قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الحادي والعشرون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الحادي والعشرون

في منزل عبد الحق بالزقاق الشعبي
تعمدت بطة أن تتمايل بجسدها وهي تنظف الأرضية الخشبية القديمة بقطعة القماش البالية أو ما يطلق عليها مجازا الخرقة أمام زوجها عبد الحق لتثير غرائزه، وبالفعل نجحت في هذا، فقد إرتفعت درجة إثارته، وظل ينظر لها برغبة وإشتهاء وهو يتحسس صدره قائلاً بهمس:
-تتاكلي أكل يا بنت الأيه!

تابعتهما والدته إحسان بنظراتها الساخطة، ولوت فمها في إمتعاض، ثم أردفت بصوت شبه حاد:
-نضفي يا بت عدل، بلاش مياصة وقلة أدب
توقفت بطة عما تفعل، وإعتدلت في وقفتها، ورمقتها بنظرات محتجة وهي تهتف بإعتراض:
-ما أنا طالع عيني أهوو، مش أعدة بألعب
غمغمت إحسان بخفوت وهي تحدجها بنظراته الإحتقارية قائلة:
-الوسخ هايفضل طول عمره وسخ مهما نضف!

حدجها عبد الحق بنظرات إستنكار وهو يعاتبها ب:
-إيه يامه الكلام ده، ماهو البت مش بتقولك لأ أبداً، وبتعمل اللي بتؤمريها به
رمقته بنظرات جادة وهي ترد بصرامة عليه:
-هي تقدر تقولي لأ، ده أقطم رقبتها!
زم فمه في تأفف، وحدث نفسه بسخط قائلاً:
-أعوذو بالله، هو اللي يقول الحق في الزمن ده يكفر!

تمتمت بطة هي الأخرى مع نفسها بكلمات غاضبة وهي تزيح المياه بالخرقة وتضعها في الدلو ب:
-ولية حيزبون عقربة عاوزة الحرق، إن ما طلعتهم على عينك مابقاش أنا بطة
وضعت بطة خطة محكمة – من وجهة نظرها – لرد إعتبارها من تلك المرأة البغيضة، والإنتقام منها دون الحاجة للإشتباك معها..
وستنتظر الفرصة المناسبة للبدء في تنفيذها..

نهضت إحسان من على الأريكة، وتوجهت نحو المطبخ، فتابعها عبد الحق بنظرات فرحة، ثم بخطوات محسوبة نهض هو الأخر من مكانه، وتوجه نحو زوجته..
بدأ هو في مداعبتها بكلمات شبه معسولة وهو يتلمس ظهرها هامساً ب:
-يا قايدة في قلبي النار وآآ..
قاطعته بدلال وهي تزيح يدها:
-لأ أوعى، مش عاوزاك تلمسني!
لف ذراعيه حول خصرها، وضمها قليلاً إليه وهو ينظر لها بشوق، وإبتسم لها قائلاً:
-ليه بس يا مزة ؟

تلوت بجسدها في أحضانه، وهي تعاتبه بصوت رقيق:
-يعني مش شايف أمك وعمايلها!
تلاشت إبتسامته وهو يرد عليها بإحباط:
-هاعملها ايه، هو طبعها كده!
لوت شفتيها في إمتعاض وهي تحدث نفسها ب:
-طبع ابن ***

تأملها عبد الحق بنظرات جريئة متفحصة لمفاتنها، وأردف بنبرة عابثة:
-بس إيه الحلاوة دي، إنتي دورتي وألوظتي وآآ..
عبست بطة بملامحها، وضيقت عينيها وهي تشيح بوجهها للجانب، وقالت بصوت ممتعض:
-ابعد يا عبده، ريحتك مضيقاني
مال زوجها برأسه عليها محاولاً إختطاف قبلة من شفتيها، وهو يهتف بتفاخر:
-يا بت ده أنا مستحمي أول امبارح.

نظرت له بإستهزاء وهي ترد عليه بسخرية:
-يا سلام
اقترب مجدداً من رأسها، وحاول تقبيلها وهو يهمس بتلهف:
-ما تجيبي بوسة قبل ما أمي تطب علينا وتعملنا أماثل
نظرت له بحدة بعد أن رفعت حاجبها للأعلى في إستنكار، وأجابته بتذمر:
-الله!هو إحنا مش متجوزين يا عبده ؟!
لوى فمه في ضيق، وأردف متبرماً ب:
-أه.. بس إنتي عارفة آآآ..

قاطعته بجدية شديدة وهي تجاهد للتخلص من ذراعيه بعد أن تعمدت أن تتشنج بقسمات وجهها، وهي تهتف بتأفف:
-طب ابعد بقى لأحسن مش قادرة!
لم يفلتها عبد الحق، بل قربها أكثر إليه وهو يجيبها بإصرار:
-يا بت بأقولك وربنا مستحمي بالصابونة أم الريحة
عبست بوجهها، وقطبت جبينها وهي تحدثه بضجر:
-يووووه يا عبده، بأقولك بطني قالبة عليا وهارجّع!
أرخى ذراعيه عنها، ونظر لها بإستغراب ورد عليها وهو فاغر فمه:
-هاه.

ثم وضعت يدها على فمها، وأمسكت بمعدتها، وركضت في إتجاه المرحاض، وأغلقت الباب خلفها، وظلت تصدر أصواتاً غريبة من الداخل..
لحق بها عبد الحق ووقف أمام الباب ودق عليه بخفة وهو يسألها بتوجس:
-مالك يا بت ؟ في إيه ؟
طرق مجدداً على الباب وإنتظر أن تجيبه زوجته، ولكنه ظل يستمع إلى أصواتٍ غريبة، فرفع حاجبيه للأعلى في إندهاش، وتسائل بفضول:
-مالها دي ؟!

في مشفى الجندي الخاص
طرق كبير الأطباء بالمشفى بأصابعه على سطح المكتب، وأسند طرف ذقنه على مرفقه، وظل يفكر في حيرة في التقرير الطبي الخاص بالمريضة تقى..
ابتلع ريقه وهو يطالع ما تم تدوينه في الفحص الأولي الخاص بحالتها..
نفخ في إنزعاج بعد أن أسند التقرير، وحدث نفسه بإضطراب:
-ما هو اللي حصلها ده جريمة بكل المقاييس، ده هتك عرض ونزيف مهبلي، ده غير الكدمات والرضوض اللي في جسمها كله، وأثار خربشات وجروح على ايديها يعني إغتصاب وش، أنا مش فاهم هو مش عاوز يبلغ البوليس ليه! ده في لحظة الدنيا هاتتقلب عشانه وهايجيبوا الكلب اللي عمل فيها كده!

أرجع ظهره للخلف، وزفر مجدداً في ضيق، وتابع بحيرة:
-يكونش خايف من الفضيحة، بس أوس الجندي مش بيفرق معاه الفضايح ولا غيره، الموضوع ده فيه حاجة غامضة.. أحسن حاجة أعملها عشان أحمي نفسي أبلغ د. مهاب وهو يتصرف، لأن أوس مش في وعيه ومش هايقدر يفيدني حالياً!

في مقر الجمعية الخيرية
مدت هياتم يدها بمظروف مغلق إلى المساعدة الواقفة أمامها وهي تردف بجدية:
-دول الدعاوي الخاصة بالحفلة
تناولتها تلك الشابة الصغيرة منها وهي تجيبها بصوت رقيق:
-تمام يا مدام هياتم
تابعت هياتم بجدية وهي تشير بإصبعها:
-وزعيهم على كل المدعوين اللي عملت معاكي قايمة باساميهم!

هزت رأسها موافقة وهي تردف بخفوت:
-حاضر
أضافت بصوت متحمس وهي تشير بيدها للخلف:
-كمان أنا عاوزاكي تأكدي على مهندس الديكور إن الحفلة هتكون في ( Open area ) اللي برا، فلازم يتصرف على الأساس ده
ردت عليها بصوت هاديء قائلة:
-إحنا عندنا إجتماع معاه أخر النهار
أومأت برأسها بخفة، وأمسكت بحقيبة يدها وعلقتها على كتفها وهي تتابع بصوت جاد:
-أوكي.. ولو في أي حاجة بلغيني وأنا هاشوف هاعمل ايه.

-اوكي
تحركت هياتم في إتجاه باب الغرفة، ثم إستدارت بظهرها لتحدثها قائلة:
-أه، وماتنسيش تأكدي على مديرين دار الأيتام والمسنين على الحضور ومعاهم الحالات الإنسانية اللي جمعيتنا أشرفت عليهم، دول تجربة حية لإنجازاتنا
سارت المساعدة الشابة إلى جوارها، وهي تجيبها بإبتسامة رقيقة:
-أكيد طبعاً
-تمام، مش هأخرك أكتر من كده، على تليفونات، باي..!

في مشفى الجندي الخاص
دلف أوس إلى المرحاض الملحق بغرفة العناية المركزة الراقدة بها تقى ليغسل وجهه، ويبدل قميصه..
تأمل هيئته في المرآة، ودقق النظر في أثار خدوشها على عنقه.. ثم إلتفت برأسه ناحية الباب، وتنهد في ضيق..
شعر بغصة في حلقة وهو يراها ساكنة تماماً، لا يصدر منها أي صوت سوى ذلك الصفير المتقطع و المنتظم لجهاز قياس ضربات القلب..
أغمض عينيه ليقاوم تلك الذكريات التي إجتاحت عقله وهو يعتدي عليها محاولاً إثبات رجولته الحقيقية أمام ضعفها المغري..

شعوره بالعجز الآن حيال حالتها الصحية مقارب إلى حد كبير من شعوره بالضعف حينما تعرض له منذ سنوات ذاك الذي يبغضه حد الموت..
نفخ في إنزعاج، وسلط أنظاره على صورته المنعكسة، ثم ضيق عينيه لتصبح حادتين كالصقر، وبدأت تصيبه تشنجات عصبية وهو يصر على أسنانه حينما رأى تلك الضحكة الشيطانية لخيال ممدوح تبرز على المرآة..
فضرب بقبضته المرآة ليمحو صورته وهو يصرخ بهياج:
-إبعد عن حياتي! إبعد!

تحطم زجاجها على إثر قبضته العنيفة، وجُرحت يده جرحاً بالغاً ولكنه لم يهتم، بل ركض إلى خارج المرحاض، وإتجه إلى فراش تقى، ثم أمسك بها من ذراعيها، وهزها بقوة وهو يتابع بصراخ:
-فوقي يا تقي، قومي من هنا، ماتبقيش زيي، فين مقاومتك ليا ؟ فين وعدك بإنك مش هاتخليني أقرب منك، قومي.. ردي عليا وقومي!
ظل يحركها بعنف وهو يصرخ بها حتى إنتزع عنها الإبرة الطبية المغروزة في كفها، وكذلك الجهاز المثبت في سبابتها لقياس نبضاتها، فتوقف جهاز قياس ضربات القلب عن العمل وأطلق صافرة طويلة..

تابع قائلاً بصوت هادر وعينيه تلمعان من حمرة الغضب:
-فين تهديداتك ليا، قوليلي فين ؟ ساكتة ليه الوقتي ؟
هزها مجدداً بعنف أشد وهو يصرخ:
-فين تحذيراتك من إني ما أقربش منك ولا ألمسك حتى، طب أديني ماسكك يا تقى، ماسكك وبلمسك أهوو
ثم رفعها إليه وضمها بقوة إلى صدره، وأحكم قبضتيه عليها، وأضاف بجموح:
- ها، قوليلي هاتعملي ايه وإنتي في حضني ؟ ردي، ماتسكوتيش كده، ردي عليا.. قوووومي وكلميني، دافعي عن نفسك!

ثم أسندها بذراع واحد، وباليد الأخر أمسك بكفها، ووضعه على وجنته، وصاح بها:
- اضربيني يالا زي ما كنتي بتعملي، خربشيني بإيدك!
لم يدرك أوس أنه كان يبكي بلا وعي وهو يصرخ بها.. لم يشعر بنفسه وهو ينهار دامعاً أمامها..
لكن بماذا يفيده هذا الآن، وهي لا تعي ما يحدث..
أطبق على فكها بكفه، وظل يحركه بعصبية وهو يهتف بإحتياج:
-افتحي بؤك وصرخي يا تقي، صوتي، خليني أسمع صوتك!

لطخت دماء الجرح الموجود بكفه وجهها فإزداد ذعره عليها، وخفق قلبه بشدة، ولم ينتبه أنها منه..
وعلى إثر ذلك الصوت الهادر، وتوقف جهاز قياس نبضات القلب عن العمل إندفعت إلى داخل الغرفة ممرضة ما لترى ما الذي حدث، فرأت حالة الإهتياج العصبي لأوس، فإتجهت نحوه، وحاولت تحرير تقى الغائبة عن الوعي من قبضتيه، وهي تتوسل له بصوت قلق:
-يا باشا مش ينفع اللي حضرتك بتعمله، سيبها.

ولكنه دفعها بقسوة للخلف وهو يصرخ فيها بشراسة:
-اطلعي برا، برا، محدش يجي هنا
إرتد جسدها وفقدت إتزانها، وسقطت على الأرضية الصلبة.. وتأوهت ب:
-آآآآه..
رمقته الممرضة بنظرات مرتعدة بعد أن رأت عينيه الحمراوتين وهما تفتكان بها من نظراته المرعبة، فتوجست خيفة من الإقتراب منه، وإستندت بكفي يدها لتنهض، ثم ركضت خارج الغرفة من أجل طلب العون...

في مكتب المحامي أمجد سعفان
دلف حارس الأمن الأسبق أحمد إلى داخل بهو ذلك المكتب الفخم وهو مشدوه بما حوله من موظفين على مستوى عالٍ..
هو قابل أثرياء من قبل، ولكن لم تطأ قدماه مثل تلك الأماكن..
تردد وهو يتجه إلى المكتب الموضوع في الإستقبال، ولكنه حسم أمره بالإستمرار في التحرك
وقف أمام الموظفة التي إبتسمت له وهي تسأله بهدوء:
-أؤمر يا فندم ؟

إبتلع ريقه ونظر لها بتوتر وهو يجيبها بصوت متقطع:
-أنا.. أنا كان عندي ميعاد مع.. مع الأستاذ سعفان
تابعت هي بنبرة هادئة وهي تعبث بأزرار لوحة المفاتيح:
-الإسم من فضلك ؟
رد عليها بإيجاز وهو يحاول إختلاس النظر إلى ما تفعله:
-أحمد محروس
أومأت برأسها إيجابياً، ثم هتفت بنبرة رسمية:
-أيوه يا فندم.. لحظة.

ثم إستدارت برأسها للجانب، وأشارت لأحد السعاة بإصبعها، فسار نحوها، فتابعت بهدوء:
-ودي الأستاذ أحمد عند سكرتارية أمجد بيه، هو عنده ميعاد معاه
اقترب الساعي منها وهو يجيب بجدية:
-حاضر يا أستاذة، اتفضل يا أستاذ معايا
رد عليه أحمد بإختصار وهو يتبعه:
-ماشي.

خطى أحمد عبر الرواق الواسع ليصعد على عدة درجات رخامية، ثم إستدار يساراً ليمر عبر عدة مكاتب فرعية، ومن ثم توقف خلف الساعي الذي صاح بجدية:
-الأستاذ أحمد محروس عنده ميعاد مع أمجد بيه
نظرت له السكرتيرة بنظرات متفحصة قبل أن تجيبه بنبرة رسمية:
-خليه يتفضل، وأنا هابلغ الأستاذ أمجد
إلتفت الساعي برأسه، وأفسح له المجال ليمر وهو يتابع ب:
-خش يا أوستاذ
-متكشر.

قالها أحمد وهو يلج إلى داخل المكتب.. نظر إلى السكرتيرة بنظرات حائرة فأشارت له بيدها ليجلس على الأريكة، ففعل هذا..
وأخفض رأسه للأسفل، وظل محدقاً بحذائه القديم وهو عاقد لكفيه معاً..
أردفت السكرتيرة بصوت هاديء وهي ممسكة ببعض الملفات ب:
-لحظة وهايكون أمجد بيه معاك
رد عليها سريعاً وهو يرسم إبتسامة زائفة على ثغره:
-براحته يا مدام

في منزل عبد الحق بالزقاق الشعبي
ولجت بطة خارج المرحاض وهي تمسح بكفها فمها المبتل، وظلت تطلق أنيناً متقطعاً..
نظر لها زوجها بريبة، وتسائل بخوف:
-مالك يا بت ؟
أجابته بصوت خافت وهي مطرقة الرأس:
-تعبانة.. آآآه
وضع يده حول كتفها، وتحرك معها في إتجاه الصالة وهو يتابع بتوجس:
-ما إنتي كنتي كويسة من شوية! إيه اللي حصل بس.

ردت عليه قائلة بصوت ضعيف وهي تتعمد أن تتهادى في خطواتها:
-لأ أنا بقالي يومين كده جسمي همدان، بس النهاردة التعب زاد عليا
سألها بحيرة وهو يجلسها على الأريكة القديمة والعريضة الموضوعة في زاوية الصالة:
-تكونيش كلتي حاجة آآ..
قاطعته بنبرة حاسمة وهي تلوي فمها في تقزز:
-لألألألأ، أنا ماليش نفس للأكل، ده أنا حاسة إن نفسي غامة عليا
ولجت إحسان من المطبخ وهي تلوك قطعة من الخيار في فمها، وتسائلت بسخط وهي ترمقها بنظراتها المهينة:
-مالك يا بت عامة غارة وهوليلة ليه ؟

أجابها عبد الحق بصوت متلهف وهو يربت على ظهر زوجته:
-اسكتي يامه ده بطة تعبانة على الأخر
لوت شفتيها أكثر في عدم إقتناع، ورفعت حاجبها للأعلى وهي ترد ببرود:
-د محن بنات ياخويا
إغتاظ عبد الحق من أسلوب والدته الفظ مع زوجته وعدم تقديرها لحالتها الصحية، فصاح محتجاً
-محن إيه وكهن مين، بأقولك تعبانة، إنتي مش شايفة شكلها
نظرت لها شزراً وهي تسألها بإيجاز أثناء إقترابها منها:
-خير ؟

تأوهت بطة بصوت مكتوم وهي ترجع رأسها للخلف بعد أن أغمضت عينيها، ثم قالت بخفوت وهي تلوح بيدها:
-آآآآه.. نفسي غامة عليا، وعندي دوخة، ومش طايقة ريحة حاجة!
إتسعت مقلتي إحسان في صدمة، وفغرت فمها بذهول وهي تنطق ب:
-هاه، بتقولي ايه ياختي ؟
جلس عبد الحق إلى جوارها، وأمسك بكفها بين راحتيه، وربت عليه، وسألها بنبرة خائفة:
-طب أجيبلك إيه من الأجزخانة ( الصيدلية ) ؟

-مش عاوزة.. آآ.. آآآآآ.. بؤ.. ؤ..!
لم تكمل بطة جملتها حيث ركضت مسرعة في إتجاه المرحاض ويدها على فمها لتغلق الباب خلفها وتصدر تلك الأصوات الغريبة
تابعها كلاً من عبد الحق ووالدته وحالة الذهول والصدمة مسيطرة عليهما..
ابتلع عبد الحق ريقه، وحك رأسه في عدم فهم، وهو يقول:
-استرها يا ستار
نظرت له إحسان بنظرات مهينة، وحدثت نفسها بقلق ب:
-لأحسن يكون اللي في بالي حصل، طب.. طب إزاي ؟ وأنا.. آآ.. لأ مش ممكن!

إعتدلت بطة في وقفتها أمام الحوض بداخل المرحاض بعد أن أغلقت الصنبور، وتمطعت بذراعيها، ثم بللت وجنتيها وكذلك فمها، وإرتسم على ثغرها إبتسامة ماكرة وهي تنظر بلؤم إلى نفسها في المرآة..
حدثت نفسها بخبث قائلة:
-وبكده بدأت لعبتي معاكي يا أم أربعة وأربعين...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة