قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل الخمسون والأخير

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل الخمسون والأخير

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل الخمسون والأخير

ما أعرفهُ هو أنني أُحبك دائمًا بنفس الدهشة، بنفس إندفاع مشاعري عندما وجدتك أول مرة، وأدرك جيدًا إنني سأبقى هكذا إلى الأبد.

موافقتهِ على الأمر بدون نقاشٍ أو مجادلة كان بمثابة طوق النجاة الذي أتى في توقيتهِ المناسب تمامًا. كانت تعلم إنه لن يخذل مطلبها، ومع ذلك كانت مرتابة بشدة من لقائهم - الذي أتى بثماره -. أمسكت نغم كأس المياة، وارتشفت رشفة روت بها ظمأ حلقها الجاف، ثم تركتهُ وهي تبتسم بإمتنان قائلة: - مش عارفه أشكرك إزاي ياأونكل، مش هنسى موقفك ده طول عمري.

نظر قاسم لساعة اليد خاصتهِ وهو يردف: - متقوليش كده يانغم، سيبي الموضوع عليا وأعتبريه خلصان.
كانت عيناه المحترفة ترى تلك النظرات المستهجنة تتراقص في عيني يزيد بدون أن ينظر مباشرة حياله، ف تفهم على الفور السبب وراء ذلك لكنه لم يبدي، وسرعان ما انتقلت عيناه إليه ليقول متسائلًا: - عرفتوا مين اللي حرق المزرعة؟

انصرفت عينا يزيد عنه، وطرد زفيرًا مندفعًا من صدره وهو يجيب: - عارفين، مفيش غير واحد هو اللي يقدر يعمل كده.
حلّ قاسم تشابك يديهِ وهو يردد: - أتمنى يكون تخمينكم صح، ومع ذلك أنا هقدم مساعدة أخيرة ليكم.
أخرج قاسم ظرف صغير من جيب معطفهِ، أحتوى على (فلاشة) صغيرة، ووضعها أمامه على الطاولة وهو يردد: - هتلاقي هنا كل حاجه عن ليلة الحريق.

اتسعت عينا يزيد المرتكزة على الظرف الصغير، وانتقلت فورًا إليه وهو يسأل بشئٍ من الحزم: - وإنت وصلت لده إزاي!؟
بدت نظراته متفاخرة للغاية، وهو يتحدث عن نفسه: - هعتبر سؤالك جهل بيا، ومش محتاج أرد عليه.
وقف قاسم عن جلستهِ، فلم يبقى يزيد بمحلهِ، بل وقف أيضًا بإندفاعٍ، وقد سيطر عليه تهوره گالعادة وهو يسأل بأسلوبٍ فظ: - أنا من حقي أعرف إيه اللي خلاك تدور ورا حاجه متخصكش.

أسرعت نغم بالتدخل بينهما، وقد بدأ الخوف من النتائج التي ستلحق بالأمر تخيفها، كونها تعلم جيدًا شخصية قاسم التي لا تقل عن يزيد في حدة الطباع بل مضاعفة عنها أيضًا. نظرت نغم حيال يزيد وهي تضغط على ذراعهِ گأشارة منها كي يتوقف عن هذا الهراء: - أونكل قاسم حب يساعد يايزيد، أكيد مش ده الرد المناسب اللي ينفع ترد بيه!

إتقدت عينا قاسم كابحًا غضبهِ لئلا تنقلب الليلة رأسًا على عقب، وقرر أن يتجاوز عن ذلك - وهذا نادرًا ما يصدر منه -. فما كان منه سوى تسديد نظرة نارية حملت معانٍ تحذيرية وهو يقول بحزم: - مفيش حاجه متخصنيش، مزرعتكم جمبي، يعني ممكن الخطر ده يطولني أنا كمان. ولو اعتبرتها تطفل مني براحتك. أنا مسألتش عن رأيك.
وانتقلت عيناه إلى نغم لينهي حواره وتواجده هنا: - لما أجهز كل حاجه هكلمك يانغم.

وأشار بسبابته لأحدهم، فكان بين يديه بلمح البصر، ليعطيه الأمر ب: - أدفع الحساب، وأنا هكون برا.
- أوامر ياباشا.
التفت منصرفًا، حينما كانت عينا نغم تتفرس ب غيظ شديد في يزيد، والذي جلس بدون إكتراث لعيناها المتسلطة عليه، لتقول هي بلهجة منزعجة: - إيه اللي عملته ده! هو ده الثبات والهدوء اللي اتفقنا عليه قبل ما نيجي يايزيد!

ف رفع بصره المحتقن نحوها قائلًا: - والله أنا فضلت ماسك نفسي بالعافية لحد ما الكلام خد إتجاه تاني، إيه اللي حشره هو في موضوع زي ده!
لم تتجادل معه، بل سحبت الحقيبة بغتة وشقّت طريقها للخروج من هنا وهو في أعقابها، أوفضت نحو المخرج غير راغبة بالمواجهة معه هنا، حتى استوقفها ممسكًا بذراعها ليهتف: - إنتي رايحة فين؟ العربية مركونة الناحية التانية!

تجاهلت سؤاله، وانتقلت للسؤال الأهم والذي علق في رأسها: - هو أونكل قاسم يبقى الراجل اللي أنقذ المزرعة والناس اللي كانوا فيها.
دفع يزيد الهواء من صدره مجيبًا بفتور: - آه هو!
قيدت ذراعيها أمام صدرها بشئٍ من الإستنكار لأفعاله، ورددت: - وهو ده الشكر اللي تقدمه لواحد أنقذكم!
تشنج فكهِ وهو يبرر تصرفهِ المندفع ضد قاسم: - أنا محبتش فرض سيطرته على الموضوع وكأنه يخصه، هي دي كل الحكاية.

ف نفت نغم ذلك، وضربت الحقيقة الذي لم يعترف بها في وجهه قائلة: - مش صح، إنت من ساعة ما عرفت إني لجأت لحد غيرك وإنت مش طايقه حتى قبل ما تشوفه.
فلم ينكر ذلك، وصدّق على تلك الحقيقة معترفًا بها: - آه صح، ليه تلجأي لحد وأنا موجود! وانتي عارفه إني كفيل بيهم كلهم.

أمسكت بيدها كفه وضغطت عليه بكل قوتها، وهي تُصرح له بخوفها الزائد عليه من تبعات هذا الأمر: - عارفه إنك تقدر، بس أنا مش هغامر وأحطك قدامهم. يزيد أنا مش هتحمل أي أذى يجيلك من وراهم، كفاية إنهم حاولوا يقتلوك قبل كده، عمي ملهوش عزيز ولا حتى أنا، وإنت شوفت بنفسك.

ازدردت ريقها قبل أن تتابع: - مش انت سألتني قبل كده إيه هي نقطة ضعف عمي!؟ قاسم رسلان هو الوحيد اللي هيقدر يدوس على نقطة الضعف دي، من غير ما يمسني بأي حاجه.
تمسكت أصابعه بيدها جيدًا، يحاول بقدر استطاعته أن يواري ذلك الضيق المنزعج المرسوم على وجههِ في سبيلها، وب لينٍ شديد كان يجتذبها إليه قائلًا: - أنا السبب من الأول، دي أول وآخر مرة هسيبك تتعرضي لموقف زي ده.

أجبرت ثغرها على رسم إبتسامة صغيرة أتبعتها ب: - مصدقاك.
- طب يلا عشان أروحك.
أوقفته قبيل أن يتحرك، وقد بدت ملامحها متوجسة من شئ ما: - يزيد، . آ عايزة أقولك حاجه.
ف وضع تخمينًا بديهيًا لما تبيّن على وجهها: - جعانة؟
رمشت عيناها مرتين، ف ضحك من قلبهِ حينما رآها بتلك الحالة، ف سحب يدها منه بتجهم مستنفرة سخريته بها: - إنت بتضحك على إيه!

ف قرر أن يعرض عليها أمرًا، ستكون مجبرة على الموافقة عليه: - هنروح ناكل بس بشرط، أنا عايز مكرونة بالبشاميل من بتاعتك بكرة.
تملكها الغرور في تلك اللحظة، وتجلّت معالم الفخر على تقاسيم وجهها قائلة: - طبعًا من أول مرة مقدرتش تقاوم، مش كده؟
أنحنى قليلًا على وجهها، وعيناه تنطران إليها بعبثٍ لأول مرة منذ أن عرفها، ليقول مازحًا: - الحقيقة آه، وفي حاجات كتير أوي مش قادر أقاومها فيكي.

وانزلقت عيناه ببطء حتى ارتكزت على شفتاها، ف أقشعر سائر بدنها فجأة، وهمّت بالفرار من أمامه، لتسير بعشوائية مرتبكة نحو سيارته، قبل أن يتمادى أكثر، ف دفعته للضحك مرة أخرى، ولكنها ضحكة أكثر صدقًا من سابقتها.

الأجواء مضطربة أكثر من اللازم، والحدث جعل الجميع يفقدون صوابهم، أو بالأحرى يفقدون ثباتهم. إيجاد جثمان لسيدة أسفل التراب بعدة أمتار بعيدة عن السطح، متشحة بملاءة تلوثت بآثار الدماء الجاف يبدو إنها تعود لسنوات ماضية، - إنه حدث يُزلزل الشاهد عليه -.

إنتقل فريق المباحث الجنائية لمكان الواقعة، بعد بلاغ رسمي من صاحب الأرض، أبلغ فيه بتواجد جثة ميتة يبدو إنه لسيدة، وتبين ذلك من شعرها. ترجل ضابط المباحث من السيارة، ومضى نحو فريق الشرطة الذي سابق وصوله، ليسأل بإهتمام وهو ينظر لتلك الموارة بالملاءة: - عملت إيه ياحضرت الظابط؟
أشار الضابط نحو الجثمان و: - بنخرج أمر النيابة عشان الطب الشرعي يشوف شغله يافندم.

التفتت عينا رئيس المباحث نحو ذلك الشاب اليافع الذي يقف على مقربة منهم، وتسائل: - هو ده صاحب الأرض؟
أومأ الشرطي رأسه قائلًا: - هو يافندم، ريان النعماني صاحب الأرض. شركته كانت بتجهز نفسها لبناء مجموعة سكنية حديثة وأثناء ده تم العثور على الجثة.
دنى منه رئيس المباحث، وصافحه برسمية قائلًا: - مساء الخير، مدحت سليمان رئيس المباحث.

أومأ ريان برأسه متفهمًا وهو يعرف نفسه: - أهلًا يافندم، ريان طاهر النعماني، صاحب الأرض اللي بيتعمل عليها المشروع، وأنا اللي قدمت البلاغ.
- الأرض دي ملكك من أمتى ياأستاذ ريان؟

نظر ريان حوله، حيث موقع الأرض المتميز، ثم أجاب: - بقالها بالظبط 9 شهور، كنا بنجهز نفسنا للمشروع وأول ما التراخيص خلصت بدأنا من فترة، والنهاردة الصبح اتفاجئت باللي حصل. الناس اللي شغاله اكتشفوا الجثة دي مدفونة تحت الأرض وعلى عمق كبير زي ما حضرتك شايف.
نظر رئيس المباحث نحو الحفرة المقصودة قائلًا: - واضح إن الموضوع بقاله سنين.

فتسائل ريان بإسترابة، بعدما تعطل مشروعهِ للمرة الثالثة على التوالي: - طب وبعدين، إيه اللي هيحصل؟
فأجابهُ بمنطقية شديدة: - اللي المفروض يحصل، الطب الشرعي هيحاول التوصل لهوية المجني عليها، ومقارنتها بسجلات المفقودين السنين اللي فاتت، وده هيتسبب في تعطيل مشروعك شوية.
تنهد ريان بقنوط، واضطر مجبرًا على الرضوخ إلى القانون: - اللي تشوفوه.

مضى رئيس المباحث مقتربًا من الحفرة التي كانت بداخلها المجني عليها، ليكتشف مدى عُمقها، ومطّ شفتيهِ بعقلٍ منشغل وهو يردف: - العمق بيقول دي مش حفرة عملها واحد بس!
ثم نظر نحو الجثمان متابعًا: - عمومًا الطب الشرعي هيثبت كل حاجه.

كانت ظهيرة دافئة، على عكس الأيام الماضية، والتي كانت شديدة البرودة. دخل يونس لغرفتهم وهو يحمل ذلك المظروف الأبيض، ثم دنى منها وهي نائمة حسيسًا في خطواته، حتى استقر بجوارها، وانحنى يُقبل شفتيها برقة، ف أيقظ كل مشاعرها النائمة، وبدأت حواسها تستجيب للإستفاقة. فتحت عيناها والبسمة المُنيرة تشعّ في وجهها، ورنت إليه بعينان ناعستان لتقول: - صباح الخير.

ف لم يكن منه سوى الإجابة ب إغراقها تقبيلًا، وجهها، نحرها، وحتى كتفيها. قبل أن يهتف بصوتٍ متحمس: - صباح الورد، أنا جاي أصبح عليكي بشكل مختلف النهاردة.
بدأت تعتدل في نومتها بوجهٍ قارب لونهِ الحُمرة، ونظرت لذلك المظروف الأبيض بين أصابعه بفضولٍ شديد: - قول بسرعة، إيه اللي معاك ده!
ناولها الظرف لتفتتحه بنفسها، وهو يرنو إليها بعيون هائمة تعشق فيها: - هديتي ليكي، الوعد اللي وعدتك بيه.

تحفزت حواسها متلهفة، فلم تتحمل صبرًا ومزقت طرف المظروف بحماسة طاغية عليها، لتتصفح الأوراق الكثيرة التي ملأتهُ. إلتمعت عيناها ببريقٍ، وكأنها على شفا حفرة من البكاء، وتزايدت ضربات قلبها بعد دفعة الإدرينالين التي تدفقت بسرعة في عروقها، ترقرقت عبرتين من طرفيها وهي تنظر إليه بغير تصديق، وارتجفت شفتاها محاولة تكوين جملة واحدة: - هكمل تعليمي!

مسح عينيها ب إبهامهِ، وتخللت أصابعه شعرها ليساويه وهو يجيب: - كل حاجه خلصت خلاص، كلها شهور وتدخلي أولى جامعة.
تركت الأوراق وارتمت بين أحضانهِ، والسعادة ترفرف على قلبها الذي لم يعيش سوى معاني اليُتم والحرمان والقهر، اتسعت إبتسامتها السعيدة وعيناها لا تتوقف عن ذرف الدموع، ليأتيها صوته المحفز: - إنتي هتكوني نفس المجال بتاعي، هنذاكر مع بعض وأنا بنفسي هذاكرلك.

ضحكت من فرط سعادتها، وابتعدت عن أحضانهِ قليلًا، طالت نظرتها المتفحصة لوجهه، لا تستطيع إستيعاب إنها تعيش هذه الحقيقة، وقالت بصوتٍ مبتهج: - أنا عمري ما حلمت بحاجه واتحققت، إنت مش حقيقي، أنا أكيد بحلم، بحلم وخايفة أصحى من حلمي.
ألتصقت شفتاه بوجنتها، يُقبلها بلطفٍ دغدغ عواطفها المتأججة، ثم همس إليها: - إنتي فعلًا بتحلمي، وهتفضلي تحلمي للأبد، وأنا هكون جمبك في كل أحلامك.

واندفن نصف وجهه بين عنقها وكتفها، لتطوقهُ بذراعيها المشتاقين لعناقهِ الطويل الدافئ، تاركة الحُلم يحلق بها للأفق العالي، لتطير بين سُحب السماء بجناحيها.

سرب من الهواء البارد مر فوق جسدها المُلتهب، والذي لم يتخلص من حرارتهِ المرتفعة كُليًا، جعل عيناها لا إراديًا ترتجف رجفة بينّة. أحست بشئ مثلج يوضع على رأسها الساخنة، وهي تحت تأثير الهلاوس منذ أكثر من يومين متتالين، مُصابة بنزلة شعبية حادة أفقدتها حتى الشعور والإدراك لما حولها، ف اجتهدت بصعوبة بالغة لكي تفتح جفونها الثقيلة، استشعرت وكأن صدرها يحترق من فرط سخونة أنفاسها، ووخزات قاسية تضرب بقوة أماكن متفرقة من جسدها المريض. فتحت عيناها ببطءٍ مترويّ، ف أبصرت بزوجها محمد يتطلع إليها بنظرات مهتمة، وهو يسألها بقلقٍ شديد: - إنتي شيفاني ياملك؟

أحست وكأن شيئًا يجثم على أنفاسها، فلم تعد تلتقطها براحة، ومسحت بلسانها على شفتها الجافة قبل أن تهتف بصوتٍ واهن: - أنا فين؟ إيه اللي جابني هنا!
قطب محمد جبينهِ بإستغراب، واعتدل في وقفته وهو يردف بإستنكار: - في بيتنا! إنتي للدرجة دي تعبانة!
تآوهت بتألمٍ وهي تحاول الإعتدال في نومتها، وبدأت عيناها تُبصر ما حولها جيدًا، لتكتشف إنها بغرفة نومها القديمة: - بيتنا إزاي!

وضع محمد أطراف أنامله على جبهتها يتحسس حرارتها التي لم تتراجع أبدًا، ثم قال: - بقالك يومين سخنة مولعة وطول اليومين نايمة، ده أنا سيبت الماركت وقعدت جمبك من كتر الخوف!
گالإغلال، بدت كلماتهِ وكأنها تُسلسل عنقها، وتخنقها أكثر أكثر، محاولة تذكر أي ملامح لما حدث بالأيام السابقة: - إنت بتقول إيه! هو مش إحنا اطلقنا!؟

تغيرت تعابير وجهه فجأة، وأظلمت عيناه وهو ينظر إليها بإنفعالٍ جاد، مجيبًا على سؤالها الأرعن: - فال الله ولا فالك! طلاق إيه اللي بتكلمي عنه! إنتي السخونية مأثرة عليكي أوي كده ولا إيه!
كادت تُجن بالفعل، وخلال لحظات كانت متناسية كل ذلك، وتذكرت فقط ذلك الملاك الذي زار حياتها خلال يومين كاملين نامت فيهما: - يونس!

رنّ هاتفهِ مُعلنًا عن إتصال من إبراهيم، ف أشار إليها محمد بالهاتف، وهو يضعه أمام ناظريها: - أبوكي بيتصل يطمن عليكي، بقالي يومين مش بينام بسببك!
ف سرت رجفة قوية في بدنها، أثر ذكر سيرة والدها المتوفي، فتسائلت بتخوفٍ متردد: - هو مش بابا مات!؟
حدق محمد فيها بغير تصديق، حيث أن حالتها قد تدهورت أكثر مما تخيل: - إنتي كمان موتي الراجل!

هبت ملك من نومتها فجأة، ف تشوشت رؤيتها بوضوح؛ لكنها لم تهتم كثيرًا بذلك، وسألت بذعرٍ انتابها: - طب ولاد عمي، محدش فيهم سأل عني؟
- ولاد إيه! ولاد عمك!
تدلى فكهّ السفلي مذهولًا، وهو يسأل بفضولٍ: - هو إنتي ليكي ولاد عم؟
رنّ الهاتف من جديد، ف أجاب محمد وهو يشملها بنظراتهِ المدهوشة: - أيوة ياعمي، آه صحيت أخيرًا، بس الوضع مش مطمني، ما تيجي شوية عشان تشوف بنفسك.

وابتعد عنها قليلًا متابعًا التحدث إليه، وهي بمكانها، مجمدة گقطعة من الجليد. كيف يحدث ذلك؟ وما هو المسمى الواقعي لما تعيش فيهِ من كابوس فعلي!؟ تجولت ملك في الغرفة وهي تنظر يمينًا ويسارًا بدون إستيعاب لتلك الكارثة، والتفسير الوحيد لما تعيشهُ الآن يجعل قلبها ينقبض بقوة مؤلمة. هاتفها القديم على الكومود، ملابسها مُعلقة على المشجب الخشبي، وحتى دُميتها القديمة موضوعة على الأريكة، كل شئ كما كان بالضبط، بشكلٍ سلبها قواها العقلية. نهج صدرها الموجوع، وجلست ببطء على طرف الفراش وهي تهمس بصوتٍ مكلوم: - يعني كل اللي حصل كان حلم!؟ كل ده حصل وأنا نايمة!؟

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة