قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية صراع السلطة والكبرياء (الدهاشنة 2) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

رواية صراع السلطة والكبرياء (الدهاشنة 2) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

رواية صراع السلطة والكبرياء (الدهاشنة 2) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

توقف الطعام بجوفها بعدما رأت هنية تقف من أمامها، خرجت نادين وهي تحاول إخفاء علبة البيتزا، ثم قالت بضيقٍ شديد:
في أيه يا حاجة أنتي مش بترتاحي غير لما تعمليلك مشكلة كل يوم على المسا ولا أيه؟
لوت هنية شفتيها في سخطٍ، ثم ردت عليها بحدةٍ:
أنتي اللي أفعالك بتحرق الكبد والقلب والطحال، بتتسحبي على المطبخ الساعة ٢بليل كيف البقرة، وتفزعي الناس اللي نايمة وبيفكروا مين اللي داخل يسرقهم وش الصبح ده!

زفرت في سئمٍ، ثم قالت:
ده مين المتخلف ده اللي هيسرق بيت الكبير!
ضربتها بخفةٍ بالعصا التي تستند عليها، وهي تشير لها:
همي على أوضتك، وأما الصبح يطلع أبقي كملي وكلك.
اختل جسدها فعادت لتقف أمامها من جديدٍ، وهي تشير على الطاولةٍ:
طب أخد العلبة طيب.
عادت لتكرر بحزمٍ:
همي بقولك.
منحتها نظرة مغتاظة قبل أن تصعد للأعلى، فرددت هنية بضيقٍ:
نسوان قليلة الحيا.

ثم كادت بمغادرة المطبخ، فتوقفت وحملت الكرتون ثم قربت قطعة من البيتزا لأنفها، تشمه باستغرابٍ، فقضمت قطعة بفمها وحينما نال استحسانها وضعته في طرف وشاحها ببهجةٍ ثم عادت لغرفتها.

ارتعش بدن تلك الصغيرة التي لا يتعدى عمرها العاشرة حينما رأت باب الغرفة ينفتح، ومن ثم ظهر من خلفها خالها الذي يطرح عنه المرؤءة والنبل، ومن ثم تفحص الطريق بالخارج قبل أن يدنو من فراشها، في الغالب كانت تتصنع النوم خشية مما ستلاقاه ولكنها الآن ما أن تشعر به تنهض مفزوعة لتشير له برجاء وتوسل بالا يقترب منها، ومع ذلك كان يجذبها اليه بقوةٍ متعمداً ملامسة ممتلكاتها الأنثوية دون أي خجل منه، بكت الصغيرة وهي تتوسل له بدموعٍ:.

سبني يا خال مش عايزة ألعب النهاردة.
رفع يديه ليشير لها بقسوةٍ:
مش بكيفك يا بت، واخرسي لو حد صحى وشافنا واحنا بنلعب هجتلك وأنتي عارفة اني مش بيهمني حد.
ابتلعت الصغيرة ريقها الجاف من فرط ارتعابها من هذا الحقير الآدمي، وهي تترجاه بأن يتركها، مثلما تفعل كل مرة ليس أمامها سوى البكاء والتوسل!

نهضت تسنيم مفزوعة من نومها الذي حرمت منه منذ الطفولة، لهثت بخوفٍ وهي تحاول السيطرة على رجفة جسدها المتوتر، مسحت بكف يدها قطرات العرق النابض على جبينها، ولم تجد سوى البكاء ملاذها مما تواجهه، بكت بصوتٍ مكبوت خشية من أن توقظ شريكاتها بالسكن بسبب أحلامها المزعجة كعادتها، باتت تحرج من نظراتهما إليها بسبب تلك الأحلام البغيضة، تسللت برفقٍ لتخرج للشرفة وعقلها البائس يستحضر كل ذكرى مأساوية جمعتها بهذا الشيطان الوحشي الذي نجح بأن يصنع من حولها هاجس نفسي يحتمها على الابتعاد عن أي رجل!

بغرفة بدر.
جلس على المقعد الهزاز يحركه بقسوةٍ، وكأنه في صراع ما بين استحضار تلك الذكريات المرهقة وما بين تخطيها، وكالعادة فرضت ذاتها عليه لتمنحه ذكرى هذا اليوم القاتل.

رؤى انتي واخداني على فين بس؟
ابتسمت وهي تحكم القماشة السوداء حول عينيه، ثم فتحت باب الغرفة التي تعلو السرايا، فأدخلته ثم جعلته يقف بالمنتصف، لتقف من أمامه تراقبه بتوترٍ حثها على المضي قدماً بما تفعله، فحررت فستانها الأبيض القطني ثم ألقته بعيداً وهي تحاول أن تبدو ثابتة، واقتربت منه لتحرر القماشة من حول عينيه وهي تخبره بحذر:
هشيلها بس أوعى تفتح قبل ما أطلب منك ده.

بدى منزعجاً من تصرفاتها الغريبة، ولكنه رضخ لها بالنهاية، ابتعدت عنه لتقف مقابله على بعدٍ منه، ثم قالت:
افتح عينك.
على مهلٍ فتح عينيه فانصدم للغاية حينما رآها تقف أمامه بقميصٍ عاري قصير، مخجل قست تعابيره وهي يصيح بها بصدمةٍ:
أيه اللي انتي لبساه ده.
واستدار سريعاً وهو يتابع بقوله المتعصب:
البسي فوراً.
انكمشت تعابيراتها في دهشةٍ، فاقتربت لتقف أمامه متسائلة بذهولٍ:
أنت بتتكلم جد.

منحها نظرة معتمة وهو يصرخ بها بدهشةٍ:
أنتي اللي جرى لعقلك حاجة!
أمسكت يديه وهي تجيبه:
لا أنا بحبك وعايزاك أيه المشكلة!
انتشل ذراعيه منها ومن ثم انحنى ليجذب فستانها ليلقيه بوجهها صارخاً بعنفوانٍ:
إلبسي واخرجي نتكلم بره.
وتركها وغادر الغرفة، فتابعته بنظراتٍ غير مصدقة لما يفعله، ارتدت رؤى فستانها ثم خرجت لتقف أمامه بغضبٍ:.

أنت بترفضني يا بدر، أنا اختارتك انت تكون أول راجل في حياتي وأنت رفضت ده بسهولة، بجد مش فاهمة أنت عايز مني أيه؟
صفعة قوية هوت على وجنتها جعلتها تتصلب بمحلها كالعروس المتحرك، ومن ثم لف شعرها الأصفر حول معصمه ليجذبها اليه وهو يردد ساخراً:
أول راجل في حياتك!، لهو أنتي عايزة تعرفي كام حد.
تلوت ألماً وهي تحاول الافلات منه، فصاح بعصبيةٍ شديدة:.

أنا مستغرب ليه من واحدة متربية بأمريكا واخدين ان كل يوم بيقضوه مع واحد شكل، كنت بحاول أقنع نفسي أن جواكي عرق شرقي مستحيل طباعهم المقززة دي هتتغلب عليه بس للاسف كنت ساذج أوي.
ودفعها بشراسةٍ فسقطت أرضاً، ليصرخ بها بجفاءٍ:
غوري من وشي مش طايق أشوفك قدامي.
استندت بيدها حتى نهضت لتقف أمامه، فتعالت ضحكاتها بسخريةٍ:
اللي يسمعك ممكن يصدقك، احنا عارفين انك مدورها مع أكتر من بنت اشمعنا أنا يعني!

ذبح قلبه بتلك اللحظة فود لو طاله الموت قبل أن يطوله سكينها، اقترب منها بخطواتٍ بطيئة جعلتها ترتد للخلف بخوفٍ مما سيفعله، حاصرها لتنجبر على مواجهته لتستمع لكلماته التي تحررت على لسانه:
أنا فعلاً كنت مقضيها زي ما بتقولي بس سبت القرف ده كله لما حبيت، بقيت مش قادر أشوف حد غير اللي حبيتها واتمنيت أنها تكون مراتي على سنة الله ورسوله، ويمكن ده اللي خلاني غيور لدرجة الجنون لاني بعشقها وبكره أي عين تبصلها.

واقترب منها مجدداً فتراجعت للخلف وهي تلعق شفتيها برعبٍ، ليستكمل حديثه بسخريةٍ مؤلمة:
الصادم في كل ده إني لما حبيت حبيتك أنتي!
وتراجع ليشير لها بقسوةٍ:
بس من النهاردة مبقاش ليكي مكان جوايا، انتي فعلاً محتلفة عني ومينفعش نكون لبعض.
جزت على أسنانها بغيظٍ مما قال، فصرخت به:
أنت فاكر لما تقول الكلام ده هيكسرني يعني، هسافر وهعيش حياتي وأختار الشخص اللي يناسبني أنا فعلاً كنت غبية لما إختارتك أنت.

أجابها بابتسامةٍ مصطنعة تخفي ألماً عظيم؛
سافري وعيشي حياتك بالطريقة اللي تحبيها بس يارب متخسريش نفسك.
وتركها وكاد بالهبوط، فاستدار ليخبرها قبل أن يرحل:
مامتك وأختك عادات الغرب وتحررهم مقصروش فيهم لكن أنتي هتخسري نفسك ألف مرة وهتتمني الموت كل لحظة لأننا عمرنا ما هنكون شبههم ولا زيهم.

وتركها وغادر بذاك اليوم الذي انتهى به قصة حبه التي مازالت توجع قلبه حتى اليوم، أفاق من ذكرياته بجرعة مكثفة من القسوةٍ والجفاء تجاهها، فنهض عن المقعد ثم تمدد على فراشه في محاولاتٍ بائسة للنوم.

بشقةٍ يحيى
كانت متعلقة باحضانه كالصغيرة التي تلتمس أمانها المفقود، ابتسم وهو يمرر يديه على شعرها ببطءٍ ثم استند على رأسها ليغلق عينيه، فاستمع لرسالةٍ هاتفه، جذبه ليجد رسالة من يمنى على الواتساب، فتحها ليجد
«يحيى نسيت أبلغك أن بكره عندك مقابلة الساعة ٨ مع موزيعين المصنع»
رد عليها
«كويس إنك فكرتيني لاني كنت ناسي»
وعاد ليكتب.

«على فكرة أنا مشيت النهاردة قبل نا نكمل كلامنا فإن شاء الله لما أجي لينا كلام تاني. »
ابتسامة خبيثة رسمت على وجهها فهي تعمدت ارسال رسالة له بوقتٍ كذلك حتى يفتح موضوعها من جديدٍ، فتتيح فرصة الحديث بينهما، ردت عليه بمكرٍ
«الموضوع متتهي أصلاً يا يحيى، لأن لا ماما ولا أخويا قادين يتفهموا حبي للشخص اللي بتمناه يكون جوزي. »
ضيق عينيه باستغرابٍ، وتابع بكتابة.

«هو أنتي بتحبي!، طب ما ده كويس ومبرر لعمر أخوكي على رفضك للعرسان وهو أكيد مش هيعترض على اختيارك ولا هيقف في وش سعادتك»
ردت عليه
«هيقف لاني بحب راجل متجوز يا يحيى»
قرأ رسالتها باسترابةٍ ثم رد عليها:
«الموضوع كبير بقا ومش هينفع الكلام فيه بالموبيل، بكره هنبقى نتكلم، »
وأغلق الهاتف ثم أغلق عينيه متناسياً وضع أي احتمالات تطوف من حوله!

تقلب على فراشه يميناً ويساراً بانزعاجٍ، فكلما حاول النوم هاجمته تلك عينيها كالوحش الذي يضربه في مقتل، ابتسم آسر كلما لفحته نسمة عابرة تذكره بها، فنهض عن فراشه ليقف بشرفته، ثم أغلق عينيه بقوةٍ ليدعي تلك النسمة التي تلفح وجهه تخيم بسحابة العشق الذي نبت داخل قلبه منذ أول لقاء.

قسم القمر الساطع الشاشة بين ذاك العاشق الذي يحلم بفاتنته وبين تلك الفاتنة التي تقاسي مرارة الذكريات، ولكن ماذا لو اتحدت تلك اللقطة لتصبح جواره هل ستتقبل وجوده لجوارها بعدما مقتت الرجال بأكملهم!

تلألأ قرص الشمس الساطع ليعلن استقبال يوماً جديد، هبط آسر بصحبة بدر و يحيى لعمله، أما أحمد فنهض على صوت قرع الباب وهو يجاهد آلام رأسه الذي يخلفه الضغط الذي هاجمه منذ صغر سنه، ولكن تلك المرة كان مفترساً للغاية، استند على الحائط حتى وصل لباب الشقة، ففتحه ليجد حور من أمامه تتساءل بلهفةٍ:
أحمد، بدر هنا ولا نزل؟
أجابها بصوتٍ واهن وهو يتجه لأقرب مقعد ليجلس عليه بهدوءٍ:
بدر نزل مع آسر الصبح.

ولجت خلفه حتى دنت منه فتساءلت بخوفٍ:
أنت كويس؟
مرر يديه على جبينه وهو يجيبها بألمٍ:
شوية صداع، أكيد الضغط عالي.
ثم أشار بيديه:
معلشي يا حور هاتيلي علاجي من جوه.
أومأت برأسها عدة مرات ثم استدارت تجاه الغرف المقابلة لها، وزعت نظراتها بينهما بتشتتٍ فغير مسموح للفتيات بدخول تلك الشقة من قبل، تساءلت باستغرابٍ:
أوضتك إنهي فيهم؟

أشار بيديه تجاه الغرفة التي تقبع بالمنتصف، أسرعت حور للداخل، فحاولت البحث عن أشرطة الدواء على الخزانة السوداء المجاورة للفراش ولكنها لم تعثر على شيءٍ، أسرعت للخزانة ففتحت أدرجها، اصطدمت يدها بصندوقٍ أسود فسقطت محتوياته أرضاً دون قصد منها، جذبت الشريط الموضوع بالخزانة ثم انحنت لتلم الأغراض الملقاة أرضاً، ضيقت عينيها في صدمةٍ حقيقية حينما رأت دميتها الصغيرة ملقاة أرضاً ولجوارها أحد أرباطة الشعر الخاصة بها، لامست الأغراض ببسمةٍ تلقائية رسمت على وجهها حينما تذكرت تلك الاغراض المفقودة منها منذ خمسة عشر عاماً، انتباها سؤالاً فضولياً عن احتفاظ أحمد بمثل تلك الاشياء بخزانته الخاصة، لم يتيح لها وقتاً للتفكير، أعادت الأغراض بالصندوق ومن ثم أعادته لمحله، وهرولت سريعاً للخارج بكوب المياه، ناولته نصف حبة من الأقراص فتناولها أحمد بإنهاكٍ شديد، خرجت عن صمتها قائلة بقلقٍ:.

أنت حالتك مطمنش، تعالى إقعد معانا أنا والبنات لحد ما بدر أو آسر يرجع.
تفهم عدم رغبتها بالبقاء بالشقة المحظورة، فقال بابتسامة جاهد لرسمها:
روحي انتي يا حور أنا كويس فعلاً.
بتصميمٍ قالت:
لا مش هخرج غير معاك.
رضخ لعنادها، فهم بالوقوف وهو يردد باستسلامٍ:
خلاص هجي معاكي.
التفت الحوائط من حوله، فلامسته غيمة سوداء كادت بابتلاعه، شعرت حور به، فأسرعت لتتمسك بيديه بعفويةٍ وهي تصرخ بهلعٍ:
أحمد.

رفع رأسه تجاهها فتنقلت نظراته بين عينيها التي تحدقات به بلهفةٍ، وبين يدها المتمسكة به، أخفضت نظراتها ليديه فلمعت دبلتها الفضية بين يدها وكأنها شعلة لدغتها لتذكرها بمن تكون؟
تباعدت عنه بحرجٍ ثم قالت بترددٍ:
لو مش قادر تقف خليك وأنا انزل أجبلك دكتور.
مضى بطريقه حتى خرج من الشقة وهو يخبرها:
أنا واخد على كده، متقلقيش شوية وهبقى زي الفل.

خرجت خلفه ومن ثم اغلقت الباب، فولج معها لداخل الشقة، تمدد على الأريكة القريبة من الباب، فقالت وهي تسرع تجاه المطبخ:
هعملك حاجة تنزلك الضغط.
في تلك اللحظة خرجت روجينا من غرفتها، فانعقدت ملامحها حينما رأته يجلس بالخارج بتعبٍ بدى على معالمه، فاقتربت منه ثم تساءلت باستغرابٍ:
مالك يا أحمد؟
فتح عينيه على مهلٍ، ثم قال:
تعبان شوية..
أتت حور بما تحمله بين يدها ثم اقتربت منه لتشير له:.

اشرب العصير ده هينزل الضغط على طول بإذن الله.
حملت روجينا حقيبتها دون مبالاة به، وهي تردد بآلية تامة:
طيب ألحق أروح لآسر قبل ما أنزل الجامعة بس يارب يوافق على الرحلة دي.
وجهت حديثها لحور التي قالت بجفاءٍ:
برضه مصممة انتي حرة.

لم تمهلها للخوض أكثر بالحديث فرحلت على الفور مخلفة ورائها ألف سؤال يهاجم أحمد الذي يتأمل لفراغها تارة ولمن تعتني به تارة أخرى، اعتاد على جفائها بالتعامل معه فكان يظن ببدأ الأمر بأنها غير بارعة في التعبير عما تشعر به ولكن الآن بات على علم بأنها لا تكن الحب له!

توقف المصعد أمام الطابق الخاص بمكتبه، فاتجهت تسنيم إليه لتطرق عدة طرقات وحينما استمعت لإذن الدخول ولجت على الفور، وكأن برؤياها تشق البسمة طريقها عبر وجهه، فإبتسم فور رؤياها، بارتباكٍ شديد اقتربت من المقعد لتجلس ببطءٍ مقابله، ومن ثم أخرجت الملف من حقيبتها لتضعه مقابله قائلة بخجلٍ:
الملف اللي حضرتك طلبت مني أراجعه.
فتح آسر الملف ليراجعه جيداً باعجابٍ شديد، فقال بانبهارٍ:.

ما شاء الله بجد حاجة عشرة على عشرة.
أجلت أحبالها الصوتية بصعوبةٍ وهي تجيبه:
شكراً لحضرتك.
ثم تساءلت بترددٍ:
اقدر استلم الشغل أمته؟
أجابها بترحابٍ:
من دلوقتي لو تحبي..
أومأت برأسها بهدوءٍ، فرفع سماعة هاتفه ومن بعدها ولج السكرتير الخاص به، فأشار عليها باحترامٍ:
خد الآنسة تسنيم ووريها مكتبها.

نهضت عن المقعد ثم غادرت من خلف السكرتير، فتابعتها عينيها حتى لحظة خروجها، كاد السكرتير بإغلاق المكتب فتركه حينما وجد بدر يدنو منه، فولج هو الأخر للداخل ثم تمدد على المقعدين المقابلين له، مشيراً بتعبٍ:
الشحنات اتبعتت وكله تمام.
أجابه آسر بهدوءٍ:
كويس.
ثم سأله باستغرابٍ:
أمال فين أحمد؟
رد عليه في دهشةٍ:
هو لسه مجاش!
أشار له بالنفي، فاستطرد باستغرابٍ:.

أنا افتكرته نزل بعدي على طول، عموماً شوية وهكلمه أشوفه فين.
هز الأخير رأسه ثم استكمل عمله على الحاسوب، لينتيه لدقات الباب من جديدٍ، فهمس بذهولٍ:
روجينا، أيه اللي جابك هنا؟
جلست على المقعد المقابل لبدر ثم قالت بإرتباكٍ ملحوظ:
أنا كنت جاية عشان أطلب منك طلب وبتمنى أنك متخذلنيش يا آسر.
سألها في اهتمامٍ:
طلب أيه ده؟
قالت بترددٍ وعينيها تترجاه بالا ينفعل: .

كان في رحلة بالجامعة للاسكندرية ونفسي أطلعها مع أصحابي.
عبث بحدقتيه:
رحلة أيه دي اللي عايزة تطلعيها لوحدك!
نهضت عن مقعدها ثم أسرعت لتقترب منه وهي تشير له بتوسل:
مش هطلع لوحدي هشوف حور معايا، بالله عليك توافق يا آسر نفسي أغير جو وهما كلهم أربع أيام.
أجابها بحزمٍ:
حتى لو حور جيت معاكي مينفعش تسافروا لوحدكم انتوا الاتنين.

في تلك اللحظة، لمع عقله فبداخله يتمنى عدم رؤيتها طوال تلك المدة التي ستمكثها بداخل منزله لذا لن يقدم له القدر مثل تلك الفرصة التي ستبعده عنها وعن رؤيتها، لذا تدخل بالحديث المتبادل فيما بينهما قائلاً:
خلاص يا آسر أنا هطلع معاهم.
ضيق عينيه بذهولٍ أما روجينا فأسرعت إليه مرددة بفرحةٍ:
ربنا ما يحرمني منك يا بدر والله طول عمري بقول عليك حنين.
ابتسم وهو يخبرها بسخريةٍ:
خلاص قربت أصدق فشرك.
ثم قال بجديةٍ:.

احجزي التذاكر وأنا معاكي.
حملت حقيبتها ثم غادرت والايتسامة تكاد تصل من الأذن للأذن.

بمكتب يحيى
بدأت تلك الأفعى ببخ سمها تدريجياً، فتركت له رسالة مدونة على ورقة حرصت بأن تضعها في الملفات المقدمة إليه، وابتسامة المكر ترسم على شفتيها، راقبته بخبثٍ حتى صار الملف من أمامه فتسللت هاربة لتنفيذ الجزء الثاني من مخططاتها.

أما بمكتب أيان المغازي
فتح درج خزانته ثم أخرج مبلغ ضخماً من المال ليلقيه بوجهها وبسمة الشر تلمع على وجهه:
نفذي اللي طلبته منك بالحرف، وسيبي الباقي للقذر اللي هينفذ عملته!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة