قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الثاني عشر

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الثاني عشر

وعندما انتهى من حديثه، شعرت زهرة بالشفقة تجاهه وهمست بعطف: ياااه كل ده حصل معاك، لو كنت أعرف أساعدك كنت ساعدتك...
نظر له بندم: قلبك طيب يا زهرة ومش بتعرفي تكرهي حد، انا مبسوط انك وافقتي تقعدي معايا وتسمعيني...
شعرت بالدوار، أمسكت رأسها
سأل أحمد: مالك يازهرة
تمتمت بضعف ثم حاولت النهوض: أااه..

كادت تقع، نهض بسرعة وقام بأسنادها: زهرة، حاولي تمسكي نفسك شوية لحد ما نوصل العربية، لاحظ نظرات شخص تتبعهم لكنه لم يبالي، وبمجرد اراحتها على الكرسي، وجلوسه على مقعد القيادة أنطلق بالسيارة بسرعة شديدة ويديه تقبض على عجلة القيادة بعنف...
وقعت مغشية عليها، أسرع بها الى أقرب مستشفى...

توقف بسيارته أمام باب المستشفى وقبل أن يخرج وجد فجأة من يفتح عليه باب السيارة، وأنحنى على زهرة لحملها...
أنتفض أحمد في مكانه ثم خرج مسرعا وأمسك بذراع الراجل الغريب، مجبرا أيه على تركها، هتف بوجه محتقن: أنت مجنون أمشي من هنا بدل ماأبلغ عنك
نظر له الهامي بتهديد: أنت خاطفها وأنا بنقذها منك
بلهجة مندهشة: على أساس أيه قررت أني خاطفها، دي خطبيتي وأغمى عليها وزي ماأنت شايف، ده لوكان عندك نظر وبتشوف واقفين قصاد باب مستشفى...

قاطعه الهامي: أنت مش خطيبها
لم يريد الجدال معه، كل همه الأن ألاطمئنان عليها، هتف في وجهه بحدة: ملكش فيه، وانزاح على جنب...

في الداخل...
سأل بلهفة الطبيب: مالها يادكتور
_ ضغطها واطي، وده سبب الاغماء
_ يعني هي كويسة
_ هي كويسة ومعندهاش حاجة، خليت الممرضة تركب ليها محلول عشان نرفع من ضغطها، وهتفوق لوحدها...

ظل بجوارها لمدة ثلاث ساعات على الكرسي المجاور للسرير الراقدة عليه، ظل ينظر الى تفاصيل وجهها الشاحبة المختفية تحت قناع لم يعلم حتى الآن سببه، وجسدها أصبح نحيف بات لا يتحمل شيء، فأغمض عينيه في سكون، فكلاهما عانى بشدة في حياته، هو تزوج أنسانة مريضة بحب السيطرة حاولت خطف بناته والان هي في مصحة عقليه في حالة أنهيار تام بعد أن عثرو عليها في أحدى الفنادق الرخيصة وبناتها مع جدتهم، وهي عانت بسببه وبسبب رشا وياعالم ماذا حدث لها في السنوات الماضية بعد سجنها ووفات والدها، مايبدو له أنها عانت بشدة...

فتح عينيه ورأى يديها تتحرك...
ووجدها تنظر له بأعياء قائلة: هو أنا هنا بعمل أيه، هو حصل أيه...
أبتسم بخفة: ضغطك وطى مرة واحدة وأغمى عليكي، وأنا شيلتك وجبتك هنا المستشفي...
قالت بخفوت: تعبتك معايا...
نظر لها بحزن: نفسي أتعب عشانك، وياريت أقدر أعوضك شوية عن كل اللي قاسيته في حياتك
شعرت بالأرتباك وأبعدت نظراتها عنه: أحمد بلاش..

أستاء قلبه وأراد الصراخ والتوسل لها لكي تعطيه فرصة، لكنها صارت رافضة له، حدث نفسه بصمت، غلطة عمري أني سبتك تضيعي من أيديا..
أمسك ذراعها وقال بتوسل: أديني فرصة تانية
همست بحزن: مينفعش

دخل أكنان من باب المستشفى مسرعا، وجد أمامه الهامي منتظر اياه، سأله وهو يتنفس بحدة: هي موجودة فين
_ الدور الرابع أوضة سته
لم يتنظر المصعد، خوفه عليها لا ينتظر، قلبه لا ينتظر، أخذ يركض على سلالم الأدوار بخفة، فتح باب غرفتها دون الطرق ودلف الى الداخل بسرعة...
تبخرت نظرة القلق في عينيه.. لتحل محلها نيران من الغيرة عندما رأه يمسك بذراعها، أبتلع ريقه بصعوبة، تنفس بحدة يحاول على قدر المستطاع التحكم في غضبه لكي لا ترتعب منه، أقترب وجسمه ينبض بغضب مكتوم...

صدمت زهرة من رؤيته، نظرة له بعينين متسعتين...
صر على أسنانه بعنف قائلا: شيل أيدك من عليها
تذكره أحمد جيدا فهو نفس الشخص الذي قابله في عزاء والدتها وشعر بوجود شيء بينهم وكذب هذا الشعور عدة مرات، هز رأسه برفض عندما وصلت أفكاره عند نقطة معينة، هل يكون هو السبب في رفضها الرجوع اليه، هل تجمعهم علاقة عاطفية، ترك أحمد يديها ونهض ثم نظر له ببرود: أنت مين وأزاي تدخل هنا من غير أستئذان...

بملامح وجه متهجمة قال: قوليلو أنا مين بالنسبة ليكي يازوزو...
سأل أحمد: مين ده يازهرة...
جلس أكنان فوق الفراش وقال بهدوء مفتعل: قوليلو أنا أبقا مين ولا أقوله أنا
شهقت عندما سحبها بجواره، حدق في عينيها التي أتسعت من الخوف وهي ترى شرارات الغضب تنطلق من عينيه.. ثم قال: أنا خطيبها وأبو ولادها قصدي أبو ولادها في المستقبل، رفرفرت رموش عينيها بصدمة...

أحمد بلهجة رافضة: خطيبك يازهرة...
همس بخفوت بالقرب من أذنيها، خليه يمشي والاحسن مشفش وشه بالقرب منك تاني...
ظلت تحدق به بعجز، تريد أن تنساه لكن مايجمع بينهم جعل نسيانه شيء مستحيل، أطفالها عند تلك النقطة أستعادت توازنها وتنفست بعمق: أيوه ياحمد خطيبي...

رأى أكنان أصابعها ترتجف فعلم أنها تكبت أنفعالها بصعوبة
من صدمته أرتد خطوة للخلف، وتجمد في مكانه للحظات، نهاية الامل بالنسبة له، فهي أحبت غيره، ولا يملك سوى تمني السعادة لها، قال بابتسامة شاحبة حزينة: مبروك...
ردت عليه بابتسامة باهتة: الله يبارك فيك
نظر لها نظرة وداع ثم خرج من الغرفة.. مقررا الخروج من حياتها نهائيا...

التمع الشرر في عينيها وهي تقول: أرتحت بعد مانفذت كلامك، أتفضل أطلع برا...
غمز بأحدى حاجبيه: أنتي نسيتي أنك بقيتي خطبيتي، ده كلامك مش كلامي..
هتفت في أنفعال: أنا قولت كده عشان أقطع الأمل عنده أني ممكن أرجع ليه في يوم من الايام، مش عشان خوفت منك، وقولي أنت عرفت أزاي باللي حصل ليا
قال بهدوء: مكلف واحد ياخد باله منك...

صاحت في وجهه بغضب: أنت مخلي واحد يراقبني، مش من حقك تعمل كده..
_ من حقي، أنتي أم ولادي
_ كفاااية بقا حرام عليك
_ أنتي اللي كفاية وبلاش تنشفي دماغك، أنا قولت أديكي وقت لحد ماتتقبلي الصدمة وتفكري في مصلحة ولادنا وتركني مشاعرك وكرهك ليا على جنب، بس أنتي مصممة تعاندي معايا، هسألك تاني موافقة تتجوزيني
هزت رأسها ثم قالت بأصرار: لأ..

أبتسم بمكر ثم قال: أنا سألتك وأنتي قولتي لأ، وغلبتي مشاعرك على مصلحة ولادنا، أنما أنا فكرت في مصلحتهم كويس.. وقررت الأتي، الولاد هاخدهم من الملجأ وهكتبهم بأسمي وهطلع ليهم شهادات ميلاد بأسم الاب اللي هو أنا وأسم الام اللي هتكون أي واحدة هتجوزها، أنا مستعدة أتجوز أي واحدة عشان خاطرهم هما عشان يبقو جايين من علاقة شريعة...
أتسعت عينيها من صدمة ماتسمع: أنت بتقول أيه
قال بلامبلاة مصطنعة: اللي سمعتيه...

_ بس ده تزوير
_ أسمه بضمن ليهم حقهم وأخلي راسهم مرفوعة
_ أنا مش هسكت
_ أعملي اللي أنتي عايزه، أنتي عمرك ماهتقدري تقفي قصادي، أنا أتكلمت معاكي بالعقل والمنطق وأنتي رفضتي...
لمعت عينيها بالدموع وقالت بنبرة مضطربة: ليه القسوة دي...

شعر بطعنة مؤلمة داخل صدره وهو يرى دموعها، لكنه قرر الحصول على موافقتها بالزواج منها بأي طريقة، حدث نفسه، لا تجعل دموعها تضعفك، فهي لن توافق على الزواج منك الا بهذه الطريقة، أمسك ذراعها وهتف: مش قسوة، بفكر في مصلحة ولادي، لو خرجت من الاوضة دلوقتي قبل ماأسمع ردك، أنسي أنك تشوفي الولاد بعد كده، ثم أولاها ظهره وتحرك ببطء ناحية الباب، داعيا في سره أن تقول نعم، قوليها يازهرة، قبض على مقبض الباب وفتحه وخطى أول خطوة باتجاه الخارج...

صاحت بألم: أنااااا، أناااا موافقة...
تقوس فمه بابتسامة واسعة أخفاها بسرعة ثم التفت لها قائلا بهدوء ظاهري: أنتي كويسة
أستغربت من سؤاله، هزت رأسها: أيوه
_ تقدري تمشي
_ أيوه
تحدث بهدوء: يبقا يلا بينا
مسحت دموعها وقالت بتوجس: يلا بينا فين؟

أجابها قائلا: كام مشوار
سألت بأصرار: مشاوير أيه
أجابها بهدوء: أول مشوار، هنروح على أقرب مكتب مأذون عشان نتجوز، ثم أخرج هاتفه وأتصل بسائقه
وقفت متصلبة مكانها تنظر له بصدمة وجدتها يجذبها من ذراعها قائلا بهدوء: يلا يازهرة
مضت زهرة بذهن مشوش الى الخارج معه، هبطا في المصعد الى الدور الأرضي وخرجا من المستشفى، كان السائق بانتظارهم، فتح لهم الباب، وبمجرد جلوسهم أنطلق السائق، أغمضت عينيها ثم راحت تردد بخفوت: أنا بحلم أنا بحلم
سمع همسها، تقلصت ملامح وجهه بألم وفضل الصمت على الكلام...

توقفت السيارة بعد وقت قصير أمام مكتب المأذون ونزل السائق وبعد عدة دقائق أتى ومعه ثلاث رجال، فتح المأذون أوراقه في السيارة، وبدأ في توجيه الاسئلة التقليديه الى العروس والعريس والشاهدين، ثم وثق الشيخ وثيقة الزواج ثم وقعت زهرة وأكنان والشاهدين، خرج المأذون والشهود ولم يتبقا في السيارة سواهما، أشار أكنان للسائق بالتحرك...

نظرت له بتوهان، كل شيء حدث بسرعة، حدثت نفسها، هل هي أصبحت حقا زوجته، شعرت أنها تعيش حلم مزعج، سألت بصوت مرتعش: هو أحنا كده أتجوزنا...
نظر اليها مليا ثم أجاب برقة: أيوه يازهرة..
عبرت السيارة بوابة حديدية، نظرت من خلال الزجاج تتسائل الى أين ذهب بها هذه المرة...
قال بأكنان بهدوء: ده الملجأ الجديد
رد بلهجة مضطربة: ملجأ أيه
_ ملجأ بديل عن ملجأ الملائكة الصغار
_ هو أنت المتبرع المجهول..

_ أيوه أنا، خليكي هنا في العربية، هدخل لمدام ليلى هكلمها وهاخد منها أياد ووليد، أنا مكنتش مخطط أخدهم دلوقتي خالص، لكن كل حاجة جات بسرعة...
وبعد أقل من نصف ساعة، رأته من على بعد عدة أمتار يحمل كلا الصغيرين في حضنه، والابتسامة تضيء وجوه أطفالها، لمعت عينيها بالدموع وهي تشاهد فرحتهم الغامرة، مسحت بسرعة دمعة فرت هاربه من عينيها عندما أقتربا من باب السيارة، بمجرد دخول الصغيرين الى داخل السيارة، أخذ يقفزان بمرح فوق الكراسي...

هتف أياد بمرح طفولي: عمو هياخدنا نعيش معاه يأبلة زهرة
قال أكنان بهدوء: من يوم ورايح هتقولي يابابا ومفيش عمو تاني، وأبلة زهرة هتقولها ياماما، ووزع نظراته على كلا الطفلين، سمعتوني كويس، أحنا هنبقا ماما وبابا وبس
تقبل ووليد الكلام ببرائة دون تعقيد، هذه الكلمة لا تعني لهم الكثير سوى مجرد كلمة...
هتف وليد وأياد في نفس واحد: بابا أكنان وماما زهرة، ثم القو أنفسهم في حضن زهرة بسعادة...

أياد بمرح طفولي: أنا مبسوط أنك ماما
وليد بابتسامة واسعة: وأنا كمان عشان بحبك، ماما.. وأخذ يكرر كلمة ماما، ماما، أنا بحب أقول ماما، ماما
رقرقرت الدموع في عينيها ثم اردفت بصوت مختنق من التأثر: وأنا كمان بحب كلمة ماما وكان نفسي أسمعها من زمان، ضمتهم بالقرب من صدرها، ضمة والدة غاب ولدها ثم عاد لها بعد غيبة طويلة، ضمت الصغيرين بالقرب من بعض، وأنسابت دموعها الحارة على وجنتيها دون توقف، دفنت رأسها بينهم وانخرطت في البكاء، شعرو بالفزع من بكائها...
نزع وليد نفسه مبتعد شاعرا بالخوف، أما أياد ظل في حضنها وأخذ يبكي هو الأخر...

قال بتأثر: أهدي يازهرة، الولاد أتفزعو منك
قالت من بين شهقات بكائها: بلاش عياط ياأياد، أنا بعيط عشان فرحانة، ومسحت دموعها وأبتسمت لهم: أخر مره هتشوفوني بعيط، أنا دلوقتي فرحانة أوي
توقف بكاء أياد ونظر له بعيون متسعة وقال: وأنا كمان، عشان بحبك أوي
وهتف وليد هو الأخر: وأنا كمان بحبك
شعرت في هذه اللحظة أنها تطفو فوق غيمة من السعادة، بسبب نطقهم كلمة ماما، رأى عينيها تلمع ببريق لامع...
قال برقة: في حد عايزه توديعه..

سألته زهرة: تقصد أيه بكلامك
_ زهرة اللي شايفه دلوقتي قصادي خلاص مش هيبقا ليها وجود، زهرة اللي تحت القناع هي اللي هتظهر للكل بأسم مراتي أم ولادي، كنا متجوزين زمان وسبنا بعض وبعدين رجعنا لبعض، وده هيكون بس الكلام اللي هقوله للكل، أتقابلنا أزاي وليه أنفصلنا، ردنا هيكون دي خصوصيات والماضي شيء وأنتهى...
كانت تكفيها نظرة واحدة لطفليها وهي ترى سعادتهم الا نهائية، فتناست كرهها له وقالت باستسلام: اللي تقول عليه هنفذه، بس قبل أي شيء وديني شقتي الاول، أسلم على ضحى وأهلها، ضحى صحبتي وأكتر من أختي ساعدتني كتير ووقفت معايا وهي خلتني أسكن في البيت عندهم هي الوحيدة اللي عارفة سري وحفظت عليه، طب أهلها أقولهم أيه؟
_ قوليلهم اللي شايفه صح وهيريحك...

توقف بالسيارة أسفل منزلها، ثم قال: أنا هستناكي هنا بالولاد، ومتاخديش أي حاجة من شقتك، أنا هكلف ناس يفضوها ليكي وبعدين تبقي تختاري اللي عايزه تخليه معاكي...
خرجت من السيارة بسرعة حتى لا ترجع في قرارها وصعدت السلالم ووقفت أمام شقة ضحى للحظات وهي تتنفس بحدة ثم طرقت على الباب..
زهرة بابتسامة شاحبة: ضحى جو
ردت أمينة بابتسامة: هتلاقيها في أوضته
_ ممكن أدخلها
_ أدخلي يابنتي من غير أستئذان ده البيت بيتك
_ تسلميلي ياطنط...

طرقت زهرة على باب غرفة ضحى، ثم دلفت مباشرة
ضحى بفضول: يادي النور، مش عوايدك أنتي اللي تطلعي ليا، خير ياست زهرة
زهرة بارتباك لا تعلم من أين تبدأ الحوار: من الأخر كده أن أتجوزت...
أنتفضت ضحى في مكانها، قالت مرددة بذهول: أتجوزتي.. أتجوزتي، دا اللي هو أزاي وأمتى...
زهرة بصوت مخنوق متقطع: النهاردة وبالاصح من ساعة تقريبا...

هزت رأسها بصدمة: أنتي بتتكلمي جد، قولي اللي أنتي بتهزري، أنتي بتهزري صح
ردت نافية: لا مش بهزر، أنا أتجوزت النهاردة، أتجوزت أكنان أبو ولادي
جذبت ضحى ذراع زهرة وأجلستها فوق الفراش وجلست بجواره، ونظرت لها بفضول: أحكيلي كل اللي حصل بالظبط فاهمة يازهرة...
بدأت زهرة في سرد ماحدث وظلت ضحى تستمع فقط دون التعليق على كلامها بأي كلمة...

وعندما أنتهت تنهدت ونظرت الى ضحى قائلة: وبعد رفضي فجأة لقيت نفسي متجوزها، أتجوزته رغم كرهي له، مش عارفة أزاي، همست بشرود، أنا عارفة ليه أتجوزته، عشان ولادي، أول ماقال هياخدهم وهيكتبهم بأسم واحدة تانية، فقدت كل قوتي، وأول ماأخدهم من الملجأ وقالو ليا ياماما، كان قلبي هيطلع من مكانها، حسيت بقلبي هيقف من الفرحة، سالت دموعها على وجنتيها دون أن تشعر، لما سمعت كلمة ماما نسيت كل حاجة، كل حزن وألم عيشته...

ضمتها ضحى وربتت على رأسها بخفة، وقالت بنبرة رقيقة: أنتي نصحتيني كتير يازهرة، وأنا شايفة نفسي في وضع لزم أنصحك فيه، طبعا مفيش عذر لغلطته معاكي دي جريمة، أنا بكرهه أكتر منك بسبب اللي عمله معاكي، لكن بصراحة في غيرك وفي نفس وضعك هما اللي بيحاولو يثبتو نسب ولادهم للأب، أما هو العكس هو اللي عايز ثيبت ولاده ليه، وأنا شايفه دي حاجة كويسة فيه، هو بجوازه منك بيقدملك فرصة العمر، ولادك هيبقا ليهم أب وأم وهيكبرو في حضنك، خلاص يازهرة، أنسي الحادثة، أنسي الماضي، أنسي أنه جوزك، عيشي الحاضر مع ولادك وبس...

مسحت دموعها وتنهدت بألم: وده اللي ناوية أعمله، هنسى عشان خاطرهم وهستحمل، ماأنا ياما أستحملت...
سألت ضحى: ناوية تعملي أيه دلوقتي؟
ردت زهرة: قولي هو اللي ناوي يعمل أيه؟
_ وهو ناوي يعمل أيه؟

_ مش عارفة لسه، الصدمات منه عاملة زي المفاجأت، زي جوازي منه اللي حصل في غمضة عين ثم ضحكت بألم، وبعدين ولادي اللي أخدهم من مدام ليلي بكل سهولة ومن غير أجراءات، وبيقولي أنسي زهرة دي وأرجعي لحقيقتك...
هتفت ضحى بموافقة: أخيرااا يازهرة، هتشيلي تنكرك ده...
نظرت لها نظرة غريبة: هو أنتي كل ركزت فيه أني هشيل وشي المزيف...
قالت ضحى بلهجة رقيقة: هو أنتي مبسوطة بنفسك كده...
_أيوه مبسوطة وأتاقلمت علي شكل ده لحد ماتعودت عليه...

_ أنا بقا مكنتش مبسوطة ليكي، وكنت بقول ده البديل الوحيد قصادك أنك تبقي مجهولة عشان تقدري تعيشي بين الناس من غير ماحد يتعرض ليكي أو يطمع فيكي، عشان تقدري تاخدي بالك من أمك الله يرحمها، بس دلوقتي كل الاسباب دي أنتهت وتقدري تعيشي بشكلك الحقيقي من غير العذاب اللي بتتعذبيه كل يوم لما تخرجي للناس، لازم البروكة واللينسز والفاونديشن اللي بتستعمليه اللي مداري على لون بشرتك، لو رجعتي لحقيقتك هترتاحي من كل التعقيد اللي بتعمليه في نفسك كل يوم، يازهرة أتكلي على الله وعيشي حياتك بقا كأن مفيش حاجة حصلت، وأذ كان عليه هو أعتبريه كأنه مش موجود قصادك، ومسير الأيام هتدواي جرحك
أنسي عشان تقدري تعيشي...

هزت رأسها باستسلام لمصيرها المقدر والمكتوب: أن شاء الله ياضحى، وأهلك ياضحى هقولهم أيه لما أختفي فجأة من حياتهم وفرحك وهو مستنيني تحت مع الولاد في العربية، أول ماخطي برجلي جوا العربية هتكون دي نهاية زهرة اللي شايفها قصادك...
فكرت ضحى للحظات ثم قالت: في موضوع كنت مخبياه عنك، وجاه وقته
سألت زهرة: موضوع أيه اللي كنت مخبياه عني
ضحى بهدوء: بابا باع البيت، وكنا هنعزل لشقة تانية، بس عشان جوازي اللي جاه بسرعة، أجلو العزال لبعد فرحي...

نظرت له زهرة بصدمة: كنتو هتمشو من غير ماتقوليلي...
ردت بلهجة أسف: كنت هقولك، بس قولت بعدين ظروفك مكنتش تسمح لصدمة تانية، كنت والله هقولك...
_ من غير حلفان ياضحى مصدقه...
_ موضوع أهلي وأتحل هما مشغولين في جوازي، ومش هيلاحظو وجودك في البيت، وأنا هبقا أقولهم أي حاجة، ممكن أقولهم أنك طلعلك أهل من بعيد ورحتي تعيشي معاهم بعد مابقيتي وحيدة، وأنتي اللي عليكي تبقي تتصلي بيهم توديعهم وتقوليلهم الكلمتين دول، أما أنا أمري سهل...

_ أزاي بقا سهل، أنتي أكتر من أخت ليا وكان نفسي أبقا معاكي في كل حاجة...
_يااختي أنا مسامحة، كفاية عليا أنك حتحضري الفرح ولبسه فستان شيك وبشكلك الحقيقي، مش شكلك ده اللي كان هيعرني في الفرح، أهو لقيت ميزة في أم الجوازة دي، وضحكت
وكزتها زهرة في صدرها بعنف وقالت: أنا بردو شكلي عرة...

ردت بابستامة خفيفة: أومال شكلك ده أيه، ده أنا بحمد ربنا أني هترحم منه أخيرا بعد سنوات من عذاب التشوه البصري اللي جرالي بسببك، وفكي التكشيرة دي من على وشك، هااا فكي بدل ماالغي جوزاتي من كيمو العسل، كيوووت وراجل أوي وحنيين أوي
صاحت زهرة في وجهها: فووووقي، وبالله عليكي أحلمي بيه في وقت تاني مش ناقصة فقعت مرارة أنا فيا اللي مكفيني...
ضحى بضحك: ياااه عليكي يازهرة قطعتي أفكاري...

نهضت من مكانها: أنا همشي بقا عشان أتأخرت عليهم، وهسيبكم مع أحلامك
قامت هي الأخرى وضمت زهرة وقالت لها بحب: ربنا معاكي يازهرة ويقويكي على الأيام اللي جاية...
همست بدعاء: يارب ياضحى، أنا مش عارفة أحوالي هتكون أيه...
_ كل خير يازهرة، بقولك يازهرة لما تخرجي تبقي تمهدي لماما على موضوع أهلك اللي هتعيشي معاهم، عشان لما أكلمها بعدين يكون عندهم خبر..

هزت رأسها في صمت ثم فتحت باب الغرفة ودلفت الى الخارج، نادى على أم ضحى...
خرجت أمينة من المطبخ وقالت: نعم يازهرة كنتي عايزه حاجة
ردت بابتسامة خفيفة: أيوه ياطنط، كنت عايزه أقولك هسيب الشقة..
أمينة بخضة: ليه يابنتي في حد ضايقك...

ردت نافية: لأ مفيش حد، بس طلعي قرايب من ناحية ماما الله يرحمها، لما عرفو بخبر موتها، صممو أسافر وأروح أعيش معاهم بورسعيد...
_وهتمشي أمتى
_ معرفش أمتى بالظبط، بس خلال يومين بالكتير...
_ طب وفرح ضحى...

_ غصب عني ياطنط، أنا ماصدقت حد من قرايبي يظهر ليا بدل مانا مقطوعة من شجرة، الاهل عزوة، أنا قولت لضحى وهنكون علطول على أتصال مع بعض...
_ عندك حق يازهرة الاهل عزوة...
_ هتوحشوني أوي لما أسافر
أمينة ضمت زهرة وقالت بحنية: وأنتي كمان يازهرة...

أغلقت زهرة الباب خلفها، أغلقت صفحة كانت مؤلمة في حياتها...
أتجهت الى السيارة، فتحت الباب وفتحت صفحة جديدة من حياتها بهوية جديدة، القت نفسها على الكرسي وبمجرد أغلاقها الباب، أشار أكنان في صمت للسائق بالأنطلاق...
وبعد فترة من القيادة توقفت السيارة.. أمام أحدى المولات...

أكنان بهدوء: يلا بينا ندخل المول
وليد وأياد في نفس واحد: في لعب جوا
رد عليهم بابتسامة: في جوا حاجات حلوة كتير...
نظرت الى سعادة أطفالها وأبتسمت لهم، ثم تحركت مع أطفالها الي داخل المول ممسكة بأيديهم برقة، ترك وليد وأياد يدها بمجرد دخولهم، وأخذو يركضون هنا وهناك بمرح...

قالت بهمس: أومال فين الناس
رد بلهجة هادئة: أنا فضيت المكان عشان لما نيجي تعرفو تاخدو راحتكم فيه...
زمت شفتيها بعبوس: وسهلة أنك تفضي مول بالحجم ده في الوقت القصير ده...
رد بلهجة هادئة: سهلة عشان أنا صاحب المول...
هزت رأسها بضيق وتمتمت: أه
ترك الصغار برفقة أحد الحراس يلعبون، وأشار الى زهرة لكي تأتي معه...
وقفت مبهوتة أمام واجهة المحل.. قالت بتردد: وقفنا هنا ليه؟
_ أختاري اللي أنتي عايزه..

_ وأنا مش عايزه منك حاجة
_ وقت الكلام ده فات، أحنا أتجوزنا وأنتي وافقتي هتغيري شكلك ده عشان لما تظهري للكل بشخصيتك الجديدة...
دخلت الى الداخل مضطرة وأختارت ماتريد وعند الانتهاء...
قال أكنان بابتسامة هادئة: يلا بينا
ردت زهرة بسخرية: يلا بينا فين تاني...

تجاهل سخريتها وقال: مركز التجميل، عشان تشيلي كل اللي في وشك ده، وذهب بها الى مركز التجميل وكانت منتظره قدومهم مدام جيجي...
جيجي بابتسامة مرحبة: أهلا بيك أكنان بيه...
أكنان بلهجة عملية: هسيب ليكي زهرة هتقولك على كل اللي هي عايزه...
جيجي بابتسامة: أتفضلي على الكرسي هنا...

تلاعبت يدي جيجي الماهرة في شعرها وأرجعته الى طبيعتها، ثم أنتقلت الى بشرتها، وفي خلال ساعتين أنتهت، نظرت زهرة الى نفسها في المرأة، فلم تصدق مارأت، القناع أختفى، قسمات وجهها كماهي لكنها أصبحت أجمل بكثير عن وهي مراهقة...
هتفت جيجي بذهول: واووو مش مصدقة نفسي، أنتي بقيتي حاجة تانية خالص، هو أنتي كنتي عاملة في نفسك كده ليه...

ردت زهرة بابتسامة خافتة: أصلي كنت في حفلة تنكرية
جيجي بعدم تصديق: حفلة
زهرة بالامبلاة: أيوه حفلة، ثم تركتها وغادرت مركز التجميل...

بحثت عنهم في الخارج لم تجدهم، لكن سمعت صوت ضحكاتهم، أتجهت مسرعة ناحية المصدر، في ملهى الأطفال، كانو يجلسون جميعا فوق الأرجوحة، كانت تدور، وكلما دارت أسرع تعالت أصوات ضحكاتهم، والبسمة تزيين وجوههم، نظراتها تتبعت كل بسمة، كل حركة من أطفالها، لمعت عينيها بالدموع، وحدثت نفسها بأنها فعلت الصواب...

ثم فجأة نظر، ليجد زهرة واقفة على بعد عدة أمتار، لم يصدق عينيه، كانت رائعة، أضاء وجهها نورا زاد جمالها سحرا...
حاول التحكم في أنفاسه المضطربة وعندما توقفت الارجوحة عند الدوران، قد أستعاد تنفسه الطبيعي...
أكنان قال: يلا بينا عشان نروح
كلا الطفلين هز رأسهم برفض قائلين: عايزين نلعب تاني
أكنان بلهجة حازمة: أوعدكم هتيجو هنا تاني، بس دلوقتي هنروح...

أكنان قال بابستامة: يلا بينا بقا على البيت...
عندما حاولت زهرة أمساك يديهم، هتف وليد وأياد: مين دي؟
أبتسم أكنان قائلا: زهرة، ماما
نظرو لها ذهول وقامو بفرك عيونهم: بجد، دي بقت حلوة أوي...
تصنعت الحزن ثم قالت: هو أنا كنت وحشة الأول..
أياد بلهجة طفولية صادقة: أه
_ أنا كده أزعل منك ياأياد
_ وحشة بس بحبك..

أبتسمت على رده البريء: خلاص مش زعلانة، طب وبشكلي ده؟
وليد وأياد في وقت واحد: هنحبك أكتر...
أتسعت أبتسامتها وقالت: باين عليكم هتبقو أشقية لما تكبرو...
ذهب بيهم الى فيلته الخاصة...
في الداخل، الاطفال بمرح: أحنا هنعيش هنا..

هز رأٍسه بخفة: أيوه، وأشار للخادمة، ثم قال: طلعيهم على أوضتهم، يلا ياحبابيي أطلعو شوفو أوضتكم الجديدة...
وعندما ذهبا، نظر الى زهرة التي ظلت واقفة صامته في مكانها، عينيها تتبع أختفاء صغارها...

حاول أخفاء مشاعره لكي لا يخفيها، يكفيه حتى الأن وجودها بالقرب منه، قال لها بلهجة رقيقة: الفيلا دي بتاعتك أنتي والولاد، أنا فيها مجرد ضيف، كل يوم طبعا هجي أقعد مع الولاد شوية وهمشي، المكان هنا في كل حاجة، في خدم وحرس، مش حتحتاجي حاجة خالص، أنا هظبط أموري، وكل الاجراءات بخصوص الولاد، هطلع ليهم شهادات الميلاد، وهشوف ليهم مدرسة، ولما تستقرو هنا وياخدو على الوضع وياخدو علينا، هعطلع أقول للكل عليكم، وأننا أتعرفنا زمان وبعدين أنفصلنا وأنتي كنتي مسافرة وبعدين رجعنا لبعض، وأسم زهرة ده أنسيه، أنا من يوم ورايح هناديكي يازوزو..

همست زهرة بسخرية: في حاجة تاني..
رد أكنان بثبات: لا مفيش، أنا ماشي وأحتمال مجيش بكرا عشان مسافر...
ثم تركها وأستدار مغادرا، تاركا أياها تواجه حياتها الجديدة...

شعرت صفية أنها السبب فيما يحدث لأبنها، وأن السحر أنقلب عليها، ذهبت الي الشيخ فرحات لكي تفك السحر عن زوجته لعل وعسى الله يغفر لها، لكن لم تجده فلقد سافر أحدى البلاد العربية، حاولت الأتصال بيبسان العديد من المرات لكي تأتي لرؤية زاهر، لكنها رفضت المجيء...

صفية بغضب والدموع تنهال على وجنتيها: أنتي السبب، أنتي اللي دلتيني على طريق الشيخ ده، أعمل أيه دلوقتي بعد ماسافر ومعرفش طريقه فين، أفك السحر عن مراته أزاي
سعدة بارتباك: معرفش، طب خليها تيجي هنا، ونخلي أي شيخ يريقها، ويفك السحر عنها..

صفيه ببكاء: هي مش عايزه تيجي، ماهي بس لو جيت، هجيب ليها شيخ من اللي بيفكو السحر، يفك السحر اللي عملته ليها، كل جاه على أبني، أاااه يابني، أاااه ياحته من قلبي، وقامت باللطم على صدرها، أاااه يابني، أنا السبب
قالت سعدة بتوتر: هيقوم ياستي ويخف
نظرت لها صفية بعضب: مش عايزه أشوف وشك خالص قصادي، أطلعي برااااا
هرولت سعدة الى الخارج بسرعة...

ذهب كريم لمقابلة بيسان عندما علم من أكنان ماحدث لزاهر، وتصميم بيسان على البقاء بعيدة عنه...
في داخل غرفتها...
كريم باستفسار: ممكن أعرف أيه اللي حصل معاكي يابيسان، مش ده زاهر اللي كنتي هتموتي عليه عشان تتجوزيه، أزاي تسيبيه لوحده في المستشفى من غير ماتكوني معاه...

بيسان بحدة: هو مال الكل عليا ليه، هااا، أنا مش عايزه أقعد هناك، لمعت عينيها بالدموع وهي تتكلم، ليه الكل مغلطني، أنا بتخنق هناك، بحس أني بموت، ولسه بتخنتق، أنا تعبت ياكريم أنا حسه أني بموت بالبطيء، وأخذت تصيح بانفعال، تعبت، تعبت
كريم بلهجة يشوبها القلق: طب أهدي، يابيسان...

بيسان بصياح والدموع تنهمر من عينيها: أنا تعبت، وأمشي من هنا..
كريم أنصدم من رؤيتها هكذا، ثم خرج مسرعا من غرفته لكي يتصل بالطبيب، بمجرد خروجه رأى جيلان أمامه
جيلان بقلق: هي طردتك أنت كمان...
كريم بسؤال: هي بتعمل كده مع الكل..

هزت جيلان رأسها في صمت: وحتى مع باباها طردته، من اليوم اللي جيت فيه وهي حبسه نفسها في أوضتها ومش بتخرج منها، لو حد داخل ليه تصرخ في وشه وتعيط، حاولت أنا وباباها نخرجها من أوضتها معرفناش
_ الوضع ده ميتسكتش عليه...
_ أنا حاولنا معاها كتير اليومين اللي فاتو وفاشلنا
_ أنا هتصل بالدكتور عزت يجي يكشف عليها
_ أتصل ونعرف منه ايه اللي عندها.

بعد مرور بعض الوقت وهو يحاول أقناعها بضرورة الكشف
بيسان بضيق: هتسكت وهتمشي لو وافقت يكشف
كريم بابستامة متوترة: أيوه وهمشي علطول
هزت رأسها بيأس: خلاص خليه يدخل
هتف كريم من مكانه: أدخل يامعتز...

قام معتز بالكشف عليها وعندما أنتهى قال بهمس لكريم: أنا كشفت عليها معندهاش أي حاجة عضوية، مفيش أي حاجة، بس هي في منتهى العصبية والتوتر، محتاجة تخرج وتغير جو، ولو الوضع ده أستمر كتير ومش أتحسنت يبقا محتاجة تروحو بيها عند دكتور أعصاب يديها حاجة مهدئة تريحلها أعصابها...
تمتم كريم: هنشوف بس هي توافق الاول، شكرااا يامعتز...

جيلان سألته كريم بمجرد خروجه من الغرفة: مالها ياكريم
_ معتز قال معندهاش أي حاجة عضوية، والموضوع في الاساس نفسي ومحتاجة تغير جو، حاولي تقنعيها على أد ماتقدري ياجوجو تخليها تخرج...
_ ححاول ياكريم...

مرت الأيام سريعا، بالنسبة لضحى كانت مليئة بالمشاوير التي لا تنتهي، فكريم قام بشراء فيلا لهم، لكي يعيشون فيها خلال الفترة التي يتواجدون بها في بمصر، وكانت الفيلا تقوم بتجهيزها على ذوقها، وزهرة تتصل بيها يوميا لمعرفة أخر تطورات الزفاف...

، زهرة كانت تتجاهل أكنان بمجرد وصوله إلى الفيلا تختفي تماما من أمامه، هو لم يحاول اجبارها على اي شيء.. يريد أن تتعود على وجوده أولا، مع الوقت سيكون كواقع بالنسبة لها
وكان دائم الانتقال بين الإسكندرية وأسوان للأطمئنان على زاهر الذي مازال في غيبوبته حتى الأن، حاول اقناع أخته كثيرا لكي تسافر معاه لكنها كانت تقابل سؤاله بالرفض التام
وبيسان مازالت منطوية في غرفتها بالرغم من توسلان جيلان ووالدها لها، ونادرا ماتخرج للجلوس في حديقة الفيلا...

يوم الزفاف
طرقة على الباب أجفلتها من شروها، فقالت بوهن: مين؟
أتاها من الخارج صوت كريم: أنا
هتفت بيسان: ادخل ياكريم
كريم بابتسامه: انتي عارفة ان النهاردة فرحي وسمعت إشاعة انك مش هتروح...
بيسان بصوت حزين: أنا تعبانة بجد ياكريم، معلش مش عايزاك تزعل مني عشان مش هروح، أنا لو روحت الفرح هكون كئيبة، وكمان بص لشكلي هروح أزاي بالمنظر ده...

كريم بابتسامة هادئة: أنا عملت حساب كل حاجة، وجبت معايا فستان ليكي على ذوقي...
قابلت الحاحه بالرفض التام، قالت بحزن لرفضها: معلش ياكريم بلاش تضغط عليا، ومش عايزاك تزعل مني
قال بلهجة قلقة وهو يرى شحوب وجهها ونحول جسدها: عمري ماهزعل منك، بس اوعديني انك تروحي تكشفي على نفسك وانا مش هزعل
قالت بابتسامة لاحياة فيها: حاضر ياكريم هروح اكشف..

_وعد
_وعد ياكريم
ثم انصرف كريم مغادرا وقال لنجم وجيلان: مش عايزه تخرج، بس وافقت انها تكشف...
نجم بقلق: من بكرا هاخدها المستشفى بنفسي

أمينة بدعاء: كن يالله مع بنتي، وأفتح ليها أبواب الخير..
طرق باب غرفتها ودخل حسام: يلا هتأخرينا ياحاجة، بابا مستني تحت وكمان العربية وصلت تحت هتوصلنا على القاعة
أبتسمت وقالت: أنا جاهزة...

في قاعة الفرح، كان الجميع سعيد، كانت زهرة متواجدة بصفتها زوجة أكنان نجم، أندهش الجميع من وجود زوجة له وقد ظهرت من العدم في يوم وليلة، حاول كريم سؤاله عنها، لكنه حاوره في الكلام ولم يأخذ منه جملة مفيدة، نجم وجيلان أنصدمو من وجود زوجة له، ومن حاول سؤاله عن أي شيء كان غامض في أجابته، فالوقت لم يحن حتى الأن للأعلان الرسمي، نيروز والدة كريم كانت حاضرة في أبهى زينتها اما والده لم يحضر مدعيا أنشغاله...

الفرح كان جميلا كالحلم الوردي، كريم أهتم بكل التفاصيل، كان عروسين في منتهى السعادة، بعدها بساعات أنصرفا من القاعة، وفي داخل الفيلا، تنفست ضحى براحة وقالت له: الكعب العالي هيموتني
نظر لها ببتسامة متلاعبة: أوعي تكوني عايزاني أشيلك زي الأفلام لحد أوضة النوم، ده أنتي بتحلمي لو فكرتي أني ممكن أعملها وأشيلك، أخاف على العمود الفقري في ليلة زي دي، تبقا نكسة لو جراله حاجة...

ضحكت بصوت مرتفع: كل ده عشان قولت رجلي واجعني، أومال لو قولتلك شيلني، هتعمل أيه؟
شاركها الضحك ثم قال: أنتي بس قوليلي شيلني وأنا أمري لله هشيل، هو أنا أطول أشيل، بس مقولتيلش هو الوزن كام عشان أطمن على العمود الفقري يطلع سليم...
دفعته بكف يديها برفق في صدره وقالت معاتبة وهي تضحك: فين الجنتلة والتربية الامريكاني، في حد يسأل بنت كيوت زيي وفي ليلة فرحها عن وزنها، سؤال الوزن هنا في رقاب بتطير...

وضع يده على رقبته مدعي الخوف: أااه يارقبتي، خلاص متزعليش وسؤال الوزن وساحبته، هااا لسه عايزاني أشيلك زي الأفلام...
هزت رأسها على أستيحاء وهمست بخجل: أيوه
حملها على ذراعيه، ودخل بها الى غرفة النوم، أبتسمت له فقد تحققت أمنية أن يحملها زوجها وحبيبها في ليلة عرسها، بمجرد فتحه باب الغرفة، شهقت في سعادة، فالغرفة مزينة كما كانت تحلم، الفراش عليه وريقات الورود الحمراء على هيئة قلب وأرضية الغرفة أيضا مغطاة بالورد والشمع المعطر يضيء الغرفة برومانسية حالمة...

سألها بترقب: عاجبتك زينة الأوضة...
قبلته بخجل على خده وقالت له: طبعا عاجبتني، كأنك قريت كل اللي نفسي فيه يوم فرحي، وضحكت بخفة، معظم اللي كنت بحلم بيه أتحقق...
سأل بفضول: وباقي الأحلام
همست بضحك: هتعرفهم بعدين، نزلني بقا
أبتسم وقال لها: لسه، أقترب من الفراش ثم أجلسها على مقدمته، وأرتكز على كلتا ركبتيه، وأخذ يتأمل ملامح وجهها بحب..

بصوت مبحوح من شدة خجلها: أنت هتعمل أيه
غمز لها والابتسامة تزين وجهه الوسيم: طبعا هقعلك الجزمة اللي وجعة رجلك، أومال كنتي فاكراني هعمل أيه، أاااه من بنات اليومين دول اللي دماغهم بتروح شمال...
دفعته في كتفه وهتفت بارتباك: كريم بطل
قال بابتسامة: حاضر ياقلب كريم، ممكن خمس دقايق من وقتك الثمين عشان أقلعك الجزمة...

هربت ضحكة خافتة من بين شفتيها: خمس دقايق، ليه كل ده؟
غمز لها بمكر: بلاش السؤال ده.. ثواني وهتعرفي ليه الخمس دقايق، أحنى رأسه وفي ثواني نزع الحذاء، ثم رفع رأسه وقال بابتسامة: تمت المهمة بنجاح
أبتسمت له بخجل: على فكرة أنت ضحكت عليا وقلعتني الجزمة بسرعة...
رفع أحدى حاجبيه وأبتسم له: دماغك بقت على فكرة شمال...

قالت بعتاب: هزعل ولوحت بأبهامها تجاه وجهه، هزعل منك...
قضم أصبعها بخفة، وهمس بحب: وأنا مقدرش على زعلك
همست ضحى بنعومة: وأنا كمان، هدخل الحمام هغير فيه الفستان...
_ روحي وأنا هستنا هنا...
دخلت الى الحمام وأبدلت ملابسها وعندما خرجت وجدته جالس على الفراش، أشار لها بالاقتراب، جلست بالقرب منه في صمت، كانت في يديه فرشاة الشعر..

قالت بخجل: هتعمل أيه
رد بابتسامة عذبة: هسرحلك شعرك، وراح يتأملها بحب
أحنت رأسها فلم تقدر على مواجهة نظراته، وهو يمشط شعرها أغدقها بكلمات الحب والغزل التي جعلت قلبها يدق بسعادة هائلة لم تشعر بها قبل الأن، أرتعش قلبها بخجل وهي تسمع كلماته، رفع يديها وقبل باطن كفها، رفع رأسها وأطال النظر داخل عينيها وهمس برقة: أنتي فيكي شيء مميز مخليني مشدود ليكي قوي، لدرجة أني مش قادر أقاومك أكتر من كده، أخذ ينظر لها كأنها أجمل شيء رأته عينيه، أجمل نساء الكون...

أحست ضحى بفرحة غامرة وهي تراه ينظر لها كأنها شيء ثمين بالنسبة له...
أحتضنه برقة، أرتعشت بين يديه، فسألها بقلق: مالك ياضحى، في حاجة تعباكي...
ردت عليه بلهجة متوترة خجلة: لا مش تعبانة..
قال برقة: أنتي خفتي مني..

أجابتها برفض: لا طبعا، بس أي عروسة طبيعي بتبقى قلقانة في اليوم ده...
نظر طويلا داخل عينيها بحب: بس لو الاتنين بيحبو بعض يبقا مفيش داعي للقلق، وأنا بعشقك
أبتسمت له بخجل ثم همست: أنا أسعد أنسانة عشان أتجوزتك...
ضمها اليه بحب وطبع قبلة رقيقة على جبينها، وزاد من أحتضانه لها...

أسدل الليل ستاره على العشاق، الا من ضوء القمر يزيد بهاء ليلتهم جمالا، حتى أصبحت زوجة الرجل الذي عشقته بكل جوارحها...
في الصباح أستيقظ على رنين الهاتف المتواصل، نظر الى رقم المتصل وعقد حاجبيه بعبوس، نظر له فوجدها لازالت نائمة، فنهض من فوق الفراش بخفة وأتجه الى الشرفة للتحدث لكي لا يقلقها في نومها...

أستيقظت ضحى بمجرد تركه الفراش، أسندت رأسها على الوسادة ونظرت باتجاه الشرفة وهي تبتسم بسعادة، كريم كان في منتهى الرقة وتفهم خجلها وتعامل معاها بلطف
فاقت من شرودها مفزوعة على صوت صياحه: وده حصل أزاي...
دخل الى الشرفة مسرعا، فسألته بقلق: في إيه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة