قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون والأخير

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون والأخير

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون والأخير

جلس سليم في غرفة مكتبه، يدب بقدمه على الأرض بقوة، والأفكار تتدفق في رأسه، وليست الأفكار وحدها، بل موجات من الذكريات الحارقة، لهيب يشتعل بصدره يدفعه لفض تلك الزيجة!
ولهيب مشتعلاً من العشق ضده يلتف حول دقاته فيحرقها إن اخطأت مسارها يومًا!
فلاش باك...

وفي شركة سليم الخاصة، جلس على مرسي مكتبه الذي يملأ به منكبيه العريضين، وضيق ما بين حاجبيه وهو ينظر لذاك الرجل - الذي كان يراقب سيلا للخاطفين - والذي كان يرتعش امام هيبة الصقر الجادة والحادة..
سأله سليم بصوته الأجش:
قول في أية خلاك تيجي لي الشركة مخصوص؟
نظر الاخر للأرض بخزي ليهمس:
أنا جاي وطالب السماح من الصجر
واشتم رائحة واضحة للخيانة!
فسأله بحدة اكثر:
انطق في اية عملت اية؟

اجابه بصوت يكاد يسمع متلعثمًا ؛
من فترة كدة يا باشا...
وقص عليه كل شيئ يعرفه منذ اختطاف سيلا وما حدث بالكامل!
وكأنه أسقط النيران على فتيلاً حارقًا فنهض سليم يصيح فيه بغضب الدنيا وما تملكه:
انت بتقول اية، طب ازااااااااي!
رفع كتفيه ليجيب بتوجس:
معرفش يا باشا، أنا فضلت اعترف لك كمنها بنت عيلة معروفة يعني، دي عيلة القاضي مش اي حد
وهنا سقطت الكلمة كالصاعقة على اذن سليم، هي أبنة عمه!

من كان يهينها مرارًا وتكرارًا من لحمه ودمه!؟
ولكن سرعان ما تذكر، أهلها هم السبب بوفاة والديه!
عاد الرجل للخلف يهتف بجزع ؛
أمشي يا سليم بيه؟
اومأ سليم وهو يزفر حادًا:
امشي غور، عشان اعترفت بس ده اللي أنقذك مني
وللحق هذا ما جعل الرجل يعترف بذاك السر، منذ ان مر الشهر وهو يفكر أن يقص على الصقر دومًا، ولكن يخشى ما سيحدث!
وفي نفس الوقت يخشى أن تسبقه سيلا وتعترف للصقر فتكون دماؤوه الثمن!

وعاد الصقر للمنزل ليجدها في الوضعية التي وجدها فيها..
فتحدث لسانه نيابةً عن غضبه الأعمى!

باك...
مسح على شعره عدة مرات، وبداخله شعوران متضاربان، احداهما يأمره بالابتعاد، والاخر يأمره أن يكمل لينتقم!
ولكن كلاهما اصطدما بصرخة عشقه القوي لها!
وبررت دقات قلبه المنزعجة
هي ليست لها علاقة، وأهلك ايضًا لم يكن لهم علاقة، هذا القدر!
ظلت تتردد كلمة القدر بأذنيه...
ذاك القدر الذي جعل الصقر يسقط في بيرًا لا ينتهي من العشق!

جلس فهد عدو سليم اللدود، يدخن بشراهة وهو يحدق بالفراغ بشرود آسره مؤخرًا، أسرًا لا ينتهي من إنتقام اعمى تحول لعشقًا اعمى!
تقدم منه احدى الرجال يسأله بجدية:
نفسي افهم يعني اية مش هننتقم يا فهد، سليم ده تقريبًا سابنا شوية بس عشان نعرف نعيش، لكن هيدمرنا!
هز رأسه نافيًا:
لا، انتقامه انتهى، واحنا كمان انتقامنا انتهى
صرخ فيه بنفاذ صبر:
انتهى اية هو احنا انتقمنا اصلاً عشان ينتهي!؟

رمقه بنظرات حادة قبل أن يقول بجمود:
امال اللي انا عملته في خطيبته السابقة ده اسمه اية، انا دمرتها!
هز رأسه نافيًا بأصرار حقود:
اهوو سابها ياخويا وهايتجوز غيرها
صمت برهه ليقول فجأة بتعجب:
اوعى تكون حبيتها يا فهد؟!
والصمت كان خير اجابة دلت على العشق الذي رآه حسن شيئً سخيفًا من زوايته الحقودة!
اومأ بأسف وهو يهمس:
للأسف اه يا حسن، حبيتها اوي
ثم نظر له نظرات ذات مغزى وقال محذرًا:.

على الله اعرف انك عملت حاجة يا حسن، على الله!
اومأ حسن وهو يتنهد بغيظ:
ماااشي يا فهد مااااشي
ثم نهض وهو يزمجر:
اشتغل بقاا من الاول وجديد ياخويااا
اومأ فهد بابتسامة شاردة:
هاشتغل يا حسن، هاشتغل!

نادوووووو
صاح بها ياسين وهو يدلف من باب منزلهم المتوسط، المنزل الذي يحتويهم بدفئة وحنانه، عشقهم الذي بُني عليه أساس ذاك المنزل، جدرانه مستندة على قوة صبرهم وتحملهم وإيمانهم!
دلف ليجدها تمسك احدى المجلات ودمعة عاربة كادت تسقط من عيناها، اقترب منها يسألها بلهفة:
مالك يا حبيبتي
هزت رأسها نافية لترد:
مفيش يا حبيبي، أنت جيت امتى
اشار لها وهو يتابع بهدوء:
لسة داخل، قولي بقا مالك فيكِ إية؟

عضت على شفتاها السفلية تكتم شهقاتها، لتقول بعدها بصوت مبحوح:
حازم
ضيق ما بين حاجبيه ليمسك بالجريدة وكان الخبر كالتالي
إعلان فلاس رجل الأعمال الشاب الشهير حازم المنياوي بعد ازمة مالية !
نظر لها ليسألها بنبرة ذات مغزى:
زعلانة عليه بعد كل اللي عمله فيكِ
هزت رأسها نافية بلامبالاة:
لا، كل واحد اخد جزاؤه!
كز ياسين على أسنانه والغيظ يكاد يفتك به ليردف بعدها:
آآه لو تسيبني اتصرف معاه، لكن أنتِ اللي منعاني للأسف.

اومأت مؤكدة وهي تتحسس ذقنه بشرود فرح:
خلاص يا حبيبي، ده مهما كان اخويا، مقدرش ادمره بأيدي، المهم تاكل اية بقاا؟
ضيق عينيه وهو يهمس بعبث:
إنتِ متأكدة من سؤالك ده؟
اومأت ببلاهه:
اه طبعًا، قولي يلا تحب تاكل اية النهاردة
واقترب منها في لمح البصر ليصبح فوقها، يقبل كل جزء تطوله شفتاه، عيناها ووجنتاها وجبينها، وعند وصوله لشفتاها إلتهمها بنهم وشوق حقيقي، قبلة بث فيها شوقه وعشقه الأبدي لها!
ليبتعد بعدها لاهثًا ؛.

هاكلك إنتِ
وعاد لرقبتهم يقبلها ويداه لم تترك ملابسها تعبث بها..
وهي كانت مغمضة العينين والحمرة لا تخفى من وجهها الأبيض، دقاتها تعلو شيئً فشيئ من القرب الذي اصبح بمثل لها دائرة الامان!
وعلم ياسين بكل ما حدث معها، باعتداءهم الوحشي عليها، بحقه الذي سلبه غيره مسبقًا ولكن ذلك لم ينقص عشقه ذرة، بل ازداده حنانًا وتدفقًا اكثر!
لتهمس بعدها بصوت متقطع:
ياسين!

ونهض وهو يحملها مكملاً إلتهامه لباقي عبراتها بين شفتاه، ليتجه نحو غرفتهم!

كانت رقية تقف شاردة في الشرفة، تبتسم بشرود على حياتها التي اصبحت تحسد نفسها عليه..
التي اصبحت مزينة بالصلاح والسعادة..
تحسس على بطنها التي بدءت بالبروز، نبته عشقهم المنتظرة...!
بالطبع أي حياه لا تخلو من بعض المشاجرات الخفيفة، ولكن ليست المشاكل جزءً اساسيًا منها!
وشعرت بيداه تُقيدها من الخلف لتبتسم له ملتفته:
جيت يا حبيبي
اومأ بنفس الابتسامة الحالمة:
اه يا روح حبيبك
تنهدت وهي تسأله بشفقة:.

طلقتها يا مجدي؟
اومأ وهو يبتعد ليجلس على الفراش يخفي وجهه بين يداه:
اه، دفعلتها كل تكاليف المصحة، وطلقتها وسيبت ورقة طلاقها لأمها ومشيت
اومأت وهي تنظر له، بينما هو شارد يتذكر ما حدث مع تلك التي تسمى بدور
فلاش باك...
اتجهت بدور الى تلك الساحرة التي تسمى باتعة تسألها عن حقها في حبيبها الذي وعدتها ألا يرى غيرها!
ودلفت بخوف الى المكان الذي تقطن به لتجد مكان شبه خالٍ من السكان!

بثبت بروحها بعض الشجاعة المزيفة وهي تحاول اكمال ما جاءت له وخاصةً بعد موافقة والدة مجدي على ذهابها لتلك المشعوذة!
وما إن رأت المرآة حتى سألتها بثبات ظاهري:
يا حجة، إنتِ اخدتي الفلوس وسحرك ده ماجبش اي نتيجة خالص
نظرت لها الاخرى من اعلاها الى امحص قدميها لتشير لها:
تعالي يابنتي، إنتِ اللي جوزك مجدي مش كدة
اومأت بدور مؤكدة بلهفة:
اه شوفيلي حل بقا يا حجة الله يباركلك.

اومأت الاخرى وهي تضع من مياة بجوارها في كوبان، مدت احداهما لبدور لتقول بصوت اجش:
اشربي ده، وخلي جوزك يشرب ده لما تروحي، وهاتدعيلي
كادت بدور تنهض، ولكنها رمقتها بنظرات جادة وأردفت:
لا لازم تشربيه ادامي
اومأت بدون أن تفكر بعواقب ما تفعل فسقطت فاقدة الوعي في الحال...
ليظهر رجل وامرأتان يحملانها متوجهين بها الى غرفة بالداخل..

ليشرعوا في تمزيق ملابسها لإيحاءها أنهم اعتدوا عليها، وبدءت عملية إستئصال الكلية، ليتضح فيما بعد انهم تجار اعضاء وليست مشعوذة فقط!
لتستيقظ هنا وتجد نفسها مُلقاة ارضًا بملابسها الممزقة!
وتظل تصرخ وتهزي بهيستريا ليلاً ونهاراً حتى احتجزت في مستشفى للأمراض العقلية!

ومرت الأيام، ايام يتجاهل فيها سليم قلبًا يقرع شوقًا له، وفي ذات الوقت يحاول اقناع نفسه انها ليس ذنبها!
واقتنعت روحه وقلبه العاشق بما به صلاحًا لمعشوقته الوحيدة..
وجاء يوم زفافهم، زفاف الصقر الحافل الذي عرفته المدينة باكملها!
يوم إرتدت هي فيه فستانها الأبيض الذي يضيق من الاعلى ليتوسع من الاسفل، وطرحة رقيقة تحيط بوجهها الأبيض، وللحق كانت أية من الجمال!
...

ولم يشعر سليم بالوقت وهو ينظر لها، يشعر كما لو انه يمتلك كنزًا ثمينًا يجب الحفاظ عليه..
ولمَ لا، هي جوهرته وماسته الهشة الغالية، انتهى الزفاف لتتأبط ذراعه وهي تحتضن أبيها واختها وجميع اهلها!
نعم، لقد علم الجميع أنها مازالت على قيد الحياة، محايلات كلاً من سليم وسيلا وجميلة على عزت جعلته يوافق على مضض، وخاصة بعد تلك الوصية التي اوصاها فيها اباه ان يلملم شمل العائلة وخاصةً سليم!
...

اصبحوا في منزلهم تفرك هي اصابعها بخجل حقيقي يتملكها، اقترب منها وهو يهمس بجوار اذنها يتلمس اذنها بشفتاه المتلهفة عن قصد:
كنتِ زي القمر النهاردة، يا بنت القاضي.

ابتسمت بخجل وهي تتذكر عندما واجهها، عندما قاطعها بسبب تلك الحقيقة، عندما اعلن ثورته وغضبه الذي زاله العشق على الفور...
وشعرت به يقترب اكثر فأكثر، وكانت كتفها الذي تعرى ما إن ازال حجابها برفق اول من حظى بقبلاته الحميمية...
قشعر بدنها وهي تحاول دفعه مغمغمة ؛
سلييييم
ابعد يدها وهو يقتنص قبلة طويلة وعميقة من شفتاها الوردية ويداه الاخرى تعبث بأزرار ذاك الفستان، ليبتعد بعدها وهو يقول لاهثًا:.

لا بقولك إية، من ساعة ما عرفتك وإنتِ كل ما اقرب منك سليم سليم كأنه اسم شركة، النهاردة انا بس اللي هقول سيلا
ليقبل عيناها متابعًا:
سيلا
ووجنتاها مكملاً:
سيلا
وعند شفتاها إلتهما بنهم وعشق تدفق من لمساته، ليصدمها باعترافه الذي لطالما انتظرته:
بعشقك يابنت القاضي
وعند تلك النقطة التي شردت بها سقط الفستان من عليها بفعل يده..
ليحملها متجهًا بها الى غرفتهم، يأكلها بشوقًا كتمه بداخله لفترة طويلة..

ليكملا رحلة عشقهم التي لن ولم تنتهي، ابدًا!

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة