قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شمس في قلبين للكاتبة مروة نصار الفصل التاسع عشر

رواية شمس في قلبين للكاتبة مروة نصار كاملة

رواية شمس في قلبين للكاتبة مروة نصار الفصل التاسع عشر

كادت أن تلفظ أنفاسها الأخيرة بين يده، تشعر أن عظامها قد سحقت تحت سطوته، بشرتها تحمل العديد من الكدمات والجروح التي تنتشر علي صدرها وخصرها وقدميها، جسدها يئن من الألم، أحساس بالضعف والوهن الشديد، تحاول أن تتنفس ببطء لعل الألم يهدأ قليلاً، ذهنها مشوش، لا تستطيع استيعاب ان كل هذا من فعل ذلك الذليل، الذي لا يفكأ أن يقبل قدميها كلما أراد منها شيئاً، فكيف ينقلب السحر علي الساحر ؟، كيف يتحول من ضعيف إلي قوي.

من قطاً وديعً يتمسح في اقدامها إلي أسد متوحش يعتصرها بين مخالبه، بل أنه بعد ان كان ينفذ لها كل ما تريد، أستطاع بجبروته وقوته أن يجعلها ترضخ لما يريد، لم تستطع ان تعترض أو تمنعه، تقبلت الهزيمة بصمت، تركته يفعل ما يحلو له بدون اي مقاومة تذكر، أطلقت بعض الصرخات ثم سكنت في استسلام .. نعم جسدها مباح للجميع .. تفعل به ما تشاء .. ولَكن مباح لمن تريد .. وقتما تريد، لم تتذوق قط مرارة أن تجبر علي شيء، أو أن يقهرها أي شخص، فما بالك بمن تحتقره في الأساس، كانت دائما الملكة وهم العبيد .. فكيف تحولت بين ليلة وضحاها لجارية تفعل ما يطلبه سيدها ؟، بعد أن يعاقبها بالسوط ويدمي به جسدها، كيف حدث هذا ؟، احساس غريب اجتاحها لا تعلم هل ما زالت تحتقره ؟، ام انها أصبحت منجذبة تجاهه ؟، هل رأت به الرجل الذي كانت تريده ؟، هل اكتشفت في طبيعتها أنها كانت تتمني أن تتحول لجارية وتتنازل عن دور الملكة ؟، أم ماذا؟.

مر النهار باكمله وهي ملقاة علي الفراش، جسدها لا يقوي علي الحركة، حتي بدأت تستجمع قواها قليلاً، وحاولت أن تساعد نفسها علي النهوض، إلي أن استطاعت ذلك اخيراً، ألقت نظرة عليه فوجدته يجلس علي المقعد أمامها، عيناه شاردتان في البحر أمامه، لم يحاول النظر إليها أو مساعدتها .
لملمت شتات نفسها، وسترت جسدها بالغطاء وزحفت بساقيها نحو الحمام، فتحت المياه ووقفت تحتها وهي تفكر، ماذا سيحدث بعد ذلك ؟.

ظلت تحت المياه عشر دقائق، حتي هدأت جراحها وأيضا ذهنها، ثم خرجت وهي تضع منشفة كبيرة حول جسدها، والمياه تقطر من شعرها، خرجت لتجده يقف أمامها، يقطع عليها الطريق، حاولت المرور لكنه لم يسمح لها، ثم جذبها من ذراعها بدون أن ينطق بكلمة واحدة، وأوقعها أرضاً وجلس أمامها علي الفراش، وهو ينظر لها بغضب شديد وعيناه تكاد تشتعل ناراً وهي تجلس بين قدميه ثم قال: اللي عملته فيكي، ولا حاجة في اللي لسه حأعمله، أنتي الوحيدة في حياتي اللي خلتيني قرفت من نفسي .. أنتي الوحيدة اللي عاملتيني علي أني ولا حاجة، كأنك بتتصدقي عليا، او كأني كلب بترمي ليه البواقي من أكلك، عايزك تتفرجي بقا علي الحقير ده حيعمل فيكي ايه، شكلك معرفتيش رجالة قبلي، انا بقا حأعرفك الرجالة بتتعامل ازاي .

جلست بين قدميه تستمع ولا تعلم ماذا تفعل ؟، فهي لم تتعامل مع تلك النوعية من قبل، أنسان مهزوم ولكنه يريد ان يصبح المنتصر، لا تعلم هل اسلحتها قد تفيد معه، كيف ستفيدها معه ؟، لم يعد هناك أي جديد تقدمه له، ولا تستطيع الاتصال بأمن الفندق، لا تريد أن تكشف هويتها لأحد، ماذا تفعل ؟، وإلي أي مدي قد يصل معها هذا المعتوه ؟.

جلست شمس في السيارة والخوف رفيقها، لا تعلم ما العمل ؟، هل تحاول المقاومة ؟، أم تقفز من السيارة وهي تسير، ماذا تفعل ؟.
ثم فجأة توقفت السيارة خلف الجبال بعد ان قطعت شوطاً كبيراً داخل الصحراء، ونزل الجميع منها، وجذبها الرجل الذي كان بجوارها وحملها علي كتفه، كما لو كان يحمل شوالاً من الدقيق، ودخل الجميع إلي مبني صغير في احضان الجبل، ثم توجه الرجل حاملاً أياها إلي غرفة صغيرة وألقاها علي الفراش، وجلس بجوارها وحرك بعض الخصلات من علي وجهها وقال لها بالعربية الغير متقنة: أعلم جيداً أنك واعية منذ اكثر من ساعة .. لقد شعرت بحركتك في السيارة، تحلي بالهدوء وقد تنتهي تلك المسألة وتعودي لبيتك، وأن لم تنتهي، سأسعد كثيراً بأن أضمك إلي مجموعتي، وتصبحي من ضمن مقتنياتي، سيكون الطلب عليكي كثيراً، وخاصة من أصدقائي الاسرائيلين، فهذا سيكون شيء مميز لهم، فأنتم تعلمون مدي الحب الذي بيننا وبينكم، ثم علت ضحكاته الساخرة وأضاف: ولكن أولاً يجب تجربة البضاعة قبل عرضها في الأسواق .. ولكن ليس الان .. سيحدث قريباً بعدما تصل إلينا الأوامر، لذا استرخي وحاولي أن تكوني هادئة، فليس بيدك أي شيء أخر .

قال كلماته وتركها يعتصرها الخوف، كانت تستمع له وهي تغمض عيناها بقوة كما لو كانت تتمني ان يكون كل هذا مجرد كابوس، وعندما تفتحهما ستجد نفسها في البيت مع عائلتها، ظلت ملقاة علي الفراش تضم قدميها إلي صدرها وهي تحيطها بذراعاها، ظلت هكذا لا تقوي علي فتح عيناها او الحركة، شُل تفكيرها، وتوقف كل شيء أمامها، ظلت راقدة .. ساكنة .. كما لو كانت فارقت الحياة .. مرتعبة حتي من صوت انفاسها .

قررت زيلدا أن تجاري شريف في لعبته وتتركه يستمتع بالسيطرة عليها، حتي تصل لمبتغاها، بل أنها جعلته يشعر بأنها أصبحت خاضعة له، وباتت تفعل ما تؤمر به حتي عندما طلب منها أن تقبل قدميه، لم تمانع بل انحنت عليهما وظلت تقبلهم كمان لو كانت عاشقة في محراب العشق، ثم بدأت تُمارس حيلها التي تعرفها، وبدأت تحاول ان تظهر له ذلها وخنوعها إليها، فجلست تدلك له قدميه، ثم صعدت إلي كتفيه، كما لو كانت جارية لدي السلطان، أما هو فجلس يفكر كيف يستطيع أذيتها أكثر، وما سر تحولها الغريب ؟.

لحظات ثم بدأت زيلدا تحاول الحديث معه فقالت وهي تحتضنه من الخلف وتطبع قبلات علي رقبته: حبيبي، ممكن أطلب منك طلب .
لم يلتفت نحوها، ولَم يتأثر بما تفعله: عايزة ايه .
وضعت رأسها علي كتفه وهي تلف ذراعاها حول صدره: ممكن نمشي من الفندق ده، ونروح نقعد في مكان تاني .
صاح بها قائلاً: مكان ايه ؟، عايزة تروحي فين .

فأجابت بنعومة وهي مازلت متأثرة بالآلام جسدها: في بيت في حضن الجبل بتاع ناس اصحابي، المكان هناك جميل ورومانسي، وحنبقي بعيد عن الناس ونأخذ راحتنا .
هب واقفاً من مكانه وقبض علي معصمها بقسوة وصاح بها: ااه .. عايز تخليني اوديكي عند أصحابك عشان تخلصي مني صح، والا حألاقي هناك اللي يخلص عليا .
صرخت متألمة: لا يا حبيبي مش كده، ولو مش عايز تروح براحتك، بس انا الفلوس معايا مش كتير، ومش حأقدر ادفع إقامة اكتر من كده في الفندق، وقلت نروح نقعد هناك أحسن، وبعدين يا حبيبي انا مقدرش أخلي حد يخلص عليك ... ثم نهضت من مكانها واحتضنته وهي تقول: انت متعرفش انا مبسوطة ازاي .. اللي عملته رغم أنه وجعني .. بس اتبسطت انك بتحبني، وكمان عمري ما شفت راجل حمش زي كده .. أنت كبرت اوي في نظري يا بيبي .. وأنا بعد كده حأفضل تحت رجليك .
حدق بها شريف وهو يحاول أن يكتشف ما تخبئه له، ولكنها لم تترك له الفرصة، وجذبته نحوها لتسكره بخمرها وتدخله معها في عالمها الذي انغمس فيه، ولَم يعد يستطيع الخروج منه .

انطلقتا السيارتان تخترقان الصحراء، لينطلق خلفهما سحابة من الرمال نتيجة السرعة الرهيبة التي كانتا السيارتان تسيران بها، استمرا في السير خلف الآثار التي تم تتبعها، كان قصي يتأهب لما قد يجده، غضب شديد يكاد يكتسح عظامه، احساس بالذنب والتخاذل نحوها، قلبه كان يضج بداخله من شدة الخوف أن يذهب ولا يجدها، او ان يكون الاوان قد فات، عيناها كانت لا تفارقه طوال الطريق، شعر أن تلك العيون تلاحقه دائما وأنها لن تغفر له ابدا .
استمرت السيارتان في طريقهما إلي أن أختفت الاثار تماما أمامهما ولَم يعد هناك سبيل لمعرفة أين أتجهوا، توقفا عن السير ونزل الجميع، ووقف قصي ينظر حوله، الجبال من كل اتجاه، ولا يوجد طرق واضحة، فما العمل ؟، وكيف سيجدها ؟.

أمسك أحد أفراد الأمن اللاسلكي وتحدث مع الضابط المسئول قائلاً: لو سمحت عايزك تعملي مسح بالقمر الصناعي للمنطقة اللي احنا فيها، هما أكيد ليهم وكر هنا، بس لو قعدنا ندور حنأخد وقت كتير، حاول تلاقي العربية ولو لقيت أي مباني بلغني احداثياتها ايه من المكان اللي أحنا فيه، أرجوك الموضوع ده يتم في أقصي سرعة، حاول تجيب الأذن بأستخدام القمر الصناعي بسرعة من الرئاسة .
انهي الرجل المحادثة ثم قال: مفيش في ايدينا غير اننا نستني شوية، لو حاولنا ندور ممكن نضيع أيام، لكن كده أسرع، نصبر شوية .
ربت وليد علي كتف صديقه وقال له: حنلاقيها ... والله حنلاقيها، وحتبقي زي الفل كمان، قول بس يارب .
نظر له قصي وعيناه تتوسلان ان يكون كلامه صحيح وقال: يارب .

استطاعت زيلدا ان تجعل شريف يلين قليلاً، ولكنه لم ينصاع تماما بل لقد كان يشعر بالزهو وهو يعاملها كالجارية، لذا عندما حاولت أن تغريه بما تملكه، لم يكن الامر كحبيب مع حبيبته، بل تحول الامر كما لو كان هو السجان وهي السجينة، الذي أباح لنفسه أن يمارس كل أنواع التعذيب حتي وهي بين أحضانه، لم يكن يريد أن يشعر أنها استطاعت أن تخضعه ثانية بجمالها، بل أراد أن يفرض سيطرته عليها، ويشعرها أن كل شيء بأمره ..
وبعد أن أنتهي الأمر، حزمت الحقائب ليغادرا الأثنان إلي الوكر الخاص بهم، حتي تصل إلي مبتغاها وما تريد .
استقل الاثنان السيارة، وانطلقت نحو المكان ولكن من طريق أخر، تلك هي الطريقة المتبعة، كل سيارة يجب ان تتخذ طريقاً مختلف حتي لا ينتبه أحد إليهم، قادت السيارة مدة قد تقل عن الساعة بقليل حتي وصلت إلي المبني الذي تقبع فيه شمس أسيرة .

صفت السيارة بجوار الأخري وقالت: استني هنا يا بيبي، أدخل اشوف مين جوه، وأعرفهم أن معايا ضيوف وأجيلك .
حدق بها شريف بتوجس، فأضافت: متقلقش يا بيبي، ثم انحنت نحوه وقبلته قبلة أذهبت عقله، وترجلت من السيارة واختفت داخل المنزل .
مرت بضع دقائق ثم عادت ومعها فتاة اخري، جمالها أوربي، بشرة شقراء وعينان بلون البحر الأزرق وخصلات شعر ذهبية اللون، وجسد كالمرمر، نعم هي جميلة ولكن حسناء تفوقها جمالاً وأنوثة طاغية .

خرجت الفتاة معها لأستقباله وتحدثت معه بالإنجليزية ورحبت به بحرارة ثم ساقته للداخل، ليجد مجموعة من الشباب يجلسون جميعاً معاً، مقسمون إلي مجموعات ثنائية، كل رجل تجالسه فتاة، وقف شريف في منتصف القاعة لا يفهم ما هذا المكان ؟، ومن هولاء الأشخاص ؟، وماذا يفعلون هنا ؟، ثم وجد حسناء تجذبه من ذراعه وتتجه نحو غرفة من الغرف الذي أمامهما، دخل شريف معها الغرفة، وجلس علي الفراش وقال ؛ ايه المكان ده يا حسناء !، ومين الناس دي !.
اقتربت منه بدلال وجلست علي قدميه وقالت: ده بيت بتاعي انا وأصحابي، لما نحب نفرفش بعيد عن الناس نيجي هنا، نعيش بين الجبال ونعمل اللي أحنا عايزينه، لا حد يشوفنا ولا يسمعنا .

نظر له باحتقار وقال: قصدك بيت دعارة .
حركت أناملها علي وجهه وقالت: تؤتؤ تؤتؤ، بلاش التفكير ده يا حبيبي، أحنا ناس بنحب نعيش حياتنا من غير وجع قلب ولا دوشة مالهاش لزمة، بنحب نتبسط ونعيش ونفرح ونحب علي مزاجنا، فيها حاجة غلط دي !، يلا يا بيبي غير هدومك وارتاح كده شوية، وانا حأروح أشوف حاجة نأكلها لأحسن حأموت من الجوع، ثم همت بالخروج لكنها عادت مرة أخري وقالت: صحيح يا قلبي أنا أسمي زيلدا مش حسناء، محدش هنا يعرف اسم حسناء ده .

ثم غادرت وتركته بمفرده، خرجت من الغرفة وتوجهت لأخري، لتجد شاب وفتاة بالداخل فجلست تتحدث معهما عن شمس وأنه لا يجب أن يعلم شريف شيئاً عن وجودها الآن، وقامت بالاتفاق معهما علي كل المخطط الذي تريدهما اتباعه، ثم فتحت الخزانة وأخرجت منها قميص نوم مثير باللون الأحمر، وأعطته للفتاة وطلبت منها أن ترتديه وتفعل ما تمليه عليها .

مرت ربع ساعة علي شريف وهو بالغرفة بمفرده، ثم فجأة فتح الباب ليجد فتاة أخري تقف أمامه، ترتدي قميص فاضح لا يستر منها الكثير .. عبرت الباب وأغلقته خلفها ثم أدارت المفتاح .. وتقدمت نحوه بدلال كبير .. كان يراقبها بعيناه .. وبدأ لعابه يسيل عليها، فالرجل دائما يشتهي المزيد، ولا يكفيه صنفاً واحدً، بل أنه دائما يبحث عن الجديد، جلس في مكانه بلا حركة يشاهدها وهي تتلوي أمامه بجسدها، ثم قامت بالاقتراب منه وهمست له في أذنه انها تريده لنفسها، لقد وقعت في هواه منذ أن رأته مع زيلدا وقررت الحصول عليه، ابتعدت عنه وقامت بتشغيل الموسيقي، ووقفت ترقص أمامه بدلال، لتجعله لا يستطيع رفضها ابدا .

ماذا سيفعل شريف ؟ هل سيكتفي بزيلدا ؟، أم سيقع في الفخ ؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة