قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية صقر الصعيد الجزء الثاني للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الخامس

رواية صقر الصعيد الجزء الثاني للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الخامس

رواية صقر الصعيد الجزء الثاني للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الخامس

جهزت الغداء وأطعمت طفلها الرضيع ثم ولجت إلى غرفة النوم لتقظه، أقتربت نحوه بهدوء وجلست على الفراش بجوارها تناديه بهدوء حتى لا يفزع من نومه: -
- صقر حبيبي.

أربتت على ذراعه بحنان بينما يدها الأخرى تداعب أنفه ضاحكة على تذمره من مداعبتها مُحركًا رأسه يمينًا ويسارًا، مسك يدها بضجر دون أن يفتح عينيه لها لكى تتوقف عن أزعاجه فتبسمت بخُبث طفولي ثم أدخلت نفسها بين ذراعيه تبسم مُغمضًا العينين وطوقها بذراعيه، حدقت بملامحه وهو لا يدرك ما تنوى له تلك الزوجة الطفلة تشبثت به بكلتا ذراعيها بقوة حتى لا يهرب منها بعد ما ستفعله وصرخت بأذنه بكل قوتها، فزع من مكانه وهو يدفعها بعيدًا واضعًا يده على أذنه..

صاح بها مُتذمرًا على فعلتها قائلاً: -
- أيه حركات العيال دى يا جالان، حد عاقل يعمل كدة
جلست على الفراش بوجه عابث وقالت مُصطنع الغضب منه: -
- في حد يرمي مراته كدة، عاوز تموتنى وأنا لسه والدة بترمي كدة ياصقر، أنا أصلاً عارفة انك بطلت تحبنى.

أزدرد لعابه بضيق حائرًا بها كيف توقف عن حبها بينما هو عاشقًا مجنونًا بها وهائمًا بحبها، أقترب نحوها بحنان ثم مسك ذراعها يجذبها نحوه وقال بدفء: -
- ياحبيبتى بحبك وبعشجك كمان بس محدش عاجل يعمل أكدة، خرمتى ودانى ياجالان
حدقت به بصمت بينما تصطنع له تعابير طفولية بوجهها تجعله يحن لها بدل من ان يغضب ويقسي، وضع قبلة على جبينها بحنان وهتف مُغمغمًا: -.

- حقك عليا ياحبيبتى، بس للعلم أنتى والدة بجالك شهرين مش أمبارح يعنى
رمقته بنظرة شر وأغتياظ فضحك عليها وهو يقرص وجنتها وتمتم لها بدلال: -
- براحتك ياروحى لسه والدة لسه والدة لو مولدتيش لسه عادى يعنى برضو.

قهقهت ضاحكة عليه بتلقائية وخجلت منه حين رأته يميل راسه يمينًا قليلاً بصمت متأمل ملامحها وضحكتها فتلاشت ضحكتها إلى بسمة رقيقة خاجلة من نظراته، ضمها إلى صدره برفق وأرتياح بعد أن تخلص من الخطر الذي يحيطها ويرعبها، تشبثت به بكلتا يديها بحب وقالت بنبرة دافئة هامسة له: -
- أنا بحبك أوى ياصقر
مسح على شعرها بيده وقال هائمًا: -
- وأنا بعشجك
أفلتت نفسها من حضنه ثم مسكت يده ووقفت تحدثه: -.

- قومي يللا عشان الغداء زمان الأكل برد
وقف معاها بعد أن أيقظته من نومه وخرجا معا وهو يشاكسها بعفوية...

دلفت إلى غرفتها بعد أستحمامها وصرخت حين وجدتهم الثلاثة فوق فراشها حول سيف وكل منهم يمسك بيده أو قدمه ويلعبوا بيه كأنه كُرة ام هو يصرخ باكيًا من تصرفات أخواته، ركضت نحوهم صارخة بهم: -
- بتعملوا أيه؟
تركه على الفراش بهلع من صرخها وركضوا خلف الفراش، حملت طفلها برفق وهو لم يتوقف عن البكاء والصراخ فصاحت بوجههم بأنفعال: -.

- أطلعوا برا، مشوفش وشكم تانى برا، حد يعمل كدة في اخوه الصغير، أنا قولت لملك، عامله كورة يا يوسف، دا اخوكى الصغير يا مكة هانم.

- يامامى هو كان بيعيط ومش عايز يسكت
قالتها مكة بطفولية، جلست على فراشها به تحاول أسكته عن البكاء بحنان، أقتربوا ثلاثتهم منها يصالحوها فقال يوسف: -
- مامى اسف مش هنعمل كدة تانى احنا كنا بنلعب معاه بس
لم تجيب عليه، تنحنحت ملك بخفوت وقالت برقة: -
- مامى أسفين خلاص مش هنعمل كدة تانى وهنجيب له شيكولاتة من بتاعت يوسف خلاص.

حدقت بهم بصمت فخرجوا ثلاثتهم فهم يعرفوها جيدًا ولن تغفر لهم وتسامحهم على خطأ حذرتهم منه سابقًا وفعلوا مجددًا، مسك يوسف الهاتف وبجواره تلك الأميرتين يغمزوا له بأن يفعل ذلك، أتصل بوالده بتوتر خوفًا من أن يغضب عليه هو الآخر وثواني معدودة واتاه صوت والده عبر الهاتف: -
- أيه ياحبيبتى..

أغلق الخط بوجهه بأرتباك فضحكوا عليه، أستغرب أيمن وأتصل هو تلك المرة وقفوا ثلاثتهم ناظرين لبعضهم على من يجيب وأجابت عليه مكة: -
- أيوة يا بابي
سمع صوتها مُندهشًا فأجابها مُستغربًا لأول مرة تفعلها: -
- مكة، في حاجة ياروح بابي
- إحنا كنا عاوزين نتكلم مع حضرتك
قالتها بهدوء وهي تنظر لأخواتها ويشيروا لها بنعم، سألها مُستفهمًا بأستعجال ليعود لعمله: -
- أنتوا مين؟ وتتكلموا في ايه؟ فين مامى؟

- أنا وأخواتى يابابي، من الآخر مزعلين مامى وعاوزينك تصالحها
قالتها بانفعال طفولي وصيغة امر، أجابها بأستنكار وافعالهم الدائمة: -
- وأنتوا تزعلوا وأنا أصالح وتزعلوها ليه؟ أنا مش قايل بلاش شقاوة
أخذ يوسف الهاتف منها وقال بتمرد: -
- أنت مش جوزها يبقي لازم تصالح الله، أيه الرجال دى ياختى يتجوزوا ويرموا علينا.

أتسعت عيناه بذهول من رد طفله وكأنه هو من أغضبها وليس هم، صاح بهم بأغتياظ: -
- يوسف خد اخواتك وأدخلوا ذاكروا ولما أجيلكم أشوف الموضوع دا أنا ورايا شغل..
- طب هات شيكولاتة ومصاصة وأنت جاي
قالها بأستياء، فهتف بأستعجال: -
- ماشي، سلام...
أغلق معاهم الخط ثم تنهد بأستسلام للأمر فثلاثتهم ماداموا معاً سيفعلون أكثر من ذلك وما عليه سوى القبول ف هم اطفاله..

خرجت من المطبخ حاملة بيدها صنية بها كأسين من المشرب الغازي بيبسي وطبق كيك ثم وضعتها على الطاولة وجلست على المقعد تقول: -
- وصجر عامل أيه؟
- كويس
قالتها وهي تطعم طفلها الرضيع ثم رفعت رأسها لها وسألتها بأهتمام: -
- أخبارك أنتى ايه، بلاش شغل الفرك ولف فىةالبيت زى الدبور، أقعدى أرتاحى خالص في الأول على ما الحمل يثبت.

ضحكت لها وقالت بسعادة: -
- متجلجيش نبيل مش سايبنى أعمل حاجة خالص
- والله لو عمل كل حاجة برضو لازم تفركي هو أنا تايهة عنك يافريدة
قالتها بثقة من حديثها، ضحكت فريدة بلطف ثم وقفت تجلس بجوارها على الأريكة تلعب مع مروان وتسألها عن حالها: -
- المهم أنتى زينة؟، لسه جلجانة كدة على صجر
تنهدت بهدوء ثم قالت بشك من أمره: -.

- صقر عمل حاجة يافريدة ومش عاوزة يقولى عليها، معرفش حاجة حلوة ولا لا بس عمل أنا عارفة جوزى كويس عمره ما رجع من الشغل قبل ميعاده و لا اترمي في حضنى بسكوت كدة كأنه بيستمد قوته منى غير قوته اللى نفذت بس عمل ايه معرفش.

أربتت على كتفها بحنان وقالت بطمأنينة: -
- متجلجيش صجر مبيعملش حاجة غلط ولا غير جانونية خالص وأفردى وشك النكدي دا لأحسن والله اجول لأخويا يتجوز عليكى فاهمة.

ضربتها على قدمها بأغتياظ وقالت بتهديد سافر ونظرة الشر تبث من عيناها: -
- مين دا اللى يتجوز عليا ياست هانم أنتى ها، اتقي شري يابت لأحسن أولدك دلوقتى.

قهقهت ضاحكة تغيظها فأخذت منها مروان وقالت بغيرة شديدة عليه: -
- ماشي مفيش لعب بقي، خليكى كدة لحد ما تولدى بعدها ألعبي براحتك، أنا ماشية أنا غلطانة أنى جت أزورك ياخرابة البيوت أنتى...

قهقهت ضاحكة عليها ووقفت خلفها تحاول منعها من الرحيل ولم تعري لها أنتباه او أهتمام...

ولج من باب الشقة حاملًا بيده باقة ورد حمراء وشنطة صغيرة بيده الآخري، ركضوا الأطفال نحوه بسرعة فجلس على ركبتيه لهم وقال: -
- عملتوا أيه؟ أحكولى
أخذ منه يوسف الورد وركضوا للداخل وهم يقولوا معاً: -
- بعدين بعدين...

كانت بالمطبخ تحضر العشاء من أجلهم، أستدارت تكمل ما تفعل فوجدتهم يقفوا ثلاثتهم خلفها مباشرة ويمسكوا باقة ورد وهو يقف هناك على الباب مُتكي عليه مُبتسمًا لها، نظر يوسف لهم وقالوا معًا بصوت واحد وهم يمدوا لها باقة الورد ومع كل منهم شيكولاتة: -
- أسفين مامى
نظرت لهم باسمة ثم لزوجها فضحك على أطفاله وأشار إليها بنعم، جلست على ركبتيها بهدوء وقالت بحنان: -.

- حبايب قلب مامى مفيش أم بتزعل من ولادها بس مينفعش اللى عملتوه في أخوكم دا أنتوا عاوزين بابي يدويه للدكتور ويأخد حقنة يعنى.

- لا يا مامى مش عاوزينه يتعب بس كمان مش بنحبوا يعيط وهو كان بيعيط فلعبنا معاه
قالتها مكة ببراءة وهي تحتضن أمها تبسمت لهم وقالت ضاحكة: -
- طب مش هتدونى الشيكولاتة
أحتضن كلا منهم حلوته بشدة وقالوا: -
- دى بتاعتنا إحنا خلى جوزك يجيبلك
ركضوا للخارج فوقفت واضعة يدها بخصرها بدلال مُصطنعة الغضب وقالت مُقلدة لهم: -
- خلى جوزك يجبلك ها
أقترب منها بسعادة واضعًا قبلةوعلى جبينها وقال بحب: -
- يجبلك ياقلبي.

أخرج شيكولاتة حجم أكبر من جيبه فنظرت له بحب وسعادة ثم رفعت يديها الأثنتين تمسك رأسه بحنان ثم جذبتها للأسفل نحوها قليلًا وأطبقت شفتيها على جبينها واضعة قبلة ناعمة عليها ثم أبتعدتوعنه وقالت بعفوية: -
- ياريت كل راجل يكون زيك ياأيمن ويعرف أن الكلمة الحلوة أو الشيكولاتة دى اللى بيقولها لمراته بتكون كفيلة بأنها تستحمل تعب الولاد والبيت وغيره طويل اليوم عشان تسمع كلمة حلوة منه في الأخر وأنه يطبطب عليها.

مسك يدها بين كفيه ثم نظر لعيناها وهتف هائمًا بها: -
- ياريت كل زوجة تكون زيك أنتى ياحبيبتى وتعرف أزاى تفرق بين الوقت اللى لازم تطبطب فيه والوقت اللى لازم تشتكى فيه وتزن وأزاى تطلب بطريقة حلوة مش خبط لزق واللى عندك أعمله لأن الراجل بيبقي طلع عيناه في الشغل حقيقي ومحتاج يرجع بيته يرتاح من صداع الشغل مش يرجع يلاقي صداعوكمان فىةالبيت والولاد عمله والبيت محتاج ومحتاج ومطلوب منه يقول حاضر وميتعصبش.

- ربنا ما يحرمنى منك ياحبيبي
قالتها بعفوية وهي تربت على ذراعه ثم أكملت حديثها قائلة: -
- أنا محضرلك الهدوم على السرير خد دوش سريع كدة وغير هدومك يكون الأكل خلص
وضع قبلة في قلب كفها باسمًا بوجهها وقال بحنان: -
- ماشي ياحبيبتى ربنا يخليكى ليا
خرج من المطبخ فأكملت ما تفعله حتى أنتهت من تجهيز الطعام ثم جاء أطفالها يساعدوها في أخرج الطعام إلى السفرة...

كانت تمشي معه بالشوارع واضعة يدها في ذراعه بسعادة تحدثه عن طفلهم الموجود في أحشاءها هاتفة: -
- حبيبي أنت نفسك في ولد ولا في بنت
نظر لها بغرور مُصطنع وقال بكبرياء: -
- مش هتفرق ياحبيبتى مادام هيطلع زى القمر كدة كيف ابوه
نزعت يدها من ذراعه وحدقت به بأغتياظ ثم هتفت مُتذمرة: -
- هو مين اللى جالك أن أبوه ككيف الجمر بجي.

نظر لها مُبتسمًا ثم وضع يديه على كتفها وأخذها نحو زجاج محل ووقوفا أمامه ثم نظر لها في الزجاج وقال: -
- لو ولد هيكون شبه أبوه كدة بصي مُز وحلو أزاى أهو البنات هتعكسه
أشاحت نظرها بعيدًا عنه غاضبة بتذمر طفولى فمسك رأسها وأدارها مُجددًا ثم قال: -
- لو بنت بقي هتبقي أميرة زى القمر برضو زى أبوه بصي حتى...

أخذ طرف حجابها ووضعه على شعره برفق ثم غمز لها بعينه في المرآة فضحكت عليه بطفولية مُتناسية غضبها، أعاد حجابها بعيدًا عنه ثم لف ذراعيه حول كتفه يجذبها إلى صدره هامسًا بأذنها بحنان: -
- فكلتا الحالتين بنت أو ولد هتبقي نعمة من ربنا ليا وكفاية عليا أنها منك ياروحى قلبي.

- نبيل أنا بحبك أوى.

قالتها بصوت عاذب ونبرة دافئة فتبسم لها وأخذها إلى محل لمستلزمات الأطفال ووقف يتأملها وهي تعبث هنا وهناك مع البائعة بمسلتزمات الأطفال وبسمة جميلة تزين ملامحها وتنير دنياه، ظل يتأملها وهي تبحث في ملابس الأطفال وتضحك بطفولية على صغر حجمهم وأغراض الأطفال الأخرى تبسم لها وأشتري شيء بسيط الآن لطفلهم وأخبرها بأنه سيجلبها مرة أخرى حين يعلما بجنس الطفل ثم أخذها لمحل مثلجات وأشتري لها النكهة المفضلة ومنه إلى أحد الحدائق العامة بالطريق جلسا الأثنين معًا على مقعد خشبي، أبقي هو يتأملها وهي تأكل بسعادة وحين بدأ أكل المثلجات الخاصة به رأها تنظر له ببراءة كطفلة ترغب بما معه نظر لها ففتحت فمها له وتشير عليه تخبره بأنها تريد المزيد دون ان تتفوه بكلمة واحدة، تبسم لها ومَدّ يده لها بالمثلجات فضحكت عليه بسعادة وقالت بلهجة دافئة وترجى: -.

- ألف هنا ياحبيبي، أنا ينفع أسند عليك
أجابها برحب وهو يربت على كتفه يخبرها بأنها الوحيدة المسموحة لها بفعل ذلك: -
- أكيد طبعًا من غير ما تسألى.

وضعت رأسها على كتفه مُتكية عليه برفق ثم أغمضت عيناها شاردة بهذا الزوج الذي يتحمل الكثير من أجلها ومن أجل أسعادها قطع شرودها به حين شعرت بأنه يضع رأسه فوق رأسها بعد أن لف ذراعه حولها ويربت على كتفه بحنان فتبسمت بسعادة وحركت رأسها بخفوت فوق صدره ثم نظرت لعيناه فبادلها النظرة بحب يفيض من جفنيه لها وطالت نظرتهما وكأنهما لأول مرة تلتقي عيناهما معًا...

وضعت طفلها في سريره الصغير برفق شديد حتى لا يستيقظ بعد أن أرهقها بنومه فشعرت بذراعيه تطوقها من خصرها ثم تجذبها إلى صدره فأصطدم ظهرها بصدره فقالت بدلال: -
- بالك رايق النهاردة يا سي صقر
همس بأذنها بحنان بينما هي تشعر بأنفاسه الدافئة تداعب عنقها هاتفًا: -
- ميروجش ليه وحبيبتى هنا
نكزته بذراعها في صدره ثم قالت: -.

- يابكاش، بقيت اونطاجى ياصقر، أوعى كدة الواد لو صحي والله لأسيبهولك وأنام وأسهر أنت معاه بقي.

أفلتت نفسه من قبضته وكادت أن تذهب من أمامه حتى مسكها من معصمها يمنعها من الرحيل فأستدارت له بحب ثم نظرت لعيناه بحب وقالت: -
- أنت عاوز أيه
- أنا هأخد دوش وأجي أجولك أنا عاوز أيه
قالها وأسرع للخارج جلست علىةالفراش مبتسمة عليه وقطع بسمتها صوت رنين هاتفه يعلن عن أستلام رسالة ألتقطته بحُسن نية وأتسعت عيناها على مصراعيهما بصدمة ألجمتها وتجمعت دمعة حارة بجفنيها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة