قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس والثلاثون

من أقسى المشاعر، عندما يتحالف العقل والقلب ضدك.
تركت ملك حامل الطعام للعاملة، ثم أعطتها إكرامية جيدة قبل أن تنصرف. وعادت ل إبراهيم وسألتهُ: - شبعت يابابا؟
- الحمد لله
ثم سأل عن يونس: - هو يونس فين؟ مشوفتوش من امبارح!
ف أجاب يزيد: - في مشوار مهم، هيخلصه ويعدي عليك ياعمي
ف تنهد إبراهيم بقنوط و: - عايز أروح، مش قادر استحمل قاعدة المستشفى.

ف رفضت ملك رفضًا قاطعًا لا يقبل مناقشته: - لأ يابابا، كفاية أوي اللي حصل. لو مكنتش لحقتك أنا ويونس كان إيه اللي هيحصل
ف أيدت نغم حديثهِ و: - صح ياعمي، الفترة دي لازم متكونش لوحدك
طرق عيسى على الباب ثم دخل، ألقى التحية ثم: - مساء الخير، يونس باشا بعتني عشان أوصلك ياملك هانم أنتي وصحبتك.

عقدت حاجبيها مندهشة بعد أن اعتقدت إنه سيأتي على الأقل كي يصحبها للمنزل، ولكنه لم يفعل وكأنهُ بدأ في بناء السور الذي سيعزل بينهما.
وقبل أن ترد بأي شئ كان يزيد يقول: - روحي وانا هفضل معاه ياملك
ف نظرت نحو والدها الذي بادر قائلًا: - أيوة يابنتي روحي انتي هنا من الصبح
ف أومأت برأسها وسحبت حقيبتها: - هجيلك بكرة الصبح
- ماشي يابنتي.

خرجت ملك ومن خلفها صديقتها، حيث كانت تحاول الإتصال به ولكن هاتفه كان مغلقًا. لاحظت نغم عبوس وجهها، فسألتها غير مدركة سبب تحول ملامحها بدرجة كبيرة هكذا: - مالك ياملك؟
فأجابت على مضض: - مفيش
وسارت مُغيبة عما حولها، تفكر فقط به وبغيابه طوال اليوم والذي انتهى ب اختفاءهِ من الوسط هكذا.

هل يعقل إنه سيبتعد عنها بعد تصريحها المتسرع الذي لم تكن تقصدهُ هو به؟ ياويلتها!، ماذا ستفعل إذًا لسحب هذا التصريح الخاطئ؟ أحست بالإختناق يجثم على أنفاسها بعدما حدث، حتى إنها لم تتحدث طوال الطريق وظلت متجهمة تنظر للشوارع والطرق من حولها، وتنظر كل خمس دقائق للهاتف، تتمنى أن يتصل على الأقل بها.

كان يونس قد وصل لمزرعتهِ منذ وقت قليل مقررًا الإسترخاء قليلًا، ولكنه عاجز عن الإسترخاء وهو بعيدًا عنها. يشعر وكأن واجبهِ يحتم عليه ضرورة التواجد لجوارها دائمًا، ولكنه اليوم على غير ما يرام.
استخدم هاتفهِ حيث وضع به رقم هاتف آخر غير المعتاد وتواصل مع عيسى: - عملت إيه ياعيسى
فأجاب الأخير: - كله تمام، الشباب بتوعنا طلعوه من الميا وأتأكدو إنه عايش وهو دلوقتي معاهم.

ف أومأ يونس راضيًا عما فعل وترك سيجارتهِ جانبًا: - جميل، أكيد مش هينسى الدرس ده طول عمره
- كانت فكرة ممتازة منك ياباشا
تردد يونس كثيرًا قبل أن يسأل، ولكنه استصعب جمح فضوله للإطمئنان عليها و: - روحت ملك؟
- آه، وصلنا صحبتها الأول وبعدين جبتها عند الهانم الكبيرة
تنهد يونس وهو ينهض عن جلسته والتقط سيجارتهِ من جديد ليطل ببصره على مساحة مزرعتهِ الشاسعة: - طيب، شكرًا ياعيسى.

قالها ثم سحب نفس طويل من سيجارتهِ، فأجاب الأخير: - تؤمرني سعادتك
- تصبح على خير
وأغلق المكالمة وهو يقذف ب عقب سيجارتهِ من الشرفة. ثم تذكر بعد لحظات ما فعله ونظر للأسفل ممتعضًا و: - مهدي هيعمل مشكلة معايا الصبح
ثم ولج للداخل معتقدًا إنه سينام، ولكنه ظل هاجدًا طوال الليل لا راحة له هنا بعد أن كان هذا هو المكان الوحيد الذي يطمئن به ويرتاح فيه، أصبح لا يطيقهُ وهو بمفرده فيه.

ولم يختلف حالها كثيرًا، فرط التفكير آلم رأسها. حتى إنها تناولت مُسكنات ل تُسكت ألم ذراعها الذي تحسن بشكل كبير مؤخرًا، وبعدها غطت في نوم متقطع لعدة ساعات. وتمكنت من الإستيقاظ مبكرًا، ولكنها لم تفارق فراشها بعد. استثقلت حركتها وأحست بعدم التحمس للنهوض، فاقدة الشغف بيوم جديد س تعيشهُ.

حتى استمعت لصوت سيارة تعبر البوابة وتدخل لمحيط المنزل. هبّت من مكانها وركضت نحو الشرفة لتنظر من خلف الزجاج، ف إذ ب يونس يترجل عن سيارته مرتديًا نظارة شمسية أنيقة وممسكًا ب سُترة لا يرتديها. انبعجت شفتيها ب ابتسامة سعيدة ودلفت على الفور كي تُبدل ملابسها وتهبط للقائه.
استقبلتهُ كاريمان بعناق دافئ وناولتهُ شاي الأعشاب خاصتها الذي لم تشرب منه بعد و: - أشرب ده.

تناوله غير قادر على مقاومة رائحتهِ الطيبة وابتسم في وجهها وهو يجلس بالقرب: - تسلم إيدك يانينة
سكبت خديجة كوب شاي آخر و: - أتفضلي ياهانم واحد تاني بداله أهو
- شكرًا ياخديحة أطلعي صحي ملك عشان نفطر سوا
ف لحق بها يونس قبل أن تتحرك و: - لأ لأ، سيبيها نايمة أنا جيت آخد حاجات كنت ناسيها وماشي
- بس أنا صحيت أساسًا.

قالتها ملك وهي تقترب منهم، ف التفت يونس إليها ليرى هاله من الجمال تقترب منه، أهتمت ملك ب ارتداء ثوب شتوي ألوانهِ فاتحة تليق تمامًا ببشرتها البيضاء. وعلى وجهها إشراقه ناقضت ملامحها أمس وكأن حضوره سببًا كافيًا ل تبتهج.
ف استندت كاريمان على عصاها وهي تنهض موزعة نظراتها الشاملة عليهم: - أنا هعملكم الفطار بنفسي
وأشارت ل خديجة كي ينصرفن سويًا.

تصنّع يونس انشغاله بشرب شاي الأعشاب حينما جلست هي بالقرب وسألتهُ: - مجتش إمبارح المستشفى زي ما قولتلي ليه يايونس؟
فأجاب ببعض من الرسمية المقننة: - كان لازم أروح المزرعة أجيب حاجات تخصني من هناك
ف شهقت شهقة صغيرة و: - روحت لوحدك ليه؟
وعبست متابعة: - أنا كنت عايزة اشوف ريحان
ترك الكوب جانبًا و: - بعدين أوديكي.

فسألته على الفور وبدون أن تترك لنفسها عناء التفكير والتخمين: - مالك يايونس؟ بتتعامل معايا ببرود كده ليه؟
ف نظر نحوها وهو ينفي ذلك رغم وجوده الملموس: - لأ أبدًا، عادي
ف قررت أن تحشره قليلًا بقرارها: - طب خلص الشاي بتاعك ويلا نروح لبابا
ف قرر هو الآخر التملص منها: - عيسى مستني برا عشان يوصلك و..
- لأ أنت اللي هتوديني
ثم نهضت عن جلستها و: - ياأما مش هروح خالص.

ف مط شفتيه متصنعًا أن الأمر لا يهمه كثيرًا: - بلاش، اللي يريحك
نهض يزيد عن الأريكة الوثيرة الموجودة في يسار غرفة مكتبه متحدثًا في هاتفهِ جليًا عليه الإرهاق: - هفضل على تواصل معاك لحد ما نخلص الليلة دي، عايز أشوف كل حاجه صوت وصورة
دلفت نغم بعدما قرعت على الباب ووقفت في انتظارهِ لإنهاء مكالمته، بينما أنهاها هو على الفور و: - مستنيك.

أغلق مكالمتهِ واتجه صوب مكتبهِ وهو يقول: - النهاردة مش هتكوني في قسم الحسابات
تنغض جبينها بعدم فهم و: - مش فاهمه
ف ابتسم تلك الإبتسامة السخيفة التي يبتسمها قبيل أن يأخذ أي قرار يخصها متعمدًا استفزازها: - يعني هتفضلي يومين كده في البوفيه لحد ما عامل البوفيه يرجع من أجازته
ف انفرجت أساريرها وهي تشبك أصابعها بسعادة تلقائية و: - بجد؟

فتلاشت إبتسامتهِ مع تلك البهجة التي ابتهجتها و: - آه، وممكن يكونوا أكتر من يومين كمان
ف انشرح صدرها بشكل غير طبيعي: - إن شالله يبقى على طول أنا كده مبسوطة جدًا
ثم شردت وهي تنظر للأعلى حيث الفراغ و: - أنت مش متخيل بحب المطبخ قد إيه، ياه
ثم نظرت له و: - شكرًا بجد، هروح أشوف شغلي الجديد بقى
ثم غمزت له و: - متقلقش هعملك فنجان قهوة في حياتك مشربتوش.

ثم همّت لتنصرف وسط ذهوله وصدمتهِ، من المفترض أن تكون منفعلة، مختنقة، تفتعل مشكلة وتصيح فيه من جديد بعد أن تعمد إهانتها، ولكنه صُعق ب رد فعلها. وكأنه يُهاديها مثلاً أو يصنع مفاجأة لها.
ذمّ شفتيه متضايقًا و: - في حاجه غلط، المفروض إني عملت كده عشان أعصبها وأضايقها! طب هي كده مجنونة ولا أنا اللي غبي؟
خرجت نغم وهي تحبس ضيق اعتراها، وغمغمت لنفسها إينذاك: - عايز تشوفني مضايقة ومخنوقة وهموت من الغيظ!

مش هنولهالك برضو، هخليك أنت تموت بغيظك
ذهبت لقسم البوفيه وشملت كل شئ بنظرة خاطفة، ثم دوّنت في قائمة ورقية ما تحتاج له ليكون بوفيه مثالي يحتوي على كل ما يحتاجهُ موظفي الشركة، وقامت بعمل حساب بالمبلغ أيضًا له.
ثم عادت ل يزيد لتجده يتحدث في هاتفه مرة أخرى. لم تنتظر حتى ينتهي، بل اقتربت منه ووضعت القائمة أمامه وهي تردف: - ممكن توقع هنا عشان أصرف مبلغ نجيب حاجات للبوفيه؟

لم ينتبه كثيرًا لما قالته، ولكنه تفهم إنها تحتاج توقيعه لشئ ما. ف تناول قلمهِ الحبري وخطّ توقيعهُ بيده بغير تركيز، ف سحبت الورقة وخرجت على الفور وهي تهمس لنفسها أثناء قهقهتها: - الموظفين برضو لازم يتدلعوا ويلاقوا كل ما لذ وطاب في بوفيه شركتهم، مش كده ولا إيه يانغومة!
ثم كتمت فمها وهي تضحك و: - ده أنا هموتهُ من الغيظ
وعادت إلى مقرّ عملها الجديد، لتبدأ أولى خطواتها.

وضع يونس قطعة الخبز في فمه ناظرًا إلى ملك وهو يلوك الطعام ببطء. كانت تتناول إفطارها بشهية مفتوحة في ذلك المطعم الشهير الذي اختارته خصيصًا بعدما رأت إعلانات ممولة عنه عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
نظرت حولها منتعشة وهي تشرب رشفة من عصير البرتقال خاصتها، ثم نظرت نحوه مبتسمة و: - شكرًا عشان وافقت تيجي معايا وهتوديني المستشفى كمان.

ف نظر إليها نظرة لم يستطع التحكم فيها أو منعها و: - بألف هنا، المهم إنك مبسوطة
- أوي
انفرجت شفتيها ب ابتسامة عريضة وهي تقولها، ثم غمست قطعة الخبز في سلطة الحمص المهروس بالطحينة والليمون وقربتها من فمه، ف تناولها على الفور بينما كانت تقول هي: - أنا بعمل سلطة حمص أحلى من دي
ابتلع الطعام و: - هو انا شوفت منك حاجه؟

ف أجبرت نفسها على الإبتسام واعترفت بتوريطهِ في الكثير من المشاكل وإقحام رأسه في المصائب بسببها و: - عارفه، من ساعة ما تقابلنا وانت مش بتشوف من ورايا غير المشاكل ووجع الدماغ
ف نفى ما قالته على الفور وهو يضع كفهِ على يدها المسنودة أعلى الطاولة و: - أبدًا ياملك، بالعكس أنا زعلان عشان مكنتش جمبك من الأول، يمكن مكنش أي حاجه من دي هتحصل.

نظرت ليده التي انحطت على كفها، وتسرب الحياء لوجنتيها التي توردتا و: - ربنا يخليك ليا
ف ابتسم وهو يسحب يده رويدًا رويدًا ونظر لساعة يده: - يلا لو خلصتي عشان نلحق نروح لعمي
أومأت رأسها وسحبت حقيبتها الصغيرة: - هغسل إيدي وآجي.

ذهبت، ف أخرج هو مبلغ نقدي وفير وضعه على الطاولة وعاد يدس محفظة نقودهِ، فرك أصابع يده اليمنى وهو يتحسسها، ثم قربها أنفه ل يشتم رائحة كريم البشرة التي تضعه ويشبه مزيج من الفانيليا وجوز الهند ولكنها أجمل من ذلك. ثم ضم أصابعه كأنه يحتفظ بالرائحة في كفهِ كي لا تزول وتفارقه.

غادر مُعتصم المقهى الذي اجتمع فيه مع بعض رفاقهِ وسار نحو سيارتهِ المصفوفة على الصف الثاني. استقر داخلها وبدأ يقود للأمام مباشرة بعد أن ترك مُكبر الصوت عاليًا وقد أغلق النوافذ من حوله وقاد بسرعة گالعادة.

لم ينتبه أبدًا لتلك السيارة التي تتعقبهُ، ولم يشغل بالًا طوال طريقه وهو يراها تراوغهُ يمينًا ويسارًا بتعمد واضح، ويقلبّ سائقها الضوء الأمامي المُشعّ ل يزعجه. انتبه معتصم وراح يخفض درجة الصوت وهو يردف مزمجرًا: - ده عبيط ده ولا إيه؟

بدأ معتصم يراقب السيارة التي تراوغهُ تلك عبر المرآة الجانبية والأمامية حتى شعر بالريبة. ثم غيّر طريقه وانحدر يمينًا على الفور ليتأكد إنها تتبّعه، حتى أيقن إنها تقصده هو تحديدُا. ف أسرع قليلًا، أسرعت السيارة من خلفه وتجاوزت مراقبته بعدما انكشف الأمر له، وأسرعت تسير بمحاذاتهِ. ف فتح معتصم النافذة المجاورة له وصاح فيهم وهو ينظر للطريق أمامه: - أنت بتستعبط أنت وهو ولا إيه!؟

ف صدم السائق جانب سيارتهِ عمدًا، ف جحظت عينا معتصم وهو يحاول الإبتعاد بسيارتهِ الجديدة الباهظة، ولكنه وجدهم لا يتركونه وشأنه، بل أسرعت السيارة أكثر وأكثر كي تسبقه بمسافة معقولة، وتوقفت بمنتصف الطريق كي تقطع طريقه. ف اضطر معتصم أن يُهدئ السرعة حتى وقف نهائيًا، وب اندفاع منفعل كان يترجل وهو يسب: - ×××××× أنت وهو من هنا.

ترجل من السيارة خمس من الرجال ساروا نحوه بينما كان يقول أحدهم بفتور مثير للأعصاب: - أهدى شوية بس، لسه الحفلة مبدأتش
شعر معتصم بتعمدهم له هو خصيصًا، وهذا أربكهُ كونه أعزل وبمفرده، ولكنه لم يظهر ذلك. وقبل أن يتمم جملته: - وسع من قدامي و، آآآآه.

كانت تُسدد له أول ضربة في صدره بقبضة ذلك البدين الذي يرتدي قفاز مُدبب بسنون معدنية، ومن بعدها توالت الضربات المبرحة في كل أنحاء جسده وعلى مفاصل ساقيه وعمودهِ الفقري تحديدًا. بالأذرع والأرجل كان الرجال يلقنونه درسًا قاسيًا، وكل تآوه تصدر منه كانت تشفي غليل صدر يزيد الذي كان يرى كل شئ عبر مكالمة ?يديو مُصورة من أحدهم ليكون على بث مباشر بما يحدث. تنفس يزيد ب أريحية وهو يرى ما يحدث نصب عينيه، والذي كان يعدّ له منذ أيام. وها هو يراه طريح الأرض يأخذ كل ضربة وضربة تفتت العظام. وما أن اكتفى من رؤيته حتى أغلق المكالمة وظل في مكانه مرتاحًا.

بينما أنهى الرجال الأمر وتركوه فاقدًا لوعيه لا حراك فيه، ف بادر أحدهم: - قلبوه خلينا نمشي من هنا
وتطوع أحدهم بسرقة كل ما هو قيّم في سيارتهِ والآخر بسرقة كل ما يحمله من حافظة نقود ومفاتيح وهاتف ثمين. كل شئ.
وتركوه هكذا ملقى على الأرض وسيارتهِ مكشوفة بدون مفتاحها، وانصرفوا بسرعة قبيل كشف أمرهم بعد أن أتموا المهام على أكمل وجه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة