اول ما دخلت هتقدر تنفذ ولا لا علشان عارف ان المهمة دى هتبقى صعبة عليك، على العموم بلاش انت العملية دى وانا هكلف حد تانى بيها
انهمرت دمعة من عينه ثم نظر إلى صابر قائلاً بهدوء:
- انا اللى هنفذ المهمة دى.

صمت صابر ورمق خالد بنظرات حيرة فنطق خالد بجدية:
- انا اللى هنفذها، هقدر انفذها ... هحرق دمه زى ما حرق دمى على امى، هخليه يقعد طول الوقت يبكى زى ما خلى امى تبكى علشان وحيدة ومحدش وقف جنبها ... اعتبر المهمة اتنفذت
- متأكد يا خالد انك تقدر
ارتسمت ابتسامة وهمية على وجهه قائلاً:
- ايوة متأكد

انتهت حنين من عملها وخرجت من المكتب متجهة إلى الأسفل وكان يتبعها شخص قوى البنيان تظهرعضلاته، تبعها إلى السيارة لتركب حنين فى الخلف ويركب هو وشخص اخر يقود السيارة فى الامام ...
وصلت سيارة حنين إلى الفيلا وخرجت منها لكنها لاحظت مرور سيارة ياسر من امام الفيلا فأسرعت إلى الداخل كى لا يراها، دلفت حنين إلى داخل الفيلا فوجدت والدتها فى انتظارها فأقتربت والقت السلام عليها، نطقت والدتها بدون مقدمات:
- حنين تعالى عايزاكى فى حاجة.

اغلقت عينيها واردفت:
- ماما انا عارفة انتى عايزانى فى اية وانا تعبانة وعايزة استريح شوية
وقفت رباب واقتربت من ابنتها قائلة:
- انا عايزة اعرف بس لية رفضتى ياسر وهو بيحبك واكتر واحد يصونك ويحافظ عليكى
نظرت حنين إلى والدتها قائلة:
- يا ماما انا قولتها مرة وهفضل اكرر فيها، ياسر ده اخويا غير كدا لا ومستحيل كمان
- ممكن اعرف السبب !

رفعت حاجبيها بتعجب قائلة:
- بقولك اخويا يا ماما تقوليلى اعرف السبب ! مفيش سبب هو كدا وسيبينى بالله عليكى علشان تعبانة والجو النهاردة حر ومش قادرة
رحلت حنين تاركة والدتها فى حيرة ودهشة من تصرفات ابنتها ..
دلفت إلى غرفتها لتجد شقيقتها فى انتظارها وعلى وجهها ابتسامة واسعة فصاحت حنين:
- بقولك اية ونبى سيبينى انام ساعة واحدة وهقوم احكيلك كل حاجة بس انام علشان مش قادرة خالص.

وقفت ميرا ونطقت بإبتسامة:
- ماشى يا نونى، ساعة بالظبط وهتلاقينى فوق دماغك، اشطا !
لوت شفتيها بإستسلام قائلة:
- اشطا
رحلت ميرا وامسكت حنين بهاتفها على الفور وجلبت رقم خالد ونظرت إليه للحظات مترددة ولكنها قررت فى النهاية الإتصال به ..
انتظرت لبعض الوقت لكن لا يوجد رد، قررت إعادة الاتصال مرة أخرى ولكن دون جدوى .. لم يجبها خالد، القت بهاتفها ثم عادت برأسها إلى الوسادة واغلقت عينيها لتغرق فى النوم.

خرج ياسر من الشركة ثم اتجه إلى سيارته، ركب سيارته واستعد للرحيل لكن سرعان ما وجه خالد الذى يجلس بالخلف سلاحه إلى رأس اخيه قائلاً بصيغة تهديد:
- اطلع على المقطم، اخلص !
انطلق ياسر على الفور دون أن يتفوه بكلمة واستمر فى القيادة حتى وصل إلى منطقة مظلمة تماماً فصاح خالد بغضب:
- اقف هنا وانزل.

لبى ياسر طلبه وخرج بالفعل من سيارته وتبعه خالد ...
اقترب خالد بغضب وهو يوجه سلاحه بإتجاه ياسر الذى تظهر عليه علامات الفزع والخوف، تراجع ياسر خطوتين للخلف واستمر خالد فى التقدم وعلى وجهه ابتسامة إنتصار، وقف ياسر وإلتقط انفاسه ثم نطق بخوف:
- انت عايز منى اية ؟
أجابه خالد بنفس الابتسامة قائلاً:
- عايز اية ! اكيد عايز اموتك
- انا عملتلك اية علشان تموتنى ! انا معملتش حاجة.

حرك خالد رأسه بأسف واردف:
- مكتوب عليك تدفع تمن غلطة، تمن غلطة ارتكبها ابوك
ضم ياسر حاجبيه بتعجب قائلاً:
- بابا ! انا مش فاهم حاجة
ابتسم خالد واقترب اكثر من اخيه ووضع يده على كتفه قائلاً:
- مش لازم تعرف، كدا كدا انت هتموت .. هتستفاد اية لما تعرف !

اتت إجابة ياسر التى جعلت ابتسامة خالد تختفى
- على الاقل اموت وانا عارف سبب موتى ولا انت شايف اية
تراجع خالد ثم جلس على مقدمة سيارة ياسر واردف:
- عايز تعرف سبب موتك ! تمام انا هعرفك كل حاجة طالما مش هيبقى فيه ضرر من كدا
صمت خالد قليلا ثم تابع حديثه قائلاً:
- من حوالى خمسة وعشرين سنة او اقل مش بالظبط يعنى والدك اتجوز واحدة فقيرة فى السر انا بردو معرفتش تفاصيل الجواز تم ازاى بس المهم انهم اتجوزوا
ظهرت علامات الصدمة على وجهه واردف:
- بابا !

لم يلتفت إليه خالد وتابع حديثه
- بعد فترة اللى اتجوزها دى اكتشفت انها حامل منه ولما قالتله انها حامل راح شاتمها ومزعقلها وقالها لازم تنزلى الطفل ده بس هى قالت مستحيل وهربت منه علشان ميقتلش ابنها وفضلت فترة فى منطقة هى وامها لغاية اما ولدت وبعدها فى يوم عرف والدك بمكانها واجر واحد يقتلها، كانت شايلة الطفل فى حضنها وماشية فى الشارع وفجأة عربية خبطتها ... هى ماتت والطفل اترمى على الرصيف بس اتكتبله عمر وجدته خدته وهربت بس مقدرتش تربيه بسبب الفقر وقررت توديه ملجأ، فضل عشر سنين فى عذاب، شتيمة وإهانة وضرب فى الملجأ .. كل يوم كان بيبقى اسوأ من اليوم اللى قبله ... شاف فى العشر سنين دول كل انواع التعذيب والإهانة لغاية اما قرر يهرب فى يوم وبعدها قابل حد شغله وعمله بنى ادم .. تعرف مين ده بقى ! اللى واقف قدامك وبيكلمك ده ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة