قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجن العصفورة للكاتبة داليا الكومي الفصل السادس

رواية سجن العصفورة للكاتبة داليا الكومي كاملة

رواية سجن العصفورة للكاتبة داليا الكومي الفصل السادس

هبه دخلت الي الحمام الملحق بمكتب عزت وهناك افرغت معدتها..شعرت ببعض الارتياح وغسلت وجهها بماء بارد وخرجت لاكمال حفل تقرير المصير...
لدهشتها عندما خرجت من الحمام وجدت مكتب عزت فارغ...رأسها استدارت بخوف وهى تبحث عنه ...ولكنها لم تجد له أي اثر...ارجلها المسكينة عجزت عن المقاومة فانهارت جالسه رغما عنها..تجمدت لدقائق مثل تمثال خشبي...

بعد فترة قليلة عزت دخل الي المكتب وعلي وجهه علامات الضيق... - ادهم بيه مشي لانه مرتبط بموعد..
هبه اتنفست بإرتياح...الحمد لله محنتها انتهت مؤقتا ...
عزت شعر بارتياحها الواضح لمغادرة ادهم...فقال بإشفاق ... - هونى علي نفسك الامور يا بنتى...انا عارف انك اتفاجئتى بس لازم تشوفي الامور بنظرة ايجابية ...انتى عارفه كام بنت في مصر مستعده ترتكب جريمة وتكون مكانك ؟

هبه ردت بمرارة ...- مبروك علي اي واحده تاخد مكانى
عزت نصحها ... - البكاء علي اللبن المسكوب مش هيفيد زى ما المثل بيقول...دلوقتى عندنا وضع ولازم نتعامل معاه ...حياتك في فوضي ولازم تترتب..
هبه هزت رأسها بالموافقه
عزت اكمل ...- انا هوصفلك الوضع الحالي وانتى كملي ليه لو نسيت حاجه...
من غير ادهم بيه انتى عندك ايه ؟

الشقة والمليون جنية مرتبطين في العقد بالجواز الشرعى وان كان ادهم بيه اتنازل عن شرط اساسي من شروط الجواز الشرعى انتى اكيد عارفاه كويس وسمح ليكم بالسكن في الشقة والتصرف في الفلوس طول السنتين بدون مقابل منك فده مش معناه انه هيصبر للابد...
طبعا هى تدرك تلك الحقيقة لسنتين وهى زوجه علي الورق لادهم ..تمتعت بشقة فخمة ومدرسة راقية وحياة مرفهه ولكن ما المقابل الذى توقعه ادهم منها...؟ بالتاكيد لابد ان يكون له هدف ما من وراء تلك الصفقه المستحيله
وان كان ادهم انتظر لعامان فهو الان لن ينتظر للابد... لقد حان وقت تسديد الدين...

ولتأكيد كلامه عزت اكمل ... - سألتى نفسك لو طلبتى فسخ العقد هتروحى فين ؟
طبعا الاجابه معروفه ...الشارع...
طالما عاشت هبه محميه من والدها أي خبره لديها في الحياه تمكنها من الاعتماد علي نفسها والصمود بمفردها في العالم ؟..سلطان لم يسمح لها بالخروج بمفردها يوما حتى انها لا تعرف اسماء الشوارع او الاتجاهات... كل ما لديها هو القليل من التعليم والكتير من البراءه وقلة الخبره... طوال حياتها وسلطان يغدق عليها بالحماية والحنان يحبسها ويحتفظ بالمفتاح في قلبه... - ادهم بيه طلب منى اوضحك لك الصورة كاملة عشان تبقي فاهمه بس اشربي عصير شكلك دايخه..

هبه نفذت كلامة فورا ...ياه لاول مرة تشعر بنعمه وجود كرسي تجلس عليه فارجلها المسكينة رخوة لدرجة انها ستنهار في أي لحظة...والعصير ايضا انعشها
عزت اكمل حديثه ... - انتى طبعا متعرفيش اي حاجة عن عيلة البسطاويسى اسمحيلي احكيلك من البداية...

سليم البسطاويسي والد ادهم كبير عيلة البسطاويسي الصعايده... راجل قوى وكلمته مسموعه ...بس ادهم طلع قوى زية بقوا الند بالند ...ظاهريا سليم بيحاول يكسر قوة ادهم ويفرض قوته لكن في الحقيقة من جواه هو فخور بإبنه الوحيد اللي جابه بعد طول انتظار...بس حقيقة ان ادهم الولد الوحيد حملته حمل كبير ...الحمل ده كان وصل حد ادهم مقدرش يتحمله وعشان اكون واضح اكتر.. من سنتين والده كان بيضغط عليه يتجوز واحده من عيله في بينهم مصالح وكان والد العروسة بيلمح ...سليم بدأ يلوى دراع ادهم عشان يخليه يمشي في الجوازه ...وضيق عليه كل الطرق ...مع انه كان عارف كويس ان ادهم مبيجيش بالعند ...ادهم من عمر 24 سنة وهو قايم بكل الشغل وحول المال اللي كان عندهم لامبراطورية امبراطورية تهز الدولة لو اختلت ...كانت اخر مواجهه بينهم مرعبه يومها سليم هدده انه لو مسمعش كلامه واتجوز بنت الكفراوى ...هيمنعه من دخول بيت العيله في الصعيد للابد...فكان رد ادهم عليه انة بعتله قسيمة جوازكم.

هسيب لمخيلتك رسم صورة للى حصل ..الحرب قامت بين سليم وادهم وطبعا لما سليم فشل انه يرجع ادهم عن قراره استسلم واعلن جوازكم وساعتها الكفراوى بطل يلمح بس شايلها للبسطاويسي وناوى يرد ليه القلم قلمين خصوصا انه فتح الجروح القديمه...
وعشان متشغليش بالك بحاجات متهمكيش ...الصفقة المعروضة عليكى دلوقتى من ادهم بيه ...يبقي الوضع علي ماهو عليه ...انتى هتستفيدى وهو هيستفيد...
ادهم بيه وعد سلطان والدك انه هياخد باله منك ...انتى فعليا مسؤله منه ...

هو بيطلب منك تكملي دراستك وتسيبي القلق لوقته...
ياه معقول ...الكابوس انكشف...هتفضل في الشقة ومصاريف كليتها مدفوعه ...ده حلم تانى بيتحقق..
عزت اكمل بوضوح ... - الشرط اللي البيه بيطلبة وبيرجوكى متعتبريهوش شرط ...ان الوضع يبقي علي ماهو عليه فعليا ...يعنى السواق هيوصلك ويرجعك والخدامه هتفضل معاكى في البيت ولو حبيتى تخرجى اي مكان يبقي بعلمه لانك في الاول وفي الاخر مراته رسمى وشايله اسمه...

شرطه الوحيد ان تظل في السجن.. في الماضى تقبلت السجن بنفس الشروط ولكن وقتها لم تكن تعلم انه سجن.. ولكن حينما علمت الحقيقه المخفية عنها لسنوات توضحت امامها القضبان الخفية ورسمت حدود السجن الرهيب..
هبه ردت بخفوت ...- موافقه
عزت ...- موافقه ؟
- ايوه
- عندك اي شروط...؟
- لا
- خلاص اتفقنا...هبلغ ادهم بيه ان الاتفاق ساري...وان ما فيش اي وضع هيتغير
هبه هزت راسها بالموافقه
هل يوجد لديها اختيار اخر ...؟ ادهم انتصر ومازال يحبسها في دنيته والخلاص من سجنه ليس اختيارى...

سنتان اخرتان مرتا من عمرها ...نفس الروتين الذي تعودت عليه في وجود سلطان كررته في غيابه ...فقط المدرسة تبدلت بالكليه ...واصبحت من الكلية للبيت ومن البيت للكلية ...الفارق الوحيد ان خزانتها ملئت باحدث الموديلات بدلا من زى المدرسة الموحد ...وكالعادة تجنبت تكوين صدقات حتى لا تكون مضطرة للتبريرات...وكعادتها كانت من الاوائل علي دفعتها تعودت علي الوحدة والحزن...وضعها الغير عادى حرمها من العيشة بصورة طبيعية مثل البنات في مثل عمرها الصغير ...حرمت علي نفسها التعامل مع الرجال فرجل واحد امتلكها علي الرغم منها يكفيها وفي النهاية هى زوجته شأت ام ابت ولابد ان تخلص له بالكامل حتى فكريا ... فعلي الرغم من أي مرارة تشعر بها لكن وضعها بدونه لم يكن ليقارن ابدا بوضعها الحالي...

دائما كانت تزكر نفسها بمصيرها لو ظلوا في الحارة تحت رحمة عبده وتهديده... وكلمته " مسيرك ليه يا جميل" ورائحة انفاسه المقززه تجعلها تشكر ادهم علي وضعها مهما بلغت غرابته...
احساسها بالكراهية نحوه قل كثيرا لكن كان لابد وان يتحمل احدهم اللوم سلطان الان ميت ولايوجد غير ادهم يتحمل كل اللوم...كل المها وحرمانها...
سلطان استغل سلطته كأب وقرر بالنيابة عنها ونفذ ...

صدمتها عندما اكتشفت ان ادهم اكبر منها بخمسة عشر سنة فقط وليس بثلاثين او اكثر كما كانت تعتقد سببت لها الحيره ..عزت قال لها ان نصف بنات مصر يتمنوا ان يكونوا مكانها... بالطبع فشاب بمثل وسامته وامواله يستطيع اختيار أي فتاة تريد وستذهب اليه راكعه ..لكنه اختارها هى ... اذن فما سبب احساسها بالمرارة والذى لا تستطيع التخلص منه ؟

منذ يوم مواجهتم المقيته في مكتب عزت وادهم لم يحاول ابدا الاتصال بها...مصروف شهري ضخم كان تستلمه بانتظام...كل فترة خزانتها تتجدد بالكامل باحدث الازياء وافخرها... جميع ثيابها صممت خصيصا لها وبيد اشهر المصممين العالميين ...كانت تري نظرات الحسد في عيون زميلاتها في الجامعه بسبب اناقتها والسياره الفخمه التى تقلها ارادت ان تخبرهم عن الثمن الذى دفعته ولكنها فضلت الصمت ... ادهم لم يكن موجود كشخص في حياتها لكنه كان يسيطر عليها كعروسة الماريونت يحركها بخيوطه...الماس جاسوس ادهم المخلص كانت تلازمها مثل ظلها ...كانت حلقة الوصل بينها وبينه والمدهش انها لم تسمعها يوما وهى تحدثه او تنقل اخبارها اليه... الماس لم تفارقها ابدا ..حتى يوم اجازتها الاسبوعية كانت ايضا تقضيه معها لانها علي حسب كلامها ليس لديها مكان اخر لتذهب اليه فهى في الخامسة والاربعين من عمرها ولم تتزوج ابدا ولا ترغب في الزواج ...

علي الرغم من حالتها النفسية المضطربة ..الا ان جمالها كان يزداد كل يوم بشكل ملحوظ ...حاول معها الكثيرون لاستمالتها ولكنها لم تتأثر مطلقا...
بسبب رفضها الغير مبرر من وجهة نظرهم... سموها غريبة الاطوار وتحملت فدائما اعتادت اطلاق الالقاب عليها ... وهى فعلا غريبة الاطوار من يتحمل العيش لسنوات وهو مسجون بارادته بين اربع جدران حتى لو كانت تلك الجدران مصنوعة من الذهب ...اربعة سنوات مرت وهى مسجونه عشرون سنه مرت وهى مسيره... في البدايه من سلطان والان من ادهم...عصفورة تعودت علي السجن فحتى لو فتح لها القفص لن تستطيع الطيران...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة