قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل التاسع

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل التاسع

دلف إلياس من باب الشقة بعد أن أنهي عمله بتعب مُنهك جسده، ركضت دموع نحوه بسعادة وهي تبتسم له وتناديه:
- عمه أتاخرت ليه.
قرصها من خدها وأجابها وهو يدخل معاها:
- أتعودي على كدة ده شغلي، كلتي.
أشارت إليه بلا وهتفت بسعادة:
- لا وعملت عشاء حلو هيعجبك.

ضحك لها وكاد أن يتحدث لكنه أوقفه طرقات باب الشقة ذهب ليفتح وهي ترتب السفرة، ووجد أمامه ضابط شرطة من قسمه ومعه بعض العساكر ومعهم رامي و سيد ، كبت غضبه بداخله بعد رؤية هذان الوحشان وهتف بتهكم قائلاً:
- خير يا محمد باشا في حاجة.

تنحنح الضابط بأحراج من وجوده ببيت رئيسه وقال بهدوء:
- أستاذ رامي عايز يأخد مراته مدام دموع هي موجودة.
أتسعت عيناه بصدمة علي مصراعيها وشعر بخنجر مسموم غرس في قلبه وأنتشر سمه في قلبه يلتهمه، سأله بصدمة:
- مراته ؟؟.

مد الضابط يده بالقسيمة وقع نظره علي أسمها، تركهم دون أن يتفوه بكلمة ودلف إليها، نظرت له بخوف وقالت بحزن وهي علي وشك البكاء بعد أن سمعت حديث الضابط:
- عمه أنا...

بتر الحديث من فمها وهو يمسكها من ذراعها بقوة ويشعر بخذلان بكذبها عليه وأخفاء خبر زواجها ولم تكتفي بذلك بل أوقعته في شباك حبها وتغويذة غرامها، ضغط بقبضته علي ذراعها بقوة وهتف بضعف وقلب مجروح ينزف وعيناه تداعب عيناها بنظرة ألم وأستحقار قائلاً:
- عشان كدة كان بيدور عليكي وعايز يوصلك عشان مراته، أنتي شايفني أزاي بتستخفليني وتلعبي بيا وبمشاعري.

أنهمرت دموعها الحارة علي وجنتها وهي تتأوه بألم من قبضته وحديثه عنها وبتلك الطريقة القاسية، دفعها بقوة بعيداً عنه عاد لبروده وقسوته وهتف بنبرة غليظة دون النظر لها بغرور يخفي ألمه خلفه قائلاً:
- روحي لجوزك يامدام .

هرعت له ومسكت يده بخوف من الذهاب معاهما وتركه هنا، قالت ببراءة باكية وتشهق بقوة مُردفة:
- عمه أنا والله مش...

صوتها يزيد من ألمه وصدمته وتلقيبها له بهذا اللقب يجعله يرغب بها أكثر فتزيد من جرحه فأخذها من يدها بقوة وأخرجها لهم وأغلق الباب بقوة في وجههم، مسكها سيد من يدها بغضب وشراسة ويرمقها بنظرة مُخيفة ثم أخذوها وهربوا بها إلى حانتهم...

وقف خلف الباب بصدمة وتزيد نيرانه المُشتعلة بداخله من غضبه بدأ يكسر كل شئ أمامه ويخرج غضبه وأخذ الطعام التي أعدته بنفسها من أجله ووضعه بسلة القمامة ثم كسر الأطباق كالمجنون، جلس علي الأرض بضعف وتعب جسده تنفس الصعاد ثم أشعل سيجارته ينفث بها غضبه من كذبها عليه وأكثر ما يؤلمه أنها ملك لغيره وهناك رجل أخر يحق له لمسها الضحك معاها غيره هو...

وصلوا للحانة دخل سيد بها ودفعها بقوة فسقطت علي الأرض وخرجت منها صرخة قوية.
صرخ بها كالثور الهائج، قائلاً:
- أنا حتي بت مفعوسة تعمل فيا كدة ها، كنتي فاكرة أن الضابط بتاعك هيقدر يحميكي مني ولا يأخدك مني، أنتي كلبة آنا بس اللي أقدر أبيعها للي آنا عايزه.

وصفعها بقوة علي وجهها فصرخت به كالمعتاد وهي تقف بألم،قائلة:
- الكلبة دي تبقي أنت، الراجل اللي تمشيه مراته ميبقاش راجل، الراجل اللي يبيع بنات عشان الفلوس مبيقاش راجل ده بيبقي دكر في البطاقة بس...

أنقض عليها بالضرب كالمجنون من حديثها وذهب رامي نحو البار يجلس مع فريدة ويرتشف كأس من الخمر بلا مبالاة، مسكها من شعرها وسحبها للأعلي خلفه و هي تصرخ بقوة من الألم، دخل غرفتها ودفعها بقوة وهو يصرخ بها قائلاً:
- أتنيلي غيري هدومك عشان تنزلي ترقصي وأول كلب هيعوزك هتروحي معاه ورجلك فوق رقبتك، أنا هوريكي أنا راجل ولا لا...

خرج من الغرفة وأغلق الباب، سقطت علي سريرها تبكي بخوف من حظها السيء الذي جمعها بهذا الرجل وقدرها الذي جعلها أبنه زوجته تمنت لو لم يغضب إلياس وتقبل الصدمة لكان قتلهما بذهابهما لبيته وطلبها، تمنت لو أستطاع المجيء لها وأخذها قبل أن يقتلوها وينفذ سيد تهديده لها بذهابها مع رجل أخري يدمرها للأبد...

خرجت جميلة من العمارة ووجدت علي يقف أمام سيارته ويلعب بهاتفه ينتظرها، سألته بدهشة:
- خير يا علي إيه اللي جابك هنا.
رفع رأسه لها بعد سماع صوتها، وأبتسم بخفة وهتف قائلاً:
- هوصل حضرتك يا عمته، أتفضلي.

ركبت معه بدهشة وقاد بها وهي تلاحظ أرتبكه فسألته بفضول:
- إيه اللي جابك ياواد مش معقول عمتك وحشتك يعني، ألا عمرك ما عملتها من ساعة ما رجعت من برا بقالك ثلاث سنين في مصر وعمرك ما عملتها خير إيه الموضوع.

أردف علي بأحراج شديد قائلاً:
- ما حضرتك عارفة أخوكي من يوم اللي حصل مع عمي حبيب وهو حالف ما ندخلك بيت.
نظرت له بتساؤل وهتفت مُبتسمة لتقبلها للموقف، قائلة:
- وإيه اللي جد النهاردة عشان تجي توصلني بقي للمدرسة ؟؟.

جمع شجاعته وهتف بجدية وهو ينظر للأمام قائلاً:
- أثيـر...
نظرت له بخوف وقلق علي أبنتها، وتردف قائلة:
- مالها أثير عملت حاجة.

ضحك بتهكم وقال بعفوية:
- هي من ناحية عملت فهي عملت، بس مش حاجة تقلق، بصراحة ياعمته أنا فكرت كتير قبل ما أجيلك، أنا عايز أتجوز أثير وأكون ممنون ليكي لو كلمتيلي عمي حبيب في الموضوع ده .

أبتسم بأرتياح لطلبه وسألته بهدوء لتتأكد من شي:
- عايز تتجوز أثير عشان تفض الخلاف اللي بين أبوك وحبيب ولا عشانها هي لشخصها وذاتها.

أخرج تنهيدة قوية من صدره وهو يتذكر بسمتها وعيناها العسليتين الباكيتان، وقال بشرود في عالم عيناها ولحظاتهما البسيطة معاً:
- هو أنا هضحي بحياتي اللي جايه وعمري عشان اخوكي وجوزك يا جوجو ولا ايه، عشانها هي مكنتش أعرف أن جوجو عندها بت زي القمر كدة أنا فاكر أخر مرة شوفت فيها أثير كانت فرابعة ابتدائي قبل ما أسافر مع أبويا، معرفش أنها كبرت كدة وبقيت زي القمر تخطف القلب قبل العين.

نكزته جميلة في ذراعه بقوة وهتفت بجدية وحدة قائلة:
- لاحظ أنك بتتكلم عن بنتي، وبعدين ياحبيبي آنا طول عمر بنتي زي القمر بس أنت آللي طالع لأبوك بتحب بنات برا ميعجبكش بنات بلدك.

- يا عمته أنا لما سافرت مع أخوكي كان عندي 19 سنة يعني لسه وبعدين مانا معجبنيش بنات برا أهو ولما عاجبني عجبني بنتك اللي عايزة لسانها يتقص
قالها علي وهو يتذكر كيف كانت تتشاجر مع محسن في القسم وتصفعه بالقلم.

قرصته من أذنه بقوة وقالت بتهديد:
- قولتلك دي بنتي.
رمقها بنظرة غضب وقال بضيق:
- بنتك أم لسان طويل تقولي مبركبش مع راجل غريب معرفهوش ها، أبقى عرفيها آني أبن خالها وقريب هكون جوزها ها عشان لو عاملتني كدة تاني هرزعها بالقلم.

- ترزع مين ياواد بالقلم، طب جرب تعملها ومش هقولك حسابك معايا هقولك قبل ما تعملها هتلاقيها رزعتك أنت القلم ها، نزلني هنا
قالتها جميلة بصراخ في وجهه وترجلت من السيارة ثم دخلت إلي المدرسة، قاد سيارته إلى القسم.

كان إلياس جالساً في مكتبه ومُتكي بظهره علي الكرسي وشارداً في جرح قلبه ويفكر بلحظاتهما في الأيام الماضية...
كانا جالسان علي الأريكة يشاهدان فليم كرتون ( الاميرة الضائعة ) شعر بأنها تشبه هذه الأميرة الصغيرة فنظر لها يتأملها، أدارت رأسها له وتقابلت عيناهما معاً وهي تترتبك من نظراته وتساءلت.

- أنت بتبصلي كدة ليه ؟؟
قالتها دمـوع بخجل من نظراته المُثبتة علي عيناها كالصقر الذي وجد فريسته بعد أن طال أنتظار...
رمقة عيناها بنظرة مليئة بالغرام ويفيض منهما العشق المقدس بداخلهما ثم وضع رفع رأسها بسبابته وهتف بخفوت هامس لها يذيب قلبها بهمسه قائلاً:
- بدور علي نفسي وذاتي فيك ولاقيتهما في نظرة عيناكي.

ضحكت بسعادة وطوقت ذراعيها حول ذراعه الأيسر ومن ثم وضعت رأسها علي كتفه بسعادة، أبتسمت أكثر حين وضع رأسه علي رأسها وكفه الأيمن علي يدها وتشابكت أصابعهما معاً وظلوا هكذا حتي غفو في النوم معاً هكذا حتي الصباح...

رن هاتفه يقطع شروده بها ورأي أسم أمه أجابها فأخبرته بحديث علي وطلبه بالزواج من أخته وطلبت منه مساعدتها في أقناع والده أغلق معها وذهب لمكتب علي وجده يتشاجر مع والده في الهاتف بصوت مرتفع...

- يابابا أنا خلاص اختارت أثير اللي بيانك وبين عمي حبيب ميخصنيش
قالها بأنفعال من رفض والده ومعارضته لزواجه من أثير .
- أنا قولتلك اللي عندي آنا مش هحط أيدي في أيدي الراجل ده ولو أتجوزت بنته يبقي أنت لا أبني ولا أعرفك وهأخد عزاءك بنفسي
قالها جلال بصوت مرتفع حتي سمعه ألياس عبر الهاتف.

أردف علي بحيرة من حديث والده الذي يضعه في الاختيار بينه وبين حبه قائلاً:
- يابابا متحطنيش في الإختيار بينك وبين قلبي أنت عارف آني هختارك وأدوس علي قلبي بس ده مرضيش حد، بلاش تحط ايدك في أيد عمي حبيب أتكلم مع إلياس وعمي حبيب هيتفاهم الموقف وهنروح نطلبها من إلياس في بيته وأنا أبقى اروح لعمي حبيب لوحدي.

صرخ جلال بغضب أكثر وتهديد صارم قائلاً:
- أنا قولتلك آخر كلامي لو فتحت الموضوع ده تاني هتعتبر أبوك مات أنت فاهم، شوفلك واحد غير بنت الراجل ده، مفيش جواز يعني مفيش جواز أنت فاهم.
هتف علي بهدوء مصطنع حتي يصل لحل مع والده، قائلاً:
- يابابا أسمعني بس...

أغلق الخط في وجهه دون أنتظار حديثه، نظر علي لــ إلياس بعجز وهو يعلم قرار والده وتهديده أذا كان قطع علاقته بأخته بسبب زوجته فهو قادر علي قطع علاقته بأبنه...

- الموضوع معقد مش كدة
قالها إلياس ببرود وهو يري صديقه الوحيد يسلك نفس طريقه في الفراق...

جلس علي علي كرسيه بزفر وعجز وهتف بوجع وقلب مُنهك قائلاً:
- خالك بيمسكني من أيدي اللي بتوجعني عارف آني مش هزعل عشان قلبه المريض ميقفش لكن هو يدوس علي قلبي عادي اكمنه مش مريض...

أتصل بــ جميلة وأخبرها بسحب طلبه وتنازله عن حبيبته، ثم وضع الهاتف علي مكتبه ببرود وأتكي بظهره علي كرسيه، نظر لــ إلياس بوجع وهتف قائلاً:
- أتجوز دموع قبل ما تقولهم لأحسن يعارضوا ويبقي حالك من حالي.

ضحك إلياس وأخبره بما حديث ورحيلها، صرخ علي به وهو يعتدل في جلسته قائلاً:
- أنت أزاي عملت كده...
ألتزم إلياس الصمت وليس لديه رغبة في الحديث عنها...

- أنت فكرت أزاي وقتها، أزاي تسيبهم يخدوها كدة وأنت واقف، عقلك كان فين وقتها ياإلياس..
قالها علي وهو يجز علي أسنانه بغضب من تصرفات صديقه وتنازله عن حبيبته لعدو يريد إهانتها وذلها...

زفر إلياس بغضب ثم وقف بإنفعال ثم قال بنبرة غليظة:
- كنت بفكر في نفس اللي أنت كنت بتفكر فيه لما أتنازل عن حبك بسبب غرورك.
وتركه وخرج من المكتب ثم أغلق الباب بقوة من غضبه المكتوم بداخله من الضيق، وحالة الحزن التي سكنته بعد مغادرتها لحياته...

أردف سيد وهو يتحدث في الهاتف قائلاً:
- وأعمل معاها إيه يابيه، دي تودينا في داهية لو فتحت بوقك للضابط ده.
- نقتلها، اللي يعاشر الحكومة في شغلنا بندعيله بس بطريقتنا إحنا
قالها الرجل عبارة الهاتف له بصرامة، ثم أكمل حديثه قائلاً:
- البت دي تدخل الكار معانا فاكر مراتك الاولي تحصلها بنفس الطريقة مفهوم.

أجابه سيد بإيجاب وطاعة قائلاً:
- تحصلها يابيه أهو شكل أمها وحشتها ودموع مش هتاخد في أيدينا حاجة مسمارين ثلاث بودرة مع كام حبة من البضاعة الجديدة وتروح للخالقها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة