قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صغيرتي للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع ( غيرته )

رواية صغيرتي نوفيلا للكاتبة فاطمة حمدي كاملة

رواية صغيرتي نوفيلا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع

( غيرته )

ومع تأملهُ لملامحها البريئة المُحببة إليه كاد يتعمق أكثر في قُربه المُهلك هذا، إلا أنها أفسدت عليه كُل شيء بقفزها من الفراش إلى الأرض، ثم صياحها بتدليلها الطفُولي:
-يوووسف، تعرف كان نفسي في إيه ولسه محققتهوش معاك؟
عض شفته السفلى في غيظ، بينما يرمش بعينيه وهو يسألها:
- إيه يا قلبي؟

افتر ثغرها بابتسامة ناعمة وهي تخبره بعفوية:
- هوت شوكلت.
صُدمت ملامحه وهو ينهض واقفًا قائلًا بحدة نوعا ما:
- نعم ياختي!؟
فضحكت بتسلية وهي تستطرد:
- أقصد نفسي أشرب هوت شوكلت معاك في البلكونة، خصوصا إن الجو برد والقمر ساطع كدا وحاجة واو جدًا..

مسح على رأسه بتنهيدة عميقة وهو يخبرها غامزًا:
- إذا كان كدا ماشي..
ابتسمت برقة، ثم قالت بامتنان:
- ثانكيو يا حبيبي..

فُتح الباب فجأةً وولج همام بملامحه الصارمة، وعيناه كانتا متوهجتين بشرر غاضب، ليهتف بصوتهُ الأجش:
- إيه اللي بيحصل هناااا؟ وإيه اللي جابك هنا أنت؟
وجّه حديثهُ ليوسف الذي أجابهُ ضاحكًا ببساطة:
- أنا جيت هنا عشان أصالح مريم، أصل كان فيه بينا تاتش صغير وخلاص متقلقش المياه رجعت لمجاريها..
اقترب منه، بينما يرمقهُ بنظراتٍ مغتاظة ثاقبة:
- مياه إيه ومجاري إيه يا جزمة أنت، أنت هتستهبل، ماتخلنيش أندم إني نفذت رغبتك، مش عشان كتبت يقبى ليك الحق تيجي هنا كل شوية وبعدين الباب دا ميتقفلش نهائي طول ما أنت موجود فاهم ولا أفهمك؟!

يوسف وقد واصل في ضحكاته:
- مش عاوزك تفهمني صح، وبعدين أنت متعصب ليه كدا يا حاج همام، ريلاكس من فضلك مجراش حاجة، دي كل الحكاية انها عاوزة تشرب هوت شوكلت بس صدقني!
انتقل همام بنظراته إلى مريم، ليقول بغضب بان على ملامحه:
- وأنتِ يا هانم، لحد دلوقتي أنا مش عاوز أزعلك ومتضطرنيش لكدا لأنك أمانة في رقبتي، لازم يكون فيه حدود بينك وبين الزفت دا..
اختتم جملته وهو يشير له بسبابته، فتنهد يوسف بنفاد صبر وهو يرد عليه:
- باباااااا، متزعقش لمريم كدا أرجوووك..

رفع همام حاجب مع قوله الحازم:
- اتفضل إخرج من الأوضة واسبقني على المكتب عاوزك في شغل مهم.. يلااااا
يوسف وقد حرك رأسه نفيًا قائلًا بجدية تامة:
- مش هينفع دلوقتي، شغل إيه دا السعادي حضرتك، وليلة كتب كتابي اللي اتضربت دي؟!..
كز همام على أسنانه قائلًا:
- أنا مش هعيد كلامي مرتين، قدامي على المكتب!
زفر يوسف بعنف واصطحب صغيرتهُ معه خارجًا من الغُرفة، بينما يستطرد همام بحنق:
- أنت يابني!.. بقول عاوزك في شغل!
يوسف بلا مبالاة:
- تمام يا بابا في إي؟
أغمض همام عينيه بصبر وهو يشتم بخفوت، في حين انفجر يوسف ضاحكاً متابعا من بين ضحكاته:
- سامعك على فكرة!

بعد عدة دقائق بالمكتب الخاص ب همام..

انتفض يوسف في جلسته وهو يقول بضيق شديد:
- أسافر إزاي وأسيب مريم؟
أردف والده بهدوء استفزه:
- زي الناس دا شغل يا أستاذ، مريم هتكون معايا مينفعش تخاف عليها وهي معايا..
رفض يوسف قائلًا بجدية:
- لا.. مستحيل أسيب مريم لوحدها.
وأكدت مريم على ذلك حيث قالت بحزن حقيقي:
- لا يا عمو بلاش عشان خاطري، مش هقدر أعيش من غير يوسف.!

زفر همام بحدة وهو يرمقها بنظرة جامدة مع قوله:
- بطلي دلع يا مريم، إيه مش هنشتغل بقى ونقعد في البيت عشان حضرتك مش قادرة تعيشي من غير سي يوسف بتاعك؟!
تشنجت واختنق صوتها وهي تقول:
- أيوة، مش بقدر أعيش من غيره، مافيش حد بيحبني غير يوسف في الدنيا دي، أعيش من غيره إزاي؟.. ياريت حضرتك تسافر أنت..

لقد نفد صبر همام الذي قال بصرامة شديدة:
- طب أنا هشوف كلامي هيمشي ولا لا يا يوسف أفندي، عاوز كلامي ميتنفذش، فاهم؟!
نهضت مريم وبرحت الغرفة راكضة إلى غرفتها وهي تبكي...
أما عن يوسف فقد نهض هو الآخر قائلًا بجدية:
- براحة شوية عليها يا بابا، قلتلك مابحبش حد يزعلها حتى لو كان أنت، هي عملت إيه يعني؟.. هي بتقول اللي حاسة بيه وبعدين أنت من إمتى بتزعقلها كدا، مش دي اللي دايمًا بتوصيني عليها؟..

استند همام بظهره على ظهر كُرسيه، ثم واصل في هدوء صارم:
- أنا مش بزعقلها يا أستاذ، هي لازم تفهم إن الدنيا مش زي ما هي عاوزة وإن الشغل ليه حق عليك زي ما هي ليها حق عليك، وأنت لازم بنفسك تفهمها كدا
يوسف بتفهم:
- أنا بفهمها بس أنت مش مديني فرصة!.. وبعدين لو ماما كانت بتعاملها كويس من زمان مكنش دا بقى حالها ولا كانت إتعلقت بيا كدا، أنت في شغلك على طول وهي مش لاقية غيري شيء طبيعي يعني هتعيش مع مين؟.. فمتلومش عليها! وعلى العموم يا بابا أنا هسافر وهعملك اللي أنت عاوزه بس مريم هسيبها أمانة معاك وأنا مطمن لأن هي أصلا أمانة في رقبتك من زمان..

ما إن أنهى حديثه برح غرفة المكتب في هدوء، وراح يصعد الدرج فتقابل مع " نهال".. ليتجاهلها ويصعد قاصدًا.
وتزداد نظراتها حدة وشراسة محملة بالتوعد..

كان بشرفتها تبكي في صمت وهي تحتضن نفسها بكلا ذراعيها وترتجف قليلًا، دخل يوسف في صمت يراقبها بابتسامة هادئة، لم يمل منها يومًا، كما لم يغضب إلا قليلًا.. يعلم أنها مدللة حد الهلاك.. لكنه يعشقها. بكُل ما تحمل من عيبٍ وميزة.. هو يعشقها!

شعرت بذراعيه يحتضناها من الخلف وبه يتكئ بذقنه على كتفها، وهي استدارت فورًا تسأله بتلهف من بين دموعها:
- أنت هتسافر؟
صمت قليلًا وهو يجيب عليها بحذر:
- يومين بس، وهكون عندك في التالت، وأنا واثق إنك هتقدري تقعدي من غيري، مع بابا ويُسر.. وهتروحي كمان الجامعة وهتواصل أنا معاكِ فيديو يعني الحكاية سهلة وبسيطة خالص..
نكست رأسها للأسفل غير راضية عما يقول، فتابع بابتسامة حانية:
- عشان خاطري بلاش زعل، هو مش مريم كبرت ودخلت الجامعة؟ إزاي عقلها صغير كدا!؟
رفعت رأسها إليه مرة أخرى قائلة بغضب:
- أنا عقلي مش صغير، أنا بحبك فهمت؟
ضحك وأومأ برأسه قائلًا:
- فاهم، وأنا كمان بحبك أكتر وأنتِ عارفة يا روما، بس فعلا عندنا شغل كتير ولازم أسافر بنفسي ولو كان ينفع أخدك معايا كنت أخدك، بس وعد عليا يا ستي لما أفضى خالص هاخد أجازة طويلة ونسافر مع بعض، أنا وأنتِ لوحدنا والمكان اللي تقوليلي عليه كمان..

زفرت زفرة قصيرة قبل أن تخبره بضيق:
- أنا مش عاوزة حاجة ولا عاوزة أسافر، وبعدين وجودك جنبي بيغنيني عن كل الحاجات دي، بس خلاص أنا مش هقدر أكون عقبة وأقف في طريقك وأعطلك عن شغلك..، بس ياريت تقولي أتصرف إزاي مع مامتك في غيابك؟
مسح على وجنتها بهدوء وهو يقول مبتسما:
- سيبي الموضوع دا على بابا، هو مش هيخليها تكلمك خالص وانتِ عارفة أنه مش بيقدر على زعلك برضوه ويحبك.

أومأت برأسها وقالت:
- ماشي، تروح وتيجي بالسلامة يا يوسف.
اقترب بوجهه من وجهها وهو يهمس بحنان:
- مش من قلبك على فكرة، لسه زعلانة أنتِ يا رومتي
حركت رأسها نافية وأردفت:
- مش زعلانة، صدقني..
تابع في مرح:
- طب إثبتي لي إنك مش زعلانة.
نظرت إلى عينيه وابتسمت قائلة:
- أعمل إيه طيب؟
- حضن..
قالها وغمز، فتوردت بخجل وهي تمنحه إياه بدون تردد، فيضحك بخفوت وهو يخبرها بصدق:
- أغلى حاجة في حياتي..

صباح يوم جديد، يوما مشرقا قد شعشع فيه ضوء الشمس ناشرا دفئه في كل مكان..
ارتدت مريم ملابسها في حيوية استعدادًا للذهاب إلى جامعتها، ثوانِ وطرق بالباب فعلمت أنه يوسف، حتى طرقاته على الباب تعلمها وتُميزها..
قالت هاتفة بنبرة مرحة:
- إدخل..

فتح الباب وولج مبتسما بإشراق بينما يقترب طابعا قبلة فوق جبهتها قائلًا بغزله المعتاد:
- صباح الورد على الورد، أخبارك إيه نمتي كويس؟
أجابته قائلة:
- أيوة نمت كويس..
شرعت في تمشيط شعرها ما إن أنهت جملتها، فجذب منها فُرشتها وقال بمشاكسة:
- هسرحهولك أنا..
تركته مستمتعة بذلك، وبدأ يمشطه بهدوء وتركيز، كأنه عملا هاما للغاية..

كانت الابتسامة تملىء شدقيها وهي تراقب تعبيرات وجهه في المرآة، بينما يقول بحماس:
- هعملك ضفيرة..
تركته أيضًا يفعل ما يروق له، وظلت تراقبه فقط، حتى انتهى بعد مرور وقت ليس بقليل، لكن كانت النتيجة مبهرة والضفيرة في غاية الآناقة..
- ها إيه رأيك يا روما؟
- تحفة يا حبيبي...
أجابته وهي تتلمسها بيدها ثم تستدير له متابعة؛
- تسلم إيدك
منحها ابتسامة، ليسأل بعدها:
- فين بوكيه الورد بتاع امبارح يا روما؟
مطت شفتيها وهي تسأله باستغراب:
- ليه؟
- عاوزه!

تأففت وهي تجيب قائلة:
- ليه هو احنا مش خلصنا يعني؟
يوسف بحزم رفيق:
- بطلي لماضة وهاتيه ويلا هتتأخري على الجامعة خليني أوصلك قبل ما أروح الشركة..
أسرعت تجذبه وأتت به قائلة بتذمر:
- أهو..
ثم تسأله ؛
- هتسافر إمتى بالظبط؟

أجابها؛
- هخلص شغل في الشركة وهجيلك زي كل يوم أوصلك البيت وبعدين أسافر..
أومأت في هدوء وخرجت معه وهي تعود تسأله باستغراب:
- أنت واخد الورد معاك ليه طيب؟
قال بإيجاز:
- هقولك بس اصبري .

ركبا معا سيارته وانطلق بها، وقف أمام جامعتها بعد مدة قصيرة من الزمن، ترجل من سيارته وهي كذلك..
دنى منها وهو يسألها بجدية:
- هو فين بقى؟
احتدت ملامحها قليلًا وهي تسأله بقلب واجل:
- هو مين؟!
- صاحب الورد دا، شاوري عليه يلا
وقفت مرتبكة وتملكتها حالة من الخوف الشديد، لتقول بقلب خافق بشدة:
- بلاش يا يوسف، بالله عليك عشان خاطري..

أغلق عينيه لثوان ثم أعاد فتحهما مع قوله الصارم:
- مريييم، إسمعي الكلام، هو فييين!
وبعد محاولات أشارت له عليه، فاقترب منه بعينين جامدتين حادتين...
والأخير كان موليه ظهره، فوضع يوسف يده فوق كتفه قائلًا بجدية:
- لو سمحت..
التفت الفتى له وهو يقول باستغراب:
- أفندم..
رمقه بنظرة ساخرة أولا، ثم رفع باقة الزهور بيده وراح يدفعها بوجهه قائلًا بصرامة قاتلة:
- مريم مش بتقبل الهدايا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة