قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

الحقيقة هي تلك الوقائع التي حدثت بالفعل في حياتنا، نعيشها بكل تفاصيلها، قد نحبها أو نبغضها،
الحقيقة قد تكون مرضية لنتباهى بها، أو مؤلمة بشدة حتى أننا قد نواريها، في طي النسيان.
إقترب منها بسرعة يجلس بجوارها قائلا بلهفة:
-زوزا...
إبتسمت بمرارة تهز رأسها قائلة بعيون غشيتها الدموع:
-أيوة يامجد، أنا زوزا، مراتك اللى ضيعت أختها بغبائها وضيعت إبننا إحنا كمان.
أمسك يدها بسرعة قائلا بنفي قاطع:.

-مكنش ذنبك، والله ماكان ذنبك، أختك هي اللى كانت مريضة بالوسواس القهري، كان عندها هلاوس مرضية، عمك اللى قاللى كدة لما دفناها، قاللى إنه وداها للدكتور في البلد لما لاحظ انها مش طبيعية وبتتخيل حاجات مش حقيقية، الدكتور قاله كدة، عمك قال ان عقلها كان مصورلها إن أنا وهي بنحب بعض وان انتى أخدتينى منها، انتى ربنا نجاكى في اليوم ده ياحبيبتى عشان خاطرى أنا، كانت جاية تقتلك بس قتلت نفسها لما صدمتيها برسايلي اللى فوقتها من هلاوسها، وانتى بتحاولى تنقذيها فقدتى ابننا، برده مكنش ذنبك، لو مكنتيش عملتى كدة، لو مكنتيش حاولتي تنقذيها حتى لو على حساب نفسك مش هتبقى زوزا اللى حبيتها،.

نظرت إليه بعيون غشيتها الدموع قائلة:
-يعنى انت مش زعلان منى؟
هز رأسه نفيا وهو يطالعها بحنان قائلا:
-أنا زعلان من نفسى، زعلان انى معرفتش أد إيه بحبك غير لما كنتى هتضيعى منى، زعلان انى ضيعت سنتين بحالهم معاكى محمدتش ربنا في كل لحظة فيهم انه هدانى بيكى، معاملتكيش المعاملة اللى تستاهليها ولا كنت جنبك وقت مااحتاجتينى، زعلان على حاجات كتير ضيعتها...
وضعت يدها على فمه قائلة بحب:.

-اللى فات مات، متزعلش عليه، وأي حاجة راحت مننا هنعوضها.
قبل يدها بعشق، لترفعها بخجل، إبتسم على زوجته الرائعة الخجول التي عادت إليه بعد عذاب أضناه في بعدها، وجدها تضحك فنظر إليها باسما وهو يقول:
-إيه اللى بيضحك حبيبتى بالشكل ده؟
نظرت إليه قائلة:
-بفتكر اللى حصل من يوم ماقابلتك تانى هنا في إسكندرية، وكأننا بنعيد قصة حبنا من جديد.
قال بإبتسامة:.

-مع الفرق طبعا، كنت أنا بتعذب وأنا هموت وآخدك في حضني، أصرخ للدنيا كلها وأقول انى بحبك، انى اشتقت لمراتى وانتى طبعا ولا على بالك.
قالت بإبتسامة هادئة:
-أنا كمان كنت بتعذب، مابين واحد متجوزاه ورافضة إهماله لية وواحد كل اهتمامه بية بس مع الأسف غريب عني ومابين واجبى وقلبى أنا كنت في النص، حيرانة ومتلخبطة، حزينة ومش عارفة أعمل إيه.
مال ينظر إلى عمق عينيها قائلا:
-ولو خيروكى بين الإتنين كنتى هتختارى مين؟

قالت بصدق تغلفه نبرات الحب:
-كنت هختارك انت يامجد، انت جوزى وحبيبى، قلبى وعقلى، واجبى وعشقى.
تأمل ملامحها بشغف، ليميل على شفتيها طابعا قبلة رقيقة ثم وضع جبهته على جبهتها يغمض عينيه قائلا بنبرات هائمة:
-وحشتينى يابنت قلبى، ووحشنى كلامك.
أغمضت عيناها بدورها تستمتع بقربه قائلة:
-انت كمان وحشتنى، رغم انك مفارقتينيش ولا لحظة.
قال بحب:.

-هادى قاللى ابعد عنك شوية لإنك قررتى تنسى الماضى اللى بيعذبك وأنا جزء منه، بس انا مقدرتش، مقدرتش أبعد عنك ولا لحظة، خفت عليكى.
ليبتعد عن وجهها يطالعها بعشق قائلا:
-خفت تنسينى أكتر، خفت تروحى منى، قلتله هكون على مسافة قريبة، عشان أقدر أخلى بالى منك، وفي نفس الوقت برسايلى أحاول أفكرك بمشاعرى، بية، كان خايف، بس أنا كنت واثق إنى هقدر أوصل لقلبك، عملتها مرة ومستعد أعملها مليون مرة.
إبتسمت قائلة:.

-أد كدة بتحبنى يامجد.
قال بلهجة قاطعة:
-وأكتر، أنا محبتش أدك ومش هحب حد أكتر ما بحبك، انتى مراتى وحبيبتى وأختى وبنتى، انتى روحى يازوزا.
طالعته بسعادة قائلة:
-كان فين الكلام الحلو ده من زمان يامجد.
رفع يدها يقبلها قبل أن يقول:.

-كان في قلبى ياقلب مجد، كان مستخبى جوايا، بس فراقك خرج كل حاجة مستخبية، ووعد منى انى مش هخبى مشاعرى من تانى وانى أكون لك كل حاجة حلمتى بيها، ده انتى حتة من ضلعى، أذيتك كتير وكسرتك كتير بس وعد منى هجبرك.
تأملته بعشق، تثق بأنه قادر تماما على وفاءه بوعده، إقترب من شفتيها، يرغب في تذوق شهدها الذي حرم منه طويلا ولكنها أوقفته قائلة:
-إستنى هنا، قوللى، فيه حاجات محيرانى ولازم أفهمها.
تراجع قائلا بإبتسامة:.

-اتفضلى ياستى، قولى.
أشارت له بسبابتها وهي تعقد حاجبيها وتذم شفتيها بطريقة محببة حتى أنه كاد أن يقبلها مجددا ويؤجل الحديث لوقت لاحق، ولكنها قالت:
-انت عملت إيه خليت الشيخ سالم يمشى ويمشى الناس اللى معاه، وكنت دايما بتمضى الجوابات ب(ز ا م)، اللى هو إيه يعنى، ها؟
إتسعت إبتسامته وهو يقترب منها حتى لفحتها أنفاسه وهو يقول:.

-وريت للشيخ سالم عقد جوازنا طبعا واللى فيه أسامينا وصورنا كمان، وإلا مكنش هيسيبنا اليوم ده غير واحنا مطرودين من الشارع بفضيحة كمان، أما (ز ا م)، فمعناها، زوجك،
ليقبل ثغرها برقة فشعرت بقلبها يذوب عشقا...
، المحب،
ثم عاد يقبلها مجددا برقة سارعت من أنفاسها وزادت من درجة حرارتها وهو يستطرد:
مجد.

ليقبلها قبلة طويلة أودع فيها كل مشاعره التي تتوق إليها، وإستسلمت هي لتلك المشاعر، بإشتياق خفقات زوجة لعشق زوجها الذي إجتاحها، ليثبت لها في كل لحظة، أنه تغير، كلية.

لا نعرف قيمة الأشخاص حتى نفقدهم
ولا نفتقد وجودهم حتى نفقدهم
ولا ندرك كم قصرنا في حقوقهم، حتى نفقدهم
ولا نتمنى عودتهم، حتى بالفعل نفقدهم
كان (حسام)يجول بين أرجاء المنزل يتلمس طيفها، هنا كانت تستقبله عند عودته من العمل بكوب من العصير، وإبتسامة شافية، وهنا كانت تعد له الطعام، وهنا كانت تجلس إلى جواره تشاركه اهتماماته،
هنا كانت، وهنا كانت، وهنا ضرب بكل ما كانت له عرض الحائط،.

هنا تجاهل وأهمل وخان وأهان، وهنا، فقدها للأبد.
جلس على الأريكة يبكى كطفل صغير إفتقد أمه، كشاب إفتقد حبيبته، وكرجل تاق إلى زوجته التي أصبحت الآن رسميا، طليقته.
يبكى بحرقة كما لم يبكى من قبل يدرك أن خسارته فادحة وتعويضها، مستحيل.

دائما مانخشى السعادة، يخبرنا قلبنا أننا في أكثر لحظاتنا فرحا ستنطفئ تلك الفرحة ويطل الحزن علينا من جديد، فلا نسمح لقلوبنا أن تعيش الفرحة كاملة فنطوى فرحتنا دائما وننتظر مايفسدها...
كانت سماح تشعر بسعادة طاغية، فكل شيئ يبدو على مايرام في حياتها الآن وفي حياة أخواتها أيضا...
مجد عادت له زوجته التي أحيت نبضات قلبه مجددا وأعادته للحياة وقد أخذها مسافرا إلى الأقصر لقضاء شهر عسل جديد،.

وسمر تمت خطبتها للطبيب هادى وهي بدورها تبدو سعيدة راضية
أما حسن فمن الواضح أن هناك قصة حب تجمعه بهاجر، وقريبا ستسمع خبر يسعدها.
مراد مستقر في مدرسته وإن بدا منغلقا على نفسه منذ طلاقها من حسام لا يريد رؤيته أو الحديث معه، رغم محاولات حسام لمحادثته عن طريق أخيها مجد قبل سفره.
تظل هي، بماذا تشعر؟

الراحة، نعم تشعر براحة، بقلب يشفى من جراحه ببطئ ولكنه بالتاكيد يفعل، يبنى نفسه مجددا بعد أن تهدم، يصارع من أجل البقاء حيا، فهي تقاتل بكل ضراوة من أجل تلك الفرصة الثانية التي منحها إياها ربها.
ولكنها تخشى، تخشى القادم بقوة، تخشى أن يحدث مايفسد فرحتها ويدمر حياتها الجديدة والتي تظللها سعادة واهية مهددة بالزوال.
إنتفضت على صوت طرقات على الباب، سمحت للطارق بالدخول، فأطل يوسف برأسه مبتسما وهو يقول:.

-إستعدى ياسماح، رائف خارج في ميتنج مع عملا ألمان ومحتاجلك.
أومأت برأسها بإبتسامة مهزوزة، ليغادر مغلقا الحجرة، بينما اهتز قلبها بين أضلعها، تخشى هذا الإجتماع الذي قد يمر بخير ويتركها سعيدة كما هي، أو قد تفسد هي الأمر، فتزول سعادتها ربما، إلى الأبد.

كان مراد يمشى في طرقات المدرسة بسرعة ذاهبا إلى المكتبة حيث يود أن يكمل هذا الكتاب الذي بدأ بقرائته البارحة قبل أن تنتهى فترة الإستراحة، ويعود لدروسه، فجأة إرتطم بأحدهم فوقع على الأرض، أسرع لمساعدته فوجدها فتاة جميلة، نظرت إليه بعينيها الخضراوتين ذات الأهداب الطويلة حانقة، ترفض يده الممدودة إليها بالمساعدة وهي تنهض بعصبية تنفض تنورتها ليقول بإحراج:
-أنا...
توقفت عما تفعله قائلة بغضب:.

-انت إيه، ها؟أعمى ومبتشوفش، مش تاخد بالك من البنى آدمين اللى حواليك.
حل الغضب محل الأسف في عروقه، ليقول بحنق:
-والله إنتى اللى ظهرتى فجأة أدامى، وعموما أنا كنت ناوى أعتذر بس خلاص سحبت إعتذارى.
مشى خطوة ولكنه توقف حين وصل إلى مسامعه صوتها وهي تقول بغيظ:
-قليل الذوق.
إلتفت إليها رامقا إياها بحدة قائلا:
-وانتى متربتيش.
إتسعت عيونها بإستنكار قائلة:
-انا متربتش، انت عارف أنا بنت مين ياحيوان انت؟

إنتفخت أوداجه غضبا واقترب منها قائلا بصوت كالفحيح:
-كل اللى أعرفه انك بنت مغرورة وعايزة تتربى من جديد...
اقتربت ياسمين بسرعة من مراد تقف بينه وبين الفتاة مقاطعة إياه قائلة:
-إهدى يامراد، مش كدة، دى بيرى بنت آنكل رائف مدير مامتك في الشغل.
زمجر مراد قائلا:
-وهو ده يديها الحق تقل ادبها علية ياجيسى وتبتدى بالغلط وتقولى ياحيوان، ماهو لو مامتها كانت ربتها كويس مكنتش...
قالت ياسمين مقاطعة إياه بحنق:.

-مامتها ماتت من زمان يامراد.
شعر مراد بالصدمة وألقى نظرة على تلك التي أطرقت برأسها، تخفى ملامحها الحزينة ربما، ليتأكد من ذلك، وهو يراها تمد يدها وتمسح وجنتها، إنها تبكى وكم فطر هذا قلبه، ظل صامتا يطالعها بينما سمعها تقول بصوت متهدج دون أن ترفع وجهها:
-انا رايحة الفصل ياجيسى،.

ثم غادرت بخطوات سريعة يتابعها مراد بعينيه، وفي حلقه إستقرت غصة، هو لا يستطيع أن يتخيل أحد يعيش بلا أم، فالأم هي الحياة، طوق النجاة لأولادها، الحنان متجسدا، ودونها تطمس معالم تلك الحياة ويخبو نورها،
وتلك الفتاة تعيش بلا أم، تعيش بلا حياة.

تابع رائف سماح وهي تترجم كلماته لهذا الوفد الأجنبي بنظرة إعجاب، فمن يراها الآن تخاطبهم بتلك الثقة والحيوية، لم يراها وهي جالسة بجواره في السيارة، تفرك يدها بتوتر وتتسارع دقات قلبها من الخوف ربما، حتى وصلا إلى المطعم وكادت أن تهبط من السيارة، ليستوقفها صوته وهو يقول:
-إنتى أدها ياسماح.
ليختفى الخوف من عينيها وتلمع عيونها بثقة، قبل أن تهبط منها،.

وها هي ذا، تثبت أنها بارعة حقا وتستحق تلك الوظيفة التي منحها إياها،
عقد حاجبيه وهو يرى ملامحها التي تغيرت فجأة، وظهر الغضب عليها قبل أن تقول بعض الكلمات لمدير العلاقات العامة للشركة الألمانية(غيرد)، الذي عقد حاجبيه واحمر وجهه،
مال رائف على سماح يقول لها:
-حصل إيه ياسماح، الراجل ده قالك إيه خلى ملامحك تتغير بالشكل ده؟
قالت سماح بتوتر:
-مقلش حاجة يامستر رائف، أنا بس...
رمقها رائف بعتاب قائلا:.

-أنا متعودتش أسمعك بتكدبى ياسماح، من فضلك قوليلى الحقيقة.
نظرت إلى عمق عينيه، شعرت بأنها لن تستطيع الكذب عليه، لتقول مستسلمة:
-كان بيسألنى مرتبطة أو لأ ولما قلتله انى مطلقة، قاللى ان طليقى خسر خسارة كبيرة وانه مستعد يعنى، يكون البديل.
ظهر الغضب في عيون رائف وإنتفخت عروقه، لتسرع قائلة:
-بس أنا رديت عليه وقلتله إنى أكيد مش هحب أخرج من مصيبة لمصيبة أكبر.

رغم أنها أثلجت قلبه بإجابتها، ولكنه كان مايزال غاضبا وبشدة، لينهض فجأة، نظر إليه الجميع بدهشة وتوترت سماح قائلة:
-مستر رائف!
رمق (رائف )(غيرد)بغضب قائلا لسماح:
-قوليلهم انى مش مستعد أتعامل معاهم وبينهم إنسان مش محترم وإنى آسف جدا ومضطر ألغى الاجتماع.
قالت سماح برجاء:
-مستر رائف...
قاطعها قائلا بحزم:
-قولى ياسماح.
نظرت إليهم سماح مرددة كلمات رائف، ليمسك يدها ينهضها قائلا:
-يلا بينا.

رغم إضطرابها من يده التي تتشابك مع يدها إلا أنها تبعته بصمت، حتى ترك يدها وفتح لهت الباب لتدلف إلى السيارة، ثم إتجه إلى مقعده ويطجلس عليه ممسكا بمقود السيارة بقوة، كاد ان يدير السيارة، لتقاطعه سماح قائلة بنبرة حزينة:
-أنا آسفة انى ضيعت...
إلتفت إليها مقاطعا إياها قائلا بحزم:
-متتأسفيش ياسماح، الشركة بتبان من ممثليها وإذا كان ممثليها بالأخلاق دى، يبقى نلغى أي تعامل بينا من دلوقتى أحسن،.

ليتأمل ملامحها الجميلة الهادئة للحظة قبل أن يقول:
-وبعدين، كرامتك من كرامتى وإحترامك من إحترامى وان مقدرتش أحافظ عليكى يبقى انتى إخترتى تشتغلى مع الراجل الغلط ياسماح.
تأملته بدورها تتردد كلماته في عقلها تجبرها على المقارنة بين هذا الرجل الذي تعمل معه ويحافظ على كرامتها ويعدها ككرامته وبين هذا الذي شاركها حياتها فإغتال كرامتها، بقسوة.

أوصلها رائف وتركها تدلف إلى الشركة بينما يصف سيارته، لتدلف إليها تشعر بسعادة غير مفهومة، كادت أن تدخل إلى حجرة مكتبها حين رأت من خلال باب موارب، فتاة صغيرة تجلس في المكتب المقابل لها والذي يخص سكرتيرة مديرها رائف، تمسح دموعها برقة، أدمت قلبها، وجدت نفسها تدنو منها رغما عنها، يدفعها قلبها كأم ربما أو فضولها لمعرفة ما يؤرق تلك الملاك،.

دلفت إلى الحجرة فإنتبهت إليها الفتاة، لتنظر إليها برقة امتزجت بالحزن والفضول، لاحظت سماح خلو المكتب من السكرتيرة فاقتربت منها سماح قائلة:
-ممكن أقعد؟
أومأت الفتاة برأسها، لتحاول سماح أن تتحدث معها قائلة:
-انتى قريبة عبير؟
تأملتها الفتاة دون أن تنطق، ربما هي تخشى الغرباء أو أنها خرساء، لذا إبتسمت سماح قائلة وهي تمد لها يدها:
-أنا سماح زميلة عبير وبشتغل معاها هنا، وانتى إسمك إيه؟
قالت الفتاة بصوت مهزوز:.

-بيرى.
بيرى، إذا الفتاة تتحدث، هي فقط حزينة، ترى لماذا؟
قالت بهدوء:
-طيب ممكن أعرف ليه واحدة في جمالك بتعيط؟
لم تجبها، إبتسمت سماح قائلة:
-هحكيلك حكاية، مرة كان فيه بنوتة بتعيط جنب شجرة، فجأة سألتها الشجرة ليه البنوتة بتعيط، قالتلها البنوتة كل البنات في المدرسة بيضايقونى وبيقولولى ياقصيرة.

قالتلها الشجرة وإيه يعنى، ليه تزعلى وتعيطى، مفيش حاجة في الدنيا تستاهل دموعك الغالية، كل حزن بيتولد كبير وبيصغر بعدها، دمعتك بتضلم دنيتك وضحكتك بتنورها من تانى،
وبعدين انتى صحيح قصيرة بس ده عشان صغيرة، بكرة هتكبرى وتبقى طويلة أد النخلة اللى هناك دى، واللى بيضايقك مش هيعرف يوصلك غير بسلم، وساعتها لومش عايزاه ابقى وقعى السلم.

ضحكت بيرى بقوة بينما إبتسم رائف الذي يقف بالخارج يستمع إلى حكايتها العجيبة تلك ولكنها نجحت في أن تجعل ابنته تضحك كما لم يسمعها من قبل...
دلف رائف إلى الحجرة لتندفع بيرى إلى أحضانه فضمها يحملها ويقبلها بوجنتها بحب ثم أنزلها قائلا:
-ايه اللى جاب أميرتى دلوقتى؟
قالت بإبتسامة:
-كنت متضايقة شوية فخليت عم سعد السواق يجيبنى الشركة،
لتنظر إلى سماح قائلة:
-بس خلاص مبقتش متضايقة يابابى.

رمقتهما سماح في حيرة قائلة:
-هي بيرى تبقى...
قاطعها قائلا بإبتسامة:
-بنتى.
إبتسمت بينما عبير تدلف إلى الحجرة وتحمل علبتين من العصير وقالب شيكولاتة لتتوقف حين رأتهم، قائلة:
-انتوا هنا، كويس أوى، مستر رائف فيه مشكلة في قسم الحسابات ومستر يوسف قاللى أول ماتوصل أبلغك تروحله هناك.
أومأ برأسه بهدوء، فإستطردت قائلة:
-حضرتك ممكن تسيب بيرى معايا...
لتقول بيرى بسرعة:
-لأ، أنا هقعد مع طنط سماح شوية في مكتبها.

نظر رائف إلى سماح التي أومأت برأسها بإبتسامة ليومئ برأسه موافقا، فمدت سماح لبيرى يدها فأمسكتها برقة قبل أن يغادرا الحجرة تتبعهما نظرات رائف القلقة،
تحتاج إبنته فقط إلى القليل من الحنان الصادق لتتعلق بالأشخاص، وقد تعلقت بسماح كما يبدو، وهذا يقلقه، حتما.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة