قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس عشر

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس عشر

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس عشر

في قانون الحياة، ظُلم الظالم أول اختيارات العدل.
اختلى يزيد بنفسهِ وهو يتحدث في هاتفهِ مكالمة حساسة جدًا في ظل الوضع الراهن والذي أنساه مسؤولياتهِ المهنية.
بدا الإمتعاض على وجهه وهو يتحدث بصوت خافت: - إزاي ياسيف مفكرتنيش غير النهاردة! كنت فين امبارح وأول امبارح؟

نفخ يزيد ب انزعاج وهو يضغط ضغطًا على فكهِ قشعر له بدنهِ، ثم أردف: - خلاص أقفل وسيبني أتصرف. مش وقته حكاوي ياسيف، إن شالله يولع معتصم أكتر ما هو والع
وأغلق الهاتف، التفت ينظر ب إتجاه شقيقهِ التوأم الذي كان منشغلًا بكل كيانهِ مع مسألة ملك، خاصة بعدما أصرّ على عمهِ أن يحكي له تفاصيل زيجتها كاملة، متى تزوجت وكيف كانت علاقتها بزوجها وكيف كان يعاملها ولماذا دخلت المشفى مرتين؟!

كل ذلك استحوذ على الجانب الأكبر من تفكيره وجعله لا يرى سواها.
دنى منه يزيد واجتذبه من ذراعه بلطف و: - لو سمحت يايونس ثانية واحدة
وانفرد به جانبًا ثم أردف: - الفريق الألماني هيوصل مطار القاهرة النهاردة الساعة سته
ف تنهد يونس وهو يُحيد ببصره جانبًا و: - أنت مش شايف اللي احنا فيه يايزيد! هسيب ملك إزاي هنا لوحدها؟

اتسعت عينا يزيد قليلًا و: - لوحدها إيه! عمي معاها والبت صحبتها دي والمباحث هتخلص شغلها ويمشوا، إحنا ملناش لازمه
- متهيألك
ثم نظر ب اتجاه إبراهيم الذي بالكاد يجلس بصعوبة شديدة متحاشيًا آلامه التي بدأت منذ الصباح وقال: - بص على عمك كده، عمك بيخلص على نفسه بإيده يايزيد واحنا بنتفرج. أنا مستني بس حوار ملك يخلص وهتصرف مع عناده ده بنفسي.

نظر يونس في ساعة يده و: - الساعة لسه واحدة، قدامك وقت تلحقهم. وانا لو خلصت وفضيت ساعة هاجي على الفندق على طول مش لازم استقبلهم معاك
زفر يزيد وهو يهمس لنفسه: - آدي اللي خدناه من ست ملك! ولا وهي متجوزة مرتاحين ولا وهي مطلقة حتى
ف لكزه يونس و: - بطل رغي
ثم مضى عائدًا إليهم.
— بداخل غرفة ملك —.

كانت رؤيتها مازالت مشوشة قليلًا ولكنها ترى الأشخاص المتواجدين معها في الغرفة من ضابط مباحث ومعاونهِ وكاتب للمحضر والطبيب المعالج.
كل كلمة قالها لها يونس تتشبث في آذانها گالقرط، كأنه طوق نجاة جديد. يونس هو الفرصة السانحة لها كي تحيا حياة جديدة نظيفة، هذا ما علق برأسها وجعلها تُصدّق على ما أملاه إياها.

تحركت أصابع يدها المصابة عسى أن تتخلص من اندمالها المزعج، وتآوهت متألمة بنفس اللحظة، ف تدخل الطبيب بدوره: - ياريت كفاية كده، المريضة لسه خارجه من عملية بالليل ومحتاجة للراحة
ف بادرت ملك قائلة كي تتخلص: - لأ، خلينا نكمل
ف نظر نحوها ضابط المباحث وهو يسألها ليتأكد أن قواها العقلية بمحلها: - متأكدة من اللي قولتيه يامدام ملك؟ الكلام ده معناه اتهام جوزك محمد التهامي بالشروع في القتل، يعني جناية.

ف أكدت ملك وبداخلها الضغينة قد وصلت لأقصى مراحلها: - متأكدة، دي مش أول مرة. محمد هددني قبل كده وكذا مرة يعتدي عليا بالضرب، آخرهم انا رفعت دعوة ضده وطالبه بالخلع وقدمت كل الورق اللي يثبت إني اتعرضت للخطر
ابتلعت ريقها وصمتت لحظات تستعيد أنفاسها بعد عبارة طويلة قالتها بدون توقف، ثم تابعت: - وهو طلقني ساعتها عشان اتنازل عن القضية، لكن طلع بيخدعني وردني عشان ينتقم مني.

- لكن في المحضر جوزك نفى كل ده وقال إن انتي بنفسك انتحرتي، وقال إنك تطاولتي عليه بالضرب وحاولي تهربي منه لما فشلتي رميتي نفسك من فوق
ف استجمعت شجاعتها المُبددة و: - محصلش، إبن عمي كان موجود تحت البيت وحاول يهديه لكن فشل، لحد ما رماني من السطح ويونس ملحقش يطلع ينقذني
- يونس ده اللي هو ابن عمك؟
- آه
- وابن عمك جه وراكم ليه؟

لم تفكر، ف هي بالكاد تحفظ كل ما قاله لها يونس حتى أقل التفاصيل. وعلى الفور أجابت: - لأنه ضربني قبل ما ياخدني من بيت بابا وهددني إنه هينتقم مني لإني رفعت عليه خلع. وكمان حصلت خناقة بينه وبين بابا وولاد عمي لأنه أخدني بالعافية
— خارج الغرفة —
نهض يونس عن جلسته بقنوط، نظر في ساعة يده للمرة العاشرة، ثم تمتم: - ربنا يستر، مكنش لازم يتحقق معاها وهي في الحالة دي!

فسأله يزيد: - أنت قلقان من إيه؟ مش فهمت ملك تقول إيه؟
تضايق يونس لمجرد تذكر كيف كانت تبدو حالتها وقال منزعجًا: - كانت هذيانه ومش مركزة، حسيت إنها مش فاكرة حاجه وانا بفهمها تعمل إيه!
ثم نظر ب اتجاه إبراهيم بضيق و: - البنت دي اتبهدلت يايزيد، عاشت حياة مكنتش تستحقها. بنت عندها 21 سنة! إزاي تشوف كل ده لدرجة إن نفسها تهون عليها وترمي نفسها بالشكل ده!

- متقولش لعمي الكلام ده مش فضلك يايونس، عمي حاسس بالذنب ومش ناقص كلام من حد. كفاية اللي قالته نغم
ف استنكر يونس انشغاله المفرط والمبالغ فيه بشأن إبراهيم و: - مكنتش أعرف إنك بتحب عمك أوي كده! لدرجة إنك تداري على غلطه
وقبل أن يقدم يزيد تبريرًا لذلك كان الباب ينفتح ويخرج منه ضابط المباحث، نظر ب اتجاه يونس و: - هيكون في استدعاء قدام النيابة وشهادتك هتفرق مع المجني عليها
أومأ برأسه و: - طبعًا.

وما أن انصرف الضابط نظر يونس قبالته، فلم يرى إبراهيم. ف أوفض ينظر بداخل غرفتها، كان إبراهيم جالسًا أمامها مباشرة ويحاول الإطمئنان عليها: - عامله إيه دلوقتي يابنتي
لم تجب، بالرغم من إنها كانت محدقة بالسقف، تشعر به وتعلم إنه بجوارها. لكن تجاهلته تمامًا، وضع إبراهيم يده على كفها، ف صرخت صرخة مدوية جعلته سحب يده بسرعة، بينما كان يونس قد دلف لهم بعجلة و نبه عليه: - حاسب ياعمي، ده دراعها المكسور.

تنفس إبراهيم بصعوبة وهو ينظر نحوها بحزن، وسألها: - عمل فيكي إيه ال ×××××× ده
نظرت بطرف عينها حيث لم تستطع تحريك رأسها الثقيلة التي بدأت توخزها توًا، ثم أردفت بنبرة ضعيفة: - أسألني الأول أنت عملت فيا إيه.

كأنه يعلم جيدًا ما الذنب الذي قدمه لها على طبق من فضة. نظر حيالها بنظرات نادمة، فلم تعبأ هي بندمهِ ذلك الذي لن يفيدها وهي على فراش المرض، وراحت تضربهِ بكلمات لم تُقال من قبل. حتى إنها لا تناسب رقدتها وآلامها: - أنت اللي حرمتني أكمل تعليمي، جوزتني لواحد عمري ارتحت معاه. وفي كل مرة كنت بتيجي عليا عشانه، كأنك بتنتقم مني، عمري ما حسيت إنك بابا. عمتو هي اللي كانت كل حياتي، من ساعة ما راحت وبقيت انت اللي موجود وانا حياتي بايظة. ملقيتش حد يقف في وشك ويقولك لأ ملك هتدخل الجامعة، لأ ملك مش هتتجوز الراجل ده. لأ ملك مش هتتسجن في البيت وتتحرم من صحابها وحياتها، لأ ملك مش هتتحجب غير لما تحب ده، لأ ملك مش هتتهان، لأ ملك مش هتضرب.

ثم أطبقت جفونها قائلة كلمتها الأخيرة: - أنت أول ظالم قابلته في حياتي، أنت سبب المكان اللي وصلتله. سيبني لوحدي
كانت عيناه تُذرف دموعًا وهو يستمع لنشيج قلبها، ولكنها لم تكن به رؤوفة. حتى إنها كررت من جديد: - سيبني مع نفسي، يمكن أقدر اصلحها
ف اصطحبه يونس نحو الخارج وهو يحاول تهوين الأمر عليه: - معلش ياعمي، لسه خارجه من تأثير البينج ومحتاجه ترتاح
- خليك معاها يايونس، أنا هستنى برا.

وشدد على كفهِ وهو يختم عبارتهِ: - يلا
ظل يونس واقفًا بمحله ينظر نحوها. ثم دنى من الفراش، ف قالت: - انت كمان سيبتني، في اللحظة الوحيدة اللي وثقت فيك بيها
تضايق من ظنها فيه وهو يبرر لها: - أنا سيبتك تمشي معاه عشان مصلحتك، عشان أقدر اتصرف بعد كده. إيه الفايدة لما اضربه وأديله علقة وينزل من بيت عمي على نقالة وبعدها يرجع يطلبك بصفتك زوجته الشرعية! أنا كنت عايز أحل الموضوع من جدوره.

ضحكت ساخرة، ف أوجعتها رأسها. تآوهت وهي تجيب: - آه. مصلحتي. كلكم بتعملوا عشان مصلحتي. وانا اللي ظلماكم
ومن بين صوت بكائها صاحت: - مش عايزة حد يفكر في مصلحتي تاني، متفكروش بالنيابة عني. أنا مش لعبة في إيدكم، أرحموني
- طب أهدي
انحنى على فراشها، ومسح بأطراف أصابعه دموعها وهو يقول بنبرة صادقة: - أنا آسف، مقصدتش غير إني أساعدك بالطريقة اللي شايفها صح.

ف أطبقت جفونها لتنسال بقايا دموعها وهي تقول بعتاب: - الطريقة اللي بتكلم عنها كانت هتخسرني حياتي، الموت عندي كان أهون من إني أتنفس معاه في مكان واحد. أنت كمان سيبتني للعذاب ده زيه بالظبط. أنا مش عايزة أي حد فيكي معايا، سيبوني لوحدي
أنتصب في وقفته و: - حاضر
تحرك بظهره وهو يتابعها بنظراته، حتى خرج من الغرفة وأغلق بابها وهو يهمس: - آخر مرة اسيبك لوحدك، ده عهد عليا.

رأى الممرضة تقترب منه، ف أشار لها: - ياريت تدخلي تشوفيها، ولو في أي مسكنات عشان تقدر تنام أديها
- مقدرش، لسه واخدة من 3 ساعات تقريبا. بس هشوفها
وعبرت من جواره لتدخل إليها.
في أقصى الممر. كان عيسى يقف هناك، مشى يونس نحوه وهو ينظر حوله، حيث لم يجد أي منهم موجود. سار عيسى نحوه منتظر أن يأمره بشئ جديد وبالفعل كان يونس يعطيه الأمر: - تعالى ياعيسى، في حاجه عايزها منك
- أوامر
بداخل إحدى زنزانات القسم.

تحسس محمد موضع الخدوش والتورمات التي سببتها له زوجته التي ردّها ل عصمتهِ بدون أن يخبرها. بصق على الأرض وهو يسبّ قائلًا: - الف ××××. بتتحامى في ابن عمها! ان شاء الله تكوني موتي وريحتي. أنا هعرفك يعني إيه تتهميني بإني حدفتك يابنت الكدابين
ف انزعج أحدهم وهو يسمعه وقال بصوت جهوري: - ما خلاص ياأخينا، من ساعة ما جيت وانت عمال تبرطم. ورمتلي نفوخي.

ف رمقه محمد بنظرات محتقرة وتابع تمتمته: - أنا هدفعك تمن قعدتي هنا، ماشي ياملك
انفتح الباب ودخل أحدهم، ثم أغلق العسكري الباب من جديد. نظر الرجل حوله بنظرات غامضة، كان يبدو عليه وكأنه قاتل مُستأجر. ملامحه البشعة ووجهه الذي عجّ بعلامات الفتوق المتعددة والخطوط المتكونة سنون الأسلحة البيضاء.

وقع بصره على الرجل المقصود، ف كشّر عن أسنانهِ الصفراء القاتمة وراح يقترب منه. حشر نفسه بجواره ثم صاح فيه: - ما توسع شوية ياجدع، ولا هتاكل المكان لوحدك
ف تأفف محمد وهو يترك له مساحة من المكان، فلم يرضى الرجل و: - الله! هو لازم يعني أهزقك قدام الرجالة عشان تتلم
ف صاح به محمد وهو يقف عن جلسته: - في إيه ياعم داخل كده كأنك قاصدني ليه!
ف وقف هو الآخر و: - أنت بتغلط ولا إيه! أنت عارف بتكلم مين ولا إيه؟

ف نهض أحد الرجال المتواجدين وكأنه يؤجج الموقف: - معلش يامعلم، شكله جديد وعايز يتروق
ف وزع محمد نظراتهِ عليهم وقد احتدت حميتهِ الذكورية للدفاع عن نفسه أمام الحشد المتواجدين وصاح فيهم: - الله الله، أنتوا موانسين مع بعض بقا؟ لأ ده انا زعلي وحش أوي وممكن أفرم اللي يقربلي
ف ارتفع حاجبي الرجل الموكّل به وكأن الفرصة سنحت له: - طب وريني كده مين هيفرم مين! ده انا عزرائيلك النهاردة.

وأمسك برأسه أولًا، صدمها بغرة رأسه ل تهتز عظام رأسه على أثر الضربة فوقع على الأرض هو يصرخ من فرط الألم، ف جلس الرجل القرفصاء من فوقه وظل يبرحه ضربًا. وفي الأخير أمسك بذراعه اليمنى تحديدًا ولم يتركها إلا وهي مكسورة. تلك اليد اليمنى التي تجرأ وضرب بها وجه ملك تحديدًا، لم تُكسر فقط. بل س تُبتر نهائيًا جسدهِ جزاء فعلهِ.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة