قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والثلاثون

قرارك الأصعب، هو الأصدق.
وسط هذا المُعترك، وبالرغم من آلامهِ الجامحة التي لم يستطع بأي شكل تجاوزها، وقف گالجدار صلبًا لم يهتز بينهم، يرنو إليهم بنظراتِ صقرٍ جريح، كُسر منقارهِ. شملهم بنظراتٍ مختطفة حاقدة، بينما مدّ إليه شريف بكأس من الماء، ف لم ينظر يزيد إليه حتى، وأطاح به من يده ليسقط متبعثرة فُتاتهِ بالوسط، ف زجرهُ شريف بإحتدام حينما تدخل يونس ليحول بينهم: - إهدا يا يزيد، خلينا نعرف نتكلم.

تحامل يزيد على نفسه، وتجاهل آلام كتفهِ وذراعهِ المصاب، ليهدر قائلًا: - كلام إيه يا يونس، دول كانوا عايزين يقتلوني. دبروا لكل اللي حصل وتعمدوا يقلبوا بيا العربية.
رماه سعد بنظرة حاقدة، قبل أن يُفجر كلماتهِ السامة في وجهه: - لأ مكنش ده في نيتنا، إحنا نيتنا كانت تصفيتك على الهادي.

منع يونس شقيفهِ بصعوبة، من أن يخطو خطوة نحو ذلك الأرعن المتهور، ثم نظر حيال بهجت قائلًا بجدية لازمت صوته: - كده مش هنعرف نتكلم ياحج، أنا جاي أحل.
انتقلت نظرات يزيد نحو شقيقه، وهو ينفي رغبته في التحاور معهما بأي شكل: - أنا مش هكلم مع حد في حاجه، واللي حصل ليه تمن عندي يايونس.

فلم يقف بهجت ساكنًا، وزأر بصوتهِ ضاربًا بعصاه الأرض: - إنت بتهددني في بيتي وانت اللي جاي على عرضي وشرفي يا ××××××.
ف إنفعل يزيد بغتة، وكاد يتهجم عليه صائحًا بعصبية مفرطة: - ما تحاسب على كلامك ياراجل إنت! ما قولتلك إنت فاهم غلط. أعملك إيه تاني عشان تصدق!؟

أمسك شريف ب أخيه لئلا يتهور بفعلتهِ، بعدما خطى خطوة هجومية نحوه: - كلامك ده ميدخلش ذمتي، المنطقة كلها مكنش فيها سيرة غير إنكم سوا لي الرايحة والجاية!
وقف أمامه يونس صامدًا عتيِّا، وأردف بلهجة تعمد فيها الإستخفاف به: - ب اقولك إيه، ما تخرج منها وتريحنا، سيب الكلام لأصحاب الكلام.
ثم وجه نظراتهِ ل بهجت متابعًا: - وأنا قولت للحج لو في أي وضع يستحق التعديل هيتعدل.

استنكر يزيد طواعية شقيقهِ المُبينة لهم، وصرّح برفضهِ: - تعديل إيه يايونس اللي بتكلم عنه! مفيش أي وضع محتاج حتى تبرير، نغم كانت في بيت جدتي وتحت حمايتي، خلص الكلام.
لم يحبذ شريف حديثه كثيرًا، وتجلّت تعابيره المستهجنة على وجهه: - لأ مخلصش. حتى لو صدقناك، ده مكنش مسؤليتك ياأخ. واللي عملته ده عندنا ملهوش غير أسم واحد.

قابل يزيد أسلوبهِ ووعيدهِ المُبطن ب إستهتار شديد، جعل شريف يشتط اشتطاطًا حاميًا، يكاد يحرق الأخضر واليابس: - ميهمنيش.
بسط ذراعهِ قاصدًا الإطالة به، ليفتك به بين أصابعه العشرة: - عليا النعمة اللي خدته شوية عليك، لو سابوني بس ه ×××××× على دماغك.

من ناحية كان عيسى يمنع يزيد، وناحية أخرى يقف يونس حائلًا مانعًا بينهم، عندما دوى صوت يزيد بالخلف: - أعلى ما في خيلك أركبوا، طالما انتوا خدتوها عافية يبقى كل واحد يتحمل بقا.
إهتاج بهجت لسماعهِ ذلك، وسلط نظراته الساخطة على يونس وهو يصيح ب: - عشان تعرف إني عداني العيب، أنا سمحتلك تشوفه بس عشان دخلت داري وجيتني دوغري، لكن ال ××××× ميستاهلش غير المركوب حذاء ياخد بيه.

وانتقلت نظراته المهددة نحو يزيد متابعًا بتحدٍ سافر: - وأني قتيلك يا ××××، ومش هفرط في سمعتنا وسمعة بنتنا اللي راحت بلاش بسبب واحد من عينتك.
وأسرع يُخرج سلاحهِ من جيب جلبابهِ، وأشهرهُ في وجه يزيد صائحًا: - دمك هو اللي هيشفي غليلي.

قبض يونس على معصمهِ بعدما انفلت زمام الأمور منه، ولم يقوَ السيطرة على ذلك الحريق الوشيك، الذي سيلتهم في طريقهِ يزيد و نغم أيضًا. أحكم يده على معصم بهجت، فتدخل سعد و شريف بدورهم، ليكون في المنتصف عيسى و يزيد. بات الوسط ساحة حرب فعلية، وتداخلت الأصوات الصائحة من كل إتجاه، فلم يعد بإمكان أيهم أن يسيطر على الوضع وحدهِ. فقط صوت صافرة عربات الشرطة المقتربة منهم، أوقفت تلك المهزلة خلال بضع ثوانٍ، ف سكن الجميع فجأة، في حين إلتمع شيئًا ما في عينا يونس، وارتخى صوته وهو يتسائل بفضول: - سكت يعني ياحج؟

خمّن بهجت بشكل صحيح، ف علت إبتسامة ساخرة محياه، وهو يردف: - جاي وجايب الحكومة معاك!؟ وماله، يامرحب.
وزع سعد نظراتهِ المغتاظة عليهم، وزأر بصوتٍ جهوري: - كمين يعني!
وتجمد وجه بهجت فجأة متابعًا: - حاجه زي دي متخلنيش أرجع في كلمتي لو على رقبتي.
قرعات عنيفة على الباب، حينما كان بهجت يضع سلاحه في جلبابه من جديد، ثم أشار ل إبنه الأكبر كي يفتح الباب: - أفتح ياشريف.

زجرهم بنظرات محتقنة، وهمّ ليفتح الباب، تاركًا خلفهِ الوضع المتأزم على حالهِ، إندفع أفراد الشرطة للداخل تدريجيًا، حتى احتلت القوة قلب المكان بالكامل، محاوطين بالجميع. شملهم ضابط المباحث بنظرات مترقبة، قبل أن ترتكز عيناه على يونس تحديدًا، وسأل في إهتمام: - في إيه ياأستاذ يونس!؟
فأجاب يونس بدبلوماسية شديدة: - سوء تفاهم بسيط سيادتك وكله راح لحاله.

ثم أشار لأخيه متابعًا: - أنا محتاج أروح المستشفى ضروري عشان أخويا مصاب.
نظر ضابط المباحث بإتجاه الطرف الآخر، ليقرأ بوضوح علامات الغضب العارم على أوجه الجميع، فسألهم مباشرة: - في مشكلة ياجماعة؟
تشبث بهجت عصاه بقوة، وعيناه لا تفارق الشقيقين وهو يقول: - ربنا ما يجيب مشاكل يابيه.
استند يزيد على ذراع أخيه، وهو يرمي نظراتهِ الأخيرة على الجميع، قائلًا بخشونة حازمة: - يلا يايونس.

تحت حماية أفراد الشرطة، خرج يونس متمسكًا ب يزيد، حريصًا ألا يؤلمه أو يؤذيه، وفي أعقابهم عيسى خلفًا وظهرًا. تصاعدت نيران الغيظ تأكل في أفئدتهم جميعًا، وهم يرون نصب أعينهم خروج الجميع سالمين من هنا، بدون حتى أن يوضح يونس الحل الذي قصدهُ. التفت سعد لوالده، يرمقهُ بنظراتٍ غاضبة لم تخلو من العتاب المعنف، وهو يقول ساخطًا: - شايف يابا! لو كنت سيبتني على ال ×××× من الأول مكنش ده بقى حالنا، أهو خرج قدام عنينا وإحنا مش قادرين نطوله.

ودفع بساقهِ المنضدة الصغيرة قبل أن ينصرف، ف تطايرت مرتطمة بالأرضية، في حين نظر شريف بإستهجان واضح لوالدهِ وأردف أيضًا: - ملكش حق يابا، صبرك ضيع ال ×××× مننا.
وسار في أعقاب أخيه، يحمل من الحنق في أغوارهِ بقدر شقيقهِ على الأقل. بينما كان بهجت يفكر مليًا، كيف سينال من ذلك الذي اتخذهُ عدوًا له.

تآوه يزيد متألمًا، وصدح صوت آهتهِ في الأرجاء، حينما كان الطبيب يضع جبيرة لذراعهِ اليمنى. تماسك يونس بصعوبة أمام تألم أخيه بتلك الطريقة، عزائهِ الوحيد إنه سالمًا لم يصاب بشئ خطير، فلم يعد يونس قادرًا على تحمل مثل تلك الأخبار السوداوية التي تأتيه. انتهى الطبيب ونهض عن جلستهِ قائلًا: - جت سليمة، شرخ بسيط بس لازم ناخد بالنا، المجهود الزيادة ممنوع. أنا عملت جبيرة هتفضل لمدة 10 أيام حد أدنى، وبعدها نفكها.

أطبق يزيد عيناه يعتصرهم من فرط ألم رأسه، ف تحسس جبهتهِ المندملة وهو يردف: - دماغي هتنفجر من الوجع.
فأشار الطبيب لإصابة رأسهِ قائلًا: - ده طبيعي جدًا، في 3 غرز في دماغك والدكتور اللي خيط مستخدمش بينج.
ف أطلق يزيد سبة نابية: - ال ×××××× كمان جابولي واحد حمار مش بيفهم.
- خلاص يايزيد، كويس إنها جت على كده حاليًا.

لم يتحمل يزيد الألم لأكثر من ذلك، وقد طغى شعور الوجع على حواسه بالكامل: - أديني أي حاجه تسكن الوجع، أنا مش شايف قدامي.
أشار الطبيب للمصل المزروع في وريدهِ، ونوه قائلًا: - المصل فيه مسكن هيشتغل دلوقتي، متقلقش خالص.
ثم ناول يونس وصفة علاجية متابعًا: - دي مضادات إلتهابات، عشان لو كان الجرح أتلوث.
طوى يونس الورقة، قبيل أن يشير ل عيسى كي يأتي من الخارج ليجلب دوائهِ: - شكرًا.

ثم نظر بإتجاه أخيه: - الموضوع جد يايزيد، والناس دي مش بتهزر. لازم نلاقي حل.
أوهم يزيد نفسه بأن الألم يزول، حتى يتعايش مع ذلك الشعور المميت الذي ينخر في رأسه، ليجيب بدون تفكير: - مفيش حلول يايونس، ولو فكرت في اللي جه في بالي مش هيحصل.
وكأن تلك اللغة التي لا يفهمها سوى كلاهما قد أدت الغرض، ليتفهم كل منهم إلام يرمي الآخر: - ليه ميحصلش؟

فأجاب يزيد بصراحة مطلقة، وهو ينظر بداخل عينا أخيه مباشرة: - مش هتجوزها يايونس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة