قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شوق العمر للكاتبة سارة بركات الفصل التاسع

رواية شوق العمر للكاتبة سارة بركات الفصل التاسع

رواية شوق العمر للكاتبة سارة بركات الفصل التاسع

فضل ماشى وراها لحد ماهى دخلت البيت، إتنهد تنهيدة بسيطة وعيونه جات على إسماعيل إللى بيوزع الطلبات في القهوة. راح للقهوة وقعد على كرسى وفضل سرحان. إسماعيل عيونه جات على عمر إللى قاعد سرحان وبيبص لبيت شوق دخل القهوة وبدأ يعمله شاى، شوق طلعت قدام شقتها وعدلت شعرها وخبطت على الباب.
رانيا بصوت مسموع من ورا الباب: مين؟
شوق: أنا يا ماما.

رانيا بإستغراب وهي بتفتح الباب وبتوسعلها الطريق عشان تدخل: إنتى جيتى بدرى ليه؟ وماستنتينيش ليه؟
دخلت الشقه بإرتباك شديد وبصت لمامتها وبتفكر تقولها إيه، وحاولت تكذب.
شوق: أنا خلصت بدرى النهارده وقعدت إستنيتك شوية، بس إتخنقت لإنى شوفت البنات كلهم بيخرجوا عشان النهارده كان آخر يوم إمتحانات، ماحبتش أستنى وجيت على هنا علطول.
رانيا لاحظت نبرة الحزن في صوتها، أخدتها في حضنها.

رانيا بحنان أمومى وهي بتطبطب عليها: ماتزعليش ياحبيبتى، هييجى اليوم إللى هتتجوزى فيه وجوزك هيفسحك ويخرجك ومش هيسيب أى مكان في مصر غير لما تخرجوا فيه.
رانيا كانت بتقول الكلام ده وهي مش مقتنعة تماما وده طبعا بسبب حسين إللى حابسها وخانقها خوفًا عليها بس بتتمنى الأحسن لشوق. بعدت عن شوق وسكت وشها بين إيديها.
رانيا بإستفسار: عملتى إيه في الإمتحان؟

شوق ببراءة: كان حلو أوى ياماما، كان سهل وكويس حليته كله وماسبتش فيه حاجه.
رانيا بفرحة وهي بتحضنها: برافو عليكى ياقلب ماما، بالتوفيق ياحبيبتى كملت بإبتسامة ومرح وهي بتبصلها، يلا إدخلى غيرى هدومك، أنا عاملالك أكل إنما إيه، هتاكلى صوابعك وراه.
شوق بإبتسامة وفرحة: حاضر يا ماما.

دخلت أوضتها تحت عيون رانيا إللى حزينة عليها، كان مازال قاعد سرحان وبيفكر في حاجات كتير أوى، بقا شايفها مختلفه عن أى حد، مختلفه عن التفكير إللى هو كان ناويلها عليه، مختلفه بشكل غريب هو مش فاهمه، مش فاهم أى حاجه، طب مختلفه إزاى؟ وليه؟ وإمتى؟ ليه بيفكر فيها ومش راضية تروح من باله، بيحاول على قد مايقدر يبعد عن كلمة الحب، لإنه مقتنع إن مافيش حاجه إسمها حب، ممكن إحتياج؟ محتاجها في حياته؟

فاق على صوت إسماعيل إللى بيقدمله الشاى وقعد جنبه.
إسماعيل وهو بيحط إيده على كتفه: عمر، أنا بكلمك.
عمر بإستيعاب وهو بيبصله: فى إيه؟
إسماعيل: إنت إللى في إيه، مالك؟ تايه كده ليه؟
عمر كان بيبص حواليه وبيحاول يستوعب المكان إللى قاعد فيه وبدأ يتكلم بهمس.
عمر وهو بيبصله: شوق.
إسماعيل بإستفسار: مالها؟

عمر مش فاهم حاجه عشان ينطق، فبالتالى مش عارف يقول إيه ده غير إنه مشتت ومش فايق. إسماعيل إستغرب سكوت عمر وتشتته وفجأه برق لإعتقاده إن عمر عمل حاجه في شوق...
إسماعيل بصدمه وعدم إستيعاب وبصوت عالى: عملت إيه في البن،
عمر بحركة سريعه حط إيده على بوق إسماعيل يكتم صوته فبالتالى ماكملش كلامه.
عمر بعصبيه مكتومه وهمس: ششششششششششششش، صوتك يا متخلف، ماحصلش حاجة.

إسماعيل عقد حواجبه وهو في نفس الوضعية دى. عمر بِعد إيده عنه وبدأ يتكلم بحزن و شرود.
عمر: تعالى عندى الدكان نتكلم على راحتنا.
إسماعيل: ماشى.
عمر قام من مكانه متناسيًا كوباية الشاى، إسماعيل إتنهد وأخدها معاه وراح وراه. دخل الدكان وقعد على كرسى وإسماعيل جاب كرسى وقعد جنبه.
إسماعيل: خد الشاى ده إشربه وهدى أعصابك وإحكيلى في إيه؟، وتايه كده ليه؟
عمر أخد منه الكوبايه وشرب رشفة وبصله.

عمر بحزن وشرود: معرفش في إيه، معرفش أنا ليه تايه، مش فاهم أى حاجة.
إسماعيل بإستفسار: كل الكلام ده عن شوق صح؟
عمر هز راسه وشرب تانى من الشاى.
إسماعيل: إحكى إللى إنت مش فاهمه.
عمر غمض عيونه لتذكرة محاولته معاها وللأسف دى أول مره يندم إنه حاول يقرب من واحدة.

عمر بتنهيدة حارة وهو بيبصله: أنا متلغبط جدا، أنا مش فاهم حاجة، كانت بين إيديا وفجأة بعدت عنها، مش عارف ليه، بس صورتها وهي بتضحك معايا وقتها جات، محايلتها ليا في إنى ماسبهاش، حسيت إنى هتدمر لو كملت إللى بعمله وهتدمر لو بعدت عنها كإن في مغناطيس شاددنى ليها، أنا بعدت عنها بصعوبة، أنا في متاهة يا إسماعيل، أحاسيس متلغبطة، ده غير إنى بتضايق لما بلاقيها بتتعامل مع شاب غيرى، مش بتضايق بس، أنا ممكن أقتله عادى ومايهمنيش إيه إللى هيحصل بعدها، إنت متخيل إنى ضربت واحد عشانها النهارده؟

إسماعيل بإستغراب: إحكى بالتفصيل.
عمر بدأ يحكيله كل حاجة حصلت بعد المدرسه. بعد مرور فترة بسيطة. عمر كان قاعد وحاطط راسه بين إيديه وبيبص للأرض بشرود، وإسماعيل بيضحك عليه ضحكات مكتومة، وفجأه.
إسماعيل: هههههههههههههههههههههههههههه.
عمر إستغرب ضحك إسماعيل...
إسماعيل في وسط ضحكاته: أخيرا ههههههههههههه جه اليوم إللى هههههههههههههههه أشوفك بتحب فيه يا عمر ههههههههههههه.
عمر برق من الكلمة دى. إسماعيل بدأ يهدى.

إسماعيل: إللى إنت فيه ده حب فوق الحدود بس إنت مش واخد بالك أو بتكابر.
عمر بضيق: بلاش تخلف، قال أحب قال، مافيش حاجة أصلا إسمها حب.

إسماعيل بإصرار: لا فى، البنت مابتروحش من على بالك، ده غير إنك كنت بتراقبها بقالك شهرين من بعيد، والولد إللى يادوب كانت هتسلم عليه، كان ممكن عادى تاخدها وتمشى لكن لا إنت ماشوفتش قدامك طحنته ومرمطته لما قالك دى بتاعتى ولولا أصحابه إللى بعدوه عنك كان زمانه مات في إيدك، إنت بتغير وبتحب إنت عاشق يا عمر، عارف يعنى إيه عاشق؟

عمر بغضب: بلاش كلام فارغ، قولتلك أنا مش بحبها ولا بعشقها، مين قال إنى بفكر فيها؟ لا ده خيالها هو إللى متطفل وبيجيلى دايما، بشوف طيفها حواليا في كل مكان، وده لإنه بيمشى ورايا، مين قال إنى كنت براقبها بقالى شهرين من بعيد هاه؟ أخد نفس عميق بس إستغرب إنت عرفت منين الموضوع ده؟
إسماعيل بإستعباط: موضوع إيه؟
عمر بضيق: إنى بمشى وراها؟
إسماعيل: هههههههههههههههه.
عمر: بطل ضحك وجاوبنى.

إسماعيل: شوفتك صدفة مش أكتر، كنت معدى من هناك وشوفتك واقف من بعيد وبتبصلها.
عمر بضيق: ده مش معناه إنى بحبها.
إسماعيل برخامة: عندك حق، معناه إنك بتموت فيها مثلا؟
عمر بغضب مكتوم: إمشى يا إسماعيل بدل ما أعملك عاهة في وشك تاخد عليها عشر غرز، غور من وشى.
إسماعيل: مش همشى يا عمر، أنا عايز أفهمك حاجة، يوم أما تلاقى فرصة للراحة إمسك فيها وتبت فيها، قرر يضايقه وبعدين بصراحة البنت قمر و حلوه و،.

قطع كلامه لكمة قوية من عمر.
عمر بغضب وهو بيمسكه من لياقة القميص: إياك يا إسماعيل، إياك تجيب سيرتها تانى، هتموت على إيدى.
إسماعيل بوجع وهو حاطط إيده على خده: اااااااااااااه، ربنا ياخدك، منك لله.
عمر بغضب: ده تحذير منى ليك، إياك تجيب سيرتها تانى.
إسماعيل بوجع وهو بيقوم من مكانه: حرام عليك يا أخى، همشى إزاى في الحارة بالشكل ده؟، أكيد وشى ورم.
عمر بضيق: عشان تتربى.

إسماعيل: وهو إللى زيك يعرف يعنى إيه تربية.
عمر: ملكش فيه، روح شوف شغلك وإبعد عنى.
إسماعيل: طب هات حق كوباية الشاى.
عمر ببرود: إنت إللى جايبهالى من غير ما أطلبها منك، يبقى إنت إللى تدفع تمنها مش أنا.
إسماعيل بنفاذ صبر: مانا لو معايا كنت دفعت، هات حق الكوبايه عشان المعلم عطية مايتكلمش معايا.
عمر ضحك بإستهزاء وفرغله جيوبه إللى مكنش فيها حاجة.

عمر: كان على عينى، شايف جيوبى فاضية إزاى؟ أنا خلصت آخر حاجة كانت معايا من شوية.
إسماعيل بضيق: طيب.
أخد الكوباية ولسه هيمشى.
عمر: معاك أكل إيه؟، أنا جعان.
إسماعيل وهو بيبصله: فى باقى معايا 3 معالق فول ونص رغيف.
عمر بإمتعاض: إنت عايز تموتنى ولا عايز تعمل إيه؟ أنا هعمل إيه بال 3 معالق والنص رغيف دول أسلك بيهم أسنانى؟
إسماعيل وهو بيمشى: مش عايز خلاص ماتضيعش وقتى.

عمر بإستسلام: طب خلاص هاته أهو أحسن من مافيش.
إسماعيل: ماشى.

إسماعيل راح للقهوة وبعدها رجع ومعاه الأكل لعمر، وعمر بدأ ياكل وفي نفس الوقت عيونه على شباك شوق المقفول، وبيسأل نفسه يا ترى هي بتعمل إيه دلوقتى؟ وفي نفس الوقت بيفكر كلام إسماعيل ليه، هل هو بيحبها فعلا؟ شوق غيرت هدومها وسرحت شعرها ولسه هتربطه إفتكرت عمر لما كان بيفردهولها وبيقولها إنها كده حلوة، إبتسمت وبصت لشعرها وقررت إنها تسيبه مفرود، عيونها جات على شباكها المقفول ولسه هتروح تفتحه إفتكرت تحذير عمر ليها بس نفسها تشوفه أوى صبرت نفسها شوية إنه هيتصرف عشان يشوفوا بعض، إتنهدت تنهيدة بسيطة وخرجت من أوضتها، إبتسمت لما لقت مامتها بتحط أطباق الأكل على الترابيزة، باستها من خدها.

شوق: تسلم إيديكى ياماما.
رانيا: الله يسلمك ياحبيبة ماما، يلا إقعدى كلى.
قعدت على كرسى وبدأت تاكل ورانيا قعدت جنبها وبتبصلها. شوق عيونها جات في عيون مامتها إللى بتبصلها.
شوق بإستفسار: مابتاكليش ليه يا ماما؟
رانيا: إنتى عارفة إنى بستنى باباكى ييجى عشان آكل معاه، يلا كلى إنتى وإتغذى.

شوق هزت راسها وكملت أكلها وفي نفس الوقت بتفكر في عمر، وبتسأل نفسها ياترى بياكل إيه؟ هي ماتعرفهوش أوى، كل إللى تعرفه عنه إنه مابيعرفش يقرأ و يكتب، ووالده متوفى، وعايش في الدكان ده، ماتعرفش أى حاجة تانيه عنه، مرت الأيام وعمر بيفكر يشوفها إزاى وفي نفس الوقت بقا بيتعصب بشكل رهيب بسبب غيابها عن عيونه ولكنه بيبرر كل ده بإنه مضغوط في الشغل عشان يكسب قوت يومه. شوق خايفة تفتح الشباك أحسن عمر يشوفها وهي واقفه في الشباك وخايفة من عقابه ليها لو شافها، خايفه من بُعده عنها أو من زعله منها فضلت مستنياه يتصرف زى ماقالها، لحد ما عدا أسبوع على محاولة عمر في إنه يتصرف. حسين كان واقف قدام الحوض وبيغسل إيده بعد ماخلص أكل بس إتفاجئ بخلاط الحوض إللى إتقطم...

حسين بضيق: أهو ده إللى ناقص.
خرج من الحمام وغسل إيده في حوض المطبخ، خرج من المطبخ ووجه كلامه لرانيا إللى بتشيل الأطباق.
حسين: أنا هنزل أدور على سباك يركبلنا خلاط جديد لحوض الحمام، عايز أرجع ملاقكيش موجوده في المطبخ وبنتك ماتخرجش من أوضتها.
رانيا: حاضر.
خرج من الشقة، ولحسن حظ شوق إنها كانت لسه هتخرج من أوضتها في الوقت ده وسمعت كلام باباها لمامتها، قالت لنفسها سباك!، يا رب يكون عمر.

إبتسمت بفرحة وغيرت هدومها لهدوم أحلى على أمل إنها تشوفه وتخليه يشوفها. حسين نزل من البيت وبص حواليه ومش عارف يسأل مين أو يعمل إيه، لحد ماعيونه جات على معلم قاعد في القهوة إللى نحية البيت، راح للقهوة.
حسين: السلام عليكم.
معلم عطية: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إتفضل تؤمر بحاجة يا أ/حسين؟
حسين لوهلة إستغرب معرفته بيه بس برر ده بإن مافيش حاجة بتستخبى في الحارة دى.

حسين: أه كنت محتاج أسأل عن سباك يركب خلاط جديد لحوض الحمام، ماتعرفش ألاقيه فين؟
عطية عيونه جات على دكان عمر المقفول وبدأ ينادى...
عطية بصوت مسموع: واد يا إسماعيل.
إسماعيل بصوت مسموع وهو خارج من القهوة: أيوه جاى.
إستغرب لما لقى أبو شوق واقف مع المعلم. فاق على صوت المعلم.
عطية: فى إيه ياض يامعصعص واقف كده ليه؟، ماتشوف صاحبك الداهية ده راح فين؟
إسماعيل بتوتر: خير يا معلم؟ عمر عمل إيه؟

عطية: معملش حاجة، بس الأستاذ حسين عايز سباك وصاحبك مش موجود.
إسماعيل من جواه فرح أخيرا لإن جات الفرصة إن عمر يشوف شوق وده لإن عمر كان متعصب الفترة إللى فاتت بسبب إنه مش عارف يتصرف أو يشوفها إزاى لكنه كان بيكابر وبيقول مضغوط مش أكتر. بص لحسين وبدأ يتكلم.
إسماعيل بفرحة: عيونى، خليك واقف في مكانك يا أستاذ حسين، هجيبولك علطول.

إسماعيل ساب الصينيه إللى في إيده وجرى بسرعة للمكان إلى عمر فيه. حسين إستغرب إسماعيل ماله ده؟ فاق على صوت المعلم عطية.
عطية وهو بيسحب نفس من الشيشة إللى في إيده: أقعد يا أستاذ حسين، ماتفضلش واقف كده.
حسين قعد وفي نفس الوقت بيحاول مايتنفسش دخان الشيشه وده لإنه مابيحبش التدخين أصلا.
عطية: ألا قولى يا أستاذ حسين.
حسين بصله بإستفسار.
عطية: إنت بتشتغل إيه؟
حسين: محاسب.

عطية: بسم الله ماشاء الله، وإنت بتعمل إيه بقا؟
حسين: حسابات، يعنى هكون بعمل إيه؟
عطية: معلش، أصل محسوبك جاهل، مش متعلم يعنى.
حسين: حصل خير.
حسين بص للناحية التانية. عطية سحب نفس تانى من الشيشة.
حسين: هو الصبى بتاع القهوة إتأخر كده ليه؟
عطية: أكيد بيدور على عمر، تلاقيه بيسترزق من أى مكان تانى، الواد شغله نضيف أى نعم هو بجح وقليل الأدب بس جدع وبتاع مكسب.
حسين بهمس: أستغفر الله العظيم.

عطية: ألا قولى يا أستاذ حسين، إنت واخد الشقة دى تمليك ولا إيجار؟ أصل البيت ده بالذات شققه غاليه فكنت عايز أعرف عشان كنت عاوز أخد شقة فيه.
حسين: تمليك.
عطية: مممممممم، أنا قولت كده برده.

حسين كان متضايق من التأخير ده، ده غير طريقة كلام المعلم عطية إللى مضايقاه أكتر، إسماعيل وصل لمكان الشغل إللى عمر موجود فيه. كان واقف في ورشة النجارة وبيرسم خطوط على الخشب عشان يحدد هيقطع الخشب بالمنشار لحد فين، حط القلم على ودنه وبدأ يشتغل بالمنشار، ماسمعش صوت إسماعيل إللى بيناديله وهو واقف بعيد ولما قرب منه سمعه...
إسماعيل: ياعمر.
عمر بصله بإستفسار وساب إللى في إيده.

إسماعيل وهو بينهج: فى شغل مهم أنا جايبهولك.
عمر: إنت شايفنى فاضى؟ قول للزبون هجيله يوم تانى.
إسماعيل: إسمع بس، ده أبو شوق هو الزبون.
عمر بإنتباه: عايز إيه؟
إسماعيل: عايز سباك.
عمر بلهفة غير واضحة: وماقولتش ليه من الأول سايبنى واقف كده وبنتكلم، هو فين؟
إسماعيل: عند القهوة.

عمر ماحسش بنفسه غير وهو بيرمى إللى في إيده ونسى ينفض هدومه وشعره من نشارة الخشب البسيطة وراح بسرعة للحارة، وإسماعيل جرى وراه. وصلوا للحارة وعمر راح القهوة.
عطية: أهو الأسطا جه.
عمر لحسين: خير يا حج في مشكلة؟
حسين بص لعمر من فوق لتحت بسبب شكله الغير مهندم وهدومه وشعره، وفي نفس الوقت حاسس إنه شافه وإتعامل معاه قبل كده.
عمر بتوضيح وهو ملاحظ تركيزه: معلش بس كان في إيدى شغل نجارة كنت بخلصه.

حسين بتدقيق من ملامحه: أنا شوفتك فين قبل كده؟
عمر بتفهم: أنا هنا بشتغل كل حاجة في الحارة، أنابيب، خشب، سباكة، كهرباء والذي منه. يمكن تكون شوفتنى في يوم تبع حاجة منهم.
حسين مش متذكر كان شافه فين قبل كده بس عدا وماحبش يركز أكتر.
حسين: عندى مشكلة في السباكة، خلاط حوض الحمام إتقطم منى.
عمر بتفهم: خلاص هركبلك واحد جديد، هجيب العدة وهجيلك.
حسين: أنا في البيت ده في الدور التالت.
عمر: حاضر.

حسين قام من مكانه ودخل البيت تحت عيون عمر وإسماعيل وعطية إللى بياخد من نفس طويل من الشيشة بتاعته. عمر إتنهد وراح للدكان وفتحه جهز عدته، ونفض هدومه وشعره وراح للبيت بتاع شوق، وقف قدام الشقة بتاعتهم وأخد نفس عميق وبدأ يخبط على الباب. حسين فتحله الباب وشاورلة على طريق الحمام.
حسين: من هنا.

عمر دخل وبص حواليه وبيدور على شوق بعيونه وفي نفس الوقت رايح في طريقه للحمام، دى كانت أول مره ياخد باله من شقتهم إللى الفرش بتاعها نضيف وحلو، لوهلة إستغرب بس إفتكر الفستان إللى شوق كانت لابساه يومها، وحسب تمن الفستان في دماغه لقى إنه هيعدى تكلفه كبيرة تساوى المبلغ إللى بيجمعه آخر كل شهر أو ممكن أكتر. دخل الحمام وبدأ يفك الخلاط بتاع الحوض وحسين واقف معاه. شوق كانت واقفه في أوضتها ولما سمعت باب الشقة بيتقفل، بصت من فتحة الباب بتاع أوضتها وشافت عمر إللى رايح للحمام وأبوها ماشى وراه. إبتسمت بفرحة عشان أخيرا شافت عمر، أخدت نفس عميق وبتحاول تفكر تتكلم معاه إزاى. رانيا كانت قاعده في أوضتها وحاطه إيدها على خدها ومستنيه السباك إللى لسه جاى يمشى عشان تخرج من الأوضه.

عمر بتنهيدة: أنا كده فكيت الخلاط، عايز خلاط جديد ومعايا الصمولة.
حسين: حاضر، خليك مكانك.
حسين راح لأوضته هو ورانيا.
رانيا: فى إيه؟
حسين: كان في خلاط زيادة هنا كنا جايبينه يوم أما كنا بننقل، ماتعرفيش انا حطيته فين؟
رانيا بتفكير: لا مش فاكرة.

حسين بدأ يدور في الأوضه ورانيا بدأت تدور معاه، شوق أول أما شافت أبوها دخل أوضته خرجت بهدوء من أوضتها ومن جواها بتتمنى إنه مايخرجش دلوقتى، راحت للحمام وبصت لعمر إللى سرحان ومش واخد باله منها.
شوق بهمس: عمر.

عمر فاق من شروده وبصلها. إبتسمتله إبتسامة بريئة وبصت لملامحه إللى التعب والإرهاق واضح فيهم، دقنه طولت شويه، عيونه إللى واضح عليهم قلة النوم. فضل في مكانه مابيتحركش وبيبصلها واقفه قدامه بالشكل إللى هو بيحبها بيه، شعرها المفرود وبرائتها إللى واضحة في عيونها، ونسى هو كان بيفكر في إيه.
شوق بإرتباك وإحراج وهمس وهي بتفرك في صوابع إيديها: إزيك ياعمر؟

ماحسش بنفسه غير وهو بيبتسم وبيخرج من الحمام لإنها كانت واقفه بره الحمام. ضمها لحضنه بقوة...
عمر وهو بيهمس في ودنها وهي في حضنه: أنا بقيت كويس لما شوفتك.
بعد عنها وعدل شعرها، وهي كانت حاسه بالخجل الشديد من قربه منها.
عمر بهمس وهو بيمسك وشها بين إيديه: طمنينى عليكى عملتى إيه في الأيام إللى فاتت دى؟
شوق بإرتباك وخجل من لمسته وببراءة: معملتش حاجة، كنت مستنياك.

عمر ضمها لحضنه تانى ومش فاهم نفسه، تايه ومرتبك معاها هي وبس بركان من المشاعر، لما كانوا بعيد عن بعض كان حاسس بعذاب كبير لإنه مكنش بيشوفها، ولما شافها حس إن الدنيا ضحكتله، كلام إسماعيل بيتردد في دماغة. إنت بتحبها ياعمر
عمر وهو بيبعد عنها وبيملس على شعرها: يلا روحى على أوضتك قبل ما باباكى يشوفك معايا.
شوق بهمس وحزن: بس هشوفك تانى إمتى؟
عمر: مش عارف، بس خلينا زى ماحنا.
شوق بحزن: حاضر.

عمر: ماتزعليش ياشوق، كلها أسبوعين أو تلاتة وهتبدأى الترم التانى.
شوق: بس أنا عاوزه نخرج مع بعض ونتفسح.
عمر بإبتسامة: ماتقلقيش هنخرج وهنتفسح.

كانت لسه هتتكلم أخدت بالها من حاجة موجودة في شعره، وقفت على أطراف صوابعها ورفعت إيدها ومسحت على شعره، عمر إتخشب في مكانه بسبب لمستها، إبتسمت بفرحة أول أما شعره مبقاش فيه حاجة عيونها جات في عيونه إللى بتبصلها بنظرة غامضة هي مافهمتهاش، إبتسمتله ببراءة ده غير نظرتها ليه إللى حسسته إنه كل حاجة بالنسبالها، عمر مش فاهم بركان المشاعر إللى إتحرك جواه ده لما هي لمست شعره، في الوقت ده بالذات إتمنى إنهم يكونوا فعلا لوحدهم بعيد عن كل الناس، يتخطى كل الحواجز معاها، برائتها إللى مش موجودة في حد، عمره ماشافها في أى حد، فاق من إللى هو فيه لما شم ريحة أكل!، بدأ يشمشم وبيبص نحية الحلل المغلقه، بلع ريقة بإرتباك لما لقى ريحة الأكل حلوة...

شوق ببراءة وهمس وهي ملاحظة نظراته: إنت جعان ياعمر؟، أجيبلك أكل؟
عمر بإحراج غير واضح وأول مره يحس بيه وهو بيبصلها: لا شبعان، هي بس ريحة الأكل حلوة و،.

قطع كلامه صوت باب الأوضة إللى إتفتح، عمر مسك شوق من دراعها وأخدها على جنب عشان يتداروا جوا المطبخ، حسين كان خارج من أوضته وبيبص للخلاط إللى في إيده، وعمر وشوق واقفين مترقبين الموقف وخاصة عمر إللى مركز مع صوت خطوات حسين إللى مقربه عليهم، أما شوق كانت واقفه مرعوبة وخايفه إن باباها يشوفها مع عمر، حسين كان لسه هيدخل المطبخ، وقفه صوتها...
رانيا: إستنى ياحسين، إللى معاك قديم وبايظ.

حسين دخل تانى الأوضة وقفل الباب وراه.
عمر بتصرف سريع وهمس: روحى بسرعة على أوضتك.
شوق راحت بسرعة لأوضتها تحت عيون عمر إللى عرف مكان أوضتها ورجع للحمام تانى، إتنهدت بإرتياح أول أما دخلت الأوضة، وفي نفس الوقت مبسوطة إنها شافته، حسين خرج من الأوضة وراح لعمر إلى واقف في الحمام نحية الحوض وبيمثل الإنشغال.
حسين: إتفضل.

عمر أخد منه الخلاط وبدأ يركبه وفي نفس الوقت بيدور في دماغه أسئلة كتير وبيفكر أكتر، حسين كان متابعه بعيونه ومتابع تركيزة في الشغل وشايف إنه شاطر، بعد مرور فترة بسيطة. عمر كان بيمسح إيده بمنشفه وواقف مستنى حسين إللى دخل أوضته. حسين خرج من الأوضة علطول وكان ماسك في إيده محفظة الفلوس بتاعته.
حسين: حسابك كام؟
عمر بإبتسامة: خليها عليا يا حج حسين.
حسين: ربنا يخليك، عايز كام؟
عمر: قولتلك خليها عليا.

حسين تجاهله وفتح المحفظة، عمر عيونه جات على الفلوس الكتير إللى فيها، حسين أخد مبلغ وإداهوله.
حسين: إتفضل.
عمر بص للمبلغ إللى في إيد حسين ومسكه بس أخد منه مبلغ وقدم الباقى لحسين.
عمر: دى أجرة تعبى وشقايا.
حسين وهو يربت على كتفه: خلى الباقى علشانك.
عمر كان لسه هيرد عليه ويقوله أنا مش شحات وكان هيتعامل معاه بطريقته البجحة لكن صورة شوق جات في باله وهي بتضحك، حاول يتحكم في أعصابه وإبتسم إبتسامة مصطنعة...

عمر وهو بيحط الباقى على الترابيزة: شكرا يا حج، بس أنا فعلا محتاج أجرتى وبس، بعد إذنك.
عمر مشى وهو بيحاول يتحكم في غضبه بسبب إن نفسه صعبت عليه جدا وده لإن والدها حسسه إنه شحات وقليل أوى عنهم، حسين دخل الأوضه وواضح عليه ملامح الإستغراب.
رانيا وهي ملاحظة إستغرابه: فى إيه ياحسين مالك؟
حسين بتفكير: الواد السباك ده مش عارف ماله.
رانيا بإستغراب: عمل إيه؟
حسين: رفض إنه ياخد بقشيش على شغله.

رانيا بإبتسامة: شكله مابيحبش حد يعطف عليه.
حسين بتنهيدة: ممكن، بس هو واد شاطر وبيركز في شغله أوى، بإذن الله مش هتكون آخر معاملة معاه.
رانيا: إن شاء الله.

شوق كانت قاعدة في أوضتها بتفكر في عمر ومبسوطة جدا إنها شافته وشايفه إنها مش هتقدر تستنى كتير زى ماهو إتفق معاها وقالها، لا هي محتاجة تشوفه كل يوم وكل شوية. عيونها جات على الشباك المقفول بتاعها وقربت منه بتوتر، فتحت الشباك بس حاجة بسيطة عشان عمر مياخدش باله منها، وبالفعل حاولت تلمحه من فتحة الشباك البسيطة دى لحد أما لقته قاعد في الدكان وبيظبط حاجته، إبتسمت إبتسامة جميلة عشان هي شايفاه قدام عيونها، وقررت إنها هتفضل تراقبه من بعيد لحد ما الترم التانى يبدأ، عمر كان قاعد في الدكان وبيعدل حاجته وفي نفس الوقت دماغه مشغوله بالتفكير فاق من إللى هو فيه لما حس بإيد حد على كتفه.

إسماعيل: مالك فيك إيه؟
عمر إتنهد وبصله بس ماتكلمش.
إسماعيل بإستغراب: فى إيه ياعمر؟
عمر: إحنا مش نافعين مع بعض.
إسماعيل بخضه وهو بيقعد جنبه على الأرض: وإحنا من إمتى بينا الكلام ده يا عمر؟ هو أنا زعلتك في حاجة؟ إحنا بينا سنين وعشرة عمر في الشارع، كل ده عشان كوباية الشا،
عمر بضيق وهو بيقاطعه: كوباية شاى إيه دلوقتى؟، بقولك أنا وشوق مش نافعين مع بعض.

إسماعيل بإستيعاب وهو بيهرش في راسه: اااااااه تقصد شوق، خضتنى، طب إيه إللى حصل خلاك تقول كده؟
عمر بتنهيدة وهو بيبص لشباكها: هى من مستوى وأنا من مستوى تانى، هي فوق وأنا تحت، إتكلم بشرود هي حاجة تانية، مش زى أى حد، ماينفعش تبقى معايا، هي مكانها مع حد تانى.
إسماعيل بإستغراب من نبرته: إنت بتتكلم بجد ياعمر؟

عمر: بتكلم بجد، أخد نفس عميق كإنه مش قادر يتنفس أنا قررت أخرجها من حياتى، هي تستاهل إنها تعيش حياتها زى أى بنت طبيعية، هي لسه صغيرة ماينفعش تضيع نفسها مع واحد زيي.
إسماعيل: الكلام ده يطلع من واحد عاقل لكن عمره ما يطلع منك، إنت من إمتى بتتخلى عن حاجة إنت عايزها؟
عمر: من يوم ما قابلتها وأنا بقيت بتخلى عن كل حاجة بس وأنا مش واخد بالى، أنا كنت كويس قبل ما أقابلها.
إسماعيل: بس إنت بتحبها يا عمر.

عمر بضيق من كلامه: بحبها بحبها بحبها، هو إيه؟ الكلمة دى هتفضل زى اللبانه في بوقك؟ أنا مابحبهاش، البنت مش هينفع أضيعها، سواء عملت حاجة أو معملتش وجودى معاها هيضيعها، تبص لواحد فقران زيي ليه؟ بقولك كمل بوجع مش فاهم سببه حياتها هتبقى أحسن مع غيرى، أبوها هيجيبلها عريس في نفس مستواهم المادى، يستحيل يبصوا لواحد زيي.
إسماعيل بشك: إنت بتقول كلامك ده بناءًا على إيه؟ هو إنت ناوى على حاجة رسمية؟

عمر بنرفزة ووجع ومش عارف السبب: يابنى آدم إفهمنى، أبوها فوق كان بيدينى فلوس فوق أجرتى وبيقولى خلى الباقى علشانك، ده طبطب عليا كإنى بمدله إيدى وهو بيقول الله يسهلك، كنت هرد عليه وأزعقله وأقوله إنى مش شحات وكنت هرميله الفلوس لكن شوفت صورتها قدامى ومسكت نفسى بالعافية، البنت عايشه في مستوى مادى حلو، ليه تبصلى أنا؟ ليه تتعلق بيا أنا؟ في حين إنها ممكن تتعلق بواحد أحسن منى، واحد عمره مانام مع بنات قبل كده، واحد عمره ماعمل حاجة حرام، واحد عمره ماهيبهدلها، أخد نفس عميق وكمل بهدوء شوق ماتستحقش إنها تتبهدل مع واحد زيي، شوق ليها الأحسن، خلاص طريقنا مقطوع.

إسماعيل: بس إنتوا،
عمر وهو بيقاطعه: مافيش إنتوا، أنا وهي مالناش قصة، الموضوع خلص خلاص.
إسماعيل: بس،
عمر بنزفزة وهو بيقاطعه: بقولك الموضوع خلص، إمشى يا إسماعيل من قدامى، أنا مستحمل نفسى بالعافية.
إسماعيل بتنهيدة: ماشى ياعمر.

قام من مكانه وراح للقهوة، وعمر قفل الدكان على نفسه وبيحاول يهدى نفسه من كمية المشاعر إللى حاسس بيها، معقوله هيبعد عنها؟ ده بيتجنن لما مش بيشوفها، بس لا لازم يمسك نفسه ويخليها تنساه البنت متعلقه بيه وبوجوده، مش بتحبه. حب! الموضوع مالهوش علاقة بالحب لازم يبعد، البنت هتتدمر لو فضلت معاه أكتر.
عمر بهمس لنفسه: كده أحسن ليا وليها.

مرت الأيام وعمر بيحاول مايبصش لشباك شوق، لكن غصب عنه عيونه بتخونه وبتيجى على الشباك المقفول. شوق كانت بتبص على عمر في خفاء من نحية شيش الشباك المقفول، وعيونها متعلقه بكل حركة هو بيعملها، حاسه بإحساس غريب وهي بتبص عليه في كل ثانية وهو قدامها، حاسه بحاجة بتنبض جواها، هي عارفه إنه قلبها، طب ليه بينبض؟، أحاسيس ومشاعر جديدة بتنمو جواها نحية عمر إللى مش قادره تبعد عيونها عنه لحظة واحدة، نظراتها ليه إختلفت، باقت مختلفه وغريبة، باقت شايفاه كل حاجة، شايفه إنه الحياة في حد ذاتها، وفي نفس الوقت بتتمنى إنه يتصرف وتشوفه وتتكلم معاه تانى لكن ماحصلش، إسماعيل كان بيحاول يتكلم مع عمر في موضوعه هو وشوق لكن عمر كان بيقفله من جميع الإتجاهات، فضلوا على الحال ده لحد ما عدا أسبوعين بعد الأسبوع الأول، شوق كالعادة كانت واقفه عند الشباك بتحاول تلمح عمر، لكن للأسف مكنش موجود والدكان مقفول، رانيا كانت واقفه في المطبخ وبتطبخ كعادتها وفي نفس الوقت بتنادى على شوق.

رانيا بصوت مسموع: شوق.
شوق خرجت من أوضتها لما سمعت صوتها، بس وقفت فجأه لما حست إن الدنيا بتدور بيها، مسكت في إيد كرسى عشان تسند نفسها، فضلت واقفه في مكانها لحد أما بقت تمام ودخلت المطبخ.
شوق بإستفسار: نعم يا ماما؟
رانيا بإنشغال: معلش ياحبيبتى، هاتيلى طبقين من النيش.
شوق: حاضر.

خرجت من المطبخ وراحت للنيش، فتحته وأخدت منه طبقين وقفتله تانى، ولسه هتتحرك الدنيا دارت بيها بشكل خلاها تتعب، حاول تتسند على أى حاجة قدامها بس مكنش في أى حاجة تسند عليها، وفجأه الدنيا باقت ظلام حواليها، رانيا في عز إنشغالها سمعت صوت أطباق بتتكسر، إتنفضت في مكانها وسابت إللى في إيديها وخرجت من المطبخ لقت شوق مرميه على الأرض.
رانيا بصراخ: شوق.
جريت عليها بسرعة وأخدتها في حضنها وحاولت تفوقها.

رانيا بخوف: قلب ماما، فوقى ياحبيبتى، فوقى عشان خاطى.
ضربتها أقلام خفيفه لكن شوق كانت غايبة تماما عن الوعى، دموعها نزلت وشالتها ونيمتها على كنبة في الصالة وحاولت تفوقها تانى...
رانيا بدموع: شوق، إصحى عشان خاطرى.

وبعد محاولات عديدة منها شوق فتحت عيونها بضعف وبصتلها وغابت عن الوعى تانى. رانيا قامت من مكانها بسرعة ولبست هدومها ولفت إيشارب حوالين شعرها بهرجلة ونزلت بسرعة من البيت وراحت لأقرب سنترال وكل ده تحت عيون إسماعيل إللى مستغرب من جريها في الشارع. بدأت تعمل مكالمة من التليفون الأرضى للسنترال لمكتب حسين...
فى مكتب المحاسب/ حسين عبدالله: كان مركز في شغله، بس خرج من تركيزة لما تليفون المكتب رن.

حسين بإنشغال وهو بيرد: ألو.
رانيا وهي بتنهج: إلحقنى ياحسين، شوق أغمى عليها، أنا خايفه، بدأت تعيط تعالى ياحسين بسرعة.
حسين بفزع وهو بيقوم من مكانه: أنا جايلك حالا.
خرج بسرعة من المكتب وركب تاكسى وإتحرك لبيته. رانيا رجعت لشقتها وحاولت تصحى شوق تانى، شوق فتحت عيونها بصعوبة.
رانيا بإبتسامة ودموع وهي بتملس على وشها: روح ماما، خليكى صاحيه، بابا هييجى دلوقتى.

شوق هزت راسها بنوع من اللاوعى، ورانيا ضمتها بقوة. بعد مرور فترة بسيطة. حسين وصل للبيت وخلى التاكسى يستناه وطلع لشقته بسرعته، راح لرانيا إللى بتعيط وواخده شوق في حضنها.
حسين بعدم إستيعاب: مالها؟ إيه إللى حصل؟
رانيا بدموع: معرفش، أنا كنت في المطبخ وكانت بتجيبلى حاجة من النيش فجأه وقعت على الأرض.
حسين: طب إبعدى عشان أعرف أشيلها.
رانيا بعدت عن شوق وحسين قرب منها وبدأ يصحيها.
حسين: حبيبتى، ردى عليا.

شوق فتحت عيونها بضعف لحسين.
حسين: قوليلى ياحبيبتى مالك فيكى إيه؟
شوق بتعب وضعف: دايخه، وعايزه أنام.
غمضت عيونها تانى. حسين قام من مكانه وشالها بين إيديه وخرج من الشقة ورانيا خرجت وراه. نزلوا من البيت.
حسين لرانيا: إركبى عشان هنيمها على رجلك.
رانيا: حاضر.

ركبت التاكسى وهو نيم شوق في الكنبه إللى ورا وخلى راسها سانده على رجل مامتها وركب جنب السواق وإتحرك لأقرب مستشفى وكل ده تحت عيون إسماعيل إللى مش فاهم حاجة وفي نفس الوقت قلقان على شوق إللى كانت فاقده الوعى في حضن أبوها، بدأ يجرى في الحارة وبيدور على عمر بعيونه لكنه مكنش لاقيه. بمرور الوقت. وصلوا المستشفى وحسين شال شوق بين إيديه ودخل بيها المستشفى ووراه رانيا إللى بتعيط عليها. إسماعيل ملقاش عمر في أى مكان رجع للحارة تانى وقعد في القهوه وبيحاول ياخد نفسه، بس قام من مكانه بسرعة لما لمح عمر داخل الحارة. إسماعيل جرى نحيته لحد أما وقف قدامه.

إسماعيل وهو بينهج: إلحق ياعمر.
عمر بإستغراب: فى إيه؟
إسماعيل بدأ يتكلم بهمس مسموع لعمر: شوق كان مغمى عليها في حضن أبوها و،
عمر ماستناش إسماعيل يكمل كلامه وماحسش بنفسه غير وهو بيجرى للبيت وقبل مايطلع إسماعيل مسكه من دراعه...
إسماعيل: يابنى راحوا المستشفى.
عمر بقلق وعدم إستيعاب وهو بيبصله: أنهى مستشفى؟، إسمها إيه؟ عنوانها فين؟ وراحوا إمتى؟
إسماعيل: راحوا من ساعة تقريبًا بس المستشفى معرفش فين.

عمر حس بغضب شديد ومسكه من لياقته...
عمر بغضب: وإزاى ماتقولش؟ ليه إستنيت ساعة؟
إسماعيل: دورت عليك ومالقتكش، إنت كنت فين؟
عمر ساب لياقته ومشى من قدامه...
إسماعيل: عمر إنت رايح فين؟
عمر بخوف بيحاول يداريه لكنه فشل: هدور عليها.
مشى وسابه بس إسماعيل مسكه.
إسماعيل: إهدى بس، خلينا نستنى لما يرجعوا.
عمر بزعيق: إفرض لو جرالها حاجه، أعمل إيه؟
إسماعيل: إهدى ياعمر، أكيد ماحصلهاش حاجه، يمكن تعب بسيط، خلينا نستنى بس.

بعد محايلات كتير من إسماعيل، عمر إستسلم وسمع كلامه وقعد إستنى رجوع شوق على نار...
فى المستشفى: شوق كانت نايمة بهدوء على سرير والمحاليل متوصله بجسمها. ورانيا وحسين كانوا قاعدين جنبها. الدكتور كان بيديلها حقنه في الوقت ده وبصلهم هما الإتنين...
حسين بإستفسار: طمنا عليها يادكتور؟

الدكتور بإبتسامة: هى كويسه الحمدلله مافيش أى حاجه خطر، هي بس مابتاكلش كويس وده عملها أنيميا وهبوط فبالتالى أغمى عليها، بس المحاليل هتغذيها.
حسين بص لرانيا بغضب في اللحظة دى، وهي فهمت نظرته بس مكانتش قادره تنطق لإن أعصابها تعبانه.
حسين: بنتى تقدر تخرج من المستشفى إمتى؟
الدكتور: من دلوقتى لو تحب، بس هبعت معاكم ممرضة تركبلها المحاليل.
حسين: تمام جدا.

وبالفعل أخدوا شوق وكان معاهم ممرضة عشان تركبلها المحاليل. بمرور الوقت وصلوا الحارة وحسين نزل من التاكسى وأخد شوق وشالها بين إيديه. عمر وقف بسرعة لما شاف شوق إللى وشها شاحب ونايمة في حضن أبوها ووراهم رانيا وواحدة تانية كمان معاهم، إنتبه لجسم شوق إللى خس خالص وعامله زى الطفلة الصغيرة في حضن أبوها، كان قلبه واجعه عليها أوى وبيتمنى إنه يتطمن عليها بأى شكل. طلعوا الشقة وحسين نيم شوق على سريرها والمرضة بدأت تقوم بشغلها حسين فضل واقف في مكانه جامد ومستنى لما الممرضة تخلص وظيفتها، بعد مرور فترة بسيطة، الممرضة أخدت فلوس قصاد شغلها وخرجت من الشقة وحسين مسك رانيا من دراعها وراح بيها على أوضتهم وقفل الباب وراه.

حسين بعصبيه: إزاى مابتاكلش؟ قوليلى إزاى؟ إنتى مابتأكليهاش؟
رانيا بدموع: صدقنى ياحسين والله كانت بتاكل، وكانت بتخلص طبقها كمان.
حسين: كذابه، عايزه تموتيها وتخلصى منها صح؟
رانيا بعدم إستيعاب: إنت إزاى بتقول كده؟ أنا أمها.
حسين بسخرية: يمكن عايزه تخلصى منها عشان مايبقاش في حاجة تربطك بيا، كمل بغضب شديد عارفه هتمشى إمتى من حياتى؟ لما تموتى فاهمه؟

خرج من الأوضة وسابها وهي قعدت تعيط من كلامه الجارح ليها. حسين دخل أوضة شوق إللى نايمة والتعب واضح عليها بشكل كبير. ملس على شعرها بحنان أبوى وباس راسها وخرج من أوضتها قابل رانيا في طريقه وهي خارجه من أوضتها.
حسين بتحذير: غذى بنتك كويس، أنا هنزل أجبلها الأدوية إللى الدكتور كتبهالها.

خرج من الشقة ورزع الباب وراه. وهي مسحت دموعها بحسرة ودخلت لأوضة بنتها. قعدت جنبها على سريرها وبدأت تملس على شعرها بحزن...
رانيا بدموع: ليه تكذبى عليا وتقوليلى إنك أكلتى؟
أخدتها في حضنها وطبطبت عليها. عمر كان قلقان جدا على شوق ومش عارف مالها، لمح حسين وهو بينزل من البيت وراح للصيدليه إللى على أول الحارة وبعد فترة بسيطة خرج منها وطلع البيت، دخل الشقة وراح لأوضة شوق إللى نايمة في حضن مامتها...

حسين بجمود: قومى عشان أديلها العلاج.
رانيا: هات أنا أديهولها ي،
حسين بغضب: عشان تقتليها المره دى صح؟
رانيا بدموع: إنت ليه مش مصدقنى أنا،
حسين وهو بيقاطعها: من غير كلام، إطلعى بره.

قامت من مكانها وهو أخد شوق في حضنه وبدأ يفوقها عشان تاخد الأدوية بتاعتها، رانيا قعدت بره في الصالة وبتعيط على حالها، ومش فاهمه إزاى جوزها يتهمها في كده؟ دى بنتها إزاى حد يقتل ضناه؟ عمر كان واقف في الشارع وهيتجنن على شوق نفسه يتطمن عليها ويشوفها، نفسه يعرف مالها، وإسماعيل واقف جنبه وبيحاول يهديه، أول مره يشوف صاحبه كده، خوفه الواضح وجعه إللى ظاهر في عيونه، قلقه الشديد عليها، عمر فضل ماشى رايح جاى لحد أما قرر يطلعلها ولسه هيتحرك.

إسماعيل وهو بيمسكة من دراعة: أهو بسبب غباءك ده أبوها ممكن يقتلكم إنتوا الإتنين، إهدى.
عمر: أنا عايز أطمن عليها.
إسماعيل: هتتطمن عليها بس مش بالشكل ده.
عمر أخد نفس عميق وبيحاول يهدى نفسه، عيونه جات على الشباك المقفول، بس نظراته إتحولت للإستغراب الشديد...
إسماعيل بإستفسار وهو ملاحظ إستغرابه: فى إيه يا عمر؟
عمر بصله وإبتسمله وبعدها بص للشباك تانى...
إسماعيل: إنت يابنى.

عمر وهو بيبصله: هشوفها النهارده وهتكلم معاها.
إسماعيل بإستفسار: إزاى؟
عمر بتنهيدة وهو بيبص للشباك تانى: هتعرف بعدين، يلا روح شوف شغلك.
إسماعيل كان لسه هيتكلم...
عطية بصوت مسموع: واد يا إسماعيل، تعالى شوف الزباين جاتك داهية تاخدك.
إسماعيل بهمس مسموع: إمتى أرتاح منك بقا، كمل بصوت مسموع أيوه جاى يا معلم.

راح للقهوة وعمر مازال بيبص للشباك بشرود وتفكير. حسين خرج من أوضة شوق بعد ما إدالها العلاج ونامت تانى، عيونه جات على رانيا إللى قاعده بتبص بشرود قدامها. أخد نفس عميق وراحلها.
حسين: رانيا لازم نتكلم.
رانيا بجمود وهي مش بتبصله: إحنا فعلا لازم نتكلم.
حسين إستغرب نبرتها وقعد جنبها.
حسين: ماينفعش يا رانيا إللى حصل ده، إزاى أبقى سايبها معاكى وكل ده يحصلها؟ أكيد مابتأكليهاش و،.

رانيا بهدوء وهي بتقاطعه ومازالت مش بتبصله: عمرى ما أذى بنتى، هي إللى كانت بتلح عليا إنها تاكل في أوضتها بتدخل الأوضه وبعد شوية بتروح المطبخ وبتقولى إنها حطتلى الطبق في الحوض عشان خلصته كله.
حسين: طب كانت بتودى الأكل فين؟
رانيا: معرفش.
حسين: هعرف منها لما تفوق.
قام من مكانه ولسه هيروح لأوضته.
رانيا: أنا لسه ماتكلمتش معاك.
حسين وهو بيبصلها: أنا عايز أنام، أنا ماصدقت إنى إتطمنت عليها.

رانيا: بس أنا عندى خمس كلمات عايزه أقولهم وبعدها تقدر تنام برحتك.
حسين قعد بهدوء جنبها وسكت مستنيها تتكلم.
رانيا: من النهاردة ياحسين، إللى بينى وبينك شوق وبس.
حسين ملامحه كلها إتحولت للغضب الشديد ومسكها من دراعها...
حسين: يعنى إيه؟ تقصدى إيه؟

رانيا بجمود وهي بتبص في عيونه: زى ماسمعت، مافيش بينا غير شوق بنتنا، وأنا هفضل هنا في البيت عشانها هي وبس، عشان زهقت منك ومن كل إللى بتعمله فيا، تعرف لو أهلى عرفوا بإللى إنت بتعمله فيا مش هيسكتولك لحظة واحدة وهيودوك في داهية، لكن أنا ساكته عشان إنت أبو بنتى والإنسان إللى كنت بحبه في يوم من الأيام، لكن لحد كده وكفاية، الكلمة عندى هتبقى بحساب وكل حاجة بالنسبالى هتبقى الند بالند، أنا إتنازلت كتير علشانك لإنى كنت عيله صغيرة، لكن بهدلة وقلة كرامة مش هستحمل، بقالى 18 سنة بقول لنفسى إستحملى حاله هيتصلح، لكن إنت دمرت آخر أمل جوايا في إن معاملتك إللى زى الزفت دى تتصلح معايا، وماتخفش مش همشى وهسيبك، مش هعمل زى مامتك لإنى مش زيها، أنا عندى بنتى إللى ماليش غيرها بعد ربنا، فهفضل عشانها مش عشانك.

شالت دراعها من إيده وقامت من مكانها وراحت لأوضة شوق عشان تتطمن عليها، حسين فضل قاعد في مكانه وشايف إنه بيدمر نفسه قبل مايدمر مراته وبنته، ليه مش عارف يعيش لحظة حلوة؟ ليه كل حاجة باقت صعبة بالنسباله؟، هو إتصرف بإندفاع لإنه خايف على بنته، خايف يحصلها حاجة، وفي نفس الوقت مش عايز رانيا تبعد عنه، الإتنين بالنسباله الدنيا كلها، لازم يصلح الدنيا قبل ما الأمور تتعقد أكتر ماهى متعقدة ورانيا بتحبه وهتسامحه على كلامه ليها. رانيا كانت بتملس بحب على شعر شوق إللى نايمة، قاست درجة حرارتها وإتطمنت عليها لما لقتها طبيعية، راحت لشباك أوضتها وخلته موارب عشان يجيبلها هواء وبعدها خرجت من أوضتها. في وقت خروجها. شوق فتحت عيونها بضعف ودموعها نزلت وده لإنها سمعت صوت خناقة مامتها وباباها إللى هي السبب فيها، لحد إمتى هيتخانقوا بسببها؟ لحد إمتى هتفضل عايشه في كل ده؟ مش فاهمة حاجة وحاسة إنها تايهه حست إنها محتاجة تنام، تهرب من كل ده وبالفعل غمضت عيونها ونامت، رانيا دخلت أوضتها وحسين كان قاعد على السرير.

رانيا: شوف هتنام فين، أنا هنام هنا في الأوضة.
حسين قام من مكانه وقرب منها بس هي بعدت عنه وبعدت عيونها عنه.
رانيا بجمود: بقولك شوف هتنام فين.
حسين وهو بيقرب منها: هنام هنا.
رانيا بضيق وهي بتبصله: ماينفعش تنام معايا في نفس الأوضة.
حسين وهو بيقرب أكتر: لا ينفع، أنا جوزك.
رانيا: وأنا قولتلك إللى بينى وبينك شوق وبس مافيش حاجة تانية.
حسين قربها لحضنه وهي حاولت تخرج من حضنه.
رانيا بضيق: إبعد عنى س،.

قطع كلامها قبلته ليها، هي حاولت تقاوم وتبعد عنه لكن هي كانت متكتفه مش عارفة تتحرك مقاومتها ليه قلت وبدأت تستكين في حضنه، بعد عنها.
حسين: ماتزعليش منى، حقك عليا.
رانيا: وإنت فاكرنى هصدقك؟ كل مرة بتغلط فيا وبعدها بتعتذرلى ولا كإن حاجة حصلت.
حسين: صدقينى المرة دى غير كل مرة، أوعدك إنى هتغير.
رانيا بعدت عنه وحاولت تهدى.
حسين: يا رانيا إسمعينى صدقينى هتغير عشانك إنتى وشوق، عشان نعيش كويس وبالنا مرتاح.

رانيا بحزن وهي بتبصله: بقالك كتير بتقول هتتغير وإنت مابتتغيرش وأنا زهقت.
حسين: أوعدك إنى هتغير، وإنتى عارفة إنى قد وعدى.
رانيا فضلت تفكر كتير مع نفسها لحد أما قررت...
رانيا وهي رافعة حاجبها: بس بطريقتى.
حسين: مش فاهم؟
رانيا: هتتغير بطريقتى أنا مش بطريقتك إنت.
حسين: إزاى؟
رانيا: أول حاجة فضلت تفكر كتيرمع نفسها يعمل إيه لحد ماقررت هتجيب تليفزيون وتليفون.
حسين كان لسه هيتكلم.

رانيا وهي بتقاطعه: من غير ماتتكلم، قبل كده إحترمت رغبتك في إنك ماتجبش تليفزيون عشان خوفك وقولت إن دى قلة أدب والبنت لو إتفرجت على الأفلام إللى بتتعرض عليه هتبقى قليلة الأدب، بص حواليك ياحسين كل البيوت فيها تليفزيونات والكل بيتفرج عليه عادى، وعندهم بنات وأولاد وبيتفرجوا عليه برده، بلاش تعيشنا في التفكير بتاع زمان ده، إحنا من حقنا نعيش، مش عايزه أعيش في العصر بتاع أمينة وسى السيد، كرهت الدنيا بسبب إللى إحنا عايشين فيه، ده بالنسبة للتليفزيون، بالنسبه للتليفون شوفت لما بنتك جرالها حاجة كان ممكن أتصل بيك من هنا لو كان في تليفون لكن للأسف أنا نزلت من البيت وجريت في الشارع وروحت على أقرب سنترال عشان أعملك مكالمة، إفرض أنا جرالى حاجة في يوم، شوق هتعمل إيه؟ هتتواصل معاك إزاى؟ إتكلمت بسخرية ماتقولش إنها هتوصلك عن طريق الحمام الزاجل.

حسين: بعد الشر عليكى ماتقوليش كده، مش هيحصلك حاجة.
رانيا متجاهلة كلامه وخوفه عليها: كلامى بتنفذ ودى أول حاجة بالنسبة للباقى هفكر فيه، ها قولت إيه؟
حسين فضل واقفف في مكانه بيفكر في كلامها ومش عارف يرد يقول إيه.
رانيا بخيبة أمل من سكوته: إطلع بره ياحسين عايزه أنام، عمرك ماهتتغير أ،
حسين وهو بيقاطعها: موافق.
رانيا إستغربت موافقته...

حسين وهو بيكمل: هجيب تليفزيون وتليفون للبيت، إنتى شاورى وأنا أنفذ المهم إنك ماتبعديش عنى.
رانيا حاولت تدارى إبتسامتها إللى قربت تظهر على ملامحها بسرعة وبالفعل نجحت في ده.
رانيا بتكبر مصطنع: حلو أوى، يلا إطلع نام بره.
حسين وهو بيقرب منها: مش هيحصل، أنا وإنتى مكاننا هنا في الأوضة دى ومافيش حد هيبعد عن التانى.

رانيا بضيق: إنت بتحلم ياحسين، أنا قولت شرط من شروطى ولسه ماقولتش الباقى ولحد ما أقول الباقى وكل حاجة تتنفذ يبقى ساعتها هفكر تنام هنا في الأوضة ولا لا.
حسين لف إيده حوالين وسطها وهي حاولت تبعد عنه بس معرفتش.
حسين متجاهلا كلامها: كنا بنقول إيه بقا؟
رانيا وهي بتحاول تبعد عنه: بقولك سيبنى.
حسين وهو بيبص في عيونها: مش هيحصل.

عمر فضل قاعد طول الوقت في الحارة منتظر الفرصة المناسبة إللى يقدر يشوف فيها شوق، عيونه جات على البلكونه بتاعة حسين ورانيا وده لإنه لاحظ إن النور بيتقفل ووراه باب البلكونه علطول، إتنهد تنهيدة بسيطة وعيونه جات على الشباك تانى. مر الوقت وهو مازال قاعد في مكانه، كل الدكاكين إللى في الحارة إتقفلت وكل الناس روحت بيوتها وإسماعيل كان بيقفل القهوة وبعد ماقفلها راح لعمر إللى قاعد مترقب كل حاجة بتحصل حواليه.

إسماعيل: هتفضل قاعد كده لحد إمتى؟ مش هتنام؟
عمر: لا.
قام من مكانه وراح تحت البيت وقعد يدرس حاجة معينة في دماغه وبعدها بص لإسماعيل...
عمر: روح إنت.
إسماعيل: طب هتعمل إيه؟
عمر مردش عليه ونط ومسك في ماسورة من مواسير البيت وبدأ يطلع عليهم. إسماعيل برق وهو بيتفرج عليه وجرى نحيته.
إسماعيل بهمس مسموع: إنت مجنون! إنت بتعمل إيه؟

عمر بهمس مسموع وهو بيطلع على المواسير: روح وماتشغلش بالك بيا، هشوفها يعنى هشوفها، سيبنى يا إسماعيل.

إسماعيل ماتكلمش وفضل متابعه بعيونه وخايف رجله تفلت بس عمر قدر يطلع للدور التالت ولحسن حظه المواسير كانت جنب الشباك تمامًا. وصل لحافة الشباك وفتح الشيش إللى رانيا كانت موارباه وقدر يدخل للأوضة، كان الظلام منتشر في الأوضة ولكن نور الشارع كان مساعده يشوف إللى في الأوضة، عيونه جات على شوق إللى نايمة على السرير، قرب منها بهدوء وشغل الأباجورة إللى جنب سريرها وشافها بوضوح. وشها الشاحب جسمها الصغير إللى مابقاش ظاهر بالنسباله عن آخر مرة شافها فيه، حس بوجع شديد في قلبه بسبب شكلها ده، شايفها محتاجة مأوى وهو يقدر يديلها المأوى ده، شايفها محتاجاله وهو مستحيل يبعد عنها، إستغبى نفسه جدا لإنه كان ناوى يبعد، لكن للأسف هو غرق فيها من غير مايحس، قعد جنبها على السرير وبدأ يملس على خدودها برقة غير معتادة منه، سرح وفكر في كلام إسماعيل إنت بتحبها يا عمر. قرب من شعرها وغمض عيونه وبدأ يستنشق ريحتها إللى تاه فيها. قرر إنه خلاص لازم يسيب نفسه، يسلملها قلبه وعقله بين إيديها، المراهقة الصغيرة إللى مش فاهمة أى حاجة في الدنيا دى، هيسيب نفسه، هيسيب كل حاجة عشانها. شوق كانت حاسة بوجود حد جنبها وهي نايمة، فتحت عيونها بتعب وشافت عمر قدامها. لما لقاها صحت مابعدش فضل في مكانه قريب من شعرها عيونه البنية كانت بتبصلها بنظرة كلها حب، نظرة صافية مافيهاش أى شئ خطر، نظرة إستسلام للواقع. نظرة حبيب لحبيبته.

شوق بإبتسامة وتعب: عمر إنت هنا بجد؟
عمر بهمس وهو قريب منها: أيوه بجد.
شوق وهي بتبص في عيونه: جيت إزاى؟
عمر: طلعت على المواسير وجيتلك.
شوق برقت وبصتله بإستغراب.
عمر بقلق من حالتها: ده مش موضوعنا، إيه إللى حصلك؟ مالك يا شوق؟ عندك إيه؟
شوق بإبتسامة وهمس: عندى أنيميا حادة.
عمر بإستغراب: وإنتى مبسوطة ليه؟ إيه إللى يفرح في كده؟
شوق بإبتسامة: عشان لما تعبت إنت جيت فده خلانى مبسوطة.
عمر إتنهد تنهيدة بسيطة وبصلها.

عمر بإستفسار: إيه سبب الأنيميا دى؟
شوق بإبتسامة: عشان مش باكل.
عمر بغضب وهمس: مابتاكليش ليه؟ ونفسى أفهم إيه إللى يضحك في كده؟
شوق ببراءة وهي بتبص في عيونه: مش باكل عشان شوفتك مش بتاكل ياعمر فبعمل زيك عشان حابه أكون زيك في كل حاجة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة