قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية صقر الصعيد الجزء الثاني للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الأول

رواية صقر الصعيد الجزء الثاني للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الأول

رواية صقر الصعيد الجزء الثاني للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الأول

فتح عيناه وهو يلهث بذعر من ذلك الكابوس الذي راوده، جلس على فراشه يمسح وجهه بيده وأخرج تنهيدة قوية فولجت إلى الغرفة ورأته يجلس على فراشه في الظلام، فتحت الضوء وهي تقول: -
- صباح الخير ياحبيبى، يللا عشان نلحق نروح لفريدة
لم يجيب عليها، أقتربت منه بأستغراب ثم جلست أمامه بذهول من تسمره وقالت: -
- مالك يا أيمن؟

نظر لعيناها بصمت وهو يتأمل ملامحها وكيف كانت تبكي بمنامه صارخة مُتألمة لم يشعر بنفسه سوى وهو يجذبها لصدره يعناقها بخوف شديد فأتسعت عيناها على مصراعيها بدهشة ثم أربتت على ظهره بحنان وتقول: -
- أنت كويس؟ متقلقنيش عليك..
شعرت بقبلة دافئة على كتفها ويديه تمسح على رأسها وظهرها بهلع، تبسمت بحب وأخرجت نفسها من بين ذراعيه وتملك وجهه بين كفيه قم همهمت قائلة: -
- في أيه؟
- مفيش ياحبيبتى، كابوس مُخيف بس.

قالها مُبتسماً أبتسامة مزيفة ثم وضع قبلة على جبينها بحنان، فوقفت بسعادة وهي تقول: -
- طيب يا حبيبي، قول أعوذ بالله من الشيطان الرچيم وقوم يللا عشان تفطر على ما ألبس الولاد عشان نروح لفريدة، جالان أتصلت وصقر مستنيك.

تنفس بأرتياح وقام من فراشه ثم خرج من الغرفة خلفها...
دلفت إلى الغرفة بعد أن أعدت له الفطار مُرتدية منامتها القطنية القصيرة تصل لركبتيها بقط، فتحت الضوء ثم جلست بجواره على الفراش تقظه، أردفت بصوت هادئة ونبرة ناعمة قائلة: -
- حبيبي أصحي بجي، يا نبيل جوم بجي أنا زهجت من الجاعدة لحالى
أستدار للجهة الآخري متذمراً عليها راغباً بالمزيد من النوم، أبعدت عنه الغطاء وقالت مُتذمرة عليه: -.

- يا نبيل جوم بجى، حبيبي وحياتى تصحى يللا
كان مُغمض العينين لكن أذنه مُستيقظة جيداً بمجرد سمعه لتلك الكلمة أستدار لها بسعادة قائلاً: -
- أنتى قولتى حبيبي صح أنا حبيبك
توردت وجنتيها بحياء منه ثم قالت بنبرة دافئة ناعمة تذيب قلبه العاشق: -
- اه حبيبي مش أنت حبيبي
أقترب نحوها بهيام مُتأملاً ملامحها بعد أن زادت جمالاً بأحمرار وجنتيها وقال بحب مُتغزل بها ليزيد من ربكتها: -.

- دا أنا حبيبك غصب عن أى حد، أنا أطول دا العالم كله بيحسدنى على القمر دا
قالها وهو يمسك ذقنها بيده فتقابلت عيناهم معاً في نظرة مليئة بمشاعرها وحبهم الخالد بقلوبهم فوضعت يدها فوق يده مُتشبثة بها بقلب ينبض جنوناً له وحده ثم قالت برقة ناعمة: -
- أنا بحبك جوى جوى
وضع خصلات شعرها خلف أذنها مداعباً أياها ثم قال بحب باسماً لها: -
- جوى جوى كان فين الكلام دا من زمان
ضحكت له ببراءة طفولية وقالت بعفوية ودلال: -.

- ما أنت بجيت جوزى بجي من حجى أحب فيك براحتى وأدلعك كمان
- الله على جوزى دى وهي طالعة منك ياقلب جوزك من جوا وحتة منه
قالها بشوق بينما يده تنزل إلى عنقها مداعبة له مستكشفة دفئه، بقت ساكنة بين ذراعيه تاركه يفعل ما يشاء أقترب نحوها وقبل أن يفعل شئ أستوقفه صوت جرس الباب فصاحت به منتفضة من أمامه: -
- يالهوى جالان أتصلت وجالت أنهم جايين، عجبك اكدا جعدت تحب وتدلع وملبستش..

وقف من مكانه مُتذمراً على المجهول الذي دق الجرس بهذا الوقت، خرج ليفتح الباب بينما هي وقفت تغير ملابسها بسرعة مُرتدية عباية صباحيتها البيضاء فدلف لها بوجه عابث وقال: -
- أنتى طلبتى عيش من الأمان
- اه يا حبيبي عشان الفطار
قالتها وهي تعلق حلق أذنها بها ثم أخذت منه الخبز وخرجت مُسرعة قائلة: -
- غير خلجاتك بسرعة، صجر على وصول
عض شفتيه بأغتياظ وركل المقعد بقدمه فألمته وجلس على الفراش مُتذمراً.

- يا صقر هم شوية أمال زمانهم مستنيين
قالتها بضيق وعصبية من تأخيرهم، خرج من غرفته مُرتدي بنطلون أسود وقميص رمادي يقول: -
- مش أنتى اللى معجبكيش خلجاتى ولازم أغير
أخذته من ذراعه بأستعجال للخارج هاتفة بعفوية: -
- اه يللا بقي يا صقر، تعبتنى معاك الله
- خلاص أهو أعمل أيه تانى يعنى.

خرج أيمن من غرفته فوجدها تقف تنتظره مع أطفالهم وفور خروجه صاح أطفاله قائلين: -
- وأخيراً بابي خلص
رمقه بنظرة حادة أم هي فقهقهت ضاحكة عليهم فقال بأستياء: -
- دا على أساس أن بابي هو اللى قعد ساعة يلبس مش كدة
عقدت مكة ذراعها أمامها بطريقة طفولية وقالت بضيق: -
- أنت اللى مساعدتش مامى في لبسنا..
بتر حديثها يوسف وهو يقول بغرور مصطنع طفولى: -
- هو إحنا مش ولادك زى ما إحنا ولادها ليه مبتساعدهاش.

- رجالة أخر زمن صحيح
قالتها ملك بينما تضع يدها في خصرها بكبرياء طفولية، أتسعت عيناه بذهول من تذمر أطفاله عليه ويعاقبوه كأنه مُتهم أمامهم ام هي فكانت تضحك على تعابيرهم وحركاتهم الطفولية واضعة يدها على فمها تحاول كتم ضحكاتها، أشتاط غضباً منهم فدفعهما جميعاً للخارج برفق قائلاً: -
- طب أتفضلوا قدامى يللا، أتفضلى يا ست ماما قال بيتخانقوا عشانها قال أتفضلى.

رمقوا لثلاثتهم بعينهم نظرة ماكرة تشع غضب ثم قالوا بلهجة غاضبة: -
- براحة على مامى وأختنا / أخونا
نظر لهم وقبل ان يعقب عليهم أستوقفه شجارهم المعتاد معاً على طفلها الموجود فأحشاءها فتلك الأميرتان تريدا طفلة مثلهم أم هذا الفارس يريد طفل مثله، تحول غضبه لضحكات عليهم فأصبح أتحادهم حرب بينهم...

أقترب نحوها بهدوء خافت ناظراً لعيناها فرفعت نظرها له بخجل شديدة ووجنتيها توردت باللون الأحمر وكأن دماءها تدفقت لرأسها وشعرت بحرارة جسدها ترتفع فأغمضت عيناها بأستسلام حينما وضع يده على عنقها ثم فتحتهما ببطيء شديد فتبسم لها بخفوت ثم وضع قبلة على جبينتها، شعرت بدقات قلبها تتسارع بقوة حين وضع شفتيه على جبينتها ثم أبتعد عنها وهمس لها بحنان: -
- بحبك يافريدة وهفضل أحبك العمر كله.

نظرت لعيناه بهدوء مُبتسمة له بهيام شاردة في ملامحه معاً بعالم آخر لكن لحظته لم تدوم كثير فقطعها جرس الباب مرة آخر ولم تنتظر ثانية واحدة أو الأستئذان منه بل ركضت من بين ذراعيه للخارج دون الأهتمام به فعض شفتيه بأغتياظ راغباً بقتل من دق الباب خصيصاً لو كان أخاها، ضرب الحائط بقبضته ثم أستدار راسماً بسمة مزيفة لكن ملامحه ووجه العابث واضحان، خرج من الغرفة يقول بأغتياظ ويكز على أسنانه: -.

- نورتنا والله وشرفتونا
أقترب أيمن منه ضاحكاً وقال: -
- مبروك ياعريس صباحية مباركة
ثم عناقه وهمس بأذنيه يشاكسه ويثير غضبه: -
- شكلنا جينا في وقت مش مناسب وقطعنا عليك
أبعده عنه بضيق وقال: -
- نورت يا صقر والله
رمقه بنظره وفهم سبب غضبه فأبتسم له، أشاح نظره عنه فرأها تعانق جالان بأشتياق كطفلة صغيرة وكأنها تركتهم منذ زمن وليس ليلة واحدة فقط ضاحكة ثم أخذتها هي و قمر للداخل معاها وجلس هم معاً في الصالون...

في مكان آخر كان يجلس رجلاً في الخمسينات من عمره بغرفة مكتبه. يتحدث في الهاتف بعصبية شديدة ووجهه يشع غضب وشىر فصاح به بأغتياظ مُنفعلاً: -
- عملت أيه؟
- مش عارف أوصلها، مبتخرجش من البيت أبداً وجوزها ملازمها في كل خروجة
هكذا أجابه الطرف الثانى على الخط فضرب مكتبه بقبضته وقال بعصبية شديدة: -
- أتصرف مفيش حاجة هتكسر صقر غير مرأته، لازم تكون عندى بأى طريقة فاهم حتى لو هتدخل تجيبها من بيتها واضح.

تنحنح بهدوء وقلق من ما أمر به وقال بطاعة ناهية: -
- حاضر، حاضر...

وقف أمام المرآة يرتدي بدلته ويصفف شعره للذهاب إلى العمل، ألتف لكى يخرج فوقع نظره عليها وهي نائمة على الفراش وأقترب منها بهدوء حتى لا تستيقظ ثم وضع قبلة على جبينها وخرج من الغرفة..

شعرت بحركته بالغرفة منذ أن أستيقظ لكن آلم بطنها المنتفخة منعتها من القيام من الفراش ففتحت عيناها بتعب فحدثت طفلها بأستياء: -
- مش كفاية ضرب في مامى بقي، ماهو أكيد مش عاوز تخرج لسه بدرى، خلينا حبايب مع بعض ياواد متبقاش شقي وعنيد زى أبوك.

وقفت جالان من مكانها ثم خرجت إلى المرحاض تأخذ حمام دافئ على أمل أن تخف ألمها قليلاً فهى مازالت بمنتصف شهرها السابع وزال هناك وقت للولادة...

جلس بغرفة الأجتماعات مع مديرين شركته ومعه أيمن وهاتفه يدق كثير على مكتبه على وضع الصامت، أنهى أجتماعه وذهب إلى المكتب وخلفه أيمن
- بس أنا من رأي بقي نشوف شريك تانى غير الشركة دى
- متجلجش يا أيمن محدش هيأخد غير اللى إحنا عاوزين نديهوله وكدا كدا..
بتر حديثه رنين هاتفه فوجد أكتر من عشرين مكالمة منها فأستغرب وأجاب على المكالمة فصاحت به: -
- أنت فين يا صجر.

أندهش حين سمع صوت أخته العروس من هاتف زوجته فسألها بقلق: -
- فريدة؟، أنتى فين؟
- في المستشفي مرتك بتولد والداكتور بيجول وضعها خطر
قالتها بأستياء وغضب من تأخيره في الرد، وقعت كلماتها على مسمعه كالجمرة النارية فصاح بخوفوعليها وهو يقف من مكانه: -
- أنتى في مستشفي أيه؟ أنا جاي حالا.

خرج من مكتبه كالمجنون وخلفه أيمن كان خائفاً من حديث أخته فكيف وضعها خطر؟ وكيف تلد بشهرها السابع فمازال مبكراً على موعدها؟ وصل للمستشفي وركض كالمجنون أو سهم برق لم يشعر به أحد من سرعته وهو يلهث وحبيبات العرق تنبع من جبينه وظهرت عروقه من القلق حتى وصل لغرفة العمليات وظل أمامها ما يقرب لساعة حتى خرج الطبيب فركض نحوه يسأله عن محبوبته وزوجته: -
- خير يا داكتور طمنى؟

هتف الطبيب بوجه عابث دب القلق على قلبه من ملامحه الحزينة قائلاً: -
- مبارك جالك ولد يتربي في عزك
تنهد بأرتياح قليلاً فلما أخبروه بأن وضعها خطر وحمد ربه ثم سأله عنها ببسمة رسمت على وجهه: -
- الحمد لله ومرتى كيفها؟
صمت الطبيب لوهلة ناظراً للأسفل بحزن مُستحوذ على وجهه وقال بأسف: -
- رحمها الله...

وضع الهاتف على أذنه ثم قال مُبتسماً: -
- مبروك يا باشا تقدر تدعي لها بالرحمة وترتاح لأنتقامك المدام قابلت وجه كريم...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة