قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الحادي والعشرون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الحادي والعشرون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الحادي والعشرون

س تزّهرّ بعد انطفائك؛ بعد أن ظننت إنها لن تُنير أبدًا.

كانت صفعتها له گالجمرة التي أُلقيت في جوفهِ ف أشعلت جذوة رغبته الإنتقامية التي اجتهد كي يدفنها بعد ما طاله بسببها. اهتاج وتشنج جسده، كاد يشنّ هجومًا عليها وهو يصيح بعصبية لولا العسكري الذي كان يُقيد حركته، في نفس الحين الذي كان فيه يونس يقف أمامها وتركها خلفه ليكون هو في مواجهته. زجرهُ بنظرات قاسية وكأنه يُذكره بما تجرعهُ من وراءهِ وأبلغه رسالة بصمتهِ مضمونها أن لا يفكر في أي تهور كي لا يخسر حياتهِ هذه المرة.

سحبه العسكري بعنف وهو يصيح فيه: - يلا ياأخينا خلصني
كانت نغم تلتصق ب صديقتها متخوفة من رد الفعل الذي ستواجهه بعد فعلتها الجريئة، بينما لم تشعر ملك بالندم أو الخوف مثقال ذرة. بل بردت نارها قليلًا وهدأت ثورتها التي لم تخمد أبدًا طوال الأيام الماضية.

رأت نظرات الإعجاب في عينا يزيد الذي لم يحيد بصره عنهن هي و نغم، ولم يقل يونس عنه، بل كان منبهرًا بها ورمقها ب افتخار لما حققته نصائحهِ وشدّه ل أزرها طوال الليل وفيما مضى أيضًا.
مدّ يده لها كي تستند على ذراعه، وسألها بنبرته الرخيمة التي تصل لقلبها ب يُسر: - بقيتي أحسن؟
ف تنفست ب أريحية وهي تتمسك بذراعه و: - أحسن بكتير.

مشى بها والبقيّة من خلفهِ، وأثناء ذلك تذكرت ملك العبارة التي قالها لها بالأمس وحُفرت في عقلها.
لو خدتي قلم لازم ترديه اتنين، وخلي البداية دايمًا تيجي منهم، عشان لما يخرج منك رد فعل تكوني على حق، العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم.
لذلك لم تكتفي بما حدث له خلال أيام احتجازهِ وذراعه الذي كُسر وسددت له صفعة تُهينهُ.

رمت ملك ثقلها على يونس وهي تنزل هذه الدرجة المرتفعة شيئًا ما، ثم شخّصت أبصارها نحوه وهي تسأله: - كنت تلميذة كويسة؟
ف أفتر ثغرهِ ب ابتسامة راضية وهو يثني عليها: - جدًا، أبهرتيني الحقيقة
فتح لها الباب وأجلسها وهو يقول: - يلا ياتلميذة
أغلق الباب عليها وقبل أن يلتفت كان يرى نظرات يزيد المرتكزة عليه، ف سأله: - في حاجه يايزيد؟
- لا خالص لا سمح الله.

وارتدى نظارته. ومضى نحو سيارته المصفوفة بالخلف كي يتحرك هو الآخر، وشعورهِ يُحدثه بوجود خطب ما غريب في شقيقهِ. ولكنه لن يُصدر حكم نهائي الآن، سينتظر. حتى يتيقن من صدق حدسهِ.
كلاهما يجلسان بنفس الغرفة، ولكن لم يتحدث منهم أحد لأكثر من ربع ساعة، في انتظار الخبر اليقين الذي سيؤكد إما صدق المعلومة التي حصلت عليها رغدة من ملفات يزيد التي فتشت فيها منذ مُدة. أو كذبها وسقوطهم في الفخ.

جلس معتصم محدقًا في النافذة وقد بدأ الغروب يُعلن ب بُرتقاليتهِ المُحتلة لغرب السماء بوادر حلول المساء. طرق بيده على سطح المكتب بقنوط ونظر نحو هاتفهِ الذي لم يرن بعد. نفخ ب انزعاج وهو يلتف بمقعده المتحرك ف أضاءت شاشة الهاتف مُعلنة عن إتصال وارد، ف هبّ معتدلًا وأجاب على المكالمة: - أتأخرت عليا ليه! ها وصلت لحاجه؟

صمت معتصم وهو يستمع من الطرف الآخر. بينما تعلقت رغدة ببصرها عليه تستشف من تعابير وجهه ما قد يكون حدث. وجدت ظل ابتسامة بدأت تلوح على تعابيره ف بدأت تطمئن، حتى أغلق معتصم المكالمة وضحك بهيستريا كي يُنفث عن غيظهِ. تنهدت رغدة وقد تفهمت مبدأيًا ما حدث.
أحادت ببصرها عنه بينما كان يقول هو: - ضحك علينا ولعب بينا الكورة!
ثم نظر نحوها وصاح بعصبية مفرطة: - وكله بسببك.

نهضت متشنجة وهي تطيح بالملفات الموجودة على مكتبهِ وقد طفح بها الكيل، لم يكفيه إنه جعلها تفعل أشياء گتلك وهي التي لم تحيك شيئًا من قبل في حياتها، بل ويُحملها نتاج ما حدث أيضًا.
لم تتحمل أكثر وصرخت فيه معترضة: - أنا مش شغاله عندك، فوق وانت بتتكلم معايا يامعتصم. أنا مراتك مش سكرتيرتك!

فلم يهدأ هو الآخر وهو يبرر سبب هياجهِ العصبي: - ال ×××× استلم كل حاجه بقاله أكتر من أسبوع وانتي مفهماني إن معاد وصول باقي المكن النهاردة! ده أسمه إيه؟
ف قطعت الطريق عليه وقد قررت قرارًا قاطعًا: - من هنا ورايح أنا ماليش أي دخل في أي حاجه تخص يزيد. مصلحة الشغل هي اللي هتحكمني
تبلد وجهه للحظة وهو يسأل: - يعني إيه؟

أرادت أن تعاقبه بذلك. فهي تعلم مدى هوسهِ ب يزيد ورغبته العارمة في تدميره بدون أي أسباب: - يعني مفيش يزيد، في شغل ومصلحة شغل
حاول أن يُهدئ الأوضاع التي أشعلها، فهو على دراية تامة أن وجوده هنا لا يُشكل أدنى أهمية بدونها، هي المتحكمة في كل شئ وهو تابع لها نسبةً للحصة الرُبعية التي تمتلكها من أسهم المجموعة.

ترك مكانه وراح يدنو منها وهو يستلطفها قائلًا: - ياحببتي أنا مقصدش أزعلك، بس انتي فوتي علينا خطوة كانت هتساعدنا أوي بعدين
كتفت ذراعيها وهي تحدجهُ ب استخفاف و: - ميهمنيش، في ستين داهية. ومتفتحش سيرة أي حاجه تخص يزيد قدامي مرة تانية. اللي راح كوم، واللي جاي كوم تاني
سحبت حقيبتها مستعدة للمغادرة، ف تعقبها وهو ينادي: - أستني يارغدة، أس..

ولكنها لم تُمهله فرصة اللحاق بها وحاولت أن تتجاوزه، فقد بدأت تحس ب فداحة ما تفعل. حتى وإن كانت تُريد الإنتقام منه وتدميره، لن يكون بهذه الطريقة الوضيعة، فهو لم يعد يملك سوى حصة ربعية مثلها تمامًا 25?. والنصف الكامل في حوزة يونس الذي لا دخل له بأي مما يحدث. كما أن تدخل يونس في هذه الآونة س يُعثر فقط ما تفعله، لذلك س تنسحب من تلك المعركة التي فاز بها يزيد قبيل أن تبدأ وقبيل أن يتدخل فيها يونس بنفسه تدخل كامل. ف الشقيقان لن يترك أحدهما الآخر ليسقط.

كل هذا الحديث كان قد وصل ل يزيد بسهولة شديدة عقب أن استمع إليه سيف وقرر إخباره، ف عاد ينتشي من جديد مع كل مرة يتقدم عليهم بخطوات.

كان يقود سيارته حينما أتاه الخبر السعيد، فلم يكفّ عن الضحك. حتى إنه كان يُغني ويُدندن مع الأغاني الصاخبة التي رفع صوتها، كان في حالة لم يصل إليها منذ فترة، أرتاح داخلهِ قليلًا. ولكنه أحس بأن القادم لن يكون سهلًا، س يُحارب معتصم من أجل كسب رغدة من جديد. إذًا عليه أن يسعى بشكل ما ليجعلها على الأقل تثبُت على موقفها المُحايد، وألا يكون للمجموعة أي دخل في سعيها اللامنتهي للإنتقام منه.

وضعت خديجة صحن امتلأ بأنواع متعددة من الفواكه أمام ملك وهي جالسة في الشُرفة. ثم سكبت لها العصير وتركته أيضًا وهي تقول: - بعد نص ساعة معاد الحقنة، هبقى أطلع أديهالك
ف أومأت رأسها ب امتنان و: - متشكرة أوي
تحسست كفها المندمل ونظرت لذراعها التي ما زالت مكسوة بالجبيرة، أحست ببعض الألم رغم إنها تناولت جرعة مزدوجة من المُسكنات. ولكنها حاولت تجاوز هذا الشعور. دلف يونس إليها بعد أن حمحم و: - ملك!

التفتت برأسها له و: - نعم
جلس قبالتها وتسائل ببعض التردد: - مش عايزة تشوفي عمي؟
تغيرت تعابير وجهها على الفور ومدت يدها تتناول كأس العصير بدون أن ترد. ف عاد يقول: - فكري ياملك، عمي محتاجك
فقالت بنبرة أحس فيها العِناد مع نفسها: - من فضلك متفتحش معايا الموضوع ده تاني.

سحب يونس نفس طويل من سيجارته وهو يفكر، هل يخبرها بمرضهِ أم لا؟ وإن علمت بعد ذلك ماذا سيكون رد فعلها؟ وإن شاءت الأقدار وتوفتهُ المنيّة قبل أن تراه! ماذا ستفعل! ماذا سيفعل هو إن كان المُلام أمامها.؟
زفر يونس وقد أحس بالعبئ على صدره، بينما سألته هي بفضول: - يونس
نظر نحوها، ف تابعت: - أنت اللي كسرت لمحمد دراعه!؟
فلم يكن مقنعًا كفاية بالنسبة لها وهو يكذب: - أنا! لأ.

ف مالت نحوه قليلًا وهي تسأله ب تشكك: - يونس!
آخر ما بقى من سيجارته قذفهُ من الشرفة، وقبل أن يتفوه بكلمة كان يستمع لصياح كاريمان بالأسفل: - Bu nedir ماهذا
نهض على الفور ونظر لها من الأعلى وعبر عن أسفه فورًا: - آسف يانينة، نسيت
ضربت كاريمان الأرض بعصاها وهي تصيح فيه: - نسيت يعني إيه! لسه فيك العادة دي ياولد!
فتسائلت ملك بعدم فهم كونها لم تنتبه لما فعل: - عادة إيه! إيه اللي حصل.

ف دخل يونس و: - نسيت وحدفت عقب السيجارة من هنا
وخرج كي ينزل إليها. وقفت ملك مستندة على عصاها لتنظر إليهم، ف ابتسمت لها الجدة و: - شربتي العصير ولا لسه؟
فأومأت وهي تبادلها الإبتسامة و: - آه يانينة
عبست كاريمان من جديد حينما رأته يقترب منها و: - الله يكون في عون مهدي، أكيد لسه بيلم السجاير من وراك
ف انحنى ليحملها عن الأرض و: - مش بالظبط.

وانتصب في وقفته ليهمس لها: - تعالي هزقيني جوا، بلاش هنا عشان الهوا شديد عليكي
لكزته على كلمته الأخيرة و: - ليه شايفني عجوزة! أنا أصغر منك. بص لنفسك في المرايا
ف ساير حديثها و: - حاضر
مشت نحو الداخل وهي تحذره: - لو اتكررت مرة تانية مش هعديها، Anlad?m فهمت
- Evet نعم.

عادت ملك تجلس ببطء وهي تضحك بهدوء. حياتها ستتغير تغيرًا جذريًا بعد معايشتها لتلك الجدة الجميلة التي لم تراها من قبل حتى بين مُجسدي الأدوار في السينما. إنها طراز مختلف تمامًا.

أخفضت بصرها، فوجدت قداحة يونس وعبلة سجائرهُ. تناولت القداحة الفضية التي بدا شكلها أنيق للغاية، فوجدت أسمهِ محفور عليها بشكل جميل، وبجوارهِ حرف H. يبدو إنها كانت هدية مميزة من إحداهن، تحديدًا زوجتهِ المتوفاه، ف هذا أول حرف من أسمها بالإنجليزية. أحست بالغبطة، لا تدري لماذا؟ ولكنها صرفت عقلها عن التفكير بالأمر وراحت تُشعل سيجارة من علبتهِ. شعرت بفضول شديد لتذوق مذاقها، وكيف تبدو رائحتها بالصدر.

سحبت نفس صغير ف أحست كأن لهيب يحرق صدرها. سعلت سُعالًا حادًا أثر على ذراعها، بينما صاح فيها يونس يوبخها: - ملك! بتعملي إيه؟
انتفضت بعدما تفاجئت بوجوده و: - خضيتني!
أخذها من يدها وهو يحدجها بغرابة و: - عايزة تدخني! ملقيتيش غير العادة المهببة دي عشان تاخديها مني
ف نفت حديثه و: - لأ أنا خدت منك حاجات كتير غيرها
نظر إليها ب إعجاب لما قالت، ثم نظر للسيجارة قبل أن يقذفها من جديد و: - قومي ارتاحي جوا.

شهقت وهي تنظر للأسفل و: - ها! أنت حدفتها تاني؟
انتبه لما فعل، ف أسرع يساعدها كي تنهض من مكانها و: - قومي بسرعة عشان أدخلك قبل ما أنزل آخدها
استندت عليه، وقبل أن تقول شيئًا كانت كاريمان تنادي بصوت مرتفع: - يونس!

مرّ الليل بصعوبة عليه، لم ينم يونس حتى أصبح الصباح. من ناحية لم يستطع النوم إلا بعد الإطمئنان على وصول يزيد ل مدينة الجونة، وناحية أخرى لم يرتاح في فراش لم يعتاد عليه. خاصة بعدما قام بترك غرفتهِ ل ملك تقيم فيها منذ أن أحضرها إلى هنا.
أشرقت الشمس، ف غفى أسفل شعاعها الخفيف الغير مؤذي ساعة من الزمن، استيقظ بعدها كي يستعد هو الآخر للسفر.

هبط للأسفل حيث ينتظره عيسى. ناوله الكيس القماشي المغلف وأردف: - دي البدلة الجديدة اللي جات من عند مستر چورچ لسيادتك مخصوص
تناولها منه وهو يسأل: - أتأكدت إنها نفس اللون اللي طلبته؟
- آه هو
ثم ناوله صحيفة اليوم وهو يبشره: - جلسة الدكتور إياه نص الشهر، المحامي أكد إنه هياخد حد أدنى خمس سنين أو سبعة
ف أفتر ثغره ببسمة لم تصل لطرفي عينيه و: - عظيم.

تنهد عيسى قبل أن يوصيه بجدية: - ملك هتكون تحت عينك 24 ساعة ياعيسى، تبقى زيك زي ضلها بالظبط
- حاضر
وشعر بالضيق وهو يتابع: - عمي كمان، يوميًا تروحله المستشفى تطمن عليه وتبلغني أخباره. أنا مش هغيب غير كام يوم، عايز أرجع تكون كل حاجه زي ما سيبتها
أومأ عيسى مؤكدًا على تفهمه: - متقلقش ياباشا
ف ربت يونس على كتفه وهو يثني على اجتهاده: - مش قلقان خالص وانا سايبك ورايا.

ثم صعد كي ينهي ارتداء ملابسه ويذهب للمطار من بعد ذلك. مسألة سفره لم تروق له البتة، ولكنه لا يستطيع ترك شقيقه بعد أن تأمل فيه واستند عليه.

وقف يونس أمام المرآه وهو يغلق أزرار قميصهُ الأبيض، ثم انتقل ل ارتداء السُترة السكرية الفاتحة عليه. كان راضيًا للغاية عن هيئته خاصة بعد أن ضبط رابطة العُنق البُنية الفاتحة على عنقه وأنهى ذلك بدبابيس الأكمام الفضية الأنيقة المنقوشة ب حرف Y. نثر من عطره بغزارة، ووضع ساعة اليد الضخمة في يُسراه، ثم مسح على شعره المُمشط بتنسيق جذاب وسحب هاتفه والصحيفة ل يخرج من بعد ذلك.

أنحرف يمينًا كي يزور غرفتها قبيل أن يُسافر ويغيب عنها لأيام، ومجرد أن رفع يده ليطرق على الباب كان ينفتح قبيل ذلك. ابتسمت ملك فور رؤيتهِ و: - صباح الخير
ف بادلها الإبتسامة و: - صباح النور
تنحتّ جانبًا كي يدلف، فسألها وهو يخطو للداخل: - دراعك أحسن النهاردة
وضعت كفها على يدها وهي تجيبه: - الحمد لله.

انتبهت ل أناقته التي جذبت إعجابها من أول نظرة، أنبهرت به حقًا حيث تراه لأول مرة بدون ملابس قاتمة أو سوداء. تبينّ الإعجاب في نظراتها وهي تقول بدون تفكير: - أنت حلو أوي النهاردة.

ارتفع حاجبيه وهو يحدق فيها غير متوقع إطراء گهذا منها. ودبّ الدفء يضخ سخونته في بشرة وجهه وجسمه حيث شعر بالحرارة فجأة من فرط استحياءه، أجفل بصره بينما عاتبت هي نفسها بنفسها وهي تردف: - آ. آسفه مقصدش، أصل أول مرة أشوفك لابس بدلة كاملة بجرافته ولونها بيج فاتح.

ف ابتسم بالرغم من محاولاتهِ في إخفاء بهجتهِ من رأيها في طلّتهِ. وتعجل في قول ما جاء لأجله كي ينصرف قبيل أن تفضحه انفعالاتهِ: - أنا هسافر كام يوم زي ما قولتلك امبارح، هكلمك اطمن عليكي وانتي خلي بالك من نفسك
هزت رأسها بالإيجاب، ف ناولها الصحيفة و: - الجرنال فيه خبر يهمك، أبقي شوفيه.

تناولته بتوتر مرتبك كي تغطي على ما قالته، ف تراجع بخطواتهِ للخلف ومازالت عيناه تختلس النظر ل خجلها حتى خرج وأقفل الباب. فعاتبت نفسها وهي تفتح الجريدة موبخة حالها: - إيه اللي انا قولته ده! غبية ياملك!
زفر يونس وهو يتحسس وجهه المنبعث منه سخونة، ثم نظر لهيئته وضبط سترته وهو ينصرف من أمام الغرفة مغمغمًا: - هبقى أشوف الموضوع ده بعدين.

فتح له عيسى باب السيارة الأمامي، وقبل أن يستقر في مقعده كان يستمع لصوتها وهي تنادي: - يونس!
رفع بصره نحوه حيث كانت تقف في الشرفة، فلوحت له تودعهُ وأشارت نحو الصحيفة تُعلن إنها علمت الخبر. ابتسمت ابتسامة واسعة ممتنة، ف أومأ برأسه قبل أن يرتدي نظارة الشمس القاتمة ويجلس في مكانه.

دلفت ملك وهي تتعرج على ساقها وراحت تنظر للصحيفة من جديد لتُشبع عيناها برؤية هادي وهو بين حشد من العساكر الذين يسوقونهُ وهو مكبل بالأغلال. ضحكت بسعادة شديدة وضمت الصحيفة لصدرها، إنها على حافة منعطف تاريخي، منعطف خالٍ من كُل من آذوها وتسببوا في جراح روحها، س تزهرّ بعد انطفاءه ظنت إنها لن تُنير مجددًا.

ترك يونس بعض التوصيات الهامة والتعليمات المشددة في المجموعة قبيل أن يسافر. لم يُعلن عن سفرهِ أو سفر يزيد قط. بل أدعى إدعاءات أخرى بعيدة تمام البعد عن المُبتغى الأساسي كي لا يلفت الإنتباه حول ما يقومون به.
خرج يونس من غرفة مكتب يزيد ومن خلفه سيف يتحدث إليه بحزمٍ گعادتهِ: - ورقمي معاك لو حصل حاجه تبلغني فورًا
- تمام
التفت إليه يونس وهو يسأله مُقطب الجبين: - معتصم فين؟

- مجاش النهاردة، تقريبًا مدام رغدة هي اللي في مكتبها
قوسّ شفتيه وكأنه انزعج و: - خسارة، كان نفسي اتسلى معاه شوية. خليها لما ارجع بقى. عشان تبقى التسلية الكبيرة.

وأنهى حديثه ب ابتسامة ساخرة أعقبها ب انصرافهِ. خرج من البوابة الرئيسية قاصدًا سيارته، لم ينتبه لذلك الغريب الذي مرّ من جوارهِ منذ لحظات ودلف للبهو العريض بالشركة. استقر يونس بمقعده وهو يوجهِ عيسى: - يلا بينا على المستشفى أشوف عمي قبل ما نروح المطار
- تمام.

دلف ربيع وهو ينظر حوله ب انبهار من ذاك المكان العريق والذي لم يراه في حياته سوى خلف شاشات التلفاز. انتبهت موظفة الإستقبال له، ف أشارت نحوه وهي تنادي: - ياأستاذ، يا أستاذ!
التفت إليها وخطى نحوها، بينما تسائلت هي بحزم: - حضرتك رايح فين!
ف ابتسم ربيع ملء شدقيهِ وهو يجيب: - أنا عايز أقابل يونس الجبالي، وحياتك ياعسل تقوليلي أدخله منين.

ف تضايقت الموظفة من أسلوبه الركيك ونظرت نحو البوابة وهي تردف: - حضرتك دخلت إزاي من البوابة؟ هو موظف الأمن مش واقف؟
ف تطلع إليها بنظرات سخيفة و هو يرد عليها بنفس لهجته: - أنتي شيفاني إيه قدامك! متسول ولا حرامي!
وطرق على اللوح الزجاجي الذي يحجب بينها وبينه وتابع: - أنا قريبه وجاي أشوفه، قوليله بس من غير ما ترغي كتير. هو هيعرفني لوحده.

رفعت الموظفة سماعة الهاتف وبدأت تتواصل مع أحدهم و: - في واحد هنا عايز مستر يونس
أبعدت الهاتف عن أذنها وهي تسأله: - حضرتك قولتلي مين؟
ف تشدق قائلًا: - قوليله ربيع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة