قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل الثالث

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الأول منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل الثالث

ركل ذلك الطفل الصغير – ذو السنوات الإحدى عشر - الكرة بقدمه لتهرب منه وتختبيء أسفل الفراش الموجود بغرفة والده، فوثب عالياً في براءة، ثم استدار برأسه ليبتسم إلى مربيته التي ترعاه أثناء غياب والديه، ومن ثم ركض خلفها وهو يضحك في عفوية ..
دلف الطفل إلى داخل غرفة والده، بينما بقيت المربية في الخارج تتغنج بجسدها الرشيق أمام المرآة الموجودة بالرواق ..
انحنى ذلك الصغير بجسده الضئيل بجوار الفراش بعد أن أسند كفه على طرفه، ثم جثى على ركبتيه و مال برأسه أكثر ليبحث عن مكان كرته، وبالفعل وجدها قابعة أسفل الفراش، لذا زحف بكامل جسده تحت الفراش ليمسك بها ..

ثم سمع هو صوت همهمات تأتي من الخارج، وصوت صراخ مكتوم، فانتفض فزعاً، وبلل ملابسه رغماً عنه، وتملكته ارتجافة قوية .. وحاول ألا يتحرك من مكانه ...

بدأ الصوت يقترب تدريجياً منه، وعينيه الصغيرة تتحركان وترمشان بسرعة رهيبة ...
لمح الصغير بطرف عينيه من أسفل تلك الملاءة التي تتدلى من الفراش أقداماً لرجلين، وكذلك قدمي إمرأة معهما ولكنها على ما يبدو تحاول الابتعاد عنهما ..
كان صوت ذلك الرجل مألوفاً بالنسبة له، وصوت صراخ المرأة يعهده جيداً ..

استطاع هو أن يتعرف على الاثنين من صوتهما .. نعم إنها مربيته، وأبيه .. ولكنه لم يألف صوت الرجل الأخر
لم يفهم هذا الصغير ما الذي يحدث مع المربية، ولكن يبدو أنها في خطر محدق، وعاجزة عن الهرب، ووالده متورط في أذيتها ..
اهتز الفراش بعنف من أعلاه، وسمع أصوات غريبة تأوهات من الصراخ المكتوم ممزوجة بهمهمات خافتة للغاية، ثم إزدادت الاهتزازات بشدة فإعتقد أن الفراش سيسقط فوق رأسه، لذا صرخ الصغير بصوت مبحوح، فتوقفت الاهتزازات فجأة، ورأى تلك الأقدام الرجالية تقترب منه بهدوء مخيف، ثم رأى رأس ذلك الغريب تنكشف من أسفل الملاءة المتدلية على الفراش، وحدق بعينين متسعتين في رعب حقيقي في عينيه الشرستين التي لم ترمشا لثانية.

خفق قلب الصغير بقوة، وصرخ تلك المرة عالياً، ولكنه لم يجرؤ على التحرك من مكانه، وفجأة وجد أذرعاً تمتد إليه من الناحية الأخرى لتجذبه من أسفل الفراش وتحمله عالياً في الهواء من خصره ...

أغمض الصغير عينيه كي لا يرى نظرات الغريب المخيفة، وظل يركل بقدميه في الهواء، ويتلوى كالدودة الصغيرة ليتحرر من تلك الأذرع القابضة عليه، ثم سمع صوت والده يهمس له في أذنه ب ...
-مهاب بصرامة شديدة: بتعمل ايه عندك ؟

عجز أوس عن الرد على والده، وظل مغمضاً لعينيه، ولم يكف عن الركل بقدميه، في حين اقترب منه ذلك الغريب الذي اخترقت رائحه سجائره الكريهة أنفه بقوة و...
-ممدوح مبتسماً، وبنبرة شيطانية: الواد باينه عاوز يطلع خلبوص زي أبوه، سيبهولي.

فتح أوس عينيه فوجد الطبيب ممدوح محدقاً فيه بعينيه الشريرتين، فارتعدت فرائصه أكثر، ثم لمح بطرف عينه مربيته وهي شبه عارية على الفراش ومقيدة من ذراعيها، وعلى وجهها علامات رضا وسعادة غريبة، فجحظت عينيه أكثر في رعب ...
-مهاب بحدة: ده لازم يتعلم الأدب، ازاي يدخل أوضتي وأنا مش فيها، وانتي كنتي فين ؟
-المربية بنعومة: انت مادنتيش فرصة أقولك إنه موجود في السكن
-مهاب بحنق: يا سلام، بالبساطة دي، طب أهوو شاف كل حاجة، إيه العمل بقى !

أشاحت المربية بوجهها، وتمطعت بجسدها على الفراش قبل أن تسحب الملاءة لتغطي بها جسدها المتعري ...

بينما ارتسمت ابتسامة لئيمة على وجه ممدوح، وحدج أوس بنظرات خبيثة ذات مغزى و...
-ممدوح بنبرة تشبه فحيح الأفعى: هاتهولي وأنا هاتصرف معاه
-مهاب بنبرة غاضبة، ونظرات محتقنة: هاتعمله ايه ؟ ده ممكن يفضحنا ويقول لتهاني على اللي بيحصل هنا
-ممدوح بثقة زائدة: اطمن، مش هاتعرف حاجة، دي مراتي وأنا هاسيطر عليها.

-مهاب بنبرة متصلبة: لأ، أنا عارف ابني، هايقولها، وهي مش هاتسكت، ويمكن تنفذ تهديدها معايا وتقول لناريمان
-ممدوح بنبرة عازمة، ونظرات أكثر ضيقاً: أنا مش هاخليه يفتح بؤه تاني
-مهاب بنبرة محذرة: اياك تعمل في ابني حاجة
-ممدوح بهدوء مخيف: ماتخفش، أنا بس هاعرف إزاي اسكته

ثم مد يده في اتجاه مهاب، وأخذ الصغير أوس من ذراعيه، وقام بحمله وأحكم قبضتيه عليه حتى لا يفلت منه بسبب مقاومته الزائدة، ودلف به إلى خارج الغرفة ...
ظل أوس يصرخ بفزع شديد كي يتركه ممدوح ويبتعد عنه، ولكنه لم يعبء به، واتجه به إلى غرفة نومه الصغيرة ..

أغلق ممدوح باب الغرفة عليهما بعد أن ألقى بالصغير – الذي لم يكف عن الصراخ - على الفراش، ثم حدجه بنظرات بثت الرعب في نفس أوس و..
-ممدوح بنبرة مخيفة: اخرس خالص، ماسمعش حسك
-أوس بصوت عالي ومرتعد: ماما .. ماما، أنا عاوز ماما، أنا هاقولها عليك، يا ماما تعالي
-ممدوح بنبرة قوية، ونظرات مرعبة: بس، مافيش ماما هنا ..!

ثم اقترب منه، وأمسك به من ياقته، وحمله عالياً في الهواء، ونظر مباشرة في عينيه، و...
-ممدوح بنبرة متصلبة تحمل التهديد، ونظرات أكثر ضيقاً: لو فتحت بؤك يا أوس بأي حاجة شوفتها في أوضة أبوك أنا هاعمل فيك زي ما أبوك بيعمل في الخدامة فوق
-أوس بصراخ طفولي: ماما .. أنا هاقولها عليك، عااا
-ممدوح بنبرة مرعبة: مش هاتقدر، وهاقول عليك كداب
-أوس بنبرة طفولية مختنقة: الناني ( الدادة ) هتقول لماما
-ممدوح مبتسماً في استخفاف: الناني مبسوطة ومش هاتقول حاجة
-أوس بنبرة مذعورة: لأ .. ده .. ده كدب
-ممدوح بخبث: واضح كده إنك متعرفش عمك ممدوح كويس، والظاهر إنك عاوز تشوف أنا هاعمل فيك ايه ..!

بلل الصغير أوس بنطاله مجدداً من الفزع، وارتعش أكثر وهو يرى تهديدات ممدوح الصريحة له، في حين ارتسمت ابتسامة شيطانية على فم الأخير وهو يرى تأثيره الجلي والمخيف عليه و...
-ممدوح بهمس مخيف، ونظرات مفزعة: مممم.. تعرف أنا بفكر في ايه،
صمت ممدوح للحظة لكي يراقب ردة فعل الصغير عليه، ثم تابع ب ...
-ممدوح بنبرة مفزعة، ونظرات ثابتة: أنا هاقطع منك حتة صغيرة، ومحدش هايعرف بده

ثم أخفض عينيه للأسفل ليشير بهما إلى ذلك الجزء الذي يهدد بإيذائه فيه، في حين شحب لون وجه أوس على الفور، وهربت الدماء من وجهه، فأيقن ممدوح أنه قد نجح في بث الرعب فيه نفسه، فتملكه الغرور أكثر، واقترب من أذن أوس، و...
-ممدوح متابعاً بصوت ثقيل: و انت أصلاً ضعيف، مش هاتقدر تعمل حاجة، و حتى معندكش قوة تواجهني بيها، الخدامة يمكن أقوى منك وهتعرف تتصرف مع أبوك، لكن انت لأ ..

هز أوس رأسه في فزع، وحاول أن يتملص من قبضتي ممدوح الممسكة به من ذراعيه الضئيلين و..
-أوس بتلعثم وخوف: أنا .. أنا ...
-ممدوح بخفوت مخيف يحمل التهديد: انت هاتنسى اللي حصل في الأوضة، وإلا ...
ثم صمت لثوانٍ لكي يشير بعينيه إلى جسد الصغير حتى يتأكد أنه قد فهم رسالته، و..
-ممدوح بنبرة تشبه الفحيح: انت عارف أنا هاعمل ايه !

ومال برأسه عليه، ثم ...

في تلك اللحظة أفاق أوس من نومه وهو يتصبب عرقاً غزيراً، وصدره يعلو ويهبط وكأنه قد قطع أشواطاً في الركض لمسافات بعيدة ..
ظل لبرهة محدقاً في الفراغ أمامه، متصلباً في مكانه، محاولاً تهدئة أنفاسه اللاهثة ..
أغمض عينيه للحظة، ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره بقوة، وفتح عينيه مجدداً ليتأكد أنه متواجد بغرفته في منزله الخاص بالمعادي ..
-أوس لنفسه بتوتر شديد: كان كابوس، كابوس، مافيش حاجة من دي موجودة ...!

مد أوس يده في اتجاه الكومود ليسحب الهاتف المحمول من عليه، ثم نظر في شاشته ليرى أن التوقيت قد تجاوز الرابعة صباحاً ..
ألقى هو بالهاتف على الفراش دون اكتراث، ثم أنزل ساقيه عن الفراش أولاً، وانحنى بجذعه للأمام قليلاً، ووضع كلتا يديه على فروة رأسه، وظل يمرر أصابعه في شعره، وأخذ يحك رأسه بشدة حتى ينفض تلك الذكريات الآليمة والمفزعة عن عقله ..
زفر هو مجدداً، ثم نهض كلياً عن الفراش، وسار في اتجاه باب الغرفة، ودلف إلى الخارج – وهو عاري الصدر – ليطل على رفيقه عُدي ...

كان عُدي شبه فاقد للوعي على الأريكة الموجودة بصالة المنزل من أثر الخمر، وإلى جواره عدد من الزجاجات الفارغة، وكذلك بقايا الطعام الجاهز ..
تأمل أوس هيئة عُدي المزرية، وحدجه بنظرات متأففة، ثم تركه وسار في اتجاه المرحاض لكي يغتسل لعله يتمكن من نسيان ذلك الماضي المشين والمخيف الذي مازال إلى الآن يطارده في أحلامه ..

أدار أوس صنبور المياه البارد، وأنزل رأسه أسفله، وأغمض عينيه مجدداً ليستمتع بتلك البرودة التي أطفأت إلى حد كبير النيران المستعرة في عقله .. لم يدرْ هو كم من الوقت ظل باقياً على تلك الحالة، ولكنه كان يبحث عن السلام الداخلي، عمن يخمد ذلك البركان الهائج في صدره

لم يهنأ أوس يوماً بعد الذي حدث في تلك الليلة المشؤومة – أي منذ ما يزيد عن ثمانِ عشر عاماً ..

فقد تملكه الرعب الشديد حينما أوشك ممدوح – رفيق والده – على الإعتداء بدنياً عليه، ولكن منعه من الإقتراب منه قرع جرس الباب، حيث نهض ممدوح عن الفراش، وركض خارج الغرفة بعد أن أوصد الباب عليه من الخارج، في حين اختبىء هو بداخل خزانة الملابس حتى لا تطاله يد ذلك الدنيء ..
ورغم أنه كان محاصراً بالداخل، والظلام الدامس يغلف الخزانة المختبيء بها، إلا أن صوتها الذي اخترق أذنيه كان يطمئنه بأنها ستحميه من شره ..
ولكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور حينما سمع أصوات شجارها مع ذاك البغيض و...
-تهاني بغضب عارم: انت إزاي تعمل كده ؟ أنا مش هاسكت
-ممدوح بصراخ حاد: تهاني، كله كان بموافقتك، وأنا مضربتكيش على ايدك ..!
-تهاني بنبرة عازمة وقوية، ونظرات ضيقة ومتوعدة: وأنا مش هاسيبك تفلت باللي عملته، حقي هاجيبه منك، وهاخلي ناريمان تعرف، وأنا آآ...آآآآآآه .. ابعد عني، آآآآآآآآآه.

استمع أوس إلى صراخ السيدة تهاني الهادر وهي تحاول الاستغاثة بمن يساعدها، ولكن تحول هذا الصراخ بعد ثوانٍ قليلة إلى ضحكات رقيعة ن وشبه مائعة، وأصوات أقرب للدلال الممزوج بتأوهات من الآلم، فاكفهرت ملامح وجهه أكثر، وشعر بالتخبط في أفكاره و...
-تهاني بنبرة ناعمة: آآآه، يوووه يا ممدوح، أنا مش بحب كده، آآآي، انت بتوجعني
-ممدوح بنبرة رخيمة: باموت فيكي
-تهاني بنبرة مليئة بالدلال: الله .. مايصحش اللي بتعمله، احنا عند مهاب مش في بيتنا
-ممدوح بخبث: عندك حق، ده حتى مهاب نايم فوق مع حبيبته، وأنا نفسي أخد راحتي معاكي أوي .. تعالي يا قلبي، تعالي

ثم تعالت ضحكاتهما سوياً وبعدها بلحظات انخفضت تدريجياً حتى ساد السكون التام في أرجاء الغرفة .. وهنا أدرك أوس مفهوماً جديداً في الحياة، وأوهم نفسه بأن هناك لذة ما في تعذيب الغير .. نعم، هو ذلك الشعور الذي يمنحك القوة حينما تعتدي بالقسوة على من هو أضعف منك، شعور يجعلك المسيطر والمهيمن على كل شيء ..

أفاق أوس من شروده هذا، وأبعد رأسه عن الماء المنهمر، ثم نظر إلى نفسه في المرآة بنظرات شرسة ومتوحشة، و...
-أوس وهو يصر على أسنانه في غل: كلهم زي بعض، كلهم نسوان ***** ..!

ثم ضرب بقبضة يده المتكورة المرآة بقوة فتحطمت على الفور لأجزاء صغيرة ...

فنظر مجدداً إلى انعكاس صورته المشوهة عليها، وظل متسمراً لثوانٍ في مكانه حتى حضر إليه راكضاً رفيقه عدي الذي كان أثر النعاس بادياً عليه و...
-عدي بفزع: في ايه اللي حصل ؟

لم يجبه أوس بل دفعه من كتفه لكي يدلف خارج المرحاض، فحك عدي رأسه في عدم فهم و...
-عدي بنظرات استغراب، ونبرة متعجبة رغم تحشرجها: ده ماله ده !

في قصر عائلة الجندي،،،،

وقفت السيدة ناريمان أمام بوابة القصر تنتظر السائق الخاص بها لكي يحضر لها السيارة، ثم رفعت أصابع يدها المطلية باللون النبيذي لتتأكد من تناسقه مع لون فستانها الأسود الغالي حيث الحفل الخيري الذي ستذهب إليه بعد قليل مع رفيقاتها ..

في نفس التوقيت قاد أوس سيارته عائداً إلى القصر، فلمح والدته وهي تقف في كامل زينتها، فصف السيارة جانباً، وترجل منها، وسار نحوها وهو يرمقها بنظراته القوية والثابتة ..
لوت ناريمان شفتيها في ضيق حينما رأت أوس، وحدجته بنظرات حادة و...
-ناريمان بنبرة ضائقة: طب كويس انك افتكرت ان ليك أهل وجيت
-أوس بنبرة جافة: اهلا
-ناريمان بحنق: أهلا ..! ده اللي جاي تقوله دلوقتي ؟ يعني انت غايب بقالك كتير، وفي الأخر تقولي أهلاً، فعلاً انت الواحد مستحيل يتكلم معاك
-أوس بجفاء: ناريمان هانم، ماظنش إن وجودي هنا أو غيابي هيفرق معاكي في حاجة، بالعكس أنا بريح دماغك مني، والأفضل تخليكي في شغل الخير بتاعك ده، أو أقولك ركزي مع ليان أحسن مني.

-ناريمان بنظرات مشتعلة، ونبرة متشنجة: انت .. انت ازاي بتتكلم كده، أنا أمك مش واحدة من الزبالة اللي تعرفهم
-أوس وهو يزم شفتيه، وببرود مستفز: مممم .. أمي، طيب كويس انك فكرتيني، أصل أنا كنت ناسي المعلومة الخطيرة دي
-ناريمان وهي تزفر في غضب: اووووف، انا فعلاً بعترف إني فشلت في تربيتك !
-أوس بتهكم، ونظرات ذات مغزى: كفاية أوي إني تربية ممدوح بيه ..!

ابتلعت ناريمان ريقها في توتر واضح، وبدأت أصابع كف يدها ترتعش قليلاً، فأخذت نفساً سريعاً لتسيطر على ارتباكها الملحوظ و...
-ناريمان بتلعثم: آآ.. انت .. انت تقصد ايه ؟
-أوس بنبرة باردة، ونظرات قاسية: انتي فاهماني كويس، فبلاش نلف وندور على بعض

حدقت هي بمقلتي عينيها في قلق واضح، فقد أدركت أن وراء تلميحاته هذه مغزى واضح، لذا ابتلعت ريقها مجدداً، وحاولت أن تسيطر على ملامح وجهها لتبدو عابسة الوجه، و...
-ناريمان بنبرة شبه حادة ومتوترة: انت التفاهم معاك صعب، أنا ماشية ..!

ثم سارت بخطوات راكضة في اتجاه السيارة – وهي تتمتم بكلمات مبهمة - حيث ينتظرها السائق، وأشارت له بطرف إصبعها ليفتح لها الباب، ثم ركبتها لينطلق بها خارج القصر ...

صعد أوس إلى غرفته ليستحم ثم قام بتبديل ملابسه بأخرى رسمية من أجل الذهاب إلى مقر شركاته، وقبل أن يتجه إلى الدرج سمع صوت اخته الصغرى ليان يصدح عالياً وهي تسب وتلعن في الهاتف بعصبية، فضيق عينيه في حيرة، ثم قرر الذهاب إليها لمعرفة ما الأمر ..
لم تنتبه ليان إلى وجود أخيها خارج غرفتها، واستمرت في الصياح ب ...
-ليان هاتفياً بغضب: مش لاقياه يا جودي، قلبت الدنيا عليه في كل مكان
-جايدا هاتفياً بهدوء: طب انتي شوفتيه في التويلت، ممكن يكون على المراية
-ليان بحنق: يا بنتي أنا مش طلعته من ال ( Box ) بتاعه، يبقى ازاي هاسيبوه كده.

-جايدا بنبرة جادة: يبقى أكيد في حد خده
-ليان متسائلة بتزمت: حد مين ده ؟
-جايدا وهي تمط شفتيها في حيرة: يمكن حد من الخدامين اللي عندكم
-ليان وهي تهز رأسها نافية، وبنبرة متشنجة: لأ معتقدش، مامي هنا مش بتشغل أي حد
-جايدا بهدوء حذر: مش عارفة أقولك ايه
-ليان بإنفعال: أنا عاوزة حل للمصيبة دي، مامي لو عرفت إن الخاتم ضاع ه..آآ... هتزعل ومش بعين تكنسل ( تلغي ) البارتي بتاعتي
-جايدا بقلق: طب وبعدين، هاتعملي ايه ؟

وضعت ليان أطراف أصابعها في فمها، وبدأت في قطم أظافرها في ارتباك شديد و...
-ليان بتوتر: أنا .. أنا بفكر أخلي سامو يضربلي واحد أي كلام وآآآ..

أوس مقاطعاً بنبرة متصلبة: ليان، اقفلي الخط وتعالي ورايا

انتفضت ليان فزعاً على إثر صوت أخيها الكبير، والتفتت برأسها ناحيته، وحدقت فيه بنظرات حادة و...
-ليان بنبرة ضائقة: أوس .. انت هنا من أمتى ؟
-أوس ببرود واضح: انتي سمعتي أنا قولت ايه ! تعالي
-ليان بتذمر: اووف، أنا مش فاضية لأي كلام، بليز أوس سيبني في اللي أنا فيه
-أوس بنبرة صارمة، ونظرات قوية: ليان .. تعالي

ثم سار خارج غرفتها، ووقف أمام الدرج ووضع كلتا يديه في جيبي بنطاله القماشي الأسود، فتبعته هي إلى حيث يقف، ولوت فمها في تأفف، ورمقته بنظرات ضيقة و...
-ليان بنفاذ صبر: عاوز ايه ؟
-أوس بنبرة محذرة: اتكلمي معايا عدل أحسنلك، أنا مش صاحبتك

عضت هي على شفتها في عدم اكتراث، وأشاحت بوجهها بعيداً عنه، و..
-ليان بهدوء مصطنع: سوري، بس أنا مضايقة خالص، وآآ..
-أوس مقاطعاً بصوت عميق: في ايه ؟
-ليان بتشنج: الخاتم السوليتر بتاعي ضايع، وانا هاتجنن عليه، ولو مامي عرفت باللي حصل فأنا مش عارفة هاتعمل ايه وآآ...
-أوس مقاطعاً بتهكم: وطبعاً إنتي الوقتي عاوزة بديل ليه قبل ما ناريمان هانم تكتشف الموضوع، فهاتروحي للزفت سامو وتخليه يقلدلك واحد زيه
-ليان وهي تتنحنح في توتر: احم .. آآ.. يعني
-أوس بجدية: أنا سامعك وانتي بتظبطي كل حاجة، لأ برافو .. بنت أمك، بتعرفي تخططي وتلعبي صح !

رفعت ليان أحد حاجبيها، ورمقته بنظرات إستهجان، و...
-ليان بإنزعاج: ايه الاسلوب البيئة، يععع، أنا مش كده على فكرة، أنا بس مش عاوزة مامي تزعل
-أوس بنبرة تحمل الاستهزاء: لا والله، ده بجد .. على أساس إن أنا أهبل وممكن اصدق العبط اللي سمعته
-ليان وهي تزفر في غضب: أوووف، أنا أصلاً بتكلم معاك ليه، انت كده كده مش بيفرق معاك حاجة، وهاتسيب القصر ( as usual )، وهافضل أنا أحاول أبرر لمامي وأشوف أي حجة عشان تقتنع إني مش السبب

تجمدت تعابير وجه أوس وظل لثوانٍ محدقاً في عيني أخته، فارتابت هي من نظراته المسلطة عليها، ثم ...
-أوس بصلابة: لأ بيفرق معايا، وهاوريكي

ثم تركها أوس وأمسك بالدرابزون، ونزل على الدرج سريعاً، واتجه ناحية المطبخ المتواجد به الخدم، وحدجهم جميعاً بنظرات شرسة بثت الخوف في أنفسهم و...
-أوس متسائلاً بقوة: فين حكمت ؟!
-الخادمة تحية بتردد: آآ... هي .. هي بقالها كام يوم عيانة، وآآ... ومش .. ومش هاتقدر تيجي
-أوس بنظرات نارية، ونبرة مخيفة: أها، يعني هي غابت كده مع نفسها وبلغتك انتي بدل اللي مشغلينها
-الخادمة تحية بتوتر شديد: أبداً والله يا باشا، ده .. ده آآ..
-أوس مقاطعاً بقسوة، ونظرات محذرة: أنا هاطلب البوليس لو الخاتم ماظهرش في ظرف ساعتين، والكل هيروح في داهية
-الخادمة تحية وهي فاغرة شفتيها في ذهول: هاه، بوليس، طب .. طب ليه ؟!

نظر الخدم إلى بعضهم البعض في ارتباك شديد، وبدأوا يتهامسون في فزع .. نعم .. الكل يخشاه بحق، فلا يمكن لأي أحد أن يتوقع ردة فعله حينما يغضب أو يثور...

في منزل تقى عوض الله،،،

سمعت تقى صوت طرقات خافتة على باب المنزل، فعدلت من وضعية حجابها الذي يغطي غالبية شعرها، ثم سارت في اتجاه الباب وفتحته لتجد جارتها حكمت واقفة أمامه وترمقها بنظرات متفحصة لها ولقميصها القطني القديم، و...
-تقى بنبرة سعيدة وهي تشير بيدها: اتفضلي يا خالتي
-حكمت بهدوء مصطنع: اه يا حبيبتي، هاتفضل، أومال امك موجودة

سمعت هي صوت فردوس يأتي من الداخل، فاستدارت ناحية مصدر الصوت و...
-فردوس بنبرة شبه عالية: تعالي يا حكمت، أنا موجودة
-حكمت وهي تمط شفتيها في ضيق زائف: كويس إني لاقيتك، أصل عاوزاكي في حاجة مهمة
-فردوس بلهجة آمرة: خشي يا بت يا تقى أعملي حاجة ساقعة لخالتك حكمت بسرعة
-حكمت باعتراض زائف: مالوش لازمة، هو أنا جاية أضايف هنا
-فردوس بإصرار: لا والله ما يحصل، ده انتي في بيتي، اجري بسرعة يا بت
-تقى بنبرة متحمسة: هاعملك لمون ساقع بسرعة يا خالتي

ثم ركض تقى سريعاً من أمامها في اتجاه المطبخ، وتابعتها كلتاهما بنظرات ثابتة إلى أن اختفت عن ناظريهما، فاعتدلت حكمت في جلستها، ورفعت أحد حاجبيها في ترفع و...
-حكمت هي تلوي ثغرها: شوفي بقى يا فردوس يا اختي، أنا مش هالف وأدور في الكلام كتير

اضطربت قسمات وجه فردوس، وقطبت جبينها نوعاً ما، وأصغت بإهتمام بالغ إلى ما تقوله جارتها و...
-حكمت بنزقٍ: الوقتي ( الديّانة ) عاوزين فلوسهم، وأنا بحاول أشوفلك حل عشان ماتتفضحوش أكتر
-فردوس وهي تلوي فمها في سخط: ربنا مش هايجيب فضايح إن شاء الله، ريحي نفسك بس يا حكمت وماتشليش همنا
-حكمت بنظرات ضيقة، ونبرة هامسة: يا ولية أنا عاوزة أساعدك، ياباي ...!

حدجت فردوس حكمت بنظرات حانقة، ثم أشاحت بوجهها بعيداً عنها، و...
-فردوس بنبرة عالية: بت يا تقى اللمون بسرعة عشان خالتك ريقها ناشف

نهضت هي عن الأريكة، ونظرت إلى حكمت بنظرات منزعجة قبل أن تردف ب ...
-فردوس على مضض: هاروح أشوف ايه اللي أخر البت دي ورجعالك

ثم سارت فردوس بخطوات ثابتة في اتجاه المطبخ، بينما ظلت حكمت تتابعها بعينيها المغتاظتين إلى أن أختفت تماماً، فأرجعت ظهرها للخلف، ووضعت ساقاً فوق الأخرى و...
-حكمت بنبرة محتقنة وخافتة: أنا مش عارفة بتتنطط على ايه بنت بارم ديله دي ...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة