قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الأول

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الأول

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الأول

الحادي والعشرين من حزيران يونيه..
تدق الساعة الحادية عشر صباحًا، بالرغم من بكور الوقت إلا أن شمس الصيف قد أضفت توهجها على سطح الأرض بصورة مباشرة لتكون الحرارة مرتفعة..
وبداخل صالون شهير للرجال، الإضاءة منبعثة فيه من الخارج فلا تحتاج لأضواء خارجية، حيث انعكست الأضاءة على كُل المرايا الموجودة بالحجرة، يقف هذا الطويل القامة نحيف الجسم، ذا الذراعين الرياضيين رغم نحافته.

أمام مرآة عريضة تأخذ حجم حائط بمقدرا عشرة أمتار أو ما يزيد، الغرفة مُحاطة بالمرايا في كل مكان، وهناك أحد العاملين الذي يضبط قياسات بذلتهِ السوداء الأخيرة قبل إرسالها للكيّ من أجل حفل زفافه هذا المساء.
رفع ذراعيهِ عاليًا بناء على رغبة العامل الذي حدثهُ بلباقة: - أرفع دراعك شوية سعاتك.

ف نفذ على الفور وعيناه متعلقة بإنعكاسهِ في المرآة، وضع العامل نقطة بيضاء صغيرة للغاية على طرف الكُم و: - البدلة آخر تمام، بس في سنتيمتر واحد هيتضيق من هنا
خلع عنهُ السُترة وراح ينظر إليه بصرامة: - أعمل اللازم، أكيد مش هتحمل غلطة زي دي ليلة فرحي!، ولا انت شايف إيه؟!
أطرق العامل رأسهِ بحرج وهو يجيب: - متقلقش سعاتك، نص ساعة وكل حاجه تكون جاهزة، عن أذنك.

تأمل ذقنه الحليقة حديثًا في المرآة وتحسسها وهو يقترب ببطء من سفحها، حينما دنى منه رفيق حياته ليقول بصوت سعيد: - خلاص بقى يانائل متزعلش نفسك، دي الليلة ليلتك ياعريس
أحنى بصره ليحلّ أزرار قميصه الأبيض، ثم ابتسم نائل إبتسامة سعيدة وهو يستذكر ما سيحدث في يومهِ وليلتهِ، سيجتمع بحبيبتهِ أخيرًا بعد إنتظار دام أكثر من عام ونصف العام بالخِطبة، خاصة عقب ظروف وفاة أبيها الذي فسدت كُل المعايير من بعدها..

رفع بصره نحو المرآة من جديد و: - تفتكر هيبقى شكلها إيه؟، أنا متشوق جدًا للحظة اللي هشوفها فيها
ربت بدر على كتفهِ وهو يغمز له ناظرًا في المرآة وردد حينها: - متستعجلش أوي كدا كلها ساعات ومش هتفترقوا عن بعض أبدًا
نزع نائل القميص عنه و: - طب خد القميص دا خليهم يكوه تاني، وانا هلبس واروح أشوف العربية و الورد
ف التقط بدر القميص منه ونفذ الأمر على الفور.

— بداخل أحد مراكز العناية بالبشرة..
كانت ممدة على شيزلونج مغمضة العينين أسفل إضاءة شديدة مسلطة عليها، رأسها ملفوف بمنشفة بيضاء وعلى وجهها أحد دهانات ماسكات تنظيف البشرة، وتقوم الفتاة ذات الرداء الأبيض والجوارب الطبية المعقمة بإستخدام آلات حديثة لتنظيف بشرتها وتفتيح مسام وجهها قبيل الإستعداد لحفل زواجها.

مسحت السيدة على وجهها بمنشفة دافئة، ثم وضعت كريم الترطيب ذا الماركة الشهيرة وغلفت به طبقة جلدها، ثم ابتعدت قليلًا وهي تردد: - آنسه وتين، دلوقتي تقدري تقومي
اعتدلت وتين في جلستها وهي تتفقد لفاف رأسها، ثم نظرت في المرآة الصغيرة و: - رائع ياماجي، تسلم إيدك
ف ابتسمت خبيرة التجميل والعناية بالبشرة بتحمس زائد: - ألف مبروك ياآنسه وتين
- الله يبارك فيكي، ميرسي.

ونهضت عن جلستها، نزعت المنشفة عن رأسها ونفضت شعرها البني القاتم ذا الموجة البهيّة الجميلة التي تزينه دائمًا، ثم تركته على كتفها، وخلعت عنها معطفها المعقم قبيل الخروج و: - أبعتيلي الشيك على البيت ياماجي، عشان ال Credit card في العربية وانا اتأخرت على السنتر
- حاضر.

وخرجت بخطاها المتثنية المبتهجة من البناية الموجود بها المركز، مضت نحو سيارتها الحمراء برشاقة واحتلت مقعدها خلف المقود، ثم نظرت في هاتفها لتجد العديد من المكالمات التي فوتتها، ابتسمت ما أن رأت أسمه يزين الشاشة، ثم أعادت الإتصال به على الفور: - حبيبي صباح الخير
ثم ضحكت بخفوت: - عارفه إن الساعة واحدة بعد الضهر، بس انت بالنسبالي كُل صباحاتي، خليك فاكر إني مش بحب الليل وبخاف منه.

ثم بدأت بالقيادة وهي تتابع: - إحنا هنبتدي قلة أدب من دلوقتي!، لسه فاضل 8 ساعات بحالهم لحد ما أبقى مراتك
وعضت على شفتيها بخجل: - خلاص يانائل ليه بتحب تشوفني مكسوفة دايمًا!
انتبهت لإشارة مرورية قادمة، ف عجلت بإنهاء الإتصال: - طب انا داخلة على أشارة، هكلمك تاني، باي ياحبيبي.

استندت بمرفقها على باب السيارة في انتظار الضوء الأخضر، ف جال بخاطرها بعضًا من المشاهد التي ستعيشها الليلة بكونها عروس ستختلي بزوجها لأول مرة، ف انبعج فمها بإبتسامة مستحية سعيدة، وتحدثت لنفسها بصوت خفيض: - إيه اللي بفكر فيه!، خلاص نائل مسابش فيا عقل.

وعادت تضحك من جديد بضحكة مشرقة تتلألأ فيها عيناها الخضراء البديعة، متى ما تضحك كاشفة عن أسنانها البيضاء المتراصة بتناسق شديد، تؤسر قلب كل ذا عين ونظر، ف هي وتين الصباغ الإبنة الوحيدة ل سامي الصباغ، أحد أعلام صُناع الأثاث وتوريده للشرق الأوسط، والذي بنى أسمًا مسجلًا موثوقًا في مصداقيته لسنوات طويلة في عالم الأثاث داخل مصر وخارجها.

ترك لها والدها أرثًا عظيمًا قبيل وفاتهِ من عام ونصف لا يُقدر، من فروع مختلفة لمعارض عرض الأثاث ومصنع ضخم منتج لأفخر أنواع الأثاث الحديث، ولكنها لم تكن من رواد العمل، كان لها كيانها الخاص بعيدًا عن والدها تمامًا.

ف هي واحدة من أشهر مُصممي الأزياء، ورغم صِغر سنها، حيث إنها لم تتجاوز السابع والعشرين من العمر، إلا أن مساندة والدها لها ودعمها كان عاملًا مهمًا ساعد كثيرًا في نيلها لهذه المكانة الرفيعة بسهولة وفي وقت قصير، مما جعلها تهتم بمركزها الشهير في تصميم الأزياء وتنفيذها، ويُعد مكانًا ضخمًا يضم الكثير من موظفيها والمتدربين والمدربين أيضًا.

فُتحت الستائر لتنبعث الإضاءة بشكل واسع في الغرفة الفسيحة، ثم اقتربت تلك السيدة الخمسينية من الفراش، وراحت توقظه من نومه بأسلوب عنيف وصوت مرتفع: - فضل، الساعة بقت 4 العصر وانت لسه نايم ولا عملت أي حاجه!
تململ فضل في الفراش وهو يردد بصوت ناعس: - سيبيني شوية ياشريفة، عايز أنام حرام عليكي جسمي مكسر.

كانت رائحة الخمر تفوح منه بشكل واضح للعيان، ف ذمّت شريفة شفتيها بإنزعاج وهي تردد: - أنت راجع وش الفجر صح!، وطبعًا فضلت تلعب طول الليل لحد ما خسرت آلافات في القمار بتاعك.

وتابعت بصراخ: - هو احنا فلسنّا من شوية! ماهو كله بسببك
أعتدل فضل في جلسته وقذف الوسادة على الأرضية وهي يصيح بإنفعال: - يادي الصباح المهبب، عايزة إيه على الصبح ياشريفة؟
ف عقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تنظر إليه باستهجان قائلة: - هعوز منك إيه يعني!، انت نسيت إن فرح بنت أخوك النهاردة وانت وكيلها!، قوم شوف هتعمل إيه، المفروض تكون في الفندق قبل كل الناس.

ثم ابتسمت بسخرية و: - ولا عايز داليدا تسمعنا كلمتين ملهمش لازمة وتقول سيبتوا بنتي لوحدها!
رفع عنه الغطاء ونهض، خرج من الغرفة وهو يتمتم بكلمات مبهمة، وهي من خلفه، حيث ولجت لغرفة ابنتها التي أصبحت گالتي مسّها الجن.

لا يوجد شئ في مكانه، ملابسها متبعثرة يمينًا ويسارًا، وزينتها متناثرة على الفراش، بينما منضدة الزينة وكأنها صندوق مهملات فعلي، شهقت شريفة غير مصدقة وهي تبحث عن ابنتها بالغرفة: - ها! ماريا!، انتي فين يازفتة؟
ف خرجت من بين ضلفات خزانتها وهي تهتف: - أنا هنا، بدور على العُقد الألماظ بتاعي، هو فين ياماما؟، أنا مش هروح الفرح من غيره.

نظرت شريفة لحالة الغرفة بضيق جلي و: - انتي أكيد اتجننتي، جاية قبل الفرح ب 3 ساعات تعملي كدا!
ثم خرجت من الغرفة وهي تردد بامتعاض: - أنا مش هتكلم ولا هحرق في دمي، هروح أشوف هعمل إيه وهسيبكوا براحتكوا، هو فرح مين يعني!، بنت أخويا أنا ولا بنت عمي أنا!، ان شالله تتفلقوا.

وصفعت باب غرفتها عليها عقب ما طالها من سئم وقنوط، من جهة إبنتها المُراهقة ذات الثامنة عشر عامًا، وجهة أخرى زوجها مدمن المُسكرات ولعب القُمار لحد الخسارة وأكثر..
فلم يزج به شقيقه سامي بعيدًا عنه وعن أملاكه إلا لعلمه إنه شره بتضيع أمواله حتى أفلس شركتهِ وأغلقها أيضًا لكثرة مديونياتها، فلم يترك لهُ قرشًا من مالهِ، وكُتب كل شئ ل وتين.

ورغم ذلك إلا أن وتين لم ترضى بهذا وأغرقت عمها بمبلغ نقدي كبير تعويضًا عن فعلة والدها، واهتمت ب صرف مبلغ شهري له نظير عمله في مصانع الأثاث، حتى لا يكون عابئًا على أموالها حاقدًا عليها.
هل انتهى؟!، بل إنها تبدأ، ف هذا ال فضل لم يُضيع ماله ف حسب، بل إنه خسر كونه زوجًا يفتخر به وأب فاضل يحترمه الأبناء ويقدسوه.

أن تنتقي فستان زفافك، هذا شعور يجعلك غاية في السعادة، أحساس بإنكِ الفريدة التي اختارها ذلك المُختار لتُقاسمه السراء والضراء، فما بالك عندما تقوم بنفسها بتصميم فستان زفافها والإشراف على تنفيذه، إنه شعور لا يُضاهى.

وقفت وتين بمفردها أمام المرآة عقب ساعات طويلة قضتها في مركز التجميل، تتحسس ثوب زفافها الأبيض الذي ترتديه الآن، أكتافها عارية يُزينها عقدًا ماسيًا مميزًا ورقيقًا، وعلى صدرها طُرز الفستان بالماسات المتلألأة كومضات موج أزرق اصطدمت به أشعة الشمس البرتقالية، ينحدر بشكل ضيق حتى خصرها، ثم ينسدل بتصميم واسع وطويل، حيث ذيله الممتد للخلف بعدة أمتار.

وقد تنازلت وتين عن طرحة الفستان مقابل تاج ملكي صُمم خصيصًا لأجلها، ترأس رأسها وعلى تصفيفة شعرها الأنيقة، حيث انسدلت خصلتين على نحرها، وبقى نصف ظهرها المغلف بطبقة رقيقة من الحرير المنقوش مكشوف بعض الشئ.

مسحت برفق وحذر شديدين على شعرها المرفوع لأعلى، ثم ضبطت أقراطها الطويلة واطمئنت على تمام كُل شئ، تنهدت ب توتر العروس الخجلة وهي تتطلع لإنعكاسها، وهنا، استمعت لأصوات أبواق السيارات والزغاريد قد وصلت أصدائها لمسامعها، ف خفق قلبها وقد توقعت حضوره، انتظرت لحظات وهي تحاول السيطرة على توترها وقلقها، لتجد الباب ينفتح ويطل منه العريس ذا الطاقم الأسود اللامع وطلتهِ المُبهرة، شعره البني القاتم وبشرته الخمرية اللامعة، حاجبيه المتناسقين وأنفه وشفاهه المنبعجتين، شملت وجهه الوسيم في لمحة واحدة قبيل أن يدنو منها، فتح لها يده، ف وضعت كفها أعلاه، ليطبع قبلتهِ عليه ثم يتبع بجبهتها، وهمس: - أنا أسعد إنسان في الدنيا.

ولم يكن لهما مجالًا لمعايشة هذه اللحظة في ظل تواجد الفتيات الرفيقات والقريبات حولهم للمباركة والتصوير، ألخ، مما جعله يختطفها في جلسة تصوير مميزة قبل الذهاب لمقر القاعة بالفندق الفخم.

على طاولة عقد القران..
جلس نائل بجوار وتين في مقابلة فضل، وتشابكت أيديهم أثناء إتمام مراسم الزواج، الكاميرات ترصد الحدث الأهم، والجميع ملتف حولهم في جو مبهج منتظرين انتهاء العقد، إلى أن ختم الشيخ: - بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.

وهنا، لم ينتظر نائل، حيث أطبق على شفتيها يُقبلها قُبلة مباغتة أعقبها تهليلات وتصفيقات الحضور وتشجيع نائل على جرأته، لم يكتفي، حيث عانقها عناقًا عاطفيًا قبل أن ينتقل بها لمجلس العروسين.

أهتمت داليدا بأصغر التفاصيل وأكبرها، ف العروس هي ابنتها الوحيدة التي حلمت أن تراها تحقق هذا الحلم وها هي تُحققه، تجولت بفستانها الزيتوني الرقيق وسط حشود المدعوين من كبار رجال الأعمال وزوجاتهم وأقارب العريس وأهله، ورفيقات العروس وأهلها، تُحيّ الجميع، إلى أن صادفت فضل وهو يقف جانبًا يدخن سيجارتهِ الغليظة، ف تأففت بحنق وهي تقترب منه، نظرت حولها متصنعة الإبتسام و: - واقف هنا ليه يافضل! مش المفروض تهتم بفرح وتين شوية؟!، انت في مقام أبوها الله يرحمه!

فأجاب بجفاف معتاد منه: - ماانا موجود أهو ياداليدا، شوية كدا وتلاقيني بلف في القاعة كلها عشان تكوني مبسوطة.

وأنصرف من أمامها وهو يتمتم: - ست عايزة حش رقبتها، كأن محدش جوز بنات غيرها!

گأحلام الأميرات عاشت هي في رحلة سعيدة معه، وكأمير نبيل حقق لها ما تُحلم به كُل فتاه وأكثر، لم تكن تتخيل أن تعيش حلم حياتها معهُ، وهو الذي كان بعيدًا عن خيالها وأحلامها، ولكن الآن أصبح حقيقة.
أقلت طائرة خاصة العروسين، نحو أحد أجمل المدن الساحلية والمنتجعات السياحية ب مصر لقضاء عُطلة شهر العسل، وقد أصبحت الساعة الثالثة بعد مُنتصف الليل..

جلست بمفردها في غرفتها ما يزيد عن نصف ساعة، تحاول فقط نزع ثوب زفافها ولكنها فشلت، مما زاد من أرقها وإرهاقها..
دلف نائل إليها، ف حملقت عيناه غير مصدقًا: - انتي لسه مغيرتيش هدومك ياحببتي!
تحرجت وهي تعلن عن فشلها: - معرفتش افتحه
فضحك وهو يقترب منها: - يعني انتي اللي مصممة الفستان وعارفه تفاصيله ومش قادرة تفتحيه!
ابتعدت خطوة للوراء تلقائيًا و: - آ، أنا هتصرف، بس سيبني و...

- أسيبك ده إيه!، ده انا ما صدقت بقيتي معايا في مكان واحد ولوحدنا
نظر حوله وهو يسألها: - عجبك السويت؟!
فنظرت حولها بتمعن غير مدركة اقترابه الحذر منها: - جميل أوي
لتشعر بأصابع يده الباردة تلمس عنقها بلمسات خبيرة، أقشعر بدنها وهي تغمض جفونها بتأثر، وهمّ هو بالخطوة التالية على الفور، ألصق شفاهه بأذنيها و: - بحبك ياتينا، بحبك أوي.

وذراعهِ تطوق خصرها حينما ألتقت شفتيه بكتفها يُقبله بشغف واستكشاف، أسيل بشرتها الناعمة داعب شفتيه المتشوقة لمزيد منها، فزحف بقبلاته الحارّة حتى وصل أخيرًا وتلاقت شفاهم، قُبلة حبست أنفاسهم، جعلت بعض الخدر يتسلل لنفسها المتوترة فهدأت قليلًا، ومن بعدها أرخت رأسها على صدره مستلمة ليداه التي تسحبت لحلّ ثوبها عنها، دقائق وكان يحملها گطفلة نحو المضجع، ونظراتهِ تلتهم تفاصيل وجهها الجميل الفاتن، قبيل أن يشنّ هجومًا عاطفيًا ملتهبًا عليها، ف يعيشا بداخل واحد من أجمل الأحلام الزهرية.

ضربت شريفة يدًا على يد وهي تنظر لابنتها المسكينة، ثم رددت موبخة إياها: - بقى في واحدة تسيب بيتها بعد نص الليل يانداء!، الناس تقول إيه يابنتي؟
فصرخت فيها نداء و دموعها تنسال بغزارة على وجنتيها: - قولتلك مدّ إيده عليا، عايزة إيه تاني أكتر من كدا ياماما؟
- ياحببتي كنتي استني للصبح وتعالي ولا كلميني أنا وابوكي ونجيلك، كدا كدا كنا راجعين كلنا من الفرح!، إيه اللي حصل بينكم فجأة؟

نظرت ماريا بنظرات شزره نحو والدتها وهي تدعم موقف شقيقتها من زوجها الهمجي العنيف: - نداء كان عندها حق ياماما، عايزاه يضربها وتسكت!
فزجرتها بنظرة محتدمة و: - أخرسي انتي يابنت، روحي نادي أبوكي خليه ييجي يشوف في إيه!
تأففت ماريا وهي تدخل لوالدها، بينما أخفضت شريفة من صوتها وهي تسأل ابنتها الكُبرى بحذر: - قوليلي يانداء، حصل إيه وصل الموضوع للضرب!

نزحت دموعها المقهورة وهي تردد: - أنا مش متجوزة راجل، أنا حاسة إني متجوزة أمه، هي الحاكم والآمر والناهي في كل حاجه، مش ناقص غير استأذنها قبل ما انام، دي بقت عيشة تقرف وتغم، وبعد كل دا يمد إيده عليا كمان!، ليه هو انا معنديش أهل يقفوا معايا ولا إيه!

ذمّت شريفة على شفتيها وهي تتمتم: - آه ياابن عزة! ماشي.

شعور بالتخمة، وكأن معدتها ممتلئة بالطعام رغم إنها لم تتناول شيئًا منذ الأمس، وثقل شديد يجثو على جسدها المرهق الشبه عاري أسفل غطاء السرير الأبيض.
تململت وتين في الفراش بهذه الساعة الظهرية المتأخرة، وتآوهت وهي تفتح عيناها بصعوبة، ثم نظرت حولها لتجده غير موجود بجوارها..

نادت عليه بصوتها ولكنها لم تستمع لرد منه، حاولت النهوض، ولكن الكسل جثى عليها، حتى لم تنتبه لإضاءة هاتفها الصامت المنبعثة باستمرار نتيجة أتصال أحدهم بها..
لحظات وكان نائل يخرج من دورة المياه وهو يجفف شعره المبتل، نظر لها وابتسم ابتسامة سعيدة، ثم ردد: - صباح الورد ياحبي
فأجابت ب ابتسامتها المبهجة: - صباح الخير ياحبيبي.

تمدد على الفراش بجوارها ثم مال عليها يُقبل وجنتيها: - تحبي أطلب الفطار هنا ولا نخرج نفطر برا؟
- نخرج أحسن
ف أسند رأسه على رأسها ليكون أقرب، حيث لم تعد بينهما أي مسافات: - طب قومي خدي شاور والبسي، هوديكي تفطري أحلى فطار في حياتك، بعد كدا هنروح جولة مع بعض، أنا راسم برنامج هيبهرك للأيام الجاية.

ثم اختطف شفتيها بين شفاهه يُقبلها بشغف و: - معايا هتنسي حتى أسمك
كانت تحاوط رقبته بذراعيها رافضة إبتعاده عنها، والعصافير تزقزق في قلبها بسعادة، تنفست رائحته وهي تردد بصوت أربكه: - طب خليني أقوم
ابتعد قليلًا فوجدها مازالت مطبقة على رقبته، ف ضحك و: - سيبيني أنا الأول طيب.

كركرت بنبرة عالية، ثم اعتدلت في جلستها لترى إضاءة هاتفها المنبعثة منه، ف التقطته ونظرت على الرقم المدون وقد تغيرت ملامحها السعيدة لأخرى عبوسة متجهمة، حتى سألها هو بفضول اعتراه: - مين اللي بيتصل؟!
- آ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة