قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية صقر الصعيد الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل التاسع

رواية صقر الصعيد الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل التاسع

رواية صقر الصعيد الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل التاسع

دلف عوض للصالون ناظراً للأسفل بخيبة أمل ويمسك بيديه الظرف، فوقف صقر بهلع مسرعاً نحوه ويأخذ الظرف منه بسرعة وينظر للجميع بأنتصار ونظرات غضب نحو رقة ونظراته تخبرها بأن الموت جاء لها وما أن فتح الظرف حتى لجمتها الاجابة حين كانت أيجابية تثبت بأن الطفل أبنه من صلبه بنسبة 99,6% تزحزحت قدمه للخلف بذهول من هذه الاجابة اللعينة التي ستفرقه عن حبيبته وتكسره هو وقلبه، أبتسمت رقة بخفة وهي تقول: -.

- النتيجة جالتلك آيه ياصجر ولدك صوح انا مهتبلش عليك
نظر مجدي و جالان بصمت ثم وقفت بعد أن علمت الإجابة من ملامحه والصدمة تحتلهم وصعدت للأعلي ونظروا عليها وهي ترحل تنذره بأن يستعد لرحيلها من حياته وقلبه، صعدت رقة لغرفة الضيوف منتظر خبر زواجها منه بعد ضغط جده عليه...

صاح بأنفعال وقد يجن عقله قائلاً: -
- ملمستهاش جسماً بربي ما جربت منيها ولا شوفتها حتى في النجع من 5 شهور كيف دي كييييف.

كان يصرخ بغرفة مكتبه مُحدثاً ذاته وهو يشعر بألم قلبه ليس لفعله هذا بل لوجع حبيبته تكابر وتصرخ بوجهه تخبره بأنه لا شي لها لكن عيناها تخبره بألم بداخل قلبها على وشك قتلها، حزن عيناها يكاد يلتهمه هو، فهتف عوض بحزن على حاله فسعد بغرامه لأمراة وتزوجها وما عساه شئ بعد أن تدمرت سعادة صاحبه وكبيره: -.

- أنا عارف ياجناب البيه، وهطجسلك عليها بنت المحروج دي وإن شاء الله نوصل لحل ولا للمحروج اللي عملها بس كيف النتيجة ايجاب ده أنا مهملتهمش لحظة كيف زوروها و لصالح مين
- هملني لحالي ياعوض هملني.

قالها وهو يسقط على كرسيه بضعف لا يستطيع فعل شئ وكأن ربه حرمه من لمس زوجته أمس لكي ترحل اليوم بعيد عنه بدون تفكير، أغمض عيناه بتعب مُستسلم لألم قلبه الذي يلتهم أحشاء صدره وضلوعه، أستدار عوض وخرج يغلق الباب بحزن...

كانت بغرفتها تبكي بحرقة وحسرة تلك الدموع التي خشيت نزولها أمامه وأصطنعت القوة، قلبها تحول لأجزاء متناثرة بين ضلوعها يصعب تجميعها من جديد بعد خذلانها، كانت ترتجف بقوة وكأنها ستقابل خالقها بتلك اللحظة، فتحت فريدة الباب ورأتها جالسة على الأريكة وتبكي كما هي فشفقت على حالها إمس كانت عروس تبتسم كحورية وسعادتها بزواجها كطير حلق في السماء وكأنها لأول مرة تكرن عروس وهو زوجها الأول ثم أغلقت الباب وعادت للخارج تفكر بما أصابهم...

- هو اللي بعتك تجول اكدة ياعوض
قالها مجدي وهو يشير عليه بنبوته ويهدده بقسوة، فصاح عوض بسرعة نافياً ذلك: -
- لا ياحاج، جناب البيه ميعرفش اني جيت، بس أنا محتاج دعمك وجناب البيه محتاجك في صفه أنت كبيرنا وكبير النجع كله
رد حامد عليه وهو يقف بجوار مجدي قائلاً: -
- أنت بتثبت ياعوض، ما تخوش في الموضوع من غير مجدمات الله.

- صدقني ياحاج، جناب البيه ملمسش بنت المحروج دي، جنابه مبيطلعش من السرايا من غيري واخر مرة جنابه جابلها كان من خمس شهور في السوج
قالها وهو يقترب منه ويجلس على الأرض بجوار قدمه، فقال مجدي بسخرية قائلاً: -
- يمكن كان بيجابلها بليل في السر
أشار عوض بلا وهو يقول: -.

- جنابه بينام وأنا على باب اوضته وبصحي يصلي الفجر مفيش يوم فاته أو يوم ملجتهوش في فرشته، أنا هجبلك جرر بنت المحروج دي بس البيت بجي كله حزن ومرت جناب البيه زعلانة وغاضبه وهي لسه عروسة وجنابه مكسور بسببها هي مشان زعلها، أنت مخابرش هو بيحبها جد ايه
أنحني مجدي عليه بخبث وسعادة وهو يقول: -
- هو جالك آنه بيحبها.

- لا مجالش بس باين عليها بيجعد يراجبها ويهمل الشغل اللي وراءه، ولما سفرت سافر وراها وجطع يد حسام مشانها وغيره كتير بيحبها وجوي كمان
قالها باسماً ل مجدي فأشار إليه بأن يذهب وسيفكر...

خرجت جالان من غرفتها بعد أن رسمت قناع الكبرياء على وجهها تخفي خلفه وجعها ثم هبطت للأسفل ووجدت رقة تجلس على السفرة وهي تأكل بشراسة فأتجهت نحو المطبخ بلا مبالاة لكن أستوقفها صوت رقة بغرور وهي تقول: -
- انتي بجي مرته ست الحسن والجمال
رفعت حاجبها بغرور لها وأبتسمت ساخرة منها، فأكمل رقة حديثها وهي تأكل: -
- بجولك إيه يابت أنتي هاتيلي عصير مشان أتغذي زين آنا شايلة ولازم أتغذي زين مشان ولدي.

- قومي هاتيه لنفسك معتقدش آن الدكتور قال آنك مشلولة ده قال حامل
قالتها بغيظ من أسلوب حديث رقة معاها، فوقفت رقة من مكانها وهي تصرخ بصوت عالي قائلة: -
- ان شاء لله أنتي اللي تتشللي ومتلاجيش اللي يحركك، انا عارفة دي جهرة جلبك من الحصل.

كانت نائماً على مقعد مكتبه كما هو منذ أمس من التعب وأستيقظ على صوت شجارهم، خرج من الغرفة وهلع حين رأها تحاول ضرب حبيبته وأخته تقف بالمنتصف تمنع شجارهم، ذهب نحوهم مُسرعاً وهو يحتوي حبيبته بين ذراعيه ويبعد رقة عنها بغضب فدفعها بقوة وسقطت أرضاً وهو يصرخ بها: -
- جنيتي أياكي ولا ايه، محدش جالك ان اللي يلمس دي بينجطع يده ولا أنتي متنازلة عنيها.

قال حديثه وهو يضم رأسها لصدره ويمسح على رأسها بحنان، حاول التحكم ببكاءها ومنعت يدها وهي تغلق قبضتهم بقوة حتى لا يتشبثوا به، تشعر بيده تمسح على شعرها بحنان، سرعان ما عادت لكبرياءها ودفعته بعيداً عنها وهي تصرخ به قائلة: -
- انت اللي إتجننت، ازاي ترميها كدة دي حامل
جثوت على ركبتها بحزن تردف بأنكسار: -
- أنتي كويسة؟
فدفعتها بقوة وشراسة وهي تقول بعنف: -
- مالكيش صالح.

جثو صقر على ركبته بهلع ويسندها من ظهرها لتسقط بين أحضانه وهو يقول: -
- مش بجولك مستغنية عن يدك
رمقها بنظرة غضب ونار تلتهمها، أخرجت نفسها من ذراعيه ووقفت بغرور متجاهله تماماً، جذب رقة من ذراعها بقوة وأوقفها وهو يناديه بغضب: -
- عوض يازفت ياعوووض
لفت حجابها بسرعة وصمت، دلف عوض للداخل بهلع وسرعة من نبرة صوته القوية فهتف بغضب وتهديد قائلاً: -.

- طلع البهيمة دي برا ولو رجلها خطت السرايا مرة تانية هقطع رجلك وخبرك من الدنيا كلتها، أما أنتي بجي عاوزك تلفي في النجع كلته وتجولي أنا حبلة من صجر ابو الدهب لحد ما تلاجي اللي يصدجك ونشوف مين ابو اللي في بطنك ده وجاية تلزجهولي بس يوم ما أعرف هو واد مين هجتلك انتي وأبوه وهو لأن دموع مرتي آللي واجفه دي آنا مبتهاونش فيها وأسالي مجرب.

ودفعها بقوة ل عوض بعد إنهاء حديثه، أتسعت عيناها بصدمة من حديثه وتهديده بقتلها هي وطفلها مقابل دموع زوجته العزيزة ومادام تفوه بتلك الكلمات فسيحققها عاجلاً ام أجلاً...
نظرت له بحيرة من ثقته بكل كلمة يتفوه بها وإن هذا الطفل ليس أبنه، لم تستطيع فعل شئ سوى الصعود بغرفتها غاضبة منه وتائهه في دوائر حيرتها بين الواقع وحديثه وقلبها...

- يعني أخوكي، مرته مقاطعه
قالها مجدي وهو يدخل من باب السراية معاها مُتكي بيده على نبوته ويده الأخري في يدها، فأجابته بحزن قائلة: -
- بجاله سبوع من ساعة ما رجع وهو بنام في المكتب مشان هي نايمة بأوضتهم
تمتم بخبث شديد قائلاً: -
- امممم في المكتب جولتلي وبجاله سبوع يعني شكل جوازه زي عدمه ومهيجبليش حته عيل يرفع أسم أبو الدهب
- بتجول إيه ياجدي هو ده اللي همك المهم نخلص من المصيبة دي.

قالتها بحدة وأستغراب، فجذب يده من يدها بعنف وقال بحزم: -
- مالكيش صالح أنتي، أجري ناديلي الواد حامد من برا هو آللي بينفعني ويفهمني أجرى، جال مصيبة جال هو في مصيبة أكبر من آنه ميخلفش
تركته بتذمر وذهبت تتمتم بحديث غير مفهوم وشجر شديد...

أتسعت عيناه بصدمة حين سمع طلبه وقال بعنف: -
- أنت بتقول آيه يانبيل تتجوز مين أختي صقر، اللي هو رئيسي ورئيسك
- ومالها أخته عورة يعني ولا ناقصة ايدي دي دي القمر، وبعدين مانت عارف ان الحاجة بدورلي على عروسة خلاص واديني لاقيت عروسة ومؤدبة مرفعتش عيناها فعيني مع أنها لاحظت نظراتي ليها، مش زي بنات اليومين دول اول ما تلاقي واحد بيبصلها تبصله ببجاحة وتضحك، أنا عن نفسي في أقرب فرصة هروح أكلمه.

قالها بأسرار وثقة من أختياره، فأجابه بعنف أكبر قائلاً: -
- يابني اخت صقر يعنى المستوى أعلي منك هتقبل بده، أنت بتشتغل عند أخوها
- هعيشها على قدي والله انا هتقدم بإمكانياتي عجبوهم يبقى ربنا بيحبني معجبهمش يبقى برضو ربنا بيحبني، أنا لا هكدب ولا هخبي عنهم حاجة
قالها بأسرار أكبر، ضرب أيمن كف على الأخر بذهول وحيرة...

- فهمتوا هتعملوا ايه يابجر أنتوا ولا أعيد تأتي
قالها مجدي بخفوت شديد حرصاً من أن يسمعه أحد، فأجابه حامد بحماس شديد: -
- أنا فهمت يابا الحاج هشربه لحد ما يتعمي وميحسش بحاجة واصل متجلجش هو أنا بعمل حاجة غير السطلان
فنظر نحو عوض بحزم ورمقه بنظرة غضب وتهديد ثم أردف بحدة: -
- وانت يا عوض
- أنا لا لا لا مجدرش أعمل أكدة في جناب البيه لا ده لو عرف هيجتلني
قالها بخوف من حديث مجدي فأجابه: -.

- هو أنا بجولك سمه آنا بجولك تطلعه لمرته لما حامد يدهولك، ثم انت منفسكش تشوف عيال، وبعدين بجي أنا متساريش وياك أنت تنفذ وبس يابجر مفهوم
صمت بخوف من صقر أذا علمه بما سيفعله به...

أخذت دوشها وخرجت من الحمام مُرتدية روب الأستحمام ثم دق باب الغرفة ففتحت وذهلت حين رأته مُتكي على كتف عوض شبه غائب عن الوعي، فور رؤيته لها أدار رأسه بأرتباك مُتحاشي النظر لها وقال بتلثعم: -
- جناب البيه تعب هبابه
أخذته منه بخوف عليه وأغلق عوض الباب، حاولت الثبات بقدميها حتى لا تسقط به أرضاً وتلف ذراعيها حول خصره بقوة وتناديه برقة وخوف عليه: -
- صقر مالك.

زحزحت قدميها للأسفل بضعف تحاول الوصول للسرير لتنازله عن عاتقه ورأسه مُتكياً على كتفها شبه غائباً عن الوعي ويسمع صوتها يداعب عينه ويديها مُتشبثة بظهره فقال بتعب وأرق: -
- جالان
وصلت للسرير به وشعرت بيديه تطوقها بحنان فأنتفضت بذهول وسقط جسدها به على السرير وهو فوقها وهي مُتشبثة به بخوف وقلق عليه فقالت بضعف: -
- صقر، حبيبي رد عليا، مالك.

رفع جسده قليلاً عنها وهو يتأمل وجهها بين ذراعيه لا تستطيع الهرب منه، رفع يده بتهكم يداعب وجهها بأنامله بدفء وينظر لعيناها الزرقاء وهي ثابتة لا تتحرك او تتفوه بحرف ترمقه بعيناها بشغف لم تراه منذ أسبوع سوى بالأسفل فحين دق الباب أعتقدت بأنها فريدة وليس هو، همس بخفوت شديد وهو يبعد خصلات شعرها عن وجنتها وعنقها قائلاً: -.

- أنا بحبك، بحبك يا جالان ومجدرش أزعلك من أول لحظة وأنا بحلم أخدك في حضني وألمسك بيدي...
سقطت رأسه على كتفها، كانت في وهلة من الذهول من تلك الكلمة آلتي نطقها أعادت الحياة لقلبها من جديد وجعله ينبض بقوة من أجله، ثلاث شهور وأسبوع منتظرة منه هذه الكلمة والأختباء بحضنه هكذا دون خوف أو توتر، شعرت بشئ دافئ على عنقها وسرعان ما علمت بأنه يقبل عنقها بدفء وحنان ومع كل قبلة يهمس بكلمة واحدة فقط: -.

- بحبك يا جالان
لم يخطأ بأسمها ولا مرة واحدة فقط مما يدل على صدق حديثه وحبه لها، لم تشعر بذاتها إلا وهي تشد بيدها على ظهره تجذبه لها أكثر تبادله مشاعره الصادقة بنفس قدسيتها، شعرت بيده تبعد روب الأستحمام عن كتفها ويقبله بحب وهدوء، فقالت بخفوت وحب: -
- وأنا بحبك ياصقر بحبك أكثر من نفسي وحياتي وعمري.

فرفع رأسه بحب لها ناظراً لعيناها ويمسك فك وجهها بيده وبأبهامه يحركه على شفتيها الصغار وهم يردفوا بأنها تحبه وتنطق أسمه فأبتسمت له وبريق عيناها الذي يخبره بحبها وعشقها له، فأنحني ببطئ شديد ليتذوق طعمهما من جديد...

جلس عوض في الحديقة في حالة ذعر ورعب خوفاً من ما سيفعله كبيره حين يستيقظ ويعلم بما فعله وكيف جعله يذهب لها وكله بسبب جده الخبيث الذي يريد أحفاد له دون أنتظار، تذكر حديث جده حين أعطي دواء ل حامد وأخبره بأن يضعه في الشاي الخاص به ليجعله يخضع لرغبته بقلبها ويتوقف عن خصامها وبكاءها وهي عروس باكية، فجعله على غير دارية بما يدير حوله أو ما يحدث معه...

- بجولك صجر واثجة ان العيل مش ولده وحلف آنه لما يعرف أبوه هيجتلنا احنا التلاتة، أتصرف بجي
قالتها رقة بخوف وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها، فأجابها ببرود قائلاً: -
- مش ده لو عرف التحليل اثبت آنه ابوه يعني ميقدرش يعمل حاجة
قالتها برهبة منه ومن جبروته وقسوته: -
- صجر مهيسكتش على ده وأنا مهستناش كتير أنا حبلة في الثالث عارف يعني إيه، يعني كلها شهر وبطني هتكبر وتبان يعني لازم نتجوز وبسرعة.

- رقة ياروح قلبي بذمتك في جوازة احسن من جوازتك من صقر ابو الذهب بجلالة قدره
قالها حسام بمكر وبسمة خباثة، فأجابته بسخرية: -
- أنت خلاص جوزتني صجر، صجر مهيتجوزنيش لا أنا ولا غيري، خابر ليه مشان بيحب مرته زي المجنون عامل عليها كيف الأسد وهو محابي على لبوته اللي يجرب منيها بيأكل بسنانه...
بتر حديثها من فمها حين مسكها من شعرها بقوة وهو يقول بأنفعال غاضباً: -.

- جالان مش مراته دي مراتي أنا وبتاعتي أنا لوحدي هي اتجوزته عشان زعلانه مني بس مستحيل تخيلي يلمسها او يقرب منها فاهم فترة لحد ما أرضيها وهترجعلي هي بتحبني أنا
- يبجي بتضحك على حالك، جالان بتحب صجر زي العيلة الصغيرة أنت مشوفتهاش بتبصلي كيف مشان جولت حامل منيه، كان نفسها تأكلني او تجتلني
قالتها بألم وجراءة من مواجهته، دفعها بقوة بعيداً عنه ثم قال بحدة: -.

- غوري روحي قولي للناس أنك حامل من صقر خلي النجع كله يعرف دول اللي هيخلوكي مرات صقر ابو الدهب وتربي ابنك كويس في عز وغني وتبقي مرات صقر بيه، غوري
أستدارت لتخرج من الطحونة ليلاً حتى لا يراها أحد ثم قالت مُحدثة نفسها: -
- وحياة امي ما يبقي الشعر ده على حرمة لو ماخلتيك ياحسام تتمني تراب راجل وصجر ده هو اللي هيجفلك...

أستيقظ صباحاً بألم في رأسه مصاحبة بصداع شديد، أستقلي على ظهره ووجد نفسه بغرفته وعليه الغطاء وصدره عاري وسريره بحالة فوضي عارمة، جلس بتعب وهو يمسح وجهه بكفه بتعب يحاول أن يتذكر كيف جاء إلى غرفته فهو لا يصعد هنا منذ أن غضبت منه وتجاهلته، مرت أيام قليلة ولم يصعد فكيف جاء لهنا، رفع نظره بتعب حين سمع صوت باب الحمام فرأها تخرج من الداخل مُرتدية عباية حريمي واسع ذات العديد من الطبقات وكمها بأسورة من المعصم منتهي بذيل طويل منسدل منها ليصل لركبتها وكلما حركت ذراعها كانت كجناح طير ملاكي بها، جلست أمام المرأة تصفف شعرها بهدوء وتجففه فأوقفها بسؤاله حين نطق مُحدثها: -.

- أنا طلعت أهنا ميتي
أستدارت له بصدمة من سؤاله فهل حقاً كان مريض وكيف لمريض ان يتتم زواجه، فنظرت له بتساؤل، فقال مجدداً: -
- يعني طلعت وحدي كيف وكيف خلعت خلجاتي.

قالها وهو يشير على ملابسه الملقية على الأرض، صدمة ألجمتها من أسئلته أحقاً هو فعل كل هذا معاها ولم يدير وبدون أرادته وكل كلمة نطق بها كانت بدون وعي وأعترافه بحبه لها كان رغماً عنه لعنت نفسها للخضوع له ومتبادلاته ما فعله وقررت نسي ما حدث كأنه لم يحدث مادام هو الآخر لا يتذكر فيجب أن لا تتذكر هي الأخر، أزدردت لعوبها وقالت بتلثعم وهي على وشك البكاء: -.

- مفيش، عوض جابك بليل كنت تعبان وقلعت هدومك كنت حران وحرارتك مرتفعة عملتلك كمادات وأديك خفيت الحمد لله عن إذنك.

وتركته وخرجت من الغرفة، وقفت خلف الباب وجهشت في البكاء بحزن بعد أن كانت تغمرها السعادة لإسعد ليلة في حياتها بها أبقت بين أحضان حبيبه وذراعيه عارمة بلمساته الناعمة لها وبحديثه كإنه نزل على وجنتها بصفعة قوية، لم يشكك بحديثها وأخذ حمامه ثم غير ملابسه ونزل للأسفل ولحسن حظها خوف عوض من غضبه لم يجعله يتفوه بحرف ويكذب حديثها له فأبقي صامتاً...

دلفت لمكتبه بعد أن طرقت باب مكتبه وفتحت الباب بعد أذنه بالدخول ووجدته على مكتبه بتهكم مغمض العيون مُتكي على ظهر كرسيه، فهتفت بحيرة وقلق: -
- حضرتك كويس
أجابها وهو يقف بتعب وتهكم قائلاً: -
- اه يامدام قمر، خلصتي الشغل بتاع البرج الجدي...
توقفت عن الحديث حين سقط على الأرض فاقد الوعي، فصرخت بهلع وهي تسرع نحوه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة