قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والثلاثون

الساعات التي تغيبيها گالدهور، بل الدقائق. إذ أنفاسي التي وكأنها مقتبسة من أنفاسك تقل وتضمحل گ الضوء الذي ينقشع رويدًا رويدًا. ولا يعود الهواء يدخل صدري إلا وأنتِ تُشاركيني نفس الهواء الذي أتنفس.
مسح يونس برفق على وجنتها الملساء بكفهِ الخشن مقارنة ببشرتها النضرة. كانت تحس دفء أنفاسهِ يلمس طرف أنفها، وكأنه يميل عليها وقريب للحد المُهلك حتى تحس هذا الدفء.

تململت مطمئنة لتواجده بقربها، ف همس لها: - ملك، فوقي. أنا جمبك
ابتسمت ابتسامة لم تصل لعيناها، ف تابع هو محفزًا إياها للنهوض: - يلا ياملك، متخافيش أنا جمبك.

انقبض قلب ملك وهي تضغط على حواسها وعقلها المُخدر كي تستيقظ. حاولت التغلب على على اندمال أطرافها وحركت أصابعها أولًا، وببطء كانت تفتح عيناها المشوشة. أغلقتها مرة أخرى وضغطت عليها كي يزول عنها هذا التشويش، ولكنه استغرق وقت حتى استطاعت استبيان بعض الأشياء. حركت جسدها الثقيل، واستندت على مرفقها محاولة الجلوس، مازالت لا تتذكر أي شئ. قد تكون لا تدري في هذه اللحظة من هي حتى.

تحسست رأسها المتألمة التي صُدمت ب السيارة عندما كانوا يخرجوها منها وهي غافية، وفجأة بدأت تستجمع المشاهد الأخيرة التي عايشتها قبل أن تفقد وعيها. والدها المريض، يونس، ذهابها للمشفى، سوء حالة إبراهيم. حتى تذكرت تلك السيدة التي خرجت بها من المشفى.

نظرت حولها وهي تقف على قدميها. بدأ شعور الخطر يتسرب إليها حتى سكن أغوارها، ف وضعت يدها على صدرها مستشعرة حركاتهِ الغير منتظمة. وجابت المكان بأنظارها يمينهُ ويسارهُ حتى رأت إطار قديم مُعلق على الحائط. دنت منهُ، كانت سيدة ترتدي جلباب وتحمل طفل صغير لا يتعدى الثلاث سنوات. دققت في ملامحها المألوفة بالنسبة لها، إنها تعرفها من مكان ما. وما لبثت أن تفكر حتى وجدت الباب ينفتح على مصرعيهٍ وتدخل منه رحمة وهي تحدجها بنظرات مستشيطة منتوية على فعل ما معها.

- على الجانب الآخر -
كانت تفيده مستمرة في محاولاتها لإقناع ربيع بأن يصرف عن عقلهِ فكرة الزواج من ملك. على الأقل يقوم بإلغاء الفكرة مؤقتًا في ظل الظروف الراهنة، فهي لم تعتاد عليهم أو تتقبل وجودهم بعد.
ولكنه كان گالكلب المسعور الذي ما أن اشتم رائحة الطعام هاج جسده للحصول عليه بأي ثمن.
ف زفر ب انزعاج وهو يردف: - ياما ساعديني وخلاص، مش لازم يعني تقفي في كل حاجه كده.

ف صاحت به وقد نفذ صبرها: - أنت البعيد مبتفهمش؟ بقولك البت مش عايزانا. قالتها في وشي أنا معرفكيش وابعدي عني، مش الكلام كان قدامك!
نهضت عن جلستها و: - لما على الأقل ترضى بيا وتوافق تقعد معايا نبقى نفكر. وبعدين البت مخلصتش عدتها!
ف تفاخر بنفسه وهو يبلغها بعمله المسبق عن كل شئ: - متقلقيش فاضل شهر واحد على العِدة
ف أشاحت بوجهها وهي تسخر منه: - ده انت طابخ كل حاجه بقى.

وفجأة استمعوا لصوت صرخات مدوية وأصوات عالية مُتبادلة من بينها صوت رحمة المعروف الذي التقطتهُ آذان ربيع على الفور. أوفض ربيع ومن خلفهِ تفيده كي يرى ما الذي يحدث بالطابق العلوي للمنزل القديم. كانت لبنى تقف على باب الغرفة تشاهد المشاجرة بتحمس غير مصدقة ما تراه، لم تتدخل قط خوفًا على إصابة جنينها بمكروه. في حين دلف ربيع موفضًا ليتفاجأ بهذا المشهد.

ملك أوقعت رحمة على الأرض وراحت تسدد لها ضربات عشوائية، ولم تترك شعرها ينفلت من بين أصابعها وهي تجذبهُ ب حقد شديد كأنها تنفث عن غضبها فيها. شهقت تفيده بذهول وهي تضرب على صدرها و: - يانصيبتي!
بينما حاول ربيع الفكاك بينهم وهو يصيح في كلاهن: - أنتوا بتعملوا إيه هتلموا علينا الجيران.

حاول رفع ملك الجالسة فوقها تضرب وتشد بشراسة، فلم يتلقى سوى ضربة بعظمة رسغها أصاب عضوهِ التناسلي بدون قصد منها. ف صرخ ربيع وهو يبتعد عنهم يعاني من ألم شديد أصاب نصفهِ السُفلي، ف قهقهت لبنى وهي تتحسس بطنها التي وخزتها وهي تردف: - عيشتي وشوفتي يالبنى حقك بييجي لحد عندك وانتي واقفة
فصلت تفيده بينهم بصعوبة وأبعدت ملك ووقفت أمامها تحاول تهدئتها: - يابنتي أهدي مش كده، هي عملت إيه بس!

ف دافعت ملك عن نفسها وهي تشرح مدى استضعاف رحمة لها: - هي اللي ابتدت وجاية تضربني وانا معرفهاش، فكراني واحدة ضعيفة هتيجي عليها وتسكت لها
ف وقفت رحمة وهي تقسم أن تثأر لنفسها نظير إهانتها: - وديني لأكون ناتفة مقطعة شعرك ده شعراية شعراية يابنت ال ××××××
فلم تستطع ملك رد شتيمتها البذيئة ولكنها هدرت فيها: - أهو انتي.

ف دفعتها تفيده وهي تزجرها بنظرات صارمة: - جرا إيه يابت يارحمة! هتضربيها وانا واقفة ولا إيه؟ ما تلم مراتك ياربيع!
جذبها ربيع كي تبتعد و: - أنتي إيه اللي دخلك هنا انتي والتانية يارحمة! مش هتخليكي في حالك بقا!
فسخرت منه رحمة متلاعبة بشفتيها يمينًا ويسارًا: - أتلهي ياخويا! دي لسه مدياك واحدة قاضية.

ثم أشارت إليها ب استخفاف: - بقى هي دي اللي عايز تتجوزها علينا يا ××××، ياراجل بص جوا الأول
علقت عبارتها في عقل ملك التي صرخت وهي تتحدث ل تفيده: - بتقول إيه دي؟
ف أرادت لبنى أن تُشعل الأجواء قليلًا: - ربيع عايز يتجوزك ياعنيا، إيه متعرفيش؟ عاملهالك مفاجأة ولا إيه؟
ف صرخت تفيده بها و: - بس يالبنى، بس
ثم دفعت بهم للخارج وطردتهم: - يلا برا، برا.

أخرجتهم عنوة ومازلن يتهامسن بحديث مؤذي عنها، إينذاك أوصدت تفيده الباب. التفتت لترى نظرات الحقد والغضب متشكلة في عيناها وهي تنظر ل ربيع الذي بادلها بنظرات متربصة بها. وقبل أن يتفوه أيًا منهم كانت تسبقهم بصياحها: - أنتوا ازاي تعملوا معايا كده؟ بتخطفوني!
دنت منها تفيده ورفعت كفها لتضعها على كتفها، ولكن ملك تراجعت للخلف وهي تهدر بنبرة توشك على البكاء: - متقربيش مني، أنتوا جيبتوني هنا ليه؟

وتحركت نحو الباب لولا أن ربيع حال بينها وبين وأمسك بمرفقها لخرجت. وما أن لمس مرفقها حتى صرخت في وجهه كي يتركها، ف فزع من صرختها التي أصابت أذنه ب صوت صفير مزعج. دنت منها تفيده وجذبتها برفق و: - طب اسمعيني يابنتي، أديني فرصة
تملصت ملك منها ف تابعت تفيده: - أنا هعملك اللي انتي عايزاه بس اسمعي الكلام مني الأول
فوضعت ملك شرط أساسي كي تسمع لها: - يبقى تخرجيه برا.

ف انزعج ربيع وهو يرمقها مغتاظًا: - مين ده اللي يخرج برا! أسمعي يابنت الناس أنا صابر عليكي وجبت آخري و..
ف تحدتهُ ملك غير عابئة بأي توابع قد تصدر من ذلك الأرعن: - أعلى ما في خيلك أركبه
دفعته تفيده كي يخرج هو الآخر بينما لسانه لم يكف عن السبّ واللعن بعدما طردته أمه. وأقفلت الباب من خلفه كي تتحادثان بمفردهما.

ابتمست لها بتملق وهي تدنو من الكومود، أخرجت منه ألبوم صور لا يبدو عليه القدم. ثم اقتربت منها و: - تعالي ياملك
أجلستها تفيده وجاورتها، ثم فتحت أول صورة من الألبوم وناولتها إياه كي تشاهده: - دي صورتي أنا وأمك في فرحي، أمك كانت صغيرة وقتها
دققت ملك بنظراتها في الصورة، كانت نسخة مصغرة من الصورة التي بحوذتها. ابتسمت تلقائيًا، ف قلبت تفيده الصورة لتأتي بغيرها: - أمك في الصورة دي كانت حامل فيكي في 4 شهور.

ثم ضحكت و: - كانت تخنانة أوي لدرجة إننا افتكرناها هتجيب واد
ف عبست ملك وهي تسأل: - ماما كانت عايزة ولد؟
- معرفش، اللي اعرفه إن أمك كانت بتحب حتى التراب اللي بتمشي عليه. ده انتي كنتي كل حياتها وأبوكي مسافر، سنين طويلة وهي مكتفية بيكي حتى مكنتش عايزة تخلف بعدك.

وما أن أحست تفيده ب لين قلبها أردفت: - والله يابنتي دورت عليكي كتير أوي، مكنتش عايزة جدر أمك ينقطع عنك. بس أبوكي الله يسامحه هو اللي خدك ومشي مهانش عليه يقولي أراضيكي فين
أغلقت ملك ألبوم الصور وهي تقطع عليها هذا الطريق كي لا تتسلل منه: - ماما الله يرحمها ماتت، متحاولش تغيري الحقيقة دي.

ف أومأت تفيده بموافقة و: - ماشي، اللي تقولي عليه ماشي. مش هسألك أمتى ماتت وفين هي جتتها، بس على الأقل أنتي عوضي غيابها عني. ده احنا كنا أختين ملناش غير بعض وانتي اللي باقية منها
ف تنهدت ملك وقد بدأت تهدأ قليلًا: - يعني عايزة مني إيه؟
- تعيشي معايا
هبّت ملك واقفة من مكانها و: - إيه! ناقص تقولي أتجوز إبنك العبيط ده زي ما مراتاته قالوا!؟ لأ طبعًا مستحيل.

ف انفتح الباب فجأة ودخل ربيع وهو يصيح فيها ب بربرية: - إيه اللي خلاه مستحيل يابنت خالتي! عجبك يعني قعدتك مع ال ×××× اللي انتي معاه! ده أنا هسترك واعملك اللي انتي عايزاه كله
ف تدخلت تفيده بدورها: - يخرب بيتك ياربيع وبيت سنينك، يابني مش عارفه أقعد دقيقتين ما البت
قذفتهُ ملك ب ألبوم الصور و هي تصيح: - ده بعدك، الموت عندي أهون من إني أبقى مرات واحد زيك.

وبدأت في البكاء اللاشعوري وهي تتابع: - أنا عايزة أمشي من هنا، والله يونس لو عرف اللي عملتوه معايا هيطربق البيت على دماغكم
- إن شالله يعمل ال ××××× ابن ال ××××× ده، يوريني كده هيعمل إيه.

جذب ربيع أمه كي يُخرجها من هنا، وقرر أن يحتبسها حتى يعود عقلها لرأسها قليلًا. ولكنها اعترضت طريقه وهي تحاول الخروج من هنا: - طلعوني من هنا، ياناس ألحقوني. محدش عنده قلب آ..
انقطع صوتها بعدما صفعها صفعة مميتة جعلت رأسها تهتز وهي تتراجع للخلف، وسقطت على أثرها مطرحة على الأرض. صرخت تفيده وهي تراها هكذا، ف لم ينتظر ربيع ثانية واحدة، حيث أخرج أمه عنوة وأغلق الباب بالمفتاح عليها.

ضربته تفيده كي تأخذ المفتاح منه و: - هات المفتاح بقولك، أخس على تربيتك. بتمد إيدك على البت يا××××
- تستاهل اللي خدته، أما اشوف يونس بتاعها ده هينفعها إزاي
وهبط على الدرج القديم، لحقت به والدتهُ ولكن سرعتها لم تسعفها كي تلحق به قبيل أن يخرج من المنزل: - ياواد هات المفتاح، تعبت قلبي
خرج من المنزل نهائيًا مستشيطًا منها ومن تعظيمها ل يونس وثقتها الشديدة به، حتى إنه مقتهُ.

بينما حالها هي كان مزريًا، مازالت نائمة بجسدها على الأرض تتحسس وهج بشرتها التي تلقت صفعة عليها. والدموع الغزيرة تنسال بدون توقف، تعالت شهقاتها بقهر، رغم إنها تعلم جيدًا أن يونس لن يتركها هكذا. سيأتي بها وتعود لمحلها، ولكن هذا الأمل لا يكفيها كي تهدأ. ظلت هكذا، لن تتحرك حتى يأتي، ولن تهدأ إلا عندما تراه.

بحث يزيد بحثًا طويلًا عن هاتف يونس، ولكنه لم يجده بتاتًا. ف خمن إنه لن يجده، كيف يجده وهو معه. بينما هو أرسل يزيد كي لا يكون سبب في تعطيله.
عاد يزيد للمكان الذي تركهم فيه محتقن الوجه ممتعض من استخفاف شقيقهِ به، بينما كان الآخر يأمنهُ من تسرعه المتهور.

لم يجده، ولم يجد سيارتهِ أو سيارة عيسى. ف أيقن إنهم غادروا وبسرعة للتحرك بمفردهم، ف أرسل له رسالة نصية متأكدًا إنه سيراها: أنا قولت لعمي إنك روحت الشركة وخدت ملك تروحها في طريقك ولما اشوفك لينا كلام تاني مع بعض
كان يونس يقود سيارتهِ حينها متتبعًا الموقع الذي حصل عليه من عيسى كي يصل لهذا المنزل. بينما كان عيسى منشغل بأمر الرجلين الذي سيأتي بهم كما أمر يونس.

مازال يقود بعدما وصل أحد أشهر المحافظات الريفية وأقربهم للقاهرة. محافظة القليوبية، يسير مستندًا على الموقع المُشار إليه على هاتفهِ. تجاهل رسائل يزيد ومكالمات كاريمان التي لم تنتهي، حتى آتاه الإتصال الذي ينتظره. فأجاب على الفور: - ها ياعيسى!
- كله تمام، أنا طالع على الموقف بتاع المكروباصات ولو عرفت أصطاده من هناك هجيبه
- بس أنا محتاجك الأول معايا. أنا شبه وصلت خلاص.

صفّ يونس سيارتهِ على الجانب بينما كان عيسى يقترح عليه: - طب ما ناخده معانا الأول عشان نضمن أمه متعملش حاجه
رفض يونس رفضًا قاطعًا و: - مش هسيب ملك هنا، آخدها واللي بعد كده سهل
- اللي تشوفه، دقايق وهكون عندك.

أغلق يونس المكالمة ونظر بتفحص على هيئة المنزل من الخارج. داخله نيران لا يُطفئها فكرة وجودها بالقرب بينما هو بعيد هكذا، بل تزداد وتُسعرّ تلك النيران أكثر وأكثر كلما تخيل إنها اختُطفت من جواره وهو لا يشعر، بل وتوانى في البحث عنها مما دفع لها فرصة قضاء وقت أكبر معهم. زفر محاولًا ب اجتهاد ضبط انفعالاته كي لا يتهور ويدلف ل أخذها وحده بينما الصبر قد نفذ من لديه، والآن يعاتب حاله لتركهِ إياها ويحمل نفسهِ مشاق تأنيب الضمير.

وضعت رحمة قطعة الثلج على المكان المتورم فوق حاجبها وهي تنظر للمرآة، بينما كانت لبنى تتطلع إليها وداخلها مُتشفي، فقد عانت الويلات منها منذ أول زواجها وكانت رحمة دائمة التجبر والتسلط عليها، ها هي تراها الآن مذلولة وقد تذوقت الإهانة.
تركت رحمة المرآة ونظرت لها ب استهجان مستشيط وهي تردف: - كنتي واقفة تتفرجي عليا ياغراب البيت، بدل ما تجيبيها من شعرها.

ف وضعت لبنى يدها على بطنها المنتفخة وقوست شفتيها وهي تردف: - أنتي مش شايفة ولا إيه يارحمة ياختي! أنا شايلة ياعنيا ومش حمل مجهود. الدكتورة قالتلي خلاص فاضل أسبوعين وأولد، هتنفعيني بإيه أنتي ولا الحلوة اللي فوق لما أبني يضر
وزعت تفيده نظراتها المحتقنة عليهن، وتحديدًا رحمة، ثم أردفت بلهجة تحذيرية: - اللي هتيجي يمة ناحية ملك تاني هتشوف مني وش الحما اللي بجد. هطلع العفاريت الزرق على جتتها، سمعتي يارحمة.

ف تلوت شفتي رحمة وهي تشيح بوجهها كأنها لا تكترث كثيرًا و: - والنبي تعقلي إبنك ياحماتي، أحسن أخليها خارجتهُ بدل دخلته
ثم أشارت ل لبنى برأسها: - المرة اللي فاتت استغفلني ودخل عليا بيها، المرة دي مش هسكت وأيمانات المسلمين كلهم
ف جلست تفيده وهي تشرح مضطرة كي تزج ب شر رحمة بعيدًا عن ملك: - يابت انا مش موافقة، بس مش دي الطريقة اللي هتيجي مع ربيع ده دماغه ناشفة.

ف أفتر طرف ثغرها ب ابتسامة متهكمة و: - متهيألك ياحماتي انتي متعرفيش أبنك، ده عينه زاغت ياحببتي على الحتة الطرية وعايزها. بس أنا بقى مش هنوله الجوازة دي غير على موتي
استمعوا لصوت طرقات عنيفة على الباب، ف كركرت رحمة ب استخفاف و: - أهو سبع البرومبة رجع
أسرعت تفيده لفتح الباب وهي تصيح أثناء ذلك: - جيت يابن الموكوسة.

وفتحت الباب. تصلبت مكانها وجمدت گقطعة ثلج حدرية حينما رأت يونس يتقدم ثلاث من الرجال، رمقها بنظرة محتقرة ودفع الباب كي يدخل: - أزيك ياخالة
نهضت رحمة عن مكانها وهي ترفع الخمار على رأسها بينما تسائلت لبنى وهي توزع نظراتها المتفحصة عليهم: - مين دول يارحمة؟
- إيش عرفني ماانا زيي زيك أهو
وقفت تفيده أمامه تمنعه من دخول البيت و: - مينفعش تدخل بيت راجله مش موجود.

ف ابتسم يونس ابتسامة متهكمة وهو يقول: - البيت ملهوش راجل ياخاله، أوعي تحسبي إبنك علينا راجل، هيبقى زيادة عدد على الفاضي
وقست تعابير وجهه وهو يتوعدهم: - أنا مش هرحم إبنك اللي فرحانة بيه ده، اللي عمله مش هيعدي بالساهل ورحمة الغاليين كلهم
توترت تفيده وهي تنظر ل مرافقيه الأشداء، وحاولت نفي الأمر عنهم: - أنت بتكلم عن إيه!
فصاح فيها بصوت أرعبها: - ملك فين ياست انتي؟

ف تدخلت رحمة على الفور و: - هو انت بتدور على البت إياها؟
ف نظر نحوها متأهبًا و: - هي فين؟
ف أشارت رحمة: - فوق ياخويا، تعالى أدلك على الأوضة. بس خلي بالك دي مقفولة عليها من برا
ف وجه يونس نظراته ل تفيده و: - واضح أوي إنك متعرفيش حاجه.

أوفض نحو الدرج خلف رحمة التي اقتادتهُ للأعلى، حاولت تفيده منعهِ ولكنها تفاجئت ب عيسى يسد عليها الطريق وهو يقول بلباقة: - من فضلك ياحجة، بلاش تدخلي وتضطرينا إحنا كمان نتدخل
صعد يونس يلتهم الدرج حتى أشارت له رحمة: - أهي الأوضة، عيني عليها محبوسة من ساعتها. والله صعبانة عليا
ضرب يونس على الباب بقوة وهو ينادي: - ملك، سمعاني؟

هبت ملك من نومتها على الأرض ووقفت خلف الباب وهي تبكي مستغيثة به: - يونس، خرجني من هنا عايزين يجوزوني ربيع العبيط ده يايونس
توهجت حرارته أكثر واشتد غضبه الذي وصل لجذوتهِ، نظر ل رحمة بنظرة أرعبتها. ف ازدردت ريقها وهي تورط زوجها اللعين أكثر: - والنبي ياخويا ماليش دعوة، الله يحرقك ياربيع
دفع يونس الباب بكتفه مرة والثانية والثالثة. ولكن القفل محكم عليه، ف صاح من الأعلى: - حد يطلعلي من تحت.

صعد أحدهم إليه على الفور: - عايز حاجه أفتح بيها الزفت ده
ف أخرج الرجل بنسة رفيعة من جيبه وبدأ يفتح القفل ب احترافية شديدة كأنهُ معتاد على الأمر. ثم أفسح له الطريق، فتحه يونس وقلبه يتآكل من فرط الخوف عليها، ف إذ بها فجأة تقفز لتكون بين أحضانه وتتشبث به فور رؤيته. تنفست بصعوبة، أنفاس متتالية لم تستطع التحكم فيها، لم تحس حتى بما تفعل ولا بوضعها بين ذراعيه يحملها هكذا.

بينما كان يرضي هو قلبه الذي خمد قليلًا ووجد سكونهِ بعد ساعات عصيبة طوال اليوم. التصقت أنفهِ بشعرها يتنفس رائحتهِ التي تُصيب بالجنون، وسأل من بين تهدج أنفاسهِ: - أنتي كويسة؟
لم تجيب، هزت رأسها ف شعر بها. أنزلها ونظر لوجهها الذي احتضنهُ بكلتا يديهِ و: - عمل معاكي حاجه؟
لاحظ هذا الإنتفاخ في صدغها، ف أزاح شعرها واستنبطت على الفور وهو يقول بلهجة ممتعضة: - مد إيده عليكي؟

ف أسبلت جفونها وهي تقبض على يده بقوة: - يلا نمشي من هنا، مش عايزة أشوفه
ف سحبها من خلفه ومر بمحاذاة رحمة التي كانت تقف بالخارج مسرورة مما حدث، لن تحتاج للتدخل. ف قد تمت المهمة على أكمل وجه وها هي تخرج من المنزل أمام عينيها وبدون أي مجهود منها.
زجرتها ملك بنظرة محتقرة، بينما قالت هي بنبرة سعيدة: - ألف مليون سلامة ياختي.

هبط بها الدرج، وعندما وقف أمام تفيده هددها علنًا: - إبنك هيدفع تمن اللي حصل غالي أوي
نظرت تفيده ل ملك تستعطفها و: - يابنتي ربيع كان غرضه خير، هو حد اتعرضلك بحاجه وحشة لا سمح الله!
ف قالت ملك: - أنا مش لعبة ياخالتو، أبعدي ربيع عني. قوليله الموت عندي أهون من اللي هو عايزه
وأطبقت ملك على يده: - يلا.

كانت نظرات يونس المتعلقة ب تفيده كأنه في عالم آخر. عالم يخطط فيه للعقاب المناسب الذي سيرضيه. حتمًا سيكون عقابًا ثقيلًا، وأثناء ذلك لم ينتبه ل صوت ملك التي جذبته ل تلفت أنتباهه: - يونس.

ف انتبه يونس لها وهز رأسه وهو يتركها تتقدمه. مشى خلفه عيسى حتى وصل بها أمام سيارته. أجلسها بالأمام وأغلق عليها، ثم التفت ل عيسي ومن بين أسنانهِ المصقوفة على بعضها البعض أردف: - هاتلي إبن الك ×× ده لو كان في سابع أرض
أومأ عيسى متفهمًا و: - هجيبه ونوديه المكان اللي اتفقنا عليه
- أنا هرجع ملك وأحصلك
- ماشي.

سار عيسى بعدما أشار ل رجليهِ كي يستقلا سيارتهم. بينما بدأ يونس في قيادة سيارتهُ حينما كانت ملك تنظر لظل تفيده الواقفة على باب المنزل تنظر نحوهم. أحنت بصرها عنها وهي تسترخي على مقعد السيارة وأغمضت جفونها مستسلمة لشعور الأمان الذي اعتراها ب قربهِ و..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة