قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الأول منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

في مشفى الجندي الخاص،،،،

برقت عيني تقى في ذهول تام بعدما سمعت العرض البغيض الذي اقترحه أوس عليها ..
لم تعرف بماذا تجبه، فظلت فقط صامتة، محدقة في نقطة ما في الفراغ أمامها، وإزداد شحوب وجهها وهي ترى نظراته الوضيعة المسلطة عليها ..
قاطع هو شرودها بنبرة ماكرة ب:
-مش محتاجة تفكري كتير يا تقي، حريتك مقابل حرية أمك .. ده لو إنتي بتحبيها فعلاً

صرت على أسنانها في حنق، ونظرت إليه بغل وهي تنطق ب:
-إنت .. آآ..
-أنا ايه ؟ قولي ! ها مستني أسمع منك !

تجمدت الكلمات على شفتيها، وعجزت عن إكمال عبارتها .. فابتسم هو لها إبتسامة ساخرة، ثم قال لها بغرور:
-القدر بيلعب لعبته معاكي، دايما بتيجي الظروف في طريقي ..!

ثم صمت لوهلة قبل أن يتابع بنبرة تحمل التحدي والوعيد:
- وإنتي غصب عنك هتختاري وإلا ..آآ..

قاطعته هي بصوت مبحوح ب:
-ماشي أنا موافقة على عرضك بس بشرط

مط شفتيه في استغراب وضيق عينيه، ثم بنبرة استهزاء تسأل ب:
-وكمان في شرط !
-أيوه

سألها أوس بفضول وهو محدق بها:
-ممممم... شرط ايه ؟
-تتجوزني !
-أتجوزك ..!
قالها أوس بطريقة متهكمة قبل أن ينفجر ضاحكاً بطريقة هيسترية، فإشتعلت غضباً وهدرت فيه ب:
-قولت إيه غلط عشان تضحك بالشكل ده ؟
-ههههههههه ... أصل انا مش بتاع جواز يا حلوة

عبست هي بملامح وجهها، وأردفت بنبرة إصرار ب:
-ولا أنا بتاعة ( حرام ) يا باشا

زم هو فمه للأمام، ووضع يده على رأسه ومررها في خصلات شعره، ثم نظر لها بنظراته الفارغة مطولاً قبل أن يباغتها بصوت واثق ب:
-ماشي أنا موافق، بس هاتستحملي اللي هاعمله معاكي ؟

-مش هتفرق، المهم مش هاغضب ربنا عشان واحد زيك
قالتها تقى وهي ترمقه بنظرات مهينة جعلت عيناه تشتعلان من الغضب الممزوج بالحنق ..

في قصر عائلة الجندي

ركضت ليان هبوطاً على الدرج وهي تحمل في قبضة يدها الصورة الممزقة، ونظرت حولها بريبة، ثم توجهت لغرفة الصالون، فرأت عدي بداخلها، فإبتلعت ريقها في إرتباك جلي ..
ثم تسألت بصوت متلعثم ب:
-إنت .. جبت الصورة دي منين ؟!

إلتفت عدي بجسده ناحيتهأ، ثم تحرك خطوة ليقف قبالتها، وتحدث بلؤم ب:
-جبتها من مطرح ماجبتها، المهم إنها انتي يا ليان
-أنا .. آآ.. أنا آآ..
-إنتي عارفة لو كانت الصور دي وصلت لأوس كان ممكن يحصلك ؟

اتسعت مقلتيها في خوف، وظهر الرعب على قسمات وجهها، وجف حلقها وهي تتوسل له ب:
-بليز عدي، مش تقوله، أنا ..آآآ..
-لو كنت عاوز أقوله، مكونتش جيت على هنا الأول عشان أعرفك بموضوع الصور دي ..!

إنهارت ليان باكية أمامه، وجلست على الأريكة، ودفنت وجهها الباكي في راحتي يدها، وأجهشت أكثر بالبكاء، وتعالت شهقاتها ..
تنهد هو في ضيق، واقترب منها، وأسند كف يده على كتفها،وضغط عليه قليلاً، وتحدث بهدوء ب:
-خلاص اهدي .. أنا عندي الحل لمشكلتك دي، بس لازم أعرف الأول إيه اللي حصل بالظبط، ومين عمل كده ..

أبعدت هي كفي يدها عن وجهها، ورفعت عينيها للأعلى لتنظر لها بإمتنان وهي تنطق بصوت مختنق ب:
-اوكي .. بس مش هاينفع أحكي هنا، تعالى نخرج برا
-ماشي

ثم نهضت عن الأريكة، ومسحت بأطراف أصابعها العبرات المنهمرة على وجنتيها، وتابعت بخفوت ب:
-هاطلع بس أغير هدومي، واحصلك على النادي
-أوكي، وأنا هستناكي هناك
-deal ( متفقين )

ثم تركته وإنصرفت من الغرفة، في حين جمع هو باقي الصور الفوتغرافية في المظروف، وأحكم قبضته عليه، وإنحنى بجذعه للأسفل ليمسك بفنجان القهوة، وإرتشف القليل منه، وحدث نفسه بمكر ب:
-لو طلع اللي في دماغي يبقى أنا اللي كسبت مش هي ..!

أسند عدي الفنجان على الطاولة، ثم مشى بخطوات هادئة نحو باب القصر ...

في مشفى الجندي الخاص،،،

مسح أوس بلسانه على أسنانه، وتجشأ قائلاً:
-يبقى تجهزي نفسك ليا، وأنا عند كلمتي

نظرت هي له بتحدي، وقالت بإصرار:
-مش هاعمل حاجة غير لما أمي تطلع براءة

ابتسم هو لها بثقة، ورفع حاجبه في غرور، وبنبرة متكبرة أردف ب
-متقلقيش .. أنا أد كلامي، وهاتشوفي يا تقى ..

ثم تحرك هو في اتجاه باب الغرفة، وقبل أن يخرج منها، سلط بصره عليها وأمرها ب:
-وكملي أكلك، لأني عاوزك تبقي بصحتك عشان اللي جاي يا .. يا عروسة

ثم ضحك عالياً بطريقة مستفزة، وأغلق الباب من خلفه، فحدجته هي بنظرات ساخطة، وبصقت عليه، وقالت بإشمئزاز:
-ربنا ينتقم منك، وياخدك .. يا قادر يا كريم، إنت عالم باللي أنا فيه ...!

في أحد النوادي الشهيرة،،،،

سردت ليان لعدي الفخ الحقير الذي وقعت فيه، وكيف أسلمت نفسها لفارس تحت إسم الحب ..
أنصت هو إليها بإهتمام واضح، ولم يعقب حتى انتهت تماماً من الحديث، فسألته بتوتر ب:
-هاتقول لأوس على اللي حصل ؟

صمت عدي لبرهة من الزمن، فإزداد توترها، واضطربت أكثر، وجف حلقها، فأمسكت بكوب المشروب البارد الذي أمامها بيد مرتعشة، ووضعته على شفتيها، وتجرعته مرة واحدة ...
راقبها هو بتمعن ثم أخذ نفساً مطولاً، وزفره على مهل قبل أن يجيبها ب:
-لأ .. بس بشرط
-شرط ايه ؟

نظر عدي مباشرة في عينيها، وصمت للحظة قبل أن ينفرج ثغره لينطق ب:
-نتجوز

فغرت شفتيها في ذهول، واتسعت عينيها في إندهاش عقب عبارته الأخيرة، وقالت بتلعثم:
-هاه ..ن.. نتجوز !
-أيوه .. ده الحل الوحيد لمشكلتك
-بس آآ..

مد عدي يده ووضعها على كفها المسنود على الطاولة، فنظرت هي له بإندهاش، فإبتسم لها في هدوء، ورمقها بنظرات مليئة بالحنو، ثم بنبرة رخيمة تابع ب:
-أنا عارف إن كلامي مفاجأة بالنسبالك، بس أنا عاوزك تفكري في اللي بأقوله بعقلك، الموضوع مش سهل خالص، ولو حد من عيلتك عرف باللي حصل صدقيني انتي اللي هتتلامي مش ابن ال *** اللي عمل كده ...!

لم تعرف ليان بماذا تجبه، فقد باغتها هو بعرضه المغري، والذي ربما يكون – من الناحية العقلية – طوق النجاة بالنسبة لها من تلك الكارثة التي وقعت ضحيتها ...

في قصر عائلة الجندي،،،،،

عاد أوس إلى القصر وعلى وجهه ابتسامة إنتصار واضحة ..
لم يعبأ هو بالخدم الذين رمقوه بنظرات إندهاش .. ولا بوالده الذي لم يكف عن حدجه بالنظرات الساخطة ..

ولج هو إلى داخل غرفته، ثم نظر نحو خزانة الملابس، وفتح ضلفتها، وأخرج حقيبة سفر صغيرة، ثم بدأ يضع بداخلها ثيابه الخاصة ..
وما إن انتهى حتى إندفع ناحية المرحاض ليغتسل، ويبدل ملابسه ..

كان شعور بالإنتصار يغمره، فها قد وقعت تلك البائسة في قبضة يده، وحان الوقت لتلقينها أسوأ دروس حياتها ..

تأكد أوس من هيئته المهندمة أمام المرآة، ثم أمسك بهاتفه المحمول، وضغط على عدة أزرار قبل أن يضع الهاتف على أذنه ..
انتظر هو لثوانٍ قبل أن ينطق بصوته الأجش القوي ب:
-عاوزك تروح قسم ( ...) وتشوفلي قضية اللي اسمها فردوس شحاته وصلت لفين ... أها .. حاجة تخصني !

ثم صمت ليستمع إلى ما يقال على الجانب الأخر، ووضع يده الأخرى في جيب بنطاله، وتحرك خطوة للأمام قبل أن يتابع بصوت جاف ب:
-اعرفلي كل حاجة عنها، وخلصلي الموضوع ده نهائي

صمت مجدداً لأقل من دقيقة، ثم مط فمه للأمام وتحدث ب:
-التفاصيل ..! طيب أنا هاقولك بالظبط على اللي حصل قدامي !

في مشفى الجندي الخاص،،،

لم يتوقف عقل تقى عن التفكير للحظة فيما حدث لها منذ أن إلتقت بهذا الهمجي، فحياتها إنقلبت رأساً على عقب، وتحولت إلى جحيم مستمر ..

لم تمنع عينيها من ذرف الدموع، فهي المنفس الوحيد لها الآن ..
رفضت أن تتناول طعامها، وتركته كما هو أمامها، وحدثت نفسها بصوت مختنق ب:
-أنا عملت إيه في دنيتي عشان يحصلي ده كله، وليه واحد زي ده يتساب كده من غير ما يتحاسب

ثم رفعت عينيها المتورمتين من البكاء إلى الاعلى، وتابع بمرارة ب:
-يا رب إنت اللي عالم باللي بيا، انتقم منه يا رب وريحني، يا رب فك ضيقة أمي هي مالهاش ذنب في اللي حصل، أه هي صدقته بس قلبها طيب وبتحبني وبتخاف عليا .. يا رب خد البني آدم ده ونجيني من شره، يا رب

ثم مدت يدها لتأخذ منشفة ورقية من العبوة الموضوعة على الطاولة، ومسحت بها عبراتها، وأنفها المنتفخ ..

سلطت هي بصرها فجأة على باب الغرفة حينما وجدته ينفتح على مصرعيه، ويدلف من شخص ما هيئته مهيبة وطاعن في السن .. ورغم هذا فيبدو عليه الصرامة والحدة
ابتلعت هي ريقها في توجس، ونظرت إليه بحذر ..
اقترب منها مهاب وحدجها بنظرات مهينة قبل أن يصيح فيها ب:
-لو إنتي مفكرة إن واحدة زيك هاتقدر تضحك على إبني تبقي غلطانة ومتعرفيش هو مين ولا إبن مين !

لم تفهم تقى ما الذي يعنه هذا الرجل بكلامه الجارح والصادم هذا، ففغرت شفتيها الذابلتين في ذهول:
-هاه .. آآآ

استمر هو في رمقها بتلك النظرات الإحتقارية، وتابع بإنفعال ب:
-أنا أسوأ من أي حاجة تقدري تتخيليها

ابتلعت ريقها في خوف، ونظرت له بذعر، ونطقت بتوتر ب:
-إنت .. إنت مين أصلاً ؟
-أنا الدكتور مهاب الجندي، وإبني هو أوس الجندي
-إييييه ..!
-بلاش أمور الاستعباط دي، إبعدي عن إبني أحسنلك بدل ما تندمي

أخفضت تقى عينيها، وإبتعلت غصه مريرة في حلقها، وأردفت بصوت يائس ب:
-يا رتني أقدر إبعد

وقف مهاب أمامها، ثم أمسك بمعصمها، وهزه بعنف بعد أن أحكم قبضته عليه، وهدر بها ب:
-شغل بنات ال ***** اللي زيك أنا عارفه كويس

تأوهت تقى من الآلم، وتلوت بذراعها لتحرره، ولكن كان مهاب يتعمد إيلامها، فصرخت ب:
-آآآه .. انت .. إنت بتوجعني

لم يعبأ بها مهاب، ولم يهتم لنظرات التوسل في عينيها، بل إستمر في إيذائها، ونطق بتوعد ب:
-لأخر مرة أنا بأحذرك يا بنت ال *** من إنك آآآآ...

في تلك اللحظة كان أوس هو الأخر بداخل الغرفة، فصاح عالياً ب:
-بابا ..! إنت بتعمل إيه ؟

أرخى مهاب قبضته عن تقى التي نظرت إلى أثار أصابعه على معصمها .. وضغطت على أسنانها في إنكسار وذل ..

اقترب أوس من أبيه، وحدجه بنظرات مشتعلة، ثم أردف ب:
-مش أنا قايلك ملكش دعوة باللي يخصني !
-أيوه، بس إنت تخصني يا أوس

نظر أوس مباشرة في عيني والده، وقال بصرامة باتة:
-وتقى تخصني أنا يا د. مهاب

أشار مهاب بكف يده لتقى، ونطق بحنق ب:
-دي بت شمال بنت ***** مالهاش أهل، وبتستغلك وآآآآ...

قاطعه أوس بنبرة مغترة ب:
-مهاب باشا، مش انا اللي تضحك عليا واحدة
-يا أوس آآآ...
-د. مهاب، زي ما أنا زمان ماتدخلتش في اللي بتعمله، فيا ريت تسيبني وأنا بأعرف أتصرف

إستشاط مهاب غيظاً من ردود إبنه الفظة عليه، فالتفت برأسه ناحية تقى وحدجها بنظرات إستعلاء، وأشار بإصبعه وهو يتابع بضيق ب:
-إنت حر .. بس دي هاتضيعك

إبتسم أوس لأبيه إبتسامة مغترة، ثم اقترب برأسه منه، ومال على أذنه، وهمس له بنبرة تشبه فحيح الأفعى ب:
-مش قبل ما أضيعها ...!

مرت عدة أيام، والأوضاع في تطور مستمر ...
فعدي لم يكف عن الاتصال بليان وبمحاولة إقناعها بعرضه ( السخي ) بالزواج منه للخلاص من كل مشاكلها ..
وهي أوشكت على الإقتناع بما يقول، فليس أمامها أي خيار أخر سوى هذا الحل في الوقت الراهن ...

إنشغل ممدوح في تجهيز معمل التحاليل الجديد الخاص به، والذي سيكون نقطة البداية له في القاهرة بعد سنوات من الغربة ومحاولة تناسي الماضي .. وأرجأ لبعض الوقت خطته في إفساد حياة مهاب ريثما ينتهي من أموره الحالية ..

تولى المحامي الخاص بمجموعة شركات الجندي للصلب قضية فردوس شحاته، وأوجد الثغرات التي تمكنه من إخراجها من تلك المعضلة دون توجيه أي تهمة لها، حيث قرر أن يحول مسار القضية من قتل عمد إلى محاولة إنتحار من قبل المجني عليها، وأن والدتها كانت تحاول إنقاذها، ولكن بالخطأ تطور الوضع، وقاومتها إبنتها بشدة، وإنغرس السكين في ظهرها ..
وتعاون المحامي مع رفاقه المتخصصون في تلك النوعية من القضايا في وضع الدفوع المناسبة حتى يتم التأكد من براءة فردوس ...

كما لم يترك أوس الفرصة لتقى لتنفرد بنفسها، بل تعمد يوماً بعد يوم أن يريها مدى سطوته، وجبروته، وصلاته القوية ..
ورغم تحسن حالتها الصحية، إلا أن حالتها النفسية قد ساءت كثيراً ..
فهي تشعر في قرارة نفسها أنها كمن يقبل على الإعدام، ولا مفر لها منه ..

في أحد الأيام،،،،

انتهت فردوس من توقيع أوراق إخلائها من السجن، وتوجهت ناحية بوابته الحديدية وهي غير مصدقة ما حدث لها ...

ترجلت هي من الحافلة، ومسحت بطرف حجابها وجهها المتعرق، ثم سارت بخطوات متثاقلة نحو الزقاق الذي يؤدي للحارة الشعبية

كان معظمي قاطني تلك المنطقة ينظرون إليها بإستغراب شديد، ولم يكفوا عن الغمز واللمز .. ورغم هذا هي لم تهتم بما يقولون .. فقد كان شاغلها الأكبر ( حالياً ) هو إبنتها ...
مطت هي شفتيها، وحدثت نفسها ب:
-يا مين يقولي على أراضيكي يا بنتي وأنا أجيلك، آآآه .. أنا اللي ضيعتك، وإنتي كنتي أرحم من نفسي عليكي، وطلعتني من النصيبة دي .. يا رب دلني عليها

مرت هي على بائعة تفترش الأرضية الإسفلتية، وتقف إلى جوارها سيدة ما، فسمعت إحداهما وهي تتحدث عالياً بشماتة ب:
-هي مش كانت غارت في داهية هي وبنتها ال *****، إيه اللي رجعها تاني
-العيب على رجالة الحارة اللي سايبن نسوان كَسر زيهم كده أعدين وسطنا

إستدارت فردوس برأسها نصف إستدارة للخلف، ورمقتهما بنظرات حادة ومحتقنة، ثم صرت على أسنانها، وهدرت ب:
-حسبي الله ونعم الوكيل، ربنا على المفتري

ثم تركتهما وإنصرفت، فصاحت إحداهما عالياً ب:
-يا جبروتك، بتحسبني علينا، داهية تاخدك إنتي واللي زيك

وأضافت الأخرى بنفس النبرة الغاضبة:
-أمين يا رب

وصلت فردوس إلى البناية التي تقطن بها، ولكنها لم تستطع أن تدلف للداخل، فقلبها يعتصر حزناً على ابنتها وعائلتها ..
تملكها اليأس والحزن، وبدأت العبرات تتجمع في مقلتيها، فأخرجت منشفة ورقية ومسحت به وجنتيها وعينيها، وكذلك أنفها ..
-آآآه يا مراري .. يا غلبي على اللي أنا فيه .. آآآآآه، ألاقيهم فين بس

ثم تنهدت في آسى، وإنتحبت بصوت مختنق ... وتسائلت بصوت مسموع ب:
-طب مين هايساعدني وآآ..

ثم طرأ ببالها –فجأة - أمراً ما، فكفكفت عبراتها، وحدثت نفسها ب:
-مافيش إلا هو اللي هايقدر يساعدني، أنا هاروحله

وبالفعل إستدارت بجسدها للخلف، وإتجهت ناحية المسجد الموجود بالحارة ...

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب،،،

جلس أوس على مقعده، وبدأ في مراجعة بعض الأوراق الموضوعة أمامه .. وظل يعبث بقلمه الحبر بأطراف أصابعه، وما إن ينتهي من مطالعة ورقة ما حتى يوقع عليها ..
في حين جلس عدي على المقعد المقابل وظل يتابعه في صمت .. ولكن عقله كان مشغولاً في كيفية بدء الحوار معه حول مسألة تقدمه للزواج من ليان ..
تجشأ عدي لأكثر من مرة، فضيق أوس عينيه، ونظر له بإستغراب، وتسائل ببرود ب:
-في حاجة ؟
-هاه .. آآآ
نظر هو له بصرامة، ثم تشدق ب:
-في ولا مافيش، إنت شايف أنا عندي شغل أد ايه وعاوز أنجزه

تنحنح عدي قبل أن ينطق بصوت خشن ب:
-بص من غير لف ولا دوران أنا عاوز أتجوز أختك ليان !
-نعم ..!
قالها أوس بإندهاش واضح على جميع قسمات وجهه الصارم ..

-أيوه، أنا عاوز أتجوزها وماينفعش ترفض

أفاق أوس سريعاً من دهشته، وعبس بوجهه، وتحدث بصوت غليظ ب:
-إنت واعي لطلبك ده

لوى عدي فمه في استنكار قبل أن يتابع ببرود ب:
-وهو إيه في طلبي غريب ؟ ما تعرفني

نهض أوس عن مقعده، ودفعه بساقه للخلف، وحدجه بنظرات قوية وهو يحذره ب:
-إنت عارف كويس أنا أقصد ايه

أرجع عدي رأسه للخف، ثم هزها عدة مرات، وتابع بعدم اكتراث ب:
-أها .. فهمت ..فهمت ..
-ولما انت فاهم كويس أنا أقصد ايه جاي تتطلب مني إنك تتجوز ليان ليه ؟

تمطع عدي بذراعيه، ونظر إلى أوس بنظرات مستفزة، قبل أن يتابع بنبرة غير مبالية ب:
-لأن محدش هاينفع يتجوزها إلا أنا ..

تحدث أوس من زاوية فمه فقال بنزق:
-أفندم ؟!
-في وضعها الحالي مافيش حد هيرضى بيها، وعشان أنا صاحبك فأخدمك فيها

استشاط أوس غضباً، ودار حول المكتب، ثم أمسك بعدي من ياقته، وجذبه من على المقعد عنوة، وحجده بنظرات قاتلة وهو يهدر فيه بصوت جهوري ب:
-عدي ..!

وضع عدي يده على قبضتي أوس، وحاول تخليص نفسه، ثم قالت بصوت هاديء:
-بالراحة بس يا أوس .. وأنا هاقولك السبب لده ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة