قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية صراع السلطة والكبرياء (الدهاشنة 2) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والعشرون

رواية صراع السلطة والكبرياء (الدهاشنة 2) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والعشرون

رواية صراع السلطة والكبرياء (الدهاشنة 2) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والعشرون

سطعت شمس يوماً جديد هام بالنسبة ل رواية، التي خرجت بصحبةٍ تسنيم ووالدتها منذ الصباح لشراء ما يلزمها للزواج من متعلقات خاصة، فأنهكهما إسبوعين طويلين لشراء أثاث جناحهما الكامل، حتى انتهوا أخيراً، وها هما اليوم يعدون الرحال للعودة للصعيد للاستعداد للزفاف المنتظر بأرجاء الصعيد بأكمله، فإستأجر فهد باص ضخم يتكون من طابقين، لنقل العائلة للصعيد، فجلس كبار السن بمقدمة الباص والفتيات بالخلف، أما الشباب فاعتلوا الطابق الأعلى منه..

كانت سعادة حور لا توصف، لاشتياقها لموطنها وبلدها الحبيب، على عكس روجينا التي تشعر بالإستياءٍ لابتعادها عن زوجها الحبيب!، أما رؤى فهناك حالة من الحيرة والإرتباك تطوف بها، وأولهما خوفاً من أن تفشل علاقتها بمن أحبته وسكن بداخل قلبها ليملأه بعشقه، خوفاً أخر من اختلاف البيئة التي نشأ كلاً منهما فيها، وبالرغم من ذلك مازال بداخلها جانب صغير يمنحها الطمأنينة بأنه سيكون جوارها لتتأقلم على طباعهم وعاداتهم...

أما بذاك الجانب البعيد، وبالأخص جوار الشرفة، مالت برأسها لتستند عليه وأثقال العالم بأكمله ملقى على كتفيها، تخشى أن تظل حبيسة هواجسها، نعم أحبته وأحبت البقاء لجواره، ولكن الفترة القادمة سيكون قريباً منها للغاية، مجرد التفكير بالأمر جعل جسد تسنيم يرتجف بقوةٍ، فما بالها إذا بات الأمر حقيقة، أفاقت تسنيم من غفلتها على صوت حور المتساءل في لهفةٍ:
مالك في أيه؟
حاولت رسم ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تجيبها:.

مفيش حاجة، أنا بس سرحت شوية..
حدقت بها بتمعنٍ قبل أن تعود لسؤالها من جديد:
عمرك ما عرفتي تكدبي عليا يا تسنيم، قوليلي الحقيقة..
أدمعت عينيها في تلك اللحظة، فهمست لها بصوتٍ شبه مسموع:
خايفة يا حور، أنتي متعرفيش لما آسر بيحاول يمسك أيدي بيحصلي أيه!، إنتي متخيلة إن بكره حنيتي وبعد بكره فرحي!
سكن الحزن حدقتيها، وهي ترد عليها بصوتٍ محتقن بالدموعٍ:.

بس أنا متأكدة إن الحب اللي جواكي ليه هينسكي كل اللي فات يا تسنيم..
إنهمر الدمع على وجنتها وهي تتساءل:
ولو منستش هيبقى أيه الموقف؟
عنفتها برفقٍ:
وليه بنفترض السوء، فكري في الشيء الكويس عشان مينفعش تفكري اللي فيه..
وضمتها لصدرها وهي تستطرد قائلة:
ولو ده محصلش فإطمني آسر بيحبك وأكيد هو أكتر واحد هيفهمك وهيحاول يساعدك..
همست بتمني:
يارب يا حور...
ابتسمت وهي تداعبها بمرحٍ:.

هيحصل يا بت المهم تفردي بوزك ده للواد يفسلع من قبل الفرح ياختي..
ضحكت رغماً عنها، فعادت الاخيرة لتسترسل بمشاكسةٍ:
والنبي الراجل لو حس للحظة انه هيتجوز واحدة نكدية ليقول بلاها الجوازة السودة دي، اسمعي مني لتخربي على نفسك وأنتي لسه على البر..
تعالت ضحكاتها وهي تحاول جاهدةٍ السيطرة على ذاتها، وبعد لحظات نجحت في ذلك فتطلعت لها لدقيقةٍ ثم قالت بحزنٍ:
سيبك مني وقوليلي مالك انتي كمان؟

إرتبكت حور للغاية، فحاولت البحث عن حجة مقنعة تهرب بها من سؤالها، ولكنها أمنت بأنها لن تصدق ما ستقوله لها، لذا قالت بإنكسارٍ:
عرفتي إن كتب كتاب أحمد وفرحه هيكونوا في يوم واحد، بعد فرحكم باسبوعين على طول..
ومسحت بيدها دموعها التي أوشكت على فضحها ثم اكملت قائلة:.

أنا عارفة اني غلط وتفكيري فيه أصلاً هو أكبر غلط، بس والله يا تسنيم غصب عني أنا مش عارفة إزاي اتعلقت بيه بالطريقة دي، وأنا أصلاً مش من حقي أفكر فيه وهو لواحدة تانية!
ليست بحاجة للتبرير، فصديقتها تعرفها جيداً، وتعلم أخلاقها السامية، ولكن ما يحدث فعلاً رغماً عنها ودون ارادة منها، فمتى ملكنا التحكم بقلوبنا حتى تتحكم هي بقلبها!
سحبت تسنيم نفساً مطولاً قبل أن تخبرها:.

أنا عارفة إن اللي بيحصلده غصب عنك يا حور بس أنتي على الأقل منحاوليش تفكري فيه، وحاولي بكل ارادتك تخرجيه بره حياتك عشان خروجه ميبقاش صعب عليكي فيما بعد..
وبابتسامةٍ هادئة أردفت:
خليكي متأكدة إن ربنا هيبعتلك الأحسن منه، اللي يستحق يكون زوج ليكي وهيبقى نصيبك..
ظهرت بسمة رقيقة من وسط بحر دموعها، لتردد بحبورٍ:
آن شاء الله...

استغلت روجينا انشغال الجميع ثم أخرجت هاتفها، لترسل رسالة نصية لأيان، كتبتها بتوترٍ شديد:
«أيان فرحي اتحدد بعد آسر باسبوعين، مش عارفة هعمل أيه بجد أنت لازم تأخد قرار بخصوص علاقتنا، »
انتظرت ما يقرب الخمس دقائق حتى أتاتها رسالة منه:
«متخافيش يا حبيبتي أنا لا يمكن أتخلى عنك أبداً، المهم بلاش تفتحي انتي موضوعنا لحد وسبيني أنا أتصرف».

قرأت رسالته وهي تغلق هاتفها بارتباكٍ وخوف من القادم، تخشى تلك اللحظة حينما يقترب موعد زواجها، فكيف ستتزوجه وهي على ذمة رجلاّ أخر!

بالأعلى...
جلس آسر بأخر المقاعد، ثم وضع قبعته على وجهه لتحميه من أشعة الشمس الحارقة، مستنداً بقدميه على أحد المقاعد، في محاولةٍ منه أن يغفل قليلاً فالطريق طويل، فشعر بحركةٍ لجواره، فأزاح قبعته ليجد بدر و يحيى يجلسان لجواره ويشيران بيديهم تجاه عبد الرحمن الذي يجلس في المقدمة بمفرده، فتساءل بصوتْ منخفض:
ماله!
قال يحيى بابتسامةٍ ساخرة:.

متضايق إن خالك قاله يستنى شهرين لحد ما مراته تقدر تخلص ورقها عشان تحضر الخطوبة لانها زعلانه انها مش هتلحق فرح بنتها التانية...
هز رأسه بابتسامةٍ شبه عابثة، ليشير لهما قائلاً:
طيب والمطلوب مني أيه؟
أجابه بدر بحدةٍ:
تقوم تطيب خاطره بكلمتين ولا اي حاجة ده ابن عمك برضه..
عبث بعينيه بتكاسلٍ، وهو يجيبه بمللٍ:
حاضر نوصل بس وهشوفه، ممكن بقا لما ده يحصل تسبوني ارتاح شوية..
أشار له يحيى بحنقٍ:.

هتنام وهتسيب الراجل مكتئب كده..
حدجهما بنظرةٍ عابثة ثم قال بغضبٍ وعينيه تحمل انذار صريح اليهما:
انزلوا اشترلوه شوية تسالي وعصير وهو هيفرفش على الاخر، ومحدش يحاول يصحيني تاني مفهوووم؟
كبت يحيى ضحكاته وهو يردد:
عريس ومن حقه يتدلع..
لوى بدر شفتيه بسخطٍ:
هو عريس وانا أيه!
جذبه يحيى لينهض كلاً منهما من جواره وهو يعاتبه:
ده وقته يعني، انزل قول للسواق يقف في اقرب استراحة لما نشوف اخرتها..

أومأ له برأسه ثم هبط ليبلغ السائق الذي إختار مكان مناسب لهما، فهبط بدر و يحيى لشراء ما يلزم الجميع، فانتبه لهما أحمد من الاعلى، فنادى على يحيى قائلاً:
متنساش تجبلي بيبسي حجم كبير..
جذبه يحيى من رفوف البراد الخاص بالسوبر ماركت ثم اقترب ليشير اليه بأن يهبط للاسفل ليلتقطه لحين يذهب هو لمساعدة بدر في حمل الاغراض، فردد بتكاسلٍ:
لسه هنزل!

ثم توجه تجاه حقيبته ليخرج منها الاداة الخاصة به للصيد، ثم أنزل اليه الصنارة ليعلق بها الكيس بما يحمله من مشروباتٍ غازية، فجذبهما أحمد للاعلى تحت نظرات آسر المراقبة لما يحدث، فابتسم وهو يشير اليه بمكرٍ:
الصنارة دي تلزمني..
منحه اياهها وهو يجيبه:
تحت أمرك يا كبيرنا..

ابتسم ساخراً على كلماته الاخيرة، ثم جذب ورقة صغيرة ليدون بها كلمات عجز أحمد عن رؤيتها جيداً، ثم علقها ليتجه ناحية الباص الأيمن ليحركها للاسفل على مهلاً حتى وصلت للنافذة الخاصة بها، فزعت تسنيم حينما وجدت خيطاً رفيع ملتصق بذراعيها، فجذبته لترى ورقة صغيرة معلقه به، فتجتها باستغرابٍ فارتسمت على وجهها ابتسامة خجولة وهي تقرأ محتوياتها:
«متفكريش إني عشان قاعد فوق أبقى بعيد عنك، بحبك...
آسر، ».

ضمت الورقة لصدرها بابتسامةٍ واسعة، ثم مدت يدها في حقيبتها تبحث عما ستدونه بظهر الورقة، فلم تجد سوى قلم الكحل الخاص بها، فجذبته لتكتب بظهرها
«حاسة بوجودك عشان كده قلبي مطمن»
وجذبت الحبل بيدها عدة مرات حتى جذبه ليقرأ المدون به فابتسم بعشقٍ يدندن كأقصوصة الغرام، لينهي هذا العذاب حينما تسلل للاسفل من الباب الخلفي، ثم أسرع ليجلس جوار حور فأشار لها باستياءٍ:.

مزهقتيش من القعدة جنبها، قومي بقا وادي فرصة لغيرك...
ضحكت بصوتٍ مسموع فانحنى آسر خلف المقعد سريعاً وهو يشير لها بحزمٍ:
الكبير هياخد باله مننا الله يخربيتك، بشويش..
أومأت برأسها بخفةٍ وتسنيم تتابع حديثهما بارتباكٍ، فاتنقلت حور بالمقعد الذي يليهما لتستقر جوار رؤى و تالين فما أن رأتها، حتى تساءلت باستغرابٍ:
سبتي تسنيم ليه..

أشارت لها بأن تتطلع للخلف، فرأت آسر يجلس جوارها، ابتسمت كلاً منهن باستحياءٍ ثم تطلعت للامام وكأنهن لم يروا شيئاً، فانتفضت كلاً منهن مجدداً حينما وجدوا بدر يتبع نفس سياسة آسر، فأشار لهما بالتقدم للمقعد الذي يليه، همست له حور بضيقٍ:
ما ترمونا على الطريق ونخلص!
لكزها بغضبٍ:
اتحركي وانتي ساكتة يام لسان ونص.

لوت شفتيها بسخطٍ وهي تنتقل بصحبةٍ تالين للمقعد الذي يتقدمه، فباتوا على قربٍ من روجينا التي تطلعت خلفها باستغرابٍ، فضحكت حينما رأتهم يختبئون بالمقاعد جوار زوجاتهم، فعادت لتجلس بشكلٍ مستقيم فوجدت ماسة تقترب منها وهي تشير بما بيدها:
تأكلي شوكولا؟
ابتسمت على عفويتها ثم التقطت ما بيدها لتتناوله وهي تردد بتلذذٍ:
شكراً يا ماستي..

منحتها ماسة ابتسامة طفولية ثم تركتها وتوجهت للخلف في محاولة للوصول لآسر، فكادت بالتعثر والسقوط على بطنها، لتجد يداً تعيق احتكاك جسدها بالارض، فما أن رفعت أعينها حتى وجدت آسر من يساندها، ليخبرها بلهفةٍ:
رايحة فين يا ماسة، مينفعش تتحركي والباص ماشي ده خطر ليكي..
أجابته بطفوليةٍ وهي تشير على ما بيدها:
كنت جاية اديك شوكولا، تأخد؟

حانت منه التفاتة جانبية تجاه تسنيم فوجدها تتابع ما يحدث بينهما باهتمامٍ، فعاد ليتطلع لها وهو يرسم ابتسامة هادئة:
أخد مخدش ليه..
وفتح يديه فوضعت له قطعتين، ثم جذبت قطعة لتقدمها لتسنيم التي التقطتها منها بابتسامة جذابة، فالتفتت لتعود لمقعدها، فأمسك آسر بيدها وهو يحذرها قائلاً:
استني هتقعي كده تاني..
وظل متشبث بيدها حتى جلست على احد المقاعد فعاد لمقعده...

شعرت روجينا بدوارٍ يهاجمها فور ان تناولت قطعة الشوكولا، واحساسها بالغيثان بدى قريباً منها للغاية، تماسكت بصعوبةٍ فاحنت رأسها على المقعد المقابل لها، ويدها تضغط على بطنها بألمٍ، ظنت تلك البلهاء ان ربما ما يحدث معها لانها لم تسافر للصعيد منذ فترة طويلة، لذا تشعر بالتعب..

فركت أصابعها بتوترٍ تحاول اخفاءه، فلهت بقطعة الشوكولا التي بيدها بشرودٍ، شعر به آسر فوضع بيدها المفروضة القطعتين خاصته، فتطلعت له تسنيم باستغرابٍ، فقال بابتسامةٍ جذابة:
مبحبهاش..
رفعت حاجبها وهي تتساءل بذهولٍ يخفي ضيقها الشديد:
طب أخدتها منها ليه لما أنت مش بتحبها؟
اتسعت ابتسامته بالنصر لاستدرجها بالحديث عما يضيقها، فقال بعد ان التقط نفساً مطولاً:.

ماسة ليها وضع خاص يا تسنيم، هي بالنهاية بنت عمي يعني زي روجينا و حور بالظبط..
ارتخت معالمها وقالت بحزن وعينيها تراقب ماسة الجالسة على بعدٍ منهما:
هو أيه اللي وصلها للحالة اللي هي فيها دي؟
شاركها الحزن وهو يرد عليها:
الحادثة اللي اتعرضت ليها مكنتش سهلة عليها جسدياً، وكملت بموت ابنها، ده خلاها تدخل في حالة نفسية سيئة، وزي اي واحدة بتحتاج وجود أقرب شخص ليها والشخص ده هو آآ..
قطعت حديثه حينما قالت:
يحيى..

ابتسم على تركيزها بما يخص ابنة عمه، ثم قال:
بالظبط، بس للاسف يحيى في التوقيت ده كان بره مصر وخبر موت ابنه مكنش سهل عليه هو كمان فمكنش قادر يواجهها وده خلاها تتعب اكتر وتهرب من واقعها بالحالة اللي انتي شايفاها دي..

شعرت بالشفقةٍ تجاهها، فتبددت غيرتها لسراب لا وجود له بداخلها، ابتسمت بحزنٍ على التهائها بتناول الشوكولا بطفوليةٍ نبعت من اوصالها، فتخلت عما يضيقها الآن واستمعت لحديثه باهتمامٍ ولهفة لسماع المزيد عنه...

جلست ماسة بالمقعد المنفرد الذي يلحق بمقعد ريم و نادين، فاستدارت لتطمئن عليها وخاصة حينما لم تعود للجلوس جوارهما، فاطمئنت حينما وجدتها تجلس خلفهما، تناولت ماسة ما بيدها وعينيها مسلطة على الدرج الجانبي للباص باعجابٍ شديد فاستغلت انشغال الجميع ثم تسلقته للاعلى بلهفةٍ لاستكشاف ما بالاعلى، فرددت يفرحةٍ:
يحيى..

التهى بالحديث بصحبة عبد الرحمن و أحمد، حتى انتبه لصوتها المنادي، فصدم حينما رآها تقف أمامه، فأسرع تجاهها وهي يعنفها:
ازاي طلعتي هنا من غير ما حد ياخد باله، إنتي مش كنتي قاعدة مع ماما!
ارتعبت من صوته الصارخ بها، فدنا منهما أحمد ثم قال:
خلاص يا يحيى هي الحمد لله كويسة أهي..
وجذبها أحمد وهو يشير اليها:
تعالي اقعدي جنبي يا ماسة..
جذبت يدها منه ثم قالت بضيقٍ:
يحيى قالي متمسكش ايد ماسة انت مبتفهمش..

ضحك يحيى بعدم تصديق، بينما ردد أحمد بسخريةٍ:
بقا بخلصك منه وتقوليلي كده، خلاص ولا كأني قولتلك حاجة ياعم..
وتركهم وعاد ليجلس جوار عبد الرحمن بالخلف، أما يحيى فجذبها لتجلس جواره، لتتابع ما تراه من منظر رائع وهي تشير له بيدها بابتسامةٍ سرقت اهتمامه بها وجعلته شارداً بتفاصيل وجهها الذي يعشقه..

وأخيراً مضت الساعات ووصل الباص لباحة منزل الكبير، فكانت هنية و نواره باستقبالهما، وقد أعدوا اليهما وليمة ضخمة تليق بكرم ضيافة عائلة الدهاشنة، حتى ان العمال المنشغل عملهم بتزين المنزل استعداداً للغد كان لهما نصيب من جانب الضيافة...

وبعدما خيم الليل على الارجاء، استأذنت والدتها بالعودة لمنزلها لتستعد هي الاخرى لحنة ابنتها، فأصر آسر على توصيلهما بسيارته الخاصة، فما ان وصلوا للمنزل حتى وجدوا أبيها وخالها بانتظارها، فما أن رآها العم فضل حتى احتضنها قائلاً بفرحةٍ:
اتوحشتني يا بتي..
ابتسمت تسنيم وهي تجيبه بحنان:
وانت كمان يا بابا وحشتني اوي..

وما كادت باستكمال حديثها معه حتى وجدت من يحتضنها ويديه تشدد من ضغطه على خصرها وهو يردد بخبثٍ:
اتوحشتني يا بنت اختي يا غالية..
انتفض جسدها بعنفٍ، فارتدت للخلف وهي تتطلع له برعبٍ بدد الأمان بداخلها، تعجب آسر لما يحدث معها فشعر وكأنها تكره خالها، ولكنه منح لها العذر بذلك فشخصه مقزز للغاية، لا يعلم بأن هناك سراً يسيطر عليها فيجعلها مذبذبة...

بغرفة حور..
كانت تتحدث لأحدى زميلاتها في الجامعة التي اتصلت للاطمئنان عليها، فابتسمت وهي تجيبها قائلة:
انا الحمد لله والله يا قلبي، دي حاجة بسيطة خالص..
اتاها صوت المتصلة قائلة:
انا والله مكنت اعرف اللي حصلك انا استغربت جدا لما لقيتك مش بتيجي الجامعة، حتى نور اختي بتقول أن روجينا كمان بطلت تيجي الجامعة فقولتلها اكيد قاعدة بحور..
انعقد حاجبيها بدهشةٍ:
روجينا!
اكدت لها قائلة:.

ايوه يا بنتي، نور بتقولي دكتور الجامعة بيسأل عن غيابها الطويل ده فقالتله ان اختها تعبانة..
رددت بصدمةٍ:
بس روجينا بتنزل كل يوم الجامعة!
قالت بعدم فهم:
بتقولي ايه مش سامعاكي!
نهضت عن الفراش ثم قالت لها:
معلشي يا حبيبتي هتصل بيكي في وقت تاني..
واغلقت الهاتف وهي في حالة من الصدمة والحيرة..

بغرفة روجينا
اشتد التعب عليها، خاصة بعد ان تقيأت ما تناولته على العشاء، فتمددت على الفراش بتعبٍ شديد، انتفضت بجلستها حينما استمعت دقات باب غرفتها فرددت بصوتٍ شاحب:
مين!
اتاها صوت مألوف عليها:
أنا حور يا روجينا افتحي..
ارتخى جسدها بحريةٍ على الفراش وهي تردد:
تعالي..
ولجت للداخل ثم جلست على الفراش مقابلها، تتأملها بنظراتٍ حادة وصامتة، فسألتها باهتمامٍ:
بتبصيلي كدليه؟

انهت حور صمتها المطول حينما قالت باندفاع:
نور أخت مرفت صاحبتي بتقول انك مبتروحيش الجامعة بقالك فترة، امال انتي بتروحي فين كل يوم يا روجينا..
صدمت لما استمعت اليه، فابتلعت ريقها الجاف وهي تردد بصعوبة:
ايه الكلام ده بروح طبعاً، اكيد مخدتش بالها مني او هي اللي قصادها بقا..
بثباتٍ واتزان قالت:
روجينا، الدكتور بنفسه ملاحظ غيابك...
ثم صمتت قليلاً قبل ان تسألها بحدةٍ:
بتروحي فين يا روجينا!..

وجدتها تتطلع لها بصمتٍ، فنهضت للتتجه للخروج وهي تردد:
تمام براحتك، أنا هنزل حالاً اقول لعمي اللي عرفته وهو بقى يعرف انتي بتروحي فين وتسيبي محاضراتك وجامعتك..
اسرعت لتمسك بيدها لتخبرها ببكاءٍ حارق:
لا بلاش بابا يا حور انا هقولك على كل حاجة، آآآنا، آآنا متجوزة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة