قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

فتح باب الشقة وهو يمسك يدها وهي تصرخ به وصدم حين وجد الشقة في حالة فوضي وكأن لص دخل إليها، نظر بأحراج ثم أدار رأسه لها بأحراج، نظرت له بزفر وجذبت يدها من معصمه وهتفت بأنفعال:
- إيه اللي أنت عامله في الشقة دي، أنت صغير تبوظ كدة.

- كنت بدور علي ورق مهم للشغل
قالها بأحراج وهو يخفي عنها حقيقة فعلته حين غضب منها حين ذهبت معاهما لرجل أخر، دلف إلي الداخل ويعدل الكرسي المقلوب وهو يقول:
- أنا هظبطتها أدخلي أنتي .

صدم حين دلفت إلى غرفتها حقاً ولم تعري أي أهتمام له آو تساعده، ركل الكرسي بقدمه بأنفعال وبدأ يرتب الفوضي التي فعلها، خرجت من غرفتها بعد نص ساعة رفع نظره لها وجدها غيرت ملابسها وأرتدت بيجامة بيتي زهرية اللون بنص كم وشعرها البنى مسدول علي الجانبين مبلل وتتساقط منه حبات الماء يبدو أنها أخذت حمامها، رأته يقف هناك بعد أن توقف عن ما يفعله يتأملها وعيناه تحتضنها بين جفينه، أشاحت نظرها عنه وبدأت ترتب المكان معه دون أن تتفوه بكلمة واحدة تأكد بأنها بالفعل لم تصالحه ومازالت غاضبة منه، أقترب منها وهو يدعي أنشغاله بالتنظيف، أبتعدت عنه بضجر فأقترب مجدداً، صرخت به بغضب طفولية:
- ممكن تبطل تخبط فيا بقي.

هتف ببسمة هادئة قائلاً:
- لا مش ممكن.
ألقت المكنسة من يدها بغضب فوق قدمه وقالت بضيق منه تثير غضبه:
- نضف لوحدك بقي أنا غلطانة أني بساعدك أصلا...
تألم من قدمه وهو يمسكها أبتسم بأستفزاز ومكر ثم تركته ودلفت المطبخ، ألقي من يده وسادة الأريكة غاضباً من تذمرها...

في شقة مصر الجديدة
دق جرس الباب، فتحت الخادمة سيدة في منتصف الاربعينات ودلف علي وهو يسألها:
- بابا صاحي.
- ايوه يابيه في اوضته
قالتها وهي تغلق باب الشقة.

طرق الباب بهدوء ثم دخل إليه، سأله علي عن صحته وهو يجلس على الكرسي:
- ازي صحتك يابابا دلوقتي أحسن ؟؟.
أدار جلال رأسه دون أن يجيب عليها، هتف علي مجدداً بأستياء قائلاً:
- رد عليا يابابا، أنا عملت إيه لكل ده أتصل بيك متردش واجيلك متردش عملت ايه أنا .

صرخ جلال به بأنفعال وهو ينظر له قائلاً:
- عملت إيه رايح تحط ايدك في ايدك الراجل اللي كان يوديني فداهية وتقولي عملت إيه .

وقف علي بغضب ثم جز علي أسنانه وقال مُنفعل:
- كان هيوديك في داهية وانت لما تاجرت في المخدرات وابنك في كلية الشرطة كان عادي عندك، انت عارف لو كان اتقبض عليك انا كان هيجرالي ايه في كليتي، أحمد ربنا أن متقبضش عليك وواد تاني اللي شالها وإلا كان زمانك خسرتني آنا كمان مع أختك.

أخرج تنهيدة قوية من بين صدره بزفر، ثم هتف ببرود مُستفز:
- عشان كدة رايح تتجوز بنته وكمان من ورايا يابجاحتك ياواد.

جلس علي أمامه علي السرير وقال بخفوت شديد يريد موافقته عليها:
- وأثير ذنبها إيه في الموضوع ده يابابا، وأنا ذنبي إيه في كل ده المشكلة أتحلت وأنت في السليم وسافرت وسيبت كل البلد ومضرتش في حاجة وعمي حبيب اهو طلع معاش وقعد في البيت خلاص نحلها إحنا بجوازي من أثير وتصالح أختك.

رمقه جلال بنظرة غضب وقال بلا مبالاة:
- برضو مفيش جوازة وقوم أمشي بقي من هنا.
زفر علي بضيق وقال بخفوت شديد مُضطراً:
- يعني أبنك مش مهم عندك، يعنا آنا أتنازل عشانك وأنت مستكتر تتنازل عشاني وعشان حبي، ماشي سلام.
وتركه وخرج من الشقة مُستاء من رد والده ورفضه وقلبه يتألم وأمامه صورتها وهي تتركه وترحل غاضبة منه، زفر بضيق وهو يركب سيارته...

جلست دموع علي السفرة تأكل بشراسة، خرج إلياس من غرفته ورأتها كما هي، جلس علي كرسيه وتناول بأصابعه الملعقة يستعد للطعام، قرب يده من الطبق فضربته علي يده بغضب وقالت بحزم:
- متأكلش من أكلي، قوم أعمل لنفسك.

أخذ الكفتة بالشوكة يغيظها وهتف بتهكم:
- جعان.
صرخت به وهي تأخذ الشوكة قائلة:
- قولتلك مش هتأكل يعني مش هتأكل اللي يغلط يتحمل غلطه.

وأخذت الأكل معاها ودلفت إلي غرفتها، ذهب خلفها فأغلقت الباب في وجهه، طرق الباب بقوة وهو يقول:
- أفتحي يادموع أنا جعان يرضيكي عمه ينام من غير أكل.
أبتسمت بخبث عليه وقالت بلهجة حادة مصطنعة:
- اه يرضيني جدا.

أكلت الطعام وتمتمة بعاند لتغيظه أكثر:
- اممممم طعمه رائع.
سمعها من الخارج وأشتاط غضب من دلالها عليه وعاندها مع عقلها الطفولي، قال بحزن مصطنع:
- دموع أفتحي عشان خاطري.

لم تجيبه، ظلت تقف خلف الباب ولم تسمع صوت من الخارج وضعت أذنها خلف الباب فسمعت صوت باب الشقة يغلق، فتحت الباب بسرعة ولم تجده في الشارع، قوست شفتيها للأسفل بحزن عميق أعتقدت أنها أغضبته فتجمعت دمعة في عيناها وأنهمرت علي خدها وبكيت ببراءة...

ظلت تنتظره ساعتين ولم يعود، فتحت شرفة الصالون وطلت منها تنظر في الشارع عليه ولم تجده، فتح باب الشقة ودخل رأها تقف في النافذة أبتسم وذهب نحوها بخفوت علي أطراف أصابعه حتي لا تشعر به، كادت دموعها تنهمر من جديد وهي تبحث عنه في الشارع، شعرت بهواء ساخن خلفها شعرت بالخوف مُعتقدة بأن هناك لص، أستدارت بقلق ورأته أمامها شهقت بقوة وضربته علي صدره بقوة وهي تصرخ به:
- خضتني حرام عليك .

أخرج باقة ورد جميلة من خلف ظهره وأبتسم لها، رفعت حاجبها له ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بأستياء مصطنع وقلبها يرفف من السعادة تخفيها:
- إيه ده.
وضع قبلة علي جبينها بحنان وقال بهيام وهو ينظر لعيناها بحب وشغف:
- أسف.

فرح بسعادة حين أبتسمت له ببراءة وأخذت منه الورد بدلال، أقترب خطوة منها ودهش حين رفعت نظرها له وتغيرات تعابير وجهها للغضب من جديد وقالت:
- شكرا علي الورد، بس أسفك مش مقبول.

أنهت جملتها ثم بعدته عن طريقها بيدها في صدره وجلست على الأريكة تداعب الوردات بأصابعها وتستنشقهم بسعادة تغمر قلبها الصغير وتتناغم بدقاته، جلس بجوارها .
- وحياة عمه سماح المرة دي
قالها إلياس وهو يداعب كفها بيديه ويحتضنه بدفء.

أردفت دموع بزفر شديد منه، وهو يظل يشاكسها ويذهب خلفها أينما ذهبت..تعانده وهي تخرج لسانها له كطفلة صغيرة قائلة:
- وحياة عمه حبيبي مش هسامحك.
أبتسم عليها وقال وهو يغلغل أصابعه بين خصلات شعرها بحنان:
- سماح المرة دي عشان خاطر عمه حبيبك.

أبعدت يده عنها بأستياء وقالت بحزن عميق وهي تنظر له:
- ده أنت مستنيتش تسمعني طردني وخليتهم يأخدوني مستحيل أسامحك ياعمه أنت وحش وشرير.

ضحك علي براءتها ثم وضع قبلة علي جبينها بلطف شعر بشفتيه تلتصق بجبينها فتسارع قلبها بنبضه وأغلقت قبضتها بأرتباك منه فهي الأخري إشتاقت له و لحديثهما ولكنها غاضبة حقاً منه
أبتعد عنها ثم نظر لعيناها بدفء وهتف بخفوت يهمس لها في أذنها:
- صدقيني عمه مش شرير ويحبك والله ومش واجعني بجد الا جرحي لكي ومع أول خطر قرب منك سبت أيدك، أنا أسف حقك عليا غلطة مش هتكرر.

أبتسمت بداخلها بمكر ورفعت حاجبها ثم وقفت بدلال تثير غضبه أكثر وأكثر، وهي تتجه الي غرفتها مُستديرة له:
- برضو مخاصمك ومش هسامحك علي عملتك دي ها.

وضع يده خلف رأسه بزفر وهو لا يقوي علي هذا الخصام أكثر من ذلك ودلالها المفرط وهو يعلم بأنها تعاقبه بدلالها هذا...
أستسلم لدلالها وذهب إلى غرفته بغضب شديد.

خرجت أثير صباحاُ من غرفتها أوقفتها جميلة وهي تتحدث:
- أثير مش هتفطري.
أجابها وهي ترتدي حذاءها بروح حزينة:
- مش جعانة وهتاخري عندي محاضرة بدري...

تركتها وخرجت، أردفت جميلة وهي تسديرة لزوجها قائلة:
- عجبك بنتك كدة.
أجابها وهو يأكل بلا مبالاة:
- أنا اللي عملت كدة ولا ابن أخوكي وأخوكي .

تتنهدت بزفر رغماً عنها وقالت بهدوء تستأذنه:
- طب إيه رأيك أروح أتكلم مع جلال آنا يمكن أوصل لحل...
نظر لها بضيق ثم قال بأستياء:
- أعملي اللي يريحك بس يارب هو اللي مطردتكيش من بيته.
ووقف من كرسيه ثم ذهب إلي الداخل...

أستيقظت دموع علي صوته وهو يناديها ويربت علي كتفها، أردفت بصوت نائم وهي مغمضة العينين ونسيت غضبها منه:
- عمه خليني أنام شوية بليز.
أربت على كتفها بحنان وقال وهو يبعد خصلات شعرها عن وجهها:
- قومي يادموع بطلي كسل من أول يوم.

رفعت رأسها من فوق الوسادة ووضعتها علي قدمه بتشبت به وهي تقول بخفوت وهي شبه نائمة وغير واعية:
- عمه عايزة أنام.
مسح علي رأسها بيديه وهو يقول بأبتسامة:
- والمدرسة مين يروحها ولا مش عايزه.
فتحت عيناها بذهول ونظرت للأعلي له وقالت بعدم تصديق:
- هروح المدرسة.

أبتسم لها وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها ثم أشار إليها بنعم، قفزت من فوق السرير بسعادة وهي تعدل من هيئتها قائلة:
- أنا جاهزة يلا بسرعة.
أبتسم عليها وقال مٌشيراً علي الأريكة:
- ألبسي لبس المدرسة بسرعة عشان الباص هيجي بعد نص ساعة وبسرعة عشان تفطري قبل ما تنزلي.

- عملتي فطار
قالتها بدلال وعفوية وهي تضع يديها علي وجهها بطفوليه وترمش له بعيناها مُبتسمة، قرصها من خدها وخرج، أخذت حمامها ومن ثم جهزت نفسها للمدرسة خرجت ورأته يرتدي قميص وبنطلون وتجهز للعمل، قوست شفتيها وهي تتذكر غضبها منه...

- أفطري بسرعة
قالها وهو يرتشف قهوته، حملت شنطتها وقالت بغضب:
- أنا مخاصمك إياك تنسي كدة ها...
وتركته وخرجت، أعد سندوتشات لها وأسرع خلفها رأها تركب الأتوبيس، أعطهم لها من النافذة فأبتسمت بسعادة للذهابها للمدرسة ولوحت له بيدها الصغيرة من النافذة مُبتسمة، لوح لها بيده ثم ركب سيارته...

دلف سعيد الي مكتب معتصم سأله وهو يباشر أعماله:
- عملت ايه.
أجابه سعيد وهو يقرب:
- سيد هترحل علي النيابة بعد يومين ورجالتنا هتخلص الموضوع قبل ما يوصل للنيابة...

سأله بفضول أكبر:
- ودموع.
أزدرد لعوبه بصعوبة وقال بضيق مخفض رأسه للأرض:
- رجعت لإلياس وداها المدرسة مع مامته.

أسند بظهره للخلف مُتكي علي كرسيه وصمت لوهلة من التفكير ثم هتف بتهكم قائلاً:
- كويس أنه خرجها جبهالي قبل ماتفتح بوقها...
بتر سعيد الحديث من فمه وقال بثقة:
- بس...

- مبسش دموع لو قالت أنك طلبت منها تقتله هيأخد رأسك قصادها
قالها معتصم بأنفعال يخشي تهور إلياس .
أجابه وهو يضم يده أمامه بهدوء مُطاع لأمره:
- النهاردة وهي خارجة من المدرسة هنجبها حاضر...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة