قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع عشر

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع عشر

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع عشر

تحلُمين والحُلم أنتِ.
جلس في باحة القصر، ساقًا أعلى الأخرى، يهز أصابعهِ بتوتر وقد تملّك التفكير من كل شعورهِ.
انتهى من سرد ما حدث بالأمس ل شقيقهِ يزيد، ف انشغل الأخير بما حدث وحضر على ذهنهِ عدة تخمينات لم يأخذ بها في عين الإعتبار. وبعد قليل من الصمت أردف ب: - وبعدين! عرفت توصل لحاجه؟

طرد يونس زفيرًا طويلًا مُحملًا ببقايا النيكوتين الذي يُعبئ به صدرهِ و: - لأ، بعد ما فضلت اتمشى في الشوارع ساعة ونص وهو ماشي ورايا تقريبًا حسّ إني قفشته، راح سايبني في نص الطريق
دعس يونس سيجارتهِ في المنفضة وتابع: - أنا متأكد إن العربية دي كانت ماشية ورايا يايزيد
نهض يزيد عن جلستهِ واقترح: - أنا رأيي منبعدش زهدي عننا، بالعكس. خليه تحت عنينا
طقطق يونس أصابعهِ مؤيدًا تلك الفكرة: - أنا برضو بقول كده.

ونظر إلى ساعتهِ قائلًا بصوتِ خافت: - هي أتأخرت كده ليه؟
ف قوس يزيد شفتيهِ ب استنكار و: - إحنا بنتكلم في موضوع مهم على فكرة، يعني ممكن تنسى ملك 5 دقايق بس
ف ذمّ يونس شفتيه بعدما ألقى نظرة عليه و: - مبعرفش أنسى
ف تأفف يزيد بقنوط و: - أتعلم ياأخي، وبعدين انت هتفضل مقضيها رحّالة كده من هناك ل هنا كل يوم! ما تنزلوا القاهرة وتستقروا زي الأول!

فتح يونس هاتفهِ وارتكزت أبصارهِ عليهِ وهو يقول: - ملك حابه المكان هنا، وبعدين أنا كده مطمن عليها. لما نخلص من الحكاية السخيفة اللي شغلانا دي هبقى أشوف
هبطت ملك متعجلة على الدرج، متأنقة ب فُستان أزرق اختلط ب نقوشات بيضاء رقيقة، بالكاد وصل حتى ركبتيها. انتقتهُ لها كاريمان بنفسها.

تقدمت منهم ل تتسلط عينا يزيد على ساقيها المكشوفتين، ف تجهم وجهه وهو ينظر نحوها وسأل ب أسلوبٍ فج: - أنتي ناوية تخرجي كده ان شاء الله!
مُشيرًا لساقيها، ف أخفضت بصرها نحو ساقيها وأردفت: - آه!
- آه؟!
ونظر نحو يونس منتظرًا رد قوي منه حول ثيابها التي كشفت ساقيها، بينما كان يونس غارقًا في وجهها بالأكثر. ثم أحنى بصرهِ كليًا عنها وعبس قليلًا وهو يسألها: - أنتي عايزة تخرجي كده؟

ف أجابت بدون أن تفطن لخبايا سؤالهِ: - أيوة، ماله الفستان دي نينة اللي اختارته بنفسها!
ف ابتسم يزيد من زاوية فمهِ متهكمًا وغمغم: - كنت متأكد والله إنه اختيار نينة!
نهض يونس عن مكانه وعبّر عن رأيهِ بشكلٍ راقي أجبرها على التفكير في الأمر مرة أخرى: - الصراحه الفستان مش حلو خالص عليكي، في لبس كتير أشيك منه عندك، بس براحتك طالما عايزة تخرجي بيه.

أعادت النظر للفستان، ف بغضته. وانسحبت من أمامهم لتصعد مرة أخرى للأعلى.
ابتسم يونس ابتسامة ظافرة وهو ينظر لشقيقهِ الذي فهم توًا ما الذي تعمد فعلهِ. ثم سأله: - فهمت الطريقة بتكون إزاي؟ هي اللي لازم تقرر تغيره مش أنا اللي أجبرها على ده، الست مبتحبش تعمل حاجه وهي مجبرة عليها أبدًا
مسح يزيد على وجهه ب كفهِ الأيسر وتمتم ب اقتضاب: - دكتور علاقات!

لحظات قليلة، وكانت نغم تتحرك نحوهِم متعرجة، نظرت لساعة يدها وهي تردف ب رسمية ناقضت كل ما حدث بالأمس: - أنا جاهزة
نظر يونس لقدمها بأسفٍ وأردف ب: - أنا آسف على اللي حصل يانغم، صدقيني فرحان أول مرة يعمل كده
ف ابتسمت نغم بوداعةٍ وهي ترفع عنه الحرج: - الحمد لله جت سليمة، محصلش حاجه.

أشاح يزيد وجهه عنهم، ولكن صوت كاريمان جعله يلتفت مرة أخرى: - يزيد، وانت سايق سوق بالراحة عشان نغم لسه مرهقة من إصابة إمبارح، وبلاش Sinir. عصبية
بدا يزيد هادئًا على عكس حالتهِ المعتادة، وأردف ب: - أي أوامر تانية يانينة؟
جلست كاريمان ببطءٍ مُتكئة على عكازها وهي ترد ب: - آه، نغم لسه مفطرتش، ياريت تجيبلها Kahvalt? فطار.

ف ضحك يزيد وهو ينظر ب اتجاهها نظرات عابثة و: - آه طبعًا لازم الفطار، متقلقيش خالص من الموضوع ده يانينة نغم مبتتوصاش فيه
أفسح يزيد الطريق أمامها و: - أتفضلي
ف أشارت له كاريمان لكي يتوقف و: - Bekleyin أنتظر
وأشارت نحو خديجة التي حضرت وهي تحمل حقيبة نغم و: - خد شنطة نغم معاك.

ف تجهم وجه يزيد وازداد عبوسًا وهو ينقل بصرهِ فورًا لما تحمله خديجة. كانت تجرّ الحقيبة بهدوء حتى وقفت أمامه، ثم أردفت ب: - الشنطة أهي يايزيد
ف تذمر فورًا وهو ينظر نحوها بعدائية واضحة، وقال معترضًا: - ليه هي وقعت على إيدها وانا معرفش! ده حتة خلع في القدم وخلاص حلينا الموضوع. تشيلها هي.

ف لم تُعيره اهتمامًا، وخطت بالفعل نحو خديجة منتوية أخذ الحقيبة منها، ولكن صياح كاريمان بالتركية أوقفها مكانها: - Bekle, nagham. انتظري نغم
Cantay? ta??yorum. أحمل الحقيبة
ف سحبها يزيد بعنف، وأوفض بالخروج لكي يتجاوز هذه الأزمة العصبية التي أوشكت على التمكن منه، في حين أشار يونس ل نغم كي تتجاهل ما حدث وأتبع ذلك قولهِ: - متحطيش في بالك، ده يزيد.

ف أظهرت نغم عدم اكتراثها ب فظاظة يزيد التي بدأت تعتاد عليها و: - عادي، أنا أتعودت تقريبًا
ثم اقتربت من كاريمان وهي تنطق ب نبرة ممتنة: - شكرًا على استقبالك يانينة، إن شاء الله أشوفك تاني
ف ربتت كاريمان على وجهها برفق عاطفي و: - Tabii بالطبع
وخرجت بتؤدة مُراعية قدمها التي ما زالت متأثرة ببعضٍ من الألم، لتقول كاريمان بعد ذلك: - Bir aptal مغفل.

ضحك يونس وعيناه مازالت عالقة ب الدرج منتظر أن تطل عليه ملك، وقال مداعبًا جدتهِ العجوز: - شكلك عايزة تخلصي من يزيد!
ف أومأت كاريمان برأسها دون أن تنفي ذلك، بل أيدتّ الفكرة وبشدة: - ياريت يايونس، بس الموضوع çok zor. صعب جدًا
تنهد يونس متفائلًا وهو يفكر في حال شقيقهِ و: - عارف، بس أنا متفائل.

وانقطع عنه التفكير والتركيز، وكل ما يتعلق بالعمليات العقلية، فور رؤيتها تهبط على الدرج مرتدية ثوب محتشم، بالكاد أظهر مرفقيها. كِنزة وردية وبنطال أبيض، بجانب حذاء وردي رقيق ذا كعب عالٍ، زينت عنقها ب عُقد من الفصوص اللؤلؤية البيضاء وتركت شعرها يُداعب أكتافها.

وقفت أمامهِ في لحظة، لم يدرك حتى إنها أصبحت قبالتهِ مباشرةً بعدما غاب عن الوعي كُليًا، حتى اصطبغت وجنتيها ب حُمرة ظاهرة للعيان، وأسبلت جفونها متحرجة، خاصة حينما ضحكت كاريمان بحبورٍ وهي ترى علاقتهم التي تأخذ منحنى جديدًا كل يوم.
تراجعت ملك خطوة وتفوهت إسمه بصوتٍ خافت: - يونس!
ف أجفل بصرهِ عنها بصعوبة بالغة، وأفتر ثغرهِ ب ابتسامة مرتخية قائلًا: - حاضر.

ورفع عيناه نحو كاريمان: - يلا يانينة، لو خلصتي أنا جاهز
- Bekleyin انتظر
وغابت عنهم، ف تسائلت ملك بفضولٍ شديد: - لسه مش عايز تقولي رايحين فين؟
ف غمز لها بنصف عين وهو يرفض للمرة الثالثة أن يُعطيها أي معلومة حول سبب سفرهم المفاجئ للقاهرة: - تؤ، مش هقولك.

گالحُلم بدا لها. يخطف الأنفاس، يجعلك تلهثُ وكأنك تركض لأشواط طويلة لا تنقطع. خفقان قلبها اضطربت لهُ كل أعصابها الحسيّة، المُفاجأة لم يكن وقعها هينًا عليها، واحتاجت لبعض الوقت كي تصدق إنهُ يفعل كل هذا لأجلها.

وقفت ملك بين مئات التصميمات والأشكال من الذهب وبعض آخر من الماس، في واحد من أشهر متاجر المصوغات وأرقاها في القاهرة بأكملها. تحاول استجماع شتات تفكيرها لكي تستطيع انتقاء خاتم الزواج (دبلة)، ولكن ذهبت مجهوداتها سدى. شبكت أصابع يديها المرتجفتين محاولة السيطرة عليهما، ثم نظرت إليه ب عينان امتلأتا بالدموع وقالت بصوتٍ غالبه شعور السعادة: - مش عارفه، مش عارفه أختار.

ف احتضن كفيها المتشابكين ساعيًا لأن يُعيد إليها هدوءها، وقال مبتسمًا: - أنتي متوترة ليه دلوقتي؟ أهدي الأول وهنختار سوا
ف ضحكت وهي تُبعد عيناها المستحيتين عنه وبررت حالتها تلك ب: - لو كنت قولتلي قبل ما نيجي كنت جهزت نفسي على الأقل
- كنت هحرق المفاجأة وقتها
أحضر الصائغ تشكيلة أخرى من خواتم الزواج، ووضعها أمامها وهو يقول: - دي أشكال تانية أعرض شوية، دلوقتي المفضل للبنات الدبل العريضة.

ألقت كاريمان نظرة على الأشكال الجديدة والتقطت عيناها على الفور أحدهم و: - بصي ياملك، أول واحد على اليمين شكله مميز جدًا
انتشلتها كاريمان من أوج خجلها لترتكز حواسها معها، وبتدقيق نظرت للخاتم الذي أشارت إليه كاريمان. أبهرها من نظرة واحدة، ف أخرجتهُ وراحت تتأكد من قياسهِ عليها، كان واسعًا على أصابعها الصغيرة. ف سألت: - مفيش منه أصغر؟

ذمّ الصائغ شفتيهِ بأسفٍ و: - للأسف كل التشكيلة دي one piece قطعة واحدة
ف اختار يونس تصميم آخر، وبناظريه استطاع معرفة أن قياسهِ سيكون مضبوط عليها. مدّ يدهِ لها لتضع كفها على راحتهِ. ف ألبسها إياه ونظر ب حبور لشكل أصابعها التي تفتحت ب خاتمهِ وسألها: - إيه رأيك؟
انبعجت شفتاها مُتزينة ب ابتسامة سعيدة و: - حلو أوي
ثم نظرت ل كاريمان و: - إيه رأيك يانينة؟
- çok güzel جميل جدًا.

ف أبدى الصائغ رأيهِ المؤيد ل اختيارهم: - هو جميل على إيدك ما شاء الله، ألف ألف مبروك
ف أجاب يونس نيابة عنها: - الله يبارك فيك، شوفلنا الأطقم بقا
ثم نظر ل ملك وسألها: - عايزاه دهب ولا ماس؟
نزعت الخاتم من أصبعها و: - مش عايزة، أنا نفسي في توينز مع الدبلة بس
ف رفض قناعتها الزائدة تلك وتمسك برأيهِ: - تؤ، مينفعش
ثم نظر ل الصائغ و: - خلينا نشوف الماس الأول وتكون حاجات رقيقة simpel كده تليق بيها.

ف أومأ الصائغ برأسهِ وابتعد قليلًا، ل تُتاح الفرصة إلى كاريمان كي تقول بتحمسٍ شديد: - هنخلص هنا ونطلع على الأتيلية عشان نشوف الفستان بالمرة
اتسعت حدقتي ملك وهي تُوزع أنظارها بينهما و: - فستان؟
ف أكدّ يونس على تمسكهِ ب رغبتهِ في ارتدائها لفستان زفاف أبيض: - طبعًا، قولتي مش عايزة فرح وانا معترضتش، لكن الفستان مفيش اعتراض عليه.

ف هزّت رأسها وهي تردف: - مش هعترض لأ، بالعكس أنا نفسي ألبس فستان أبيض بجد مش زي المرة اللي فاتت
عبس قليلًا لتذكرها وذكرها هذا الأمر لأكثر من مرة، ف تداركت الأمر على الفور وسحبت كلامها المؤرق بالنسبة له: - قصدي نفسي ألبس فستان، آسفه.

ف ابتسم في وجهها وهو يُخرج هاتفهِ من جيب سُترتهِ ونظر ل أسم يزيد لحظات، ثم أجاب عليه: - أيوة يايزيد، فين؟ في المكتب؟ طيب، حاول تعطله شوية أنا هخلص مشوار وآجي على طول، حاضر
أغلق المكالمة في اللحظة التي عاد فيها الصائغ إليهم من جديد وبرفقتهِ أرقى التشكيلات الماسية لتنتقي منها ملك. ترك يونس هاتفه جانبًا وصبّ جامّ تركيزهِ معها لينتقيا سويًا: - يلا شوفي إيه اللي عاجبك.

انقسم عقلهِ ل نصفين، نصف انشغل معها، ونصف تركهُ مع يزيد الذي بقى بمفردهِ في مواجهة زُهدي. أما قلبهِ بالكامل معها، مُتقنًا التركيز في أصغر تفاصيلها، مسرورًا من حالة السعادة العارمة التي وصل بها إليها، بعد كثير من المعاناة التي حطمت أنوثتها في عُمرٍ مُبكر، بدلًا من بداية مُشرقة؛ وجدت حالها في مُستنقع من العذاب الذي دام لفترةٍ لم تنتهي بسهولة.

ليتهُ كان يعلم بشأنها، ليتهُ كان طوق نجاتها بدلًا من أن تعيش العذاب أولًا؛ ولكنه وصل في نهاية الرحلة كي يُلجم زمام الأمر ويُعيد كل شئ ل نِصابهِ، حتى إنه س يُعيدها للحياة.
كان هادئًا بشكل يُثير الإرتياب، متعجرفًا للحدِ الذي يُفقد الأعصاب. حتى الآن لا يُدرك يزيد كيف تحمل ذلك الأرعن بدون أن يفقد صوابه أمامه ويبطح رأسهِ بطحةً تُدميهِ.

ترك يزيد فنجان قهوتهِ الباردة التي فقدت مذاقها، وضغط على فكيهِ قبيل أن يستطرد مُبررًا موقف شقيقهِ: - أنا قولتلك إنه ميعرفش انت مين ياأستاذ زُهدي، لولا كده المعاملة كانت اختلفت تمامًا، إحنا ناس هيكون بينا استثمارات بالملايين، أكيد مش هنمسك لبعض على الواحدة، صح!؟

زفر زُهدي دخان سيجارتهِ من بين شفتيه ببطءٍ مستفز، ثم قال بهدوء: - أسمحلي ياأستاذ يزيد دفاعك عن أخوك مش منصف أبدًا. حتى لو كنت مجرد واحد موجود جوه شركتكم، المعاملة لازم تكون غير كده.
انفتح الباب في هذه اللحظة ودخل يونس، ف تنفس يزيد الصعداء ووقف عن جلستهِ وهو يقول مستنجدًا به: - أهو يونس جه، هو بنفسه هيوضحلك سوء التفاهم ده
قطب يونس جبينه وهو يقترب منهم و: - مساء الخير.

وقف قبالة زُهدي الذي لم يقف حتى عن جلستهِ وهو يجيب بفتور شديد: - مساء النور، بقالي كتير مستني
ف نظر يونس بساعة اليد متحفظًا على سلوكهِ الغير مهذب: - هي نص ساعة بس ياأستاذ زهدي، وبعدين اللي بييجي من غير مواعيد لازم يستنى، ولا إيه؟

تجاهل زُهدي تلك العبارة التي لم تُمثل له شيئًا، وانتقل مباشرةً للموضوع الأساسي الذي أتى من أجله قائلًا ب شئٍ من اللامبالاة: - أنا ماليش في العتاب، أنا جيت عشان موضوع تاني خالص
ف تماسك يونس ولم يفكر بالجلوس أمامه، وسأل بفضولٍ اعتراه: - خير إن شاء الله!
ف وزع زُهدي نظراتهِ الفاترة على كلا الشقيقين، وأردف ب ثبات لم يتزعزع: - أنا صرفت نظر عن موضوع الشغل معاكم، مش مناسبني.

ف انقلبت تعابير وجه يونس مائة وثمانون درجة، واحتدت نبرتهِ وهو يردف ب حزمٍ صارم: - كويس إنها جت من عندك، أقف
تنفس زُهدي بصوت مسموع، ونهض عن جلستهِ ليكون أمامهِ مباشرة، ف تابع يونس بلهجة شديدة الحزم: - تاني مرة لما تكلمني تبقى تقف زي الرجالة، ده أولًا. ثانيًا أخرج برا شركتي.

ارتفع حاجبي زُهدي، غير متوقع ردّ مُهين گهذا من يونس تحديدًا، بعدما جمع عنه كل المعلومات التي تُفيد ب لباقتهِ وطيب لسانهِ وحُسن تصرفهِ مع الجميع، ها هو يُسقط كل توقعاتهِ، حقًا كانت مُفاجأة ألجمته، وبالأكثر كانت مفاجئة ل يزيد بشكل مُضاعف. فهو يعلم شقيقهِ جيدًا، لن يصل لتلك النقطة الفاصلة من فراغ.

أفسح يونس المجال له كي يعبر ب محاذاتهِ، وما أن تحرك زُهدي استوقفه يونس من جديد قائلًا بنبرة متوعدة حملت معانٍ تُهددهُ رسميًا: - لو شوفتك ولا حد من طرفك بتحوم حواليا، هقطع تذكرتك يازهدي
حملق زُهدي وهو يرى نصب عينيهِ تلك النظرات التي تكاد تفترسهُ الآن، ورغم ارتعاب داخله قليلًا إلا إنه حاول إظهار العكس متسائلًا: - قصدك إيه؟ أنا مش فاهمك؟
ف قطع عليه يونس ذلك الطريق و: - تؤ، فاهمني كويس أوي.

وأشار له نحو الباب، ف سحب زُهدي نفسه مبتعدًا عن هنا، في حين قرر يونس اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة أي شئ مُفاجئ. رفع سماعة الهاتف الخلوي وتحدث به: - أيوة ياسيف، خلي حد من الأمن يجيبلي رقم عربية زهدي بسرعة قبل ما ينزل
وضع سماعة الهاتف، إينذاك كان يزيد يسأله مشدوهًا: - أنت كده كشفت نفسك وعرفته إنك قفشته!

ف أردف يونس ب اقتضاب وهو يطرق على سطح المكتب ب أصابعهِ: - أنا دلوقتي بلعب على المكشوف، طالما هو تراجع يبقى في سبب وراه، يبقى يوريني بشطارته هيعمل إيه. خليه يجرب حظه
انتبه يزيد ل ذلك الخاتم الذي أخذ موضعهِ في أصبع يونس، ف حدقت عيناه وهو ينحنى قليلًا عليه. ثم رفع طرف بصرهِ نحو شقيقهِ وتسائل متوجسًا: - يونس! أنتوا جيبتوا الدبل؟

ف ابتهج يونس وهو يجيبه: - والشبكة والفستان كمان، نينة مع ملك دلوقتي عشان فستان الفرح
ثم غمز له و: - عقبالك يا زوو
ف أشار له يزيد كي يبتعد عنه و: - أبعد عني وخليك في جوازك اللي هتموت عليه
وابتعد يزيد عن المكتب وغمغم بسخط: - مش عارف إيه الإستعجال ده
- يزيد؟
التفت يزيد ببصرهِ نحو شقيقهِ الذي تعمد تذكيرهِ علهُ نسى: - ملك تبقى أمانة عمي الله يرحمه، اللي كنت بتعتبره في مقام بابا، أوعى تنسى.

تنغض جبين يزيد وهو يسأله: - عايز تفهمني إنك بتعمل كل ده عشان عمي!
ف نفى يونس ذلك وعبّر عن صدق مشاعرهِ حيال ملاكهِ: - لأ، عشان بحب ملك أولًا، أنا كمان محتاجلها. محتاجلها أكتر من أي حاجه في الدنيا
وابتسم بوداعةٍ مُختتمًا حديثهِ: - هي العوض اللي استنيته كتير يايزيد، وآهو جه.

وضع زُهدي سماعة الهاتف في أذنيهِ وهو جالس في سيارتهِ، قبيل أن يُجيب على المكالمة الواردة: - أيوة ياغالية، لأ لأ مبقاش في داعي لكل ده. الحكاية هتكون أبسط من كده بكتير
ابتسم ابتسامة خبيثة، وتجلّت النظرة المُريبة في عيناه وهو يتابع: - أنا هوصلك للمكان اللي فيه الخيل، لو عايزة تاخديهم كلهم خديهم. مفيش داعي أبدًا لكل اللعبة السخيفة دي عشان آخد معلومة أد كده.

وأشار ب أصبعيه متابعًا: - أنا زرعت GPS في عربية يونس، مكان ما يروح هنعرف مكانه، ومن غير ما يحس بأي حاجه
تنهد زُهدي بقنوط وهو يردف ب: - موته مش هيفيدك بأي حاجه ياغالية، خدي منه اللي باقي من هانيا، وبعدين نفكر هنعمل إيه معاه، لكن أنا بقيت كارت محروق ليونس خلاص من ساعة ما كشف إني براقبه، وخطتنا مكنتش هتنفع
وعادت ابتسامة منتصرة تلوح على ثغره من جديد: - أطمني على الآخر.

ليس ذلك كل همّها، الهمّ الأكبر هو التخلص من يونس، ولكن بعد أن تُذيقهُ العذاب كما تذوقتهُ هي بعد موت ابنتها الوحيدة.
سترضى بالعقاب القليل له مؤقتًا، في سبيل انتصار أكبر ينتظرها إن حققت ما ابتغته دومًا.

أغلقت غالية مكالمتها، ونظرت نحو بِشر تقول له: - جهز نفسك يابشر، في أي وقت ممكن أقولك تطلع على المكان اللي بيهرب له ال ××××× ده، ساعتها مش عايزاك ترجعلي غير ب ريحان يابشر، سمعتني
ف أومأ بِشر برأسه و: - اللي تقولي عليه هيتنفذ، بس نعرف منين المكان هناك فاضي ولا لأ؟

ف لم تعبأ بذلك كثيرًا، وغشيت عيناها تمامًا عن أي شئ سوى تحقيق مطامعها اللعينة والحصول على ريحان واستردادها مرة أخرى: - ميهمنيش، مهما كلفكم التمن ترجعوا من هناك بالفرس بتاعة بنتي يابشر، حتى لو كلفكم حياة حد تاني..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة