قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

دلفت دموع الي غرفة أثير وصدمت حين رأيتها علي الأرض غارقة في الدماء فصرخت بخوف وهرعت نحوها وهي ترتجف فهي تخشي الدماء وترأها تسيل من أنفها بكثرة حتي أغرقت وجهها بأكمله، دلفت جميلة و حبيب وصدمت أمها تماماً، حاولوا أفاقتها أكثر من مرة ولم يستطيعوا أخذوها ونزلوا للأسفل فتحوا السيارة ووضعوها، توقفت سيارة إلياس وهرع نحوهم وهو يسأل بخوف:
- في إيه.

مسكت دموع بذراعه بخوف وهي تهتف بتلعثم باكية بخوف:
- عمه آنا لاقيتها كدة علي الأرض.

ركبت جميلة بالخلف مع أبنتها و حبيب بالأمام، أخذها من يدها وأركبها سيارته وقاد خلفهم وهي تضم يديها لبعضهم بقلق مُستحوذ عليها، قاد كالمجنون بها، وصلوا للمستشفي دلفت جميلة للداخل لتحضر دكتور حملها إلياس علي ذراعيه ودلف خلفهم بها حتي أخذوها منه، أجلس دموع بجوار أمه وذهب للأستقبال يسجل دخولها رن هاتفه برقم علي فتح الخط ووضع الهاتف علي أذنه يتمتم بسرعة:
- لحظة، أسمها أثير حبيب الهادي، أيوة يا علي.

سأله علي بفضول بعد ذكر أسم حبيبته:
- أنت فين ؟؟.
أجابه وهو يأخذ الوصل الدخول من السيدة قائلاً:
- في المستشفي.

أنتفض علي وضغط علي فرامل السيارة بقوة حتي أصطدم صدره بالمقودة وقال بذعر وقلق عليها:
- أثير جرالها حاجة.
قصي عليه ما حدث، أدار سيارته لأتجاه المعاكس ليذهب إلى حبيبته...

خرج الدكتور من الغرفة أسرع الجميع له، فسأله حبيب بخوف سكنه منذ ساعتين حين رأها في دماءها:
- خير يا دكتور طمني بنتي مالها.

أربت الدكتور علي كتفه مراعياً له ولسنه الكبير وخوفه الشديد الواضح ثم هتف مُبتسماً:
- خير يا حاج هي كويس الحمد لله بس شكل في حاجة مزعلها او ضغط عليها وهي السبب في النزيف ده والحمد لله آنا أديتها دواء وهبعتلها ممرضة تديها حقنة وهتبقي كويسة زي الحصان بس بلاش زعل او عصيبة علي الأقل في الوقت الحالي.

سألته جميلة بأرتياح قليلاً:
- يعني هي فاقت دلوقتي وكويسة تروح معانا.
أجابها الدكتور بهدوء قائلاً:
- هي كويسة وفاقت تقدره تدخلولها بس بلاش مروح النهاردة خليها للصبح نطمن عليها أكتر.

جاء علي يركض نحوه وقلقه واضح في ملامحه، توقف أمامهم وقال بتلعثم وهو يلتقط أنفاسه:
- أثير فين وجرالها ايه.
نظروا جميعاً لبعضهم ثم له فقال إلياس بهدوء شديد:
- أدخلها.
نظر لهم بأحراج ثم دلف إلى الغرفة بتهكم وهو يخشي من مواجهتها لكن قلبه يكاد يقتله القلق عليها ولم يهدأ إلا برؤيتها...

كانت تجلس علي السرير هادئة كعادتها تنظر للمرضي الآخرين بشفقة وخوف من وجودها مع أشخاص أغراب، توقف أمام سريرها أتسعت عيناها بدهشة من وجوده وأدارت رأسها للجهه الأخري تنفر منه بغضب يحتوي قلبها منه ومن تنازله عنها رغم تسارع قلبها له الذي يزيد بكل مرة تراه بها أكثر من السابقة، تعلم بأنها تحبه وتعشق عصبيته الزائدة ورجولتها الخشنة تعشقه بعيوبه كما هو ولكن هذا القلب العاشق غاضب وخائب الأمل بحبيبه ولا يستطيع فعل شئ معه أو معاقبته فحين تعاقبه بالخصام والفراق تعاقب قلبها معه، جذب الكرسي وأغلق الستارة علي سريرها ليتحدث معاها وحدهم بعيد عن أنظار المرضي وأهلهم، جلس بجوارها وتأملها وهي ترتدي حجابها البسيطة يبدو أن أمها من وضعته فنص شعرها يظهر من المقدمة والجانب، وعيناها العسليتين يسكنهما حزن كبير ممزوج بنظرة حنين له وأشتياق تخبروه بما يخشي لسانها قوله، أردف بحنان وهو ينظر ليدها اليسري والكانولا الطبية معلقة بها بالملحول قائلاً:
- ألف سلامة عليكي.

رمقته بنظرة غضب وقالت بتمرد بوجه عابث:
- الله يسلمك مع السلامة وريني عرض كتافك، أنت إيه اللي جابك حاجة عجيبة والله.
هتف بخفوت وهو ينظر لها بحزن شديد يسكن ملامحه بوضوح قائلاً:
- جت عشان أطمن عليكي إيه مش من حقي أطمن عليكي بعد ما عرفت أنك في المستشفي وأنا متأكد أنه بسببي.

قهقهت ضاحكة بسخرية وقالت بأستهزاء من حديثه:
- تطمن لا والله كتر خيرك، ومين قالك أنه بسببك ده أخر حاجة ممكن أعملها آني أزعل علي إنسان أنا نفسي مش فارقة معاه قال بسببك قال.
وأدارت رأسها للجهه الأخري وشعرت بدمعة تجمعت في جفني عيناها، وضع سبابته أسفل ذقنها وجعلها تنظر له أشاحت نظرها بعيد عنه وهو يمسك رأسها فسقطت دمعتها رغماً عنها...

هتف بألم يعتصر قلبه من رؤية دموعها تنهمر بسببه قائلاً:
- أنا دلوقتي أتأكد آني مستاهلكيش فعلاً، لما دموعك تنزل بسببي وتدخلي المستشفي بسببي يبقي مستاهلكيش ياأثير ولا أستاهل قلبك وتبقي كتير عليا.

تألم قلبها من حديثه وهو يثبت لها أنه تنازل عنها مجدداً فلعنت قلبها علي عشقه لهذا القاسي وعديم الرحمة بها وبقلبها، فصرخت به بإنفعال وهي تبعد يده عنها بقوة قائلة:
- أنت فعلاً متستاهلنيش الراجل اللي يتنازل عني وميحاربش عشاني يبقي ميستاهلش ضفر مني، الراجل اللي يخاف يواجه أبوه ويقنعه أنه عايزني يبقي آنا خسارة فيه، الراجل اللي يقبل الهزيمة من قبل ما يحاول يبقي مليزمنيش، صدقني آنك حتي لو دخلت بيتي وطلبتني أنت وأبوك وكل عيلتك ولو وقفت علي رأسك مش هتجوزك ولا عايزك.

كانت تتحدث ودموعها تنهمر في تزايد مستمر وكلماتها متقطعة بسبب شهقاتها التي تدل علي ألمها رغم رفضها له، سقط حجابها علي كتفها من شدة أنتفضت جسدها أثناء حديثها، أقترب منها بحنان ومسك حجابها ولفه لها مجدداً يخشي إن يري شعرها مادامت ليس حلاله ويحق له رأيته، رفعت نظرها له باكية بشدة وترتجف بين ذراعيه بذهول من فعلته وبرود أعصابه وهي ترفضه مدي حياتها، نظر لعيناها يحتضنهما بعيناه بدفء مادام لم يستطيع ضمها هي إلي صدره ليطمئنها ثم هتف بلهجة دافئة مليئة بمشاعره الذي لم يعترف بها ويده تربت علي رأسها فوق حجابها قائلاً:

- أنا متنازلتش عنك ياأثير أنا سحبت طلبي عشان أنتي جوهرة غالية لازم تتصان عشان أنتي ست البنات كلها وزيك زيهم وأكثر شويتين مينفعش يبقى عندي أهل وأب وعم وخالين وأجي أطلبك لوحدي لازم أخليك زي كل البنات أدخل بيتك مع رجالة العيلة كلها أطلبك من أبوكي ولي أمرك ورجلك الأول، سحبت طلبتي عشان عم حبيب هو رجلك الأول مينفعش يبقى عايش وفي نفس وأروح أطلبك من أخوكي وفي بيته عشان أبويا مش عايز أبوكي..،

عشان أنتي بنته الوحيدة وأكيد زي كل أب مستني اللحظة اللي يحط أيده فأيد عريسك ويكتب كتابك ويسلمك بأيده له ويوصيه عليكي مينفعش أحرمه من كل اللحظات دي اللي مش هتكرر عشان أرضي أبويا، سحبت طلبي عشان غلطت لما طلبتك من عمته كان لازم أطلبك من راجل، أنا متنازلتش عنك وعمري ماهتنازل عنك مهما حصل أنا بعدك عن الضغط بتاع أبويا ومعارضته لحد ما أحل مشاكلي معه واجيلك بيتك زي كل البنات وأقعد آنا وأبويا والرجال كلها وتتشرطي أنتي زي كل العرايس وزيادة كمان ومقللش من عم حبيب وكرامته كرجل ولا كأب لان ببساطة بنته جوهرة صعب تلاقي زيها مش رخيصة ولا بايرة ولا حتي فيها عيب عشان أدخل أطلبها لوحدي ولا حتي أجبره علي الموافقة علي اي حاجة بابا هيقولها عشان الخلاف اللي بينهم وعشان ميزعلش بنته ولا يزعلني يجي علي نفسه ومش عايز يجي يوم وأبويا يخيرك بيني وبين زيارة أهلك عشان الخلاف اللي بينهم عايزك تعيشي في بيتي رأسك مرفوعة متنحنيش أبدا عشان أنا هأخدك رأسك مرفوعة من بيت أهلك..،

يا أثير آنا ببساطة بحل مشاكلي الأول وجايلك جايلك، أنا متنازلتش عنك عشان تدخلي المستشفي بسببي أنا كل اللي عملته أني لاقيتك نجمة في السماء مش اي حد يوصلها وعشان أوصلها لازم أكون قداها بجد وأستاهلها وعشان أستاهلها لازم أحارب عشانها من غير ما أدخلها في حربي عمرك شوفتي ملك يدخل حرب ويأخد ملكته معاه عشان تتصاب لا بتقعد في قصرها مُعززة مُكرمة...،

أوعي فيوم تقولي أني أتنازلت عنك أنا عندي 31 سنة وعمري ما عوزت حاجة قد مانا عايزك وعمري ما دخلت حياتي كلها ست تحت أي مُسمي ولا حتي صديقة لحد ما قابلتك بعد ما كبرتي بقيت هتجنن عليكي ومش عايز غيرك وأكتفيت بيكي من عالم الستات كلها لا من العالم كله رجال وستات، أوعي تمرضي ولا تتعبي تاني أوعي تأذي نفسك بأي طريقة لأنك بقيتي حلمي الوحيد اللي يارب أطلع قده وربنا يقدرني وأحققه...

كانت تستمع لحديثه بذهول مع كل كلمة صغيرة يتفوه بها ينبض قلبها بقوة وجنون له شعرت برغبة شديدة في عناقه وهو يتحدث عنها هكذا وعن رغبته بها وكيف جعلها ملكة في حرب ونجمة تلمع بالسماء وجوهرة لؤلؤ غالية ونادرة، توقفت عيناها عن البكاء وشعرت بأنها لم تستطيع البقاء في هذا السرير أكثر ولا تريد الدواء فهو أعطاها ما يكفي لشفاءها وتلاشت جروح قلبها وبكاءه بحديثه وأصبح قلبها وكأنه جديد لم يجرح يوم ولم يشوهه شئ نقي بهذا الحديث وحبه العاذب بداخلها ومشاعره المقدسة التي تبث منه مع كل حرف يتفوه به، أبتسمت له كالبلهاء وهي ترفع رأسها للأعلي له وهو يقف ومازالت يديه علي رأسها وينظر للأسفل لها بدفء وعيناه تخبرها بفيضان من العشق يسكن بداخله لها وحدها صدق حقاً حينها قال بأنه أكتفي بها وحدها...

تمتمت له ببراءة مُبتسمة له بسعادة تراقص قلبها الصغير:
- قول والله.
أنحني قليلاً حتي أصبحت رأسه مقابل رأسها وهتف بخفوت يهمس لها وحدها يخشي إن يسمعه أحد أخر غيرها قائلاً:
- والله .

عضت شفاتها السفلي بخجل شديد من قربه هكذا منها وأنفاسهم تختلط مع بعضهم البعض بسبب قربه هكذا وتوردت خدودها بلون الأحمر من شدة خجلها، مظهرها الطفولي وهي تداعب شفتيها الصغيرة بأسنانها خاجلة منه وحده كفيل بأن يجعله يضحك عليها فهتف بثقة يغازلها بحب قائلاً:
- أهو أنا مجبنيش للأرض ولبسني فقلبك ودبسني فيك غير الفراولة دي وكسوفك اللي عمري ماشوفته غير فيكي.

أشاحت نظرها عنه للأسفل بخجل أكثر من غزله بها وهتف بخفوت شديد وصوت مبحوح من خجلها قائلة:
- بس لو سمحت عشان بتكسف.

فزاد أحمرار وجهها أكثر فضحك بخفوت عليها وقال بهيام:
- أحلي كسوف وأطعم فراولة وبطلي كسوف عشان لو أحمرتي أكتر من كدة هرتكب جريمة وأتسجن بسببك ده لو طلعت من تحت أيد أخوكي وأبوكي فيا نفس ومموتنيش.

رفعت نظرها له بحزن شديد وقالت بأندفاع خوفاً عليه:
- بعد الشر عليك.

أبتسم لها ثم أبتعد عنها وعاد لكرسيه بجوار السرير فهتف بقلق عليها قائلاً:
- أوعي تفكري بغباء تاني وتمرضي وتدخلي المستشفي وتتعبي تاني متقلقنيش أكتر عليكي وتزودي همي لأن لو جرالك حاجة هقع ومش هقدر أقف تاني، أنا بستقوي بيكي ياأثير.

أشارت إليه مُبتسمة بالموافقة، سألها بجدية يريد أن يطمن قلبه عليها وهو ينحني للأمام ويضع ذراعيه علي ركبته قائلاً:
- أنتي هتستنيني مش كدة مش هترفضني لما أجيلك زي ما قولتي صح.
أبتسمت كالبلهاء ونبض قلبها بهوس له وقالت بخفوت وخجل يستحوذ عليها قائلة:
- اممم هستناك.

أبتسم لها بحب ودلفت جميلة إلى الغرفة مع الجميع وفتحوا الستائر أستغربوا بسمتها المرسومة علي شفتيها ببهجة مُشرقة وعلموا جميعاً بأنها تصالحت معه ورضاها حبيبها، جلسوا معاها قليلاً وأستاذنوا جميعاً وتركوا أمها معها، ذهب حبيب للبيت و إلياس مع دموع إلى بيته، أما علي ذهب بغضب مكتوم بداخله بعد دخول حبيبته إلى المستشفى بسببه الي منزل خاله الكبير حمدي عمره في منتصف السبيعنات ليتحدث معه في موضوع زواجه منها لكي يقنع والده ويقف في صفه من أجل حبه...

أستعدت كارما للذهاب معه الي الشركة وهي تشعر بشئ غريب به منذ الصباح وهو يجري العديد من الأتصالات والمكالمات بتوتر ملحوظ وكلما أقتربت منه يتوقف عن الحديث بالفعل هناك شئ يخفيه عنها، ذهبت للشركة وشعرت بشي أغرب وكأن الجميع علي علم بمجيئها اليوم جهزوا لها عصير مع قهوته وثرثرة الكثير من المؤظفين من حولها عليها نظرت له بأشئمزاز وقد تأكدت من كل كلمة بالمقال بالتأكيد أخفي كل شئ يتعلق بفساده قبل مجيئها بأتصالاته الكثير صباحاً، تتنهدت بزفر وضيق وعلمت بأنها لم تجد شئ اليوم ولن تصل لشئ...

وصل إلياس صباحاً علي القسم وترجل من سيارته، رأي سيارة المساجين تقف أمام باب القسم و سيد يركب بها مع رامي يتذكر حديثها أمس معه...

وقف إلياس أمام المرآة يخلع قميصه بتعب بعد عمل شاق في القسم طوال اليوم ومشوار المستشفى سمع طرقات خفيفة على باب غرفتها أرتدي تيشرته بسرعة وفتح الباب رأها تقف أمامه وترتدي بيجامة بيتي لونها سماوي شورت قطن يصل لركبتها واسع وبيجامة قط مغلقة الصدر واسعة وتستدل شعرها الكاستاني الناعم على ظهرها وكتفها الأيمن وخلف أذنها اليسري وتمسك بيدها دمية متوسطة الحجم، سألها بهدوء وهو يتأمل بساطتها وطفولتها:
- منمتيش ليه مش عندك مدرسة بكرة.

أردفت بخفوت وتردد ملحوظ علي ملامحها قائلة:
- عمه ممكن أقولك على حاجة متستناش عشان تخلي بالك من نفسك.
عقد حاجبيه بأستغراب شديد من حديثها وقال بإيجاب:
- ماشي تعالي.

وأخذها للخارج وجلسوا في الصالون معاً قصت عليه حديث سيد معاها وتهديده وهكذا المكالمة الهاتفية من المجهول وطلب قتله وقالت بخوف عليه وهي تمسك يده برفق:
- عمه متخرجش لوحدك لحد ما تقبض على المجرم ده أسأل سيد عليه وهو هيقولك عليه هو عارفه كويس.

أبتسم لها لكي يخفي خوفها ويطمئنها ثم قال بحنان وهو يربت على يدها لكي يزيل الخوف من قلبها:
- متخافيش عليا ثم أنا ضابط وراجل وأعرف أدفع عن نفسي كويس وطالما طلب منك يبقى هو خايف يقابلني وجبان صح.

أشارت إليه بنعم فأبتسم لها وهو يفكر بما لا تفكر به هي وعقلها الصغير وهو أن سيد على علم برجل كبير يحركه وطالما قبض عليه فهناك حلان لا ثالث لهم آما سيحاول قتل سيد قبل أن ينطق بشئ يضره أو سيحاول تهريبه من الحكومة...

ركب سيارته مجدداً وهو يري علي يركب في المقدمة وقاد خلف سيارة المساجين عن بعد ليراقب جيداً الطريق حتى يصل للنيابة، وحدث ما توقعه ظهرت سيارتين أحدهما أمام سيارة الشرطة تعوق طريقها والأخرى في الخلف وحدث تبادل طلقات نارية بين الشرطة والرجال الملثمين، أخرج إلياس مسدسه وأستعد وأطلق طلقاته مع الشرطة من الخلف فهرب الرجال بسيارتهم بعد قتل العديد منهم بطلقات على و إلياس والعساكر وإصابة أحدهما وقتل الأخر، ذهب إلياس إليهم...

خرج جلال من غرفته وهو يتكئ على عكازه وقال بتهكم:
- أزيك يا حمدي.
أبتسم حمدي ووقف يصافحه ثم قال بهدوء ما قبل العاصفة:
- مالك يا جلال مزعل على منك ليه، هو ده أبنك آللي مراتك وصيتك عليه، بقى البنت اللي يختارها تقوله لا وتحلف ما تجوزها له وتكسر بخاطره كدة وفرحة قلبه تكسرها.
تتنهد جلال بضجر وقال بضيق:
- يعني هو جالك يتشكيلك مني ابن ال...

بتر حديثه حمدي بأنفعال بحديثه:
- ما تكبر لحد يا خي فيها أيه لما يشتكيلي منك ما الخال والد برضو وأنت كسرتله فرحته وصغرته قدام إختك وجوزها وقدام البت آللي بيحبها، هان عليك يا جلال تكسر أبنك كده وهو طول عمره رافع رأسك وسط الناس والكل بيحسدك عليه وعلى أخلاقه أبنك الوحيد تعمل فيه كدة يعني هو يخاف عليك من الزعل وعلى صحتك وأنت متخافش عليه أبدا ده يصح ياراجل يا عاقل.

زفر جلال بغضب وقال بأستياء ورفض بأصرار شديد:
- برضو مش هجوزه بنت الراجل ده ولا هحط أيدي فأيده.

صرخ به حمدي مُنفعل يهدده بحديثه:
- ماله الراجل ده لواء سابق في الداخلية وأخوها رائد قد الدنيا وأمها مديرة مدرسة وقبل كل ده أختك يعني عيلة ترفع رأسك وسط الخلق كلها وبعدين متقولش بنت الراجل ده دي بنت أختك والبت ما شاء الله عليها ربنا يحميها زي الفل ومحترمة وأنا سألت عليها قبل ما أجيلك، رافض ليه عشان الخلاف التافه آللي بينك وبين أبوها خلاص هو بلغ عنك وأنت شيلت القضية لواحد تاني هي الآية معكوسة ولا ايه بدل ما اللواء آللي يقول مش هناسب تاجر مخدرات أنت اللي تقول لا، أسمع لما أقولك آنا مش هلاقي عروسة زي دي لابن إختي ياتوافق وترفع رأس أبنك قدام الناس وتروح تخطبهاله بنفسك ياأما هأخده آنا غصب عنك وعنه وهخطبهاله.

- طب أبقي أعملها أنت وهو وأنا يبقى أبني مات وقبل ما ترجعوا من عندهم هكون خدت عزاءه وقطعت علاقتي بيك ومدخلكش بيت ثاني طول ما انا عايش
قالها جلال بأنفعال وهو يصرخ به ويقف.

وقف حمدي معه وقال بتفاهم وهدوء:
- يا جلال أنت مش باقيلك كثير والدكاترة كل شويه يقلقونا عليك متقفش قصاد أبنك وتكسر قلبه الواد بيحبها جوزه آللي بيحبها عشان تصونه وتسعده عشان لو جرالك حاجة تبقي مطمن عليه وعلى سعادته وأن في حد سانده وواقف جانبه، آنا راجل كبير وكل يوم عند دكتور شكل ومعنديش عيال وعلى هو أبني آللي مخلفتوش ومش هاين عليه كسرت قلبه وحزنه آللي باين فعيناه وهو باقي وخايف عليك وجاي على قلبه أنت منفسكش تشوف عياله قبل ماتموت ويجريه حوالك ويقولولك ياجدو ويلعبوا معاك ولا إيه .

صرخ جلال بأنفعال شديد وهو يتجه لغرفته:
- برضو لا لو عياله هيكون من البت دي يبقى مش عايزهم، ومع السلامة عشان عايز أنام .
خرج حمدي من الشقة خائب الأمل وأتصل بــ على يخبره برفض والده الشديد وتمسكه برأيه...

خرجت نارين من غرفتها مُسرعة وهبطت للأسفل، أوقفتها فريدة بحديثها قائلة:
- راح فين.
هتفت نارين وهي تتجه للباب بغضب وعيناها تشع نار قائلة:
-راحة أنتقم من بنت الكلب دي اللي وديت جوزي في داهية...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة