قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجن العصفورة للكاتبة داليا الكومي الفصل الثاني

رواية سجن العصفورة للكاتبة داليا الكومي كاملة

رواية سجن العصفورة للكاتبة داليا الكومي الفصل الثاني

فور وصولهم الي الشركة سلطان ادخلها مباشرة الي المطبخ ...اجلسها علي طاولة طعام في ركن المطبخ وقدم لها الشاي وقال لها بحنان.. - يلا حبيبتى زاكري... ثم غادر المطبخ ليباشر عمله...

هبه اندمجت في المزاكره ...فترة طويلة مرت وهى مازالت مندمجة لا تشعر باي شيء...موظفوا الشركة علموا ان سلطان احضرابنته واجلسها تستزكر في المطبخ فتجنبوا ان يزعجوها وربما تجنبوا ان يحرجوها ... هبه احست بالامان والراحة اخيرا بعد اسابيع من الخوف سوف تزاكر بدون خوف.. نعمة وجود ابيها الي جوارها لا يعادلها أي شىء اخر انحنائها المتواصل منذ ساعات علي كتابها جعلها تشعر بالم فى ظهرها ورقبتها...قامت تتجول في المطبخ ...خلعت صندلها وعادت مجددا للجلوس علي الكرسي...رفعت رجليها علي مقعد صغير امامها ...فستانها ارتفع حتى ركبتيها ...سيقانها البيضاء الجميلة ارتاحت بنعومه علي المقعد...اصابع قدميها الصغيرة تنفسوا بإرتياح خارج الصندل ... اغمضت عينيها ويداها حررت شعرها وفكت ربطته فنزل كشلال الذهب علي كتفيها...

هزت راسها تبعد شعرها عن عينيها ...دلكت عضلاتها المرهقة لعدة دقائق ثم واصلت مزاكرتها... تلك الدقائق من الدلال اعادت اليها همتها واكملت بنشاط
عند الساعة التاسعة كانت تقريبا قد اكتفت واحست بالرضى من نتيجة تحصيلها ...سلطان ايضا كان قد انهى عمله ...هتف بسعادة غامرة فور دخوله المطبخ ...
- البية الله يكرمه ادانى 500 جنية وقالي جيب حاجة حلوة لبنتك وانت مروح...عشان كدة ال500 جنية دول بتوعك اختاري هتعملي بيهم ايه
هبة شهقت من الصدمة فخمسمائة جنية دفعة واحدة خارج الميزانيه معجزة لم تشهدها من قبل .. يا الله يا كريم ...الفرحة غمرتها حتى النخاع
- خلاص يا بابا انا عرفت هنجيب بيهم ايه...يلا بسرعة عشان نلحق المحلات قبل ما تقفل...

- لا لا يا هبه مش ممكن الفلوس دى بتاعتك يا حبيبتى...
- يا بابا يا حبيبي انت بتلبسنى خوذه ...وانت مش لابس اشمعنى انت لازم عشان خاطري تلبسها انا بخاف عليك
دموع الفرحة ملئت عينيه ...بعد اصرار رهيب من هبه وتوسلات.. سلطان اخذ الخوذة التى كان ثمنها مائة وتسعون جنيها...

سلطان اقترح ...- كده فاضل 310 جنية انا عارف بقي هنعمل بيهم ايةه ... انا عازمك علي العشا في اغلي مطعم ... هبة اعترضت بشده..- لا يا بابا مينفعش خسارة الفلوس سلطان دمعت عيناه ...- دي يا حبيبتى هتكون اول مرة هعزمك فيها بره مش خسارة فيكى أي حاجه... هبه اقترحت عليه بقناعة شديدة.. - خلاص ناخد الاكل ونروح نعد علي النيل انا بحبه اوى ونفسي اشم هوا نضيف ... ومجددا سلطان اذعن تحت اصرارها فرقة هبه وضعفها كانوا دائما ينتصرون ...من كان يستطيع مقاومة طلب لهبه الملائكية ... سلطان اكتفي باحضار مشويات للعشاء من مطعم فخم وكنافة بالقشطة كتحلية لها لانه يعلم مقدارحبها لها ... واخذها للجلوس علي النيل بناء علي رغبتها ...
بعد العشاء سلطان هتف بسعاده غامره ... - عارفة بقى يا حبيبتى الباقى لازم تجيبى لنفسك بيه فستان جديد ...بكره ان شاء الله بعد المدرسة هاخدك المحلات...

كعادة كل يوم هبه وجدت سلطان في انتظارها علي باب المدرسة ولكن في ذلك اليوم كان يرتدى الخوذة الجديدة بفرح ...
سلطان اخبرها بفرحة غامرة عندما رأها ... - ادهم بيه الله يكرمه ويعمربيته قالي ..." يا سلطان خلاص متجيش الفترة التانية وراتبك ماشي زى ما ..هو مش هيجري حاجه يعنى لو كل واحد قام عمل طلبه بنفسه ".

يعنى الحمد لله مش هسيبك لوحدك بالليل تانى ابدا ...و كالمعتاد بدأ سلطان يعدد في صفات ادهم الحميدة كما يفعل كلما يتزكره ... - ده ابن حلال وكريم وبيعاملنا كويس ربنا يكرمه ... ابن عز طول عمره بصحيح...
دائما سلطان كان يتحدث بالخير عن رب عمله المليارديرادهم البسطاويسي... ويكفيها اعفائه لسلطان من عمله في الفترة الثانية حتى تتأكد بنفسها من استحقاقه لكل مدح اختصه به سلطان طوال سنوات عمرها الاخيرة...فشعرت بامتنان بالغ تجاهه.

منذ ان وعت وبدأت في الفهم وابيها يعمل كساعى خصوصى لمكتب ادهم البسطاويسي...بالتحديد منذ ثمان سنوات ومن حينها تحسنت احوالهم المادية بدرجة كبيرة فأدهم البسطاويسي كان كريم مع موظفيه بطريقة ملحوظة اباها اعتاد الثناء عليه كل يوم...والان اشفق ادهم علي ابنة سلطان من ظروفهم الصعبة واعفي سلطان من عمله في الفترة المسائية كى لا يتركها وحيده في تلك الظروف المرعبة والتى اصبحت تواجهها يوميا ...فكرت مع نفسها فى امتنان كبير يغمرها من شهامته مع ابيها " اكيد عنده بنات عشان كدة فهم خوف بابا عليه..." ركبت خلف سلطان وتمسكت به بسعاده وسلطان شعر بسعادتها فهو ايضا سعيد سلطان قال بفرح ليضيف اليها المزيد من السعاده ...- هنعدى نجيب الفستان قبل ما نروح...

بعد اسابيع طويله ... اخيرعاد لها احساس الامان اثناء مزاكرتها لدروسها كانت تجلس علي الطاولة في صالة منزلهم و بجوارها سلطان وهو يقرأ في المصحف..." الحمد لله "...ساعات عمله في السابق كانت تقضيها في الرعب من المجهول...واستراق السمع عبر الجدران للاصوات التى تخيفها
شهران مرا منذ رحيل حسنية فكانت تغلق فيهم علي نفسها باب شقتهم بالمفتاح وتظل تدعى الله ان يسترها ويمر الوقت بسلام حتى عودة سلطان من عملة في العاشرة ...لكن الحمد لله بفضل رحمة ادهم البسطاويسي وعطفه سلطان لن يتركها في المنزل وحيدة مجددا...

مع عمل سلطان لفترة واحدة اصبحت حياتهم افضل.. وايضا تحسنت صحته كثيرا وعندما اطمئنت لوجوده بجوارها زاد تركيزها وتحصيلها ارتفع بشكل كبير
كل شيء كان يتحول للافضل واستمتعت بالوضع الجديد لفترة... لكن كل شيء تغير فجأه وتكهرب الجو مجددا ...فعند عودتهم في احد الايام من المدرسة سلطان كان يوقف دراجتة النارية تحت منزلهم كما كان يفعل دائما فاعترضه احد البلطجية وقال بغباوه متعمده ... - ده مكانى شفلك مكان تانى ...الخوف احتل سلطان ..لم يخف علي نفسه بل خاف علي هبه حتى الموت...فهو ادرك ان البلطجى يعطله لغرض ما وبالتاكيد هوغرض دنىء مثله...

سلطان اجابه بتوتر بالغ ...- طيب يا بنى ...ثم اشار لهبه بالصعود لمنزلهم فورا وغادرعلي دراجته لايجاد مكان اخر لها وهو يرتعد من الخوف
خوفه الاعظم واسوء كوابيسه كانوا علي وشك التحقق...لكنه ما ان ابتعد حتى فهم الغرض من حركة البلطجى ..."عبده " ...الحقيقة ضربته بقوه فالبلطجى كان يعطله في الاسفل كى ينفرد عبده بهبه علي الدرج...
سلطان ترك دراجته في وسط الشارع بدون اهتمام وعاد بأقصى سرعة الي هبه ...

هبه صعدت الدرج وهى تجري بقوه ...قلبها يخفق بعنف ...دقات قلبها تصم اذانها من قوتها...ادركت ان وراء تحرش البلطجى بأبيها شر... وصلت لباب منزلهم وانتظرت اباها فهى لم تملك يوما مفتاح فهى لم تحتاجه ابدا فسلطان كان يوصلها حتى الباب دائما ولم تضطر يوما لحمل مفتاح في المدرسة ...لسوء حظها رأت عبده البلطجى ينزل الدرج وهو يتطلع اليها بعيون شريره تفضحه...

هرب الدم من عروقها وتسألت برعب... - انت فين يا بابا..؟ ...رعبها وصل الي السماء مع اقتراب عبده منها لدرجة انها شمت رائحه مقرفه تفوح من فمه القذر... عبده اقترب اكثرمنها حتى احست بلفح بانفاسها القذره علي وجهها...هبه الصقت نفسها في باب شقتهم وكأنها تستنجد به...

الدموع حبستها بصعوبه ...صوت خطوات والدها التى تطوي السلالم جريا اعطاها الامل في الخلاص...خطوات والدها المقتربة بلهفه لم تؤثر في عبده الذى قال بوقاحه ... - مسيرك ليه يا جميل.. وقريب اوى...ثم وجه نظرات تهديد وتحدى لسلطان كأنه يتحداه ان يعترض علي ما قاله... وببروده اخرج مدية صغيرة من جيبه لوح بها في تهديد في وجه سلطان ثم هوي بها في حركة تهديد صريحه علي كفه عدة مرات ... بعدما انهى تهديده الفج...عبده دفع سلطان بكتفه بقوه اطاحت به علي الارض وهو في طريقه لنزول الدرج...

سلطان اتجه فورا لهبه المرعوبه كى يطمئن عليها... خوفه علي هبه وصل لحد الجنون ...قلبه يبكى ويقول .." اة من الظلم والفقر والذل والضعف "...
سلطان ادرك ان عبده وضع هبه في رأسه ولن يتوان حتى ينالها... جمالها المبهر لعنة عليها منذ الان..لابد وان يهربوا ...يغادروا هذا المكان الموبؤ ...لكن السؤال الاهم الي اين ؟

وكان اسوء ما في الامر اكتشافه منذ ايام قليلة انه مريض بقلبه وحالته خطيرة ..
القهراكل قلبه ...خوفه علي ابنته من الدنيا من بعده سيطرعلي تفكيره
اذا كان لا يستطيع حمايتها من عبده في وجوده فماذا ستفعل اذن عندما تكون وحيده في مواجهته...؟
سلطان ادخل هبه المرعوبه الي المنزل واغلق الباب بقوه... - هبه حبيبتى طمنينى ..لمسك ؟
هبة هزت رأسها برعب...- لا لا
سلطان زفر بارتياح ...- الحمد لله ...الحمد لله
تركها ورفع يده الي السماء وقال " يارب احميها مالناش غيرك "...

عندما اتى سلطان لاخذها من المدرسة في اليوم التالي احست بشيء غير طبيعى في تصرفاته ...كان متوتر وخائف ويتلفت من حوله باستمرار..توتره انتقل الي هبه التى سألته بقلق ...
- بابا مالك طمنى...؟ ...انا خايفه
- ما فيش يا هبه اطمنى ..عاوزك لما تروحى تلمى في شنطه صغيره خالص كام غيار والحاجات المهمه بس ...الحاجات المهمة العزيزة عليكى بس يا هبه فاهمانى ؟
نصف ساعة وتكونى جاهزة عشان نمشي
نمشي ؟

هبة تسألت في دهشه ...- نمشي نروح فين يا بابا ؟
سلطان اجابها بغموض... - متسأليش دلوقتى ...ادعى ربنا يسهلها ونطلع بالسلامه وبعد كده هفهمك كل حاجه
لسان سلطان بدء في الاستغفار بدون توقف " استغفر الله العظيم ...استغفر الله العظيم "...كررها بلا توقف...حتى بعد ما وصلوا الي منزلهم وهو مازال يردد ...استغفر الله العظيم...

هبه نفذت طلبه بسرعه ...اشياؤها القيمة قليلة جدا وهو اكد عليها ضرورة احضار حقيبة صغيرة لا تلفت الانتباه اليهم ...ارتدت فستانها الجديد الذى اشتراه سلطان لها منذ اسابيع ...وفي حقيبتها المدرسية المعتادة وضعت كتبها وادواتها جميعا وحشرت في حقيبة يدها فستان حسنية وبعض الغيارات الداخليه واهم ماحملته معها كان الصوره الوحيدة التى لديها لوالدتها...خرجت بسرعة الي سلطان الذى كان مازال يستغفر
سلطان قادها لخارج المنزل واركبها علي الدراجة النارية خلفه مجددا وانطلق بأقصى سرعه كأنه يهرب من الجحيم ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة