قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

كانت تجلس متصفحة رسائل هاتفها تجيب أسئلة بعض أهالي المرضى اللذين تعالجهم في المساء حين أعلن هاتفها عن وصول رسالة من طاهر، عقدت حاجبيها تتساءل عن فحواها، كادت أن تتجاهلها وقد شرعت للتو في الرد على الرسائل كي تُخرجه من عقلها وتفكيرها فمنذ أن عادت وكان هو محور أفكارها.

طريقته معها. كلماته. أفعاله وتصرفاته تشبه والدها إلى حد كبير حتى كادا أن يكونا توأمين لتنفض أفكارها مجدداً. لا أحد يشبه أباها أبداً، هي فقط أحلامها التي تتمنى وجود رجل يشبه أباها حتى تفتح قلبها له، قلبها الذي تصدع من صدمات الغدر والخيانة والكذب حتى باتت شروخه غير قابلة للإصلاح والترميم.

حسمت رأيها ستفتح رسالته وتنتهي من الأمر فلا يشغل بالها ولا تضرب أخماس في أسداس تتساءل عن محتواها. جرت عيناها على سطورها ومع كلمات رسالته تتسارع خفقاتها كأنهما في سباق.

حبذا القسم في المحبين قسمي لو يلاقون في الهوى ما ألافي حيلتي في الهوى وما أَتمنى حيلة الأَذكياءِ في الأَرزاق لو يُجازَى المحبُّ عن فَرْطِ شَوْقٍ لَجُزيتُ الكثيرَ عن أَشواقي وفتاة ٍ ما زادها في غريب الحسن إلا غرائب الأخلاق ذقت منها حلواً ومراً، وكانت لذة ُ العشق في اختلاف المذاق ضرَبتْ موعداً، فلما التقينا جانبتني تقول: فِيمَ التلاقي؟
أحمد شوقي؟ شاعر أباها المفضل؟!صدفة أخرى؟!

انتفضت على صوت رسالة أخرى.
ايه رأيك؟
نفضت مشاعرها المضطربة وهي ترفع احد حاجبيها تكتب قائلة:
في ايه؟
في صاحب الحكاية وحبيبته؟
وأنا مالي؟

صمت من جانبه للحظات شعرت هي فيهم بالذنب، لماذا تعامله هكذا وهو يقدم لها معروفاً؟ هل صارت حقاً تمقت الرجال؟ وهل هو كبقية الرجال؟ ضربت على رأسها بحنق تقول لنفسها. بالطبع هو كذلك ألا ترين؟ يطالعك بنظرات تقطر اعجاباً ويلقى على مسامعك عبارات رقيقة كالغزل ثم يراسلك دون داع وتحمل كلماته أشعاراً بينما يقول الجد رءوف أنه يعشق أخرى. دعي عنك غباءك ولا تضعفي للحظة واحدة وإلا ندمتي.
بتفكري في إيه؟

طاهر انت عايز مني إيه؟
صمت مجددا ثم بضع كلمات أطاحوا بثباتها وقرارها الذي اتخذته منذ لحظات.
عايز أطمن عليكي، حسيت النهاردة وانتِ في المحل انك اتمنيتي يكون باباكِ معاكِ في اليوم ده وحاسس كمان دلوقتي انك مفتقده جدا ومحتاجاه جنبك بكرة عشان تقفي قصاد الكل بثبات وتكملي. وعايز أقولك متخافيش انا جنبك ومش هسمح لحد يإذيكي أبداً.

هذا ماشعرت به وتشعر به حقاً، ربما هي تمثيلية ولكنها وجدت نفسها اليوم تتخيل لو أنها حقيقة ماذا كان ينقصها؟ ليكون بالتأكيد وجود أبيها، كما إنها حقاً تخشى الغد ورد فعل عمها الذي اتخذ وضع الصمت والتجاهل لكل مايحدث ولم يُبدِ رغبة في الصراع أو الصراخ حتى غاضباً. تبغى وجود أباها ليحميها من عمها إن كان يُعد لها شيء سيصيبها بالضيق او يدمر مخططها. ولكن كيف شعر بها ولماذا يُبد لها هذا الرجل كل هذا الكم من الاهتمام؟ الأولى أن يوفره لحبيبته. أصابتها هذه الفكرة بحنق شديد فكتبت وهي تقول بصوت مسموع غاضب:.

أنا مش خايفة ولا محتاجة حد جنبي، من فضلك التزم بدورك في التمثيلية السخيفة دي ومتقلقش علية، وفر قلقك لحبيبتك وسيبني في حالي.
أغلقت هاتفها بالكامل وزفرت بقوة، لتسمع صوت أمها تقول في قلق:
مين اللي بيكلمك ياآيات؟
اعترتها صدمة فقالت باضطراب:
ده. ، ده...
واحد بيعاكس مش كدة؟ تعرفيه؟
إلى أي مدى من كلماتها قد استمعت والدتها؟ يبدو أنها استمعت لآخر جملة فقط لتهز رأسها قائلة:.

ده واحد في النادي ياماما مُصر على أنه معجب بية مع انه بيحب واحدة تانية.
متأكدة؟
هو بنفسه قاللي.
وعايز منك ايه لما هو بيحب واحدة تانية؟
قالت بحيرة:
مش عارفة ياماما.
تحبي أخلي عمك رأفت يتدخل؟
أسرعت تقول:
لا لا مش مستاهلة طبعا، المهم انتِ كنتي عايزة حاجة؟
كنت عايزة أطمن عليكي.
هو ايه حكايتكم النهاردة؟ أنا كويسة مفيش فية حاجة؟
حكايتكم! قصدك مين؟
ها. طاهر. هو كمان لسة مكلمني يسأل علية.

ابن حلال. بيحبك وبيخاف عليكي بجد، بس ياترى انتِ كمان بتبادليه مشاعره؟
عقدت(آيات) حاجبيها قائلة:
قصدك ايه ياماما؟
قصدي انه مش باين عليكي انك عروسة فرحانة بخطوبتها وشبكتها ياقلب ماما ولا باين عليكِ المشاعر اللي بتتكلمي عليها واللي صرحتي بيها قدامنا كلنا. لا أنا غبية ولا عمك وأكيد شاكين في الموضوع.
ياماما..

اسمعيني ياآيات أنا ماصدقت انك وافقتي على انك تتخطبي وتتجوزي انا كنت فقدت الأمل وانتِ اديتهولي من تاني بس لو كنتِ وافقتي على طاهر عشان متتجوزيش عصام فكدة انتِ بتغلطي وبتظلمي راجل بيحبك وربنا يابنتي ميرضاش بالظلم، متكمليش وأنا هكلم عمك رأفت في موضوع عصام واقوله كل شيء قسمة ونصيب.

وهل سيدعني وشأني بعد أن أدرك أن المال بيدي؟ بالطبع لا. طيبة ياأمي لم تدركين بعد كم هو ثعبان سام هذا الرجل الذي تزوجتيه. ربما في ارتباطي بطاهر حماية لي حقاً.
ياماما صدقيني انتِ فاهمة الأمور غلط، انا فعلا بحب طاهر بس متعودتش أظهر مشاعري قدام الناس، انا مصممة اكمل وبإذن الله هتفرحي بية قريب.
كاذبة. كاذبة. كاذبة.
يارب يابنتي يارب. نفسي أعيش لحد ماأشيل ولادك بين ايدية. نفسي أشوفهم قبل مااموت.

أسرعت إليها تجثو على ركبتيها تحتتضن يديها قائلة:
بعيد الشر عنك ياأمي.
ربتت والدتها على يدها قائلة:
ربنا يسعدك يابنتي.
ثم تطلعت إلى ملامحها الجميلة مردفة:.

بس لازم تسمعي الكلمتين دول كويس وتحطيهم قصاد عنيكي دايماً. لما بنحب ويبقى حبيبنا محور حياتنا بيصعب علينا قوي لما نلاقي منه جفا وعدم اهتمام، حتى لو كنا عارفين ان اللي بنحبه بيحبنا بس الاهتمام يابنتي عامل زي المية للورد بيحييه ويخليه دايما مفتح ولو قل بيفضل يجففه لحد مايموت. فاهماني يابنتي؟

هزت آيات رأسها ثم وضعت رأسها على حجرها لتبتسم والدتها بحنان وتملس على خصلاتها لتغمض آيات عيناها تنوي ان تظهر بعض الحب ل طاهر حتى ترضى أمها وتُزيل شكوك عمها وتأمل أن لا يسيء طاهر فهمها ويدرك ان كل ماتفعله هو جزء من مسرحية سخيفة وافقت على القيام بها لتشعر الآن بالندم وهي بين أحضان أمها تخون ثقتها بهذه الكذبة اللعينة وتمنحها أملاً زائفاً لن يتحقق.

كان يجلس في كُرسيه الهزاز يغلق عينيه وهو يستعيد كلماتها، تريده أن يوفر قلقه لمحبوبته ولا تدري أنها هي ذات الكتاب الأحمر محبوبته منذ الأزل، منذ أن رسم صورة لها فتجسدت أمامه وصارت حقيقة مالبثت ان إختفت من أمامه لتعود مجددا للظهور وفي هذه اللحظة أقسم لنفسه أنه لن يتركها قط، سيكون ظلاً لها حتى تقع في غرامه مثله وأكثر، لا ينسى حين نادته في محادثتها باسمه مجرداً. لقد تسارعت خفقاته واشتعل جسده بالكامل من حروف خطتها بيدها فما باله لو نطقتها او أسمعته كلمات الحب وهي تشعر بها حقاً، لشعر أنه مات وانتقل للجنة دون ريب.

فتح عيونه يطالع الكتاب جواره على المنضدة ثم يسحبه. يفتحه ثم يقرأ بصوت مسموع حالم:.

عندما نعيش لأنفسنا تتضاءل الحياة وتفقد معانيها وتصير فارغة من المشاعر والأحاسيس، لكن ان نعيش لغيرنا فنجد حياتنا تتبدل وتتلون وتصبح ذات هدف تحول بيننا بين الضياع وتحمينا من السقوط في جحيم يهلكنا. ننظر إلى الحياة نظرة عميقة نكون أكثر مراعاة للظروف. نثق نتفاهم نمنح نتسامح ننضج نثق بأنفسنا ونحقق ذاتنا نشفي ارواحنا. نتحول من جماد لا يشعر حين نأخذ من الحياة التي نعيشها وبكل جدارة. ، لقب إنسان.

أغمض عيونه مجددا يضم الكتاب إلى صدره وعلى شفتيه ترتسم هذه الابتسامة الراضية والتي تمنحها له دوماً كلماتها.

كان يرتجل من سيارته حين رآها تشير لسيارة أجرة فتوقفت لها، ناداها فلم تسمعه. أسرع إليها ولكنها رحلت قبل أن يصل إليها، تطلع إلى المبنى الذي خرجت منه للتو عاقداً حاجبيه متسائلا عما تفعله في الإدارة التعليمية، مشي بخطوات سريعة حتى دلف إلى إحدى الحجرات بعد أن طرق الباب بعجلة وسمع أحدهم يسمح له بالدخول، ماإن وقعت عيناه عليها حتي ابتسمت بترحاب قائلة:
أهلا وسهلا يا أستاذ محمد نورت الإدارة كلها.

تسلمي يامدام ميرفت.
ليردف دون مواربة:
هي سعاد كانت هنا بتعمل إيه؟
عقدت حاجبيها قائلة:
بتقدم طلب أجازة عشان تراعي تقي، انت مش عارف انها تعبانة؟
أعرف ولكن مرضها بسيط لايحتاج إلى أن تأخذ سعاد إجازة.
أستاذ محمد روحت فين؟كنت عايز حاجة؟
ها. آه. اتفضلي. أستاذ صادق بعتلك الأورق دي.
أخذت منه الأوراق تتطلع إليها بإهتمام قبل أن تقول:
كدة تمام، قوله يومين ويتصل بية اقوله عملت إيه.

ابتسم لها شاكراً قبل أن يغادر، كاد أن يتصل بسعاد ليطمئن عليها ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة، يخشى ان تشعر بإهتمامه كالبارحة حين أصر أن تصعد الي منزلها ثم تتصل به وتخبره أنها بخير مُغلق عليها باب، فقد طالعته للحظات بنظرات حيرة لم تلبث ان رحلت عنها و كأنها تنفض أفكارها بعيداً، ثم صعدت تاركة له رسالة.
*أنا بخير. شكرا على صنيعك معنا. *.

لم يفعل شيئاً لتشكره عليه، لقد أنقذ نفسه قبل أن ينقذها لو تدري هذه النيران المشتعلة التي ظلت تحرق قلبه طوال الليل وهو يتخيل ماكان من الممكن أن يحدث لها لولا وجوده لأدركت مشاعره دون شك. تنهد وهو يصعد إلى سيارته، يقودها بإتجاه مدرسته مجددا وفي خياله تراءت له وهي ترتعش البارحة خوفا، ليلعن زوج خالته وزوجها والرجال في حياتها، من تركوها وحيدة تشعر بالعجز والخوف وقلة الحيلة.

وقفت تبدل ثِقلها من قدم لأخرى، تنتظر أن ينتهي من فحص هذه الأوراق أمامه، ان كان مشغولاً إلى هذا الحد فلم استدعاها؟ حتى أنه لم يدعوها للجلوس. هل ينوي إذلالها ام تعذيبها؟ عقدت حاجبيها بقوة وقد قررت أن تستدير مغادرة وليكن مايكون. كادت ان تفعل ليترك ماهر ماأمامه من أوراق فجأة وكأنه شعر بنواياها، يطالعها بنظرة متفحصة قبل أن يقول:.

أنا كلمت محمود وقال انه مستنيكي عشان يعرفك على بنته منار، اعملي حسابك انك هتروحيله النهاردة الساعة 5.
يصدر أوامره مجددا وكأنها دون رأي، حسناً لن تعترض هذه المرة فالملل يقتلها والعمل يومياً سيخفف من وطأته عليها.
طبعا مش هينفع تروحي وتيجي وانتِ لابسة كدة.
عقدت حاجبيها وهي تطالع نفسها بحيرة، لباسها محتشم ولا تشوبه شائبة لتترجم حيرتها قائلة:
ليه. ماله الفستان ده؟
ميليقش باسم عيلة بدران.

قال جملته بلهجة متعالية جعلتها تقول بخنق وغيظ:
قلتلك قبل كدة انا مش من عيلة بدران.
وجودك جوة البيت هنا يخليكي من العيلة حتى لو شيء مؤقت.
كادت أن تقول شيئاً فقاطعها بكفه قائلا بحزم:
أنا قلت كلمة ومش هرجع فيها يااما تنسى الموضوع كله. بعد الضهر هاخدك محل صديقة لية هنجيب منها شوية فساتين.

طالعته بغيظ قبل أن يرن هاتفها لتطالع شاشته قبل أن تتبدل ملامحها تماماً وتنبسط أساريرها لتتجاهل ماهر كلية وهي تجيب هاتفها وسط دهشته قائلة بحنين وشوق امتزج بعتاب:
بقالي يومين هتجنن وأكلمك وتليفونك مقفول، عاملة ايه؟ وحشتيني.

تأملها ماهر رغماً عنه عفويتها وملامحها الجميلة التي أضائتها السعادة لسماع صوت محدثتها، بهذه الفتاة شيء يجذبه يحاول تجاهله بكل قوته ولكن حركة عفوية كتلك التي فعلتها معه الآن تميزها عن غيرها فيجد نفسه يقع تحت سحر يحاول الفكاك منه بكل قوته.
محمد طول عمره راجل وجدع ربنا يسعده ويحقق له أحلامه.
قطب جبينه متسائلا.

من هو هذا المحمد الذي تتكلم عنه بأريحية بل وتدعو له أيضا. هل هو حبيب أم صديق؟ وجد عقله رافضا أن يطلق عليه أي من تلك الألقاب.
عقدت حاجبيها قائلة:
وهي عاملة ايه دلوقتي؟ الدكتور قال إيه؟
لتنفرج أساريرها مجددا وهي تقول بسعادة:
الله بقى على الأخبار الحلوة، استنى عندك متتحركيش جايالك حالا.
لتغلق الهاتف وتستدير فتتجمد ملامحها السعيدة للحظة وهي تطالع وجهه قبل أن تزول ابتسامتها، ليقول هو ببرود:
خلصتي تليفونك؟

لن تعتذر ان كان هذا ماينتظره، انها صديقتها الوحيدة التي ستجيب اتصالها في أي وقت وأي مكان حتى وان كانت على فراش الموت. لتجيب ببرود بدورها:
انت مش شايف اني قفلت الموبايل؟
تجاهل كلماتها وهو يطالع أوراقه مجدداً قائلا:
اتفضلي دلوقتي على أوضتك ومتنسيش ميعادنا بعد الضهر.
لا ماهو مش هينفع.
رفع إليها عيناه قائلا:
ايه هو ده اللي مش هينفع؟
صاحبتي جت اسكندرية ومحتاجاني يعني تنساني اليومين دول خالص. سلام.
أنساكي؟!

قالها بصدمة وهو يتابعها تغادر بخطوات مسرعة لا يصدق أنها فعلت ذلك للتو قبل أن يضرب كفاً على كف وهو يقول بدهشة:
البنت دي أكيد مجنونة.
وحشاني ياجليلة، انتِ عاملة ايه يااختي.
انا بخير ياسميرة، ازيك انتِ وازاي بناتك؟
نهال بخير وبتذاكر أهي، انتِ عارفة انها في ثانوية عامة بقي.
ربنا يوفقها طب وسعاد عاملة ايه؟
والله حالها لا يسر عدو ولا حبيب ومفيش باليد حيلة، ربنا يصلح حالها ويسعدها سعاد بنت بطني.

مالها سعاد ياسميرة؟ قلقتيني.
اأهي زي ماهي. مستحملة وحاطة في قلبها وساكتة عشان بنتها بس ياضنايا هتلاقيها منين ولا منين؟جوز لحست عقله المخدرات اللي بيشربها وأب شايف حالها وسايبها. وبنتها كمان تعبت َالدكتور قال لازم تروح تغير جو في اي مكان فسافرت اسكندرية يومين يمكن يكون فيهم الشفا.
اسكندرية. ياقلبي يابنتي. سافرت لوحدها؟

ومين بس اللي هيروح معاها؟ أس المصايب اللي جاب لبنته الكافية ولا الراجل اللي ماصدق جوز بنته وقال ياداهية خدي الداهية ولا أنا اللي لما جيت اقول اروح معاها قاللي هتسيبيني وتسيبي بنتك التانية فين يمين طلاق مامسافرة ولا معتبة باب الشارع.
معلش ياسميرة. انتِ عارفة توفيق، مش جديد الكلام ده عليه، طول عمره كدة وانتِ رضيتي واتحملتي. وبعدين أنتِ اصلا متقدريش تبعدي عنه.

في الأول كنت قاعدة معاه عشان بحبه لكن بعد كدة بناتي كانوا السبب في اني اتحملته طول السنين اللي فاتت دي. والله خايفة اكون باستحمالي ضريتهم اكتر. مش كفاية انه مانعني أشوفك وازورك. كمان بيدمر حياة بناتي بقسوته.
لا حول ولا قوة الا بالله، ادعيله بالهداية ياسميرة. لعلها ساعة إجابة.
ربنا يهديه لأجل خاطر بناته.
يارب. مش عايزة حاجة ياسميرة؟

عايزة سلامتك يااختي، سلميلي على محمد واشكريه على اللي عمله مع سعاد أصلها حكيتلي قبل ماتسافر، جمايله كترت علينا قوي، مش كفاية نقل نهال من مدرستها ووصي أصحابه عليها.
محمد ابنك ياسميرة وعيب قوي لما أم تشكر ابنها.
ربنا يباركلك فيه ويسعده ويحقق له كل أحلامه ويرزقه ببنت الحلال اللي تستاهله.
تنهدت جليلة قائلة:
يارب. مع السلامة يااختي.

أغلقت الهاتف لتستدير إلى ابنها الجالس يطالعها عيون ظهر بهم عجزه وقلة حيلته، لتدمع عينا جليلة وهي تقول:
سافرت ياابني اسكندرية يومين عشان تقي.
سافرت مع تقي لوحدهم ياماما، الله أعلم ايه اللي مستنيهم هناك وهيبقوا بخير ولا..
لم يستطع إتمام عبارته وقد أصابته غصة في حنقه، لتربت والدته على يده قائلة:
اللي حفظها هي وتقى هنا قادر يحفظهم هناك. قوم ياابني اتوضي وصلي وادعيلهم.

فرك وجهه بقوة قبل أن ينهض ويتجه إلى الحمام بينما تابعته والدته بنظرة حزينة، تدرك مشاعره جيدا تجاه ابنة أختها كما تدرك أنها السبب في حرمانه منها فرفضها لتوفيق بالماضي جعله حانقاً عليها حتى أنه رفض محمد كزوج لابنته فقط لانه ابن غريمه. لتتنهد بحزن قائلة:
ربنا يهديك ياتوفيق، ضيعت بنتك وكسرت قلب ابني عشان قلبك الأسود وياريتك حاسس انك عملت حاجة. اللهم أصلح الحال واجبر القلوب ياااااارب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة