قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر

رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر

رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر

وقف تميم امام دينا الممددة على السرير الابيض في غرفة العناية المشددة...
لقد سمح الطبيب له ان يراها ويتحدث معها لدقائق معدودة...
انحنى بجانبها ومسك يدها شاعرا ببرودتها، ربت بيده الاخرى على خصلات شعرها...
قرب وجهه من وجهها وقال هامسا باسمها:
دينا...
انهمرت دموعه لا اراديا ما ان نطق باسمها، لا يصدق ان دينا الممدة هنا بلا حول او قوة هي نفسها دينا التي كانت تشع نشاطا وحيوية...

لقد قتلها هو بحقارته معها...
سامحيني...
هتفها بنبرة خافتة وكأنه يستحي ان يطلب السماح منها بينما دموعه مستمرة في الانهمار...
اكمل بعد لحظات وقد نجح في السيطرة على دموعه:
بالله عليك لا تذهبي، لا تفعليها، لا تجعلينني اخسرك واعيش ما تبقى من عمري في عذاب، انا مستعد ان افعل لك ما تريدين، اعدك بهذا، فقط افيقي، افيقي من اجلي...

ظل يتحدث معها ويتوسل اياها ان تفيق، لحظات قليلة ودلفت الممرضة الى الداخل تطلب منه ان يخرج من العناية المركزة...
فعل تميم ما قالته وخرج من المكان ثم خلع ملابس التعقيم الذي كان يرتديها واعطاها للمرضة، قرر الذهاب الى كافيتريا المشفى ليتناول كوبا من القهوة عله يقلل من هذا الصداع الذي سيطر على رأسه...

دلف تميم الى كافيتريا المشفى واتجه الى ماكينة القهوة الموجوده هناك...
اخذ كوبا من القهوة وجلس على احدى الطاولات...
بدأ يتناول قهوته بصمت حينما شعر بيد تربت على كتفه وصوت رجل تذكره على الفور:
لا اصدق ما تراه عيني، تميم بنفسه هنا...
استدار تميم وهو يهتف بصدمة:
لبيد التميمي، ماذا تفعل هناك...؟!
ثم نهض من مكانه واحتضنا بعضيهما بقوة...
ابتعدا عن بعضيهما بينما ضربه لبيد على ظهره قائلا بعتاب:.

لولا الصدفة البحته لما كنت رأيتك، لم تفكر ولو مرة واحدة بالسؤال عني...
قال تميم بخجل فهو بالفعل لم يسأل عنه منذ وقت طويل:
كنت مشغول للغاية، اعذرني...
ثم اردف بعتاب هو الاخر:
لكنك لم تحضر حفل زفافي...
رد لبيد:
اقسم لك انني كنت خارج البلاد حينها...
سأله تميم:
ماذا تفعل هنا الان..؟!
اجابه لبيد ببساطة:
زوجتي تلد هنا...
قال تميم بذهول:
يا رجل، تتحدث ببساطة، أليس من المفترض ان تكون بجانبها الان...؟!

رد تميم بلا مبالاة:
والدتي معها...
ثم اردف بتساؤل:
وانت ماذا تفعل هنا...؟ لا تقل لي ان زوجتك تلد ايضا...
قال تميم بسخرية:
نعم انها تلد بعد شهرين من زواجنا...
ضرب لبيد على رأسه وقد شعر بمدى غبائه:
معك حق، انا غبي فعلا...
بينما قال تميم:
ابنة خالتي في العناية المشددة، تعرضت لحادث...
اووه يا الهي...
قالها لبيد بأسف شديد بينما اردف:
وكيف وضعها الان...؟!
رد تميم باحتقان:
للاسف وضعها خطر للغاية...

ربت لبيد على كتفه وقال:
ليكن الله معها ويشفيها...
في هذه الاثناء رن هاتف لبيد فاجاب عليه بسرعة ليأتيه صوت والدته الغاضب:
ايها البارد، اين انت...؟ لقد انجبت زوجتك...
ماذا انجبت...؟ بسرعة، اخبريني...
قالها لبيد بلهفة ليقفز من مكانه وهو يسمع الاجابة ويررد بصياح:
صبي، انجبت صبي، الحمد لله يارب، انه ثاني صبي ارزق به
بارك تميم له ليشكره لبيد ويذهب بسرعة الى زوجته على وعد في ان يلتقيا في ظروف اخرى...

ذهب تميم بدوره عائدا مرة اخرى الى غرفة العناية المشددة ليجد الممرضة تخرج راكضة من غرفة العناية المركزة وهي تصيح على الطبيب:
لقد توقف قلب المريضة...

انتهت والدة نوران من اعداد طعام الغداء، همت بالذهاب الى غرفة نوران لتوقظها فوجدتها في وجهها وهي ترتدي ملابس الخروج...
لقد حان وقت الغداء، إلى اين تذهبين الان...؟!
اجابتها نوران بجدية: .
سوف اذهب الى بيت عمي، اريده في موضوع هام...
أجلي ذهابك الان، وتعالي معي لتتناولي الطعام...
الا ان نوران قالت باصرار:
كلا يجب ان اذهب الان...
ولكن تناولي طعامك على الاقل...
قالت نوران:
عندما اعود سوف اتناول طعامي...

ثم خرجت بسرعة متجهة الى منزل عمها...
وصلت نوران اليه بعد حوالي ثلث ساعة...
هبطت من سيارة الاجرة واتجهت الى الداخل، فتحت الخادمة لها الباب واخبرتها ان الجميع في صالة الجلوس، اتجهت الى صالة الجلوس لتسمع صوت احاديث وضحكات تنبع من الداخل وصوت مميز تعرفه جيدا، دلفت الى الداخل لتجد الجميع مجتمع، عمها وزوجته، نزار و نغم، ليلى واياد...

جحظت عيناها بصدمة ما ان رأت نزار امامها ويبدو في اوج سعادته بينما اختفت الابتسامة من فوق شفتي نزار والذي نهض من مكانه قائلا بعدم تصديق:
نوران..

وقفت تطالعهم بثبات تام لا تعرف من أين اتاها قبل ان ترسم ابتسامة باردة على شفتيها وتقول بتهكم:
مساء الخير، يبدو أنني قطعت عليكم جمعتكم الجميلة...
نهض عمها من مكانه وقال بسرعة:
نوران ابنتي...
الا ان نوران لم تسمح لها بالتكملة بل قاطعته بسخرية:
كنت على الاقل دعوتنا يا عمي لنشارككم جمعتكم الجميلة هذه...
نوران ابنتي دعيني اشرح لك...
قاطعته مرة اخرى بنبرة عالية وقد فشلت هذه المرة في الحفاظ على ثباتها:.

ماذا ستشرح لي...؟ ان ابنك المصون قد عاد الى الوطن اخيرا لتستقبله انت بين احضانك...
نوران من فضلك دعي والدي يشرح لك...
كانت المتحدثه هذه المرة هي ليلى التي رمتها نوران للحظة بنظرة معاتبة سرعان ما تحولت الى اخرى غاضبة:
انت اخر من يتحدث، لقد عددتك اختا لي، ولكن يا للاسف...
لم يتحمل نزار سماع كلمات اكثر فقال بسرعة:
دعي حديثك معي انا يا نوران، انا المذنب، هم لا علاقة لهم بأي شيء...

كانت نغم تجهل ما يحدث فهي لا علم لها بأي شيء...
لم تعرف سبب هذا الجدال ولا توجد كلمة واحدة توضح ما يجري...
اياد الاخر التزم الصمت فما حدث كان مشكلة عائلية بحته وهو لا يريد التدخل بها..
التفتت نوران ناحية نزار بنظرات يملؤها الكره والحقد والالم والعتاب، جميع هذه المشاعر اختلطت في نظراتها...
تحدثت اخيرا بنبرة كارهة غاضبة:
انت اخر من يتحدث هنا، يا ابن عمي المصون...
تقدم نزار ناحيتها ووقف امامها قائلا:.

ها انا امامك، افعلي بي ما تشائين...
فجأة اخذت نوران تقهقه، تضحك عاليا وكأنها اصيبت بالجنون، ظلت تضحك للحظات تحت انظارهم المندهشة قبل ان تتوقف عن الضحك اخيرا وتقول بعينين مدمعتين وملامح منكسرة:
افعل، ماذا سأفعل...؟ هل اقتلك...؟! حتى قتلك لن يشفي غليلي...
اخفض نزار عينيه بخجل فهو لم يستطع النظر في وجهها اكثر بينما اردفت نوران:.

انت حتى لا تملك ضميرا قد يؤنبك حينما تتذكر ما فعلته، لكن هذا المتوقع، فماذا سأرجو من شخص حقير و نذل مثلك...؟!
نقلت نغم عينيها بين نزار المخفض رأسه ارضا ونوران التي ترميه بنظرات مليئة بالكره والاشمئزاز...
ادارت نوران بصرها في ارجاء المكان تطالع جميع الموجودين بنظرات محتقرة قبل ان تقول:
هذه اخر مرة اراكم فيها، فأنا لن يشرفني الانتماء الى عائلة مثلكم...

ثم تحركت خارج المكان بينما وضع العم يده على قلبه بعدما شعر بنغزات قوية في صدره، اقتربت منه ليلى وسألته بقلق:
بابا، هل انت بخير..؟!
الا انه لم يستطع جوابها حيث انبطح ارضا وفقد وعيه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة