قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل السادس والعشرون

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل السادس والعشرون

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل السادس والعشرون

صف آياز السيارة عند أقرب مشفى، بينما ترجل رامي منها، وإستدار ناحية باب المقعد الخلفي ليفتح الباب لعاليا التي تحركت بحذر للخارج...
كان رامي على وشك الانحناء وحمل عاليا مجدداً ولكنها أوقفته برفع كفها في وجهه، وهتفت بجدية:
-مش عاوزة مساعدة، أنا أقدر أمشي لوحدي
نفخ رامي بضيق وهو يجيبها متسائلاً:
-أنا بأسهل عليكي الموضوع، ليه بتعقدي الدنيا؟
رفعت حاجبها للأعلى، ونظرت له بإستخفاف وهي ترد بجمود:
-أنا حرة!

ثم رمقته بنظرات أكثر حدة لتضيف بإستنكار:
-ولا تكونش إنت مسئول عني وأنا مش واخدة بالي، ده انت لا قريبي ولا زميلي ولا خطيبي ولا حتى ابن خالتي!
أثارت كلماتها الأخيرة حنقه، وزفر بصوت مسوع ليرد عليها ساخراً:
-انتي عارفة المثل اللي بيقول أخرت المعروف الضرب بالكفوف، أهوو ده ينطبق عليكي
لوت شفتيها، وإعتدلت في وقفتها، وعلقت حقيبتها على كتفها، وأمرته بصوت جاد يحمل المزاح:
-وسع شوية خليني أعرج لجوا!

أشار بيده للأمام وهو يتحرك للجانب، وأردف ساخراً:
-اتفضلي يا أبلة اعرجي براحتك!
راقبهما آياز من داخل السيارة، وتسائل مع نفسه بإستغراب:
-لأ واضح من طريقة الكلام بينهم إن الموضوع كبير!
أراح ساعديه على مقود السيارة، وتابع بتوعد:
-اوكي يا رامي، هاعرف منك كل حاجة على رواقة!

دلفت عاليا إلى داخل المشفى، وتم إسعافها من أثر العضة بحرفية..
خشيت أن تكون المسألة خطيرة، ولكن طمأنتها الطبيبة قائلة:
-مافيش قلق إن شاء الله، هما بس 3 حقن، كل يومين هتاخديها، وبعد كده هنعمل فحص تاني!
سألها رامي بجدية زائفة وهو يفرك طرف ذقنه:
-يعني مش هاجيلها سعار ولا شحار؟
فغرت عاليا فمها مصدومة، ورمقته بنظرات نارية، ثم هتفت بغيظ:
-افندم؟!
سألته الطبيبة بإستغراب وهي قاطبة جبينها:
-مين حضرتك؟

أشار رامي بيده لعاليا، وأجابها مازحاً:
-أنا جاي مع العضة، قصدي معاها
رمقته بنظرات محتدة، وصاحت فيه وهي تصر على أسنانها بغضب:
-انت جاي تهزر هنا؟
أضافت الطبيبة قائلة بهدوء:
-يا أستاذ خد بالك من المدام وآآآ...
قاطعتها بحدة وهي تصحح لها:
-آنسة من فضلك، هو أنا مش باين عليا ولا ايه؟!
حاول رامي إخفاء ابتسامته، وهمس بحذر:
-باين كده، مستقلينك!

انتشر خبر إصابة عاليا على صفحة معلمي المدرسة الرسمية، فتسابقت صديقاتها المقربات في الإتصال بها للإطمئنان عليها، ومعرفة تفاصيل الحادث، ولكن تعذر عليهن الوصول إليها بسبب إنتهاء شحن هاتفها المحمول، ولم ترغب إحداهن في إثارة قلق والدتها دون داعي...
لاحقاً عادت عاليا إلى منزلها بعد أن أوصلها آياز ورامي، ولم تسلم هي من تعليقات الأخير الساخرة منها..

ترجلت من السيارة، وسارت بحذر نحو بهو البناية التي تقطن بها..
ظل رامي متابعاً إياها بنظراته حتى اختفت بالداخل، فأدار رأسه في اتجاه آياز، وأردف قائلاً:
-يالا بينا يا إيزوو
علق آياز على أسلوب ابن خالته قائلاً بجدية:
-ايه حكايتك معاها؟
رد عليه بفتور وهو يحك رأسه:
-ولا حكاية ولا رواية
أضاف آياز قائلاً بنبرة رزينة:
-ماتقنعنيش ان مافيش حاجة بينكم، انت مش شايف نفسك يا بني معاها؟!
تنحنح بصوت خشن ليجيبه:.

-احم، متحطش في بالك
مط آياز فمه، وأكمل بإستسلام
-ممم، ماشي، براحتك!
ثم مال برأسه عليه ليقول بجدية:
-بس أنا مش مصدقك، وهاعرف بطريقتي
نفخ رامي بنفاذ صبر وهو يتابع قائلاً:
-لو في حاجة هاقول أكيد
سأله آياز بخبث وهو محدق به:
-انت ولا هي؟
رد عليه رامي متسائلاً بغموض:
-قصدك ايه؟
لوى ثغره ليضيف بإبتسامة ماكرة:
-يعني أنا ممكن أسألها عنك
اتسعت حدقتي رامي بصدمة، وهتف بتلهف:
-بجد! انت هاتعمل كده؟

قهقه آياز عالياً، فقد إستطاع خداعه بسهولة، وأكمل بعبث:
-مش بأقولك في حاجة بينكم
نظر له رامي بإعجاب من طريقته، وهتف بحماس:
-مش سهل يضحك عليك!
رد عليه بنظرات متسلية وقد أشعل محرك السيارة:
-طبعاً.

في المساء،
في منزل عاليا،
اجتمعت بعض المعلمات حول فراش عاليا في منزلها، وتوسطتهم الناظرة إعتماد والتي أكملت حديثها بهدوء:
-ألف سلامة عليكي مس عاليا، إن شاء الله ترجعيلنا تاني
ابتسمت لها عاليا ابتسامة مجاملة، وردت بإمتنان:
-الله يسلمك يا مس إعتماد
أكلمت الناظرة بجدية وهي ترفع حاجبيها للأعلى:
-احنا أخطرنا مديرية الطب البيطري، والمحافظة وإن شاء الله يتعاملوا مع الكلاب دول!
هتفت سالي قائلة بجدية واضحة:.

-يا ريت، بدل ما كلب منهم يعض طفل من عندنا
أومأت الناظرة برأسها ايجاباً، ورددت بهدوء حذر:
-بالظبط، وقبلهم سلامتكم عندي!
ثم هبت واقفة لتكمل بجدية:
-هستأذن أنا
قطبت عاليا جبينها، وهتفت معترضة:
-لسه بدري يا مس إعتماد
إبتسمت لها إبتسامة باهتة وهي تبرر قائلة:
-معلش يا مس عاليا عشان تاخدي راحتك، وأشوفك قريب على خير
رمشت عاليا بعينيها، وهمست:
-الله يخليكي يا مس اعتماد..!

ثم غمزت لهناء الواقفة إلى جوار فراشها، وضغطت على شفتيها لتقول بخفوت:
-روحي وصليها يا هناء
رفعت هناء إبهامها للأعلى لتقول بإيجاز:
-اوكي
وبالفعل اصطحبت هناء الناظرة إعتماد إلى الخارج...
جلست سارة على الفراش، وعقدت ساقيها معاً، ثم ضمت كفيها على حجرها وهتفت بحماس:
-يالا يا لولو، متطوليش علينا بقى
ربتت عاليا على فخذ رفيقتها قائلة:
-إن شاء الله، ربنا يهون بالأيام الجاية
أضافت سالي قائلة بمزاح وهي ترتشف العصير:.

-هي حابة تدلع علينا وتشوف غلاوتها
تسائلت منة بجدية وهي عابسة الوجه:
-على كده مين هايشيل حصصك؟
ردت عليها عاليا وهي تهز كتفيها:
-اسألي أية يا منون؟
تابعت منة قائلة بإنزعاج وهي تشير بكفها:
-أنا جدولي مليان خلقة مش ناقص
ابتسمت لها أية ميبة إياها بنبرة رقيقة:
-مس اعتماد هتظبط معايا الجدول بكرة
هتفت سارة بلؤم وهي تغمز لأية:
-أنا رأيي تشيلي البت رانيا الجدول كله
قهقهت عاليا بصوت مرتفع، وهتفت قائلة:.

-مش قادرة منك، ده كده هاتتنفخ!
ردت أية بنبرتها الهادئة وهي تهز رأسها:
-هو في الغالب فعلا يا رانيا يا نشوى هيشيلوا مكانك
ابتسمت سالي قائلة بنبرة ثابتة:
-أحسن، خلي عضمهم ينشف شوية!
تسائلت عاليا بنبرة جادة:
-أومال فين ريمان وليلة؟
أجابتها سارة وهي تتنهد بعمق:
-ريمان قافلة موبايلها من الصبح والفيس والواتس وكل حاجة، واحنا مش عارفين نكلمها
عبست عاليا بوجهها وهي تسألها بإستغراب:
-طب ليه؟

هزت سارة كتفيها بعدم مبالاة لتجيبها:
-مش عارفة..
ردت سالي بهدوء:
-هي لما بتضايق مش بتكلم حد
مطت عاليا شفتيها، ثم تسائلت بإقتضاب:
-وليلة؟
أجابتها سارة دون تأخير:
-عندها فرح ومعرفتش تخلع، بس بعتالك السلام!
هزت رأسها قليلاً وهي تضيف:
-أها، الله يسلمها
نهضت سالي من على المقعد، وأشارت بيدها قائلة:
-يالا بينا يا بنات عشان لولو ترتاح
ردت عليها عاليا بتذمر:
-خليكوا أعدين معايا شوية!
هتفت منة قائلة بضجر:.

-يا بنتي انتي هتنامي، لكن احنا ورانا شغل متلتل بكرة
هزت رأسها متفهمة، ثم تشدقت قائلة:
-ربنا معاكو ويعينكم!
هتفت هناء بنبرة مرتفعة وهي تقف على عتبة الباب:
-مس اعتماد مشت
أشارت لها سالي بيدها وهي تقول:
-احنا هنحصلها الوقتي
أومأت هناء برأسها، وأضافت بنبرة ناعمة:
-اوكي، باقي البنات هايعدوا عليكي بكرة بعد المدرسة
ابتسمت لها عاليا وهي تجيبها:
-تشرفوا في أي وقت ده بيتكم يا حبايبي!

وقفت المعلمات خلف بعضهن لتقبلن عاليا وتحتضنها، فشكرتهن بإمتنان حقيقي، وانصرفن جميعاً تاركين إياها تفكر فيما حدث لها، وخاصة مع رامي...

في صباح اليوم التالي،
في مبنى رياض الأطفال،
بدى على وجه رانيا الحنق، وتلونت وجنتيها بحمرة غاضبة بعد أن أوكلت إليها الناظرة بغالبية حصص عاليا...
ظلت تسب بخفوت، وتلعن الدراسة والجدول الدراسي المزدحم، وغمغمت بضجر:
-ناس تتعض وتاخد أجازة، وناس تلبس في جدول ابن تيييت!
دلفت إلى داخل قاعة الدراسة، ونظرت إلى الأطفال بضيق، ولوت فمها وهي تصيح بصوت محتد:
-الكل ( يجلس ) في مكانه، محدش يقف
ردد طفل ما بإستغراب:.

-يجلس!
نظرت له من طرف عينها، وبررت قائلة:
-ايوه، يعني يقعد بالفصحي
-ماشي يا مس
أخذت رانيا نفساً مطولاً، وزفرته بصوت مسموع، ثم تشدقت قائلة:
-عاوزة كلمة تبدأ بحرف العين!
رفعت الأطفال الصغار أذرعهم عالياً، فإختارت أحدهم ليجيبها بثقة:
-عيب يا مس
فغرت فمها مدهوشة لتقول:
-نعم! عيب
أضاف طفل أخر قائلاً بحماس:
-عشان خاطري بتبدأ بالعين يا مس
لوت فمها بإندهاش أكبر مرددة:
-نعم، عشان خاطري!

نهض طفل ثالث من مقعده، وصاح بصوت مرتفع:
-مس، مس، عمليات خاصة بتبدأ بالعين
كزت رانيا على أسنانها بشدة، ووضعت يديها على رأسها، وهتفت بصوت محتد:
-صبرني يا رب!
وقف قبالتها أحد الصغار، وعبس بوجهه الطفولي البريء، وصاح بجدية:
-مس صبرني بتبدأ بحرف ال ( صاد ) مش العين، كده Wrong ( خطأ )
دفنت رانيا وجهها في راحتيها، وضغطت على شفتيها لتقول في نفسها بنبرة مغتاظة:.

-يالهوي، و لسه ياما هاشوف، هو الضغط بيجيلي من قليل...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة