قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل التاسع عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل التاسع عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل التاسع عشر

كانت ميار تقف أمام غرفة الطوارئ والدموع لا تفارق عينيها، لا تصدق ما حدث إلى الآن، لبيد كاد أن يموت من أجلها، لم تستوعب ما حدث، كيف حاول ابن عمها قتلها...؟! وكيف فداها لبيد بروحه...؟!
استيقظت من افكارها على صوت الباب يفتح ويخرج منه الطبيب لتقترب بسرعة منه وهي تسأله بلهفة:
كيف حاله...؟ هل هو بخير...؟
اجابها الطبيب بابتسامة مريحة:.

لا تقلقي، أنها إصابة بسيطة، لقد اخرجنا الرصاصة من ذراعه وهو الآن باحسن حال...
أردف بعدها قائلا بجدية:
سوف يخرج بعد قليل من المشفى، بامكانك الدخول إليه...
دلفت بسرعة إليه لتجده جالسا على أحد الكراسي وهناك فتاة تساعده في لف ذراعه...
ما أن لمحها حتى أبتسم لها قائلا:
انت بخير، أليس كذلك..؟

هزت رأسها مؤكدة على كلامه بينما اخذت الدموع تنهمر على وجنتيها، استأذنت الممرضة وانصرفت عنهم لتتقدم ميار منه وتهبط أمامه مركزة بصرها على ذراعه المصابة...
امتدت انامله تمسح دموعها وهو يقول بحب:
انا بخير حبيبتي، لا تقلقي...
انا السبب، ليتني سمعت كلامك...
هز رأسه نفيا وهو يقول:
لا تقولي هذا يا ميار، الحمد لله انها انتهت على خير...
ثم أردف قائلا بحقد:
وذلك الحقير انا سافعل المستحيل حتى يدفن في السجن...

لا علاقة لنا به، الشرطة سوف تتدبر امره...
اومأ برأسه موافقا على كلامها قبل أن يقول متسائلا:
انا فقط أريد أن أعرف لماذا يفعل هذا...؟ هل هو يحبك إلى هذه الدرجة...؟
قال جملته الاخيرة بغيظ لتجيبه ميار بنبرة ساخرة:
يحبني...! انه يحب اموالي...
تطلع إليها لبيد بنظرات مستغربة لتكمل ميار ما قالته:.

والدي الحقيقي لديه أراضي زراعية كثيرة، وعلى ما يبدو أن ضميره قد صحى في آخر أيام حياته فقرر أن يسجل نصف املاكه باسمي، وهذا سبب جنون ابن عمي، لانه يريد تلك الاراضي...
الحقير...
قالها لبيد بكره قبل أن يمد يده إليها ملتقطا يدها قائلا بحب:
لا تقلقي، لن يستطيع أن يمسك بسوء بعد الآن...
ثم أردف لها غامزا بخبث:
والآن هل نعتبر ما حدث عربون الصلح...؟!
عقدت حاجبيها بتعجب قبل أن تقول:
عربون الصلح...؟
اجابها بعبث:.

يعني بعدما فديتك بروحي يجب عليك ان تسامحيني وتعودي معي إلى بيتي...
تطلعت إليه بحيرة لينهض فورا من مكانه مقتربا منها محتضنا وجنتها بكفه ذو الذراع السليم ثم يقول بحب خالص:
ميار، صدقيني انا تغيرت كثيرا، انا احبك، اقسم لك بهذا، اعدك بانني لن ازعجك مرة أخرى، اعدك انني ساكون الزوج الذي تحلمين به...
رمته بنظرات مشككة قبل أن تقول بجدية:.

سوف أعود لك يا لبيد، سوف أعطيك فرصة أخيرة، لكن اذا اخطات هذه المرة فاقسم لك بأنك لن ترى وجهي مرة أخرى...
ابتسم لبيد براحة قبل أن يضمها إليه وهو يشعر بالاكتمال اخيرا...

هيا يا أزل، سوف متاخر على موعد الطبيبة...
قالها غسان وهو يرتدي سترته ويغلق ازرارها لتخرج أزل وهي ترتدي فستان قصير بعض الشيء اصفر اللون وشعرها البني الطويل منسدل على ظهرها...
اقترب منها حالما رأها بنظرات مليئة بالأعجاب ليهتف بها: الدين رائعة...
ابتسمت بخجل من إطراءه لتجيبه بصوت بالكاد يسمع:
شكرا...
مد يده ملتقطا يدها ليخرجا سويا من المنزل متجهين إلى الطبيبة للاطمئنان على الجنين وصحته...

بعد حوالي ثلث ساعة وصلا إلى عيادة الطبيبة ليجلسا سويا في صالة الانتظار...
هتفت أزل بنبرة سعيدة:
أظن أن اليوم سوف نعرف جنس الجنين، أليس كذلك..؟
اومأ غسان برأسه مؤكدا ما قالته لتساله مرة أخرى:
هل تريد صبي أم بنت...؟
اجابها بسرعة، :
بنت، تشبهك في كل شيء...
أحمرت وجنتاها خجلا من كلامها ليبتسم بحب على خجلها المحبب إليه...
نهضا بعد لحظات ليتجها إلى الطبيبة حيث حان دورهم...

تمددت أزل على السرير المخصص للمرضى بينما بدأت الطبيبة بفحصها، بعد لحظات استدارت الطبيبة لهما لتقول:
صحة الجنين ممتازة، وصحة المدام ايضا جيدة جدا...
ارتاح كلا من غسان و ازل لما سمعاه لتكمل الطبيبة بعدها بتساؤل:
هل تريدان معرفة جنس الجنين...
بالتأكيد...
قالها غسان بلهفة واضحة لتقول الطبيبة بابتسامة:
صبي، انه صبي...

اختفت ابتسامة غسان تدريجيا وخف حماسه ما أن سمع ما قالته الطبيبة بينما اخذت أزل تبتسم بسعادة فهي لا يفرق معها ات كان صبي أو بنت..

عاد كلا من غسان و ازل سويا إلى المنزل ليجدا كلا من رويدا وناريمان وياسمين في انتظارهم لتسالهما ناريمان بسرعة:
طمئنوني، كيف حال الجنين...؟
بخير...
اجابها غسان وهو يجلس على الكنبة المقابلة لها لتجلس بجانبه أزل والتي قالت بدورها:
عرفنا نوع الجنين ايضا...
حقا، وما نوعه..؟
قالتها ياسمين بحبور لتجيبها أزل بابتسامة:
صبي...
فرح الجميع بسعادة لما سمعوه بينما سألت رويدا:
وماذا ستسمونه...؟
لم نحدد بعد...

اجابها غسان بجدية لتكمل رويدا قائلة:
ما رأيكم أن نسميه احمد على اسم والدي...؟
صمت أزل ولم تتحدث بينما تحدث غسان بدوره قائلا:
أحمد اسم جميل، لكنني أفضل أن نسميه اسما أكثر حداثه...
مطت رويدا شفتيها بضيق ولم تعلق بينما التفتت ازل ناحيته وسألته:
هل تضايقت لكون الجنين صبي...؟

هل جننت يا أزل...؟ بالتأكيد لا، صحيح كنت ارغب كثيرا بفتاة تحمل جمالك وصفاتك لكن هذا لا يعني باني تضايقت، كل ما يجلبه الله خير، كما أنك ستحملين مرة أخرى وتجلبين لي فتاة جميلة...
قال جملته الاخيرة وهو يغمز لها لتبتسم بسعادة وخجل في أن واحد.

دلف لبيد إلى غرفته وهو مستند على ميار في أثناء سيره والتي تحدثت بدورها قائلة بضيق:
الإصابة في ذراعك وليست في قدمك، لماذا تستند علي...؟ لا افهم...
من الآن بدأت تتضايقين مني، كيف اذا ستؤدين باقي مهامك...؟
قالها بتهكم لتعقد حاجبيها بتعجب وهي تقول:
مهامي...! عن اي مهام تتحدثين...؟
اجابها بخبث:
مهمة اطعامي وتغيير ملابس ومساعدتي في الاستحمام ايضا...
رمته بنظرات حانقه قبل أن تدفعه بعيد عنها وهي تقول بضيق:.

في أحلامك، لا ينقصني سوي أن اعمل ممرضة لديك...
ثم تقدمت ناحية السرير ورفعت الغطاء وأشارت له أن يتقدم ويتمدد بجسده على السرير ففعل ما طلبته منه..
جلست بعدها بجانبه على السرير وهي تسأله بقلق:
هل ذراعك تؤلمك كثيرا...؟
كلا، أطمئني...
ابتسمت براحة بينما مد يده وأخذ يتلاعب بخصلات شعرها مما جعلها ترميه بنظرات محذرة فتراجع لا اراديا وهو يقول بخوف مصطنع:
ماذا الان...؟ لم افعل شيء بعد...
ولن تفعل...

قالتها بحزم جعلته يزفر انفاسه بضيق وهو يقول بتهديد:
اهربي كما تريدين يا ميار، عندما تشفى ذراعي تماما حينها لن تستطيعي الهروب مني ابدا...
حينما يحدث هذا لكل حادث حديث...
قالتها وهي تنهض من جانبه متجهة إلى الحمام تاركة اياه يتأكل غيظا...

كان عثمان جالسا على مكتبه يفكر في صفا ووجودها هنا والذي بات يزعجه بشده...
زفر أنفاسه بغيظ وهو يحدث نفسه قائلا:
اللعنة عليك يا لبيد، كله بسببك...
ثم نهض من مكانه وأخذ يدور في أرجاء الغرفة محاولا معرفة سبب ضيقه وغيظه من وجودها معه في نفس المكان...
قرر الخروج قليلا من مكتبه والذهاب إلى مكتب غسان يحدثه عما يجول في خاطره عله يجد حلا لهذا الغضب الغير منطقي...

في أثناء توجهه إلى هناك مر من جانب المكتب الذي تعمل به صفا فتقدم قليلا ناحيته ليجدها تتحدث وتضحك مع اسامه...
كانت مندمجة في حديثها الصاخب معه لدرجة انها لم تنتبه لعثمان الذي اقتحم الغرفة فجاه وما أن شعرت بوجوده حتى اختفت ابتسامتها تدريجيا وكذلك فعل أسامة الذي نهض من مكانه بسرعة قائلا:
اهلا بك سيد عثمان، تفضل...

رماه عثمان بنظرات باردة لا توحي بشيء بينما أشار لصفا أن تتبعه خارج المكتب فهو يريد الحديث معها على انفراد...
اضطرت صفا إلى الخروج معه حتى لا تسبب اي مشكله هي في غنى عنها ولكي لا يشعر أسامة بحقيقة الخلاف الذي بينهما...
نعم، ماذا تريد...؟
قالتها صفا بنقاء صبر ليرمقها عثمان بنظرات حادة قبل أن يقول:
انتبهي على تصرفاتك جيدا يا صفا، انت هنا في شركة محترمه وغير مسموح بهذه التجاوزات ابدا...

تجاوزات! عن اي تجاوزات تتحدث...؟ ماذا فعلت انا لكل هذا...؟
سألته بعصبية واضحة وصوت عالي بعض الشيء مما جعله يحذرها بخفوت:
اخرسي، ولا ترفعي صوتك...
كلا لن اخرس، وليكن بعلمك هذه آخر مرة أسمح لك بها أن تحدثني بهذا الشكل، انت لست ابي أو اخي حتى تتحدث معي هكذا...
أكملت كلماتها تلك ثم منحته نظرة متحدية قبل أن تعود إلى ادراجها تاركه اياه يشتعل غضبا.

اقتحم عثمان غرفة غسان بقوة جعلت الأخير ينهض من مكانه بسرعة وهو يقول بخوف واضح من مظهر عثمان الغاضب:
ما بك يا عثمان...؟ هل حدثت مشكلة...؟
اجابه عثمان بعصبية جامحة:
نعم حدثت، حدثت مصائب...
ماذا حدث...؟
سأله غسان بقلق أكبر ليجيبه عثمان بغيظ وهو يجلس على الكرسي المقابل له:
صفا هانم، ومشاكلها التي لا تنتهي...
شعر غسان بالراحة حينما علم سبب غضبه والذي سببه صفا فجلس على كرسيه مرة أخرى وهو يقول:.

يا رجل، هذا هو السبب الذي يجعلك بكل هذه العصبية...
رمقه عثمان بنظرات حادة فعاد وسأله:
ما بها صفا...؟ ماذا فعلت...؟
اجابه عثمان:
لقد رأيتها بعيني، تمزح وتضحك مع اسامة، دون أن تضع اعتبارات لأي شيء...
وهل هذا ما يزعجك...؟
إلا يزعجك انت يا غسان، أنها ابنة عمنا...
حسنا سوف اتحدث معها واخبرها أن تخفف من علاقتها باسامة...

لقد تحدثت معها قبلك، ولكنها رفضت أن تسمع كلامي، الوقحة تقول انني لست ابيها أو أخيها حتى اتحدث معها بهذا الشكل...
صمت غسان ولم يعقب بينما أكمل عثمان بدوره:
انا لا افهم كيف وافق جدي على عملها معنا، كيف فعل هذا...؟
هذا شيء يخصه يا عثمان، ولا يحق لنا أن نتدخل فيه...
المشكلة انه يعاقبني انا، بينما صاحبة المشكلة الحقيقية تتمتع بدلاله طوال الوقت...

جدي يرى أن الخطأ خطأك من الأساس لسبب واحد وهو فرق السن بينكما، صفا ما زالت مراهقة لا تحاسب على أفعالها اما انت رجل واعي وعاقل وتحاسب على كل فعل يصدر منك...
رماه عثمان بنظرات يملؤها الضيق والعين ليردف غسان بجدية:
اعرف جيدا أن كلامي لا يعجبك لكن هذا هو الواقع وعليك ان تتقبله...
وهل سوف اظل منبوذ من العائلة طوال الوقت بسبب خطأ ارتكبته في لحظه طيش...

من قال انك منبوذ يا عثمان، انت من اخترت أن تكون بعيد عن الجميع بعدما حصل...
اشاح عثمان بوجهه بعيدا وأخذ يفكر في وضعه الحالي وما وصل إليه وفي وضع صفا وعلاقتها المريبة باسامة والتي باتت تزعجه بشدة...

بعد مرور ثلاثة أشهر أخرى
جلس لبيد أمام جده وهو يحدثه قائلا:
وهذا كل ما حدث يا جدي، عثمان بات عصبيا بشكل مخيف، يصرخ طوال الوقت، ويتعارك مع صفا على أتفه الأسباب، كما أنه يتعارك معي أيضا، اقسم لك انه لن يترك أحد في الشركة إلا ويفرغ غضبه عليه...
ابتسم الجد بعد سماعه لكلام لبيد ليقول براحة:
رائع، كل شيء يجري كما خططت له...
مط لبيد شفتيه بضيق قبل أن يقول بملل:.

جدي، اقول لك انه اصبح شبه مجنون في تصرفاته وانت تقول لي رائع، ماذا سنكسب اذا خسرنا الولد وانتهى أمره في مستشفى المجانين...
اخرس يا لبيد ولا تتحدث هكذا...
صمت لبيد ولم يتحدث بينما اكمل الجد بدوره قائلا:
والآن علينا تنفيذ الخطة الثانية...
لا يا جدي، لا تفعلها أرجوك...
قالها لبيد يتوسل ليزمجره الجد:
اغلق فمك يا لبيد، انا اعرف جيدا ماذا أفعل، اتصل بغسان وعثمان واطلب منهم المجيء إلى هنا فورا...

اغمض لبيد عينيه قبل أن يفتحها وهو يقول بنفاذ صبر:
حاضر جدي، لكن اذا جن عثمان وقرر أن يقتلني سوف أخبره بكل شيء...

جلس كلا من غسان ولبيد وعثمان أمام الجد في ترقب تام لما سيقوله...
تحدث الجد قائلا:
لقد جمعتكم اليوم لسبب هام، يخص صفا ابنة عنكم...
ما بها صفا يا جدي...؟
سأله عثمان باهتمام ليجيبه الجد بجدية:
لقد تقدم شاب لخطبتها و...
قاطعه عثمان بسرعة وهو يهب من مكانه قائلا بصوت مرتفع:
ماذا...؟ ما هذا الذي تقوله يا جدي..؟
ماذا جرى لك يا عثمان...؟ كيف ترفع صوتك في وجهي وتتحدث معي بهذا الشكل...؟

عاد عثمان إلى ادراجه وهو يعتذر منه قائلا:
آسف يا جدي، لكن الخبر صدمني قليلا...
أما غسان فسأله قائلا:
من يكون العريس يا جدي..؟
أسامة، أحد موظفي الشركة لدينا...
نعم...
قالها عثمان وهو ينتفض من مكانه بعدم تصديق ليصرخ به الجد محذرا اياه:
الم أحذرك مسبقا يا عثمان الا ترفع صوتك هكذا امامي...
وما رأيك انت يا جدي؟ هل أنت موافق...؟
سأله غسان باهتمام ليجيبه الجد:.

نعم انا موافق، أنتم تعرفون وضع صفا، كونها مطلقة وفي سن صغير، هي بحاجه الى رجل يحميها ويقف بجانبها، خصوصا انها لا تملك أخ حتى...
ولكن يا جدي، هي ما زالت صغيرة، يعني ما زال الوقت مبكرا على شيء كهذا...
قالها عثمان بنبرة شبه متوسلة جعلت الجد يرد بحزم:
ليست صغيرة ابدا، كما أنها جميلة وتجذب الأنظار إليها، فتاة جميلة وفي مثل سنها ومطلقة يجب أن نستر عليها هذا أفضل حل للجميع...

قال جملته الاخيرة بنبرة ذات مغزى جعلت عثمان ينتفض للمرة الثالثه من مكانه وهو يقول:
إذا كان الوضع هكذا فأنا اولى بها منه، على الاقل انا ابن عمها وكنت مسبقا زوجها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة