قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثالث والعشرون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثالث والعشرون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثالث والعشرون

لما الطمع يعمى عنينا عن الصح ويخلينا نتجاوز الاصول والاعراف، أكيد احنا بنلاقى مبرر لكل خطأ نرتكبه بمزاجنا.
- بتجول مين؟
السؤال خرج من سالم وهو بينهض مفزوع من مكانه وكأن لسعته عقربة، فكان الرد من سامح بمنتهى البرود: - بقولك معتصم ابن العمده هاشم اكيد انت تعرفه.

شاور سالم بأبهامه للخلف يقول: - اللى كااان العمدة، وحكاية ان اعرفه دى مفروغ منها. المهم انت عرفته كويس وعرفت تاريخه معانا جبل ما تيجى تكلمنا بجلب مليان وتجول انك هاتجوزا بتك؟
- قصدك يعنى عشان كان خاطب بنت راجح قبل ما تسيبوه وتتجوز ابنك؟
قالها باستفزاز اثار راجح المعروف بهدوئه فرد عليه بصوت منفعل: - ماتنجى الفاظك ياعم انت. وراعى ان انت بتتكلم على بتى. اللى هي اتجوزت واض عمها مش حد غريب عليها.

سامح بأسلوب تهكمى: - الله الله ياسى راجح يعنى انت دلوقتى بتلقح على بنتى انا عشان هاجوزها معتصم؟ وفيها ايه بقى ان كنت هاجوزها من ابن بلدها ولا انتوا بتحللوا لنفسكم وبس؟

سالم من غيظه خبط كف بكف بعصبية لدرجة خلت الصوت يطلع واكنه صوت ضربة قلم. وقبل ما يتكلم سبقه ياسين اللى كان بيحاول يمسك اعصابه من اول القعده: - ابن بلدها! هو انت من امتى عرفت بلدك يا سامح عشان تتمحك فيها دلوك؟ هو ايه اللى حصل بالظبط وخلاك تغير رايك؟

اتبرجل الاول لكن ماحبش يبين فثار عليهم بصوت عالى: - هو في ايه ياجدعان؟ بنتى وجالها اللى يطلب ايدها منى ويدخل البيت من بابه. اوقف ان حالها بقى عشان الولد كان خاطب بنتكم وماحصلش نصيب.
سالم وهو بيمد برقبته ناحيته: - يعنى انت كل اللى عارفه موضوع خطوبته ب بدور ومعارفش تاريخه هو وعيلته معانا. طب افتكر ان ابوه وامه محبوسين دا غير قضيته مع ولدى اللى اتحبس هو كمان بسببها.

رفع كفه قصاده يتكلم بلهجة مصطنعه: - عفا الله عما سلف ياعم الحج. وانا الراجل ماشوفتش منه حاجه وحشه عشان أوقف حال بنتى وارفضه.
راجح بعدم تصديق: - ياسلام! دا ايه العجل ده اللى هب عليك كده فجأة؟ ماتجيب من الاَخر ياسامح وجول ان الواض زغلل عنيك بفلوسه اللى ماحد عارفلها عدد.
رد عليه باستفزاز اكتر من اللى سبقه: - بالظبط، زيك انت ياحبيبى لما رضيت بيه لبنتك. هو مكانش برضوا عشان فلوسه الكتيره دى؟

قالها سامح بوقاحة فاجأت راجح اللى اتصدم ولجمت ياسين عن الدفاع عنه. لما زعق فيه سالم بصوت عالى: - اسمع ياراجل انت. انت زودتها جوى وحق الضيافة بس اللى مانعنا عن الرد عليك بالى تستاهلوا. بس مدام وصلت لكده. يبجى لو هاتنفذ كلامك وهاتجوز بتك من معتصم يبجى برا بيتنا
برق سامح بعنيه وهو بينظر ل ياسين اللى كان بيتنفس بعمق وماقدرش يراجع كلام ابنه في تحمل حاجة اكبر من طاقته.

صرخ بدراما وهو بيمشى بخطواته: - ماشى ياعم ياسين ماشى يا راجح ماشى ليكم كلكم. بقى بتطرودنى من بيتكم. هو دا حق الضيافة عندكم. ادينى سايبهالكم محضرة عشان اريحكم خالص. ياناس باينة مناظر بس قدام الناس.
راجح وهو بينظر في اثره لما مشى: - كنت صبرت عليه يا سالم. دا كده هياخد البت ومايجبهاش تانى لامها واحنا مصدقنا.

سالم باصرار: - راجل جليل ادب وزدودها معانا. ودا اقل رد على جلة حياه وبجاحته اللى في حياتى وعمره كله ماشوفت زيها.
ياسين وهو بينزل على كنبته بتعب: - انا جلبى مش مطمن. وحاسس في حاجة ورا اصراره الشديد في الموضوع ده. ربنا يسترها بجى ويعديها على خير
وقبل مايرد عليه واحد فيهم اللتفتوا التلاتة على صوت ياسين الصغير اللى كان بينده على والده. اللحج يابوى بدور اختى خدتها اسعاف الوحدة.

راجح وهو بيتقدم بخطواته السريعة لداخل الوحدة الصحية للبلد لمح عاصم وهو واقف بتجهم جمب اوضة الكشف ومكتف ايديه الاتنين. اتقدم عليه وبحركة مفاجئة مسكه من ياقة جلابيته يصرخ فيه: - عملت في بتى ايه يا عاصم؟ والله لو جراتلها أى حاجة لا هاراعى جرابة ولا صلة دم، رد عليه ساكت ليه ياواض سالم؟

قال الاَخيرة بصوت اعلى في الصريخ و عاصم كالعبة في ايده بيحركها يمين وشمال ودا مافيش رد فعل منه ولا كلمة ناطقها. بينظر بعيون ميتة وبس، سالم كان وصل ساعتها فشدوا من ايديه يبعده: - ماتصلى عالنبي يا راجح. ماسك في رجبة الواض هو انت شوفته ضربها ولا أذاها؟
راجح وهو بينهر سالم شقيقه وبيزيح في ايديه: - ماانت عشان ولدك بتدافع عنه لكن لو كانت بتك اللى جاعدة جوا. مكنتش دافعت كده عنه؟

ياسين اللى وصل اخيرا زعق فيه: - ما تهدى يا راجح وخلينا نعرف باللى جرى للبت الاول ونطمن عليها. بدال كلامك الواعر ده.
راجح بصرخة الم: - يابوى ماتقوليش اهدى. انا من امبارح وانا قلبى واكلنى على بتى وانا معرفش ايه اللى حصل بينها وبين جوزها اللى هو واض عمها. ودلوك لما اسمع باللى حصلها عايزنى اكلمه عادى وانا معرفش اذاها كيف. لا بجى كله الا بناتى وانتو عارفينى زين. انا ماعنديش اعز منهم.

قال الاخيره بنظرة تهديد ووعيد ل عاصم اللى واقف قصادهم بوجه شاحب وخالى من الحياة.
ياسين بنظرة كلها حزن: - ربنا يستر ويجيب العواجب سليمة، يارب انت العالم جيبها سلامات يارب.
سالم نظر لشقيقه بعتب: - الله يسامحك يا راجح يعنى بدور على كده مهياش بتى زى عاصم ماهو ولدى. معلش ياواض ابوى انا برضك مجدر زعلك على بتك. معلش.
معداش كتير بعدها وخرجت الدكتورة. جريوا كلهم عليها يسألوا.

عاصم بقلب ملهوف: - ايه اللى حصل يادكتورة. وبدور عاملة ايه؟
الدكتورة بعملية: - مافيش حاجة ياجماعة اطمنوا. احنا لحقنا وقفنا النزيف. وهي دلوقتى كويسه والحمد لله.
سالم.
- طب والجنين يادكتورة: - اطمن ياحج هو الجنين كويس. بس للأسف هي هاتضطر تريح الاربع شهور الاولى وماتتحركش نهائى عشان الجنين يثبت. دا غير انها لازم تتابع باستمرار.
راجح بصوت خفيض: - طب وهي في خطر على حياتها بعد كده تانى؟

ربتت بخفه على كتفه: - ماتقلقش ياحج. هي اهم حاجة ليها دلوقتى ليها المراعية وتبعدوها عن الزعل. اه واهم حاجة الاكل والنبى. عن اذنكم بقى.

بعد ما اطمنوا عليها من الدكتوره، عاصم كان اول واحد يدخل عليها. ركع على رجله جمبها بقلب ملتاع على حب عمره اللى راقدة بتعب ووشها شاحب بدرجة مخيفة. مغمضة عنيها والمحاليل متعلقة بايديها وهي مش حاسة بحبيبها اللى كان هايموت من الخوف عليها. ولولا كسوفه من دخول والدها وجدو ياسين لكان اخدها وعصرها عصر في حضنه.
بتقول ايه يا سامح؟

قالتها نجلاء بصرخة لجوزها الى بيزعق وبيرطم بكلام مش مفهوم. رد هو بصوته العالى وعينه على صباح: - بقولك لمى هدومك يابت الاصول. يامأصله اهلك طردوا جوزك. مستنيه ايه تانى لما يرموا هدومنا في الشارع.
خبطت صباح على صدرها بجزع امام صدمة نجلاء وبنتها وقالت: - انت بتجول ايه؟ بجى انا ابويا طردك من بيتوا. عيب عليك ياولدى دا الحج ياسين عمره ما عملها مع حد غريب. يبجى هايعملها معاك انت!
زعق بصوت اعلى.

- هو مطلعتش منه العيبة بس ساب ابنه يوقلهالى بالفم المليان وسكت عن الغلط. يبقى انا كده اللم كرامتى اللى اتبعترت واخد مراتى وعيالى ماشى ياحماتى.
نجلاء بصوت مبحوح: - خالى مين فيهم اللى طردك يا سامح؟ وايه اللى يخليه يعمل كده.
باسلوب ساخر رد عليها: - هها انت لساكى عايزه تلاقيهم مبرر يام العيال. خالك سالم هو طردنى بنفسه ياختى. استريحتى بقى.

نورا اتخشبت مكانها بعد ما سمعت الاسم ومخها بيدور في الف حكاية وهي مش عارفة السبب الحقيقى. فاقت من ظنونها على صرخة والدها في زوجته نجلاء
وهو بيقول: - عليا الطلاق يا نجلاء لو مالميتى هدومك بسرعة دلوقتى انتى والعيال لتبقى حرمانة عليا واجيب واحدة غيرك اهلها يقدروا الراجل اللى قانى بنتهم.
نجلاء بقهرة: - طب واحنا هانروح فين دلوقت؟ دا غير ان وائل ابنك مش موجود!

رد عليها بجبروت: - مالكيش دعوة انتى تنفذى الكلام وخلاص وان كان على وائل فاانا هاعرف اتصرف واخليه يجيلنا بنفسه بعدين!
خطواتها المسرعة داخل المستشفى لفتت نظر كل الناس اليها سواء كانوا مرضى او موظفين ودكاتره. بس هي مكانتش مهتمة. كل اللى كان في دماغها اختها بس بعد ما عرفت باللى حصلها لما اتصلت تطمن عليها وردت عليها نهلة الصغيرة وكالعادة حكيت كل حاجة بالتفصيل...

وصلت للقسم بتاعه. وقبل ما توصل للمكتب وقفت بنت ممرضة تسألها: - يأنسة لو سمحتى؟
التفتت لها البنت وعلى طول عرفتها: اهلاً يادكتورة نهال نورتى المستشفى.
خطفت ابتسامة مغصوبة عشان ماتكسفش البنت: - تشكرى يا سامية على زوقك. ماتعرفيش الدكتور مدحت فين دلوقت؟
- بتسألى عن الدكتور مدحت؟

سمعتها من خلفها فاتفاجات ب يونس مبتسم بسماجة. استغفرت في سرها لكن ماحبتش تظهر على وشها فهزت بدماغها توافق من غير كلام. ابتسامته زادت اكتر: - عاملة ايه بقى يادكتورة في الدراسة؟ ماشية تمام ولا لاقية فيها صعوبة عشان الجواز.
قاطعته بحده: - لو سمحت انا عندى ظرف مهم وعايزة مدحت ضرورى.
اتقلبت ابتسامته لخبث وهو بيرد عليها: الدكتور مدحت في مكتبه بس للاسف هو مشغول اوى مع الدكتورة مها ربنا يعينهم.

ومن غير استئذان مشت من قدامه فورا وعند باب المكتب. فتحته على طول من غير ماتخبط. الاتنين رفعوا راسهم مخضوضين. المنظر كان كالاَتى مدحت ماسك اشاعة مريض ورفعها في الهوا و مها مايلة عليه و بتناقش معاه. بس هي وشها اتقلب لما شافتها بالقرب دا منه بالإضافة لنظرة مها لما شافتها اللى غاظتها اكتر لكن مدحت كان واضح اوى من وشه انه انبسط في شوفتها لما رحب بيها: - نهال!، تعالى ياحبيبتى واقفة ليه؟

مها سمعت الكلمة دى وانقلبت فردت بتناكة: - اهلاً يادكتورة شرفتي المستشفى، طيب عن اذنك بقى يا مدحت هاجيلك وقت تانى. ونبقى نكمل.
نهال فضلت عيونها متبعاها وهي بتمشى بتناكة لحد اما خرجت. باغتها بمدحت لما باسها في خدها وهو بيضمها: - دا المفاجأه اللى تجنن دى؟ فرحت جوى بجيتك.
زاحت هي ايديه بألية تسأله: - هي بتجولك نكمل بعدين، تقصد ايه بالظبط؟

نظرلها مستغرب: - ايه يا حبيتى انتى ماخدتيش بالك ان احنا بتناقش على حالة مريض من الاشاعة اللى كنت ماسكها في ايدى ولا انتى بتغيري ياحلوه.
قال الاَخيرة بابتسامة وتسليه هي ماستجابتش، ليها وردت بعصبية: - مش وجته كلامك ده يا مدحت. انا عايزه اروح البلد عشان اشوف اختى بدور عشان تعبانة جدا وخدتها اسعاف الوحدة. هاتروح معايا دلوك عالبلد ولا لأ.

شاورلها بايديه: - طيب اتكلمي براحة شوية، أنا فهمت دلوك ان اختك تعبانه.
تابعت نهال بصوت مخنوق: - ايوه تعبانة وانت لو مش فاضى دلوك على طول توديني البلد. اطلع انا احجزلى تذكرة واروح لوح...
- نهال، ماتستفزنيش وادينى فرصة عشان ارد.

قالها بمقاطعة وزعيق مع نظرة حادة منه رقت لما شاف انهيارها في البكا فضمها لصدره وهو بيطبطب عليها بحنان: - اهدى خلاص وماتجلاجيش. انا هاروح معاكى دلوك على طول بس اطمنى انتى وان شاء الله خير.

بداخل غرفة الكشف. كانت دايماً بتتهرب بعنيها عنه وهو نفسه يكلمها على انفراد لكن وجود والدتها ووالدها بالإضافة ل ياسين اللى رايح جاى يتابع مع سالم حالتها ويطمنوا عليها. زودت اوى حالة الاحتقان المكبوت جواه وهو بيحاول يسيطر على اعصابه بصعوبة خصوصاً وهو شايف ردها على كل سؤال منه بكلمة او كلمتين بالعافية وماتزودش، نفخ بقوة وخرج من الاوضة يشم هوا شوية. وهو نفسه يلاقي حل. اللتفت بعينه على الطرقة اللى بتوصل لباب الوحدة. لقى حربى ومعاه نيرة داخلين مع بعض.

وبعد ماوصلوا عنده حربى بصوت مشجع
- ازيك ياواض عمى. حمد لله اللى جات على كده.
هز بدماغه يجاوبه من غير كلام. فاتكلمت نيره كمان.
- هي عاملة ايه دلوك؟ انا امى طامنتنى لما جات شافتها مع مرة عمى محسن.
رد عليها بصعوبة: - هي زينة يابت عمى. بس الدكتورة امرت بالراحة التامة ليها. بس انا كنت هاتعرك معاها جوا و مسكت نفسى عنيها
حربى وهو مستغرب: - وااه يا عاصم كيف كلامك ده؟ هاتتعرك معاها وهي في الحالة دى؟

عاصم بتصميم في كلامه: - ايوه اتعرك مدام ابوها ماصدق ياخدها حجة ويقولى هاخليها تجعد الاربع شهور في بيتى عشان نراعيها وانا جوزها اختفيت عشان يقرروا بالنيابة عنى ولما اسالها ترد من غير نفس وتجول ايوه.
نيرة وهي بتحاول تهدى: - معلش ياواض عمى ما انت عارفها زعلانة.
فجأها بنظرة حاده يسألها: - وانتى عرفتى سبب زعلتها معايا؟

وكأنها بتنفى تهمة عنها: - لا والله ياواض عمى. دى حتى اول مرة تخبى عنى حاجة وانا برضك مش زعلانة عشان دى حاجة تخصك معاها كمان.
حربى بابتسامة ونظرة بمغزة ل نيرة: - يعنى انتى عارفة ان في حاجات ماينفعش تطلع بين الراجل ومرته. شاطرة يا نيره.
هى بادلته الابتسامة بخجل. وعاصم شتم في سره بصوت واطى قبل مايزعق فيه بعصبية: - دا وجت محن يا حربى ماتلم نفسك يااخى بدل اكسرلك سنانك دى اللى بتضحك بيها.

حربى وهو مخضوص: - مالك بس ياواض عمى؟ متعصبش نفسك جوى كده ولو عايز اى خدمة انا تحت امرك.
الكلمة نفسها جابت الفكره في دماغه فمسكه من رقبته وهو بيكلم نيرة
- خوشى جوا دلوك يا نيرة اطمنى على بدور واول بس ماتدخل الدكتورة وتسمحلها بالخروج ادينى رنة ماشى.

هزت برأسها توافقه قبل ماتمشى وتطيع كلامه. اما حربى بقى فاتفاجأ بعاصم وهو بيجره من رقبته بقوة وهو بيقول: - وانت بجى تعالى معايا عشان تنفذ اللى هاجولك عليه بالظبط!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة