قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثامن والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثامن والثلاثون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثامن والثلاثون

كان يتطلع إليه وهو يتناول الطعام وكأنه بهيم في حظيرة حيوانات، ينثر الطعام من حوله گالدجاج والطعام يسقط من فمه أثناء التناول نتيجة ملء الفم بأكثر من قدرته على الإستيعاب. لم يظهر إنه اشمئز منه، ولكنه لم يمنع نفسه من التعقيب: - أنت بقالك يومين بس مكلتش، مش سنين ياربيع؟
مسح ربيع فمه بدون أن يرفع بصره وتوقف عن الطعام قائلًا: - عايز مني إيه ياباشا
- تختفي.

وقف يونس عن جلستهِ وراح يقف أمامه مباشرة وهو يردف: - مش عايز أسمع أسمك ولا أشوفك مرة تانية. ده مقابل حياتك اللي هسيبك تعيشها
ثم أشار ل عيسى كي يتقدم الأخير منه ويناوله ورقة: - أمضي هنا
ف نظر ربيع لمحتوى الورقة، وجحظت عيناه وهو يهتف: - إيه؟ خمسة مليون جنيه!؟
ف مط يونس شفتيه للأمام وأردف بفتور: - زي ما شوفت كده، مفيش خروج ليك من هنا غير لما تمضي الإيصال ده. الضمان إنك مش هترجع في كلامك.

وأفتر ثغره ب ابتسامة ساخرة وهو يذكره: - ولا فاكرني نسيت حوار الربع مليون اللي لطشتهم قبل كده!
فحاول ربيع أن يستغل الأمر من جديد: - طب وده همضي عليه مقابل إيه؟
ف انحنى يونس عليه وأشار نحو عنقه وهو يقول: - مقابل حياتك، ولا مش كفاية؟

وأظلمت عيناه كأنه يذكره بتلك الليلة المشؤومة التي كاد يخسر فيها حياته بعد ما فعله. ف ازدرد ربيع ريقه بينما كان يونس يسأل للمرة الأخيرة: - هسأل السؤال مرة واحدة، هتمضي تمشي ولا تشرفنا شوية؟
ف أومأ ربيع برأسه و: - همضي، بس آ، ملك أمي كانت آ..

ف ضرب يونس على كتفه ضربة عنيفة وكأنه يردعه عن نطق حتى أسمها: - خلاص بقى يابطل، أنسى الأسم ده ومتقولوش تاني. وأنا لما يجيلي مزاج هخلي الخالة تشوف بنت أختها بعيد عن وشك
تآوه ربيع متألمًا، ف آلام جسده ما زالت طازجة. ف مدّ له عيسى ب القلم ل يخط به على الورقة، ثم فتح له الحبر كي يختم بأصبعه أيضًا. وما أن انتهى عيسى ترك يونس الأمر لرجاله: - وصلوه بالسلامة.

ثم تحرك نحو الباب ومن خلفه عيسى حتى خرج، وسأله سؤالًا يشغل عقله: - عيسى، هي غالية فين؟
- مسافرة بقالها أكتر من أسبوع
ف تنهد يونس و: - ياريت تفضل مسافرة على طول، أنا الحقيقة مش قادر أحارب في 100 جبهه
ثم استقل سيارته بعد أن وضع الإيصال في جيبه، وقرر زيارة إبراهيم قبيل أن يذهب إلى ملك إجابة لدعوتها على الغداء.

الحقيقة إنه حبذ الفكرة رغم إظهاره برفضها، هذه المرة الأولى التي سيتناول فيها طعامًا من صنع يدها. وهذا يجعله متشوقًا جائعًا. خاصة بعدما تخلص من مصيبة ربيع، وها هو يهدأ قليلًا ويصفو ذهنهِ لقليل من الوقت.
منذ أن عاد لوعيه بعد العملية الخطيرة التي أجراها أمس وهو يصرخ ويصيح متأثرًا بآلام شديدة تضرب عظامه بضراوة. وبالرغم من جرعة المسكنات التي تم ضخها في وريده إلا إنها لم تكفي لإخماد هذا الألم.

كافحت رغدة لتجعله يهدأ قليلًا ويترك جسده يتقبل المُسكن، ولكنه لم يصغى لأي شئ. أمسكت بيده تُآزره و: - طيب أهدا يامعتصم، الدكتور لسه خارج وقايل المجهود اللي بتعمله ده غلط
ف صؤخ بأعلى صوت لديه: - هقتلهُ
ف ارتعدت رغدة من حالة الجنون التي وصل إليها وهي تسأله: - مين بس؟
ف نظر نحوها بنظرات فتّاكة وهو يقول بضغينة شديدة: - طليقك، إبن ال ×××× هو اللي عملها مفيش غيره.

ف دافعت عنه رغدة تلقائيًا و: - لأ، مش ممكن يكون هو
- هو، محدش عملها غير يزيد
ف ربتت على كتفه و: - طب خلاص، أهدا ولو الكلام اللي بتقوله صح هخليك تاخد حقك بالعقل
ف تشنج جسده المسطح على الفراش وهو يهدر ب: - مفيش غير موته هو اللي هيشفي غليلي
دخل ضابط الشرطة يوزع نظراته المترقبة عليهم وهو يقول: - مين ده ياأستاذ معتصم؟

ف تدخلت رغدة على الفور كي تنقذ الموقف قبل أن يحدث ما لا يُحمد عقباه: - ولا حاجه حضرتك، جوزي لسه فايق من البنج وحالته لسه مش مستقرة
ف قال معتصم: - لأ أنا واعي أوي، وعايز أعمل محضر دلوقتي ضد إبن الجبالي ياباشا
ف شهقت رغدة شهقة مكتومة و: - آ. معتصم إحنا مش متأكدين و..
ف قاطعها الضابط بعدما أحس بتحيّزها و: - من فضلك يامدام، ياريت تسيبينا ناخد أقوال أستاذ معتصم.

ف نظرت إليه ب استجداء ترجوه ألا يفعل، ليكرر ضابط الشرطة بدوره: - يلا من فضلك
وأشار لها نحو الباب، ف تحركت نحوه بخطوات متعجلة حتى خرجت. وسرعان ما أخرجت هاتفها كي تُحادث يزيد، مرة والثانية والثالثة أيضًا ولم يرد على مكالماتها. تجاهلها تمامًا، ف نفخت ب انزعاج وهي ترتجف بتوتر وغمغمت: - ليه كده يايزيد؟ ليه عملت كده!؟ أوووف.

حاولت للمرة الرابعة، ولكنه لم يجيب أيضًا. فلم تجد حل آخر سوى الإتصال ب يونس، لعله يستطيع الوصول إليه. شعرت بالتردد، وكادت تغلق المكالمة كي لا تكون مضطرة على إخبار يونس بما حدث، فهي تعلم مدى سلطته على شقيقهِ وكيف لا يستطيع يزيد إحزانهِ. ولكن الرد آتاها على الفور: - ألو
لم تجب في البداية، كأن لسانها الثقيل عجز عن التحدث، ف أعاد يونس التحدث: - ألو، سمعاني يارغدة؟
ف حمحمت و: - آآه. يونس في حاجه حصلت.

- في إيه يارغدة؟ ومال صوتك؟
تلجلجت وكأنها تُمتحن شفهيًا بأصعب المواد التي تكرهها، ف اضطرب يونس وصفّ سيارته بعدما تشتت انتباهه و: - رغدة اتكلمي يزيد جراله حاجه؟
ف أطبقت جفونها تعتصرهم بقوة و: - يزيد عمل كارثة يايونس
وضع يزيد هاتفه في جيب بنطاله ولاحت ابتسامة متهكمة على ثغره بعدما تجاهل اتصالاتها العديدة. وهمس بينه وبين نفسه: - إن شاء الله معتصم يخرج من هناك جثة، أهو يريح ويستريح ويخف عن ذنوبه شوية.

ثم خرج ليلتقي ب سيف صدفة: - أنا محتاج أرجع للأرشيف، في حاجات لازم أراجعها من السنة اللي فاتت
- دلوقتي ساعة البريك يامستر يزيد، مجرد ما تبدأ ساعات العمل هخلي موظف الأرشيف يجهزلك كل حاجه عايزها
ف أومأ يزيد برأسهِ وهو يتركه وينصرف، لا يعلم تحديدًا إلى أين وجهته! ولكنه وجد ساقيه تقودانهِ نحو قسم البوفية المتواجد في نهاية هكا الطابق وفي منطقة متطرفة عن الأقسام والمكاتب.

وما أن اقترب حتى أحس بوجود زحام هناك، ضاقت عيناه وهو يحاول استطلاع ما يحدث، ف التقطت آذانه صوت نغم الواضح بين تلك الجلبة وهي تشرح لهم طريقة عمل كيك الشيكولاتة الغني بالصوص الداكن. ف تسعّر داخله وأسرع بخطواته نحوهم وصاح صيحة أرجفت الجميع في محله: - في إيه!

ونظر للجميع، ف إذا بهم كل منهم يمسك بطبق صغير يحتوي على قطعتين من كيك الشيكولاتة الطازجة. فوزع نظراته الممتعضة على الجميع و: - أنتوا فاكرين نفسكوا في حفلة عيد ميلاد ولا إيه!
فأجابت إحداهن متوترة: - دي ساعة البريك يامستر يزيد والله و..
ف صاح بوجهها وهو يسكتها: - بريك مش ملاهي. وعشان تتبسطوا أوي مفيش بريك لنهاية الأسبوع. كده كويس
ثم أنهى صراخه: - كله على مكتبه.

فخرج الجميع مهرولًا، نظر نحوها متوعدًا فوجد فمها ممتلئ بالطعام حتى تكونت كرة جانب فمها منعتها من التحدث. ف دنى منها وهو يرفع قبضته المتكورة أمام وجهها و: - وشك قد صباع إيدي الصغير مفيش مكان أضرب فيه. أنتي عايزة إيه مني؟ عايزة تجلطيني!
ف مضغت الطعام على عجل كي ترد عليه و: - ألف بعد الشر عليك
ف نظر حوله ليجد قوالب الكيك، فعاد ينظر نحوها و: - بتعملي كيك في الشركة! في الشركة!؟

ف رمشت عيناها وهي تجيب بدبلوماسية: - لازم يكون في ترفيه للموظفين عشان يقدروا ينتجوا كويس، كل ما تدي الموظف أكتر يديك أكتر وأكتر
ف هدر بصوته الذي لم يهدأ قط: - ما عنهم ما أنتجوا، مش عايزين ينتجوا يمشوا وفي ألف غيرهم يتمنى وظيفة في مكان زي ده.

ثم أشار لتلك الفوضى و: - كل اللي أنا شايفه ده يختفي حالًا، وانتي تلمي حاجتك وترجعي القسم بتاعك مش عايز أشوفك هنا مرة تانية. لو عديتي بس من جمب البوفية تاني أنتي حرة
ف ضحكت وهي تقول بنبرة ناعمة لم تناسب عصبيته المبالغ فيها: - اللي تشوفه يامستر يزيد، حالًا هرجع الحسابات
وأشارت للكيك و: - تحب تدوق الكيك قبل ما تمشي
فجدد تهديده لها مرة أخرى: - ده انتي اللي هتمشي من هنا، بس أصبري.

وخرج، أخرج هاتفه الذي تجاهله لعديد من المرات وهو يرن، فوجد يونس يتصل به وقد حاول العديد من المرات. تنفس محاولًا ضبط انفعاله ثم أجاب: - أيوة يايونس
كانت نبرته غريبة، وكأن شيئًا ما حدث: - في الشركة آه، في إيه مال صوتك؟
ثم نظر لساعة يده و: - أجيلك دلوقتي! طب انت فين؟

بعد أن أنهت ملك صنع الطعام خصيصًا له واهتمت بصنع الحلوى أيضًا. أبلغها اعتذاره عن الحضور ببالغ الأسف، ف ظلت جالسة بمكانها صامتة ولم ترغب في تناول الطعام وكأنها أضربت عنه. حتى إنها بدلت ثيابها بأخرى كي تنام في هذه الساعة المبكرة. گعادتها ليس لها سوى النوم ملجئًا حينما ترغب في الفرار.
ولكن كاريمان دلفت إليها لتواسيها كي لا تحزن بهذا القدر و: - متزعليش ياملك، أكيد هييجي على العشا.

ف أجفلت ملك و: - مش هييجي، يونس بيبعد عني يانينة
ف تنغض جبين الجدة وهي تهز رأسها نافية و: - يبعد ليه؟ أنتي بس اللي متعرفيش معزتك عنده
ف تنهدت ملك بحزن و: - أنا ورطته في حاجات كتير مكنش يخصه فيها حاجه، وقف جمبي دايمًا وكان في ضهري على طول، حقه يرتاح
ف ضغطت كاريمان على ساعدها و: - وجوده جمبك هو اللي بيريحه، صدقيني.

لم تعقب ملك عما قالته كاريمان، بينما نصحتها الأخيرة: - النوم مش هو الحل ياملك، النوم حالة مؤقتة مش هتغير في حاجه غير ضياع للوقت. بدل النوم فكري. يمكن في حاجه يونس مستنيها منك
عقدت ملك حاجبيها متعجبة و: - مني أنا؟
- آها، فكري وانتي تفهميني
ثم نهضت و: - يلا عشان نتغدا إحنا سوا
واستبقتها للخارج.

هو بالفعل كان ينتظر منها شيئًا، ربما إيحاءًا ب إنه هو المنتظر. هو الذي حلمت به، أو على الأقل لا تترك حبال الأمل يمسكها وحده فتسقط منه. هناك خطأ عليها إصلاحه، وهناك حياة تفتح ذراعيها لها كي ترتمي في أحضانها.

وصل يونس لمنزل يزيد قبله، ف انتظره على أحر من الجمر، بل أن الجمر بداخله متوقد مشتعل منذ أن علم بما حدث، لقد ارتكب يزيد خطأ س يودي به لحافة طريق نهايته لن تكون مرغوبة. وانصاع خلف رغبة عدوانية كي يُشبع انتقامه بدون أن ينظر للتوابع التي تنتظره.
جلس يونس بهدوء مريب لا يعكس الحرب الناشبة بصدره. حتى وصل يزيد إليه مسرعًا غير قادر على تخمين السبب في لقائهم هنا الآن.

وقف يزيد أمامه بعد أن ترك مفاتيحه وهاتفه وسأل: - في إيه يايونس! قولتلي موضوع مهم ميستناش، حصل إيه؟
وقف يونس عن جلسته، واقترب منه حتى أصبح قبالته مباشرة، وسأل بثبات يناقض عيناه الحامية: - أنت اللي دبرت حادثة معتصم؟
ف تنفس يزيد بصوت مسموع وهو يشيح بوجهه و: - هو ده الموضوع اللي جايبني على ملى وشي عشانه!
ف كرر يونس بنفس الهدوء المريب: - رد عليا، أنت ولا مش أنت.

فأجاب يزيد بدون أن يراوغ، وكأنه مفتخرًا بذلك: - آه أنا
ف تلقى صفعة لم يتلقاها من يد شقيقهُ من قبل أبدًا، صفعة لم يكن يتخيل يومًا إنه سيتلقاها. أسبل جفونه ولم يرفعها بعدها، بينما جذبه يونس من تلابيبه وهزّه وهو يزأر فيه بصوت منفعل: - أمر استدعائك هيخرج النهاردة، مبسوط ب إنجازك وتهورك يايزيد؟ مبسوط!؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة