قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الثالث والثلاثون والأخير

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الثالث والثلاثون والأخير

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الثالث والثلاثون والأخير

بعد يومين،
في مسرح مدارس اللافانيا،
تولت ميادة تقديم الجزء الأول من فقرات حفل نصف العام الدراسي، وتم تنظيم المراحل الخاصة بالرياض وفق جدول معين لتقدم كل مرحلة عرضها على حدا..
كذلك تولت هناء تقديم الجزء الثاني من الحفل..
بينما عمدت سالي إلى تنسيق الفواصل الغنائية خلال العروض..
تفاعل أولياء الأمور مع أطفالهم الذين كانوا يتحدثون بطلاقة وبثقة واضحة..

وأشادوا بالجهد المبذول خلال تلك الفترة لإيصالهم إلى هذا المستوى الأكاديمي المتقدم..
انتهت منة من فقرتها، والتي حازت على الحاضرين، وإنهالوا عليها بالتصفيق المتواصل، وولجت إلى داخل الكواليس وعلى ثغرها إبتسامة عريضة..
تنهدت بإرتياح لتمكنها من طرح فكرتها بطريقة تتلاءم مع الأطفال، فأحرزت النجاح المطلوب..
أسرعت هناء خلفها لتهنئها، ولكنها نسيت إغلاق الميكروفون، فبدى صوتها واضحاً وهي تقول:.

-بت يا منة، عرضك كان حلو
هتفت منة بسعادة:
-بجد
ردت عليها هناء بثقة:
-أه، أوي، طلعوا كويسين وشرفوكي
صاحت ميادة بنبرة مرتفعة وهي تلوح للصغار بيدها:
-بس يا ولاد، اهدوا، احنا اللي علينا الدور، وآآ...
ضحك الجالسين في المسرح على ما يُقال في الكواليس، فأسرعت سالي بتشغيل أغنية ما للتغطية على الأصوات الداخلية..
وركضت ريمان نحوهن، وهتفت بصوت شبه لاهث:
-المايك مفتوح، اقفلوه
وضعت هناء يدها على صدغها، وهتفت مصدومة:.

-اووف، كل حاجة بانت
حركت منة شفتيها للجانبين، وأضافت بإستنكار:
-يادي الفضايح
تسائلت هناء بخوف وهي تبتلع ريقها:
-هو في حد خد باله؟
ردت عليها ريمان بإمتعاض:
-كل اللي تحت
هتفت منة بنزق:
-يالهوي، هانتنفخ في الحكاية دي!
همست هناء بقلق وهي تشير بكفيها:
-استر يا رب.

على الجانب الأخر، إستعد آياز بأطفاله لتقديم فقرته الأخيرة في عرض اليوم، وتأكد من هيئة الصغار، وحمسهم قائلاً:
-اوعوا تخافوا، وافرحوا باللي بتعملوه، انتو أحسن كلاس، وأشطر أطفال
هتف بعض الصغار بنبرة طفولية بريئة:
-بنحبك يا مستر
رد عليهم بإبتسامة عريضة:
-وأنا كمان بأحبكم
أشارت ليندا بيدها له وهي تقول:
-يالا يا مستر آياز، الدور عليك
أومأ برأسه مجيباً إياها بهدوء:
-أوكي.

ثم إستدار برأسه في إتجاه الأطفال، وسألهم بحماس:
-Ready ( جاهزين )؟
رد عليه الصغار بحماسة مفرطة:
-Yes ( نعم )
لوح لهم بذراعه وهو يقول بنبرة مشجعة:
-يالا، Let s go
وبالفعل تحرك الأطفال بصحبة معلمهم، ووقفوا على خشبة المسرح بثقة كبيرة، وتسابقوا – والإبتسامات البريئة على وجوههم – في تأدية أدوارهم بحماسة رهيبة أشعلت الأجواء بالتصفيقات والتشجيعات الممزوجة بالضحكات العالية..

لم يصدق آياز أذنيه، فقد ظفر اليوم بنجاحه الذي سعى إلى تحقيقه، وجاء من أقاصي الأرض لتنفيذه على أرض الواقع...
أدمعت عينيه تأثراً، لكنه تمالك نفسه، والتف حوله الصغار وأحاطوه، فطوقهم بذراعه، وهتف فيهم بفرحة عارمة:
-You re my sunshine ( انتم ضوء الشمس بالنسبة إليّ )
أسدلت الستائر عليه وعلى الأطفال والتصفيقات مازالت مستمرة..
تجمع حوله المعلمات، وحضرت الناظرة إعتماد، وشكرته قائلة:.

-النهاردة بس أقدر أقول مبروك يا مستر آياز، إحنا كلنا فخورين إنك واحد مننا
لمعت عينيه، وبدى متأثراً وهو يجيبها:
-أنا مش عارف أقول ايه!
هتفت هبة بحماس:
-مبروك
بينما أضافت ميادة بجدية:
-تستاهلها يا مستر
رددت ليندا بإبتسامة مشجعة:
-برافو آياز
وهتفت هناء:
-ألف ألف مبروك، اتبسطنا كلنا بالعرض
وأضافت منة مشجعة:
-برافو يا مستر آياز
أردفت ريمان قائلة بحماس وعينيها تتحدثان عن إحساسها:
-من أحسن العروض اللي اتعملت.

أكملت الناظرة إعتماد قائلة بنبرة جادة رغم هدوئها:
-إنتو كلكم هنا أسرة واحدة، وقدرتم تعملوا مع بعض اللي محدش بيقدر يعمله، ربنا يوفقكم دايما
رد عليها الجميع بسعادة:
-يا رب
هتفت ميادة بنبرة رسمية:
-يالا عشان نسلم الأطفال لأولياء أمورهم، وبعدها نحتفل كلنا
قاطعتهم عاليا قائلة بحماسة مفرطة:
-طيب بالمناسبة دي أحب أعزمكم كلكم على خطوبتي الجمعة الجاية في نادي ((، )).

احتضنتها المعلمات، وتسابقن في تهنئتها، فهتفت سارة بفرح:
-ألف مبروك يا عاليا
ردت عليها عاليا بإبتسامة سعيدة:
-الله يبارك فيكي يا سوو
صاحت هبة وهي تغمز لها:
-ربنا يهنيكي يا رب
بينما هنأتها الناظرة إعتماد بإبتسامة هادئة على ثغرها:
-مبروك يا مس عاليا
ردت عليها بإمتنان:
-الله يبارك فيكي يا مس إعتماد
أردف آياز قائلاً بتنهيدة:
-مبروك
ردت عليه عاليا بثقة:
-إنت مش محتاج عزومة
أشار لها بإبهامه وهو يقول:
-عارف!

أضافت ليلة قائلة بجدية:
-أنا عندي المصور، مش هتحتاجوا لحد غريب
ردت عليها عاليا بضحكة رقيقة:
-أكيد أيمن
تابعت ليلة قائلة وهي تعض على شفتيها:
-صح، هو هيظبطك
هزت رأسها موافقة وهي تهمس ب:
-تمام
صاحت هبة بنبرة عالية وهي تصفق بيدها:
-وأخيرا عندنا عروسة!

في اليوم المنشود،
تم تزيين الحديقة الخلفية بأحد النوادي الشهيرة بديكورات بسيطة لتعطي مظهراً يتناسب مع حفل الخطبة المُقام بها بعد وقت الظهيرة..
ووزعت الطاولات بشكل دائري حتى يتمكن الجالسين من رؤية العروسين بصورة واضحة..
كذلك تم وضع أعمدة جرانيت قصيرة تزدان قمتها بورود بيضاء رقيقة عند المدخل، وصممت بوابة رقيقة من البلالين ليلج العروسين من خلالها..

إلتقط أيمن صوراً منوعة للمكان ولباقات الورد الأنيقة قبل أن يصل العروسين للحديقة، ثم اختطف هو بعدسة كاميرته لقطات مميزة لهما وهو يتأبطان ذراع بعضهما البعض، وتعمد التركيز على ابتسامة عاليا الناعمة، ونظرات رامي العاشقة لها..
سريعاً إمتلأ المكان بالحضور، وتسابقت المعلمات في إلتقاط الصور مع العروسين وتسجيل تلك اللحظات الجميلة ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعية..

إرتدت عاليا فستان خطبتها من اللون النبيذي، خصره ضيق، وله ذيل قصير، ثم ينسدل للأسفل بتموجات رقيقة، كما أن أكتافه مبطنة بقماش الشيفون، والذي تم تطريزه بورد صغير من نفس اللون..
جلست هي على الأريكة المخصصة للعرائس، وإلتفت حولها رفيقاتها، وتبادلن الكلمات المهنئة لها..
بينما وقف خلف رامي آياز، وربت على كتفه مشجعاً إياه، ثم مال على رأسه، وهمس له بسعادة:
-مبروك يا رامي
وضع رامي يده على كفه، ورد عليه ممتناً:.

-الله يبارك فيك يا إيزوو، وعقبالك
استدار برأسه نحو ريمان، ورد عليه قائلاً بثقة:
-أكيد هايحصل!
ثم أمسك رامي بيدها، وألبسها خاتم الخطبة، فتعالت الزغاريد المصحوبة بالتهليلات والتصفيقات..
قامت والدة عاليا بتوزيع الحلوى والشيكولاته على المتواجدين، واقتربت من رانيا التي كانت عابسة الوجه، وناولتها قطعتين من الشيكولاته وهي تردد بصوت حاني:
-بكرة ربنا هيعدلهالك يا بنتي، اضحكي انتي بس.

رسمت ابتسامة سخيفة على ثغرها، وردت عليها قائلة:
-حاضر يا طنط!
ثم غمغمت مع نفسها بإمتعاض:
-افرجها من عندك يا رب!
قبلت منة عاليا من وجنتيها، وهتفت بنبرة مرحة:
-أنا قولت أسلم عليكي قبل ما أتوكل على الله وأسافر
سألتها عاليا بعبوس زائف:
-هو خلاص النهاردة؟
أومأت برأسها وهي تقول بجدية:
-ايوه، يدوب ألحق الطيارة، ده أنا كمان متأخرة
صافحتها عاليا بقوة، و دعت لها قائلة:
-ربنا معاكي، واجازة عليكي إن شاء الله.

تنهدت وهي تردد:
-يا رب!
ثم لوحت بذراعها للجميع وهي تهتف بنبرة مرتفعة:
-باي يا بنات
ردت عليها هناء:
-باي يا منون
وأضافت ميادة بمرح:
-انجوي يا بيبي
بينما هتفت هبة بمزاح وهي تشير لها:
-ترجعي بالسلامة، وماتنسيناش
ردت عليهن منة بإبتسامة لطيفة:
-حاضر، باي.

لاحقاً، إستقلت رانيا سيارة الأجرة لتعود إلى منزلها، فقد سئمت الجلوس بمفردها، وتأمل الحاضرين دون أن يعيرها أي أحد الإنتباه..
أعطت للسائق أجرته، وترجلت من السيارة، ولكنها تسمرت في مكانها، فقد كان يقف أمام مدخل البناية كلباً متشرداً، فخشيت أن يحدث معها مثلما حدث من قبل مع عاليا..

فكرت في الركض ولكنها تراجعت سريعاً عن تلك الفكرة بسبب إرتدائها لفستانٍ طويل، وبالتالي سيعيق حركتها، وربما يؤدي إلى تعثرها، فتصبح فريسة سهلة له..
ضغطت على شفتيها، وتسائلت مع نفسها بحيرة:
-طب أعمل ايه الوقتي؟
ظلت واقفة في مكانها لبرهة تراقب الطريق بنظرات حذرة حتى آلمتها قدميها، فغمغمت بإنزعاج وهي تزفر بصوت مسموع:
-هو مش هايمشي في يومه، وأنا مش معايا رصيد أكلم بابا ينزل يهشه!

توقف إلى جوار الرصيف سيارة ما فارهة، وأنزل قائدها النافذة الملاصقة له، وأطل برأسه نحو رانيا، وسألها بهدوء جدي:
-في مشكلة حضرتك؟
فغرت رانيا شفتيها مصدومة، ورمشت بعينيها غير مصدقة ما حدث تواً، فقد كان الشاب وسيماً، ويعرض عليها مساعدته..
ظنت أنها تتوهم ما تسمعه، فسألته بإندهاش يعلو قسمات وجهها:
-إنت، إنت بتكلمني أنا؟
أومأ برأسه إيجاباً وهو يرد عليها:
-أيوه!

ثم ترجل من السيارة، وحدق بها بنظرات ثابتة، وسألها بهدوء:
-انتي مش عارفة تدخلي من الكلب؟
هزت رأسها عدة مرات وهي تجيبه بتلهف:
-آآ، أيوه
تقوس فمه بإبتسامة ودودة، وتشدق قائلاً:
-لحظة، أنا هاساعدك
وبالفعل تحرك الشاب للأمام، فتأملته رانيا بنظرات متفحصة ودقيقة، فبدى أنيقا للغاية، ومهندماً بصورة لافتة، وكذلك كان وجهه حسن الطلعة..
ازدردت ريقها، وتنهدت بحرارة وهي تهمس لنفسها بسعادة:
-بينها مكتوبالي!

أشار لها بيده وهو يقف بجسده أمام الكلب – الذي كان مسالماً للغاية - ليمنعه من الاقتراب منها، وهتف بنبرة مرتفعة:
-اتفضلي يا آنسة
همست لنفسها بسعادة:
-وحياتك آنسة ونص وتلاتربع!
تابع قائلاً بصوت جاد:
-يالا، متخافيش، أنا هادخلك
-م، ماشي
تحركت هي خلفه، ونظرات الإعجاب المصحوبة بالسعادة تعبر عنها..
أبعد الشاب الكلب عن المدخل، وإستدار ليواجهها وهو يقول بإبتسامة خطيرة:
-ده كلب عادي، مش مؤذي.

تلعثمت وهي ترد عليه بإمتنان:
-ش، شكراً، انت، انت انسان ذوق وأنا عاجزة عن شكرك
زادت إبتسامته سحراً وهو يقول بصوت رخيم:
-ولا يهمك، أنا معملتش حاجة، اتفضلي
همست له بإمتنان أكثر:
-ميرسي
أضاف قائلاً بهدوء:
-وأنا موجود لو في أي حاجة، أنا محلي في أخر الشارع
حركت رأسها قليلاً وهي تتمتم بخفوت:
-اوكي
لوح لها بكفه وهو يتحرك مبتعداً:
-مع السلامة يا آنسة
ردت عليه بإبتسامة بلهاء:
-باي، وفرصة سعيدة.

تبعته بنظراتها حتى ركب سيارته، وتحرك بها لأخر الطريق، فتنهدت بحرارة وهي تهز رأسها للجانبين، وهتفت بتمني:
-اوعدنا يا رب بالحلويات دي!

في حفل الخطبة،
تواصلت فقرات الحفل ما بين الغناء، ورقص الشباب، وفقرة أخرى خاصة بالتنورة، وكذلك العروض الشعبية، وتفاعل الجميع معها..
تعمدت سارة أن تتوارى عن الأنظار حتى لا تلتقي بالمعلمة حنان أو أخيها، فقد ضايقها ملاحقته لها في كل مكان، خاصة وأنها قد رأته في العرض المدرسي، وفرض عليها نفسه بصورة مزعجة مما سبب لها الحرج، وحبست نفسها طوال الوقت في الكواليس..

تنفست الصعداء لرؤيتهما يتركان الحفل، وهمست لنفسها بسعادة:
-أوف، واحد لا يُطاق، مفكر نفسه ظريف، وهو غلس، الحمدلله إنه مشى!
رأتها سالي فتعجبت من تصرفها الغريب، واقتربت منها وسألتها بنبرة مرتفعة وهي قاطبة لجبينها:
-إيه يا بنتي مستخبية هنا ليه؟
ردت عليها بإقتضاب:
-مافيش
لكزتها سالي في كتفها بخفة وهي تقول:
-طب يالا عشان نتصور مع عاليا
-ماشي يا سالوكة.

لم يكف أيمن عن رمق ليلة بنظرات الإعجاب، وتحمس كثيراً لرؤيتها تتجاوب معه وتبادله بنظرات رومانسية وناعمة، وترقب بشغف ردها على طلبه بالإرتباط بها، ولكنه كان مطمئناً بدرجة كبيرة من مشاعرها نحوه..
وقف الاثنين سوياً وتبادلا حديثاً ناعماً بينهما..
مسح أيمن عدسة الكاميراً بمنشفة ورقية، وتشدق قائلاً:
-عقبالنا
ردت عليه بحياء:
-إن شاء الله
تابع قائلاً بنبرة هادئة:.

-أنا مش مستعجل، خدي راحتك في التفكير والرد، احنا مع بعض
أخفضت عينيها للأسفل، وردت عليه بإختصار:
-اوكي.

بحث آياز بعينيه عن ريمان، وبالفعل وجدها تقف بجوار إحدى الشجيرات لتلتقط صوراً لنفسها، فإبتسم لها، وتحرك نحوها بخطوات ثابتة..
استطرد حديثه قائلاً بإبتسامة متحمسة:
-ممكن أخد من وقتك دقايق
ردت عليه بإبتسامة رقيقة:
-أكيد
تنحنح بصوت خشن، وتابع بتلعثم:
-ريمان، أنا، أنا آآ...
سألته بإهتمام وهي مسبلة عينيها:
-إنت ايه؟
أجابها بإرتباك قليل وهو محدق في عينيها:
-هو أنا مش عارف مالي، بس، بس جوايا آآ، يعني أقصد آآ.

شجعته ريمان قائلة بمرح وهي ترمقه بنظرات حنونة:
-خد نفسك، واتكلم بالراحة أنا سمعاك!
رد عليها آياز ضاحكاً:
-مش عارف الموضوع صعب أوي
وضعت اصبعها على طرف أنفها، وأخفضت رأسها وهي تقول بخفوت:
-خد وقتك
أخذ آياز نفساً عميقاً، وحبسه في صدره للحظات، ثم أطلقه دفعة واحدة، وتابع حديثه قائلاً:
-شوفي، أنا حاسس ناحيتك بمشاعر مش قادر أفسرها، بس بأكون في حالة مختلفة وأنا معاكي.

أومأت برأسها وهي تصغي له بإهتمام، فأكمل بنفس الثبات الإنفعالي:
-أنا مش حابب أستعجل في أي خطوة بدون ما أكون متأكد من اللي أنا عاوزه، بس حابب إنك تعرفي إن وجودك معايا الفترة الجاية هايفرق كتير!
تأمل هو تعابير وجهها، فوجدها مرتخية إلى حد ما..
بينما ردت هي عليه بإيجاز:
-اوكي
برر آياز موقفه قائلاً:.

-أنا هدفي من البداية كان أحقق رسالتي وعملت ده، ونجحت كمان فيه، وفي نفس الوقت مكانتش بأفكر في الإرتباط، وماتوقعتش إن في مشاعر جوايا هتظهر ناحية أي واحدة هنا
-أنا آآ...
قاطعها مكملاً بجدية:
-أنا مش عارف أخبي مشاعري، وعاوزك تعرفيها، أنا صادق في إحساسي ناحيتك، وهاطلب منك طلب
سألته بإهتمام بعد أن ارتسمت علامات القلق على تعابير وجهها:
-ايه هو؟
رد عليها بهدوء حذر:.

-نستنى شوية لحد ما أرتب أموري كلها، وساعتها هاعمل كل حاجة انتي نفسك فيها، ها رأيك ايه؟
ضغطت على شفتيها بقوة، وأجابته بتنهيدة حائرة:
-مش عارفة، بس آآ..
مد يده ليمسك بكفها، وضغط عليه بأصابعه قليلاً ليطمئنها، وهمس لها بصدق:
-ريمان! طالما احنا مع بعض كل اللي بنتمناه هيحصل
التوى ثغرها بإبتسامة ناعمة، وردت عليه بخفوت وهي ترمقه بنظرات رومانسية:
-اكيد، وأنا معاك، وهاستناك!

على متن الطائرة،
تحركت منة في الممر الذي يتوسط المقاعد بخطوات شبه بطيئة لتحدق بنظرات دقيقة في أرقام المقاعد، ولكنها لم تتمكن من الوصول إلى مقعدها، فعاونتها المضيفة في الوصول إليه..
نزعت عن ظهرها حقيبتها، وضيقت ما بين حاجبيها وهي تراقب الجالس في المقعد الملاصق لها..
عبس وجهها نوعاً ما، فقد أرادت الجلوس بجوار النافذة، التفت الشاب نحوها، وسألها بنبرة جادة:
-في مشكلة؟
ردت عليه بإقتضاب:
-لأ.

ابتسم لها قائلاً بهدوء:
-حضرتك عاوزة تقعدي جمب الشباك؟
ردت عليه بتلعثم:
-آآ، لأ عادي يعني، ده، ده مكانك
نهض عن مقعده، وأشار لها بيده وهو يتابع بهدوء:
-تعالي اتفضلي، مافيش مشكلة
ثم تنحى جانباً لتتمكن هي من الدخول..
بادلته منة إبتسامة مهذبة وهي تقول:
-ميرسي لذوقك
التوى ثغره قليلاً وهو يرد عليها:
-العفو، دي حاجة عادية
استقرت منة في مقعدها، ورتبت أشيائها بحذر، ثم أمسكت بهاتفها وظلت تعبث به..

تابعها ذلك الشاب بإهتمام، ولفت أنظاره أنها تحمل ورقة مشابهة لما معه، فأثاره الفضول لسؤالها عنها، وبالفعل لم يضعْ وقته، وسألها بجدية:
-هو حضرتك طالعة تبع رحلة معينة؟
ردت عليه بهدوء:
-ايوه، أنا مشرفة في رحلة مدارس اللافانيا
تابع هو قائلاً بإبتسامة مغترة:
-تمام، تعرفي إن أنا المنظم للرحلة دي
رفعت حاجبيها للأعلى، وقالت بعدم تصديق:
-والله؟!
رد عليها موضحاً:.

-أيوه، أنا وكيل سفريات، والرحلة دي تبعي، يعني أنا اللي حاطط البرنامج
فغرت شفتيها لتقول بذهول:
-مش معقول
أكمل قائلاً بإبتسامة سعيدة:
-صدفة غريبة صح؟
مطت ثغرها وهي تردد:
-جداً
أردف قائلاً بهدوء:
-أتمنى إن برنامج الرحلة يعجبك
-إن شاء الله
ثم تابع بإبتسامة مشرقة:
-بالمناسبة أنا اسمي خالد
ردت عليه بخفوت:
-وأنا مس منة
سألها خالد بنبرة مهتمة:
-مس، واو، مدرسة ايه بقى؟
أجابته بإيجاز:
-انجليش
أكمل خالد قائلاً بجدية:.

-عارفة يا مس إن الأتراك مش بيتكلموا إلا تركي وبس؟!
ردت عليه بثقة وهي تشير بيدها:
-أيوه، بس أنا بأتابع كام مسلسل تركي فحافظة كام كلمة كده على أدي
هز رأسه بإعجاب، وتابع قائلاً:
-كويس، أنا بأتكلم تركي كويس، وأكيد هساعدك لو وقفتي في حاجة
-اوكي..
-رحلة سعيدة عليكي يا مس منة
-وعليك إنت كمان يا مستر خالد!

في حفل الخطبة،
استمر الحفل لعدة ساعات، وتناول الجميع المشروبات والجاتوه، ثم حانت لحظة إنتهائه، فصاح أيمن بصوت جهوري وهو يلوح بيده للمتواجدين:
-يالا يا جماعة، صورة أخيرة تذكارية قبل ما العروسين يمشوا
وبالفعل تحركت المعلمات نحو كوشة العروسين، وأحاطت بهما، وكذلك إنضم إليهم ذويهم..
مال المهندس سرحان على ابنه، وبارك له قائلاً:
-مبروك يا رامي
رد عليه رامي بسعادة:
-الله يبارك فيك يا بابا.

أضافت والدته قائلة بجدية:
-عروستك زي القمر، حطها في عينيك
رد عليها بمزاح:
-دي لسه خطوبة يا ماما
أكملت قائلة بإبتسامة صافية:
-أديني بوصيك من دلوقتي
هز رأسه موافقاً وهو يردد بإختصار:
-حاضر
صاح أيمن بنبرة مرتفعة وهو يسلط عدسة كاميرته على الواقفين:
-يالا يا جماعة، جاهزين
أشار له الجميع بإستعدادهم لإلتقاط الصورة التذكارية..
فتابع هو قائلاً:
-تمام، 1، 2، 3.

بدت السعادة على أوجه جميع المحيطين بالعروسين، وزادت إبتسامتهم إشراقاً وهم يحدقون في عدسة الكاميرا...
تنوعت نظراتهم ما بين العشق، والشغف، والرومانسية، والإعجاب، والترقب، والفرحة والانتظار..
نعم، فقد تحققت أحلام بعضهم على أرض الواقع..
وخطى البعض الأخر خطواته الأولى نحو تحديد مستقبله بصورة جدية وناجحة..
وبقيت قلة قليلة تترقب بتلهف معرفة السبيل الصحيح إلى أهدافها..

كما ظلت بعض الأحلام في قائمة الأمنيات حتى يحين موعد تنفيذها..
ولكن الأكيد في نهاية المطاف أنه تم التوفيق بين ( راسين في الحلال )...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة