قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الخامس والعشرون

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الخامس والعشرون

ركب سيارته بجوارها صامتاً وهي تراقبه بنظراتها والصمت سيد المكان، قاد بها في طريق جديد فسألته بهدوء قائلة:
- احنا رايحين فين ؟؟.
أجابها دون النظر لها ببرود شديد يخفي خلفه وجعه قائلاً:
- هوصلك المستشفي مش ورديتك هتبدأ كمان ساعة.

مسكت يده بيدها الصغيرة برفق ثم هتفت بعفوية قائلة:
- بس أنا مش هروح النهاردة لسه راجعين الصبح من سفر وتعبانة.
أوقف سيارته فجأة ثم نظر لها بلهفة وخوف عليها و قال:
- تعبانة في حاجة بتوجعك.

نظرت للهفته عليها وخوفه ثم قالت مُردفة:
- تعبانة لتعبك عارفة ومتأكدة آنك محتاجني دلوقتي أكثر من أي وقت تاني، مينفعش أسيبك وأروح الشغل أنت عارف آنك عندي أغلي من الشغل ومن العلميات وكل حاجة.
صمت ولم يعقب علي حديثها وقاد سيارته للبيت صامتاً...

وقف سلمي أمام المرآة تتجهز لتذهب للمستشفي وترفع شعرها ذيل حصان وتذكرت حديثه ( علي طول شايفها دكر في لبس الدكتور ولمه شعرها علي طول... )
تركت شعرها ينسدل علي كتفيها وذهبت للدولاب وأحضرت جميع ملابسها ووقفت أمام المرآة تجربهم بحيرة وبعد وقت طويل ما يقرب لساعة أستقرت علي طقم وفتحت درجها أخرجت منه أحمر الشفاه ووضعت منه وبعض الكحل والماسكرة وأبتسمت في المرآة علي ذاتها وذهبت...

دلفت سلمي آلي غرفتها بالمستشفي وصدم حين ظهر حسن وحاصرها في الباب بذراعيه، شهقت بقوة من الدهشة ووجوده ونظرت لعيناه، تفحصها بدهشة. من مظهرها وهي ترتدي تنورة قصيرة تصل لركبتها ذات اللون الأسود وعليها قميص حريمي بكم وبه أسورة من المعصم لونه أحمر مُرتدية عليهم البلطو يحميها من البرد القارس وبه فور كثير حول رقبتها من الخلف يجعلها تشبه الأطفال به وشعرها مسدول علي الجانبين يداعب وجنتها ماسكة بيدها حقيبة متوسطة الحجم وبقدميها هاف بوت أسود بكعب عالي وتضع بعض مساحيق التجميل، خجلت من نظراته وهو يتفحصها من القدم للرأس بدقة ثم هتف وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف قائلاً:
- فين سلمي ؟؟.

أرتبكت من سؤاله وكادت آن تذهب لكنه عادها بذراعه لحصاره مجدداً وهو يهتف بجدية قائلاً:
- منكرش آنك زي القمر بس إيه رجلك العريانه دي مش سقعانة ولا مالكيش راجل يحكمك.
أبتسمت له ببراءة مصطنعة وقالت بأستفزاز قاصده أغاظته:
- فعلاً مش لاقيه راجل يحكمني وبعدين أنت مالك ومال رجلي حاجة عجيبه والله.

- نهارك أسود وأنا آيه يابت مش كل شوية أتجوزني ياحسن اتجوزني ياحسونة، يخربيتك وازاي تطلعي من البيت بالميكاج ده وحاطلي روج كمان
قالها بغضب شديد فضحكت عليه وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها ثم أردفت بكذب مصطنع لأغاظته أكثر قائلة:
- لا تتجوزني ايه خلاص آنا لاقيت عريس تاني، امال آنا عاملة كل ده ليه هقبله كمان ساعتين، شكلي حلو ياحسونة هعجبه.

عض شفتاه السفلي بغيظ وغيرة تلتهبه ثم أخرج منديل من جيبه ومسك فكك وجهها بقوة ثم مسح لها الروج بأنفعال كأنه يلتهم شفتيها بيده وهي تصرخ به، ألقي المنديل علي الأرض بغضب وأقترب خطوة أكثر وهو يلمم شعرها المسدول بغيظ، صرخت به بأنفعال شديد:
- أنت بتعمل إيه ياحسن بوظت كل حاجة.

أبتعد عنها ودفعها بعيداً عن الباب لكي يخرج، فتح الباب ونظر لها بغيرة وقال بتهديد مُحذراً لها:
- شكلك معفن ومتلبسيش كدة تاني انتي فاهمة وغيري هدومك بسرعة اياكي تخرجي بالقرف ده قدام الناس، واياكي تجيبي سيرة العريس ولا راجل تاني علي لسانك.
ذهب وهو يغلق الباب بقوة، ضحكت عليه بخجل وفتحت الدولاب أخرجت زي المستشفي بسعادة...

كان نائماً علي سريره صامتاً ينظر للسقف فدلفت دموع للغرفة وقالت بخفوت:
- إلياس مش هتتعشي.
جلس على السرير ثم تتنهد بقوة وقال:
- كلي أنتي يادموع واخرجي وسيبني لوحدي.
أقتربت منه بهدوء حتي وصلت أمامه وأربتت علي كتفه بحنان، رفع نظره لها بضعف وقالت بصوت مبحوح:
- قولتلك أخرجي.

- مقدرش أسيبك لوحدك
قالتها بخفوت شديد وهي تملك وجهه بين كفيها الصغار، أزدرد لعوبه الجاف بصمت ثم قال بتهكم:
- أخرجي أنا عايز أكون لوحدي.
فأجابته بلطف ونبرة دافئة قائلة:
- بس أنت قولت آن آنا أنت يعني نفسك، مقدرش أسيبك لوحدك.
مسك يدها بيده بقوة ثم أردف بضعف أكبر في نبرته وعيناه قائلاً:
- أخرجي لأني لو فضلت ماسك الأيد دي مش هسيبها.

جلست بجواره برفقه ومسكت رأسه بيديها ثم جذبته لصدرها وهي تربت علي ظهره بحنان، شعرت بيده تتشبث بخصرها بقوة وكأنه يخشى تركها فتهرب منه، ظلت بجواره تمسح على رأسه وهو نائم علي قدميها هادي كطفل صغير، هتفت بخفوت شديد قائلة:
- حبيبي أنت قسيت أوي عليهم.

أجابها وهو مغمض العينين ويضع يدها اليمني فوق قلبه قائلاً:
- وهم يا دموع مقسيوش علينا، موجعونيش لما طلعوا شهادة وفاة ليا بسهولة وازاي قدروا يحرموني منك كل السنين دي وهم شايفني مكسور قدامهم من غيرك حتي شغلي قربت أخسره من كتر الاخطاء مفيش مرة صعبت عليهم فيها عشان يقولولي انك عايشة ويرجعوكي ليا.

انهمرت دموعه علي وجنته فشعر بيدها الأخري تمسحهم له بحنان فقده من أمه منذ زمن بعيد ودفء قلب عاشق يتألم لرؤية دموع حبيبه...
هتفت ببراءة وحنان قائلة:
- بس دول امك وأبوك ياحبيبي مهما عملوا ومهما قالوا هم آمك وأبوك وما عليك إلا طاعتهم.

أدار جسده يستلقي علي ظهره ثم رفع نظره لها بعيون لوثتها الدموع والحزن قائلة:
- عشان أهلي يحق لهم اللي عملوا مفيش اهل بيرضوا بعذاب ابنهم.

تتنهدت بقوة من أعماق صدرها ثم قالت بحزن عميق:
- عارف يا إلياس آنا ليه بأجل فرحنا ودخلتنا عشان مش هلاقي اب ولا ام ولا حتي أخ ولا خال يديني ليك ويوصيك عليا زي كل البنات، عشان لما أصحي تاني يوم مش هلاقي ماما جايه تزورني وتقولي صباحية مباركة زي كل العرايس ولا حتي أخت او خالة، عشان نفسي ماما تكون معايا في يوم زي ده وخايفة يجي عشان عارفة ومتأكدة اني هكون لوحدي فيه مينفعش لما يجي كمان تكون لوحدك زي وأهلك موجودين.

جلس علي السرير بعد آن رأي دموعها تنهمر وهي تحدثه عن فقدها لأمها، وهتف بخفوت حنون وهو يمسح دموعها بأنامله قائلاً:
- خلاص متعيطيش ياقلبي آنا معاكي أهو وعمري ما هسيبك أبدآ وماما موجودة هتيجي وتقولك صباحية مباركة وهتوصيني عليكي متقلقيش وهجيب حسن كمان بس وحياتي متنزليش دموعك دي بحس أني مش راجل ومستاهلكش لما بشوفهم.

هتفت ببراءة وسعادة تغمرها قائلة:
- يعني هتصالح طنط وعمه بكره صح.

أشار إليها بنعم وهو يضع يديه علي عنقها من الجانبين ثم وضع قبلة علي جبينها بلطف فأبتسمت له وهي تتشبث بذراعيه فنظر لعيناها بدفء وضربات قلبه لم تتوقف وهلة واحدة عن قوتها مادامت صغيرته أمامه ثم نزل بنظره لشفتيها وفعلت المثل هي الأخرى أقترب منها وهو يجذب رأسها نحوه بهدوء وهي مُتشبثة بذراعيه وتلامست أنفهما معا وقبل آن يضع قبلته أوقفه رنين هاتفها فأشاحت نظرها بخجل عنه وأبعدت يده عنها وهي تلتقط الهاتف بيدها ورأت أسم أثيــر ...

- عندها نزيف داخلي لازم تدخل جراحي فورآ
قالها الطبيب لــ حبيب وأبنته فسأله على بهدوء وهو يحاوط أكتاف زوجته المريضة بيديه:
- مفيش خطورة عليها.
أجابه الطبيب بهدوء شديد قائلاً:
- لحد ما نفتح مفيش أي خطورة لأن إحنا مش قادرين نحدد السبب كل الإشاعات مش هنقدر نستخدمها بسبب النزيف.

- ماشي نعمل العملية المهم هي تكون بخير وتقوم بالسلامة
قالها حبيب بتهكم وتعب وهي يتكئ على عكازه، نظر الطبيب أرضاً بأسف وقال:
- هنضطر نستني للصبح لأن مفيش جراح في المستشفى حالياً .

- آنا هعملها
أتاءهم صوتها من الخلف، أستداروا جميعاً ورأوها تقف بجواره وهو يمسك يدها وعلى ملامحه الصدمة من حديث الطبيب، أقتربوا منهم فنظر حبيب لها بغيظ ثم للطبيب وقال:
- الجراح هيجي أمتي الصبح.

- 9 الصبح بيكون هنا
قالها الطبيب وهو ينظر لـ دموع تلك الشابة آلتي لا يعرفها، أعطته دموع كارنيهها الخاص بالمستشفى بمعني أن لها الحق في أجراء الجراحة وقال برسمية:
- ياريت تجهزوا غرفة العمليات وهتعب حضرتك حد يوريني مكتبي.
مرت من أمامه فمسك ذراعها بقوة وهو يقول:
- آنا مسمحتلكيش تعملي العملية ولا تلمسي مراتي.

- بس دموع هتعمل العملية وأنا سمحت بده
قالها إلياس بغضب شديد وهو يري آمه تصارع الموت وهو يرفض لكرهه لها.
نظرت دموع له بتحدي وثقة وقالت بلهجة حادة جدية:
- أسفة بس أنا دكتورة وقبضت تمن العملية ومادام قبضت يبقي لازم أعملها.

نزعت ذراعها من قبضته ورحلت مع الطبيب، دلف إلياس آلي أمه ورأها علي سرير المرض وعلي أنفها أنبوب التنفس الصناعي تجمعت دموعه في عيناه وهو يعلم بأنه السبب في مرضها لم تمر دقائق معدودة ودلف الممرضين وخلفهم دموع بعد أن غيرت ملابسها لزي العمليات كما رآها لأول مرة بعد 9 سنوات تيشرت وبنطلون أزرق اللون وفي قدمها حذاء طبي، مسكت يده بحنان تطمئنه بأنها ستعتني بأمه حتي لو تكلف الأمر حياتها، نظر لها بضعف فأشارت للممرضين بأخذها فحركوا سريرها والأجهزة وخرجوا، كادت أن تذهب خلفهم لكنه أغلق قبضته على يدها فنظرت له.

هتف إلياس بضعف شديد وهو ينظر لعيناها قائلاً:
- آنا مدفعتش تمن العملية.
- ثقتك فيا هي أغلي تمن ممكن تدفعه
قالتها بحب وهي تمسح دموعه بأناملها ثم أكملت حديثها بهدوء شديد:
- متخافش ياإلياس آنا هخلي بالي منها وهرجعهالك عشان في كلام كتير أنت لسه عايز تقوله ليها.

جذبت يدها من قبضته وخرجت ركضاً خلفهم وهي تربط كمامتها وطاقيتها فوق شعرها، دلفت الي غرفة التعيقم اولاً وعقمت يديها ومنها آلي غرفة العمليات تستعد لجراحتها...

وقفوا جميعاً في الخارج أمام الباب العمومي لغرف العمليات ينتظروه اي خبر يطمئنهم، جاء له مدير المستشفي علي معرفة سحطية به وهتف بحزن:
- قلبي عندك ياسيادة اللواء، أطمن خير بإذن الله.

- الجراح لسه مجاش، آنا مش هطمن علي مراتي الا مع جراح خبير
قالها حبيب وهو يجلس علي الكرسي الحديدي مُتكي علي عكازه ناظراً أرضاً، فهتف المدير بطمأنينة قائلاً:
- دكتورة دموع شاطرة برضو السي في بتاعها جاي من أسكندرية مفيهوش ملاحظة واحدة ولا حتي وفاة اي مريض عملتله عملية غير أنها حصلت علي ماجستير في الجراحة العامة وعلي حد علمي أنها بتحضر دكتوراة دلوقتي يعني متقلقش من صغر سنها.

صمت حبيب ولم يعقب علي حديثه، كان واقفاً أمام الباب مباشرة يرفض الجلوس وهو يضع كل ثقته بحبيبته الصغيرة ومهارتها لكنه يشعر بأنقباض في قلبه شديد لا يدري سببه...

أنهت سلمي يومها الروتيني في المستشفي ونزلت تقف في الطريق تنتظر سيارة تاكسي، فتوقف حسن أمامها بسيارته وفتح النافذة وأشار إليها بالركوب، ركبت بجواره فقاد بها وهو ينظر من تارة لأخري علي قدميها العارية فلاحظت نظرته ثم هتفت بخجل وهي تغلق البطلو تخفي قدميها قائلاً:
- ممكن لو سمحت تبص قدامك .

ضغط علي الفرامل فجاة وصرخ بها بغيرة شديدة عليها من أنظار الجميع قائلاً:
- ابص قدامي، أنتي ازاي تخرجي من البيت كدة اصلاً عجبك شكلك والناس في المستشفي بتتفرج عليكي معجبين بسيادتك.
أزدردت لعوبها بخوف من غضبه وصراخه ثم هتفت بتلعثم شديد:
- مش أنت اللي قولت عليا دكر، يعني هو أنا راجل.

وجهشت في البكاء، صرخ بغضب وهو يمسك ذراعها بقوة قائلاً:
- آنا اقول زي مانا عايز، انا ياستي عجبني شكلك وانت دكر حد أشتكالك آنا جيت أشتكت لك من حاجة.
لم تتوقف عن البكاء وهو يستمر بصراخه، فهتف برفق:
- خلاص متعيطيش انا بس مش عاوز حد يبص عليكي، انتي فكرتي أنا النهاردة كنت عامل ازاي كان ناقص اسيب الشغل والمرضي وأجي اراقبك أشوف مين بصلك ومين ضحك معاكي.

تنحنحت بخجل شديد وهي تتوقف عن البكاء وقالت بعفوية:
- يعني هتتجوزني وتكسب فيا ثواب.
ضحك عليها وهو ينظر من النافذة ثم لها وتوقف عن الضحك اثناء اقتراب منها بشدة، أزدردت لعوبها مُرتبكة من قربه فقال بخفوت وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف:
- هتجوزك بس الأول أجرب.

ونظر لشفتيها فأبتسمت له بخبث أعتقد بأنها توافق على أن ينال قبلة منها، أقترب أكثر وهو ينزع حزام الأمان له فرأها تضع يدها بين شفتيهما توقفه وهي تمسك بيدها المشرط، فأزدرد لعوبه بخوف من جنونها وتذكر حين ركضت خلفه بالسكين تريد قتله، أبتعد عنها وعاد لمقعده وهو يقول:
- مفيش مانع نجرب بعد الجواز لأحسن بدل ما أدخل دنيا أدخل أخرة.
فضحكت عليه وعاد هو للقيادة...

كانت تجري الجراحة بمهارة وتركيز لأول مرة دون الشرود بماضيها او بعده عنها، هتفت برسمية وهي تصل لمركز النزيف وتسيطر عليه قائلة:
- أمسكه كويس.
فأخذ الجراح المساعد المقص من الممرضة ومسك أحد الأعضاء بمهارة، مدت يدها للممرضة وهي تنظر بالحقل بدقة وقالت:
- مُلقاط.

أعطته لها الممرضة وحاولت مسك أحد الأوعية الدموية فأنفجرت الدماء مرة أخرى لكن تلك المرة بغزارة حتى لوثت ملابسها مع قفازاتها و عيناها، أشاحت نظرها بدون إرادة حين لوثتهما الدماء وعادت له وضعت يدها في الحقل وشعرت بشي أخرجت يدها فرأت سائل أبيض لازج بقفازاتها فسألت بخفوت شديد:
- هي عانت من إيه لما جت، ظهر عليها أعراض اي ورم.

أجابها الجراح المساعد برسمية موضحاً الأمر لها:
- صعوبة في التنفس، سعال، نزيف حاد في الجدار المخاطي للجهاز الهضمي...
جمعت الاعراض في ذهنها وهي تقول بتركيز شديد ناظراً للسائل في قفازاتها:
- وتضخم في العقد اللمفاوية، ضغط دم منخفض...

بترت حديثها بصدمة ألجمتها ثم رفعت رأسها لهم جميعاً وصرخت بهم بلهجة أمرية:
- كل يسيب اللي في أيده وأبعدوا عن طاولة العمليات بسرعة.

أبتعدوا جميعاً بخوف من لهجتها تاركين ما يفعله، فهتفت بجدية تحاول السيطرة علي أعصابها التي تلفت منها قائلة:
- اللي أنفجر مش وعاء دموي ده ورم في العقد اللمفاوية حسب الاعراض اللي ظهرت علي المريضة دي حمي فيروسية من فيروس ام نادر ما يصيب به حد هنا انتشر مؤخر في البلاد المجاورة، ولغاية ما نتأكد بالتحاليل غرفة العمليات هتأخد وضع وقائي في غرلة تام.

- والجراحة
سألتها أحدي الممرضات، فأزدردت لعابها بصعوبة من صدمتها ثم أجابت بتلعثم شديد وخوف:
- أعتقد أني هقدر أكملها لوحدي بما آني بالفعل اتعرضت للعدوة والفيروس.
نظروا جميعاً لها بصدمة وقطرات الدماء علي جبينها وعيناها وخرجوا جميعاً...

كانوا ينتظروا اي شخص يخرج من الداخل يطمئنهم بعد مرور هذا الوقت الكبير، ذهل الجميع حين رأوا مجموعة من الممرضين والاطباء يأتون لغرفة العمليات مرتديين ملابس وقائية تماما وخلفهم المدير ومعه بعض الامن، وقف حبيب بخوف علي زوجته، ورأوا الجميع يخرج من الخارج فهتف المدير بحدة شديدة:
خدوهم حللهم وأعملوا الفحص اللازم.

سأل إلياس بتوتر بعد رؤية الجميع يخرج من الداخل فيما عدا زوجته وأمه:
- خير يادكتور طمني.
قصي عليه الجراح المساعد ما حدث وأصابة زوجته بالفيروس عن طريق العدوة وأنها حالياً في عزلة تامة عن الجميع، وقع الخبر عليه كصدمة كهربائية صدمت قلبه حين توقف عن النبض، ولم تقل صدم الجميع من مرض جميلة فسأل علي بعدم فهم قائلاً:
- هو ايه الفيروس ده.

- ده فيروس خبيث إنتشر مؤخر في البلاد المجاورة قتل العديد من الناس، المصاب به لو هرموناته ومناعته ضعيفة مبيكلمش أيام لو قوي زي المريضة بتاعتنا بيستمر معه ويبدأ ينتشر في الجسم كله حتي يصل للمخ ويتوفي المريض
إجابه الجراح المساعد بهدوء يفسر لهم الوضع عن الأم التي يجب أن تنتظر وصله للمخ حتي تتوفي والزوجة التي يعلم جيداً بان جسدها ضعيف لا يتحمل المرض ومناعتها أضعف والتي يبدو أنها ستتوفي قبل أمه.

- يعني ماما هتموت
قالتها أثير بصدمة ألجمتها من حديثه وسقط حبيب علي مقعده لا يقوي علي تلك الصدمة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة